المراحل السياسية الماضية لا تخلو من التابعين والمادحين !!
في البيت كلما تقول لي طفلتي الصغيرة يومياً بأنهم لم يحصلوا على ( الخبز ) في المخابز أمازحها تعمداً وأقول لها : ( يا حليل أيام البشير !!،، في أيامه كان الخبز في الدكاكين والمتاجر !! ) .. وحينها تضحك طفلتي الصغيرة الثائرة وتقول : ( أصلو لو كان بشيركم نافع ووفر لينا الخبز ما كانت تلك الانتفاضة من الأساس )،، ذلك النوع من الحوار البريء معتاد في هذه الأيام بين الكبار والصغار من قبيل المزح والهزار !! والجميع يعرف جيداً بأن ذلك الماضي برفقة البشير لا يمثل تلك الجنة المفقودة .. وأن ذلك الحاضر برفقة السيد عبد الله حمدوك لا يمثل تلك الجنة الموعودة !!ّ.. وهي تلك الأقدار التي جعلت مصائر الأمة السودانية مشوبة بالأزمات والأوجاع والويلات في كل الأوقات والأزمان .. وراحة البال بذلك القدر الذي يعادل راحة البال لدى معظم شعوب الأرض مفقودة في هذه البلاد منذ لحظة الاستقلال .. وبالمختصر المفيد فإن تلك المراحل والحكومات التي مرت بالبلاد طوال الستين عاماً الماضية لا تستحق دمعة واحدة يزرفها الشعب السوداني أسفاً وندما على الفقدان والضياع !!. فهي كلها كانت سنوات جدب وقحط وأوجاع ونكال وويلات على الشعب السوداني .
ورغم تلك الحقائق المريرة المؤلمة القاسية فإن البعض من أبناء السودان لديهم تلك النظرة القاصرة ,, وهي تلك النظرة العقيمة الواهية التي توالى مرحلة من تلك المراحل السياسية السابقة ،، أو توالي عهداً من تلك العهود السابقة .. وهؤلاء في الغالب الأعم يفعلون ذلك من قبيل المصالح الذاتية والشخصية التي كانوا يلتمسونها في تلك المراحل .. فهنالك في السودان فئات من الناس كانوا ومازالوا يمدحون أيام حكومة الفريق إبراهيم عبود .. وهنالك فئات من أبناء السودان كانوا ومازالوا يمدحون تلك الأيام التي حكمت فيها الأحزاب السودانية للبلاد .. وهنالك فئات أخرى من أبناء السودان كانوا ومازالوا يرون أن أفضل فترة حكم مرت بالبلاد هي فترة حكم نظام جعفر النميري .. وأخيراً هنالك تلك الفئات من أبناء السودان الذين حكموا البلاد بمعية ( نظام البشير) البائد لثلاثين عاماً .. وهؤلاء بالفطرة يرون أن أفضل أيام حكم مرت بالبلاد هي أيام حكم الإنقاذ .. ولكن تلك الحقائق هي الحقائق مهما يجتهد هؤلاء أو هؤلاء .. فالإشارات كلها تؤكد بأن تلك التجارب الماضية في كافة مراحل الحكم بالبلاد لم تحقق أطلاقاً تلك الانجازات التي تقدمت بالبلاد نحو الأمام .. ولا تتميز مرحلة من تلك المراحل بالتنمية والتطور والبناء والتعمير .. وفي نفس الوقت لا تتميز مرحلة من تلك المراحل بالاهتمام بالإنسان السودان بذلك القدر الذي يجعل المواطن السوداني يتقدم فكراً وعقلاً وتطوراً .. بل كالعادة المعتادة عاشت البلاد بنفس ذلك المنوال الكئيب القاحل لأكثر من ستين عاماً .. وبنفس القدر عاشت البلاد تلك الويلات وتلك المناوشات وتلك الحروب وتلك الاختناقات الاقتصادية التي لم تفارق السودان طوال الفترة بعد الاستقلال .. بجانب ذلك التردي والتراجع المخزي لأحوال البلاد سنة بعد سنة في ظلال كافة التجارب السياسية .. بجانب ذلك الغلاء والبلاء والأوبئة والكوارث والمصائب والانفلات في الأمن والاستقرار .. بجانب ذلك الارتفاع الجنوني في الأسعار في كافة مراحل الحكم بالبلاد .. ومن سخرية الأحوال في دولة السودان أن تلك الأسعار للسلع والخدمات منذ صافرة الاستقلال وحتى هذه اللحظات لم تعرف التراجع والانخفاض في يوم من الأيام !!.. فذلك الارتفاع الجنوني الغير مبرر لأسعار السلع والخدمات في البلاد منذ استقلال البلاد دون ذلك التراجع والانخفاض مرة أخرى يمثل أغرب ظاهرة اقتصادية يعرفها علماء الاقتصاد .. ويحق للشعب السوداني أن ينكت على تلك الظاهرة الغريبة فيقول : ( أن الذي يرتفع للأعلى ويطلع في دولة السودان لا ينزل إطلاقاً مرة أخرى حتى قيام الساعة إلا ذلك الطالع في الشجرة !! ) .
قوانين العرض والطلب المعروفة في كافة أرجاء العالم هي قوانين معدومة في هذه البلاد .. وهي تلك الدول في العالم التي تمر بمراحل الشدة والضيق في بعض الأحيان ثم تدخل في مراحل الرخاء والهناء والوفرة والراحة في أكثر الأحيان .. حيث الرخصة وحيث رغد العيشة والهناء .. ولكن في دولة السودان فدائماً وأبداً يعيش الشعب في تلك الضائقة والأزمات والغلاء والبلاء .. ولا توجد في السودان إطلاقاً مراحل رحمة يطال الشعب السوداني .. وذلك التاجر السوداني المنحوس حاقد بالفطرة مهما يدعي غير ذلك .. وهو ذلك التاجر الوحيد فوق وجه الأرض الذي يبكي بحسرة شديدة حين يعم الخير والرخاء في البلاد !.. ثم يجتهد ليلاً ونهاراً حتى يجعل حياة الناس الأبرياء جحيماُ في جحيم .. فهو ذلك الممقوت بالفطرة لدى كافة الناس .. ومن تلك المظاهر البينة أن هؤلاء التجار في السودان كلما يجتهدون نهماً من أجل الثراء والأرباح بالحلال والحرام وكلما يرفعون تلك الأسعار عند رأس كل ساعة كلما يزيدهم الله محقاً وفقراً دون تجار العالم .. ولا تظهر علامات البركة في تجارة هؤلاء ولو ربحوا الملايين والملايين من الأموال .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر عيسى محمد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست