في يوم الاحد 9 يونيو 2020 ، نشر المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية ... ورئاسته في برلين ، بالإضافة لست مكاتب إقليمية في لندن وباريس وروما ومدريد وصوفيا ووارسو ..دراسة اقتصادية سياسية علمية مستفيضة ، احتوت على اكثر من 9 الف كلمة ، وإعتمدت على عشرات المراجع والدراسات والاوراق العلمية ذات الصلة ، وعلى عدة حوارات في داخل السودان وخارجه مع التنفيذيين والخبراء اصحاب الشأن .
كان عنوان الدراسة :
Bad Company: How dark money threatens Sudan’s Transition ؟
ترجمة عنوان الدراسة بتصرف :
صحبة سيئة : كيف تهدد الشركات الامنية واموالها المخفية الفترة الانتقالية في السودان ؟
لفائدة القارئ الكريم ، نلخص انطباعاتنا ، وليس ترجمتنا الحرفية للدراسة ، في مقالة من حلقتين .
في هذه الحلقة الاولى من المقالة ، نخنزل انطباعاتنا في النقاط التالية ، آيات لقوم يتفكرون :
اولاً :
تحذر الدراسة من ان المكون العسكري في السلطة الانتقالية سوف يقوم بإنقلاب عسكري خلال الفترة الانتقالية ، ويستولى على السلطة التنفيذية المطلقة ، ويستبعد المكون المدني المتكون من حكومة الرئيس حمدوك المدنية وحاضنتها السياسية أي تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير . سوف يقوم المكون العسكري بهذا الانقلاب العسكري إذا شعر ان حكومة الرئيس حمدوك سوف تضغط لكي تعود شركات الجيش والامن وقوات الدعم السريع الى حظيرة وولاية وزارة المالية ، بدلاً من إستقلالها الكامل الحالي ... فهي حالياً دولة عظمى مالياً داخل دولة السودان الصغرى مالياً . لن يقبل المكون العسكري ، بل يرفض وبشدة وبزمجرة عالية ، تصفية هذه الشركات الامنية ، التي تم بناؤها خلال ال 48 سنة الماضية ، وباستمرار منذ عام 1972 تحت نظام السفاح نميري ، وانتفخت وتمددت وتعاظمت حتى صارت اخطبوطاً شرساً تحت نظام الاخونجية الفاسد المفسد .
ثانياً : بلغ عدد الشركات المملوكة للجيش والامن وقوات الدعم السريع اكثر من 420 شركة وتدير اكثر من 30 مصنعاً ، اهمها مجموعة الصناعات العسكرية ، التي صارت امبراطورية اخطبوطية بعشرات من شركاتها التجارية ومصانعها العسكرية والمدنية ومزارعها التي تمد الخرطوم بالخضر والفاكهة والدجاج . تحتكرهذه الشركات الامنية تصدير الذهب والبترول الخام والسمسم والصمغ العربي ، وتصدير الماشية والخرفان ، ضمن نشاطات تصديرية اخرى . كما تحتكر توريد البترول الصافي ، والغاز ، والقمح ، والسيارات ، وتسيطر على شركات الاتصالات ضمن نشاطات توريدية اخرى . بعكس شركات القطاع الخاص ، تتمتع هذه الشركات بإعفاءات جمركية وضرائبية مهولة ، ويتم تجنيب اصولها وارباحها ولا يتم توريد ارباحها في خزينة وزارة المالية ، فهي لا تخضع لولاية وزارة المالية ، ولا لولاية بنك السودان . جائحة الدولار الحالية الذي تخطى حاجز المئاتين جنيه مردها لهذه الشركات الامنية التي تشتري الدولار بنهم فائق من السوق السوداء ، الامر الذي ادى الى شح الدولار وإرتفاع اسعاره . هذا أمر مقصود ، ليبرهن المكون العسكري في السلطة الانتقالية ان حكومة حمدوك المدنية قد فشلت ، وقد أزف الوقت لتشيعها لمقابر البكري في انقلاب عسكري يقوم به المكون العسكري لانقاذ الوطن ، وحلحلة الضائقة المعيشية . في المقابل ، يجمع كل المحللين الاقتصاديين ان نشاطات هذه الشركات هي من اهم اسباب الضائقة المعيشية الحالية والازمة الاقتصادية الجائحة ، وصفوف البترول ، والغاز ، والخبز، والمواصلات ... في إستنساخ لمقولة رمتني بدائها وإنسلت ؟ تؤكد دراسة المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية ، إن هذه الشركات المملوكة للجيش والامن وقوات الدعم السريع قد صارت كائنات مقدسة فوق القانون ، بل اصبحت الدولة الحقيقية . ثالثاً : ادناه رسم كروكي مأخوذ من دراسة المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية ، يجمع بعض البعض من الشركات الامنية المملوكة للجيش والامن وقوات الدعم السريع .
رابعاً : تؤكد دراسة المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية إن ارباح هذه الشركات الامنية لا تصب في خزينة وزارة المالية ، بل تذهب لجيوب متنفذي نظام الاخونجية ، وجنرالات الجيش والامن والدعم السريع ، الذين صاروا مليارديرات ، بينما الشعب الغلبان يتوسل ما يسد غائلة جوعه من مكبات الزبالة ، ويبكي اطفال مدارس الاساس في ولاية الخرطوم من الجوع . تشير الدراسة الى عدة امثلة للفساد الخرافي الذي زرعته هذه الشركات الامنية في المجتمع السوداني ، مثالاً وليس حصرا: واحد : في عام 2010 ، اكدت رسائل الويكيليكس ان الرئيس السابق البشير يحتفظ ، من تحويلات الشركات الأمنية ، بتسع مليار دولار في بنوك لندن ، وربما تضاعفت عدة مرات خلال العشر سنوات التالية ، وحتى سقوطه في عام 2019 ، كما يوضح التقرير على الرابط ادناه : https://www.theguardian.com/world/2010/dec/17/wikileaks-sudanese-president-cash-london كما اظهرت رسائل الويكيليكس ان حساب المرحوم سليمان ابن البروف ابراهيم احمد عمر يحتوي على 35 مليون دولار ، من تحويلات هذه الشركات الامنية . اتنين : في عام 2019 ، دفع حميتي ، من ارباح شركاته الامنية ، مبلغ مليار و200 مليون دولار لإسعاف بنك السودان. تربح شركة الجنيد المملوكة لحميتي كل سنة اكثر من 390 مليون دولار من تصدير بعض البعض من ذهب جبل عامر في دارفور فقط الى دبي ، بالإضافة لعواصم اخرى في ماليزيا وتركيا . لا يتم توريد هذه المبالغ في خزانة بنك السودان ولا في خزانة وزارة المالية ،بل يحتفظ بها حميتي في حسابه البنكي الشخصي الخاص . يقوم حميتي حالياً ببناء مسلخ في الخرطوم بتكلفة تتجاوز 40 مليون دولار ، محاكياً مسلخ الكدرو الذي بنته مجموعة الصناعات العسكرية بتكلفة اكثر من 50 مليون دولار . في هذا السياق ، قالت دراسة المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية ، ونصاً بلغة العجم : “Hemedti sees [Hamdok] as a clerk”, said one person who regularly speaks with the paramilitary leader.[16] وترجمة هذا الكلام بعربي جوبا ان حميتي ينظر لحميتي ككاتب وليس كرئيس لمجلس الوزراء . تلاتة : نواصل في الحلقة الثانية ...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
ثروت قاسم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست