لم يعد من أحد يشك في فشل الحمام الغمران، الذين اعتمدوا على الإعلام الكذوب والجداد الالكتروني، وهم يتجاهلون حقيقة مهمة..وهي أن الإنسان المنتج لا يحتاج لإعلام ولا الجداد ولا الأكاذيب. أما غير المنتج، فيكذب ويستمرء الكذب وكما قيل في المثل:(حبل الكذب قصير). سألني أحد أنصار القحاطة بعد أن أصبح الفشل شاهداً عليهم: ألم يكن لديهم كفاءات؟ قلت: السودان مليء بالكفاءات...ولكن التعيينات لا تتم على أساس الكفاءة في هذا البلد. وقصصت عليه قصة كنت فيها شاهد عيان، إذ قبل ثمان أو تسع سنوات زرت بمعية صديق، شخصاً من كبار الكيزان، وكان جميع كبراء الكيزان مجتمعين في منزله. وكان يتحدث بالهاتف صائحا: - فلان دة أدوهو الوزارة الفلانية..دة زولنا تب...لا لا داك ملكلك وضلو ميت... قرابة نصف ساعة كان يملي أسماء الوزراء. وكنت قريب عهد بهذا البلد إذ عشت قرابة أربعة عشر عاماً في مصر. عندما غادرنا سألت صديقي: - هل من المعقول أن تتم التعيينات بهذه الطريقة؟ اندهش من سؤالي، واندهشت من اندهاشه، هو اندهش لأنه لم يكن يتصور طريقة أخرى للتعيينات، وكنت مندهشاً من أنه هكذا تدار دولة. منذ تلك اللحظة، اكتشفت أن هذا البلد لكي يصل فقط لمستوى دولة كمصر القريبة فهو يحتاج لخمسين سنة على الأقل. ناهيك عن أن يصبح دولة ذات شرف يرفع إليها الناس أبصارهم. نصير القحاطة، لم يفهم مغزى القصة، والمغزى بسيط جداً، ففي السودان، يكون الخبير من أولي العلم والمعرفة، أكثر من يخافه السياسيون، فمثلا، سأضرب لكم مثالين، أحدهما الأحزاب التقليدية، فالصادق المهدي لا يمكن أبداً أن يقدم لوزارة شخصاً ذا كفاءة، حتى لا يسحب منه الأضواء، وتجمع الوهميين مثلاً، له قصص طويلة. ربما لا يعلم الكثيرين لماذا شككت في تجمع الوهميين هذا منذ أول وهلة وعرفت أن وراءه ما وراءه، لقد قرأت على مشارف الثورة رسالة أرسلها قدامى القضاة، لينضموا كمهنيين لذلك الكيان، وقد اشتكوا من تجاهل طلبهم. طبعاً، كان انضمام قامات قضائية سيسحب البساط من أقدام ذلك الكيان، ونفس هذا التجاهل، حدث عندما قام ذلك التجمع الوهمي، بتجاهل ورقة تجمع أساتذة جامعة الخرطوم. في السودان حول مقترحات الإصلاح، الكل يخاف الكل، الكل ينكمش تحت بقعة الضوء، ويضرب سياجاً حول بقعته خوفاً من سطوع نجم شخص آخر ينافسه. لذلك كنت أدرك أن تجمع الوهميين لن يأت بأي قيادات ذات كفاءة، بل على العكس، سوف يأتي بشخصيات باهتة، يستطيع تدميرها عبر إعلامه وجداده بسهولة إذا حاولت التمرد على سيطرته. تماما كما فعلوا ببعض من أشركوهم كالدقير ومريم الصادق وتماماً عندما هم اليوم يقومون بتدمير دسيس مان وبتاع اللايفات (مين شو كدة)، وقبلهم امادو وغيره من المغفلين النافعين للمرحلة. ما كنت لأخبر نصير القحاطة بذلك، لقد آثرت الصمت، لأن هذا موضوع شائك جداً.. موضوع يرتبط بالروح التدميرية لدى الفرد السوداني، تدمير من يزاحمه في الفرص المحدودة التي يرفع الجميع أسلحتهم في وجه بعضهم البعض لكي يقتنصوها. ولذلك، لم يحاول طوال الفترة الماضية؛ لا المجلس العسكري ولا القحاطة، الدعوة لمصالحة مجتمعية شاملة، فهم في الواقع وجدوا فرصة لا يمكنهم إشراك غيرهم فيها. وفي النهاية، سوف يدخلون خازوقاً في أنفسهم وفي البلد، وكما ظلت كل حكومة تلعن أختها سوف يتلاعنون أبد الدهر، ومن يمتلك السلاح والمال سينصب المشانق للأضعف. ثم يبحث الضعيف عن الدعم لائذاً بدول أجنبية، فيضحى عميلاً ينخر بشرِّه الغصن الذي يقف عليه عدوه متربصاً، وهكذا تدور الدوائر، ويكون البؤس دولة بينهم وهم كالأنعام أو أضل سبيلاً. إن السودان خازوق لأصحاب المعرفة والوعي، فهو أكبر دولة منتجة للطاقة السلبية في العالم، طاقة مكونة من البغض والحسد، وتجميل الوجوه القبيحة والأرواح الشحيحة. إنني أنصح كل من لم يتلوث بعد بأن يغادر هذا البلد بأسرع ما يكون، فهو خازوق الخوازيق، لمن أراد الهدى والرشاد وسواء السبيل. إنه الشر المطلق المحض..ولا مساس..لا مساس..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست