تابعت وبكل دهشة، الاحتفالية التي اقامتها اللجنة القومية بمناسبة ذكري وفاة الامام السيد الصادق المهدي رحمه الله واحسن إليه وفي ذكري تحرير الخرطوم. ومصدر دهشتي دون شك ليس من الاحتفاء بذكري الامام رحمه الله و لكن مبعث دهشتي وتعجبي هو التجاوز المخل لمعظم المتحدثين واولهم امين عام شؤون كيان الانصار بتجاهل دور الخليفة عبدالله بن السيد محمد في مناصرته للامام المهدي ودعوته، ناهيك عن دوره كخليفة للامام المهدي وقائد جيوشه منذ فتح الابيض. و لكن للأسف لم يفكر المتحدث حتى بذكر اسمه عابرا في كلمته الافتتاحية للاحتفالية . وسؤالي المشروع للغاية من ناحية الأمانة في ذكر وقائع التاريخ: هل كان للخليفة دور ملموس و مؤثر في المهدية وانتشارها ودعوتها ومعاركها أم لم يكن أي دور ؟ . اتفهم من جانبي كل المغالطات التأريخية عن دور الخليفة عبدالله في فترة ادارة حكمه للدولة من كل المؤرخين والسياسيين السودانيين والأجانب، ومهما كانت حججهم للذين تناولوا فترة حكم الخليفة بمحاسنها او سلبياتها كأي نظام حكم في العالم. ولكن تناسي وتجاهل حتي مجرد ذكر اسم الخليفة عبد الله في احتفالية كان للخليفة و امراء المهدية القدح المعلي في كسر صلف المستعمر و نهايته في الخرطوم، امر يحير و يبعث على الدهشة، و يبرز سؤالا هاما فحواه: ما هو السر او الغرض من هذا التجاهل و اخفاء دور الخليفة عبدالله في مثل هده الاحتفالية؟ ولدي سؤال أخر هل المهدية عند كيان الانصار بدات دون التحالف مع خليفة المهدي عندما بايع الامام المهدي عند قبة القرشي ود الزين في الجزيرة ؟. وهل المهدية لم تكن يوما في معية المك ادم ام دبالو في جبال النوبة؟. وهل المهدية و دولتها تأريخيا كانت نهايتها في معركة كرري كما كان يري المستعمر و حملته المعروفة في التشهير بالمهدية والتقليل من شأنها كثورة وانكار الدور الوطني لها؟ و هل ادوار بطولية مثل دور فارس شهد بشجاعته و جسارته الاعداء قبل الاصدقاء مثل ابن الخليفة الامير عثمان شيخ الدين هي ايضا محطات باهتة في فترة الثورة المهدية؟. و هل الخليفة ايضا عرج وهرب من معركة كرري مثله و مثل امير الشرق عثمان دقنة علما بأن تكتيك الانسحاب العسكري كعلم عسكري يدرس الان في معظم الكليات العسكرية أم نعتبره هروب كما يشيع الاعداء داخليين و خارجيين؟. وتبقي الحقيقة التي لا ولن تحجبها اي غيوم وهي اولم يحشد الخليفة أنصاره كقائد لا يهاب الموت وتقدم جنوده في مواجهة جيوش الغزاة بعد اكثر من عام من معركة كرري حيث معركة الكرامة الاخري في امدبيكرات هو و انصاره بقايا كتلة كرري؟. وسؤالي الم يستشهد الخليفة في فروته و استشهد شهادة الابطال كقائد لم تلن قناته و لم ينكسر للمستعمر؟. هذه أسئلة حقيقة تحتاج للإجابة عليها . لأننا الأن أمام مسؤوليات تاريخية لاعادة قراءة وكتابة تأريخ السودان بكل تجرد حتي يعلم الابناء و الاجيال العظيمة التي كسرت الانقاذ وركعته في ميدان الاعتصام امام القيادة العامة ما هو تأريخهم و جسارة قياداتهم التأريخية دون استثناء. حيث رأينا بأم اعيننا جسارتهم و هم يقدمون انفسهم فداء للوطن. و هل هؤلا الابناء الاشاوس هم إلا امتداد لأجدادهم الابطال العظام، وأنهم ورثوا هذه الجسارة من جدود و اباء نفخر بهم منذ مؤسس الدولة السودانية الاول بعنخي و مرورا بالكنداكات العظيمات. و هل هم إلا امتداد لفرسان المهدية وقيادات مثل الامير عثمان دقنة، ام أن هذه الاجيال نزلت وهبطت من السماء؟. و هل صمود الخليفة والانصار في امدبيكرات واستشهادهم في المعركة هل هذه ايضا هي امور يجب ان تنسي ويتم تجاوزها في مناسبات أخري قادمة يعد لها الكيان؟ هده أسئلة اتمني ان يجاوبها امين عام شؤون الانصار و القائمين علي امر الاحتفالية سؤاء من اللجنة او الكيان . واعود للتساؤل حول التحليل العسكري لمعركة الخرطوم الذي ايضا تخطي دور الخليفة وهو الشخص المنوط به ادارة الجيوش كقائد عام لكل جيوش المهدية وذلك من قبل الامام المهدي وفق منشوره في فتح الابيض عام 1883 حيث حدد فيه مكانة الخليفة عبدالله الروحية و الزمنية في نظام دولته حيث ذكر الامام المهدي وفق منشوره ان مكان الخلفة عبد الله في الترتيب الهرمي هو موقع خليفة الصديق، و قال ان الخليفة عبد الله جزء مني و انا منه. و أضاف مؤكداً: "أعلموا أيها الأحباب ان الخليفة عبد الله، خليفة الصديق المقلد بقلائد الصدق والتصديق، فهو خليفة الخلفاء، وأمير جيوش". ومعلوم تاريخياً أن المهدي أصدر هذا المنشور عند فتح الأبيض نتيجة للبلاء الحسن للراية الزرقاء المنعقدة تحت لواء الخليفة عبد الله و الامير يعقوب وبقية أمراء المهدية وعلي رأسهم الأمير أبو قرجة والأمير حمدان أبو عنجة الذي قاد عملا استخبارتيا عظيما كان له دورا حاسما في موقعة شيكان. و كما كان لحادثة هروب الالماني جوستاف كلوتز من معسكر هكس و انضمامه لمعسكر الانصار اثر كبير في رفع معنويات الانصار و حينها اوكل الامام المهدي للخليفة عبدالله مهمة تقدير السلاح الناري للعدو و الاستفادة من افادات الالماني كلوتز لتقدير القوة الحقيقية لجيش هكس. وسؤالي: هل هذا التكليف من قبل الامام المهدي للخليفة كان تكليفا عسكريا لقائد جيوشه أم لأ؟. كيف يتسني لقائد اوكلت له مهام عسكرية قبل شيكان و هو يقود قوة ضاربة مشهود لها بالدواس و الشراسة و الجسارة و بعدها تم حصار الابيض و الخليفة قائد الجيوش و الرايات وان لا يذكر حتى اسمه في معركة الخرطوم ؟. وهل يعقل ان لا يكون لقائد الجيوش أي تأثير في فتح الخرطوم؟. و السؤال ألا يكون تواجد قائد الجيش في العمليات الكبيرة في موقع العمليات المباشرة’؟ فهل كان حينها الخليفة موجود مع الامام المهدي في معسكر ابوسعد أم لأ؟. وهل تكليف الامير النجومي لفتح الخرطوم يسقط دور القادة الاخرون بما في ذلك قائد الجيش؟. و اذا هذا هو المنطق يجب علينا اسقاط ادوار قادة عسكريين عظام من التأريخ و نكتفي بذكر ستالين و روزفلت و هتلر و موسليني دون ذكر الجنرال الالماني هانز جودريان و الجنرال السوفيتي جورجي جوكيف و الجنرال الاميركي ايزنهاور و الالماني روميل ثعلب الصحراء. كما لا يمكن ان تمجد الرئيس أنور السادات كقائد لحرب اكتوبر دون ذكر اسم الجنرالين سعد الدين الشاذلي واحمد اسماعيل. وختاما أؤكد علي ان العلاقة بين الامام المهدي و خليفته عبدالله علاقة لم تكن تنفصم عراها والمهدية ودعوتها تمت مناصراتها علنا في بيعة الخليفة للامام المهدي في الجزيرة عند اللقاء بين الامام المهدي و الخليفة عبدالله و منذ ذلك الحين ظلت و لازالت المقولة السائدة وفق منشور الامام المهدي الخليفة (جزء مني و انا منه). وهي وحدها كانت كافية لأن يتطرق المتحدث بذكر الخليفة ودوره، إتباعاً لرؤية المهدي وتوقيراً لذكراه، ولكنه تجاوزها وكأنما قائلها غير صاحب الدعوة والثورة وقائدها.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة