الصمغ السودانى : الصراع بين الطاق والمطقوق مسيرة الملح الهندى نموذجاً ( ١ ) بقلم:أحمد آدم حسن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 02:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-07-2020, 06:22 PM

أحمد آدم حسن
<aأحمد آدم حسن
تاريخ التسجيل: 09-07-2020
مجموع المشاركات: 9

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الصمغ السودانى : الصراع بين الطاق والمطقوق مسيرة الملح الهندى نموذجاً ( ١ ) بقلم:أحمد آدم حسن

    06:22 PM September, 07 2020

    سودانيز اون لاين
    أحمد آدم حسن-ماليزيا
    مكتبتى
    رابط مختصر




    مسيرة الملح هي جزء أساسي من مسيرة كفاح سلمية كان غاندي قد بدأها قبل ذلك بسنوات من أجل تحرير بلاده من الإستعمار البريطاني العسكري والتبعية الاقتصادية ، وهما هدفان إحتلا نفس الأهمية في نضال غاندي. كان ذلك فى فبراير ١٩٣٠م عندما قرر حزب المؤتمر الهندي، بزعامة غاندي ، مواصلة إستراتيجية العصيان المدني للحصول على الحكم الذاتي ، عبر رفض دفع ضريبة الملح التى فرضها البريطانيون ، والسير نحو مصنع الملح في داندي تأكيداً لرفض الهنود إحتكار البريطانيين لصناعة الملح في البلاد ، وحق الهنود في القيام بتصنيع الملح بأنفسهم ، بل وإستعادة السيطرة على كل الصناعات الوطنية التى تحتكرها بريطانيا. وكتب غاندي، كان يبلغ ٦١ سنة في ذلك الحين، في جريدة «ينق إنديان» (الهندي الشاب) الأسبوعية ، التي كان أسسها قبل ذلك بسنة ،، كتب:
    «ربما فكر البريطانيون في ظلم كل هندي بفرض ضريبة على الماء ، ثم وجدوا أن ذلك مستحيلاً. ولهذا فرضوا ضريبة على الملح ، وبدأو ظلماً قاسياً لمئات الملايين من الجوعى والضعفاء».قبل المسيرة بشهر ، أي في فبراير ١٩٣٠م ، أرسل غاندي خطاباً إلى اللورد إروين، حاكم الهند البريطاني، قال فيه: «صديقي العزيز، فكرت لسنوات كثيرة قبل أن أبدأ هذا العصيان المدني ، لكني وجدت إنه الطريق الوحيد حتى تبقى الهند كدولة، وحتى لا يموت الهنود من الجوع». وحمل الخطاب البريطاني ريجنالد رينولدز ، وهو من قادة كنيسة كويكر الليبرالية، ليبرهن على أن المشكلة ليست بين البريطانيين والهنود فقط.
    وفي الشهر التالي، وعندما لم يتسلم غاندي رداً، إجتمع حزب المؤتمر الهندي ، وقرر إن موضوع الملح يؤثر على كل الهنود تقريباً، وأنه سيساعد على جمع عدد كبير من الناس. وكانت بريطانيا، كلما واجهت مشاكل مالية وعجزت عن الصرف على حكومتها في الهند ، خاصة وقت الحروب ، تزيد الضرائب على الهنود، وبالتالي عندما واجهت صعوبات مالية في العشرينات أصدرت قانوناً يخول لها إحتكار صناعة وبيع الملح ، وتضمن القانون عقوبة بالسجن ستة شهور على كل من يصنع ملحا ً، حتى إذا ذهب الى البحر وجمع حجارة ملح ،، وهذا هو الدور المفروض على تجارة الصمغ العربى وإن إختلف الإسلوب فإن الإستراتيجية واحدة.
    ولذلك وضع ملح غاندى يشبه تماماً وضع الصمغ السودانى الذى خالف كل القوانين والنظريات الإقتصاديه وظل أصحاب المصلحة الحقيقين (المطقوقين) أو الجنانة (وهم أصحاب الجنائن) يعملون كما لو كانوا فى العصر الإقطاعى حيث أن نصيبهم فى كيكة عائدات الصمغ لا تتجاوز 10% ويتم توزيع ماتبقى بين الوسطاء والتجار والحكومة والمستهلك النهائي وكل هؤلاء يمكن ان تسميهم مجازاً (الطاق) ،، وبينهم ضاعت مصلحة أصحاب المصلحة الحقيقين المغلوبين على أمرهم ، لذلك من أهم المفردات التى وصفها وزير الصناعة فى خطاب تأجيل مؤتمر الصمغ هو مصطلح أصحاب المصلحة ولذلك يجب تحديد أصحاب المصلحة بدقة متناهية يا سيادة الوزير.
    علماً بان أصحاب المصلحة المعنين يفوق عددهم إثنى عشر مليون نسمة فى حزام الصمغ الافريقى وتقريباً ثمانية مليون نسمة فى حزام الصمغ العربى السودانى ، وعليه ماهو متوقع إذا أخفق المؤتمر العالمى المزمع عقده قريباً كما أخفقت المؤتمرات السابقة ، من المتوقع ظهور غاندى الصمغ مره أخرى ليذكرنا برحلة الملح التى أخضعت جبروت أكبر إمبراطورية فى ذلك العهد ، وعليه بناءاً على الدراسات التى أجريت من قبل لرفع الضرر عن كاهل المطقوقين وحمايتهم بواسطة المسؤولين . ولتنفيذ ذلك لابد من التركيز على:
    ° محور الانتاج والجوده ،
    °المحور الاقتصادى ،
    ° المحور الإجتماعى ،
    °واخيراً المحور الثالث هو مايجب التوصيه به وأخذه فى الإعتبار للتنفيذ الفورى من أجل أهل المصلحة.
    :: أولاً محور الإنتاج والجوده:
    فى هذا المضمار يجب التركيز على تنظيم إنتاج الصمغ من خلال إدخال تقانات ضبط الجوده وزيادة الانتاجية بحزام الصمغ العربى عموماً ، لأن الصمغ العربى يعتبر من أهم المحاصيل الإقتصادية للسودان وعدد من الدول الأفريقية ، فضلاً عن انه من السلع السيادية التى ساهمت ومازالت فى دعم الإقتصاد القومى كما ساهمت فى زيادة دخل المزارع ، علاوة على ان السودان له ميزة نسبية فى إنتاج الصمغ العربى مقارنةً بدول غرب إفريقيا لعدة عوامل أهمها:

    °إرتباط الشجرة بحياة ومعيشة المنتج (المطقوق) إرتباطاً وجدانياً كإرتباط ضلوعم بأجسامهم النحيلة كجسم المهاتما غاندى ، وجود عدد من المعارف المحلية المتوارثة عبر الأجيال الخاصة بعمليات الطق واللقيط ، درايتهم بأنواع الأصماغ حيث ان الصمغ المنتج من كردفان يتميز بدرجة نقاء عالية وغير مخلوط بالأصماغ الأخرى مثل الطلح والكاكموت،
    ° نُظم إنتاج الصمغ العربى: ومنها الحيازات الصغيرة فى الأراضى الرملية (صغار المنتجين فى الحزام) ، الحيازات الكبيرة فى السهول الطينية لكبار المنتجين بالأضافة الى العمالة ونُظم الإنتاج فى المشاريع الكبيرة التابعة للهيئة القومية للغابات، أضف الى ذلك المشاريع الزراعية الآلية (عمليات الإنتاج عن طريق العطاءات) .ونظام الإنتاج فى مشاريع وشركات تعاقد أخرى. وبالإضافة الى أن من أهم التقانات المستخدمة لزيادة وتحسين الإنتاج حيث تم تفضيل إستخدام السونكى فى عمليات الطق واللقيط، بما له من فوائد خاصة فى مسألة إختصار الوقت ( الذى أصبح ليس لدية قيمة فى السودان)، و العمالة وزيادة عمر الشجرة .من أهم مميزات محور الانتاج والجوده يكمن فى الأهتمام بالجوانب البيئية والإقتصادية بالتشديد على ضررة التكامل بين شجرة الهشاب مع المحاصيل الاخرى مثل الفول السودانى والسمسم والكركدى وذلك للمحافظة على البيئة وضمان إستمرارية الإنتاج دون اللجو الى قطع الأشجار.
    ° حصر وتصنيف وتخريط وإمكانية إنتاج أشجار الهشاب بمركز ثقل حزام الصمغ العربى (ولاية شمال كردفان نموذجاً)، بإستخدم أحدث التقنيات (الإستشعار عن بعد) او GPS. وهى تعتبر من أهم التقنيات التى يمكن الإستفادة منها فى أنها يمكنها إفادتنا بمعلومات دقيقة عن مساحة الحزام لأنه منذ فترة طويلة من الزمن لايعرف أحد بالضبط إنحسار حزام الصمغ العربى جنوباً بفعل عوامل التصحر مع أخذ دولة جنوب السودان بعد الإنفصال فى الإعتبار ، ومايجب أن تتضافر الجهود من أجله هو إعادة تعمير حزام الصمغ العربى ويجب إن وضع ذلك فى الأولوية بالاستفادة من برامج الامم المتحده ، ويجب أن تُضاف ضمن الخطة الإسترتيجية لدى الدولة قبل أن توضع فى أجندة وزارة الزراعة أو مجلس الصمغ العربى ، وسيأتى اليوم الذى سنندم فيه إن لم نعمل سوياً من أجل إعادة الحزام بأسرع ما يمكن ، ومن المرعب حقاً كل الولايات الحدودية بين جنوبى السودان وشمالة أصبحت مركزاً وثقلاً لإنتاج الصمغ العربى ، ومايثير للدهشة أن المنتجين فى الولايات الحدودية هذه يمكنهم بيع الصمغ بالإضافة إلى المنتجات الطبيعية الأخرى لتجار الدول المجاورة بطريقة غير مشروعة ، وقد يساعد فى ذلك الحدود الطويلة جداً والتى تصعب مراقبتها وتداخل مواطنيها وتشابه سحناتهم وسماتهم المختلفة ، والأدهى والأمر يمكن حمله على الدواب كما تم حمله من قبل عام ١٩٦٠م حتى بورتسودان.
    ومايحتاجه أصحاب المصلحة توفير الخدمات المساندة لإنتاج الصمغ العربى وتتمثل فى مجموعة من الخدمات الضرورية المصاحبة لإنتاج الصمغ بمراحله المختلفة ويمكن تصنيفها إلى خدمات قبل، أثناء وبعد عمليات الإنتاج متمثلة فى الإستزراع والرعاية ، تسجيل وتقنين الحيازات، خدمات تعليمية، خدمات صحية (مراكز)، محطات مياه، الطرق، و الأسواق. بالإضافة الى التدريب ، والإرشاد ، التمويل ، أساسيات الحياة ، الترحيل ، وفتح خطوط النار ، إضافةً إلى خدمات ما بعد الحصاد مثل: ضبط جودة المنتج، مواعين التخزين ، الترحيل ، الترويج والتسويق والتصنيع الأولى وزيادة القيمة المضافة.
    بالاضافة الى العوامل المؤثرة على إنتاج الصمغ العربى مثل العوامل الوراثية للشجرة ، العوامل الحيوية وغير الحيوية، بالإضافة الى العوامل الإقتصادية والإجتماعية والعوامل المؤسسية فضلاً عن الخدمات المساندة .
    يمكن تكوين رؤية حول إمكأنية تكامل الإدوار بين قطاعات كل العاملين فى مجال الصمغ العربى وعمليات تنفيذ هذه التقانات هو ما طلبنا بسحبه من المؤتمر المزمع عقده حفاظاً على أهم مورد سيادى، وبدلاً عن ذلك يجب التركيز على المحور الصناعى لاسيما خصائصه الفيزيوكيميائة وإستخداماته فى الصناعات الغذائية والدوائية والصحية بالتركيز على التعبئة السليمة وهى أساس وجودة الصمغ العربى حتى يتسنى تصديره وتسويقه بالصورة المطلوبة كمنتج سوداني أصيل.
    :: ثانياً المحور الأقتصادى والإجتماعى:
    بالتاكيد هذا المحور له علاقة وطيدة بالوضع الراهن والرؤى المستقبلية لجمعيات منتجى الصمغ العربى بالحزام عموماً وخصوصاً ولاية شمال كردفان. التعرف على جمعيات منتجى الصمغ العربى بالولاية والأهداف التى من أجلها أُنشئت ، ومن أهم أنشطتها إعادة تعمير حزام الصمغ العربى بالولاية (١٩٨٠ - ١٩٩٥م) حيث ذُكر إن فى العام ١٩٩٢م أُنشئت ٢٠ جمعية بأم روابة وشيكان مما شجع على عقد مؤتمر فى العام ٢٠٠٢م بموجبه أوصى بتعميم التجربة فى كافة الولايات حتى أصبح العدد الكلى للجمعيات فى السودان حوالى ١٦٥٢ جمعية مسجلة بقانون التعاون لعام ١٩٢٥م. علماً بأن فى ولاية كردفان وحدها ٢٩٣ جمعية مسجلة، إضافةً إلى عدداً مقدراً تحت التسجيل والمقترح يتراوح بين ٦٧ الى ٤٦٠ جمعية. ومن أهم مؤشرات الوضع الراهن التى يجب التركيز عليها تتمثل فى:
    التدهور البيئى وتراجع الحزام جنوباً، قطع وإبادة اشجار الهشاب بالإضافة الى جمعيات منتشرة وغير مؤسسة، الإتحادات غير نشطة مع ازدواجية (إتحاد صمغ داخل إتحاد المزارعين)، سماسرة ووسطاء متسلقين، شح وندرة فى الخدمات الاساسية من مياة - صحة - تعليم ومجاعات وسوء تغذية، فقر مدقع داخل الحزام، جفاف وتصحر - آفات زراعية ورعى جائر، إنعدام التمويل لعمليات الطق والشراء، إنعدام التدريب، لايوجد تواصل أجيال مهارة الطق، وندرة الخدمات الإرشادية والتأهيل على كل المستويات (فنية ومجتمعية).
    بالتركيز على الوضع المرغوب فيه والرؤى المستقبلية لجمعيات المنتجين يمكن شملها فى جمعيات منظمة ونشطة ، إتحادات محلية وولائية فاعلة تنبع من المنتج الحقيقى ، حيازات مقننة، دورة زراعية منتظمة داخل الحزام، خدمات متوفره ودائمة، تمويل مبكر وكافى (الطق والشراء)، صمغ نموذجى ومميز بمواصفات، تسويق جماعى للأعضاء، مصانع صغيرة ومخازن لمواقع الإنتاج، إنشاء مجلس صمغ بالولايات المنتجة، وممثلين بالمجلس الإتحادى، منتج واعى ومفاوض، أمن وإستقرار (رفاهية المجتمع).
    علماً بأن المعوقات التى تؤثر على صاحب المصلحة الحقيقين يمكن تلخيصها فى:
    ° المنتج الحقيقى لاصوت له نسبة ل (وجود منتفعين)،
    ° التمويل،
    °صعوبة تقنين الحيازات، تعقيدات التسجيل،
    ° تذبذب الأسعار.
    ولذلك لتلافى ماذكر أعلاه يجب أخذ بعض العوامل المساعدة بعين الإعتبار وهى:
    ° إعتراف متخذى القرار بالجمعيات ورعايتها للصمغ (الحكومة) –
    ° مجلس مختص للصمغ العربى
    ° وجود اتحاد خاص بالجمعيات،
    ° منتجون لديهم رغبة فى التطور،
    ° ولاية ذات ميزه نسبية (الصمغ الكردفانى)،
    ° موارد غابية متاحة ومنتجة،
    ° أسواق محاصيل مميزة بالولاية،
    ° منظمات وطنية تهتم بالقواعد،
    ° الطلب المتزايد للأصماغ عالمياً – إستعمالات صناعية جديده –
    ° أسواق اخرى قبل ظهور حركة المهاتما غاندى الصمغية باتت ملحة.
    بالنسبة لحاضر ومستقبل الخدمات التمويلية للصمغ العربى بالحزام وبإتخاذ ولاية شمال كردفان نموذجاً، يجب التركيز على طبيعة التمويل الزراعى وأنواعه المتمثلة فى كبيرة ، متوسطة ، وصغيرة ومزايا الإقراض وعيوبها ، وأهم شئ هو ضرورة إنشاء مؤسسة متخصصة لتمويل إنتاج الصمغ العربى وإمكانية إجراء مسح ميدانى لمعرفة الأحوال الإقتصادية للمنتجين/المطقوقين وتحديداً إحتياجاتهم وأولويات المنتج التمويلية ، وإيجاد بدائل للضمانات التقليدية للتغلب على العوائق وإستبدال الأصول أو الموجودات التقليدية بأخرى ميسرة.
    ومن أهم المحاور الاقتصادية لسلعة الصمغ العربى هو تسويق سلعة الصمغ العربى بالتركيز على التحديات والرؤى المستقبلية بحزام الصمغ العربى بالتركيز على بعض ملامح تسويق سلعة الصمغ العربى والتى غالباً يمكن وصفتها بعدة سمات من ضمنها:
    عملية تسويق سلعة الصمغ العربى دائماً مثيرة للجدل ويكتنفها بعض الغموض وصعوبة التنبؤ وذلك بسبب جشع الطاق الممارس على المطقوق ، والمطقوق هنا يشمل صاحب المصلحة الحقيقى وشجرته معاً، يتصف هيكل السوق بإحتكار القلة وبالتالى تظل مستوياته الدنيا مُتلقية للسعر بدلاً من صانعة للسعر (المنتج - سوق المزاد)، غياب الإحصاءات الدقيقة للكميات المنتجة والمصدرة والأسعار والعائدات وتضاربها وسط المصادر المعنية بذلك ، طول سلسلة المتعاملين (Value chain) فى التسويق حيث انها ليست عابرة لحدود السودان فحسب وإنما عابرة للقارات ، المفارقات فى أنصبة المتعاملين حيث تباع السلعة فى مستوى معين من السلسلة بالطن وفى مستويات اخرى بالجرام ، وبالتالى هذه المنظومة عبارة عن حزمة واحدة تؤثر على عملية الإنتاج والتسويق المحلى إيجابياً وسلبياً، ونقطة الخطر هى ظهور دولة جنوب السودان التى يجب وضعها كمنافس جديد فى الحسبان وإنها تتميز عن الدول المجاورة الأخرى بتماثل المنتج هشاب وطلح ، وأيضاً من المؤثرات الخطرة إتساع دائرة التهريب: حيث أن الحدود مع دولة الجنوب تمر وتفصل بين مناطق إنتاج الصمغ العربى فى الدولتين وبالتالى سهولة تهريب السلعة إلى حيث وجود السعر الأعلى والسوق الأقرب للمنتج أو التاجر المحلى فى مناطق الإنتاج الحدودية.
    الضرائب والرسوم، ضعف القدرة التنافسية، تعديل المواصفة العالمية للصمغ العربى، ازدواجية المعايير إضافةً الى التصنيع الداخلى والتى تمثلت فى ضعف الإستهلاك المحلى، التحكم فى السوق الخارجى، تدنى نصيب المنتج كل هذه البلاوى آنفة الذكر هى قليلٌ من كثير تبيض رؤس أهلنا الجنانة/المطقوقين منها شيباً .
    تكمن أهمية شجرة الهشاب فى إنها المنتج الرئيسى للصمغ العربى فضلاً عن دورها البيئى فى مكافحة التصحر وتحسين خواص التربة وبالتالى يمكنها أن تلعب دوراً كبيراً فى الأستقرار والأمن ومكافة الثلاثى المدمر بمصطلح
    (Tree Versus three) أى إعادة إستزراع الحزام من أجل مكافحة الفقر والتصحر والهجرة الى المدن. ومن هذا المنطلق على الحكومة وأصحاب الحيازات العمل معاً من أجل إعادة إستزراع حزام الصغ العربى لمكافحة الثلاثى الذى ذكر ،، ويمكننا أن نستفيد من التوصيات التى أوصت بها كل مؤتمرات البيئة والمناخ التى عقدت على مستوى العالم مثل مؤتمر كيوتو وما شابهه ،، كل هذه المؤتمرات دقت جرس الإنذار للتعجيل و المضئ قدماً لإعادة القطاع النباتى فى منطقة افريقيا ، هذه المنطقة المحددة فى افريقيا، تشمل تقريباً كل حزام الصمغ العربى. وبضرورة مشاركة الجميع لابد وأن نبدأ سوياً عبر منظمات حكومية وغير حكومية بتنفيذ بعض الخطوات ومنها:
    أدخال ٥٠ فى المائة من إنتاج السودان فى الصناعه وإدخاله فى قفة الملاح والمشروبات بأنواعها بديلاً للمشروبات الغازية والمستوردة ،، تفعيل دور مجلس للصمغ العربى بحيث يصبح له دور أكبر ممثل من كبار الباحثين فى جميع التخصصات ذات الصلة والتى تليق بالمنتج السيادى وفقاً لقانون يجاز و تُحدد صلاحيته ومهامه وطبيعة عمله ، تخريط حزام الصمغ العربى السودانى مع ضرورة عمل خريطة إستغلال للموارد بالإضافة الى الإستفادة من الصورة العالية الجودة فى تخريط الحزام، مسح تشخيصى للحزام لتحديد الخدمات المساندة المطلوبة لدعم الإنتاج حسب طبيعة كل منطقة ، تعطى الأولوية لتقديم الخدمات المساندة للمناطق التى بها تكوينات منتجين ، العمل على تفادى إزدواجية تكوينات المنتجين ، العمل على تقنين الحيازات ، إنشاء مؤسسة متخصصة لتمويل إنتاج الصمغ العربى ، تطبيق فلسفة التمويل الأكبر بإعتبارها البديل الأمثل الذى يناسب منتجى الصمغ العربى، التركيز على إمكانية توطين التصنيع الأولى للصمغ العربى فى الولايات المنتجة بدءاً من المنتج ، بداية العمل من أجل إعادة تعريف الصمغ العربى نحو فصل الهشاب من الطلح وفقاً لمعاير علمية وليست بتصويت الطاق والمطقوق فى المؤتمرات المشبوهة ، الإهتمام بغابة الدموكية للهشاب كبنك للجينات بولاية كردفان ، توحيد جهود الإرشاد فى الإدارات المختلفة، تفعيل دور الإدارات الأهلية وزيادة سلطاتها فى حماية الغابات ومنع القطع عموماً وخاصة من قبل النافذين فى الحكومة ومساعدتهم للشركات الأجنبية ، الترويج الإعلامى لشجرة الهشاب والصمغ العربى كمنتج عضوى ، تكثيف الإعلام الموجه نحو تشجيع الإستهلاك المحلى للصمغ العربى ، القرارات فى مجال الصمغ تبنى على أساس البحوث العلمية فقط ، الإهتمام بدراسات وأبحاث إدارة الآفات وآثارها الإقتصادية والإجتماعية بالتركيز على الجراد سارى الليل ، الإهتمام ببدائل الطاقة ومواد البناء، تدريب ورفع قدرات كل المتعاملين فى مجال الصمغ العربى ، تنسيق جهود ذات الصلة فى تنفيذ التوصيات.
    وفى الختام هذا ما يوضح بعض الوجيع الذى ظل محبوس بين حنايا المطقوقين من الجنانة (أصحاب الجنائن) وقاطنى الحزام بكل مكوناتهم البيئة المتنوعة ،، وفى تقديرى إن لم تخطو الحكومة خطوات جادة ومدرسة سيظهر رجل ينقذ الصمغ كما أنقذ غاندى شعبه بقبضة ملح واحدة لكل فرد فانهارت قوى أقوى امبراطورية فى العالم وقتها ، اذا حدث ذلك ستدق طبول الحرب فى الحزام والدول العظمى ووكلاؤها يكونون هم من يقودها ويظل الخاسر الوحيد هو المطقوق فى كل الحالات.



    الطاق والمطقوق (2) : الصمغ السودانى بين العالمية والمحلية ..

    الرؤية الإستراتيجية للصمغ السودانى ،،، ما بين تعنت الخبراء ومحنة أصحاب المصلحة ضاعت مصالح السودان ...

    حبا الله السودان بنعمة باذخة يشكل إسهامها في السوق العالمي، والداخلي ميزة عالمية لاتقل عن ماركات شهيرة كالبن الحبشي، والشاي الأوغندي، والسيجائر الكوبي، بالاضافة للماركات العالمية الأخري. تجربة السودان وللأسف لم تكن بحجم هذه النعمة: انتاجاً، وترويجاً، وتجارةً وتصنيعاً. يعتبر الصمغ السودانى (الصمغ العربى) من تلك النعم بالرغم من انها لم تحظى بالأهتمام الوطنى، والحكومى الذى تستحقة. بشريات التغير بعد ثورة ديسمبر المجيده يشكر لها انها اهتمت بهذه السلعة السيادية فى تصحيح مسار السياسات المتعلقة بها بوضع الرؤي المستقبلية، علماً بأن بعض السياسات غير واضحة ولم تؤتى أكلها بعد، ان لم تراعى مصالح المنتجين واستقطاب الدعم الكافى لهم. الدراسات المتعلقة بالسلعة هى الاخرى معظمها كانت خارجية مسلم بها، ولم تعبر الا عن المصالح الخارجية فضلاً عن عدم مصادقيتها، وعلية يجب الالتفات والاستفاده من تجاربنا الوطنية ذات العائد الداخلى اذا توحدت الجهود.
    الرؤية الإستراتيجية للصمغ السودانى ما بين تعنت الخبراء، ومحنة أصحاب المصلحة ضاعت مصالح السودان بسبب سياساتنا الخارجية غير المدروسة ، فمثلا ً، فى ربيع العام 2007م عندما دوت صافرات الانذار فى سماء مغدونيا وكأنها عواء الكلاب، نتيجة لغارات دول التحالف، كانت الحرب الناعمة فى السودان من نوع آخر بطلها السفير جون أكيج وقتها قبل ان يفقد السودان جزءاً عزيزاً منه بعد فصل الجنوب. كما وصفه إبن كردفان البار بجامعة لندن الدكتور أحمد هاشم فى مقاله المنشور بموقع مؤسسة كردفان للتنميه قائلاً: "فى موقف أقرب إلى ما يصفه الإنجليز بأن يضرب المرء رجليه بعيار نارى ، تربع السفير السودانى فى واشنطن محاطاً بزجاجات الكوكا كولا فى مؤتمره الصحفى الشهير فى 30 مايو عام 2007 متحدياً إقتراح الحظر الأمريكى على السودان نتيجة الإنتهاكات الخطيرة فى حرب دارفور. بدأ مؤتمره الصحفى قائلاً : "أود أن تعلموا أن الصمغ العربى الذى يحرك كل شركات المشروبات فى العالم، بما فيها الأمريكية، فإن دولتى تصدر نسبة 80% من هذه السلعة رافعاً زجاجة الكوكا كولا "، وسأله أحد الصحافيين ساخراً: "هل يقود إيقاف السودان لتصدير الصمغ العربى إلى تدمير الدول الغربية؟" أجاب السفير: "يمكننا إيقاف تصدير الصمغ وكلكم سيفقد هذا"، مشيراً إلى زجاج الكوكا كولا.
    مثل هذه الإدعاءات الصحفية والتصريحات غير المسئولة من بعض السياسيين السودانيين أثرت، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على حجم الطلب على الصمغ السودانى من قبل الشركات الغربية . إن تصريحات المسئولين فى اى دولة يجب أن تصدر من مراكز الدراسات الاستراتيجية، ولاينبغى أن تخضع لاجتهادات فردية الهدف منها الحشد والتأيد السياسى. كما يمكن أن تستند تصريحات المسئولين الحكومين إلى توصيات المؤتمرات العلمية التى تعمل على تشخيص مواطن الخلل، ومن ثم تضع العلاج المناسب الصادر عن خبراء من ذوي الاختصاص.
    وإستصحاباً لوضع السودان الراهن بعد الثورة، فقد كان من الأنسب تشكيل مجلس خبراء من ذوي الاختصاص في مجالات مختلفة تعمل على وضع السياسات العامة بما يحقق مصالح السودان في المقام الأول. استجابةً لمثل هذا النداءات الوطنية شاركت مجموعة من خبراء منصة السودان للمعرفة فى مؤتمر التنمية الذكية فى أواخر شهر ديسمبر للعام 2019م، والذى تم إفتتاحه بمشاركة وزير رئاسة مجلس الوزراء الموقر ، علماً بأن توصيات هذا المؤتمر وحده كفيلة بأن تكون الجرعة المناسبة لإنعاش الاقتصاد السودانى وفق ما ذكره ذلك وزير المالية ، ولكن، للأسف مازالت التوصيات يتيمة لم يتبناها أحد ، ولم تصل حتى لمكتب رئيس الوزراء، سيما أن محاورها وحدها تكفى لكى توضع عليها لبنات المؤتمر الاقتصادى المزمع عقده أواخر مارس، أو اول أبريل2020م. علماً بإن مسودة هذا المؤتمر وحدها تجعله يولد ميتاً ان لم تدرك اللجنة المنظمة القصور الواضح فيها حيث انها لم يتم إشراك أهل الخبرة من الإقتصاديين والباحثين، كما لم يتم تضمين قضايا الفقر والبطالة، فضلاً عن الافتقار إلى البيانات على المستوى القومى، كما إن المسودة لم تشر، لا بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى حجم وآثار الفساد المالى والاداري خلال حقبة نظام الإنقاذ، وإهمال دور القطاع التعاونى. كما فات على المنظمين الإعلان عن المؤتمر في وسائط التواصل الاجتماعي.
    إن جملة من السياسات العشوائية فى المجالات كافة، والتى لم تسلم منها سلعة السودان السيادية بوضعها ضمن رؤية استراتيجية خلال الفتره 2020/2030م، والتى سميت بالرؤيه الاستراتيجيه للاصماغ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بتكليف من رئيس وزراء الفترة الانتقالية، هى الأخرى يكتنفها الغموض والإخفاق فى كونها ممجوجة بالرغم من الجهد الذي بذل فيها مقدر، ولذلك يجب معالجتها قبل إنعقاد المؤتمر الاقتصادى القومى بإعتبار الصمغ سلعة أساسية مساهمة بجدارة في حل الأزمة الاقتصادية وبالتالي يمكن التعويل عليها فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030م.
    الرؤيه الاستراتيجية القومية للصمغ العربي 2020-2030م، تحتوي على نقاط ضعف تستوجب المراجعة الفورية من قبل الخبراء الذين وضعوها سيما أنها لم تتطرق الى مستحقات أصحاب المصلحة من المنتجين، والذين يشكلون ركيزة الإنتاج .
    بالاضافة إلى ما سبق، فإن هذه الاستراتيجية قد ركزت فقط علي صمغ الهشاب، واستبعدت صمغ الطلح الذي يبلغ إنتاج السودان منه حوالى 60% من جملة إنتاجية الصمغ السودانى. شجعت الرؤية المزعومة على التركيز على البدرة الرزازية ذات الإستخدام الأوحد ، والتى يتحكم فيها لوبى عالمى لا تتجاوز شركاته عدد أصابع اليد الواحدة ، وذلك من خلال قدرة شرائية تجعلها تسيطر على سعر منتجنا السيادى. من جهة أخرى ، فإن الرؤية الاستراتيجية ، فيما يتعلق بتصنيع الصمغ السودانى ، ركزت فقط على البدرة المكانيكية ، وهى الاخرى لاتختلف كثيراً عن خام الصمغ نفسه ، وإنها مجرد مطاحن منتشرة بطول الحزام تحايلاً على قانون منع تصدير الخام ، ويصب إنتاجها أخيراً فى مصلحة البدرة الرزازية.

    ما خفى على معدى الرؤية الاستراتجية العشرية هذه ، أو بالأحرى ما تغاضت عنه ، هو أن الصمغ وحده يمكن من خلاله تحقيق تسعة أهداف من أهداف التنمية المستدامة ، وبالتالى ، فإن الضرورة تقتضي، وبشكل فوري، تصحيح رؤية خبراء الأصماغ لأنها فى حد ذاتها تعمل، بشكل مباشر أو غير مباشر، على تقويض بنود التنمية السبعة عشر. ولتحقيق ذلك يمكننى تحديد مواطن الخلل استناداً إلى البحوث الحديثة ونتائجها التى قضيت اكثر من ثمانية عشر عاماً من عمرى أعكف عليها.
    كما أود في هذا الصدد أن شخصي الضعيف وثلة من الباحثين في هذا المجال على كامل الاستعداد بتزويد جهات الاختصاص بكل ما يتعلق بدراسة صمغ الطلح فيما اذا كان ساماً أم لا؟ ، فضلاً عن تقديم الدعم لخبراء الأصماغ بالسودان لاتخاذ القرار المناسب استناداً إلى نتائج ، وتوصيات البحوث العلمية في هذا الخصوص بما يعود بالنفع على العباد و البلاد. بالرجوع الى الاستراتيجية الوطنيه للصمغ السوداني خلال الفترة المذكورة التي تم إقتراحها من قبل مجموعة من ذوى الإختصاصات ذات الصلة بالصمغ العربى بطلب من وزير رئاسة مجلس الوزراء الموقر للفترة الانتقالية ، ينقصها الكثير ويكتنفها الغموض من حيث استبعادها لصمغ الطلح فى كونه ساماً بحجة قلة الابحاث حول مستوى سميته. و فى تقديرى، فإن هذا النوع من القرارات فى حد ذاته يعتبر فضيحة يجب تجنب ذكرها لأسباب سوف أشرحها على النحو التالى:
    أحد الإختبارات المهمة التي بموجبها يجب تحديد ما إذا كان الصمغ ساماً أم لا، تحدد بتحليل نسبة المعادن بالتركيز على المعادن الثقيلة.
    اعتماداً على الفقرة 1، أجرينا تحليل كيميائي دقيق ومتقدم لكل المعادن بأنواعها الثلاثة، مستخدمين أفضل وأدق الأجهزه مثل ICP-MS للثلاث مجموعات المهمة للصمغ العربى وهى:
    الهشاب ، الطلح ، والكاكموت من مناطق تربة القردود والأراضى الطينية، وللأسف لم يوجد أى فرق معنوى بين نسب تراكيز المعادن التى بلغ عددها الـ 24 عنصراً، وان نسبة العناصر السامه فيها بتراكيز لاتذكر، وبالتالى لايمكن ان نجعل من أنفسنا مدعاة للسخرية بسبب تضارب الآراء، والكارثة ان العالم، وبالذات الدول المنافسة لنا فى انتاج الطلح، تعرف حقيقة هذه الادعاءات التى بنيت على العاطفة، ولم تُبنَ على بحث علمى دقيق.
    بناءاً على الفقرة 2، نحن على كامل الاستعداد بمد جهات الاختصاص بنتائج الابحاث التى تدحض عدم مصداقيه سمية صمغ الطلح. والأدهى والأمر، أن بعض خبراء الاصماغ قد فات عليهم ان السودان ينتج حوالى 60 % من صمغ الطلح مقابل 40% من صمغ الهشاب، وبالتالى، عندما تتبنى استراتيجية لمده 10 سنوات مثل هذا القرار تعتبر كارثه فى حد ذاتها. بالأضافة الى انهم ذكروا الميزة النسبية لصمغ الطلح حيث أن السودان هو الدولة التى تمتلك ميزة نسبية اكبر، سواءاً كانت من حيث غطاء اشجار الطلح بطول الحزام، او بالانتاج.
    ذكرت الإستراتجية أيضاً ان صمغ الطلح لم تدرس سلامته (سمياته)، ولم تدرس فوائده الصحية ايضاً!، ما يدعو للحيرة أن الفقرة 4 من الاستراتيجية تتعارض، جملةً وتفصيلاً، مع تقارير واعترافات الأمم المتحدة التى اثبتت سلامة صمغى الطلح والهشاب وادرجتهم الاثنين معاً فى مواصفة واحدة. وبالتالى، فإن مثل هذا التخطبط كونه يدرج ضمن بنود وثيقة باسم حكومة السودان تشكك فى سلامة الصمغ السودانى، باعتباره السلعة السيادية للبلاد، أشبه بالذى اطلق النار على قدميه، لأن النتيجة الكارثية التالية، بطريقة غير مباشرة، هي أن يتم إدراج صمغ الهشاب بإنه غير آمن ايضاً.
    تكمن أهميه استخدام صمغ الطلح، وبالذات صمغ المناطق الطينية، من حيث فوائده الصحية والبيولوجية، فى أنه الأفضل فى تثبيط نموء خلايا سرطان الثدى، والبروستاتا، والقولون، وامراض الحساسية الحادة، بالاضافة الى المواد الحيوية والعوضيات الفعالة مثل الفيتامينات، وأحماض الفينوليه التى تضرب لها شركات الأدويه والاغذيه الغربية اكباد الابل بحثاً عنها. إن الأبحاث المنشوره لصمغ الطلح وحده تكفى لكى يكون السودان بلداً معافى من أمراض العصر التى يستعصي علاجها سيما أنها انتشرت بمستويات مقلقة للغاية.
    فى تقديرى أن تبنى توصية فصل المواصفة الغرض الأساسى منها هو الإلهاء لصد السودان من الهدف الرئيس لكى لايستغل كل اصماغه كغذاء حيوي، وبالتالى يتمكن من تحويلها الى منتجات بخلط الاصماغ الثلاث المهمة المذكورة آنفاً لمضاعفة الإنتاج بالتصنيع بدلاً من التصدير الخام، الأمر الذي يسهم بشكل كبير في تصدير حوالى 400 ألف طن مصنع بدلاً من 110 الف طن خام.
    مستقبل السودان يكمن فى إعتماد الصمغ بشقيه طلح وهشاب كبريبايوتك "غذاء حيوي"، حسبما تمت التوصية بذلك فى العام 2011م. غير أن مجلس الصمغ العربى، للأسف، استبدل طلب البريبايوتك بطلب فصل المواصفة ، وعمل جاهداً على التشكيك فى سلامة صمغ الطلح، علماً بأنه قد تم رفض طلب الفصل مرتين فى كل من الاعوام 2000م و2014/2016م ، ونتيجةً لذلك تم تجميد طلب السودان بخصوص تصنيف الصمغ كبريبايوتك حتى الآن، وكل ذلك كان بسبب السياسات العرجاء التى بنيت على العواطف بدلاً من الأبحاث العلمية. في هذا الصدد، فسيتم نشر ورقة حول البريبايوتك قريباً بعون الله، وباستخدام الصمغيين لكى يستند عليها أصحاب القرار لحفظ ماء وجهنا امام خبراء الامم المتحدة، والشركات العابرة للقارات.
    ومن المؤسف حقاً فى الاستراتيجية المذكورة أعلاه أن خبراء الأصماغ فى السودان يسقوننا طعم الحنظل بنفس كأس الطين الذى شرب منه أهل السودان سابقاً، وبالتالى تكرر نفس الخطأ، والتخبط، والعذر الاقبح من الذنب بعبارة ندرة الأبحاث فى صمغ الطلح، وما يدعو للأسف حقيقةً، هو أننا أمة لاتقرأ الكتب ولا الابحاث المنشورة، وعلى قول المثل اذا خفت على شىئ نفيس فضعه بين دفتى كتاب فنحن أمة لاتقرأ الكتب.
    وبالرغم من ان ادعائهم بأن طلب تسجيل الصمغين كبريبايوتك كان أهم من طلب الفصل، الا أن الإستراتيجية الوطنية المذكورة كررت القول بأن للدول المنتجة لصمغ الطلح ميزة نسبية أفضل من السودان، هو ادعاء لا أساس له من الصحة تماماً. فالمعلومات المؤكدة أن حوالي 60% من غابات صمغ الطلح موجودة بالسودان، ومعظمها يوجد بمناطق الهامش على طول الحزام فى أراضى القرود ، والأراضي الطينية، وبالتالى كان من الأولى أن تزرع مساحة ال 650 كلم بعرض 25 متراً من حزام مشروع الجزيرة التى أصبحت متصحرة بعد أن تفرقت أشجار البان التى كانت فيها بين القبائل.
    الإرتباك فى مسألة حسم القرار نتيجةً لما ذكر آنفاً، فقد شجعت الإستراتيجية الوطنية الحكومة الانتقالية بتكرار طلب السودان بفصل مواصفة صمغ الطلح من الهشاب في كونه مضافاً للأغذية بحجة عدم دراسة سميات صمغ الطلح، وبالتالى رفضت منظمة التصنيفات "الكودكس" هذا الطلب مرتين خلال فترة الـ16 عاماً التي كانت فى العام 2000م و 2016م، ونتيجةً لذلك اصطفت معظم الدول المنتجة لصمغ الطلح، ومعها المنظمة العالمية AIPG ضد السودان، وبالتالي تشكلت لوبيات المصنعين، والمصدرين، وأصحاب الحيازات، وبالتالى، أصبح المستفيد الوحيد من رفض هذا الطلب هى الشركات المنتجة للبريبايوتك الصناعى، بالاضافة الى مجموعة من شركات الأدويه التى تستخدم الصمغ كمضاف، أو مستحلب فقط.
    بناء عليه، فقد ظل السودان سجيناً بين قرارات المستخدم النهائي، وليس له اى دور فى تحديد، او التحكم فى سعر سلعته السيادية التى يجب أن يكون هو محدداً لسعرها وليس الآخرون الممثلين فى شركاتهم حيث يخشون ارتفاع سعره ، وندرته إذا صنف الصمغ كبريبايوتك طبيعي. وللأسف يوجد في السودان أصحاب المصالح الذين يتمتعون بحماية قيادة الدولة حيث سعوا إلى استغلال هذا الوضع. وبالتالى ، أدخلت الأجانب لإبادة غابات الطلح، وغابات الكاكموت جنوب الروصيرص حالياً. علماً بأن الكاكموت يعتبر الأقرب للهشاب من الطلح نفسه. إن حجم الكارثة، فى تقديرى ، هو أن لجنة خبراء الرؤية الإستراتيجية للأصماغ وضعت لكى تحقق بنود التنمية المستدامه 2030م ، ولكن للأسف فقد فات عليهم ، سهواً أو عمداً ، بشرعنتهم لقطع أشجار الطلح بحجة عدم دراسة سمياته المدروسة اصلاً، أن إزالة أشجار الطلح، ومعها الأشجار الاخرى ستكون سبباً حتمياً لزيادة رقعة التعرية، وبالتالى قلة نسبة هطول الأمطار السنوية، ونتيجةً لذلك تندلع النزاعات القبيلة والمجاعات. هذه العوامل مشتركة تؤدى حتماً الى تفشى نسبة الفقر المتفشية أصلاً فى البيئة الهشة. إن أحد الحلول يكمن فى عدم التصريح بقطع أى شجرة من أشجار الشوكيات المنتجة للأصماغ التى بلغ عددها 1100 نوع. علماً بأن معرفتنا حتى الآن تحيط فقك بحوالى الـ30 نوع منها. إن الرؤية الاستراتيجية للأصماغ تضمنت اخفاقات كثيرة، مثلها مثل القرارات الأخرى التى تم اتخاذها فى معظم حقب حكم السودان منذ الإستقلال. تبنى القرارت الاستراتيجية غير المدروسة كلها كانت ضد مصلحة السودان، مثلاً، تصرفات السفير جون أكيج نتج عنها أحكام قبضة شركات الببسى كولا وإخواتها لخنق عملية تصديرالصمغ ، ونتيجة لذلك بحثت الحكومة وقتها من ينوب عنها فاستعانت ببعض دول الجوار، ودول أخرى حتى ظهرت علامات تجارية أخرى مثل كيلوباترا، والتاج الملكى من بين اكبر المصدرين علماً بأنهم لايمتلكون شجرة واحدة. المصالح بين الدول تحكمها المصالح المشتركة وليس لفظ الاشقاء كما وصفها رئيس الماليه الموقر، الحكمة ان يكون لدينا دول صديقة ان صدقت نواياها، وليست شقيقة، علمتنا الايام أن الدول الشقيقة هذه تعطي وتخرج ما اعطت من خلال فتحة انوف الشعوب، وهذا النوع من التعامل وحده جعل الشباب السودانى واعياً لخطورة ما يمكن أن يحدث. الصمغ السودانى مصنعاً مع ادخاله فى نظام السلسلة الغذائية سيظل هدفنا المنشود ، وأن الشركات التى تعمل على تصديره خاماً سيكون مصيرها الإفلاس ممهما طال الزمان. بناء عليه، فإن التشجيع على تصنيع كافة منتجاتنا السودانية الأخرى هو الوحيد الذي يضمن طوق النجاة وتحقيق اهداف التنميه المستدامه. وختاماً، فإن هذا المقال كان ينبغى ان يكون سرى للغاية باعتباره ورقة سياسات ليتبناها رئيس الوزراء، ومجلس الصمغ العربى، ولكن للأسف ، بسبب حلقة الفولاذ البشرية التى تطوق مكتب السيد رئيس الوزراء حالت دون ذلك ، وبالتالى أصبح الشعب السوداني هو وحده من يستحق تمليك الحقائق، وهو أهلا لها، والله ولى التوفيق.
    ========= الصمغ السودانى: مرارة الواقع وبشريات المستقبل (1)


    القرار المناسب فى الوقت والمكان المناسبين حتماً غير مصير الأمم عبر التاريخ، السودان اليوم فى مفترق طرق يحتاج الى قرارات حاسمة، مثل قرار القائد العظيم ارطغرل، وهو بطل عاش فى الفتره مابين 1191 الى 1281م، وهو أبو عثمان الأول ، مِؤسس الدوله التركية الحديثة التى اصبحت بفضله من أكبر الدول الاقتصادية فى القرن العشرين، أرطغرل ، باللغة التركية تعنى الغازى ، وهوقائد قبيلة قايى من أتراك الأوغوز، عاشت قبيلته محاربة طوال حياتها تصارع من أجل ان تعيش حياة كريمة، بين بطش المغول والتتروالبيزنطين، الذين شكلوا بعبعاً لدولة السلاجقة . عندما تم اسر أرطقرل فى دهاليز حلب بواسطة ناصر عميل حراسالمعبد وقائد جيشالعزيز (حفيد الايوبى) بحلب، و بعد أن تم تعذيب أرطقرل من قبل ناصر، وبعد أنعرض عليه بعدها وطناً لقبيلته بشرط ان يتعاون مع حراسالمعبد، لحظتئذٍ قال كلمته الشهيره وقرارة الشجاع:(الموت افضل من وطناً ثمنه الخيانه)،انتهى حديث أرطغرل..
    مثل ذلك القرار، السودان فى امس الحاجه له، فيما يخص موارد السودان التى يتم تصديرها بصوره خامه دائماً، و منذ قبل فترة الاستقلال، وحتي يومنا هذا عبر الحكومات المتعاقبه، تشمل عمليات تصدير الحبوب الغذايئة، والنقدية، ذات البعد الاستراتيجى مثل الدخن، والسمسم، وحب البطيخ، والفول السودانى،والانعام، وبالطبع الصمغ العربى، ولذلك القرار الشجاع بعدم تصدير الصمغ العربى خاماً هو اولالخطوات فى الطريق الصحيح، والسودان، بشعبة فى انتظار المزيد من مثل هذه القرارات المهمه، لان التخازل، او التغاضى عنها يعتبر خيانه عظمى لانها تعني بيع مقدرات الوطن فى سوق النخاسة.
    ناقوس الخطر، هو ان يصبح السودان خارج قائمة الدول المصدره للصمغ، وذلك نتيجةً للسياسات التى لم تبنى على العلم، والمعرفة، والتنبؤ بما سيحدث فى المستقبل، ولذلك كانت النتيجة الصادمة بأنه لاتوجد حتى بيانات تجارية للعام 2018م، للمصدرين مثل السودان، والتى بلغت حصتة فقط 37٪ من الصادرات العالمية، السؤال المهم هو لماذا تدنت نسبة صادرات السودان من الصمغحتى وصلت لهذا الواقع المرير؟، ولمعرفة أصل الحكاية لابد من السرد التاريخى العلمى لعمليات التصدير، وربطها بالواقع المرير لنتمكن جميعاً من معرفة مستقبل سلعة السودان الاستراتيجية، ولتجنب الاسوء لابد من قراءة المستقبل جيداً. ولذلك،قراءات مستقبل الصمغ يكمن فى عمليات التصنيع التى ناشدنا، وشجعنا أهل الاختصاص للقيام بها، وباسرع وقت ممكن قبل ان يفقد السودانالرياده فى منتجهالسيادى، ولذلك، القرار الاخير بمنع تصدير الصمغ خاماً هو قرار صائببالرغم من تاخيرتنفيذه للعام 2025م، بالرغم من أنه ستواجهه تحديات لاحصر لها ان لم يتم تجاوزها بطريقة حكيمة، ولذلك حلحلة مشكلة التحديات سنطرق لها بالتفاصيل الممله فى المقال الثانى، بعنوان الصمغ السودانى مابين الواقع المرير، وتاريخ المستقبل2 .
    من الملاحظ أن واقع الصمغ المرير كاننتيجةًللسياسات الاقتصادية، والصناعية فى زمن انسداد البصيرة على المستوى النظري، والتطبيقى بعدم ملامسة الأثنين معاً لواقع معاش الناس، وحلحلت مشاكلهم، وبالتالى، اصبحت من أكبر االمشاكل التىواجهتالسودان لعقود طويله، بالاضافة الى دول منظمة التعاون الاسلامى البالغ عددها 57 دولة، هى الاخري بلوتها الاكبر متمثله فى عدم ربط البحث العلمى النظرى، والتطبيقى بانتاج منتجاتها طبيعية بغرض ادخالها فى غذاء، ودواء شعوبها. ولذلك، اصبحت أكبر مصدراً لتصدير منتجاتها بصورتها الخامة، وبالتالى اصبحت من أكبر أسواق العالم استهلاكاً لما صدرته بنفسها من مواردها خاماً. فى ظل الواقع المرير لدول العالم الاسلامى بأخذالسودان نموزجاً، نجد بأن الاصماغ السودانية شكلت مورداً استراتيجياً تمت استباحتة بنهم، مما ادى الىتفرق دمة بين الدول العظمى عبر سلسلة تسويقية معقدة لايعلمها كثيراً من الناس فى الوقت الذي اصبحت فيه تجارة الصمغ تصلح حديثاً لمجالس رؤسا الشركات الكبري لرفع معنوياتهم عندما يصابون بالاكتئاب، فى الوقت الذى استقر فيه الاكتئاب عميقاً فى نسيج نفوس جهابزة الاقتصاد فى السودان، واصبحوا لايحركون ساكناً ولا حتى ايديهم الا اذا ولج الذباب افواههم. ولايجاد مبرراً لهم عبر حكوماتهم ، فان، الامر فى واقع الحال كان أكبر منهم، ولذلك لفهم اصل الحكاية لابد من سرد تاريخى لتصدير الصمغ عبر القرون حتى يتمكن أهل الوجعه ، واصحاب القرار من فهم مايجرى لفهم مستقبل صمغهم،ويمكنهم فعله.
    يعتبر الصمغ السودانى، بالذات صمغ الهشاب هو الاقدم، وعلي مايبدو، ألاكثر شهره من بين الاصماغ الطبيعية،تم استخدام الصمغ السودانى بالفعل فى العصر الحجرى كغذاء فى الصحارى، وكعنصر مهم فى تقنيات اللصق، وتقوية العظام خاصة فى جنوب، وشمال شرق افريقيا (على الأقل قبل 70000 سنة)، ولذلك من المحتمل جدًا في تلكالأراضي القاحلة حيث تنمو اشجار الصمغ، استخدم الانسان الصمغ فى كل مدخلاتة الغذائية، وغير الغذائية منذ العصور القديمة.مثلاً، قبل 4000 سنة قبل الميلاد، استخدمة الصينيون، واليابانيون في الرسم، علماً بأن استخدامة يعود للالفية الثالثة، أو الخامسة قبل الميلاد، فى زمن المصريين القدماء. حيث أنهم قاموا بشحنه كسلعة تجارية، تم جمعها من بلاد النوبه، وتصديرها شمالاً الى مصر لاستخدامها فى تحضير الأحبار، والألوان المائية ، والأصباغ. خاصةً فى الدهانات المستخدمة فى صنع الحروف الهيروغلوفية، ومستحضرات التجميل، وتحنيط الموميات فى القرن الخامس قبل الميلاد فى مصر، ذكر الإغريق القدماء أيضًا استخدام الصمغ، منذ القرن الأول اللعصر المسيحي، كان الصمغ هو الماده القابله للذوبان والتي قدمها السودان كسلعة تجارية يتم شحنها إلى الموانئ العربية،ومنهاإلى أوروبا. كان يطلق عليه اسم الصمغ العربي نسبة لأصلة النابع من مصادره السودانية، حيث ان السودان صدره منذ وقت مبكر خلالالقرن الثاني عشر قبل الميلاد. تم استخدام الصمغ السودانى، فى العلاج منذ فترة طويلة كما ذكر فى كتابات بليني، وديكريديس، وثيوفراستوس. ومع ذلك، اقترحت مخطوطة إيبرس (ورقة البردى الطببية للعام 1550قبل الميلاد) بالفعل تم استخدام الصمغ فيهاكمنظم للحمل. ولذلك طلبت الملكة الشهيرة كليوباترا إعداد وصفات علاجية تعتمد على الصمغ العربى خاصة فى القرن التاسع عشر من عصرنا، وصف الطبيب العربي أبو زيد حنين بن إسحاق الإباضي، في كتاباته العشر في العين، بأن الصمغ افضل ماده مفيده لكمادات العين،وباالتالى، تم استخدامه للتخفيف من التهيج الموضعي، وللحماية في حالات الانجراف الفوقي ، والقرحة ، والحروق ، والتهاب حلمات الثدي، وما إلى ذلك.
    تستخدم ايضاً بدرة الصمغ المسحوقة، او مايسمى بالبدرة الميكانيكة حالياً في فحص النزيف الناجم من لدغات الحشرات مثل الباعوض، كما انهم وجدوا فعاليتة فى ايقاف نزيف الانف الشديد الناجم عن تهتك شعيرات الاورده الداخلية للانف، بالطبع كان اكتشافاً مزهلاً فى القرون الوسطى، فى تقديرى قد عجزنا نحن فى العالم المعاصر من تطبيقة على ارض الواقع. ومن استخدامات صمغنا الذى فقدنا ميزتنا النسبية فى كوننا اولى الدول المصدرة له نتيجة لماهو معروف بالضرورة، وجدى أن سكان الصحارى، وفقراءها استخدموه أيضًا فى علاج التهاب اللثة ، الناجم عن حالات الالتهابات المصحوبة بتهيج بشرة الوجه، عن طريق حبس بدرة الصمغ في الفم، والسماح لها بالذوبان ببطء، فعلياً هم استفادوا من خاصية الذوبان ببطء، استوقفنى ى الامر كثيراً، عندما نفد صبر اصحاب الشركات نتيجة لتزمر المستهلكين الذين ليس لديهم حتى زمن لاذابة بدرة الصمغ الميكانيكى، وبالتالى استجابةً لرغبة المستهلكين تم تدمير الصمغ بسحنة فى طواحين، او سحانات هشمت هيكلة العظمى بتعرضة الى درجات حراره عالية مع اضافة بعض المواد النشوية، ومكسبات النكهة كل ذلك بحثاً عن سرعة الذوبان، مثلاً، فى ماليزيا هنالك منتجات ادخل الصمغ فيها كماده اساس ، ولكن فقطلكسب رضى المستهلك المتعلق بالذوبانية تم تفريق دم الصمغ الاصلى بين القبائل، واصبح المنتج النهائ مشوه، وعلية نحن بصدد جمع عينات من تلك المنتجات بغرض دراستها وتحليلها من أجل الحفاظ على الجوده، علماً بأن التصنيع،من حيث الفكرة ممتاز للغاية، ولكن تنقصه عمليات الدقة فى التنفيذ، ومطابقتها للمواصفات الاصلية للصمغ، لأن حتى أهل القرون الوسطى بتكنولجيتهم المحدوده مقارنة مع عصرنا، استخدموا الصمغ بطريقة افضل منا، حيث انهم وضعوأ الجص المصنوع من فاكهة الفليفلة، مع علكة الكاب باضافة الخل المركز لعلاج التهاب نخاع العظم الحاد، وهذا يدل على ان أهل القرن الوسطى، ومن خلفهم كانوا أكثر براعةً من أهل عصرنا الحالى بالرغم من التقدم التكنولوجىى. ومن هنا السؤال الذلى يطرح نفسة، ما المقصود بمنع تصدير الصمغ العربى خاماً؟ هل يصدر مسحوناً فقط؟ أميصدر فى شكل منتجات يتم انتاجها على حسب حوجة عصرنا الحالى؟ هذه الاسلئة ستتم الاجابة عليها فى مقالنا التالى بعنوان : الصمغ السودانى الواقع المرير وتاريخ المستقبل 2.
    الواقع المرير لتجارة صمغ السودان، موروثه، منذ الفترة مابين القرن الثانى عشر وحتى التاسع عشر، حيث كانت سمعة الصمغ واستخدامه فى الادب الاروبى بين الكتبة والرسامين يفوق حد الوصف جمالاً، حيث انهم استطاعوا من تلوين الحروف باللون الذهبى فى مخطوطاتهم المضيئة، علماً بأن اكتساب اللون الذهبى للمخطوطات وقتئذٍ كان قمة التطور فى مراحل فن نسخة الاخيره للمطبوعات. وبالتالى كانت تجربتهم مهمة ادت الى اكتشاف الحبر المعدنى الغالى الثمن (الحبر الأكثر استخدامًا في أوروبا)، وبالتالى، نشطتتجارة الصمغ، واصبحت الامبراطورية التركية من اكثر الامبراطوريات استخداماً له، وقامت بأعادة تصدريره مما اكسبة أسم الصمغ التركى (Turkish Gum)، والتى نشطتفي اعادة تصديرة لبعض الوقت حول بومباى، ومن هنا جاءت تسمية الصمغ الهندى.
    مقارنة بوضع تجارة الصمغ الحالية، والاصرار على تصديره خاماً، دول كثيرة تفرق دم الصمغ بينها حتى ضاعت هويته تماماً، فى الوقت الذي لم تمتلك تلك الدول شجرة هشاب واحده، وبالتالى، ازدحمت اسواق كوالمبور ودول اخري بعبوات ممهورة بشعارات عديدة منها شعار كيلوباترا، وأهرامات الجيزه، وسيوف العداله، وحتى التيجان الملكية للقصور النائية التى لايراها سكان حزام الصمغ الا فى خلفيات من تستضيفهم القنوان العالمية. وذلك طبعاً نتيجةً للسياساتالرعنا، وتولى المهمة لاغير أهلها، وصلنا للواقع المرير الذى نعيشه اليوم، وهو اكبر الدول المستورده للصمغ اصبحت من أكبر الدول المصدة له فى هذه الحاله يعتبر عدم اتخاذ قرار منع الصادرات خامه هو خيانه عظمى لكل مقدرات السودان. وبالتالى، قرار منع التصدير صائباً ولكنه متاخر ، ويحمل فى طياته مخاطر ،ومجن لايعلمها الا الله، و مالم تتضافر الجهود بين الشركات الوطنية، والاجنبية الصديقة، بالتنسيق الشفاف من قبل مجلس الصمغ العربى، فصدقونى لن نعبر بسلام، لأن الامر اكبر من مجلس الصمغ، ووحدهم لن يستطيعوا تجاوز مرحلة الواقع المرير، وبالتالى الوقوف معهم واجب على الكل خاصة المستثمرين المحلين والدولين بحكم أعراف مبدأ التجاره العادلة.
    لأستدراك وتجاوز واقع الصمغ المرير، لابد من البحث عميقاً فى جذور المشكلة، والتى تكمن فى تجارتة، واستخداماته المتنوعة عبر العصور. وجدى، أن فى عام 1445م، أنشأ الأمير هنري المستكشف موقعًا تجاريًا في جزيرة أرغوين (قبالة ساحل موريتانيا الحديثة)، والتى كانت تعج بتجارتى الصمغ، والعبيد معاً بتصديرهم سوياً عبر بوابة البرتقال الى بقية دول اروبا. لذلك ظلت البرتقال مهيمنة على طول الساحل حتى العام 1580م، ، ولكن سرعان ما فقدت ريادتها فى العام 1680م (بعد قرن تقريباً)، بواسطة الهولندين عبر ى شركة (Occidental India Dutch Company)، وهم أول من قاموا باستغلال تجارة الصمغ، واستخدامة فى صناعة النسيج المتطوره ، واعتبرت الافضل مقارنة بالاصماغ التى تم استيرادها من شبهة الجزيرة العربية. بعد ادخال الصمغ فى صناعة المنسوجات. لذلك بحلول العام 1678م، طرد الفرنسيون الهولنديين، وأنشأوا مستوطنة دائمة في سانت لويس عند مصب نهر السنغال، حيث كانت الشركة الفرنسية لنهر السنغال تتداول تجارة الصمغ لأكثر من 5سنوات. لكن فى عام 1685م، سرعان ماتم استبدل فريدريكويليام من براندبرغ الفرنسيين وأنشاء مجالًا استعماريًا جديداً، وبالتالى استمرت تجارة الصمغ حتى غادرهاوترك مركز تجارة الصمغ إلى الهولنديين بحلول عام1717م. تعكس طبيعة الصراع أهمية الصمغ للصناعة الأوروبية، من تلك الفترة وحتى الان بقيادة الفرنسين، ولذلك احتلت فرنسا جزيرة أرقين الواقعة قبالهموريتانيا الحاليه ومتاخمة لحدود البرتقال بعد حملات ضاريه استمرت للاعوام1721م، 1723م،1724م على التوالى. استمر استعمارها الى العام 1728م،ولكن، تركها الفرنسين طواعية بعد ان انتقلت تجارة الصمغ جنوباً.
    معظم فترة القرن التاسع عشر، كانت فرنسا هى المصدر الرئيسى لسلعة الصمغ العربى من مستعمراتها التجارية فى غرب افريقيا كالسنقال، وموريتانيا.بدأت فرنسا على وجه الخصوص أول نزاع مع دول غرب افريقيا الساحلية على توريد سلعة الصمغ العربى، مما دفعها مبكراً لغزو غرب افريقيا، بالاضافة لرغبتها فى الصمغ، مما شجعها اكثر هو تدنى نشاط تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسى فى أوائل القرن التاسع عشر،ولذلك، ازدات واردت الضرائب على تجارة الصمغ التى جمعتها أمارة تيرزة وجيرانها فيما يعرف اليوم بجنوب موريتانيا، الفرنسيون كانوا يشترون سلعة الصمغ بكميات متزايدة باستمرار لاستخدامها في إنتاج النسيج الصناعي. وبذلك، اصبحت غرب افريقيا المصدر الوحيد للصمغ بحلول القرن الثامن عشر، حيث تضاعف تصديرها من مستعمرةسانت لويس الفرنسية لمدة عقد من الزمان ابتداءاً من العام 1830م،ولكن، سرعان ما ادت زيادة الضرائب الى تهديد الفرنسين بتجاوز سانت لويس بارسال الصمغ الى التجار البريطانيين فى بورتينديك، ادى هذا التصرف فى نهاية المطاف الى الى صراع، ومواجه مباشرة بين إمارة ترارزا، والفرنسيين. ولهذا السبب، في عشرينيات القرن التاسع عشر ، شن الفرنسيون حرب فرانكو ترارزان عام 1825م، لمنعسيطرة العرب على تجارة الصمغ.وبالتالى، شجعت الحرب الفرنسيين على التوسع إلى شمال نهر السنغال لأول مرة، وبالتالى كانت النتجة هو التدخل الفرنسى المباشر وتغلغة فى عمق دول الساحل الغربى لافريقيا. ولذلك، استمر تصدير الصمغ بكميات مهولة من مناطق الساحل فى غرب افريقيا الفرنسية (السنغال الحديثة، وموريتانيا، ومالي، وبوركينا فاسو، والنيجر) وأفريقيا الاستوائية الفرنسية (تشاد الحديثة)،واستمر الحال على ماهو علية حتى نالت هذه الدول استقلالها فى الفترة مابين 1956 الى 1961م. علماً بأن فى تلك الفترة، وحتى بداية القرن العشرين استهلكت اروبا وحدها حو 20000 الف طن من الصمغ الخام سنوياً، وفى تقديرى أن الحال ظل كما هو علية حتى يومنا هذا.
    ختاماً، وجود شخصية أرطقرل فى عصرنا الحالى هى من يتمناه الجميع لأتخاذ قرار صائب لارجاع الامور الى نصابها، ولتحقيق ذلك الدور الفعال للدبلوماسية السودانية ضروري للغاية.دور الصمغ العربى فى الاقتصاد السودانى لمواجهة الاثار الناجمة بعد جائحة كوفيد-19 تعتبر ضرورة ملحة، كما أن مجلس الصمغ العربى يحب ان يمنح صلاحيات واسعه لوضع القوانين الملائمة لضرورة المرحلة، كما ان الشركات المحلية ،والعالمية التى تلتزم بمبدأ التجارة العادلة فيما يتعلق بمصالح السودان هى الاخرى توفير الفرص لها للاستثمار ضرورية للغايه، مواصفات التصنيع بما يتوافق مع تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بالتركيز على مكافحة الامراض، والجوع، والفقر ، باستخدام الصمغ السودانى المصنع ، ستتم مناقشتها بالتفاصيل المملة فى المقال المقبل قريباً باذن الله تعالى.


    صحــيفةأخبــار اليــوم - الإقتصــادي ص ٦ الصــادرة في ٢٩ يوليــو ٢٠٢٠م ..

    الصــمغ الســوداني: مــرارة الواقــع وبشــريات المســتقبل (2)


    يقول العالم لافوازييه أن أيام البهجة والمسرة، هى تلك الأيام التى كان يقضيها فى معمله يبحث في الفرق بين وزن كتلة الاجسام بعد حرقها، ووزنها الأولي حتى توصل الى أن المادة لاتفنى ، ولا تستحدث ، ولكنها تتحول من حالة الى أخرى. كان يبحث عميقاً فى جذور المادة وأوزانها ، وبالتالى ساعد فى عمليات حساب الضرائب الباهظة التى أرهقت سكان فرنسا وقتها، مما أدى إلى قتله بأيدي بعض العابثين والعلماء الفاشلين اثناء مجريات أحداث الثوره الفرنسية. تلك الايام تشبه تماماً وضع السودان الحالى قبل، وبعد الثورة خاصةً فيما يتعلق بالقوانين والإصلاح. وإستمراراً للمقال الأول (الصمغ: مرارة الواقع وبشريات المستقبل 1-)، فإنَّ "أيام بهجة وسرور" سلعة الصمغ السوداني ستكون هي عندما يتم تصنيعه في شكل منتجات تسهم بشكل فعَّال ومباشر في محاربة الثلاثي المدمِّر { الفقر والجوع والمرض} ، لأنَّ ذلك هو المخرج الوحيد لإنقاذ سلعة السوادان السيادية من العبث والتغوُّل. ولكن، لن يتحقق ذلك إلا بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة وفقاً لحوجة السودان . فالحوجة اليوم ، تتمثل فى التركيز على مكافحة الثلاثى المدمر المتمثل فى { الفقر والجوع والمرض}. فيما يتعلق بالجوع وسوء التغذية ، أحدث تقارير للأمم المتحده تفيد بأن حوالى 9.6 مليون نسمة تعانى من نقص الغذاء الحاد فى ولاية الخرطوم وما جاورها، وحوالى 3.5 مليون نسمة فى ولاية شمال كردفان وحدها ، وهذه كارثة فى حد ذاتها لأنَّ هاتين الولايتين تمثلان أكثر ولايات السودان إستقراراً مقارنةً بولايات النزوح ، والحروب القبلية. لذلك فإنَّ تصنيع الصمغ من أجل سد هذه الفجوة أمر في غاية الأهمية. ولن يتم ذلك إلا بإحداث ثورة في الصناعات التحويلية {Conventional Industries} التى رفضها أحد متحدثى ندوة لندن (عن الإستراتيجية القومية للصمغ العربي) التي تناولت أمر المواصفات ، وهذا أمر يدعو للإستغراب أتمنى أن تكون ذلة لسان منه غير مقصود منها المعنى حرفاً وإصطلاحاً. إنَّ المعضلة الحقيقة تكمن فى التساؤل: ماذا نعنى بـ "تصنيع الصمغ السودانى"؟
    للإجابة على هذا التساؤل لابد من إعادة النظر فى وصف عبارة "تصنيع الصمغ" {Gum processing} هذه الكلمة إصطلاحاً تعنى عمليات تجهيز الصمغ بتغيير شكله فيزيائياً، أو مرفولوجياً ، بغرض إدخاله فى مراحل التصنيع الأخيرة ليتم بعدها إنتاجه كمنتج نهائي يباع بعشرة أضعاف سعره الأولي على الأقل.
    فى السودان مثلاً ، عمليات التصنيع التى ركزت عليها الرؤية الإستراتيجية التى تمت مناقشتها عبر ندوة منصة المعرفة بلندن ، وحصرت عمليات تصنيع الصمغ فى نطاق محدود جداً ، وهى إما تصنيعه فى شكل بدرة ميكانيكية، أو رذاذية ، ومن ثم يتم تصديرها ، وهذا هو لُبُّ المشكلة، التى يمكن إضافتها إلى مشاكل تدنى الإنتاج ، وعدم السماح بالصناعات التحويلية، مما ينعكس سلباً على قرار منع صادر الصمغ خاماً ، وبالتالى فى حالة غياب البنية التحتية للتصنيع التحويلى ، فأنه من المتوقع تنشط عمليات التهريب عبر الحدود المفتوحة بين السودان ودول الجوار.
    إنَّ التصنيع الحقيقى للصمغ هو إدخاله فى منتجات أخرى ، سواء أكانت ذات مصدر حيوانى ، أو نباتى ، أو صناعات غير غذائية ، ويستصحب في ذلك شركات الأغذية والأدوية ، وعصائر مدعمة بغرض التغذية العلاجية كشريك أصيل في العملية من خلال تحسين المنتجات النهائية بغرض إستخدام كل منتج لحل مشكلة معينة . وكمثال لذلك، فإنَّ إحدى التَّحدِّيات الآنية في هذا السياق تتجسَّد في تصنيع مدعمات غذائية لسد حاجة السوق السوداني بما في ذلك مجموعة دول التعاون الاسلامى، والبالغ عددها 57 دولة ، لأن التغذية فيها ترتبط بالهدف الثانى من أهداف التنمية المستدامة {SDGs-two Sustainable Development Goals"}، وهو المعني بسد فجوة الجوع. بالتفكر عميقاً فى أهداف التنمية المستدامة ، نجد أن حوالى 12 هدفاً من ضمن مجموعة أهداف التنمية المستدامة ، والبالغ عددها 17 هدفاً تركز جميعها على التغذية ، والتغذية العلاجية. الوضع الغذائي الحالى لمنظومة دول التعاون الإسلامى، بما في ذلك السودان ، تواجه دول العالم الإسلامى تحديات كبيرة جداً فيما يتعلق بمؤشرات سوء التغذية {تأخر النمو، فقدان الوزن، زيادة الوزن، والانيميا} .. هذه الدول تشكل أدنى مستوى لمؤشرات سوء التغذية مقارنة بدول العالم النامي ، حيث وجد أن معدل تأخر نمو الاطفال هو (33 ٪) ، وهو أعلى بحوالى (30٪) من الحد المسموح به من قبل منظمة الصحة العالمية ، علاوة على ذلك هو الأعلى بحوالى 13 ٪ مقارنة بدول العالم مجتمعة . وبالتالى نتيجة لذلك ، نجد أن حوالى (11.1 ٪) من أطفال دول منظمة دول التعاون الاسلامى التي تعانى تأخراً في النمو ، علماً بأن هذه النسبة أكبر بمقدار (18 ٪) مقارنةً بالدول النامية خارج منظمة دول التعاون الإسلامى وذلك وفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية ، حتماً هذه النسبة إرتفعت بسبب الحروب الأخيرة مثل حرب اليمن ، والآثار الاقتصادية الناجمة بسبب كوفيد-19. إنَّ التحدي الرئيس لمنظومة دول التعاون الإسلامى ، بما فيها السودان ، فى كونها تعانى من الخطر المزدوج لمرض سوء التغذية {Double Burden of Nutrition} وهو عبارة عن تفشى زيادة ونقص الوزن أكثر من المستوى الطبيعى فى نفس المجتمع ، ولذلك، فإنَّ المؤشرين هما الأعلى إنتشاراً فى منظومة دول التعاون الإسلامى مقارنة بدول العالم الأخرى مجتمعة . لذلك نجد أن حولى (٪7.4 ) من أطفال دول التعاون الاسلامى يعانون من زيادة الوزن ، مقارنة بحوالى (4.6٪) فقط من دول العالم النامى (مقدار الفجوة 61٪). أما بالنسبة للجوع الخفي {نقصان العناصر الصغرى} ، فإن نسبة إنتشاره بلغت حوالي (53٪) لدى أطفال دول التعاون الإسلامى، مقارنة بحوالى (42 ٪) بالنسبة للدول النامية ، وحوالى (43٪) على مستوى العالم (مقدار الفجوة 26٪) . ولذلك وجَّهت منظمة الصحة العالمية بضرورة إعادة النظر فى التركيبة الغذائية لكل منتجات شركات الأغذية فى دول مجلس التعاون الخليجى ايضاً هى الأخري تعانى من فرط التغذية وزيادة الوزن ، علماً بأن زيادة الوزن أو مايعرف بالسمنة هى من أكبر التحديات للتحكم/ مكافحة فيرس كوفيد ، حيث لوحظ أن السمنة تتناسب طردياً مع نسبة الإصابة وفترة بقاء المرضى فى أجهزة التنفس الإصطناعى وذلك لعدد اسباب سيتم شرحها فى ورقة كوفيد التى ستنشر قريباً بأذن الله تعالى. من المؤسف حقاً لم تكن هنالك إستجابة حقيقة وعملية لتنفيذ توصية منظمة الصحة العالمية بإعادة النظر فى توليفة غذائية تتوائم مع المتطلبات الغذائية لدول التعاون الخليجى بإعتبارها أحد دول منظمة التعاون الإسلامى، ولذلك من المتوقع يتفاغم الوضع الصحى ،، وتنتشر معدل الإصابة بالسكرى والضغط وأمراض السرطانات المتعددة والتى تعتبر دول منظمة التعاون الاسلامى من أكثر الدول التى تعانى من إنتشار السرطان بالإضافة للأوبئة والحروب. مما زاد الطين بلة هو إفتقار هذه الدول للتقانة الحيوية التى تشكل العمود الفقرى للنهوض بالصناعات المطلوبة . مثل هذه التقنية تقودها أقسام هندستى التقانه الحيوية والهندسة الكيميائية معاً ، بالإضافة الى الشركات المتخصصه فى الصناعات الغذائية والدوائية ، وحتماً لايتوفر هاذين القسمين بكليات الهندسة فى السودان ، وإن وجدت فحالها يغنى عن سؤالها ،، ولذلك أعتماد الامين العام لمجلس الصمغ بالسودان على جلب وتشجيع الشركات الأجنبية للإستثمار فى السودان بهدف تنفيذ قانون منع تصدير الخام هو الإتجاه الصحيح ، ولكنه غير مضمون العواقب وذلك بسبب ضعف البنية التحتية فى السودان والتى تفتقر حتى للكهرباء ، ونفس الحال الذى لايحسد عليه السودان ، هو واقع معاش فى معظم دول منظمة التعاون الإسلامى، ومن تخصص في هذا المجال من أبناء تلك الدول تتلقَّفه الشركات العابرة للقارات .. فى ماليزيا ، كمثال، تم دمج قسم هندسة التقانة الحيوية فى بعض الجامعات ، مع قسم الهندسة الكيميائية ، وذلك وفقاً لتوصيات خبراءهم بناءاً على سد حاجة سوق العمل في مجال هندسة التقانه الحيوية مع التركيز على الهندسة الكيميائية ، ولذلك، فإنَّ أغلب دول العالم الآن تولي إهتماماً خاصاً لتخصص الهندسة الكيميائية نسبة لإرتباطه بالصناعات التحويلية لسد حاجة الشعوب من غذاء ودواء.
    أمَّا نحن فى السودان ، وفي منبر عالمى {ندوة الإستراتيجية في لندن} ، يرفض خبرؤونا إدخال الصمغ فى سلسلة الصناعات التحويلية ، وهنا يظل السؤال لماذا تم إتخاذ قرار منع تصدير الصمغ خاماً؟ نجد المعضلة الكبرى هى أنَّ الخصائص الفيزوكيمائية أصبحت ليست ذات معنى أو أهمية على الصعيد العالمى ، ولكن على المستوى المحلى هى مهمه جداً للمعرفة البشرية . فقد أصبحت خصائص الأصماغ، بالاضافة للمنتجات الطبيعية تقاس عالمياً، بمدى منفعتها عندما يتم تطبيقها بايولوجياً. ولهذا السبب لم نتمكن حتى اللحظة من تسجيل صمغ الهشاب ، أياً كان مصدره ، كمنتج حيوي "Prebiotic"، لماذا؟ لأنه لكى يصبح الصمغ منتجاً حيوياً، فلابد من أن يصمد لفترة طويله فى الجهاز الهضمى لتتمكن البكتريا الصديقة/ النافعة من التغذية عليه ليزداد عددها، وبالتالى تنتج لنا أحماضاً دهنية قصيرة السلسلة بالإضافة الى مميزات أخري تحتاج الى مجلدات لحصرها. بخصوص خاصية البريبايوتك وجد أنه ، عندما تمَّ إدخال عينات من أصماغ هشاب وطلح مخلوط وغير مخلوط بإستخدام تقنية :{Conventional Industrie}" أو إستخدام معدة إصطناعية ، وُجد أن صمغ الهشاب يصمد فقط لمدة 24 ساعة ،، ولكن عندما يخلط طلح مع هشاب بنسبة طلح أكبر عندها يصمد الخليط فى الجهاز الهضمى لفتره 48 ساعة مع إنتاج أكبر نسبة من الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة بالإضافة الى إزدياد مستعمرات البكتريا النافعة وتحسن بيئة الجهاز الهضمى وبالتالى إزدياد مناعة الجسم.
    هذه المعلومة يمكن أن توضح لماذا زادت صادرات صمغ الطلح مقارنة بصمغ الهشاب ، والتى لم تستطع الرؤية الاستراتيجية تفسيرها ، وبهذا الصدد يمكننا الإشارة الى أن المجهود الذى بذل فى إعداد الرؤية الاستراتيجية مجهود جبار ولاغبار عليه ، وفى مقال سابق فصلنا فى أماكن قصورها خاصة فيما يخص التصنيع ، علماً بأنه ليس لدينا أى نقد على مستوى الخبراء الذين قاموا بإعدادها ، فمنهم أساتذتنا ومنهم زملاء دراسة ، فكرتنا ونقدنا هى فقط لمساعدتهم لكى يمكننا العبور بسلام جميعاً ، وبالتالى من واجبنا تجاههم هو نصحهم ومشاركتهم بأحدث المعلومات ، ومن حقنا عليهم فقط التفكير فيما نقول ووضعة فى الإعتبار. لأنه من واجبنا أن نفيدهم بأنه فى ظل الوضع الراهن يتحدث القائمون على أمر تصنيع الصمغ ، وواضعى الإستراتجيات بالتحرك فى حلقة غادرها العالم منذ سنين طويلة.
    إنَّ ما يجب فعله ، وبشكل عاجل ، هو الإهتمام بإعادة التشجير ومنع القطع لكل الأشجار المنتجة للصمغ ، مع حصر كل الشركات الوطنية المنتجة للأغذية والأدوية ، والصناعات الأخرى ، للتفاكر فى كيفية إدخال الصمغ فى منتجاتهم النهائية بطريقة مدروسة بحيث أن خصائص المنتجات النهائية تتطابق تماماً مع شروط المواصفات والمقايس و منظمة الصحة الصحة العالمية، وهذا لا يمكن إلا بإستخدام الصناعات التحويلة للصمغ.
    لقد أصبح السودان خارج منظومة الدول المصدرة للصمغ ، مع عدم توفر البيانات خاصة فى الاعوام 2017 و2018م على التوالى ، ماهو متوفر حوالى (37٪) فقط ، من الإنتاج العالمى، علماً بأن إنتاج السودان كان حوالى {80٪} قبل أن يفقد السودان صلبه ويصاب بالشلل {إنفصال الجنوب} ، وبسبب تضارب الأسعار ، فإنَّ كمية كبيرة من الصمغ تم تهريبها عبر دول الجوار ، وأصحبت هنالك دول لا تمتلك شجرة هشاب واحدة إنضمت الى سوق نخاسة الصمغ بكتابه إسمها ، أو وضع رمز سيادتها على منتج السودان ذو الطابع السيادى.
    ولكن يظل السؤال قائماً : لماذا أصبحت الدول المستوردة من أكبر الدول المصدرة والدول المنتجة خرجت ، أو فى ذيل القائمة على أسوأ الفرضيات؟ نجد أن جزءاً من الإجابة يكمن في أنَّها أدخلت الصمغ فى صناعاتها التحويلية {زبادى ، لحوم ، بسكويت ، مكسبات النكهة ، صناعة الادوية ، الصناعات العسكرية ، برامج الفضاء، الكهرباء ، الطب ، الهندسة، والخ..} ، حتى أصبحت من كبار مصدري الصمغ فى العالم إعتباراً من العام 2018م، مستفيدةً من القيمة المضافة عبر الصناعات التحويلية ، ومن ضمنها تلك الدول: فرنسا (70٪) من الصادرات العالمية (131 مليون دولار) ،، الولايات المتحدة (7.11٪) من صادراتها بواقع (13.3 مليون دولار)، ألمانيا (6.48٪) من صادراتها بواقع (12.1 مليون دولار) ، إيطاليا (4.48٪) (8.38 مليون دولار) ، وأخيراُ المملكة المتحدة نسبة صادراتها حوالى (3.79٪) بمعدل دخل بلغ (7.1 مليون دولار) . بالتدقيق فى صادرات هذه الدول مجتمعة نجد أن مجموع صادراتها ، أكثر من (90٪) أما فيما يخص الواردات والعائدات وجد أنه فى عام 2018م وحده تجاوزت الواردات العالمية من الصمغ العربي حوالى 317 مليون دولار {وفقًا لإحصاءات التجارة الخارجية لـ 116 دولة}. لكن الغريب فى الأمر ، فى ندوة لندن بخصوص المواصفة ذكر أحد المتحدثين بأن السودان ينتج مابين 75٪ الى 80٪ من إنتاج العالم من الصمغ العربى ، وأنهم بصدد رفع نسبة الانتاج الى 85 ٪ هشاب و 80 ٪ طلح ،، وذلك بعد فصل المواصفة الى (E414A) للهشاب ، و( E414B) للطلح. فيظل السؤال الى خبير الغابات :
    ماهي الكمية بالأرقام والمتمثلة فى المخزون الإستراتيجى للصمغين طلح وهشاب؟ وكيف يمكننا تجنب التشويش الذي أصاب ذهن المستمع للندوة بأخذ المعلومات الواردة فى المقال أعلاه موضع التنفيذ؟ ولذلك من المهم جداً مراجعة بعض أهداف وبنود الرؤية بحيث تصبح واقعية ، لأن الشعب السودانى شعب ألمعى وهم عبارة عن 40 مليون سياسى أسئلتهم دائماً تقود إلى الجنون مالم تدرك الأمر جيداً عندما تتولى أمرهم.
    فى الختام ، وقوف الجميع حول تنفيذ الرؤية الإستراتيجية للصمغ السودانى هى الفرصة الأخيرة فى تقديرى لإنعاش سلعة السودان الإستراتيجية ، إستيعاب التعديلات والإقتراحات من ذى التخصصات ذات الصلة يجب أخذه بعين الإعتبار، كذلك الشركات الوطنية والعسكرية التى لها علاقة مباشرة بتجارة الصمغ والمنتجات السودانية الأخرى مسئوليتها الوطنية والأخلاقية أن تضع معلوماتها وتتعاون مع مجلس الصمغ العربى فحتماً الجميع سيربحون ،، يجب عدم الإعتماد كثيراً على الشركات الأجنبية فيما يخص تنفيذ قانون عدم تصدير المواد الخام سواءاً كانت صمغاً ،، أو أنعام ،، أو أي منتجات طبيعية أخرى. دول منظمة التعاون الإسلامى بما فيها السودان كلها تعتبر سوقاً للمنتجات التى يدخل الصمغ كمادة أساس فى صناعاتها الغذائية والصيدلانية فهى المخرج الأنسب والأفضل نسبة للروابط المشتركة بين الدول من حيث ثقافة الغذاء وجذور التحديات ،. ومن ثم نقل التجربة الى بقية دول العالم ، فنحن جميعاً إخوة فى الانسانية، وما دروس كوفيد 19 منا ببعيد.


    بقلم/ دكتور/ أحمد آدم حسن،
    كيمياء الأصماغ، وتطبيقاتها البايولوجية، الجامعة العالمية-ماليزيا























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de