بالأمس ودعنا إلى رحاب الله الأخ الأمير الصديق الفارس الحاج عبدالرحمن عبدالله عبدالرحمن نقدالله؛ الذي نذر حياته لخدمة أهل السودان دفاعا عن حريتهم وكرامتهم وتصدى للطغاة الظالمين؛ وكانت همته كبيرة أنهكت جسده النحيل ولكنه لم يستسلم ولم يداهن حتى لبى نداء ربه؛ إنني أسجل على شاهد قبره المواقف الآتية : أولا: الحاج نقدالله سليل بيت مجاهدين نالوا الإمارة بصدق جهادهم وورث الحاج الإمارة وعززها بجهاده ضد الطغاة؛ وقد مر على معظم سجون السودان ومعتقلاته؛ وتحمل صنوف التعذيب الجسدي والنفسي ولم يتزلزل حتى أقعده المرض. فإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام ثانيا: الحاج نقدالله مخلص لعقيدته وتفانى في الدفاع عنها، وتجسدت فيه الأنصارية مظهرا ومخبرا، كان من الذاكرين الله كثيراً والتالين لكتابه والملتزمين بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكان يحفظ راتب الإمام المهدي عليه السلام ويواظب على قراءته؛ ويرجع له الفضل في الإسراع ببيعة الإمام الصادق المهدي إماما للأنصار، فقد كان المقترح منه ومن الحبيب الراحل تبيرة إدريس هباني؛ ولمواقفه المتميزة أكرمه الأنصار باختياره رئيسا لمجلس الشورى بهيئة شؤون الأنصار. ثالثا: تصدى لنظام الإنقاذ بكل صلابة منذ يومها الأول؛ وعندما أدخل سجن كوبر وجد الشيخ حسن الترابي يصلي بالناس إماما فرفض الصلاة خلفه؛ لأن الجبهة هي وراء الانقلاب ووجود قادتها في السجن مجرد خدعة. اعتبر ذلك نفاقا؛ إن موقفه الصلب من نظام الإنقاذ جعله محل انتقام من أجهزته فاستضافته معظم سجون النظام ومعتقلاته وتعرض للتعذيب الذي يعتقد أنه السبب في علته التي أصيب بها وألزمته السرير حتى الممات. رابعا: امتاز نقدالله بالصمود والصبر على البلاء وقد رافقته في السجن لمدة مائة يوم بسبب الفرية التي ألصقت بنا حيث اتهمنا بالقيام بتفجيرات في العاصمة وأحضر النظام شهداء زور سجلوا اعترافاتهم وبثت في التلفزيون القومي بأني قابلتهم في سوق الناقة وسلمتهم مبلغا من المال للقيام بتفجيرات وبعد نجاح العملية سأسلمهم باقي المبلغ!!! واعتقلت بسبب ذلك وقد سبقني الأمير نقدالله بستة أيام في زنازين الأمن الإيجابي فوجدته قد تقشر جلده وتفسخت بشرته! ثم نقلنا بعدها إلى سجن كوبر ومنه إلى سجن دبك حيث مكثنا ثلاثة أشهر وعشرة أيام؛ ولم يتحرَّ معنا أحد!!! كانت فرصة للتعرف على الأمير نقدالله عن قرب فكان نعم الرجل صبرا وصمودا واستقامة وفهما ووعيا تشربت نفسه الوطنية وحب أهل السودان، وكان لي نعم الأخ والصديق فرب أخ لك لم تلده أمك. خامسا: لم يقو جسمه النحيل فاعتل ولزم سرير المرض لمدة ثمانية عشر عاما؛ ويشاء الله أن تكون مطابقة للمدة التي ابتلي بها أيوب عليه السلام؛ فقد أقعده المرض نفس المدة فقالت له زوجته: إنك مستجاب الدعوة ألا تسأل الله الشفاء؟ قال لها كم مضى من عمري وأنا صحيح؟ قالت سبعين عاما. قال لها كم مضى من عمري وأنا مريض؟ قالت ثمانية عشر عاما. قال: فأنا أستحي أن أسأل ربي قبل أن تمر بي السبعون عاما وأنا مريض!! ولذلك قال عنه ربه:"نعم العبد إنه أواب". لقد صبر الحاج نقدالله صبرا نرجو أن يكون زاده يوم تُنْصَب الموازين فقد قال سبحانه وتعالى :"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" سادسا: الحاج نقدالله المتمسك بأنصاريته كان منفتحا على كل ألوان الطيف؛ وقد شهدت داره وفودا من السياسيين ورجال الطرق الصوفية والمسيحيين وأهلنا من جنوب السودان، ورجال الادارة الأهلية وأهل الفن والرياضة فضلا عن قادة الأنصار من الأقاليم المختلفة وكان بيته منزلا لأحبابنا من شرق السودان أمثال الحبيب الراحل أبوفاطمة وعمر دقنة وفابي وغيرهم؛ فداره مفتوحة للجميع وأهله أهل كرم ونجدة. سابعا: ربى أبناءه أحسن تربية وقد تجسدت شخصيته المحببة فيهم جميعا وورثوا عنه أجمل الصفات وأنبلها؛ والبركة لن تغادر البيت بإذن الله؛ بارك الله في أبنائه :محمد وعبدالله وإبراهيم وصلاح وأحمد ووداعة ووديعة ومحمد المهدي وصفية؛ وفي زوجه هدى التي صبرت على البلاء وبرته ووقفت على رعايته دون كلل ولا ملل؛ والبركة تشمل أخواته عائشة ونور الشام وفاطمة وسارا نقدالله؛ التي حملت الراية وتصدت للطغاة دون خشية. رحم الله الحبيب الأمير عبدالرحمن نقدالله وأجزل له المثوبة وأكرمه بصحبة سيد الأخيار؛ ولا نقول إلا ما يرضي الله. إنا لله وإنا إليه راجعون.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
مقالات سودانيزاونلاين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست