تنشط هذه الأيام،ومع بداية فصل الشتاء،عدة مدن سودانية،استعدادا لإقامة مهرجاناتها السنوية في مجال السياحة الداخلية، أو بما يسمي ( مهرجان السياحة ) مقرونا باسم المدينة . وهو لا يعدو أن يكون مهرجانا محلي بمعني الكلمة اذ قل ما يستقطب الزوار من خارج السودان وأحيانا من داخل الولاية نفسها ..فلا يحمل من كلمة ( السياحة) إلا إسمها الدعائي البراق. خلال الفترة الماضية، عرفت مدن سودانية واشتهرت بإقامة هذه المهرجانات وقد بلغ بعضها الموسم السياحي الحادي عشر او زاد ،لعل أبرزها مهرجان السياحة والتسوق في بورتسودان،وتبعتها في ذلك مدن ومناطق اخري في مروي ونبتة وكسلا والجزيرة وشندي ....وعلي الخط مدن اخري تستعد لدخول الحلبة..فالعدوي لا يوجد من يوقفها لا باللقاح ولا بالعلاج الشافي..بسبب غياب الجهة المركزية المسئولة عن السياحة وتنظيم مواسمها وتقييم نجاحاتها او اخفاقاتها ... وللأسف الشديد، فإن معظم هذه المهرجانات السياحية، التي ذكرناها، لم تحقق أهدافها...وهذه النتيجة ليست من عندي بل هي حصيلة دراسة علمية قام بنشرها (مركز السودان للبحوث والدراسات الاستراتيجية ) أعدها الباحث بخيت هاشم عوض . السياحة ،بمفهومها التقليدي، لم تعد مجدية...فقد ظهر مفهوم ( التنمية السياحية المستدامة ) بتدخل التخطيط السياحي باعتباره اسلوبا علميا يستهدف تحقيق أكبر معدل ممكن من النمو السياحي..بمعني أن تأخذ العملية في الاعتبار بالكامل آثارها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الحالية والمستقبلية وتلبية احتياجات الزوار ،وايضا باعتبارها هدفا من أهداف التنمية المحلية . فهل استطاعت ( مهرجانات المدن السياحية) تحقيق هذه الأهداف.. دا إذا كانت اصلا مدركة وعلي دراية بتلك الأهداف والمؤشرات التنميوي ! وللاجابة علي تلك الأسئلة، تكفينا من خلال هذه الاطلالة السريعة ،حول موضوع المهرجانات السياحية، أن نقرأ ما خلصت إليه دراسة الأستاذ بخيت حيث أشارت إلي نقاط الضعف التالية: ضعف التطيط،ضعف البنية التحتية لهذه المناطق لاستقبال واستيعاب أعداد كبيرة من الزوار،عدم توفر بعض الخدمات الأساسية ،الخلط ما بين العمل السياسي وأهداف المهرجان،ارتفاع أسعار الخدمات مع قلتها وعدم جودتها،ضعف عملية الترويج الخارجي للمهرجان،عدم وجود إحصائيات أو بيانات سابقة تساعد علي تقييم التجربة وتفادي الأخطاء،اعتماد الولايات بصورة كبيرة علي دعم بعض الشركات مقابل حملات الدعاية والإعلان لمنتوجاتها التي طغت علي صورة المهرجان. ولا يلغي هذا المقال،الدور السياحي وأثره في التنمية ،ولكننا نقول ،يجب أن تتولي وزارة السياحة المركزية أمر هذه المهرجانات وألا تترك أمر السياحة لأهواء المدن والمحليات فهي غير مؤهلة للقيام بذلك ولا تملك الكوادر المدربة او التجارب المعارف التراكمية والمتجددة في مجالات السياحة ، فالسياحة العلاجية مثلا تختلف عن السياحة المعرفية وعن سياحة المتاحف وعن سياحة الغابات....الخ نعود ونقول، أن مجالات السياحة في السودان كثيرة ومتعددة ،وعلي وزارة الساحة المركزية تقع مسؤولية إدارتها علي مستوي الدولة والاقاليم حتي تكون قائمة علي معرفة ودراية تخطيط سليم يحقق كل أهداف التنمية المستدامة للدولة وليس المدينة أو الإقليم فقط.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة