Kamal Alhedai ما زال العبث بثورة ديسمبر العظيمة مُستمراً بالرغم من (وهمات) رفع العقوبات وفصل ملفها عن مسألة التطبيع والبروباغاندا الإعلامية التي يُقصد بها تضليل الناس وتغبيش وعيهم. قلتها وسأظل أردد أنه بدون ترتيب البيت من الداخل لن يجدي نفعاً الحديث عن الانفتاح وإفساح المجال للتعاملات الدولية وغيرها. فمثلما توجد بلدان يرزح مواطنوها تحت الفقر بسبب انغلاقها على ذاتها، هناك أيضاً عدد من بلدان العالم التي لم يسعفها الإذعان للغرب والانفتاح على العالم الخارجي في توفير أبسط مقومات العيش الكريم لمواطنيها (أريتريا وجنوب السودان مثالاً). تتطلع حكومتنا للعدالة من العالم الخارجي دون أن توفر هي العدالة للشعب الذي جاء بها. بالأمس خرج الثوار للتعبير (بوعي) عن رفضهم للكثير من سياسات حكومتهم الانتقالية، دون أن يُطالبوا بسقوطها واحداث فراغ دستوري يتيح المجال للمخربين والمجرمين لكي يضاعفوا من العبث بالثورة ودماء شهدائها، فأُزهقت روح شهيد جيد بدم بارد وجُرح آخرون. يحدث ذلك في وجود والٍ مدني أتت به الثورة. وهنا تكمن مفارقة عجيبة، فالشعب الجائع المُجهد المُضلل لا يزال ممسكاً بجمر القضية وحريصاً على استمرار حكومته رغم تقاعسها، بينما يقابل مسئولو هذه الحكومة هذا الحرص بآذان صماء. والمستفز حقيقة هو الإكليشيهات التي يرددها بعض المسئولين وقادة قوى الحرية والتغيير ليل نهار عن حق الشعب في التعبير عن رؤاه ومراقبة وانتقاد حكومته بغرض تصحيح مسارها في الوقت الذي يُقتل فيه هؤلاء الثوار ويُضربون ويتعرضون لبمبان الشرطة والقوات النظامية في كل مرة يخرجون فيها للشوارع. ما أقتربت ذكرى مناسبة وطنية محددة إلا وسارعت السلطات لإغلاق الكباري. وأرجو ألا تشنفوا آذاننا بالمبررات الواهية وتصريحاتكم المكرورة حول الحذر من الثورة المضادة. فأي متابع للشأن السياسي في البلد يدرك حقيقة أن هؤلاء الكيزان السفلة انزووا في ركن قصي خلال الأسابيع الأولى التي تلت سقوط طاغيتهم، بالرغم من شراكة العساكر في حكومة الثورة. لكنهم حينما تأكدوا من تساهل وتقاعس حكومة الثورة بشقيها المدني والعسكري في التعامل معهم خرجوا للعلن وصاروا يتحدونها ويشتمون قواها ليل نهار، بل ويتوعدون الثوار. إن كنتم تراهنون على أن الجميع يتمتعون بذواكر سمكية فأنتم مخطئون. ومن واجبنا أن نذكركم دائماً بأن المجلسين أقرا قانوناً يحظر حزب المؤتمر اللا وطني من ممارسة أي عمل سياسي. فما الذي منعكم من إنزال هذا القانون لأرض الواقع؟! أربكت حكومة الثورة المشهد بنفسها وأرادت للسودانيين أن يترددوا عنن الخروج للشوارع خوفاً من الفلول الذين ربما أُفسح لهم المجال عمداً حتى تتوفر شماعة دائمة تعلق عليها الحكومة قصورها. ما جرى لا تنفع معه تعازي الوالي وحمدوك، أو حديثهم الفارغ عن ضرورة تحقيق العدالة. إن كانوا يرغبون في تحقيق العدالة حقيقة لسمعنا بإستقالة والي الخرطوم من منصبه. ففي كل الحكومات المدنية المحترمة يستحيل أن يظل مثله في منصبه مع وقوع مثل هذه الأحداث المأساوية. استمتعت لبعض المتظاهرين السلميين بحي الديم بالخرطوم وهم يشكون بحرقة من اعتداءات الشرطة عليهم بالرغم من سلمية موكبهم. وقد مثلهم في استطلاع قناة سودانية 24 رجل خمسيني قال كلاماً واعياً أكد من خلاله على نقاط يعرفها القاصي والداني دون أن تتخذ الحكومة الانتقالية خطوات جادة لحسمها. كما شاهدت منظراً أعادنا لذلك القبح والإجرام الذي مارسه صعاليق أمن قوش وأجهزة قمع الطغاة وكتائبهم الاجرامية. تعودت أثناء أي حدث كبير على انتظار رسالة الإعلامي سعد الدين لقناة الحدث. وبينما كنت أتابع تقريره أمس الأول لقناة الحدث، وأثناء وصف سعد الدين لما يجري من شارع خالِ تماماً من الثوار أو المارة إذا بـ (بوكسين) كانا يسيران في الشارع الخالي بسرعة جنونية يطوقانه تماماً، وبشكل يدخل الرعب في النفس نظراً للعد الهائل لمن كانوا على ظهر المركبتين (نحو عشرين فرداً أو يزيد). وبالطبع لم يعرف سعد الدين ماهية القوات التي بدت له أمنية. صحيح أنهم لم يعترضونه بعد أن أبان لهم أنه ينقل ما يجري في شوارع الخرطوم، لكن المشهد كان مؤلماً ويكفي فقط أنه ذكرنا بتلك البشاعة والجرائم والسلوك القذر والضرب المهين الذي تعرض له الأحرار طوال أشهر ثورة ديسمبر المجيدة. فكيف تسمح حكومة ثورة جاءت عبر دماء وأرواح عزيزة لا نعرف حتى اللحظة ما إذا كان من أزهقوها سيجدون العقاب الرادع أم لا.. كيف تسمح مثل هذه الحكومة بمثل هذه الممارسات في وقت يردد فيه مسئولوها (الكلام الساي)!! ليس مقبولاً أن تأتي بهم المواكب والمسيرات ومجاهدات الشباب والشابات وحين يجلسون على الكراسي يمارسون ذات الضلال القديم، هذا شيء لن نسكت عليه مهما كانت المبررات. حُكامنا الحاليين يسعدون بعبارات الثناء، لكنهم يضيقون ذرعاً بالنقد واحتجاجات المواطنين على هذا الضيق الذي يعيشونهم فيه بسبب ضعف كفاءة أغلب مسئولي هذه الحكومة وتقاعسهم عن أن أداء الأدوار المنوطة بهم. والغريب أنك حين تعبر عن وجهة نظراً مُخالفة لرؤية جماعة (شكراً حمدوك) وبمسوغات ومبررات منطقية يتم تجاهللها، ليقفز ته قوة وعظمة أمريكا أو افترض أن حكومتنا يمكن أن تقف في وجهها، وهو ما لم يرد في أي من مقالاتي منذ تشكيل هذه الحكومة الانتقالية. وهذا ما سأعود له في المقال القادم بإذن الله.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
كمال الهدي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست