عندما تنادى بعض من أطلقوا على أنفسهم (سياسيين) في غفلةٍ من الزمان وهم في الأصل ثُلةٌ من المُجرمين ، لتشجيع وحث اللجنة الأمنية للبشير لإذاعة بيان اإنقلاب 25 أكتوبر المشئوم ، ثم بذلوا الغالي والرخيص لتوفير دعمهم وخدماتهم المشبوهة لقائد الإنقلاب ، غير أنه لم يقبل لأنه كان يعلم ضآلة حجمهم على المستويين الأخلاقي والسياسي ، ولأنهُ أيضاً لا مناص لهُ ، سوى تنفيذ إلتزاماتهِ تجاه فلول المؤتمر الوطني المحلول ومحاولة إرجاعهم لمنصات جورهم وفسادهم المشهود ، كان أهل الحق من عامة الشعب السوداني يعلمون أن ذاك الموقف المُخزي ستكون له توابع من الجرائم والكوارث في مُقدمتها المزيد من قتل الأبرياء وبذل دمائهم الطاهرة على أرصفة الشوارع التي خبرت بسالتهم وعزيمتهم وإخلاصهم للوطن والشعب ، أولئك ومعهم من قادوا ونفَّذوا الإنقلاب مسئولون بلا جدال أمام الله والتاريخ والوطن ومحاكم دولة المؤسسات والقانون المُرتقبة عن كل قطرة دمٍ أُريقت ، وعن كل جُرحٍ أقعد ثائر ، وعن كل فقرٍ ومرض وضنك أصاب الأمة ، فكل تلك الجرائم هي (مسئولية جماعية) لكل من أدَّى ولو دوراً ثانوياً حتى ولو إستند على الصمت والإمتناع عن قول كلمة الحق ، حينما كان قولها كفيلاً بإنقاذ أرواحٍ ودعم أبرياء ومؤازرة وطن وأمة. الشرطة السودانية تُمارس عبر بيانها المبذول أول أمس عقب إستشهاد الشاب إبراهيم مجذوب بصينية شرق النيل ، أبشع أساليبها في إظهار عدم إعتدادها وإلتفاتها إلى قداسة حق الإنسان في الحياة ، لأن الإعتياد يغلب التطبُّع في ما أسماه البعض (العقيدة) المهنية ، التي ظلت تطُل بوجهها القبيح عبر بوابة الخلايا التنظيمية لنظام الإنقاذ المدحور ، والتي في هذه الأيام التي تترى فيها بُشارات العودة إلى دولة الحق والحقيقية ، يتخبَّط منسوبيها (خارج وعيهم) من ما يعتريهُم من رعب وجذع ، وما يتبَّدى في الواقع من إستحالة لعودتهم مرةً أخرى غاصبين لحق هذا الشعب الجسور في الخروج من ظلامات الماضي ، الشرطة السودانية تصف ما قام به منسوبها القاتل المأجور الذي وثَّقت الكاميرات جريمتهُ البشعة بأنه (تصرُّف فردي) مُتناسية المبدأ الشرعي والأخلاقي القائل (كُلكُم راع وكلكم مسئولٌ عن رعيته) ، فعلى المستوى الأخلاقي يجب أن يتحمَّل كل مُتسبِّب (غير مباشر) في مقتل نفسٍ بريئة ، مسئوليته عن ما إرتكبت (أدواته) غير المؤهَّلة وغير الصالحة لأداء مُهمتهِ كقائد ومُخطِّط ومنفِّذ ، أما على المستوى الأخلاقي فإن فقه (التنصُّل) والتهرُّب عن المسئولية هو أعلى مستويات الخيانة الوطنية ، خصوصاً إذا تعلَّق الأمر بقداسة حق الحياة والحرية في بذل الرأي والإحتجاج على الحاكم ، وفي الدول (المُحترمة) هذا المصطلح الذي يُكثر الإنقلابيون ترديدهُ هذه الأيام ، لطالما حُوكِم أو إستقال أو أُقيل وزراء ومسئولين جرَّاء أخطاء بسيطة إرتكبها منسوبون في إداراتهم ، فما بالك بجريمة قتلٍ بل (إعدام) بلا محاكمة في قارعة الطريق وعلى رأس الشهود والأشهاد. كل من (هيأ) الأجواء والأسباب والظروف التي يُقتل ويُعدم فيها الشباب السوداني في الشوارع والساحات بلا ذنبٍ ولا جريرة ، عبر الدعوة لإنقلاب 25 أكتوبر المشئوم ، أوعبر تأييد ودعم الإنقلاب تحت مُختلف الشعارات والمبرِّرات ، مُضافاً إليهم من نفَّذوا الإنقلاب مُمثلين في لجنة البشير الأمنية وقيادة قوات الدعم السريع ، وقيادات الحركات المسلحة الموقِّعة على سلام جوبا ، ووزير الداخلية ، وقائد عام قوات الشرطة واللجنة الأمنية لولاية الخرطوم ، ثم كل القيادات الشُرطية المُشرفة على العمليات الميدانية الخاصة بتأمين المواكب وحق التظاهر والإحتجاج الدستوري ، مسئولة أمام الله والتاريخ والوطن والشعب عن كل روحٍ أُزهقت وكل قطرة دمٍ سالت ، في سبيل إستعادة كرامة الوطن وتحقيق مطالب وأمنيات الأمة ، فلا سبيل للتنصُل عن المسئولية ، لأن الضابط الذي قتل الشهيد إبراهيم مجذوب هو مُجرَّد (أداة) غير صالحة ولا مؤهَّلة (أوجدتها وصنعتها) الحكومة قصداً أو بلا قصد ، وخاطرت بها بلا وازع ديني ولا قانوني ولا مهني لتصبح في حد ذاتها (سلاحاً) فتَّاكاً يطعن في خاصرة الثورة عبر (إعدام) شبابها الجسور في الشوارع والطرقات.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق February, 20 2023
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة