لم يتوقف الفرح والإبتهاج بعودة طالبان إلى الحكم مرة أخرى على أخوان وإسلاموي السودان ، بل كان الفرح ، فرحاً عاماً ، هلل وكبر له كل الإسلامويين في العالم ، بعضهم أعلنه ، غير مكترث للنتائج ، وبعضهم خبأه تقية ، لحين كريهة أو فريحة.وأخوان السودان وكيزانهم كانوا من أوائل الفرحين والمبتهجين بهذه العودة الميمونة في نظرهم ، وظنوها تميمة يعلقونها لتسهيل عودتهم لحكم السودان مجدداً . أليس هو الغباء بعينه وسوء التقدير في بصيرتهم . لندع كيزان السودان في غيهم يعمهون وفي أحلامهم الزلوطية يسبحون ، وإن كان هناك صفحة لن بستطيعوا نكرانها فيما تأتي به الأيام من العواقب ، كعادتهم في النكران والهروب من الحقيقة ، فهم أعلنوا وعلى رؤوس الأشهاد أنهم مع الإرهاب والإرهابيين ظاهراً وباطناً . وأنهم جزء لايتجزأ من ممارساته البشعة عنيفة المنحى، خطيرة الإتجاه الدموي والعدمي . لندعهم ، ونلقي نظرة علي عودة ديجانجو الدواعشي الطالباني إلى حكم أفغاستان المنكوبة . بداية ، لنضع هذه الحقيقة في إعتبارنا ، ومن الأولويات ، أن الأوطان هي التي لها الخيار الأول في الوجود وفي القلوب ، لكل منتم لوطن . ورغم ما ذاقه الشعب الأفغاني من حكم طالبان في كل مناحي حياته من فقدان الحرية والأمن والأمان ، وما جرته عليهم ، قولة السوء ، المموهة والمتلاعبة بالدين في تطبيقهم لشريعة الغاب وليس الشريعة الإسلامية المفترى عليها ، من تجاوز لكل ، مكتسبات الإنسانية ، في كل عصورها ،من مسلمات أصبحت ، لا يختلف عليها بشر، حق الحياة ، وحق المرأة المتساوي كإنسانة وليس متاعاً ومتعة للرجل . حق التعليم للجميع ، حق العلاج ، حق التنقل ، وحق التعبير وكل الحقوق الإنسانية المتفق عليها عالمياً ، والتي تتدثر بها وتدعيها رغم إنعدامها أصلاً ، وتلوح بتوفرها ، حتى أعتى الديكتاتوريات من كل شاكلة ولون . رغم كل هذا العسف الذي مارسته طالبان . إلا أنها ، لم تسقط ولم تخرج من البلاد بتحرك شعبها ضدها وثورته عليها . وإنما هي خرجت من الحكم ، بفعل فاعل خارجي ، وبغزو أجنبي ، لا يرضاه أي وطني غيور على بلده وأرضه مهما كان أمره .وهذا ماحدث في أفغانستان . فالأفغان كشعب تحت قبضة ما لا يرحم. حقيقة في البداية رحبوا بالتخلص من حكم طالبان البغيض، حلق بعضهم الذقون وخلعت بعضهن الحجاب ، وإن لم يتعمقوا في فهم التغيير ، وإن قصد لهم أن لا يتعمقوا، لغرض في نفس المحتلين الجدد ، وإن تنفسوا الصعداء ، جراء ذلك الكابوس الذي إنقشع، وما صبروا إلا قليلاً ، حتى بدأوا يشعرون بفداحة الخسارة التي نالوها من جراء الغزو الأجنبي لبلادهم ، والتي فاقت خسائره ، خسائر طالبان إبان سنوات حكمها الست ، فلو خرج الأجنبي(أمريكا وحلف الناتو) من البلاد فور نجاحهم في إبعاد الطالبان من الحكم، وتركوا الشعب الأفغاني يقرر مصيره بيده وساعدوه عن بعد ، لما كانت كل هذه الخسائر للطرفين وللعالم ، وماكانت لتكون هذه الهزيمة المرة ، كالتي تجرعتها أمريكا من قبل في حربها مع فيتنام ، ولكانوا إكتفوا بتحقق إنتقامهم ، الذي يرونه حقاً من حقوقهم ، التي ساهمت طالبان بالإيواء وغيره في الجريمة البشعة الإرهابية التي إرتكبتها ب٩التواطؤ مع تنظيم (القاعدة) الإرهابي بقيادة المأفون السلفي أسامة بن لادن ، في 11 سبتمبر 2001م بإختراق الأمن القومي الأمريكي في عقر داره ، وهي القوى الأعظم في العالم ، بعمل إرهابي غير مسبوق وغير متخيل حدوثه في حدود العقل البشري المسالم . إلا أن الشعب الأفغاني إتخذ موقفاً حيادياً وإن كان ظاهريأً ولكنه في الخفاء كان موقفه حاضنة خفية وغير معلنة للمعارضة الوحيدة كخيار وحيد لهم ، هي نفس الطالبان التي أذاقتهم كل صنوف العذاب ، وذلك يبدو واضحاً من صمود طالبان عقدين كاملين من الزمان في وجه أقوى حلف عسكري شهده العالم في العصر الحديث ، (أمريكا وحلف الناتو) مجتمعات . ولم يجد الغزو والأحتلال نصيراً، داخل أفغانستان ، إلا من الخونة والمرتزقة وذوي المصالح والطموحات الذاتية ، وظهر ذلك جلياً ، في اجتياح عسكر طالبان الذي لم يتعدى عددهم ال 80 ألفاً في مقابل أكثر من 300 الف عسكري أفغاني مدجج بأحدث ما أنتجتة الآلة العسكرية الأمريكية. ودخلوا كل المدن الأفغانية وهرب رئيس ادولتهم . ودون قتال مع هذا الجيش الذي نخر فيه سوس الفساد فاضحى هلهلاً ورميما. والسؤال يأتي ثم ماذا بعد..؟؟ وبدأ ظلام أفغانستان يطل برأسه من جديد . فطالبان . عرفت ما يريده العالم وعرفت قبل العالم ما يريده منها شعبها الذي وخلال عقدين من الزمان تحت حكم الإحتلال الذي جاء رغماً عنه ، مبشراً بقيم الإنفتاح الإجتماعي والثقافي ، ذاقوا فيه كثيراً من نِعم الحياة الحرة ، ومارسوا حقوقهم كاملة في الحياة الطبيعية كبشر . ولكي تُطمئن طالبان شعبها أولاً . إستدعت من جراب حاويها فقه الضرورة ، وفقه التقية وأعلنت أنها مع كل الحريات ، ولكنها نسفت مقولتها حين أعلنت ملامح دولتها. بأن أفغانستان إمارة إسلامية تحكمها الشريعة الإسلامية ونحن نعرف والعالم يعرف والشعب الأفغاني يعرف معنى هذين المقولتين، لدى طالبان ، ولذلك تجد العالم متوجساً ينتظر فعلها لا قولها ، أما الشعب الأفغاني فيبدوا انه قرر هذه المرة أن يحرر نفسه بيده لا بيد عمرو *الأجنبي* . فقد تظاهرت النساء صغيرات السن ، اللائي ولدن وتربين في عهد الحريات ، حيث أكسبهن وعيأً جديداً ، لم يكن متوفراً عهد طالبان ، فخرجن يطالبن بتثبيت حقوقهن وواجهن في الشوارع ، جنود طالبان وجه لوجه ، وذلك لم يحدث إبان حكمهم الأول 1996م حتى ٢٠٠١م وهذه هي البداية لمعركة طويلة مطلوب من الشعب الأفغاني خوضها قسراً ليس بحرب السلاح كما في حروب الخمسين عاماً الماضية ، وإنما بحرب الشوارع التي لا تخون . اما لجوء خمسة ألف أفغاني التي فرضتها امريكا على الحكومة السودانية . على شعبنا أن يقول عنها ( لا)بالفم المليان ، لأسباب عديدة يمكن سردها حين يحين وقتها وزمانها . ولكن علينا أن نذكر أهمها وأخطرها . يكفي لفلول الانقاذ الإسلامويون غزو عقول وجيوب هؤلاء اللاجئين المشحونة بأعمال العنف التي عاشوها في بلادهم عشرات السنين ويجندونهم بالمال وغيره ، لإستخدامهم في أعمال العنف التي يجيدونها تفجيراً وحرقاً ، وتقطيعا للرؤوس ، تحقيقاً لحلمهم بالعودة لحكم السودان مرة أخرى كما فعلت طالبان. وهذا هو عشم إبليس في الجنة..ياكيزان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة