السجينات في جنقو مسمار الأرض!! بقلم:د. سعاد الحاج موسي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 01:09 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-15-2020, 00:32 AM

د.سعاد مصطفي الحاج موسي
<aد.سعاد مصطفي الحاج موسي
تاريخ التسجيل: 03-11-2019
مجموع المشاركات: 44

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السجينات في جنقو مسمار الأرض!! بقلم:د. سعاد الحاج موسي

    11:32 PM December, 14 2020

    سودانيز اون لاين
    د.سعاد مصطفي الحاج موسي-UK
    مكتبتى
    رابط مختصر




    في رائعته الأدبية "جنقو مسمار الأرض" الحائزة علي جائزة معهد العالم العربي بفرنسا في ترجمته الرفيعة للفرنسية بما يبرهن على حبكة الرواية وعالمية منزلتها محتوا وعرضاً، فيها تسيّحَ بنا الكاتب عبد العزيز بركة ساكن في رحلة درامية داخل معقل ثلاثي العزلة الاجتماعية الرسميّة "السَّجِينُ السِّجنُ والسجَّانُ – ص 17 - 28"، وهو يعرض بدلالات ايحائية جزلة بعض أهوال السجن وما تقاسيه النساء السجينات ومعاناتهن الصحية ونومهن على بلاط السجن وهن معتلات الصحة مما يعرضهن للمزيد من الأمراض الجسدية والنفسية، وما يتعرضن له من هوان بفعل السجن والسجّان. تراكم الأذى والفاقة والحرمان عليهن داخل السجن يجبرهن علي ارتكاب المخالفات ويدفع بهن لخوض المزيد من المغامرات ومنها تجارة الحشيش للحصول على بعض النقود لشراء احتياجاتهن الشخصية، خاصة عندما يدخلن بمرافقة صغارهن الذين لا يسلمون من انتهاكات طفولتهم. واقعٌ لا يختلف عليه اثنان لا يزال جاثماً ماثلاً على امتداد السودان أرضاً وعمراً، يصور ويجسد تداعيات أزمة الهوية واعتلال الصحة القانونية للدولة السودانية، ويقدم لنا كم البؤس الذي تصنعه أنظمتنا الحاكمة وتحاصر وتقمع به النساء في عالم الجنقو من فقيرات المدن والقري والعابرات طريقًا ممن رمت بهن سياسات النخب الحاكمة في درك العوز والحرمان فضللن الطريق ثم أرغمتهن على ادمان الضياع بتعمدها تغييب العدالة والحقوق ولا مبالاتها بمواطنيها الجياع والمحرومين الضعفاء.

    فغالب أنواع القضايا التي أُدينت فيها النساء هي ما تعرف عند المختصين في علم الجريمة ب "الجرائم الناعمة" أي التي ينتفي فيها استخدام العنف، ترتكبها النساء عادة بسبب العوز والحرمان أو لوقوعهن في شباك تجارة المخدرات التي يديرها منسوبي النخبة فالمرأة لا تقع في الجريمة الاّ وهي تعمل وفي بيئة لا تتوفر بها حماية. فقلما تجد امرأة أُدينت بسبب سرقة سيارة أو اقتحام بنك أو اغتصاب أو تحرش مثلما يفعل الذكور. فالسجينات هن غريبات داخل وطن أقصتهن مؤسساته وأعدمتهن وسائل الكسب الشريف وأوقعت بهن في براثن الجريمة ثم ألقت بهن في غياهب السجون للمزيد من الحصار والقهر والهوان. وفي عهد الإنقاذ قُذف بآلاف النساء من عالم الجنقو الي السجون بعضهن برفقة أطفالهن ومنهن من وضعت حملها بالسجن أو حملت من داخله، وتشرد الكثير من الأطفال بسبب ادانة الام وسجنها.

    تقول الكاتبة السودانية الرائعة من الجنوب، ستيلا قيتانو (نساء كاتبات – بالإنجليزية -ص 56 -57) بأنها ضمن أجيال ولدت وترعرعت في شمال السودان على يد أمهات نازحات عانين من مرارة النزوح وقساوة العيش بما فيها دخول السجن عشرات المرات بسبب مجازفاتهن لإطعام صغارهن وشراء دفاتر وأقلام لهم دفعاً للأذى عن بناتهن الصبايا وحمايتهن من التحرش والحمل بالاعتداء عليهن إن بقين خارج أسوار المدرسة، ولحماية ابنائهن الصبيان من ادمان المخدرات والكحول ان تسكعوا أثناء النهار بالأسواق والأماكن العامة! وهنا يشكل الفقر والأمية مظهراً تراجيديا لمشكل الهوية المتمثل في الصراع بين قيم الحاكمين ومؤسساتهم التي تملي نوع السلوكيات وتحدد التوقعات على الأفراد، وقيم ثقافية واجتماعية لمواطنين لا يجدون ما يسد رمقهم الاّ باللجوء لتجارة الخمور المحلية التي لا تجرمها مجتمعاتهم فيتم ضربهم وسجنهم وتغريمهم وإهمال احتياجات أسرهم التي تعتمد على تلك التجارة فينتج المزيد من الفقراء والمحرومين والمشردين يقابله المزيد من الحنق وانتقام حكام الإسلام السياسي بالمحاكمة والعقاب. ويتبدى عنف ذلك الانتقام، كما صورت الرواية، "بمضاعفة قاضٍ، يري نفسه غيورا على الدِّين، للعقوبة علي المرأة سبع مرات؛ لأنها لم تقلع عن الفعل الحرام؛ بعد أن جُلدت وغُرمَت مرارا وتكرارا وسُجِنت شهورًا كثيرة متفرقات. ص 20".

    وهكذا يخضع تفسير وتطبيق القانون الجنائي علي النساء المتهمات والمدانات، للأهواء الشخصية لبعض القضاة والقانونيين مدفوعين بمعارفهم المحدودة وثقافاتهم المحلية وتجاربهم الشخصية وما يسلمون بها صُماً ُعُمياً من أيدولوجيا تجعل من النساء حقلا لإثبات الولاءات ولا تكتمل الرجولة الاّ بقهرهن!

    يقال في الثقافة السودانية أن السجن للرجال وأكثر مجموعات هؤلاء الرجال شهرة هم من تحاربهم النظم الحاكمة بسبب معارضتهم ومقاومتهم لسياساتها وتوجهاتها فيصيروا أبطالا يظلوا يترنمون بدخولهم للسجن ويتوشحون به كميداليات تزخرف مسيرة نضالاتهم السياسية وتضئ سيرتهم الذاتية. والمجموعة الأخرى أيضا يسري عليها قانون غضب الدولة ونظامها العام وبخلاف جرائم القتل العمد والانتهاكات والتعدي علي مصالح المجتمع للقلة، ينتمي غالبهم لعالم الجنقو والجنقوجورا (راجع مقال عالم عباس " جنقو وجنقجورا وبركة ساكن" بصحيفة سودانايل، 16 نوفمبر2020) المغلوبين ممن عجزوا عن مصارعة لقمة العيش وبدلا عن التعاطف معهم ومد يد العون لهم، تترصدهم الدولة ومؤسساتها ان تعثرت أقدامهم وانزلقوا في المحظور لتودعهم السجون ودخول السجن هنا هو سبة ووصمة. وداخل السجن تكال المعاملة للسجناء بمكيالين بفعل تداخل اسقاطات الهوية مع الايدولوجية والاثنية والطبقية، الاسقاطات التي طفحت وتكاد تقصم ظهر السودان الذي احدودب حتى يكاد يسقط على وجهه هذه الأيام!

    لم تستطع مقولة "السجن للرجال" الصمود فتوارت خجلاً أمام واقع مشاركة النساء للرجال في المجموعتين معاً: كسياسيات وناشطات يدافعن عن حقوق النساء والأطفال وقضايا الوطن والمواطنة المتساوية من جهة، وكضحايا لسياسات تحرمهن وسائل وفرص العيش الكريم فتُفاقِم فقرهن وضعفهن وتقلِّل من قدرتهن على الصمود. ولا تمارس دولة الإسلام السياسي الرقابة الذاتية عن دورها في حماية هؤلاء النسوة الفقيرات طبقة الجنقو، بينما تسارع الي تجريمهن جنائياً بادعاء حماية المجتمع ومصالحه في غياب تام لأخصائيين نفسانيين ومرشدين اجتماعيين توكل لهم بحث حالات المتهمات قبل ادانتهن ورميهن في سجون لا مكان منفصل فيها للنساء، ولا تقدم لهن فيها الاّ السجّان وكرباجه وبلاط السجن والمتحرشين من الرجال.

    وبحسبان أن غالب المساجين والسجينات هم ليسوا مقيمين ثابتين بالسجن، يجب ألاّ يكون السجن مسرحاً للمزيد من التحقير والاذلال للمدان/ة، بل مركزا لدرء الشر عن المجتمع وذلك باستهداف النزلاء بإعادة تأهيلهم نفسياً وتقويمهم اجتماعياً حتى يخرجوا أسوياء نادمين علي فعالهم وعازمين علي مفارقة درب الجريمة واتباع جادة الطريق. كما يجب متابعتهم بعد خروجهم واعانتهم مالياً حتى يمكنهم المساهمة الإيجابية في حماية المجتمع وسلامته.

    فعلي مؤسسات الدولة العدلية والاجتماعية والهيئات البحثية والمنظمات الحقوقية والإنسانية العمل معاً لإجراء مراجعات عامة في النظم والهياكل القانونية والإدارية ذات الصلة بالإدانة والعقاب ورعاية السجين/ة وتبني إصلاحات محورية فعّالة تجعل من السجن مكاناً آمنا للسجينات من العنف القائم على النوع والتحرش، أي تحويله الي مؤسسة إصلاحية لمراجعة السلوك والتعلم وليس للتنكيل والاستغلال، وتعمل علي تدريب النساء وتعليمهن المهارات اللازمة لكسب لقمة العيش وزيادة الدخل وحماية أنفسهن من الاعتداء والتحرش عقب خروجهن، وذلك بغرض انتقالهن من حالة الضحية والضعف الي دور المنتجات والناشطات في حماية النساء والأطفال. نأمل أن تجد المبادرات التي ندعو لها للإصلاح العام في عهد ثورة التغيير اذناً صاغية، وألاّ يرتد الينا "كالعادة" صدي أصواتنا داوياً ومحبطاً بأن "لا حياة لمن تنادي!".

    والتهنئة ننثرها، شاكرين، وروداً وأزاهير للكاتب الأريب عبد العزيز بركة ساكن على توثيقه الدرامي لعالم الجنقو ومعاناته، وتناوله لواقع السجون وحال النزيلات، والمجتمع الآن ينتظر الكثير من التغيير وتثوير مؤسسات الدولة لتتناغم مع حقوق الانسان وحقوق المرأة والطفل. ولنا عودة الي فصول اخري من الرواية.

    د. سعاد الحاج موسي
    [email protected]























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de