ان الوضع الملغوم والمتحفز الذي كان يسود الشرق في الاونة الاخيرة نتاج صراع مكتوم بين اكبر مكونين من مكونات البجا والذي انتج بدوره صراعات جانبية خاضتها بعض المكونات بالوكالة عن بعض المكونات الاخرى ، كان ينذر بانفجار وشيك غير واضح المعالم ولكنه قبيح المضمون والشكل بطبيعة الحال ، وكثيرا ما نوهنا والحادبون لهذا الامر ولكن كعادة المركز قصير النظر والمتقوقع على ذاته الذي عادة ما يتعامل مع قضايا الهامش باللامبالاة وذلك لان البروتكول السياسي المتبع في التعامل مع قضايا الهامش ومنذ النظام البائد اقتصر على توقيع بعض الاتفاقيات المبهمة التي عادة ما يقودها بعض النفعيين المنبوذين من ابناه المفصولين عن واقعهم الباحثون عن بعض المنافع والمزايا الشخصية .
منذ تولى الوالي العسكري المكلف وقبله تصدر المشهد السياسي في كسلا ثلة من العنصريين التافهيين وبدأت من حينها تلوح على الافق بوادر الصراع الذي عمل على تأجيجه سدنة النظام السابق خلف ستار عبر عدة آليات ( مواقع تواصل اجتماعي ) وتفعيل نشاط عصابات النيقرز والمتفلتين لاثارة النعرات القبلية التي كانت تنتظر من يقدحها ، وقد ساعد على ذلك بعض الانتهازيين من السياسيين الذين كان يفترض فيهم الوعي لقيادة الولاية ولكن للاسف هم من ساعد على تأجيجه، وقد فقدت ارواح نتيجة لهذا الصراع ومع هذا ظل المركز يتجاهل هذه المؤشرات راميا ثقله على مفاوضات جوبا ، كان متوقع من الحكومة الثورة ان تتعامل مع هذه المؤشرات بالوعي المطلوب وتسعى للبحث في جذور المشكلة من اساسها وان دعى ذلك لاقامة بعض اعضاء السيادي بالشرق لفترة مؤقتة حتى يرسو قواعد السلم الاجتماعي ولا يغادروه الا بعد اقامة مؤتمر جامع تناقش فيه كل الاوراق باسهاب للخروج بحلول لمعضلتنا هذه ، فإنقسام تنسيقية الحرية والتغيير ولجان المقاومة وقيام كيانات سياسية عضوية ذات منشأ قبلي وقادة ينادون بحقوق قبائلهم مؤشرا كافي لان تنتبه الحكومة لعمق الازمة في الشرق ظلالها ابعد من ازمة تعيين والي او غيره فعمق الازمة تمثلت في حركتها الديناميكية المنتظمة التي ستقود بما لا يدع مجال للشك لحرب قبائل ستدك الاقليم الشرقي بمن فيه وتذهب باستقرار البلاد برمته.
عندما ابدينا من قبل تحفظنا على ترشيح الاستاذ صالح عمار وامسكنا عن الاسباب كنا نعشم ان تضطلع القوى السياسية والمجتمع المدني على الارض بدورهما في محاربة شيطنة القبائل بزجها في مضمار السياسة فرأينا الذي امسكنا عنه وفعل الكثيرين مثلنا وقتها تفاديا لتأجيج الازمة هو أن الدفع بأي شخص من مكوني البجا ( البني عامر ) و(البداويت) الى منصب الوالي في هذه الفترة هو صب زيت ليس الا في اتون الصراع الخفي في الشرق ، فالشرق للاسف الشديد قد نحى منحى عنصري بغيض وبعيد بشكل مستفذ وواضح للعيان كان يمكن ان يتداركه اقل صاحب عقل حريص على سلامة هذا الوطن ولكن يبدو ان حكوماتنا تعاني غيبوبة سياسية ويغشى عينيها عمش سيؤدى بهذا البلد لمحرقة هالكة لا محالة ، فالشرق وبشكل واضح قد فشل بما لا يدع مجال للشك في قراءة عقده الاجتماعي وانزاله لارض الواقع تعايشا سلميا يعزز التنوع الموجود فيه ويسهم في تنميته الاقتصادية وبالتالي اصبح غير مؤهلا للمارسة الديموقراطية في هذه الفترة الحرجة التي تتطلب وعي يتجاوز حماقات الاصطفاف والتحشيد العنصري مما اوقعه تحت الوصاية القسرية لمٌخاتِلة المركز اصحاب الاجندة .
شهادتنا في الاستاذ عمار ونضالته مجروحة فهو مثال للشاب المثابر وصاحب تاريخ نضالي طويل ضد الانقاذ وله خبرات سياسية كافية تأهله لتولي أي منصب ولكنني اشك تماما في انها ستؤهله لقيادة ولاية تجلس على صفيح من الحريق والنار مثل كسلا فانتمائه لاحد طرفي الصراع القبلي ( مع اسفنا على هذا التوصيف ) يقدح في اهليته تماما ويخلق الاف الاسئلة في نوايا من دفع به لهذا الترشيح سواء هو او مرشح البحر الاحمر فمعلوم لدينا ان شرق السودان مستهدف في صراع اقليمي طموح على موارده ومنشآته ولن تستطيع هذه القوى وضع اليد عليه الا بإشعاله .ولا يمكن إشعاله الا بدفع مكونيه الاساسيين في صراع واحتراب يبرر السيطرة عليه بقانون الطوارئ تمهيدا لتقديمه على طبق من ذهب للطامعين وقد تم فعلا جس نبض قبل هذا باعلان ولاية كسلا واحدة من الولايات التي سيحكمها العسكريين ولكن الحكومة تراجعت نتيجة ضغط المجتمع المدني لهذا الاقتراح الغير مقبول . وقد اسفت حقيقة بقبول عمار هذا التكليف وتمنيت ان يكون حصيفا وشجاعا بشرح قضية الشرق ، قضيته ، لمن عينه وطرح الحلول الجرئية لهم في ضرورة من وما يجب ان يرشح لمنصبه ، لماذا وبأي كيفية!! وانا على يقين بأن رؤيتي ورؤيته لا تختلفان ولكن يبدو انه قد تعجل حظه ، إذ كنا نتمنى ان يوفر نفسه لما بعد الانتقالية .
فأما الان وقد تم التعيين فعلينا جميعا كمكونات شرقية بجميع مشاربنا ومسمياتنا ان نقره وندعمه ما أوتينا حتى نفوت الفرصة على المتربصين بشرقنا الحبيب ، فالفترة الانتقالية فترة مؤقته وعلينا ان ندفع باتجاه انجاحها حفاظا على مكتسبات ثورتنا فتعيين الولاة لم ولن يكون ذو مرتكز قبلي كما تنص الوثيقة الدستورية حتى نستشيط هكذا ونعلنها حربا على ثورتنا فإن كان هناك من ثمة خطأ فهو عدم مقدرة السيد حمدوك من قراءة الظرف الذي يمر به الشرق قراءة حصيفة او انه خدع او انه متأمر وهذا ما استبعده تماما .
على مركزية الحرية والتغيير استدعاء المدعو احيمر وهو رئيس احد الاحزاب التي كانت متماهية مع الانقاذ قبل سقوطها ومساءلته في تصريحاته العنصرية وتحديه لقرارات المركز وتجريده من أي صفة تمت بصلة للحرية والتغيير ، فالرجل يبدو انه لم يستوعب معنى الحريات التي كفلتها له الثورة فراح يطعن في مواطنة والي مختار من قبل الحرية والتغيير بل اعلن بشكل مباشر اعلان حرب قبلية بقيادة بعض المكونات الاثنية ضد المكون الذي ينتمى اليه السيد الوالي مما يعني ان هذا اعلان حرابة وزرع فتنه ستأتي على الاخضر واليابس وعلى المركز تداركها قبل ان تستفحل .
كما إن السيد ترك ناظر عموم الهدندوة قد اخطأ خطاءاً فادحا بتصريحاته المناوءة لتعيين ولاة الشرق ( واتنمى ان يكون التسجيل المبذول على مواقع التواصل الاجتماعي ليس له ) كرجل حكيم نثق في حكمته نرجوه ان يراجع موقفه هذا فكثيرا ما ردد قبل ذلك انهم والبني عامر أهل يتشاركون ارض واحدة لكن يبدو ان تأثيرات الوضع السياسي المتردي في الفترة الاخيرة قد الغت الظلال على حكمته واوقعته في هذا الخطأ التاريخي الذي لن يغفره له ولا ادرى من اين استقى تهيئاته هذه وظن ان التعيين للولاة يجب ان يكون محاصصة قبلية تمنح لصاحب الثقل الوجودي والتاريخي في المنطقة بغض النظر عن الكفاءة التي نصت عليها الوثيقة الدستورية ، فالوثيقة الدستورية تعترف بالقبيلة كمكون اجتماعي وثقافي يرفد الوطن بمفاهيم الوطنية بالتمسك بالجذور الراسخة للامة ولا يقدح في المواطنة كمفهوم قومى يذوب الحدود الافتراضية بين ابناء الشعب الواحد .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
حيدر الشيخ هلال
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست