هناك علاقة وثيقة بين احداث العنف التي وقعت في ولايات الشرق الثلاث: القضارف، كسلا وبورتسودان، وولاية جنوب كردفان/ جبال للنوبة: مدينة كادوقلي واريافها، الدلنج، الحجيرات، مناطق اونشو والكواليب، المنطقة الغربية من جبال النوبة التي تم ضمها إلى ولاية غرب كردفان، مدينة الدامر بولاية نهر النيل، وأخيراً أحداث المحيريبة بولاية الجزيرة. الملاحظ أن هذه الاحداث قد وقعت في سبع ولايات تمتد في رقعة جغرافية واسعة، وليس من قبيل الصدف أن تتزامن كل هذه الأحداث أو تتعاقب على هذا الشكل المحكم، وأن يكون الرابط والقاسم المشترك بينها جميعًا مكون اثني واحد هم النوبة، فما الذي يجري وما هي دلالات وتداعيات هذه الاحداث؟
إن احداث العنف بين النوبة والبني عامر غالباً ما تبدا بشجار أو خلاف عادي أو مفتعل بين أفراد من المجموعتين لكنها سرعان ما تاخذ الطابع الإثني أو الجهوي بعد تدخل طرف ثالث ليحمى الكوع بعدها ويطرق الحديد.
قراءتي لاحداث الشرق أنها فتنة قديمة بين النوبة والبني عامر يتم تاجيجها بين الفينة والاخرى لخدمة اهداف لقوى داخلية واخرى خارجية. داخليا، هنالك فلول النظام السابق من الاسلاميين الذين لم ينقطع عشمهم في العودة إلى السلطة، لذلك هم ينشطون باستمرار في إثارة الفتن والمشاكل لاضعاف حكومة الثورة واسقاطها لتخلو لهم الساحة ويعودوا إلى ضلالهم القديم. علاوة على ذلك، نجد أن الإسلاميين وحزب الأمة وبعض الدوائر في الحكومة الانتقالية يستهدفون النوبة في ولايتهم، كما أصبحوا يستهدفون مؤخراً مجتمعاتهم المنتشرة في كل مناطق السودان لدوافع سياسية وعنصرية سنتحدث عنها بتفصيل في المقال الثاني إن شاء الله.
خارجيا، يرى بعض المراقبين والمحللين السياسيين أن هنالك قوى اقليمية تعمل في السر والعلن لتضع يدها على الموانئ السودانية بقصد احكام سيطرتها على واحدة من أهم وأخطر الممرات المائية في العالم، مستخدمة في ذلك وسائل عديده إحداها هي إحداث قلاقل أمنية في كامل الإقليم الشرقي تمهيداً لانفاذ مخططات معدة سلفا قد تفضي إلى فصله وضمه إلى دولة إريتريا. ويعتقد أن بعض العناصر السودانية ضالعة في هذه العملية .
صفوة القول، هو أن الصراع بين النوبة والبني عامر ذو طبيعة مزدوجة. فمن جانب ينظر إلى المكونين على أنهما تروسا في آلة كبيرة يتم توظيفها لخدمة أهداف قوى اخرى. ومن جانب آخر، يرى البعض أن للبني عامر مصلحة في في هذا الصراع، لكن الذي أعلمه يقينا واجزم به هو أن النوبة منخرطون فيه اصالة عن أنفسهم للدفاع عنها وعن هويتهم الجمعية غير المرغوب فيها.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة