لا شك ان البيان السياسي الذي صدر عن الجبهة الثورية والمجلس المركزي للحرية والتغيير وحزب الأمة القومي بتاريخ 10 يوليو 2021م؛ والذي تناول عدة قضايا من بينها الحديث عن تحقيق الوحدة الكاملة بين تلك الأطراف والإتجاه نحو تكوين أكبر كتلة تضُم كآفة مكونات الثورة والتغيير في المدن والريف؛ هو أهم حدث فى إطار تصحيح مسار الثورة وتحقيق الإنتقال الديمقراطي، ولا سيما أن هذا الإعلان متسقاً وداعماً لمبادرة عبدالله حمدوك رئيس مجلس الوزراء التى أطلقها بتاريخ 22 يونيو 2021م تحت مسمى "الأزمة الوطنية وقضايا الإنتقال - الطريق إلى الأمام". واعتقد أن هذه المبادرة تعتبر فرصة أخيرة لقوى الثورة والتغيير في البحث عميقاً لتحقيق التوافق حول قضايا الإنتقال وتصحيح مسار الثورة السودانية المجيدة، وقد يتفق معي الكثيرون أن السبب الرئيسي وراء تعثر عملية الإنتقال والتعقيدات التى تشهدها بلادنا في كآفة القطاعات هو عدم وجود توافق بين مكونات قوى الثورة نفسها؛ وايضا بين مكونات الحكومة الانتقالية نفسها وكذلك بين مكونات قوى الثورة والحكومة الانتقالية من جانب آخر، وهنالك قوى عديدة شاركت وساهمت في ثورة ديسمبر المجيدة وبعد سقوط النظام نجد نفس هذه القوى ساهمت بشكل كبير في تفتيت وحدة قوى الثورة والتغيير، وشاركت مشاركة فاعلة في عرقلة الإنتقال وتعقيد الراهن السياسي الذي يشهده البلاد.
أن عدم توافق قوى الثورة والتغيير حول قضايا الإنتقال السياسي ليس خطراً على قضايا الثورة وحدها وإنما على السودان ككل؛ وبلادنا لا تحتاج إلى مزيداً من التجزئة وكذلك الشعب السوداني لا يحتاج إلى مزيداً من الانقسامات؛ يكفي ما فعله النظام المباد طيلة ثلاثة عقود، وإنما نحتاج إلى من يوحد الشعب والأرض لا من يفرق بين الناس.
منذ سقوط البشير هنالك قوى لها تحالفات في الداخل والخارج تعمل جاهدة للانفراد بالسطة والانقضاض على الثورة ومكتسباتها؛ وهى لم تستفيد من الدروس والتجارب الماضية، ولم تتعلم من عِبر التاريخ ولم تكترث إلى ما حدث لنظام البشير، ولم تستوعب بعد أن الشعب السوداني أصبح أكثر وعياً وادراكاً لقضاياه وأن هنالك متغيرات عديدة حدثت في المحيط الإقليمي والدولي.
الحقيقة التى ينكرها البعض هو أن ليس بمقدور أي قوى مهما أمتلكت من القوة والمال تستطيع أن تحكم السودان منفردة وان تتسلط على الشعب السوداني مرة أخرى، وان بلادنا ليست في حاجة إلى قوى متسلطة وإنما إلى مصالحة وطنية شاملة وحوار عميق بين كآفة مكوناتها لإيجاد برنامج ومشروع وطني جامع يستكمل الثورة ويدعم عملية الإنتقال ويؤطر لتأسيس دولة سودانية حديثة تسودها قيم السلام والعدالة والمواطنة بلا تمييز، وهذا من مصلحة السودان والسودانيين، وأيضاً من مصلحة المتسلطين سواء أن كانوا مدنيين أو عسكريين.
الثورة لا يمكن أن تستكمل والإنتقال لا يمكن أن يتحقق وبلادنا لا يمكن أن تخرج من أزماتها إلا بالمصالحة والحوار بين كآفة المكونات المدنية والعسكرية، ولا تستقيم المصالحة والحوار إلا بتقديم تنازلات كبيرة من قبل المكونات السودانية من أجل الوطن لينهض ويعبر إلى الضفة الأخرى.
هنالك تحديات عديدة تواجه عملية الإنتقال ومخاطر كبيرة داخلية وخارجية تحدق بسلامة وأمن ووحدة بلادنا، وليس هنالك حل غير وحدة قوى الثورة والتغيير وتكوين تحالف عريض يضُم كآفة السودانيين من مختلف مؤسساتهم السياسية؛ الحزبية والتنظيمية.
على الراغبين في التغيير دعم هذه المبادرة والانضمام إليها؛ وتفويت الفرصة على القوى التى ترفض وحدة مكونات الثورة والتغيير بحجج وأوهام فطيرة؛ وهى التى تعمل على عرقلة الإنتقال وليس من مصلحتها سلامة وأمن واستقرار السودان وتحقيق الإنتقال والتحول الديمقراطي، وتبحث دائماً وأبداً عن ما يفرق بين السودانيين ومكوناتهم لا عن ما يجمع شملهم، وتعمل من أجل مصالحها لا عن مصلحة السودان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة