عادةً كاسرة، لا نتدخل في خيارات بعضنا البعض، ايضا نتفهم طبيعة عمل كل منا؛ وهاده ونجاده، حلوه ومره، سهله وصعبه، ونعرف كذلك قدرات كلٍ منا وانه اهلٌ للدفاع عن قراراته وخياراته اذا ما تعرض للهجمات المرتدة او النقد البناء او الهدام، لذلك لا نميل الى (الحميسة) المتعجلة، كما نرى بعض الاقارب يفعلون، ولا كذلك للتسويق الزائد لبضاعتنا (التي نعرف انها غالية وثمينة ومرغوبٌ فيها) بمدح الخصال على وزن (شكَّار عميرو)، الا في حالاتٍ نادرة، وحتى في تلك الحالة نحرص على تحري الصدق والمصداقية، لأن الرائد لا يكذب اهله، و لأننا نعرف أن وقت ذلك قت حان فيصبح الجهر بالحقيقة ضرورة ومروءة. ومن هذه الحالات الحراك الاعلامي الذي اثاره مؤخراً مقترح الصحفي المبدع مبارك المغربي، بأن الباشمهندس مسار هو افضل من يستطيع تولي منصب رئيس الوزراء في الوقت الراهن، الذي ادلهمت فيه الخطوب، وتجمعت سحب الفشل السوداء الكالحة تغطي سماء الوطن منذرة بكارثةٍ وشيكة، وتساقطت فيه شعارات الوطنية والثورية وانكشف مخزون الوطن من القيادات الخبيرة الاريبة النيجيبة، عن بؤسٍ في الافكار، وعقمٍ في الرؤى، وتشرذمٍ وتشتت، وتخبطٍ في الممارسة، وفقرٍ في الابتكار والابداع في اجتراح الحلول للمعضلات المستعصية الممسكة بتلابيب البلاد والعباد، والتي تحتاج الى ربانٍ خبيرٍ وقويٍ وشجاع وماهر وصاحب عزوة ومطاعٍ ثَمَّ أمين...ليمخر بالسفينة الواهنة التي توشك على التفكك الى مرافئ السلامة والاستقرار. فإذا كان ذلك أصبح من المعلوم بالضرورة...فالحاجة الى سياسيٍ محنك عركته ميادين ساس يسوس وصقلت تجاربه الغنية المتعددة والمتنوعة في دهاليز الحكم مهاراته عبر كل الحقب التي عاصرها، حتى اصبح من فئة قليلة من السياسيين الحكماء العظماء الذين يعدون هذه الايام بالاصابع ان لم يكن هو الذي يفوقهم افعالاً واقولاً. ترعرعت مع الباشمهندس في بيئة مسقط الراس الرعوية القاسية التي تعلم هو منها الكثير الذي افاده في خوض معاركة في دنيا السياسة، وعايشت معه عن قربٍ او عن بعدٍ، كاشقائي الآخرين، مسلسل الصعود الشاق لبلوغ قمة جبل التفرد في العطاء والاداء. رأيته رجلاً يعرف ما يريد، وكيف يريده، وكيف ينجح في الحصول على ما يريد، وهو في الدفاع عما يراه صحيحاً لا ينافق ولا يهادن ولا ينحني او يلين، وهو من طراز السياسيين البراجماتيين الذين يصعدون ويهبطون مع تيارات السياسة دون ان يفقد بوصلته الاخلاقية، التي وقودها الرؤية الواضحة والمصداقية والشفافية والجرأة والاقدام...لا يتردد في الجهر بقناعاته، ولا يتمسك بقديم رأى جديداً اصلح وانفع منه...بشرط الا يكون مخزياً او مذلاً، وقد اهلته هذه البوصلة النادرة ليكون حاضراً بقوة في كل الحقب، لأنه يجيد قراءة ما بين السطور وماخلفها و امامها...وهي التي اكسبته احترام محبيه وخصومه على السواء...وبسبب هذا المنهج العملى غالباً ما يجد نفسه في وجه العواصف والاعاصير، التي لا تزيده الا اصراراً على المضي قدماً في مهمته التي نذر حياته من اجلها...وفي كل مرة يخرج منتصرا... الباشمهندس مسار له الفضل في نجاح جميع افراد الاسرة الصغيرة الذين كلهم بفضل الله وبفضل رعايته لهم عن كثب اصبحوا بدوراً في سماء بلدهم ووطنهم، ويشار الى معظمهم بالبنان، ونجاحه في رعاية الاسرة هو اكبر حافز ودافع له للنجاح في فضاء دارفور الحبيبة التي عمل فيها برلمانياً ثم وزيراً ناجحاً ما زالت ذكراه طيبة عند اهل الفاشر، ثم في فضاء الوطن الرحيب، بعد ان صار والياً ووزيرا ومستشارا للرئيس، وفي كل موقعٍ حل به كانت بصماته واضحة وانجازاته تتحدث عنه...كالغيث اينما وقع نفع... والباشمهندس مسار ينتمي الى فصيلٍ نادرٍ من السياسيين من اهل الهامش الذين شجبوا حمل السلاح ورفضوا التمرد ضد الدولة كما فعل اضرابه ومجايليه، بل كان يعتبر ان التمرد خيانةً للوطن وان الانخراط في السياسة في شقها المدني هو افيد للبلاد وللعباد من العنف الذي لا يجر الا للقتل والدمار والنزوح والتشرد والعمالة ويؤجج العنصريات والقبليات التي هي الحوالق والطوام التي قعدت بالسودان حتى اوصلته الى هذه الحال من الضعف والهوان والمسغبة...لذلك انخرط في حزب الامة وقاسى جراء ذلك مرارة الحبس والتنكيل، ومع ذلك لم يتردد ان يفارق حزب الامة عندما رفضت قيادة الحزب المصالحة مع نظام الانقاذ واسس مع مبارك الفضل وكوكبة من القيادات حزب الاصلاح والتجديد، لأن قناعته الراسخة في ذلك الوقت، ان المشاركة هي السبيل الافضل للاصلاح من الداخل. وعندما شارك نظام الانقاذ كان صادقا وفاعلا ومؤثراً. ايضا لم يتردد في مفارقة حزب مبارك الفاضل عندما اقتنع بأن قيادة الحزب قد تنكبت جادة السبيل، ففارقهم فراق الطريفي لجمله، ليؤسس حزب الامة الوطني الذي هو احد الاحزاب الفاعلة والمتفاعلة في الساحة الوطنية حتى بعد قيام ثورة ديسمبر. قناعة الباشمهندس مسار بالعمل السلمي المدني لم تمنعه في عام ٢٠٠٤ عندما اندلع تمرد دارفور ان يقود مبادرة شجاعة مع رفيق دربه دكتور احمد بابكر نهار بالذهاب الى المتمردين في عقر دارهم ويفاوضهم على مدى شهرين كاملين في العراء وتحت سفوح الجبال علهم يثوبون الى رشدهم ويقبلون بالانخراط في مفاوضات سلام مع الحكومة تفضي الى وقف التمرد وتجنيب دارفور والسودان اهوال الحرب وكوارثه...ولكن قادة التمرد آنذاك ومنهم السيد مني مناوى حاكم اقليم دارفور الحالي فشلوا في اهتبال تلك الفرصة، ليقبلوا بأخرى بعد سنتين في ابوجا بعد ان اتت الحرب على الاخضر واليابس...ولو استمعوا لصوت العقل آنذاك لكان الوضع مختلفا اليوم. شارك الباشمهندس مسار حكومة الانقاذ بندية كاملة، ولم يكن نكرة كما هي حال البعض من قيادات الاحزاب الشريكة بل كان محط ثقة ومحرى رأي وقياديا تنفيذيا وبرلمانيا يشار اليه بالبنان، يتفق مع قيادة الدولة ويختلف معها وفق قناعاته الوطنية ومعطيات بوصلته الاخلاقية بلغت حد الاستقالة من الوزارة. وعندما اندلعت ثورة ديسمبر لم يقبع خانعاً قانعاً مستكيناً كما فعل الكثيرون وانما ظل حاضراً في الساحة بكتاباته النافعة وارائه الجريئة ومبادراته التي اصبحت حديث الناس... وما فطن اليه المبدع مبارك المغربي وصدح به هو عين الصواب، لان الباشمهندس مسار بهذا التاريخ الباذخ والتجربة العريضة والعلاقات الواسعة مع كل فئات الشعب السوداني واحزابه وقياداته، ونفوذه بين اهله وعشيرته واهل دارفور والسودان قاطبة، والقبول الواسع الذي يحظى به من الكل هو نتيجة طبيعية لتساميه عن الجهويات والقبليات والشلليات وايمانه العميق بحق الشعب السوداني في الوحدة والحرية والعدالة والسلام، وهو في ذلك لا يفرق بين مركز وهامش ولا قبيلة وقبيلة ويؤمن بالديمقراطية كخيار وحيد لانقاذ الوطن من وهدته...وهو فوق ذلك رجلٌ كريم اخو اخوان، باب بيته فاتحٌ يؤمه الجميع وكذلك مكتبه، وهو صادقٌ ومصادمٌ وشجاع وقويٌ امين... لذلك قناعتي الشخصية رغم ان شهادتي فيه مجروحة باعتباري شقيقه، ان المصالحة الوطنية الشاملة هي الاكسير الاوحد لعلاج الازمة المستحكمة في السودان...وحينها وكلما كان ذلك اعجل كان افضل، وعندما يتلفت الناس ليبحثوا عن قائدٍ متفرد ومجرب ومقبول لقيادة سفينة الجهاز التنفيذي بطريقة مبدعة حتى ترسو بتراضي ووئام وسلام في مرافئ الوحدة والاستقرار والنماء، سيكون الباشمهندس مسار واحداً من بين قلة تعد على اصابع اليد من القادة الاخيار الافضل، ان لم يكن هو الوحيد...هذا اذا ارتفع الناس فوق العنتريات والمزايدات والتحيزات الضيقة التي لم تزد الوطن الا تردياً وانهيارا.. ليتهم يسمعون...اخي مبارك المغربي...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد علي مسار الحاج
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست