دعونا لا نخادع البعض أكثر من ذلك ,, وتلك الحقيقة واضحة كالشمس .. والكل يعرف ما يجري في البلاد .. منذ الانطلاقة كان ذلك التباين في المواقف .. وكان الكل يعرف أن اللحظة آتية .. مواقف الالتقاء رغم قلتها كانت واضحة .. ومواقف الاختلافات رغم إخفاءها كانت واضحة ،، وكل الدلائل كانت تؤكد أن مواقف الاختلافات تفوق كثيراً وكثيراً عن تلك المواقف التوافقية .. ورغم ذلك فإن الأطراف كانت تراوغ وتتحايل بالقدر الذي لا يحرم من قصعة الوليمة .. وفي نفس الوقت كان الشعب السوداني يحس بأن الأحوال في مستقبل الأيام كانت تنذر بالويل والوبال .. ورغم ذلك رضيت تلك الأطراف المتناقضة على نوع من المشاركة والوفاق المؤقت حتى تتجنب ذلك التصادم الغير مرغوب .. وتلك المعالجة المؤقتة ( المرقعة ) الغير مكتملة في شروطها وحدودها قد مثلت الكارثة والبلاء في مسار الانتفاضة الثالثة .. والمعضلة الكبرى أن الشعب السوداني هو الذي يدفع الآن أثمان تلك المجاملات الغير منطقية التي وقعت في البلاد بفرية الوفاق والاتفاق .. والمحصلة المريرة أن كافة طموحات الشعب السوداني بعد الانتفاضة قد تبخرت في خضم تلك الخلافات .. وقد تلاشت وانعدمت كلياً تلك الإنجازات الكبيرة التي كان يتمناها الشعب السوداني في البلاد بعد الانتفاضة .. حيث طغت في البلاد تلك الصراعات بين الأطراف التي تمارس السلطة .. وتلك الحقيقة ظلت قائمة تلاحق الأحداث بذلك القدر الذي عطل كافة طموحات وأحلام الشباب الثائر .. والجدل المفزع الذي يقلق الناس أن تلك المواقف المتناقضة بين الأطراف الحاكمة توحي بأن هنالك لحظة تصادم وشيك الوقوع !! .. والبلاد لا تتحمل إطلاقاً مثل ذلك التصادم في هذه الأيام العصيبة .
الشعب السوداني لأكثر من عام وشهور يلاحظ كيف أن تلك الأطراف في السلطة السودانية تنفرد بتلك التصريحات النارية التي تجتهد لتؤكد للشعب بأنها هي صاحبة الكلمة في هذه البلاد دون سواها !.. وتلك التصريحات النارية لا تلتقي مع بعضها البعض من حيث المضمون والتوجهات في أكثر المواقف .. وذلك الواقع المرير هو الذي يعطل حالياً كافة طموحات الشعب السوداني الذي يريد الخروج من عنق الزجاج .. وفي هذه الأيام بدأت تلك الإيحاءات الغاضبة من قبل الشعب السوداني .. وهو ذلك الشعب الذي بدأ يثور وينتفض في كافة أرجاء السودان .. وقد كل ومل من تلك الأحوال التي تسود البلاد .. في الوقت الذي فيه تلك الأطراف في السلطة لا تبالي ولا تهتم بأحوال الشعب السوداني .. وحينما يشتد غضب الشارع السوداني ويقع تلك القلاقل والمظاهرات في كافة أرجاء الوطن ينبري طرف من الأطراف ويجتهد لتهدئة الشعب بتلك الوعود البراقة الرنانة .. ثم يقف ذلك الطرف عاجزاً عن تلبية طلبات الشارع السوداني .. والسبب في ذلك أن هنالك أطراف أخرى في السلطة لديها أجنداها ومصالحها الذاتية التي تحول دون الاستجابة لمطالب الشعب .. وتلك الصورة تتكرر في الواقع السوداني طوال المرحلة بعد الانتفاضة الأخيرة .. حيث طرف من الأطراف في السلطة يجتهد لتهدئة الشعب السوداني .. ثم يعد بأنه سوف يلبي كافة طلبات الشعب ،، وأنه سوف يزيل تلك الأوجاع والأزمات عن كاهل الإنسان السوداني .. ولكن عند مرحلة معينة يقف ذلك الطرف عاجزاً لا يقدر على شيء .. وذلك الطرف يعجز عن تنفيذ وعودها للشعب لأنها لا تملك تلك القرارات في يدها بالكامل .. فهنالك أطراف أخرى في السلطة لديها أجنداتها ولها مواقفها الخاصة ،، وتلك الأطراف مواقفها صريحة وصارمة منذ الوهلة الأولى للانتفاضة .. وبنفس القدر يحدث الأمر حين يطالب الشعب السوداني بتقديم هؤلاء الذين تسببوا في مجزرة ساحة الاعتصام .. فهنالك طرف يعد الشعب السوداني بأنه سوف يقوم بتقديم الجناة للعدالة والقصاص .. بينما أن هنالك أطراف أخرى في السلطة تماطل ولا تريد تلك المحاكمات بطريقة جدية !!.. والحال كذلك حين يطالب الشعب السوداني بتقديم هؤلاء وهؤلاء أهل الفساد للمحاكم .. وحينها طرف من الأطراف يعد الشعب السوداني بتلك المحاكمات فوراُ .. بينما أن هنالك أطراف أخرى لديها رأيها المتحفظ في شأن تلك المحاكمات .. وبنفس القدر حين يطالب البعض من أبناء السودان بتقديم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية يوافق طرف من الأطراف .. بينما أن هنالك أطراف أخرى ترفض تلك الفكرة من الأساس منذ اللحظة الأولى للانتفاضة .. وهي أطراف ترى أنها سوف تفتقد السيادة والمكانة بتلك الخطوة .. كما أنها ترى بأن المحاكم السودانية جديرة بتلك المحاكمات إذا لزم الأمر .. والأمر كذلك حين يطالب الشعب السوداني بتصفية شركات وبنوك القوات النظامية فهنالك طرف يعد الشعب السوداني بأنها سوف تقوم بتلك التصفيات .. بينما أن هنالك أطراف أخرى في السلطة لديها رأيها المغاير .. وهي أطراف نظامية لديها السلطة والقوة وترفض تلك الفكرة من الأساس ،، وتضع ألف خط أحمر تحت تلك الفكرة !!.. وبنفس القدر حين يطالب الشعب السوداني بمعاضدة ومساندة ( لجنة إزالة التمكين ) .. فهنالك طرف يوافق ويساند الشعب السوداني في ذلك الاتجاه .. بينما أن هنالك أطراف في السلطة السوداني لا تريد المضي في ذلك الاتجاه أكثر من ذلك !! .. والحال كذلك حين يطالب الشعب السوداني بتصفية شركات الاحتكار التي تمص عصارة الاقتصاد السوداني ،، فهنالك طرف يعد الشعب السوداني بتلك الخطوة الهامة .. بينما أن هنالك أطراف تمثل مراكز القوة في البلاد ترفض تلك الفكرة من الأساس .. وبنفس القدر حين يطالب الشعب السوداني بتوحيد كافة مسميات ومكونات القوات النظامية في البلاد لتكون تحت قيادة واحدة وتحت مسمى واحد .. فهنالك طرف في السلطة يجاري تلك الفكرة للشعب السوداني .. بينما أن هنالك أطراف أخرى في السلطة تعتبر ذلك تدخلاً سافراً في شئون القوات المسلحة ،، وتجريحاً لكرامة القوات النظامية !!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر عيسى محمد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست