يقول أحد الايجابيين : حينما كنت أكمل دراساتي الجامعية في امريكا... وضعني أحد اساتذتي في مجموعة مع فتاة أمريكية تدعى كاترينا وتلميذ آخر اسمه فيليب.. ولكنني لم أكن أعرفه ! فسألت كاترينا: من هو فيليب هل تعرفيـه؟ قالت كاترينا: نعم ؛ إنه زميلنـا ذو الشعر الجميل الذهبي، وكان يقعد في المقدمة .. قلت : لم أتذكره... أوصفيه أكثر ؟ قالت : زميلنـا الرائع ذو الهندام المتناسق والمظهر المرتب والأنيق .. قلت : لم أتذكره بعد أوصفيه بدقة اكثر؟ قالت : زميلنا الذي يلبس دوما بلوزة شيك وبنطلون جينز مرتب... قلت : صدقيني لم أتذكره... رجاء أوصفيه بدقة أكثر... قالت : فيليب زميلنـا الخلوق الطيب الذي يجلس على مقعد متحرك...💺 هذه المرة فهمت بدقة من تقصد ،ولكن طريقة وصفهــا لفيليب علمني الكثير .. كم كانت كاترينا راقية بوصفها وإيجابية في نظرتها... لأنها أغمضت عينيها عن نواقص فيليب وبدأت بوصف ايجابياته... فسألت نفسي لو كان قد حدث العكس... أي كاترينا سألتني من هو فيليب فكيف كنت سأصفه لهــا ..!! بالتأكيد كنت سأقول إنه زميلنـا المسکین المعـاق الجالس على كرسي متحرك... فعندما قارنت نظرة كاترينا الإيجابية مع نظرتي السلبية شعرت بالخجل ! #الحكمة : ما أجمل أن نركز دائما على ذكر إيجابيات الآخرين، و التغاضي عن السلبيات...والأجمل من ذلك تعليم هذه السلوكيات لأبنائنا ومن هم حولنا. هذا واقع نقتلته هنا لأننا كلنا نركز أكثر ما نركز على السلبيات في حكمنا على الناس وعلى واقعنا العام بعد التغيير الذي حدث في بلادنا كلنا نشعر بالضيق من الواقع الذي نعيشه الآن ونشعر بالاختناق مما نعانيه من ضائقة معيشية لم يمر بها البلد من قبل ، ونعبر عن ضيقنا بشتى الطرق ، وهو نوع من التنفيس عن النفس ، هذا حقنا ولم يكن من الممكن ان إلا من خلال ما نعيشه من أجواء جديدة وهذا جانب ايجاني لا نتذكره ونحن ننبري للنقد وذكر السلبيات . الحقيقة أننا كنا نضع آمالا عراضا على التغيير وعشنا هذا الحلم بكل أبعاده ، وافترضنا أن الحال سيتغير بين يوم وليلة ، ولم يكن يمر بأحلك أحلامنا أن يصل الحال لما وصلنا إليه ، ونسينا في غمرة أحلامنا الواقع المر الذي يحتاج لسنوات طويلة ليتغير . أنا كمواطن سوداني لا اختلف عن الآخرين ، وكثيرا ما وجهت سهام النقد للقائمين على الأمر ، وكغيري حملتهم الكثير من المسؤولية وصببت جام غضبي عليهم ، نحن كلنا في هذا سواء . صحيح أن هناك الكثير من السلبيات وربما تكون بلا حل تماما كحال هذا الطالب المقعد ولكن هناك جوانب ايجابية نظرت اليها تلك الزميلة الحكيمة ، وتغاضت عما لا يد للطالب المقعد فيها ، وظلت تذكر ايجابياته . حالنا كحال هذا الشاب المقعد والذي يعجز عن تغييره ، لأسباب خارج إرادة الحكومة والمسؤولين . ونحن امام خيارين إما أن نظل نوجه انظارنا للسلبيات وننتقد ونكبر الأخطاء أو ننظر بايجابية ونحاول التغييىر متسلحين بالامل في غد مشرق . لا بتعارض هذا الكلام مع النقد الايجابي ومحاولة تقويم الحال المائل . وأول هذا الأمر أن نتعلم أن نثق في بعضنا البعض وأن نعترف بأن كل مسؤول أهل للثقة وأننا لسنا أكثر وطنية منهم ولا مصلحة لأي مسؤول في أن تستمر الأزمات ، بل العكس هو الصحيح فمن مصلحته أن تحل كافة المشاكل وأن يحقق أحلام وطموحات الناس . ولكن لحداثة التجربة تحدث الأخطاء وأهم خطوة لبناء الثقة مع الناس هو الوضوح الكامل وتبيان أسباب الاخفاقات هذه ، ولماذا يقف المواطن في تلك الصفوف ؟ فمهما كانت الأسباب فإن السوداني بطبعه متفهم وصبور ، فإذا علم لماذا هذه المعاناة وما أسبابها ، قطعا سيحول نظره من الجوانب السلبية للنظر بعين التعاطف مع المسؤولين ويكون باب الأمل قد انفتح له ليشارك بايجابية ويعرف لماذا عليه أن يعذر قبل أن ينتقد ، وستعود الثقة في المسؤولين وأنهم مثلهم مثل المواطن تماما يبحثون عن الحلول ويجتهدون في ذلك بمعاونة ومؤازة المواطن . هل عدت فألقيت اللوم على المسؤولين ؟ هل كلامي هذا يخرج عن كلام معظمنا في اظهار السلبيات والتغاضي عن الايجابيات ؟ لا أعلم تماما ، فالقارئ ربما يجد هذا أو ذاك لكن ، الملاحظ أننا تحولنا وانقسمنا لمجموعات بعضهم يعمل بكل جد لإفشال الفترة الانتقالية ، وهم أعداء الثورة ، تعرفهم من النظرة السالبة في نقدهم الهدام ، وهناك مجموعة الحكومة ومن ناصرها بالحق والباطل ، والأكثرية تقف موقفا سلبييا ، هذه الفئة الأخيرة هي مع الحكومة المعنية بكلامي عن بناء الثقة ، وهي المسؤولة عن التحول من النظرة السلبية للنظرة الايجابية . وأعود وأكرر إذا لم يعرف المواطن لماذا عليه أن يتحمل وان يقف في الصفوف ، وماذا وضعت الحكومة من خطط لحلحلة الازمات ، فإن النظرة السلبية تجاه الحكومة لن تتغير، والثقة ستظل مفقودة . اذا الخطوة الأولى يجب أن تكون من الحكومة ، التي يبدو أنها تراهن على اقناع الناس بحلول آتية لا ريب فيها ، ولكن إلى ذلك الوقت يجب أن تتقدم خطوة في اتجاه تمليك الحقائق للناس ، من هنا نصل للايجابيات ونتجاوز النظرة السلبية للأمور .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة