سنقف معها عندما يكون رفعها كشعار ناتج عن حل توافقي وليس رفعها كسلاح للقمع...كل ما يحدث الآن ليس بغرض ايجاد حلول بل لخلق أزمات.. وذلك لتطبيق أجندة يعرفونها هم. لو كانت هذه المجموعة المدنية تريد حلاً، فالحلول متوفرة، وأبسطها وأهمها هو إحداث توافق جمعي ومصالحة شاملة. لكن هل هم يقبلون بذلك؟ طبعا لا لماذا؟ لأن الحلول التوافقية تعني نهاية تمكين هذه المجموعة، فالتوافق بين الجميع سيلغي فرص الكثيرين في البقاء على سدة السلطة. لذلك نحن نرى استمرار سياسة الكيزان بحذافيرها.. الحلول المجتزأة والمحاصصات.. والاتفاقيات الوهمية كاتفاق جوبا وغيره.. وتعيين منعدمي الكفاءة والتمكين.. نفس ما كان يفعله البشير.... ألم تسألوا انفسكم لماذا لم يقم حمدوك بمنادات الجميع لمؤتمر جامعي، وتوافق ومصالحة وطنية؟ لأنه لايريد.. ولماذا لا يريد؟ لأن لديه أجندة لا تخدمها المصالحة الوطنية...وأيضاً لأن الشيوعيين لن يجدوا موطئ قدم إذا حدث توافق وتراضي جماعي، فسيكونون قلة. لذلك عندما يطرحون العلمانية من جانب واحد، أو يطرحوا حتى قوانين إباحة الخمور، أو يطرحوا الغاء مقرر القرآن من المدارس، نعرف مباشرة أنهم لا يطرحونها كحل، بل كسلاح يمضي بهم إلى التمكين ويحقق لهم أجندة، أهمها التكويش على السلطة حتى لو على حساب استقرار الدولة. ولذلك لا يمكننا أن نقف مع ما يفعلونه، لأنه بدوافع خبيثة إقصائية تتغول على الحقوق الدستورية وأهمها حق المواطنة. فحق المواطنة هو الذي يضبط قرارات الحكومة حين يفرض عليها أن تكون رضائية، ومعبرة عن رأي الشعب عبر انتخابات حقيقية. أما عندما تستخدم أطروحات العلمانية كسلاح، فإنها لا تكون حلاً، بل على العكس، تكون أداة لخلق انقسام مجتمعي، واستقطابات حادة تؤجج لهيب الفتن والصراع. كما يفعلون اليوم في شرق السودان وغربه وجنوبه. عندما يتم إستخدام الحق كسلاح فهو يتحول إلى باطل. وهذا ما قصده علي ابن ابي طالب بكلمة حق أريد بها باطل. لأن المطالبة بتحكيم القرآن لم يكن لغرض الوصول إلى حل، بل لتحقيق إنقسام في صفوف المؤيدين لعلي وهذا ما حدث بالفعل. نحن نعرف ما هو الصواب وما هو الخطأ.. فلسنا أغبياء.. نحن نعرف متى يكون الحق باطلاً والباطل باطلاً، إذ لا يمكن أن يكون الباطل حقا أبداً... نعرف سوء النية ولو كان ظاهر الفعل حسن، ونعرفهم من لحن القول، وحين ينظرون من طرف خفي..ونعلم خائنة الأعين وما تخفيه صدورهم، ونعلم أنهم يقوضون مستقبل الحرية، والحرية التي أقصدها ليست الحرية التي تتم بإلغاء القوانين المقيدة للحريات كما زعموا وكذبوا، وإنما الحرية هو أن يمتلك الشعب الحقيقة، وأن يكون من حقه أن يفكر بناءً على معطيات صحيحة. نحن لا نريد حرية كاذبة، كما يتم خداع الشعوب الأخرى، عبر احتكار قلة لوسائل الإعلام، وممارسة البروبغندا الإعلامية، والسيطرة الرأسمالية على العقول، فهذه ليست حرية، بل هي أسوأ من العبودية، لأن العبد يعرف أنه عبد، أما من يتعرض لغسل مخه باستمرار والسيطرة عليه، لن يستطيع أبداً أن يعرف أنه فقد حقه في التفكير الحر. وعندما يقوم الشيوعيون بوصم كل من يعارضهم بأنه كوز، فهذا دليل كافي على أسلوبهم في وأد حرية العقل، والحق في التفكير بناء على معطيات صحيحة. فهذه ليست حرية، بل هي أسوأ من العبودية وعندما كانوا يبتدؤون خطاباتهم بالترحم على أرواح الشهداء، وهم من تواطؤوا على قتلهم، أو حتى لم يتخذوا مواقف حقيقية جادة تثبت إيمانهم بما يقولون، فهذا يعني أنهم يخادعون الناس وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون. نحن نعرفهم كما يعرفون آباءهم، ونعرف الصادقين والكاذبين. ونميز الخبيث من الطيب، وحينما نشاهدهم وهم يستخدمون كل السبل للتمويه على الشعب، نعرف أنهم لا يؤمنون لا بحرية ولا ديموقراطية، وحينما يتهافتون على السلطة، نعرف أنهم قابلين لبيع أنفسهم بثمن بخس لكل من يدفع، وحينما نرى أن تفكيك نظام الكيزان يتحول لمساومات، ومأكلة وتربح وتجارة وفساد، نعلم، أنه لا خير فيهم..ونقاومهم ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. لذلك نحن لا ندعم تزييف الحقائق، ولا خداعنا، حتى لو قبل الشعب أن يخدع نفسه فينخدع لهم. فكل إنسان ألزمه الله طائره في عنقه. ولو كنا نقبل بأمثال هذه القذارة لأكلناها مع الكيزان، فتملكنا القصور وركبنا السيارات ونكحنا مثنى وثلاث ورباع. ولكنهم لا يعلمون. وهم لا يتصورون أبداً ان هناك أمثالنا ممن لا يستطيعون إمساك العصا من المنتصف، أو استخدام التقية، أو اللهاث وراء زيف المال والسلطة كما يفعلون. نحن نعرف أن علمانيتهم هذي ليست لتحقيق حل، فالعلمانية التي تفرض قسرا وجبراً من طرف واحد، لا يمكن أن تكون حلاً بل سلاحاً للتقسيم والتفرقة، تحقيقاً لمبدأ (فرق تسد). وحينما يتحدثون عن دولة مدنية، نعرف أنهم كذبة كالفريسيين، فلو كانوا يريدونها مدنية لجمعوا ولم يفرقوا، ولو كانوا يريدونها ديموقراطية، لهيأوا الوضع للديموقراطية بدلاً عن المحاصصات الهزيلة التي كوش فيها الحزب الشيوعي على المناصب والوظائف. ولو كانوا يريدونها عدالة، لوضعوا برنامجاً طموحاً للإصلاح القانوني والقضائي. ولو كانوا يريدون إصلاحاً إقتصادياً لعينوا كفاءات لا نشطاء وحمام غمران، ولو كانوا يريدون إخراج السودان من مأزق الفشل المحتوم، لوضعوا مشروعاً قومياً يجمع الناس حولهم، ولكنهم لم يفعلوا ولن يفعلوا. ولو كانوا يريدون السلام، لما أخذوا التفاوض بالتجزئة، بدلاً عن الحوار الشامل، فمن يتفاوض لا كمن يكون قائداً لحوار شامل فيوفق بين جميع الفرقاء بحثاً عن حلول، كونه حكومة تسيرية، بل يعتبر نفسه سيداً وأصلاً، وأنه سيقدم القليل من التنازلات ليطوع ويروض الآخرين ويطويهم تحت جناحه. لذلك نحن نعرفهم، ونعرف أنهم يعرفون أننا نعرفهم، ونعرف ويعرفون أن الشعب لا يعرفهم، ولذلك فهم الأكثر نفيراً، ولكن... ألم يكن هذا حال الكيزان أيضاً، ألم يكونوا الأكثر نفيراً؟ وكنا الأضعف في حرب لا تكافوء فيها؟ فضعضناهم، والحق يضعضع الباطل مهما قويت شوكة الباطل، لأن الباطل لباس مليء بالثقوب فلا يصلحه الترقيع بل يزيده رثاثة ووهنا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة