تختار أجهزة المخابرات، أكثر الناس تفاهة وأقلهم مقدرات كعملاء مصدريين لها، حتى لا يتمكن العميل من الإفلات من قبضتها، إن كل من يعرض نفسه للتجسس أو العمالة لن يُقبل به، فمنذ البداية يجب على الأجهزة الاستخباراتية أن تدرس الشخصية دراسة مستفيضة، وتدرك بأنه شخصية لا تملك اي مهارات ليعملوا كعملاء لها في داخل أي دولة أخرى. إن العميل يتم تدريبه على تنفيذ الأوامر وليس تكوين رؤية أو إبداء رأي. العملاء الجدد هم عملاء روحيين؛ وهم عملاء تجندهم أوروبا وأمريكا بشكل غير مباشر، عبر منحهم فرصة للشعور بإنسانيتهم المهدرة بسبب ضعف لقدراتهم ومهاراتهم، فمثلاً تتيح أوروبا وأمريكا لهؤلاء منح دراسية وتدريبية في الخارجية، أو إدخالهم في مجالات الموضة كتصميم الأزياء، أو دراسات تافهة مثل دراسات حقوق الإنسان التي لا تحتاج لتفكير عميق في إطارها العام الذي تدرَّس به لهم. أو يتم تشغيلهم ككتاب تقارير في المنظمات الغربية، لذلك فلا تحتاج أوروبا لبروفيسورات للعمل في منظماتها بقدر ما تحتاج لأشخاص متواضعي القدرات، ستمثل لهم أوروبا تنموذجاً حضارياً مؤمناً بإنسانيتهم، بعد دغدغة عواطفهم بأساليب نفسية مدروسة. وهكذا يتم خلق بني آدم من اللا شيء، لديه مظهر بلا جوهر. ويتم دفعه للأعلى باستمرار، وبما أنه -واقعياً وفعلياً- بلا مقدرات، فإنه يصبح مثل الغريق الذي يترك جسده لمنقذه كي يطفوا به لأعلى. هؤلاء هم العملاء الروحيون. وستلاحظون خلال السنوات القادمة مثل هؤلاء ينتشرون داخل الدولة، ويتم منحهم أدوات سلطوية، ولكنهم لا يفعلون أي شيء، بل يُخطط لهم كل شيء من الخارج ثم يقومون هم بتنفيذه في الداخل بصمت رهيب. إن العميل الروحي، أكثر خطراً من أي عميل آخر، لأنه ينفذ كل الأجندة بدون نقد أو مقاومة أو حتى تساؤل. عمليات الاستقطاب اليوم أخذت اشكالاً مختلفة، ومن ضمنها الاستقطاب المعنوي الذي يتم استبدال الاستقطاب النظامي المباشر به. فهو أقل تكلفة -من ناحية- ومُغطى غطاءً جيداً من ناحية أخرى، كما أن العميل يمكن لفظه بسهولة وتدميره بدون اقتراف جريمة. يعد السودان من أكثر الدول عجَّاً بالعملاء الروحين منذ الاستقلال، ولكنهم اليوم أضحوا ظاهرة. سنشاهد على الصحف العديد من الفرص الامريكية والأوروبية خلال الفترة القادمة، وسيكون الاختيار دوماً لأكثر المتقدمين بلادة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة