اصبحت شبه عادة، ان استيقظ كل يوم تقريبا ، وفى بالى بيوت من الشعر المرتبط غالبا بالغناء السودانى فى عهده الزاهر على ايام الحقيبة ومن ثم المبدعين المحدثين من امثال أحمد المططفى والتاج وكابلى ووردى . صباح اليوم حدث نفس الامر .. ولكن لأبيات من الشعر لايقل عمر تعرفى عليها عن الستين عاما كجزء من دراسة اللغة العربية فى المرحلة الثانوية . وليس هذا هو الغريب فى الامر انما الغريب فيه ان الموضوع لم يكن فى ماتتحدث عنه الاغانى عادة من الحب ، وانما كان عن حب من نوع آخر : حب الوطن ، وكذلك عن وطن آخر غير السودان الذى عبر عنه الخليل فى اغنيته الخالدة "عزة " . كانت ابيات الشعر لخاطرة اليوم الصباحية عن قصيدة لأحد شعراء المهجر اللبنانيين " وطن النجوم " . وبرغم كل ذلك تدفقت الابيات الاولى منها فى ذهنى قبل الرجوع الى "جوجل " : وطن النجوم أنا هنا .. حدق اتذكر من انا ؟ ألمحت فى الماضى البعيد فتى غريرا ارعنا؟ جذلان يمرح فى حقولك كالنسيم مدندنا ثم بعد عدة اوصاف لماكان يفعل الشاعر فى وطنه الذى هاجر عنه وهو صغير ، تذكيرا له ، يصل الى الرد على سؤاله بنفسه ، قائلا : انا ذلك الولد الذى دنياه كانت هاهنا ! هذه القصيدة الناضحة بحب الوطن جاءت من شاعر انسان ، لم يجره الى هذا الوله دين ولا جنس ولا اى اعتبار آخر ، واظنه لم يخطر ببال المتلقى للقصيدة من اللبنانيين وغيرهم من المتلقين العرب والمسلمين وغيرهم اى اعبارات اخرى غير التعبير الجميل عن حب الوطن . وليس اقل الادلة على هذا ، ان مبدعنا احمد المصطفى قد قام بتلحين القصيدة وغنائها . ومرت الايام ، وحدث فى وطن النجوم ماحدث : اصبح وطن النجوم يقر فى دستوره بتقسيم طائفى دينى جعل المناصب العليا فى الدولة محتكرة لطوائف بعينها وبالتالى اصبح سببا فى التجاذبات الداخلية والتاثيرات الخارجية بماادى الى مانرى اليوم من وضع مؤسف جعل الخروج من الوضع الماساوى للبنان غير قابل للتحسن حتى بعد الانتخابات النيابية الاخيرة التى افرزت تقسيما نيابيا لايمكن حتى من اقرار القوانين اللازمة بداية للتحسن المطلوب . شهدت الليرة اللبنانية تراجعا هائلا فى مدة زمنية لاتتجاوز ثمانية عشر شهرا وخسرت نحو 80% من قيمتها ، وكان تطورها التاريخى على النحو التالى : كانت تعد من اقوى عشر عملات فى العالم بين 1960- 1970 بحيث لم يتجاوز سعر الدولار 3 ليرات بدات الانهيار تدريجيا فى الثمانينيات لتصل الى 3000 ليرة للدولار فى 1991 تراجعت بعدها الى 1500 ليرة للدولار فور انتهاء الحرب الاهلية وتم تثبيت السعر عند هذا الحد حتى 2019 حين شهدت انهيارا دراماتيكيا وصل الى نحو 15000 ليرة للدولار فى الثلث الاول من عام 2021 يبلغ السعر اليوم اكثر من 28000 ليرة للدولار الواحد اما باقى القصة فمعروف من تدمير للميناء ، الى تدهور المعيشة بصورة مريعة مع ارتفاع الاسعار بشكل جنونى ..الخ ..الخ وهكذا اصبح وطن النجوم فى السماء وفى الارض وطنا مظلما ومدمرا واصبحت بيروت التى كانت تنتج الدرر من الادب والسياسة والفلسفة ليفتخر السودان بقراءة ما ياتى منها بلدا لايقدر معظم اهله على اكل وجبة واحدة فى اليوم ناهيك من تاليف اوحتى شراء كتاب ! واخيرا اتى اليوم الذى يعيد فيه وطن النجوم السؤال لشاعره ابوماضى : أتعرف من انا ؟! هذا ماكان من امر تذكرى لقصيدة ايليا ، لكنى تذكرت ايضا ان الحال لدينا ليس بافضل، فكلنا ( فى الهم .. والآمال شرق ) .. غير ان مايحدث لدينا هذه المرة يعلى من الآمال التى ستشمل امثالنا شرقا وغربا .. فأبشروا آل ايليا .. آل وطن النجوم !
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق June, 07 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة