تقديم : اليوم، وبفضل وسائل الإعلام الاجتماعية والتكنولوجيات الجديدة، يمكن لأي شخص لديه إمكانية الوصول إلى الإنترنت نشر مدونه الخاص، وحشد الاهتمام لقضيته - حتى لو كانت متجذرة في مؤامرة أو مستندة إلى ادعاء كاذب!! ( ابو غزالة )
بعد إنقضاض نظام الجبهة الإسلامية علي الحكم سرت لدي كثير من الناس حالة يمكن وصفها ( بالكفر الديموقراطي ) وهي حالة ناتجة عن أن إنقلاب البشير تأسس علي حالة من الفوضي الحزبية نتيجة لإختلالات إجتماعية وسياسية و ثقافية، وظلت ملازمة منذ مؤتمر الخريجين، وإستمرت بتقدم السنين بعد الإستقلال من كبوه ديموقراطية تفرز كل مرة ديكتاتورية من جديد، هذه الحالة إستمرت وأصبحت متلازمة ( تفريط القوي الحزبية وعدم حفاظها علي الديموقراطية رغم التضيحات الجسيمة التي جاءت بهم علي سدة الحكم ) . بعد دخول عصر التكنلوجيا المعرفي وثورة الإتصالات أصبح الحصول علي المعلومة أسهل والوصول إلي حقيقيتها من عدمها أسرع، وكذلك تشكيل الرأي والتنبؤ بالميول الشعبية حتي الوصول الي التحكم فيها والحكم عليها. إذن نحن في عصر جديد مختلف في كل شئ، وأتت علينا ثورة ديسمبر ونحن منهكين علي كافة الأصعدة الوطنية والشعبية، ورغماً عن تفاوت التعاطي مع الميديا والتكلنوجيا لأسباب محدودية التعليم وصعوبة الاتصالات والفقر والحرب إلا أن التأثير الكبير لوسائل التواصل أنتج وعي جماعي ساهم في إحداث التغيير وإسقاط البشير. أن هذه الوسائل ساهمت في تسريع تداول المعلومات وتلقي الخطط وموجهات المواكب وغيرها، وأسفرت عن عمل عظيم حددته دماء الشهداء فصارت بوصلة الجميع في اتجاه مستقبل أفضل. بعد سقوط النظام وبعدما إتحد الناس لإسقاطه إختلفنا من بعد ذلك كل حسب تصوره الخاص لكيفية صناعة المستقبل، وهو إختلاف حميد ولكن مخرجات الثورة أتت بنصف ما كنا نتطلع إليه ( مدنية بس )، وهذا النصف البعض يصفه منطقي لإيقاف إراقة كل الدماء ، و هو وصف مثالي إصتطدم بصعوبات نواجهها الآن فأصبحنا مشتتين بين إعادة تأسيس الدولة بشكل حديث، و بين أهداف لم تكتمل بحيث نذهب الي إعادة تأسيس البناء الوطني!. إستجابة الشعب السوداني تجاه إستكمال طريق الثورة تصبح بائنه عند كل الإختبارات التي تمر بها التجربة، ورغم مزاعم التفسيرات التي تذهب إلي إيقاف العبور المنشود بوضع الأحجار صغيرها وكبيرها أمام قاطرة التغيير. هذه الإستجابة مع ركون حكومة الثورة للأمر الواقع وهو ( إصلاح النظام القديم عوضاً عن سفك كل الدماء )، وتوهان القوي الحزبية التي تقود العمل السياسي الآن أصبحت تتعالي اصوات جديدة وأيادي تمسك جذوة الثورة بشرف مطمئن، وتواصل بإدراك أن ما يحدث في بلادنا هي دورة جديدة من دورات التاريخ تسهم المعرفة وخلاصة ما وصلت إليه البشرية في صناعته. في نفس الأوقات صعدت أصوات جديدة بعضها كان يتواري تحت موائد النظام المباد وهي الآن تقدم نفسها كصانعة للتغيير، وتسوِّق لوعي زائف بأن النظام قد سقط بالكامل، وهي تعلم أن المتهم الرئيسي في مجزرة طلاب الخدمة الوطنية بمعسكر العيلفون لا يزال يمثل السودان في الجامعة العربية!، وأن مقترح حمدوك لوزارة مالية النظام السابق لا تزال موجودة رسمياً في الاتحاد الإفريقي!. هذا الوضع يجب أن نميزه بوضوح أن رواد الهبوط ليسوا من بين المعارضة السابقة للنظام والحاكمة الآن ، بل إن أهم رواد الهبوط الناعم هم من أبناء الحركة الإسلامية نفسها. لم تقبل قوي الثورة التي مصلحتها مع التغيير وإعادة بناء الدولة هذا الوضع المختل وهي تتجه الآن وبهدؤ صاخب إلي إستعاضة خطاب جديد يتجه نحو الحداثة، ووضع إجابات لا تزال مطروحة وتطرق بعنف علي اذهان جيل المستقبل. ومن ميزات هذا الخطاب أنه يتأسس علي نقد التجارب الحزبية والشخصية والإجتماعية وفقاً لإجتهادات حميدة تنقد ولا تجرح، وتصادم وتفضح بجراءة كل خطوات الردة، وتصيب بضاعة مخابرات الخارج بالبوار الذي في آخر تطوراته وإختراقاته يتجه لتأسيس قوي سياسية جديدة وبديلة عن تلك المفضوحة بهبوطها الناعم وصعودها الخجول تجاه حتمية التغيير. من أهم ميزات هذا العصر التكنلوجيا التي أكدت أن من يمتلك المعرفة ليس وحده من يصنع التكنلوجيا، وهذه الميزة أعطتنا في السودان مساحات فضائية مفتوحة للنقد والتقييم ثم التقويم اللازم، لقد فتحت التكنلوجيا ثلة للضوء يُنفذ من خلالها لتبصير الناس.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة