خربشات على جدار الحزب الشيوعي (2) بقلم سيد أحمد حسن بتيك

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 07:44 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-16-2020, 08:59 PM

سيد أحمد حسن بتيك
<aسيد أحمد حسن بتيك
تاريخ التسجيل: 06-12-2017
مجموع المشاركات: 12

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
خربشات على جدار الحزب الشيوعي (2) بقلم سيد أحمد حسن بتيك

    08:59 PM June, 16 2020

    سودانيز اون لاين
    سيد أحمد حسن بتيك-sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر





    نواصل ما انقطع من غوص في أعماق الحزب الشيوعي وذلك بغية تسليط الضوء على مكامن القوة في حزبٍ نال عدداً من الضربات الموجعة وكانت كل ضربة كفيلة بنهاية مأساوية للحزب لكنه بقي صامداً لأكثر من نصف قرن، بل وما زال لاعباً تخشاه كبريات الأحزاب بينما تناصبه العداء أحزاب أخرى وإن كانت تقتدي بمسيرته في الخفاء.
    والناظر بعين فاحصة للسياسة السودانية في أربعينيات القرن الماضي والوطن يكابد مخاض الاستقلال من بريطانيا لا محالة قانع بصعوبة التحرر من براثن امبراطورية لا تغيب عنها الشمس مدعومة بنظرية فرق تسد وما أخبثها من نظرية ويكفيها خبثاً أنها استخدمت بعد سودنتها من قبل أتباع الاسلام السياسي في تجزئة الوطن أولاً وفي اشعال حروب قبلية وجهوية مدمرة ثانياً وتلك قصة أخرى.
    وعليه نجح الاستعمار في سياسة فرق تسد من خلال استقطاب جزء مقدر من النخبة واستمالتهم وعزلهم عن مجتمعاتهم الفقيرة وكذلك من خلال دعم الطائفية والقبلية باطلاق يدها ومنحها سلطةً وأرضاً وثروةً بينما أغرت غالبية رجال الدين مستعينة بمصر حليفتها في الاستعمار بمنحٍ تعليميةٍ في الأزهر قبل توظيفهم لصالح المستعمر في دائرة القضاء وفي سلك التعليم الديني. في تلك الاجواء كان ميلاد الحزب الشيوعي عبر كيان تم تأسيسه في العام 1947 م أسموه الحركة السودانية للتحرر الوطني. وغني عن القول بأن الطليعة التي انضمت لتلك الحركة كانت من المثقفين الذين سمت وطنيتهم لأفاق رحبة وارتضوا الوقوف مع الشعب بدلا من مغريات المستعمر وحياة الترف والدعة. وتلك كانت اللبنة القوية الأولي في بناء صرح متين لأن الولوج لعالم السياسة كان من مدخل صدقٍ عبر تضحيات جسام ولخدمة أهدافٍ نبيلةٍ وليس عبر مكاسب حزبية ضيقة أو مطاعم شخصية.
    ومن الطبيعي في ظل هيمنة القطبية الثنائية التي كانت تجتاح العالم في تلك الفترة ما بين أنظمة رأسمالية غارقة في الاستعمار إلى أذنيها وأنظمة اشتراكية تتبني أطروحات الاستقلال أن تلوذ حركات التحرر بالاتحاد السوفيتي استهداءً بكفاح الطبقة العاملة ونضالها في وجه الانظمة الرأسمالية خاصة في غياب البدائل وضعف وسائل التواصل وقتئذ. ودار جدل كثيف بين الطليعة السودانية المؤسسة للحزب الشيوعي عكس درجة كبيرة من الوعي والاستقلالية وانطلق من دوافع وطنية صادقة حول الرؤية التي ينبغي اتباعها في سعيهم لتكوين كيان سياسي. ولعلها كانت أول ممارسة ديمقراطية تفتح أبواب الشورى على مصراعيها لتحديد المسار والاختيار ما بين اعتناق الماركسية كمذهب يتم تدريسه للاعضاء وتطبيقه في السودان وما بين الاستعانة بالماركسية كأداة من أدوات التحرر من الاستعمار ووسيلة لتطبيق الاشتراكية باعتبارها أقرب لطبيعة المجتمع السوداني وقيمه الدينية. أتباع الرأي الأول كانوا بقيادة عوض عبد الرازق - مؤسس وقائد الحركة السودانية للتحرر الوطني- وعرفوا بالتربويين أو الدعويين بينما أنصار الرأي المخالف كانوا بقيادة عبد الخالق محجوب وعرفوا بالثوريين. وكان صراعا فكريا ثرا وممتدا بين المجموعتين، ومما يؤسف له انسحاب عوض عبد الرازق من الحزب بعد أن ضاق ذرعا بالشورى التي أفضت لتنامي شعبية أطروحات عبد الخالق. إن توسيع مواعين الديمقراطية والاستفادة من تجارب الأخرين كأدوات للتغيير لا عقيدةً واجبة الاتباع كانت لبنة قوية أخرى في بناء الحزب الشيوعي وبذرة صالحة للنمو في التربة السودانية الخصبة. ومن ثمار تلك النبته بزوغ نجم الحزب في أفريقيا والعالم العربي بصورة أفضت لأن يتولى عامل في سكك حديد السودان منصب نائب رئيس الاتحاد العالمي لنقابات العمال وكان وقتها أصغر قيادي في الاتحاد. ولعل الدرس الهام يتلخص في أهمية ممارسة الديمقراطية في داخل الحزب مهما كانت التكلفة، فذهاب قائد الحزب خير من ذهاب الشورى... والاستعانة بأدوات التغيير خير من استيراد الأفكار والنظريات المعلبة.
    وبانسلاخ عوض عبد الرازق صار عبد الخالق محجوب سكرتيرا عاما للحزب الشيوعي وواصل نهجه في الاستقلال عن موسكو وتوسيع دائرة الشورى في حزبه الجديد. ولأول مرة في تاريخ الحزب يتم تصعيد أعضاء لجنته المركزية من القواعد خلافا لمنهج عوض عبد الرازق في التعيين كما أن رفض الحزب للوقوف بجانب روسيا في صراعها مع الصين أكد استقلالية الحزب ورفع من أسهم الحزب الشيوعي السوداني بين كل الأحزاب الشيوعية التي كانت تدور في فلك الروس مغمضة العينين. إن استقلال الحزب وتمسكه بقيم وأعراف أهل السودان جعلت سياسي كبير في قامة محمد أحمد المحجوب يدلي بشهادته لصالح عبد الخالق محجوب وهو يوثق للتاريخ: "لقد عرفت عبد الخالق لما يزيد عن عشرين عاماً وقد كان انساناً عالي القامة وشجاعاً وكانت الأخلاق والتقاليد السودانية تأتي في طليعة مكونات فكره السياسي وكان اسهامه ملموساً ومقدراً في المؤالفة بين الخلفية الاسلامية في السودان وأرائه الماركسية الثورية وهذا ما جعلني أصف الحزب الشيوعي السوداني على الدوام بأنه حزب سوداني خالص لا يدين بأي ولاء لموسكو أو لأي حزب شيوعي آخر".
    لقد أشعل سطوع شمس الحزب في سماء السودان غيرةً وحسداً في قلوب الساسة من حزبيين وأصحاب مطامع زايلة وتحركوا يدبرون المكايد ويطلقون الشائعات ويستغلون المساجد لرمي الحزب بالكفر مع العلم بأن ذات الأئمة كانوا يناصرون المستعمر للدرجة التي أشعلت حماس شاعر كبير مثل يوسف مصطفى التني فكال لهم هجاء قاسياً في قصيدته التي يقول فيها:
    ألا يا هند قولي أو أجيزي *** رجال الشرع أضحوا كالمعيز
    ألا ليت اللحى صارت حشيشا*** لتعلفها خيول الانجليز
    وقد بلغ التردي السياسي حد اصدار بيان مزور باسم الحزب الشيوعي السوداني يدعو الى مهاجمة الدين الاسلامي واسقاطه، بل حاولوا اثارة الفتنة عبر المساجد وأعجب ما في هذا الأمر أن إمام الأنصار عبد الرحمن المهدي تولى بشخصه اخماد تلك الفتنة بجامع الانصار في يوم جمعة مشهود بل ومضي لأكثر من ذلك كاشفاً عن معرفته عن كثب بالشيوعيين ومؤكداً بأن أسلوب البيان الملفق ولغته لا تشبه أسلوب ولغة الشيوعيين.
    وتلى خطبة زعيم الانصار مقال بليغ صاغه سكرتير الحزب الشيوعي ونشر في الصحف ونكتفي بفقرة واحدة من تلك المقالة علها تلخص منهج الحزب في الخلاف السياسي . لقد ختم عبد الخالق محجوب مرافعته التاريخية عن الحزب الشيوعي بقوله: "إن الرجل الشريف يصارع الفكرة السياسية بالفكرة السياسية ويعارض فكرة معينة بالحجة والمنطق. إن محاولة تزييف أفكار أعدائكم أو من تتوهمون أنهم أعداؤكم بهذه الطريقة الصغيرة لا تليق فوق أنها عيب فاضح، أما أساليب الدس فهي من شيم الصغار جداً حتى لو كبرت أجسامهم وتوهموا في أنفسهم علو المقام".
    لقد نجح عبد الخالق محجوب في سودنة الماركسية وهي بضاعة شرقية تماماً مثلما نجح في تبني الديمقراطية داخل حزبه وهي بضاعة غربية وكل ذلك في اطار زيتونة لا شرقية ولا غربية. رحل عبد الخالق بعد مسيرة شاقة وخرج من الدنيا كما دخلها فقيراً وتولي الأمر من بعده محمد ابراهيم نقد والحزب مطارد بعد اعدام ثلة من قادته ونجح في قيادة حزبه متخفياً وبذات القيم السودانية الأصيلة، ولكم أعجبتني حادثة سودانية مائة بالمائة طرفاها الجلاد والضحية. ففي فجرٍ مبكرٍ والناس نيام خرج نقد من مخبائه باحتراس شديد وذلك لأداء واجب العزاء لشخص غير شيوعي كان رفيقه في سجون نميري. وأثناء تحركه في الطرقات تعرف عليه رجل من رجال الأمن وتبعه في الخفاء، وعندما شاهد نقد يطرق باباً ويقدم العزاء لصاحب الدار انسحب رجل الأمن تاركاً نقد يعود من حيث أتي دون أن يقبض عليه أو يتتبعه ليعرف مخبأه... فهل ستعجب من سودانية نقد وهو يخاطر بحياته من أجل واجب اجتماعي أم ستعجب من أصالة رجل أمنٍ يستحي أن ينقض على عدوه وهو يقوم بواجب عزاء؟
    أيضاً رحل محمد ابراهيم نقد من هذه الدنيا فقيراً مثل سابقه (دخلوا فقراء الي الدنيا*** وكما دخلوا منها خرجوا). رحل مخلفاً وراءه وصية بمن سيتولى الصلاة عليه حين يحين الأجل فتأمل. ولعل مقدرة الحزب على تقديم القيادة الأنسب لكل مرحلة هي جزء من إرث الراحل عبد الخالق محجوب فهل سينجح محمد مختار الخطيب – السكرتير العام الحالي للحزب والقادم من أرض الحضارة النوبية العريقة ومهد القيم والتراث - في تحقيق مكاسب كبيرة للحزب بعد سقوط غريمه الأكبر وفشل تجربته في حكم البلاد؟
    في الختام نشير إلى أننا لا نتفق مع الحزب في كثير من أطروحاته وأن للحزب أخطاء كثيرة بعضها من جراء تغليب رأي الأغلبية في نظام ديمقراطي وبعضها كردة فعل لاقصاء الحزب وبعضها سوء تقدير... لكننا حصرنا حديثنا في الايجابيات ويكفي الحزب نجاحاً أن الحركة الاسلامية – العدو اللدود للحزب الشيوعي- ظلت ردحاً من الزمن تقتدي بمسيرة الحزب الشيوعي في العمل التنظيمي وفي الانقسام الشهير لمجموعة الصادق عبد الله وجماعته بعد أن سار الترابي سيرة الشيوعيين في الاستقلال عن الخارج ثم تمعن في تكوين الجبهة الاسلامية القومية بعد أن ابتدع الحزب الشيوعي الجبهة الديمقراطية. ولو أن الحركة الاسلامية اقتدت بالشيوعيين في سمات قوتهم فحسب لكان ذلك محمدة لهم وللشيوعيين لكنهم دخلوا جحر الضب الخرب في إثر الشيوعيين وقادوا انقلاباً عسكرياً بنفس الكيفية... فهل يا تري سيواجه قادة الانقاذ ذات مصير عبد الخالق ورفاقه جزاءً وفاقا؟
    نأمل أن يكون في استعرضنا السريع لمسيرة الحزب الشيوعي بعض الفائدة لشباب الثورة وهم يتنسمون خطى الثورة كما نأمل أن يوفق غيرنا في تسليط الضوء على مسيرة البقية الباقية من الأحزاب استعداداً لدورة جديدة من الديمقراطية.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de