في بداية التسعينات التقي احد اقربائي بطبيب عمل بمستشفي منطقتنا في السبعينات، قال له اتذكر يا دكتور عندما كنا نأتي بك من البار وندخلك غرفة العمليات وانت سكران؟ ضحك الطبيب ضحكا شديدا حتي دمعت عيناه وقال: (ايام الجاهلية ديك) الطبيب استخدم التعبير الصحيح، الجاهلية، في الثمانينات جاءت ما سمي بالصحوة الاسلامية، نعم استطاعت ان تغير كثير من العادات الجاهلية، ولكن بالطبع لم تكن تلك الصحوة مكتملة، تغيرت اشياء، واشياء لم تتغير، وجاءت سلبيات اخري، قبل الصحوة كنا نري الخمور والقمار والدعارة في كل مكان عينك عينك، وهذه مظاهر الجاهلية الاولي في الجزيرة العربية، وهي التي جاء الاسلام لمحاربتها، الصورة النمطية لتلك الفترة .. صورة الفارس الذي يحمل سيفه ويركب جواده وهو يحتسي الخمر، للاسف رأينا تلك الصورة في القرن الواحد والعشرين، وهي صورة الجنجويد، كلمة الجنجويد هي اختصار لثلاث جيمات، جيم 3 (بندقية)، وجن (خمر)، وجواد، مع الصحوة الاسلامية ظهرت سلبيات اخري جديدة، التطرف الديني، والفهم السطحي للدين، والتمسك بالقشور، وهناك اشياء استعصت علي الازالة، في الجاهلية الاولي كانت القبيلة كل شئ، وكان القوي يأكل الضعيف، كانوا يغزون القبائل الاخري ومن يأسرونه يستعبدونه، وكانت المرأة عندهم جارية- خادمة، وللاسف العرب عادوا لكثير مما كانوا يفعلونه في الجاهلية، الآن مناظر القتل الوحشي في كثير من الدول الاسلامية، القتل بسبب وبدون سبب، فلا يمكن ان يمر يوم دون انفجار او اختطاف او غارة جوية او ارضية، وتشكو كثير من النساء من التحرش، وهناك جرائم الشرف حيث يتم التخلص من المرأة لاقل شبهة.
القبلية والعنصرية جهالة جهلاء، كان ابائنا الي وقت قريب - ولا زال قليل منهم - يستخدمون عبارات مشينة مخزية تجلب العار، فلان (حر)! معقول؟!! فماذا ان لم يكن حرا؟ طبعا مقابل حر هو عبد، فالمرأة (خادم)! هذا في مناطق تمكن الاسلام من دخولها! هذا يتنافي كليا مع الاسلام، ولست محتاجا لايراد الادلة فالامر معروف.
لكن ماذا اذا صدرت العنصرية من شخص متعلم ومثقف، شخص يقول مثلا ان الجنوبيين يختلفون عنا في السحنة والثقافة! ولذلك دعا الي انفصالهم عن الشماليين، ولكن العنصرية هنا تكون مرضا! الا يمرض المتعلمون؟ كيف لمتعلم ان يظن مجرد ظن ان قبيلته هي افضل من قبيلة اخري؟ اليس هذا عارا؟ كثيرون من داخل النظام انتقدوا شذوذ من قال بالانفصال لدواع عنصرية.
لا يمكن ان نطلق علي نظام كامل انه عنصري، فمثل هذه السفالات والقاذورات لا تصدر الا من افراد، (يا عنصري ومغرور .. كل البلد دارفور) هذا احد شعارات الثورة، جرائم الحرب التي وقعت بين 2003 و2004 شئ مخز ومثير للاشمئزاز، ولذلك كان بعض جيش النظام يتمرد علي التعليمات، واذكر جيدا الموقف البطولي لبعض القوات الجوية الذين رفضوا ضرب اهالي دارفور بالطيران، شرذمة قليلة هي المصابة بذلك الداء، النظام وظّف القبيلة والعنصرية كأدوات لاستبقاء السلطة اطول فترة ممكنة، وهذا طبعا من باب (فرّق تسد) والآن الفلول يعزفون علي وتر القبلية والعنصرية، وهم يزعمون ان هذا موجود عند كل الناس، فهم بهذا يريدون لليأس ان يسيطر علي الناس.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد سمنّور
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست