طيرُ الإشراق بقلم:عباس علي عبود

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 06:08 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-23-2021, 07:58 PM

عباس علي عبود
<aعباس علي عبود
تاريخ التسجيل: 01-14-2016
مجموع المشاركات: 3

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
طيرُ الإشراق بقلم:عباس علي عبود

    06:58 PM January, 23 2021

    سودانيز اون لاين
    عباس علي عبود-الخرطوم-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر




    رواية
    "طير الإشراق" رواية صدرت عن دار الريم للنشر والتوزيع (الخرطوم)
    صمم الغلاف التشكيلي السوداني بكري خضر
    الإهـداء:
    إلى أزهار كرار..



    عند الضحى، وصلت نياندينق إلى البلدة. فيضٌ من شجنٍ وحزنٍ وخطواتها وئيدةً على الدرب القديم. تفرَّست في وجوه العابرين؛ علَّ بعض الملامح تذكِّرها بمن عرفتهم. تنهَّدت حين عَبَرَت جوار المستشفى المتهالك، الخاوي إلا من المعيز وأشجار المسكيت. فيضٌ من شوقٍ وحنين..
    بغتةً صفعتها حيرةٌ جارحةٌ: هل عادت لرؤية رياك؟ فيضٌ من علاماتٍ وأسئلة. الكلمات المنقوشة في سراديب الوجدان، الكلمات المنسية في الأركان القصية؛ تطفو إلى سطح الوعي، تتداعى الذكريات والأماني الموؤدة: شمسٌ تشرقُ وأخرى تحجبها الغيوم. رائحة الدعاش، وخوار الأبقار، وطعم السمك المقلي.. أشجار النيم، والأحلام التي تبرعمت، ثم تفتَّقت شجنًا، ورحيلًا إلى بلادٍ لم تحلم بها، لكنها عاشت فيها لسنوات، وأنجبت.. كانت، حين يعربد الحنين بصدرها، تقول في نفسها: ((سنعود يومًا إلى طين الغابات، والمرح وسط الثيران المزيّنة بالسُّكْسُك، والمحار))..
    الأحلام التي تبرعمت، ثم تفتّقت رحيلًا ثقيلًا، أضحت حنينًا وحسرةً تغشاها أحيانًا فيتكدَّر صفوها، وتكاد تطويها موجات الأسى. لكن صوت صغيرتها، أو لعبها، كان يعيدها إلى إيقاع الغربة الرتيب. هل عاشت فقط من أجلها، وطمرت أمنياتها في قاعٍ سحيق؟ لقد تزوَّجت آخر بعدما عشقت فتىً داعب أوتار أنوثتها. فتىً راودها في المنام، وفي أحلام اليقظة. راودها وسط أمواج الغربة، والبرد، والحنين.. أحبَّت رياك، فتى النوير، لكنها تزوَّجت طبيبًا من قبيلتها. وها هي أطياف الحبيب تُمرْوح حولها؛ تدغدغ مشاعرها التي تبرعمت، ثم أزهرت من جديد.
    عند الضحى، عربدت الشجون، وشوارع البلدة خاويةٌ أو تكاد.. نياندينق على صهوة الحنين تتناسل بخيالها الأسئلة، وتمور الذكريات.. أكثر من عشرين عامًا مذ غادرت البلدة بعد زفافها في حفلٍ مشهود. عروسًا تظلّلها الأماني، غادرت البلدة الوادعة على النيل الأبيض، ثم حملتها الطائرة إلى ضفاف نهر التايمز. وبينما الطائرة تحلِّق فوق السحاب، كان زوجها على المقعد المجاور يحادثها همسًا: ((تذكرين أهل البلدة كثيرًا، هل نسيتِ طفولتكِ وصباك؟!)).. أجابته بعد صمتٍ قصير: ((لم أنسَ، ولن)).. رويدًا انسكب الحنين وانداحت الأطياف؛ ومن ثمَّ مخرت وجدانها غيوم الطفولة الباكرة؛ فتداعت الذكريات:
    ذات فجرٍ داكنٍ سمعوا نباح الكلاب. كانت القوات الحكومية قد طوَّقت قريتهم الصغيرة من جميع الجهات. وكان الجنود في انتظار انبلاج الصباح؛ ليمطروا المواطنين البؤساء بالسعير. قبل أيام قُتِلَ واحدٌ من جنود الحكومة. وحين اجتمعوا إلى قائدهم قال جنديٌّ من الاستخبارات العسكرية إن أحد أفراد القرية يعمل جاسوسًا مع المتمردين، وإنه أبلغهم بتحركاتنا؛ فنصبوا كمينهم وقتلوا زميلنا.. وحين طوَّقوا القرية قُبيل الفجر، كانت أوامر القائد صريحةً: ((لا أريدُ دجاجةً واحدةً تخرجُ حيةً من هذه القرية)).. وكان حصاد الرعب، والدم، والانتقام.. نياندينق الطفلة اندسَّت بين السيقان ريثما ينجلي هدير الرصاصِ، والغباء. عاشوا الأيام، والسنوات، تطاردهم أشباح الموت المترصِّد. وكلما توغَّلوا في الأدغال طاردتهم القذائف والرصاص، بينما الحرب المشتعلة بين الحكومة المركزية ومقاتلي الغابة تزداد سعيرًا.. في أحد المواسم، وقُبيل الحصاد، قُتِلَ عددٌ منهم ففروا إلى أعماق الغابة، تاركين محصولهم لتحصده نيران المدافع. وحين اِلْتهم نمرٌ جائعٌ طفلةً قاصية؛ عادوا إلى ديارهم مرغمين.
    كان الوقت خريفًا، وكانت الأرضُ قاحلةً، والطيور التي تجوب السموات، تُبشِّر بالمطر. كأنَّ رفيف أجنحتها يدوزن حركة السحاب، لتورق زهرات ربيع الاحتمال. الطيور تحلِّق في سمواتهم فيتبرعم في صدورهم الأمل، وتنهض الهمم لموسمٍ خصيب. ظلَّت الطيور تدور في محاور لولبية، ثم تهبط تباعًا وتمشى على الأرض العطشى. الطيور التي جابت السموات في ذلك النهار أنهكها التحليق. وقيل إن الكجور طوَّقها بقواه الخارقة، وإنها لن تستطيع الهبوط حتى تغرب الشمس. جمعٌ من الصغار والكبار انتشروا تحت ظلال الأشجار، يحدّقون إلى الأعالي حيث تدور الطيور، وتدور.. بينما بعضهم يتساءلون: أين ذهب الكجور؟ ولماذا حبس الطيور في السماء المفتوحة؟ وقيل إنه يختبر قواه لمهمةٍ كبيرة.. في حيرةٍ يتساءلون: هل يستطيع الكجور أن يُوقف رصاص الحكومة الذي ما انفك يطاردهم، ويحصد أرواحهم؟
    عند الأصيل تحلَّقوا حول نيماقول العشيرة. تحدَّث الرجال الواحد تلو الآخر، لكن لا أحد منهم أكَّد أو نفى مقدرة الكجور على درء خطر الحكومة. وقيل إنه معتكفٌ في كوخه لتظلَّ الطيور حبيسة السماء حتى غروب الشمس. ظلت الطيور تدور، وتدور.. مسَّها اللغوب، فمتى يحين الغروب؟ بغتةً، دمدمت القذائف، دويٌّ مفزعٌ ثم انهمر الرصاص. فرُّوا إلى الأدغال، والطيور التي ظلَّت أسيرةً، في محاورها تدور، رفرفت فزعةً ثم يممت شطر المجهول، يطاردها هدير القذائف المتصاعد.. فهل فرَّ الكجور أم ظل معتكفًا في كوخه؟!
    وحين عصفت بصدورهم الحيرة، والخوف، وتبدّدت الآمال، وحصد الرصاص صغارهم وكبارهم، عاد إلى العشيرة أحد الرجال الذين رحلوا قبل أعوام، فاجتمعوا إليه فقال لهم: ((الغابات تحترق فلنرحل إلى بور، فهناك الخطر أقل. قد يقتل جنود الحكومة بعض شبابنا، أو يأسرونهم)).. فقالوا له: ((وهل نجد أرضًا نزرعها لنعيش من محصولها؟)).. صمت فحاصرته الأسئلة فقال لهم: ((البقاء هنا يهدّدنا بالفناء)).. صمت الجميع في انتظار أن يتحدث نيماقول العشيرة.. تداولوا الأمر ثم قرروا الرَّحيل قبل أن تحاصرهم مياه الأمطار..
    كانت الغيوم الماطرة تجوب السموات الرحيبة. تهفهف النسائم عابقة برائحة الدعاش. حفاةٌ غادروا أكواخهم المتناثرة. مع شروق الشمس بدأوا خطواتهم قبل أن تداهمهم السيول؛ وتجرفهم إلى حيث لا يشتهون. على مشارف بور أوقفهم جنود الحكومة؛ تفحَّصوا أجسادهم العارية، وأسمالهم البالية، ثم سمحوا للأطفال والنساء والشيوخ بدخول المدينة واعتقلوا الشباب. على مشارف بور تطلعت نياندينق إلى الغيوم وبخيالها تتناسل أصوات الرصاص. فقدوا أبقارهم، ومعيزهم، ودجاجهم، وها هم حفاةٌ، شبه عراة، يدخلون المدينة للمرة الأولى. تطلع نيماقول العشيرة إلى أفقٍ جريح؛ وقال في نفسه: ((لتتلطف بنا أرواح الأسلاف.. ولكن ما بال جنود الحكومة تلمع في عيونهم شراسة الوحوش؟! كأنهم يريدون التهامنا! أهو جوعٌ لظلم الآخرين؟ وهل يُشبعهم قتلنا؟!)).. غشاوةٌ غطت عينيه، ثم توهَّجت لحظاتٍ قديمة، يوم باغته نمرٌ جائع فقز جانباً وغرز حرابه في نحر النمر، وأحشائه.. ثم عاد بالجلد المسلوخ.. ظلت الواقعة تُروى للأجيال، وظلَّ جلد النمر رداءه المفضل في الاحتفالات والأعياد..
    عاد نيماقول العشيرة من أودية الذاكرة متفحصًا أبناء جلدته. وقال لهم: ((جنود الحكومة يشبهون الوحوش)).. صمت متفكّرًا ثم قال: ((قائدهم يشبه الذئاب في هيئته، ونظراته، حتى صوته وأذنيه)).. ابتسموا لملاحظته، لكن غيوم الأسى خيَّمت فوقهم، ودوزنت خطواتهم على إيقاع التوجُّس والظنون..
    □□□























                  

01-24-2021, 09:21 AM

mustafa bashar
<amustafa bashar
تاريخ التسجيل: 10-16-2007
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طيرُ الإشراق بقلم:عباس علي عبود (Re: عباس علي عبود)

    مبروك والف الف مبروك
    طير الإشراق للصديق الروائي عباس على عبود

    مزيد من النجاحات لك


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de