نقولها بالصوت العالي، الذي يعانق أرواح شهداء ثورة ديسمبر المجيدة. الذين صعدت أرواحهم إلى بارئها وهي مطمئنة، وواثقة أننا لن نكذب أو نخون، أو نفرط في العهد. نقولها لكل شرائح المجتمع السوداني، كتّابه ومثقفيه وصحفييه وإعلامييه، وسياسييه، ومهنييه، وموظفييه وعماله، نقولها لهؤلاء وغيرهم، بعد رحلة الفشل والدماء والدموع والآهات والجراحات والأحزان والخيبات والخوازيق. . ! لن نقبل بعد الآن، أن يحكمنا عبيد الطغيان الذين باعوا ضمائرهم وأخلاقهم وقيمهم للطغاة على مر تاريخنا السياسي الحديث، الخالي من قيم ومعاني الحداثة طوال سنوات حكم الطغاة . . ! نقولها: بالفم الملآن لعبيد الطغيان الذين باعوا إنفسهم ووطنهم وشعبهم لصالح الطاغية الظالم القاتل الفاسد، ثلاثون عاماً . . ! نقول لهؤلاء وغيرهم من الخونة والعملاء والمرتزقة : إن العبودية ليست لوناً أو شكلاً أو عرقاً أو نسبا. . . ! العبودية هي طبع وسلوك وممارسة وظروف وشروط حياة، فكل من قبلها وتكيف معها فهو عبد ، حتى لو نال أعلى درجات العلم، وأدعى الرفعة والشرف، وتبوأ أرفع المناصب في دولة القهر والظلم . . ! رفعة الإنسان ليست بالمظاهر، وإنما بالمواقف والأفعال. العبودية، ليست لوناً، أبيضاً، أو أسوداً، أو أصفراً، وإنما هي طبع وشعور داخلي يجعل الإنسان غير قادرا على إتخاذ موقف شجاع وبالتالي القبول بالظلم والتكيف معه والدفاع عنه لاحقاً، كإنبهار المقهور بقاهره . . ! أن يقبل الإنسان، بيع نفسه وقيمه ومبادئه وحريته وكرامته وإنسانيته لحاكم فرد. أن يكون أداة طيعة لخدمته، وتنفيذ أوامره وتعليماته على حساب وطنه وشعبه. لذلك نقول : لكل الذين نافقوا وزيفوا وهللوا للطاغية عمر البشير، في منابر السياسة والإعلام، وطبلوا في المؤتمرات والندوات والفضائيات والصحف، وكتبوا المقالات مدحاً وإطراء له، زاعمين إنه فريد عصره ، للدرجة التي تباهى فيها أحد المنافقين، بإنتماء الطاغية: القبلي والمهني والسياسي. وقتها قال الصحفي الوسخان حسين خوجلي: البشير ، جعلي وجياشي وإسلامي، إعتقاداً منه إن ما قاله يمنح الطاغية الحق في حكم السودان للأبد .. هذا واحد من نماذج وضيعة في حياتنا العامة، هناك ثلة من الرجرجة والدهماء امثال العنصري الطيب مصطفى والأرزقي الصادق الرزيقي، والكذاب أسحاق فضل الله وفي ساحة الفن والغناء، هناك رواد الفن الهابط على رأسهم كمال ترباس الذي ذرف دموع التماسيح مؤخرا بعد أن ظل ثلاثون عاما، هو وغيره يغنون للطاغية الملعون، وهو يرقص بغباء أرعن، فوق جماجم الضحايا، وآهات حرائر السودان، وصرخات الأطفال. نقول: للذين إغتنوا على حساب الشعب وحقه في الحياة، وحازوا المناصب وشيدوا العمارات والفلل، وأسسوا الشركات وأطلقوا العنان لقنوات الفساد أن تبث سموم التخلف والجهل والكراهية والعنصرية والأكاذيب والتضليل والدجل والنفاق والشعوذة، لتغييب الوعي وتزييف الحقائق، والإساءة والتقليل من شأن ودور المناضلين والمناضلات، من أجل الحرية والعدالة والسلام. نقول لهؤلاء الذين لوثوا تاريخهم ولطخوا سمعتهم بالعار والخيانة، أن شعب السودان، شعب حر، لن يقبل بعد الآن، أن يحكمه العبيد .. عبيد الطاغية والظلم والطغيان والمصالح الضيقة. نعم شعب السودان، شعب حر ، وأثبت ذلك للعالم، بالأفعال والمواقف والتضحيات الجسام، بالأرواح والدماء والدموع. إنه شعب حر، إنتصر لحريته ثلاثة مرات: في إكتوبر، ومارس أبريل، وديسمبر المجيدة، التي كانت أعظم ثورة شعبية على مدار التاريخ القديم والحديث. ثورة شعبية سلمية ضد أسوأ دكتاتورية، عرفها التاريخ، دكتاتورية تزاوج فيها الإستبداد مع الفساد. لذلك نقول: لا نريد إن يحكمنا بعد الآن، عبيد الطغيان والظلم والجهل والتخلف والظلام. الحرية بلا أحرار تتحول إلى ميوعة وفوضى وعبث وخمول وكسل وغرور زائف. لذلك نريد أن يحكمنا الأحرار الذين يعرفون معنى الحرية ودورها في حياة الشعوب وتقدم الأوطان. الأحرار المؤمنون بالحرية والمعرفة والإبداع والخيال الحر، الذي يصنع التطور والتقدم ليكون تذكرة دخول الوطن والشعب للعصر الحديث من أوسع أبوابه. بوابات الحرية الفاعلة والعادلة المنجزة للإنسان. هؤلاء هم قادة المرحلة، وصناع التغيير الذين سينجزون أهداف ثورة الخلاص، التي دشنها شهداء ٢٨ رمضان ١٩٩٠م، بدمائهم وأرواحهم، وإنجزها الشرفاء من أبناء وبنات الشعب السوداني بإنطلاقة شرارة ثورة ديسمبر المجيدة في ٢٠١٨، كي تخلصنا من الإنقلابات العسكرية والحروب والفقر والمجاعات والمظالم، وتصوغ مستقبل مشرق للأجيال القادمة على هدى الحرية والعلم والمعرفة. الطيب الزين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة