تكهن العلماء منذ مئات السنين بأن الحروب العالمية في المستقبل سوف تشتعل من أجل المياه العذبة .. والمعلوم أن تلك المياه كانت تسرى طبيعياً فوق وجه الأرض في أشكال الشلالات والبحيرات والأنهار والمجاري الموسمية والواحات والآبار والأغادير لملايين وملايين السنيين .. بجانب تلك المياه العذبة المتجمدة في القطب الشمالي .. ولكن قد تدخل الإنسان في أمر المياه حتى أفسد تلك الطبيعة البريئة .. حيث أقام السدود والحواجز وحاصر تلك المياه المباحة خلف السدود والخزانات ليحتكر المياه لنفسه ويمنع الآخرين !!.. وتلك الصورة الظالمة الكالحة تجري حالياً في الكثير من دول العالم .. وهنالك أنهار في العالم قد جفت تماماً حين تم تحويل مجراها إلى مقاصد أخرى .. والملاحظة التي يرددها العلماء في هذه الأيام أن تلك الدول بدأت تمارس نوعاً من الأنانية المفرطة للاستئثار بتلك المياه العذبة لنفسها .. وعلامات تلك الحروب بدأت تلوح في الآفاق .. ويبدوا أن أنهار العالم سوف لن تجد تلك الحرية وتلك السانحة المتاحة كالعادة في مستقبل السنوات .. بل عليها أن تساير رغبات تلك الدول القوية والمتمكنة فوق وجه الأرض .. ويا ليت ذلك الإنسان لا يتدخل في أمور الطبيعة !.. ولو ترك الإنسان أمر المياه العذبة لمشيئة الطبيعة كما كان يسرى منذ أن خلق الله ذلك الكون لكان أجدى وأنفع .. ولكن هو ذلك الإنسان المبتلي بأشكال وألوان الجشع والطمع والفساد في الأرض .. وقد صدقت الآية الكريمة : ( ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) .
تلك الأحداث التي تدور حالياً حول ( سد النهضة ) الأثيوبية تدخل في نطاق ( حروب المياه ) التي تنبأ بها العلماء في يوم من الأيام .. وكل الإشارات والعلامات تؤكد أن المعارك حول المياه العذبة الآن بدأت في هذا الجزء من قارة أفريقيا .. وسوف تمتد تلك المعارك لأجزاء أخرى في قارة أفريقيا وقارات أخرى .. وتلك المناوشات الحالية التي تدور حول ( سد النهضة ) الأثيوبية لن تكون هي الأولى ولن تكون الأخيرة .. بل هنالك أيضاً توقعات أكيدة في المستقبل القريب بقيام سدود لحجب مياه بحيرة ( فيكتوريا ) العظمى وحولها من البحيرات .. وحينها سوف تتحول معارك المياه من النيل الأزرق إلى النيل الأبيض .. وغشيم جداً من يستبعد تلك التوقعات كلياً .. وعلى السلطات والجهات في دولتي المصب ( مصر والسودان ) أن تكونا جاهزتين لتلك المعارك المستقبلية .. والعمل على تفادي ذلك النوع من التخبط عندما يحين الموعد .. وهي تلك الدول التي تعودت أن تنام وتستهون بالأمور حتى تقع الفؤوس فوق الرؤوس .
أما في موضوع ( سد النهضة ) الذي يجري حوله الجدل في هذه الأيام فالشروط والمطالب التي تطالب بها ( شعوب المصب ) واضحة وصريحة للغاية ،، وهي تلك الشروط التي لا تحتاج للكثير والكثير من المناورات والأخذ والرد .. فمطالب تلك الشعوب تنحصر في كلمات قليلة للغاية .. حيث تلك المطالب التي تنادي بالضمانات الضرورية التي توفر الحصص المتفق عليها من المياه في كافة أيام السنة دون نقص يسبب الجفاف والمعاناة .. فإذا توفرت تلك الحصص من المياه طوال السنة والأيام دون انقطاع فلا تهم تلك الشعوب إطلاقاً حتى ولو أقيمت ألف سد من سدود تماثل ( سد النهضة ) ,, فالعبرة لدى شعوب المصب تتجسد في توفر المياه عند الضرورة واللزوم ،، وذلك دون حدوث الجفاف والتصحر .. أما إذا تسبب ( سد النهضة ) أو خلافه من السدود في ذلك النوع من الجفاف والتصحر فحينها الأمر يستوجب تلك الحروب حول المياه العذبة مهما تكون نتائج تلك الحروب !.. حيث الحالة هي حالة الحياة أو الموت .. ( ويا روح ما بعدك روح !! ) .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة