اوتوبيوغرافيا: بعطائها عاشت قرابة المائة عام: بنت العمدة خرج جثمانها من بيت ايجار رغم مجيئها الخرط

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 04:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-09-2020, 08:38 PM

محمد سمنّور
<aمحمد سمنّور
تاريخ التسجيل: 04-30-2020
مجموع المشاركات: 131

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اوتوبيوغرافيا: بعطائها عاشت قرابة المائة عام: بنت العمدة خرج جثمانها من بيت ايجار رغم مجيئها الخرط

    07:38 PM December, 09 2020

    سودانيز اون لاين
    محمد سمنّور-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر



    اوتوبيوغرافيا: بعطائها عاشت قرابة المائة عام: بنت العمدة خرج جثمانها من بيت ايجار رغم مجيئها الخرطوم منذ اكثر من نصف قرن! بقلم محمد سمنّور
    دائما كانت تلام علي طريقتها في الصرف
    في الاية:
    (ولا تجعل يدك مغلولة الي عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا)
    خالتي كانت يدها مبسوطة كل البسط
    ولذلك كانت "ملومة" علي تفريطها في حقها!
    هي لا تستطيع ان تدخر
    كل همها الصرف علي الضيوف والمجاملات ومساعدة الاقارب
    ولذلك كان بيتها "موقف" للكل
    واحيانا "محطة وسطي" يرتاح فيها الزوار يأكلون ويشربون ثم ينصرفون
    عشرات من اقاربها استضافتهم لسنين
    ما بين طالب علم وطالب عمل وطالب علاج ومسافر للخارج وقادم جديد للخرطوم

    يستغرب الناس حين يتحدثون عنها:
    لماذا طيلة هذه الفترة لم يفكروا في شراء قطعة ارض وبنائها
    معظم اقاربهم الذين جاءوا من بعدهم عملوا بيوت وعمارات حتي
    لكنهم سرعان ما يستدركون:
    كيف تستطيع ان تدّخر والضيوف والزوار والمجاملات والمساعدات
    اكثر من خمسين سنة عاشت في بيوت ايجار
    انا شخصيا حتي بعد ان اشتغلت ظلت كلما ازورها تعطيني فلوس
    وعندما ارفض كان تصر وتقول:
    "هه هي المرتبات دي بتعمل حاجة..
    انتو بتدفعو ايجار واخوانك ما شغالين"
    ومن قبل كنا عندما نأتي الخرطوم ونريد الرجوع نشيل هم للحمولة التي ستعطينا لها
    ملابس واحذية وخبائز وحلويات وأغذية و.. و..
    احيانا حينما تري ان ملابسنا باهتة او مهترئة تعطينا بعض الملابس
    واحيانا تكون هذه الملابس لابنائها
    وربما اعطتنا اياها دون موافقتهم
    "القميص ده فلان ما قاعد يلبسوا"
    "الحذاء ده فلان اشتراهو و ما طلع قدروا"
    "هذا ارسله فلان من بره مخصوص لخالته"
    وعندما يحضر احد ابنائها من السفر:
    "هذا احضره مخصوص..."
    وطبعا ده احيانا يكون صحيح واحيانا غير صحيح مائة بالمائة
    باختصار خالتي كان همها العطاء
    لا تعدم حيلة تقنعك بها بان ما تريد ان تعطيك له كأنما صنع من اجلك!!
    ولاننا عشنا حياة ضاغطة باستمرار كنا نادرا ما نشتري ملابس لأمي
    وهي تحتج بان الهدوم عندها "راقدة"
    والافضل ان نوفر القروش لشئ أهم
    وبصراحة فعلا أمي لم تنقصها الملابس قط
    ولكن كلها تقريبا كانت من تراكمات لعطايا الخالة في مناسبات مختلفة
    كانت خالتي تريد ان تعطي الجميع وتساعد الجميع
    ولذلك كان ابنائها واحفادها عندما يعطوها المصاريف يضعون اعتبار لهذا
    يعرفون ان البيت مضيوف دائما وان امهم لا تحب ان يخرج احد دون ان يضيّف
    ويعرفون انها تعطي هذا وتدفع لهذا
    لا اظن احد من اولادها او بناتها تأثر بها
    خصوصا ان عدم استحسان طريقة امهم كان يصل آذانهم
    ولكنهم كانوا يجارونها ويطاوعونها في ما تفعله
    واحيانا يفعلون ذلك وهم يكتمون غيظهم مما تفعله امهم

    ***

    كرم خالتي قد يكون امرا طبيعيا في القري والارياف
    في الزمان الماضي بالطبع
    ولكن في الخرطوم لم اره اطلاقا
    وللاسف لا اعرف احدا من اقاربي او معارفي بهذه الجرأة في العطاء
    خصوصا في هذا الزمان
    خصوصا النساء
    فمهما كان دخل البعض كبيرا لكن الاحتياجات اصبحت كثيرة و متنوعة
    نسيت ان اقول لكم ان اثاثات بيت خالتي متواضعة
    هي طبعا لا تخلوا من لمسات جمالية فقد كانت خالتي معروفة بالذوق العالي
    لكن الاثاثات والاجهزة لم تكن غالية
    فالناس اصبحت لا تهتم بالجماليات فقط
    ولكن بثمن الشئ ومنشأه و.. و..
    ولعل في هذا سر كبير
    فالناس يتجنبون البيوت "المتأنتكة" كأنها فنادق خمسة نجوم
    وحتي عندما يزار اصحابها اضطرارا
    تجد النساء يفضلن الجلوس في المظلات الخارجية او اي كراسي في الحوش
    والرجال تحت الاشجار امام المنزل

    ***

    دعوني اقارن لكم مثلا خالتي مع امرأة عمي
    ذات مرة كانت اسعار الخراف عالية ولم نستطع انا واخوتي شراء الخروف
    فقلنا نذهب في اليوم الاول الي بيت عمي
    فعمي اولي بنا من الجيران
    ولكن كانت امراة عمي متضايقة جدا من مجيئنا صباح الاضحي
    فهم غير متعودين ان يأتيهم أحد في تلك اللحظات الحرجة
    ووضع الفطور
    وكان هنالك لحمة شية بالطبع
    ولكن اجتهدوا في ان يأتوا بكل ما اختلط بالشحم والعظم والعصب
    ولكن في النهاية اسمها شية الضحية
    وبرغم ذلك لم تستطع زوجة عمي ان تكتم غيظها
    فعند لحظات الفطور بالظبط انفجرت بكلمات كالسكاكين:
    "انتو اسه اربعة رجال ما قادرين تشتروا خروف"
    فلم نستطع ان نتذوق طعما للفطور بل لم نستطع البلع
    ولكن تظاهرنا بالأكل حتي لا يحرج ابناء عمي من كلام امهم
    ولكنني اعذر دائما امرأة عمي
    لانهم عاشوا مثلنا ظروف صعبة قبل ان يكبر الابناء

    ***

    كنت اتفكر كثيرا في شخصية خالتي
    واذكر مرة فُتح الموضوع فشاركت بشئ من الفلسفة
    قلت لهم لان بيوت العُمَد في الماضي كانت بيوتا دائمة للضيافة
    وكانت ايضا مكانا للاغاثة وحل المشاكل
    وكان هم نساء وبنات العمدة هو خدمة الناس
    فهي تربت علي ذلك
    وصارت تحب اليد العليا واكرام الناس وادخال السرور عليهم،
    وقد افادتني تلك الفلسفة وتلك التجربة كثيرا في فهميي للدين والحياة
    فعرفت ان صلة الرحم ما هي الا مساعدة واعانة الاقارب
    كنت عندما اقرأ حديث:
    "من سره ان يبسط له في رزقه وينسأ له في عمره فليصل رحمه"
    كنت تلقائيا استحضر خالتي وبيت خالتي
    فعاشت خالتي عمرا مديدا
    ولكن لم يتخلل حياتها ضيق قط مثلما كان يحدث لنا
    ففهمت ان جزاء الانفاق علي الاقارب هو عمر مديد يصاحبه انبساط في الرزق
    وفعلا كان بيت خالتي دائما كثير الخير
    حتي في احلك الظروف تجدهم "عامرين"
    وحتي عندما "طشت شبكتها" في اوخر ايامها
    انظر ماذا كانت تخاريفها:
    زرناهم مرة في العصر
    وعندما هممنا بالمغادرة اصرت انو لازم نتعشي
    وبدأت تنادي علي بنتها
    "اعملي العشاء يا بنت"
    "كل شئ موجود البيض والزبادي والعيش"

    ***

    كذلك فهمت ان الساهون في صلاتهم هم الذين لا يتصدقون
    اي انهم يفصلون بين الصلاة والزكاة فلذلك "هم يراءون"
    وعرفت ان الماعون مجاز يراد به ما بداخل الماعون

    وفهمت ايضا ان بيت الرسول (ص) كان بيت انفاق
    والرسول لم يكن يدخر
    ولهذا مات ودرعه مرهون مقابل شوية شعير
    ثم استنتجت ان قوله: (واما بنعمة ربك فحدث)
    مقصود به الانفاق وليس مجرد اظهار النعمة او الاخبار عنها

    ***

    خالتي كانت تفعل اصعب الاشياء وهي الانفاق
    وكانت تذكرني بام المؤمنين عائشة
    التي تصدقت ذات مرة بالف درهم ثم فطرت من صومها علي خبز وزيت
    وجدير ان اذكر هاهنا وصية الرسول للنساء:
    "تصدقن فاني رأيتكن اكثر اهل النار"
    انا اعلم يقينا ان خالتي الآن ليست في حفرة في الارض ضيقة او واسعة!!
    بل هي عند الله واحسب انها مع الصديقين والشهداء
    تكرم كرما لا يستطيع ان يتخيله اهل الدنيا
    ولذلك كنت فرحا وانا اشيع جثمانها عندما توفيت
    ولكني استطعت ان اداري فرحي
    وكنت استاء وأرأف للذين يحزنون ويبالغون في الحزن
    هممت ان اقول لهم لا تحزنوا وافرحوا
    وبدلا من البكاء والحزن كان ينبغي ان تغنوا وتطربوا

    ***

    ابناء خالتي تفرقوا في الداخل والخارج
    وامهم هي التي كانت تجمعهم
    وكانوا يتناوبون هم واولادهم في البقاء معها وخدمتها في اواخر حياتها
    بالرغم من صعوبة ذلك
    ولان البيت بيت ايجار
    فغالبا ما يقفل البيت بعد موتها
    وتسلم مفاتحه لصاحبه.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de