ورد بالأخبار أن محكمة الدلنج قد قضت بالإعدام تعزيراً على أب اغتصب ابنته. بالرغم من أنه لم يقتلها. ويبدو أن المحكمة نظرت إلى الأمر من أحد احتمالين: إما من ناحية كون الأب محصنا فيعاقب بعقوبة الزنا وهي الرجم. أو بناء على قانون الطفل لسنة ٢٠١٠ والذي يعاقب من يغتصب طفلاً بالإعدام. ونعتقد أن كلا الاحتمالين لا يجوز فيهما إعدام الأب في هذه الواقعة وفقاً للآتي:
الاحتمال الاول: كون الأب واقع ابنته وبالتالي فهو محصن وتكون عقوبته الإعدام ليس على اغتصاب ابنته وإنما على كونه اغتصبها وهو محصن أي متزوج فهو لا يتصور قانوناً وذلك لأن المواد القانونية المتعلقة بهذه الوقائع نصت على الآتي: بالنسبة لمواقعة المحارم: يعد مرتكباً جريمة الزنا أو اللواط أو الاغتصاب مع أحد اصوله أو فروعه أو أزواجهم أو مع أخيه أو أخته أو أولادهما أو عمه أو عمته أو خاله أو خالته. من يرتكب جريمة مواقعة المحارم يعاقب بالعقوبة المقررة للجريمة التي يشكلها فعله (زنا، لواط، اغتصاب)، ويعاقب في غير الجرائم المعاقب عليها بالإعدام بعقوبة إضافية هي السجن مدة لا تجاوز خمس سنوات. وبما أن الأب واقع ابنته الطفلة فهو يكون قد اغتصبها لأنه لا يعتد برضاها. وولكن هل يكون أيضاً تعدداً معنوياً فيعتبر زنا؟ ومن ثم توقع عليه العقوبة الواردة في المادة (١٤٦-١ (أ) باعتباره محصناً؟ تقول المادة المتعلقة بالزنا: ١٤٥-١ يعد مرتكباً جريمة الزنا: (أ) كل رجل وطئ امرأة دون رباط شرعي. وبالتالي يشترط أن يكون الوطأ واقعا على امرأة وليس أنثى، والمرأة هي الأنثى البالغة فقط ولا يشمل الأنثى الصغيرة. هذا من ناحية، كما أن الفقهاء لا يعتبرون وطء الصغيرة ولا المجنونة ولا أي أنثى ناقصة الإرادة زنا لأن الزنا يجب أن يكون تفاعلاً رضائياً بين الطرفين، وهنا لا يعتد برضى الطفلة أو عدم رضاها. كذلك لا يمكن أن يعتد باعتبار مواقعة الصغيرة زنا لأن وسائل اثبات الزنا محصورة في الشهود الأربعة او الملاعنة وإلا سقط القصاص. يبقى شيء أخير مهم. فهل يجوز معاقبة الأب بالإعدام وفقاً للمادة ٤٥/أ من قانون الطفل لسنة ٢٠١٠؟ نرى أنه لا يجوز توقيع عقوبة الإعدام على من يغتصب ابنته، لأن الشريعة الإسلامية لا تجيز اعدام من يقتل ابنته، والقتل أشنع من الاغتصاب لأن فيه إزهاق كامل للروح (المادة (٣١-(أ)) عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. وبالتالي فلا يجوز حتى للمشرع أن يستن قانوناً يجعل من اغتصاب الأب لأحد فروعه معاقباً عليه بالإعدام. وإلا كان ذلك عرجاً ليس في القانون وحده بل طعناً في الشريعة الإسلامية نفسها. ولذلك نرى أيضاً أنه لا تسري العقوبات الواردة بقانون الطفل على الأب. لذلك لا زلت حتى الآن لم أفهم كيف أوقعت محكمة جنايات الدلنج حكمها بالإعدام.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق December, 05 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة