موضوع هذا المقال هو الحديث عن ( هزيمة الإنقلاب )الذى يردده قادة الأحزاب السودانية المشاكسة وأتباعها المتبطلون الذين يعيشون خارج السودان على جود الأجانب ويشغلون الفراغ بملء الصحف السودانية الألكترونية بفاحش وغثاء القول .والإنقلاب المقصود هو قرارات البرهان فى 25 أكتوبر2021التى قضت بإعلان حالة الطوارئ فى كل السودان وحل مجلسى السيادة والوزراء وتعليق بعض مواد الوثيقة الدستورية .والخطاب الخاوى (الفارغ ) هو مايردده قادة الأحزاب المشاكسة حول ( هزيمة الإنقلاب). بماذا كان ثوار ديسمبر2018 يحلمون ؟ ولا أستطيع إدعاء الحديث إنابة عن ثوار ديسمبر2018ولكن بحكم دورى فى تلك الثورة أستطيع أن أقول أن من قاموا بالإنتفاضة ضد حكم ( الإنقاذ )كانوا يحلمون بالحرية الحقيقية؛ حرية التعبير وحرية الإنتقال وحرية العمل وحرية الإعتقاد وحرية العبادة ويحلمون بالعدل والمساواة فى المعاملة بدون تمييز على أساس حزبى أو دينى أو قبلى أو جهوى ويحلمون بالمشا ركة فى إدارة الدولة ومحاسبة المسؤولين على قصور الأداء وعلى الفساد ويحلمون بالإستقرار وفاعلية الحكومة وقدرتها على مخاطبة شواغل وتطلعات الناس.ولكن أجهضت أحلام الثوار لأن من أستولى على الحكم ليس الثوار ولكن الأحزاب الصغيرة التى يقودها شباب صغار السن وقليل التجربة وبعضهم ( ما خد مقلب فى روحه كما كانت تقول المرحومة زوجتى )؛ موهوم ويعتقد إنه ( فات الكبار واللى قدره). ماذا تعنى هزيمة الإنقلاب ؟ والمعنى الذى يتبادر إلى الذهن عند سماع الحديث عن ( هزيمة الإنقلاب) هو إلغاء قرارات 25أكتوبر2021والعودة إلى الأوضاع التى كانت قائمة فى تاريخ صدورها وأهمها الشلل شبه الكامل فى أداء الحكومة بسبب التباين وعدم الإنسجام بين رؤى ومواقف مكوناتها الحزبية حول المطلوبات الأساسية للفترة الإنتقالية مثل الإصلاح الإقتصادى والإصلاح المؤسسى ( الأطر القانونية والإدارية) وتحقيق السلام وإقامة العدل. ولم تكن مكونات الحكومة جاهزة ومستعدة لمخاطبة تلك المطلوبات ولم تفكر فيها أو تبحثها قبل أو بعد ثورة 18 ديسمبر2018.ولا يوجد ما يشير إلى أنها قد فعلت ذلك حتى اليوم والهراء الذى يردده قادة الأحزاب المشاكسة دليل على ذلك.وأخشى أن يؤدى هذا الإخفاق إلى إٍستمرار حالة الفشل والعجزعن إدارة الدولة الذى لازم السودان منذ فجر الإستقلال. يجب تجاوزالقوى المتنطعة : ويكثر قادة الأحزاب المشاكسة الحديث اليوم عن (هزيمة الإنقلاب)بدون توضيح لمعنى ما يقولون أو كيف يجوز تحقيق ما يريدون مع تمسكهم بلاءات صبيانية وعبثية وهى بالتحديد لاحوار مع العساكر ولا شراكة مع العساكر فى إدارة الدولة .وإزاء هذا الواقع لا يجوز عقلاً أن تظل البلاد بدون حكومة إلى ما لا نهاية ويجب تجاوز تلك المجموعات وشعاراتها العبثية والعدمية ودعوة من يقبلون الحوار من مدنيين وعسكريين إلى الجلوس مع بعضهم للتفاكر الهادئ والعميق فى إيجاد مخرج للسودان من هذا المستنقع الذى أوقعنا أنفسنا فيه بسبب تخلفناوجهلنا لبعض أساسيات إدارة الدولة وبسبب السقوط الأخلاقى لبعضنا الذى يكذب ويكابر بدون حياء فى توزيع (تهمة الفلول) التى لن يسلم منها حزب من الأحزاب السودانية التى شاركت جميعها فى حكم (الإنقاذ). ولن ينفع البكاء على الماضى وما ينفع الناس هو صناعة حاضر ومستقبل يخاطب بطريقة جادة شواغل وهموم السودانيين وطموحاتهم وتعويضهم بعض ما فاتهم. مجالس تشريعية فاعلة: ماذا وأين ومتى وكيف وكم ومن ولماذا هى الأسئلة الأساسية فى التفكير المنطقى الذى كنا نحاربه حتى وقت قريب فى السودان بالسخرية من الذى يفكر بطريقة منطقية بوصفه ب(المتفلسف).ولم نكن نعطى الأجهزة التشريعية الإهتمام الكافى لأنها منابر (للتفلسف) وليست للمشاركة الشعبية الواسعة والبحث العميق والشامل لكل الجوانب والتعبير عن مختلف الشواغل والتطلعات.ويجب تلافى هذا القصور فى الأجهزة التشريعية للفترة الإنتقالية و ما بعدها بإستعجال تشكيلها لتقوم بالبحث والإجتهاد فى شواغل وطموحات الناس وتقوم بالإشراف على أداء الأجهزة التنفيذية ومحاسبتها على قصور الأداء ومحاسبتها على الفساد. ولكن المعضلة أن هذا هو مالا تريده الأحزاب المشاكسة التى عطلت تشكيل الأجهزة التشريعية طوال حكم ثورة ديسمبر2018 لأن تلك الأحزاب لا تؤمن بالمشاركة الشعبية وتقوم فلسفتها السياسية على الوصاية.وهى مهووسة بشئ إسمه الفلول مع أن كل الأحزاب السودانية فلول لحكم الإنقاذ.والحقيقة المؤسفة التى يصعب تجاوزها هى أن القوى السودانية الأكثر تعليماً كانت وما زالت مستقطبة بين أقصى اليسار أو الحزب الشيوعى وأنصاره وأقصى اليمين وهوالحركة الإسلامية وأنصارها الأمر الذى أدى إلى معاناة الوسط من فقر العقول.ومن الصعب تصور وجود أجهزة تشريعية حية بدون وجود مؤثر لقطبى اليسار واليمين فى تلك الأجهزة .وللأسف يشاكس الحزب الشيوعى ويرفع الشعارات العبثية برفض الحوار ورفض الشراكة مع العساكر ويصدر الفرمانات فى وجه بعض أحزاب اليمين التى يحق لها أن تشارك فى الحوار وفى الأجهزة التسريعية وبالتحديد حزب الإصلاح الآن بقيادة الدكتور صلاح الدين العتبانى وحزب المؤتمر الشعبى. لأنه يصعب إنكار حقيقة أن خروج ذانك الحزبين من حزب المؤتمر الوطنى قد لعب دوراً كبيراً فى إنحسار شعبية حكم (الإنقاذ) وإضعاف حكم عمر البشير. لماذا ولحساب من ؟: كان المرحوم عبدالخالق محجوب عثمان السكرتير الأسبق للحزب الشيوعى السودانى يحدثنا دائماً عن ضرورة قراءة مزاج الجماهير أو محاولة معرفة شواغل الناس وطموحاتهم ودرجات إستعدادهم لقبول أو رفض سلوك معين عند إتخاذ قرارأو موقف سياسى معين ولكن يبدو أن من لا زال عضواً ملتزماً فى الحزب الشيوعى السودانى ،ولسبب ما ،لا يؤمن بتلك االنصيحة.واليوم وعلى الرغم من إنحسار شعبية المسيرات المليونية بسبب الضيق والعنت الذى توقعه على شرائح كبيرة من الشعب السودانى ولكن هناك من يصر عليها. ولكن لماذا ولحساب من ؟
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 05/03/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة