من يتابع مجريات الغلاء بدولة السودان يكتشف أن أسباب الغلاء ليست بتلك المعضلات الاقتصادية العلمية المعروفة في كافة أرجاء العالم ،، إنما أسبابها تلك الأزمة الخانقة في الأخلاقيات والضمائر الإنسانية !! ، فهو ذلك الشعب السوداني الذي تعود أن يكيل بالكيلين ،، والصاع بالصاعين واللطمة باللطمة بحجة الانتقام من الآخرين ،، ويلاحظ أن المنطق السائد بين إفراد الشعب السوداني حالياَ هو منطق : ( لماذا لا أرفع أسعار السلع والخدمات بالمثل كما يفعل الآخرون من مكونات المجتمع السوداني ؟؟ )،، وتلك هي الحقيقة التي تخلق ذلك الواقع المرير الذي يعيشه الناس في هذه الأيام ،، حقيقة تجسد وتخلق ذلك الواقع المؤلم المخزي الذي يكابده الشعب ،، فنحن شعب يجيد الانتقام بأسباب تلك الأحقاد المكنونة في الصدور ّ!،، والمؤسف في الأمر أن الجميع بدولة السودان يدفعون أثمان تلك الأحقاد اللئيمة المكبوتة في الصدور !! ,, أثمان يدفعها الضعفاء قبل الأقوياء ،، ويدفعها الفقراء قبل الأغنياء ،، ويدفعها الصغار قبل الكبار ،، ويدفعها الغلابة من الناس قبل أن يدفعها أهل المقدرات !! ونحن في دولة السودان لقد تناسينا كلياً طقوس التراحم والتواد المطلوبة في التعاملات البينية .
حتى لأوقات قريبة كان اللوم والعتاب ينصب ويلاحق فقط هؤلاء التجار بدولة السودان ،، هؤلاء التجار الأنجاس الذين يرفعون الأسعار عند رأس كل ساعة بمبررات وغير مبررات ،، ولكن واقع الأحوال يؤكد بأن كافة مكونات المجتمعات السودانية يشتركون في تلك الجرائم الأخلاقية في التعاملات !! ،، والجميع مبوءون بتلك النزعة الشريرة الخبيثة ،، و هي نزعة الارتفاع الجنوني لأسعار السلع والخدمات بنية الانتقام من الآخرين !! ،، والمضحك في الأمر أن الجميع يشتكون من ارتفاع الأسعار !! ،، وأحوالهم تلك تماثل حقاً أحوال ذلك ( الفأر ) الذي يأكل ( البصل الخارق ) وهو يزرف الدموع في نفس الوقت !! ،، والمعروف لدى الناس أن تلك ( الفئران ) تأكل (البصل الحار ) بمنتهى الشهية والنهم وفي نفس الوقت هي تصرخ وتزرف الدموع من شدة حرارة البصل !! ،، وتلك ( الفئران ) لا تتوقف إطلاقاَ عن ممارسة تلك العادة السخيفة !! ،، وبالمثل فإن الشعب السوداني يمارس حالات رفع الأسعار في كل صغيرة وكبيرة وفي نفس الوقت يشتكي من الغلاء وارتفاع الأسعار في البلاد !!! ،، وتلك الصورة تؤكد مدى التردي في أخلاقيات الشعب السوداني .
صاحب العقار بدولة السودان يرفع أسعار الإيجارات في عقاره بحجة أنه يشتري تلك الضروريات للحياة بأسعار مرتفعة من الآخرين في الأسواق !! ،، وصاحب الحافلة ووسيلة النقل بدولة السوداني يزيد أسعار الترحيل والتنقل في البلاد بحجة أنه يشتري كافة ضروريات الحياة له ولأسرته من الأسواق بتلك الأسعار المرتفعة الجنونية !! ،، وصاحب أية مهنة من المهن أو خدمة من الخدمات يرفع أسعار تلك الخدمة بحجة أنه يشترى كافة ضروريات الحياة له ولأسرته بتلك الأسعار المرتفعة الجنونية في الأسواق ،، وهكذا تدور دوائر الغلاء بدولة السودان والارتفاع الجنوني في الأسعار في غياب الدولة والسلطات التي تراقب وتحاسب ،، وكذلك في غياب تلك الضمائر الحية لدى أبناء السودان والتجار .
أهل الاقتصاد في البلاد يجتهدون دوماَ لمعالجة ذلك الارتفاع الجنوني للأسعار من منطلق تلك الحلول الاقتصادية العلمية المعروفة في العالم ،، ولكن تلك الحلول الاقتصادية العلمية تعجز كلياً عن مواجهة ذلك التردي في أخلاقيات الإنسان السوداني !! ،، والعلماء الفطاحل في المجالات الاقتصادية يرون أن مشكلة ( الغلاء ) بدولة السودان هي مشكلة أخلاقية قبل أن تكون مشكلة اقتصادية علمية بحــتة ،، والمعروف لدى هؤلاء العلماء في أرجاء العالم أن معالجة المشكلات العملية البحتة أسهل كثيراَ من معالجة تلك المشكلات والأمراض الاجتماعية المستعصية التي تتفشى في مجتمع من المجتمعات كما هو الحال بدولة السودان في الوقت الحاضر !! ،، ويرون أن علاج تلك الأمراض الاجتماعية يقتضي ذلك الحراك الشديد في المرشدين ومن علماء المنابر ،، حيث لابد من : ( التوعية والإرشادات والتوجيه السليم ) ،، وتلك العدة الهامة نفتقدها كثيراَ في هذه الدولة المنكوبة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة