تكمن خطورة نظام الثلاثون من يونيو الذي مرد على النفاق الديني معرفته بمفاتيح هذا الشعب المتدين بالفطرة ، وللاسف الشديد ان كثير من المتدينين ونتيجة للتجريف الكبير الذي مورس على الشخصية المسلمة على مدى قرون اصبح فهم الدين عندهم مشوشا بشكل كبير حيث تلعب العاطفة التي يسهل قيادها دور كبير فيه ، فبعد ان كان الايمان يتأتى عبر عملية شك ملحة تتبعها رحلة بحث مضنية ادواتها الاستفهام والاستفسار والتعلم مما يراكم ذخيرة معرفية ضخمة تعمل على ترسيخه عبر العلم والمعرفة في عصر كانت قضية الايمان فيه قضية جوهرية لمجتمع رسالى تربى على يدي الرسول صلى الله عليه وسلم ، اكتفى المسلم من دينه بقشور التدين بفعل الاقحامات النصية المهولة التي افرغت الدين من جوهره واستسهال المسلمين قضية الايمان فتفككت البنية العقلية للمسلم وتنازل طواعة عن حقه في البحث عن الحقيقة للاكليروس ورجال الدين الذين سخروا من اعمال العقل المفرد وزجوا به في دوامة القطيع فسهل قياده على يد المنافقين الذين اقاموا عليه محاكم النصوص فتمت قولبته في قالب الانطباعية والبداءة والتجهيل. وهم ما اطلق عليهم المتدينون النافعون!!
واهم من يعتقد ان الذين خرجوا بالامس هم عضوية المؤتمر الوطني او جياع اخرجهم الوضع المعيشي المتردي او بعض المنتفعون الذين تأثروا بالقرارات الاخيرة فقط ، فكثير من هذا الشعب والذي اضحت معرفته عن الدين معرفة سطحية انطباعية يمكن لتعليق صغير او تصرف اخرق او حتى نمط تدين مخالف للارث المعرفي المتوارث لديه ان يحدث فرقا كبيرا في مزاجه المتدين ، ويستنهض حنقه الازلي على كل مما شأنه ان يؤثر على تنميطه هذا !! فخطاب صغير لرئيس الوزراء تسقط عنه البسلمة سهوا او عمدا قد يكون كافيا للكثيرين بتكفير حكومتنا الانتقالية بمرتها ، لهذا كثيرا ما تملكني الغضب من بعض التصريحات الغير ضرورية للوزراء وقادة قحت التي ساعدت في تذكية هذه المفاهيم المغلوطة وهو ما تستغله قوى النفاق بكل احترافية لقياد جموع ساخطة لدينها كما رأينا بالامس.
يركن المتدينون بشكل فطري الى قوة السلطة الا ان السلطة عندهم تعني تفويض إلهي لا يتأتى بطبيعة مجتمعنا المسلم السنى الا من خلال صولجان الارث الروائي المربك والمحشو بأهواء واطماع النفوس التي فصلت الدين وما يتماشى مع اهواءها عبر فقهاء سلطان مجرمون غيبوا عنه قرآنه الهادي واغرقوهم في دوامة المرويات المتضاربة والمتناقضة ، فالذين خرجوا بالامس يحشون عقولهم الفارغة بقصاصات حرمة الخروج على السلطان ولكن لا بأس عندهم من الخروج على حكومة مدنية !! طالما انها لن تعمل آلتها القمعية ضدهم ولن تحاكمهم بمحاكم النصوص والمرويات . وهو ما يثير مخاوفنا بأن هؤلاء النافعين قد يشكلون خطرا داهما على ثورتنا لانهم سيكونون أداة طيعة على يد اعداء الثورة يشكلون مزاجهم بما يتماشى وتحقيق مآربهم الخبيثة ، عليه كل دعاوي الحكم العلماني التي يهرطق بها بعض قيادات قحت ومسؤولي الحكومة الان هي دعوة إلحاد وكفر بالنسبة اليهم تستوجب الخروج عليها بكل ما أوتو من أيمان ، وهو ما سيخلق انشطار في الشارع الثوري قد يتخذه العسكر اذيال الحكم البائد ذريعة للانقضاض على السلطة في ظل تكرار مثل هذه المسيرات التي لا يمكن ان يتكهن احد بتمددها وقوة تأثيرها ، عليه ندعو جميع المسؤولين النأي عن استفزاز الشعب بهذه التصريحات الجوفاء فليس من مهام الفترة الانتقالية تحديد الهوية الدستورية للبلاد ففي النهاية الشعب هو من سيختار دستوره ، وعليهم الالتفات لمهام الفترة الانتقالية التي تتمثل محاورها الاساسية في تفكيك هذا النظام الظلامي واحلال السلام الدائم في البلاد .
مقدر هذا التباطؤ والسلحفائية التي تمارسها حكومتنا في انفاذ بنود الوثيقة الدستورية والتي من اولوياتها تفكيك نظام الثلاثين من يونيو فالتحديات والعراقيل لا يستطيع اي شخص خارج العملية التنفيذية تصورها بالشكل الكافي فقد تعمق هذا النظام الطفيلي في مفاصل الدولة والوجدان المتدين الساذج بشكل يفوق التصور تماما!! ولكن بعد اليوم آن للكل ان يتيقظ فملابسات خروج مسيرة بهذة الانسيابية واليسر لدرجة ان تصل الى بوابات القيادة العامة للقوات المسلحة وتدنس قدسية محراب ثورتنا الخالدة بهذا الشكل المستفز مستخدمة نفس نوتات هتافاتنا الثورية رسالة واضحة تصفع وجوهنا بوقاحتها وتشيئ عن تواطء كبير من العسكر المتربصين بحكومتنا المدنية ، وهي اشارات تدق ناقوس الخطر بضرورة استعجال عمل اللجان المتخصصة وتقديم الدعم اللازم لها بتفعيل قوانين ولوائح عملها والعمل الجاد في انفاذ مقرراتها وتوصياتها .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
حيدر الشيخ هلال
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست