التغيير الحقيقي هو أن تجرب الشيء الذي تخاف منه، والهزيمة الحقيقة هي أن تعجز عن تغيير بيئتك السيئة وقتها تأكد أن التحدي سينتقل لداخلك ليقنعك بالتعايش مع بيئك السيئة ولذا عند طرح مقترح تقرير المصير أو الإنفصال نجد الكثير من المستنيرين في حالات متنازعة ما بين الصدمة والدهشة والخجل والإستغراب والإنفعال والتبلد وإزدراجية في المعايير والأحكام وتأرجح ما بين الصدق والنفاق والرفض العلني والقبول الخفي، فمنهم من يترفع بشخصه عن هذا الطرح، معتبراً أنه شيء ينتقص من قدره أمام الناس ومن هو محرج بسبب صلة رحم ونسب ومصاهرة أو صداقة أو زمالة أو جيرة أو عشرة مع أهل بعض الأقاليم المقترح تمييزها او إنفصالها وكل ذلك أمر طبيعي ومقبول من المنظور الأخلاقي والأدبي، لكن في حالة واحدة فقط وهي: إن كانت تلك المقترحات تبنى على أسس الكراهية والعرقية والرغبة في الإنفصال من أجل النأي عن شعوب لا نطيق التعايش معها ولكن هذا المقترحات ليست كذلك، بل هي مبنية على أسس إعادة الأمور لنصابها الحقيقي وإسترداد الحقوق المسلوبة من شعوب تسبب السلب في إقعادها وزعزعة تماسكها الداخلي وتجريدها من مقدراتها الحقيقة في النمو الذاتي والتحكم في ثرواتها وبناء منظوماتها الإدراية الخاصة بها والمتناسبة مع ثقافاتها وإرثها الحضاري ومكوناتها العرقية بمختلف أنماط حياتها، ونتاج ذلك؛ تولد الفقر والقهر وتفاقم الجهل والتخلف والصراعات حول الموارد الراكدة والتي لم يتم إستثمارها كما يحب لتخلق إقتصاد وإزدهار تنموي يكفي أصحابها وينقلها للتطور المنشود، فكانت كل هذه العوامل هي الأساس المطلوب لمنع التعايش السلمي والذي أصلاً كان موجوداً منذ القدم وقبل طوفان الدمار الإستعماري، أي عندما كانت تلك الشعوب تحكم نفسها بنفسها
الطامة الكبرى تكمن في أن كل الذين يخجلون والذين ينتقدون والذين يحاربون مقترحات تقرير المصير أو الإنفصال، ليس لديهم أي حلول لمشكلات دارفور مطلقاً، ولا لأي من مشكلات كل الشعوب التي عانت سلب السيادة والإضطهاد والتهميش .. كل الذي بمقدورهم التكرم به هو وصف الحلول العملية المنطقية بأنها عنصرية وسيئة، فقط لا غير .. يعتبرونها حلول سيئة والمصيبة تكمن في أنهم لا يملكون أي وسيلة لخفض مستويات السؤ الذي نعيشه، بل ينادون بقومية ووحدة ليست لها أي مقومات للتعايش وفي كنفها ظللنا نعاني الأمرين طيلة سبعة عقود من الزمان المهين المشحون بالتوتر والكراهية والمظالم والتظلم والنزاعات والإحتجاجات والإمتعاضات وغياب الثقة للدرجة التي أشعلت الحروب وجحيم التهديد المستديم وغياب الطمئنينة .. هي وحدة غير مؤسسة فرضها المستعمر من أجل مصالحة وبموجبها فقدت كل شعوب، ما يسمى بالسودان، خصوصياتها وتلخبطت الأصول وتآكلت حقوقها وتأزمت أمزجتها وغابت الثقة والامل في الإصلاح لدرجة جعلت البعض يرى أن الحل الأوحد لإصلاح الحال هو الإنتقام، الغير معروفة دوافعه ولا فوائده، والرغبة الجامحة في المزيد من الحروب والقتل وبل الإبادة الجماعية .. لذا ليس هناك بديل غير إعادة الأمور لنصابها وتمييز وإسترداد الحقوق
المقصد الأساس لتقرير المصير بالإستقلال الكلي أو الإنفصال النوعي، بإنشاء كونفدراليات سودانية، هو إسترداد الحقوق وتجويد الأداء وخلق التنافس وخاصة في حالة سلطنة دارفور التي تعتبر الأكثر تضرراً بالضم الجائر للسودان الحديث ومصادرة سيادتها وخصوصيتها وتميزها، ودعونا نضغط زر الرجوع على جهاز التاريخ لنعود لما قبل العام ١٩١٦ ميلادية، ونفترض أن دارفور لم يحتلها الإنجليز ونتخيل حالها الآن كسلطنة أو دولة مستقلة! حتماً كانت ستكون من أفضل وأميز الدول الأفريقية لثراء مواردها وتطور منظومتها الإدارية وعزيمة حكامها وصلابتهم .. إذن ما هو العيب في إسترداد السيادة لأهل دارفور؟ ولماذا الأحزان والهياج والإمتعاض من الحل الأمثل لكي تستعيد دارفور إستقرارها وسطوتها على مواردها وحدودها؟ وكذلك بقية أقاليم السودان، وما هو الأذي الذي سيقع على شعب ينال إستقلاله وسيادته وقراره؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة