من نافلة القول التذكير بأن كل الدول الأفريقية عانت من مشاكل سياسية داخلية متشابه الي حد بعيد و هي متمثل في تدخل الجيش في السياسة و السيطرة علي السلطة باعتبارها وقتئذ كانت أكثر المؤسسات جاهزية ، وهذا ما يجعلنا نؤكد علي خطورة تجاهل دور المؤسسة العسكرية في المسار السياسي في السودان و بالأهم التحول الديمقراطي و لكن التساؤل هنا سيكون عن حجم الدور السياسي الذي يجب أن تقوم به المؤسسة العسكرية وفق سياق الانتقال و وفقا للدستور .
هذه المؤسسة الراسخة هي معوق رئيسي لإكمال الإنتقال السياسي و الديمقراطي إذا تتبعنا مسيرتها التاريخية فإنها تشكلت كقوة لإسناد المستعمر و بعد الاستقلال تحولت الي سلطة حاكمة و آلة قمعية لبطش الأحزاب السياسية ثم تحولت هذه للمؤسسة لواجهة سياسية للاحزاب نفسها ، فأصبح جيش نُخب يحافظ علي سلطة النخب ، لاحقاً تحول هذا الجيش إلي بطانة يحمي سلطة "الفرد" القائد العام و أكبر دليل علي ذلك هو أن البرهان أستخدم هذا الجيش و نفذ به إنقلابه علي الفترة الانتقالية ليلبي رغباته و رغبة و حلم والده الذي تنبأ له بذلك .
وضع السودان الحالي يحتم علينا مواجهة حقيقة واحدة راسخة أمامنا الآن وهو أن "مافي مليشيا بتحكم دولة" لا يمكننا تصور نظام إنتقالي دون العبور بنقطة أساسية و هي أن قوات الدعم السريع هي مليشيا مسلحة "شبه عسكرية" حتي وان حاولو إيهام الشارع بأنها تأتمر بإمرة القائد العام فإن الدعم السريع لازال يتمتع بإدارة مستقلة، و قيادة مستقلة لأسرة "دقلو " و ميزانية مستقلة و إستثمارات منفصلة ، تدُر لهم الملايين من الدولارات ، لصالح شخص حميدتي و إخوانه .
قبل أن ندفع بشعار "ثكناتك أولي " المهم يجب أن يكون المطلب الرئيسي هو حل المليشيات المسلحة و تكوين جيش قومي موحد يلتزم بحماية الدستور و النظام و الحفاظ علي أمن و وحدة البلاد و أن يلعب دوراً إيجابياً نحو تحقيق الديمقراطية. إخراج العسكريين من العمل السياسي دون إصلاح المنظومة العسكرية الرسمية للدولة و معالجة مسألة تعدد الجيوش لن يقودنا إلا نحو إنتظار إنقلاب آخر كل مرة .
عبدالباسط الحاج/المحامي 6 ديسمبر 2021
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/06/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة