|
عارفين ليه الكمامة عندها لونين أبيض و أزرق؟
|
10:09 PM January, 29 2020 سودانيز اون لاين سيف اليزل برعي البدوي- مكتبتى رابط مختصر
عارفين ليه الكمامه عندها لونين أبيض و ازرق ف الوش والضهر ؟! 😷
الكمامة مصممة بلونين لغرض معين مش مجرد تلوين وخلاص...
ففى حالة لو إنت مريض وحتلبسها عشان تحمى الناس من العدوى منك ومن إنتشار الميكروبات عن طريقك ف هيكون اللون الأبيض هو المواجه لك واللون الازرق المواجه للناس عشان يمنع الجراثيم من الإنتشار ....
إنما ف حالة لو إنت مش مريض ولكن تريد ان تحمى نفسك من الناس أو من مرض منتشر فتلبس الكمامه بحيث يكون اللون الأبيض مواجه للناس ... والازرق مواجه لك وفي هذه الحاله هيتم فلترة الجراثيم للخارج ومنعها من الدخول لك.....
عرف المعلومه دي لغيرك 😊 إيمان عبد الرحمن... عقد بين الخالق والمخلوق,,,, قال تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) هذا عقد بين المسلم وربه ، وميثاق بين العبد ومولاه ، أن يصرف العبد كل عبادته لله ـ عز وجل ـ ولا يشرك معه غيره ، وألّا يستعين إلا بربه جل في علاه ، فمن العبد العبادة والمسألة والطلب ، ومن الله العون والتأييد ، وهذه الآية كما قال الله عز وجل في الحديث القدسي: ((هذا بيني وبين عبدي ولعبد ما سأل )) وهي ملخص دعوة الأنبياء وموجز رسالة الرسل عليهم السلام .
ومعاني القرآن مجموعة في هذه الآية ، فالله أوجب حقه على الخلق ، وهو أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وأوجب على نفسه لهم حقا إذا فعلوا ذلك وهو أن لا يعذبهم .
والعبادة التي يريدها الله من الخلق هي : فعل كل ما أوجب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من الأقوال والأفعال الظاهرة والخفية ، واجتناب ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، والاستعانة طلب العون من الله في كل أمر لا يستطيع عليه المخلوق ولا يقدر عليه إلا الخالق ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام لابن عباس : (( إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله )) .
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) وثيقة مقدسة يعلنها المسلم في كل ركعة من صلاته فريضة كانت أو نافلة ليذكر نفسه دائما بهذا العهد العظيم ، الذي من أجله خلق الإنسان ، ومن أجله أرسلت الرسل ونزلت الكتب ، وقام سوق الجنة وسوق النار ، ومدّ الصراط ، ونصب الميزان ، وبعث الخلق من قبورهم ، وحُصِّل ما في صدورهم ، وعرضت عليهم صحفهم ، وأقيم عليهم شاهد من أنفسهم .
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) هي قضية الخلاف بين المسلمين والمشركين ، وهي معاني لا إله إلا الله ، ومن أجلها وقع القتال بين أولياء الله وأعدائه ، وحصلت الحروب مع حزب الشيطان ، فما بعث الرسل عليهم السلام إلا من أجل أن يعبد الله وحده لا شريك له ، وما سالت دماء الشهداء إلا ليوحد الله ويفرد بالعبادة ويختص بالتوجه دونما سواه جل في علاه .
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) سعادة أبدية ونجاة سرمدية بها يتم الصلاح وينال الفلاح وتسهل الأمور وتدفع الشرور ،ولا ينال رضي الله ورحمته وعفوه ومغفرته وعونه وهدايته وتسديده إلا بإياك نعبد وإياك نستعين . ولا تحصل النعم ولا تدفع النقم ولا يحصن من المتالف ويسلم من الصوارف ويحفظ من الكوارث والفتن والمحن إلا بإياك نعبد وإياك نستعين، وهي عاصمة لمن قام بحقوقها من الزلل والتخبط العقدي والهوج الفكري والضلال العلمي والسّفه الأخلاقي والانحطاط السلوكي والشطط العلمي؛ لأن في إياك نعبد وإياك نستعين عناية ربانية ورعاية إلهية، وولاية إيمانية، وبركة القرآن.
وهي أعظم فتح يُفتح به على الإنسان، فيكرم ويجتبي من عالم الطين، ويصطفي من دنيا الانحلال والتمزق والاضطراب والضياع والانحراف والذل والخنوع والخيبة ، فيرتقي هذا الإنسان بإياك نعبد وإياك نستعين مكرماً في معارج القبول عند ربه، وفي سلم الوصول إلي مولاه ، وفي درجات الفوز إلي خالقه ، وهذا أعظم مجد وأجل رفعة وأحسن منـزلة وأشرف رتبة، ويهون معها المجد الدنيوي المؤقت المنقطع الزائل الفاني من منصب أو جاه أو مال أو ولد أو شهرة، فيصبح المسلم بهذه الكلمة عزيز الجانب، قوي الرّكن، عامر القلب، مطمئن النفس، منشرح الصدر،منبلج الخاطر نير البصيرة؛لأنه اتصل بالله، ودخل في نسب العبودية، ولبس تاج الخدمة للأحد الصمد، وحمل راية الولاية، وتشرف بالانضواء تحت علم (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) صلة بين الأرض والسماء، وبين الضعف والقوة، والفقر والغنى، والبقاء والفناء، وصلة بين العبد الضعيف الفاني وبين الله القوي الغني الحي القيوم، فيها يحرر الإنسان من الرّق للطاغوت، والعبودية للوثن والاستسلام للشهوات، والوقوع في براثن الغواية، والسقوط في مهالك الرّدى، وبها يغسل الإنسان من رجس الشّرك ونجاسة الجاهلية، وخبث الكفر وأدران الفسق، وأوساخ المعصية ، وبها يطهر ضمير العبد من الخواء ، وقلبه من النفاق، وعمله من الرياء، ولسانه من الكذب ، وعينه من الخيانة، ونفسه من الظلم، فيصبح بإياك نعبد وإياك نستعين عبداً لله مخلصاً مبرأ من الشرك نقياً من الوثنية ، معصوماً من نزغات الشيطان محفوظاً من فتنة الشهوات والشبهات. ------------------------------- ...سيعجب أكثر القُرَّاء ويقولون: ارفع رأسك في النهار ترى فوقك بحرًا أزرق، ما لأوله بداية، ولا لآخره نهاية، فإن كان الليل صار ملاءة سوداء، لا يدرك البصر طرفيها، قد طُرِّزت بلآلئ مضيئة، تلمع مثل النجوم، هذه هي السماء، فهل يجهل أحد السماء حتى يسأل ما هي السماء.
ما هذا السقف الأزرق إلا الهواء، ولمَّا أطلق الروس أول مركبة اخترقته زُلزِلَت عقول كُنَّا نحسبها أثبت من الجبال، وخفَّت أحلام كانت أثقل من الرواسي، وكاد أقوام يكفرون بعد إيمانهم، فحسبوا -جهلًا منهم- أنهم شاركوا الله في ملكه بما وصلوا إليه من العلم، وأنهم سَيَروا في الفضاء قمرًا آخر مثل القمر.
كنت أذيع يومئذ أحاديث دائمة من إذاعة دمشق، فقلت مُعلِّقًا على هذا الخبر: إنما مثلكم ومثل قمركم كجماعة من النمل كانت في قريتها في يوم عاصف، فحملت نملة منها قطعة من القش، ثم أفلتتها فحملتها الريح مسافة عشرة أمتار، فظنت النملة أنها صارت من الآلهة.. ولا إله إلا الله، وجاء بعد ذلك من يكتب أن العلم انتصر على الطبيعة وقهَرَها، فأذعت حديثًا آخر قلت فيه: إنَّ القشة ما طارت إلا بالقانون الطبيعي الذي طبع الله الكون عليه، وما يستطيع أحد أن يقهر الطبيعة، وإن قال ذلك سفاهة وجهلًا.
وقد نبَّهنا الله إلى ذلك في القرآن، ولكن مَن يتنبَّه؟! ألم تقرءوا خبر "{ألم الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ}، أي أنه يأتي برجلٍ حُكم عليه بالقتل، فيعفو عنه فيُحييه، ويعمِد إلى آخر فيقتله فيميته، على أنَّه ما أحيا ولا أمات إلا بالسنن التي سنَّها الله، والقوانين الطبيعية التي طبع الله الكون عليها، فلما طلب إبراهيم شيئًا يخرج على هذه القوانين، فقال له: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} ماذا كان جوابه {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة من الآية:258]".
ولقد قلت منذ سنين في بعض أحاديثي على مائدة الإفطار في رمضان: إنَّ لكل عصر وثنية، وإنَّ وثنية هذا العصر هي المبالغة في تقدير العلم وتقديسه، وجعله ندًّا للدين. وما العلم؟ العلوم الطبيعية عند أهلها هي: الوصول إلى معرفة قانون الله بالمشاهدة، ثم بالتجربة، ثم بالمعرفة.
مراحل لا بد منها، نيوتن مثلًا شاهد شيئًا يسقط، فراقبه ولاحظه وفكَّر فيه، ثم فرض فرضية وجاء بنظرية، ثم أراد أن يختبر صحة هذه النظرية من بطلانها، وصوابها من خطئها، فعمد إلى التجربة، فإذا اتحدت الظروف، ولو اختلفت البلدان، ثم كانت النتيجة واحدة- فذلك القانون الطبيعي .
وإذا قلت (الطبيعي) فلست أعني هذه المقالة الحمقاء التي كان يقول بها السفهاء والسخفاء من أن الطبيعة هي التي خَلقت، وهي التي صَنعت، وهي التي عَمِلت، بل أعني بقول (الطبيعي) أنَّه ليس من عمل البشر، وإلا فما الطبيعة؟ إنَّ لفظة فعيلة بمعنى مفعولة، أي أشياء مطبوعة، وكل مطبوع لا بد له من طابع، وقد بطلت الآن هذه المقالة، وانصرف العلماء الكبار عنها، وعادوا إلى إدراك الحقيقة الكبرى، وهي الإيمان بأنَّ لهذا الكون خالِقًا حكيمًا قادِرًا سميعًا بصيرًا، واقرءوا إن شئتم كتاب: (العلم يدعو إلى الإيمان)، وكتاب: (الطب محراب الإيمان) والكتب الكثيرة التي أُلِّفت في موضوعه ومعناه.
هذا هو العلم، ثم إنَّنا لم نُؤتَ منه إلا قليلًا، عرفنا قانون الجاذبية، ولكن ما هي الجاذبية؟ ما ماهيتها؟ وعرفنا الكهرباء وقوانينها وظواهرها، وجعلناها علمًا يُدرس في المدارس والجامعات، وألَّفنا فيها كتبًا ومجلدات، ولكن هل عرف أحد ماهية الكهرباء... {وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء من الآية:85].. إنَّ البشر إنَّما يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا ، أمَّا الحقائق والماهيات فلم يصل إليها علمهم...
إنَّ الأرض ذرة صغيرة، فما الذي عرفناه من خبر هذا الفضاء؟ عرفنا بعلومنا ما يعرِفه أطفال يلعبون على شاطئ البحر المحيط، جمعوا قليلًا من الأصداف الملونة، ووضعوا أيديهم على ما في البحر...
وهذه القوانين الطبيعية هل تنفذ هي نفسها في العوالم البعيدة عنَّا، التي لا نعرف إلا لمحةً عنها، أم هي قاصرة على عالمنا الأرضي وما يقاربه؟ لذا رجعت أُفكِّر في خلق السموات والأرض فلم أجد عند البشر عِلمًا منه، إنَّ الله ما أطلعهم إلا على طرف من أطراف هذا الفضاء... فما السماء؟
السماء في لغة العرب كل ما علاك فأظلك، أما المقرَّر في العلم فهو أن الشمس والقمر يسبحان في الفضاء، وهذا أمر قد صرَّح به القرآن فقال: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس من الآية:40] وأن الشمس والقمر على بعُدِها عنَّا يصل نورها إلينا في نحو ثمان دقائق؛ لأنَّ النور يقطع في مسيرة ثلاثمائة ألف كيل (كيلو متر) في الثانية، أي أنها تبعُد عنَّا ثمان دقائق بالزمن الضوئي، والقمر يبعُد عنَّا ثانية وثلث الثانية بهذا الزمن، فلو أننا استطعنا أن نصنع مركبة تسير بسرعة الضوء -وهي أقصى سرعة ممكنة، فإن زادت السرعة على ذلك ذهب الجسم، كما يقول آينشتاين، وتحوَّل طاقة- لبلغنا القمر في ثانية وثلث الثانية، ولوصلنا إلى الشمس في ثمان دقائق.
وأنَّ هذه الأجرام التي تظهر لنا نقطة في الفضاء في الليلة الظلماء -وقد لا تظهر لنا أبدًا- منها ما يبعُد عنَّا ألف ألف -أي مليونًا- من السنين بالزمن الضوئي، ومنها ما يبعُد عنَّا مائة مليون وألف مليون سنة وأكثر، فاحسبوا كم ثمان دقائق في هذه المدة التي تبلغ ألف مليون؛ لتتصوَّروا كم هي أبعد من الشمس.
أما كُبرها.. فنحن نعلم أن القمر أصغر من أرضنا، والأرض لا تُعدُّ شيئًا إلى جنب الشمس، ومن النجوم العملاقة ما لو أن الشمس أُلقِيَت فيه هي وسياراتها، لكانت بالنسبة إليه كحبة رمل أُلقِيَت في بوادي نجد، أو كقطرة ماء قطرت في البحر المحيط. وهذه النجوم والأجرام على ضخامتها كثيرة لا تُحصى، يزيد عددها على ملايين الملايين، وتسير بسرعة مُهوِّلة، ومع ذلك لا تصطدم إلا إذا اصطدمت ستّ نحلات تطير وحدها حول الأرض؛ لأن الفضاء واسع واسع كسِعة جو الأرض بالنسبة إلى النحلات، كما يقول مؤلف كتاب (النجوم في مسالكها). فأين مكان السماء من هذا الفضاء؟
الله خبَّرنا أنَّ السماء ليست حدودًا وهمية، بل هي جرم حقيقي؛ لأنَّه سماها بناء، وقال: {بَنَيْنَاهَا} {أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا} [ق من الآية:6]... وقال: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرعد من الآية:2].. ووصفها بأنها سقف لهذا العالم، فقال: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا} [الأنبياء من الآية:32]، وقال: {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} [الطور:5].. وجعل لها أبوابًا تُفتح وتُغلق، فقال: {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ} [القمر من الآية:11]. و{لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ} [الأعراف من الآية:40].. ونفى أن يكون فيها منافذ غير هذه الأبواب، فقال: {وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ} [ق من الآية:6]، وأن السماء تفتح يوم القيامة ، {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ} [النبأ من الآية:19]، وأنها تنشق، {إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ} [الانشقاق:1]، وتنفطِر وتُكشَط، وبينت النصوص أنَّ السموات سبع {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [البقرة من الآية:29]... وأن الله قد جعلها طِباقًا قال: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا}[1].
فليست السموات خطوطًا وهمية هي مدارات الكواكب، كما ذهب إلى ذلك جماعة من الفضلاء، أخطؤوا وما أصابوا، وليست السماء حاجزًا متصورًا، بل هي كما وصفها ربنا بناء، إنها مادة محيطة بهذا الفضاء وما فيه، ولها أبواب تفتح وتغلق، وعليها حرس، وإذا جاء الموعد تطوى السماء كطي السجل للكتب .
ثم إنَّ الله عزَّ وجلَّ بعد أن وصف السماء بأنها بناء، وأنها سقف مرفوع أكمل الصورة، فجعل لهذا السقف مصابيح، فقال: {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [فصلت من الآية:12]، وصرَّح بأنَّ هذه المصابيح هي الكواكب. {بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات من الآية:6] فدلَّ على أنَّ الكواكب تحت السماء الدنيا؛ لأن المصابيح لا تكون إلا تحت السقف.
والذي تبيَّن لي من هذا كلِّه؛ من نصوص الكتاب المبين، ومن مقررات علماء الفلك أنَّ الشمس وتوابعها (وهن الأرض وأخواتها)، وهذه النجوم والأجرام -التي لا يحصي عددها- تسبح في فضاء عظيم، وهذا الفضاء تحيط به كله كرة هائلة، وهذه الكرة هي السماء الدنيا، وهذا العالم بأرضه وشمسه وأجرامه جميعًا في وسطها.
ولهذه الكرة سُمك، الله أعلم بمقداره، قال تعالى: {رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} [النازعات:28] وهي في فضاء لعله مثل هذا الفضاء أو أصغر أو أكبر، وحوله كرة أخرى لها سُمك هي السماء الثانية ثم فضاء ثم كرة... وهكذا إلى السماء السابعة، وبغير هذه الصورة لا تكون السموات طباقًا، لا تكون طباقًا إلا إن انطبقت كلُّ نقطة فيها على التي تقابلها من الأخرى.
وبعد السماء السابعة مخلوقات يستحيل على العقل أن يتخيَّلها أو يتصوَّرها، منها الكرسي {وَسِعَ كُرسِيُّهُ السَّمواتِ وَالأرْضِ} [البقرة من الآية:255]، ثم العرش {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [ التوبة من الآية:129]، وسدرة المنتهى، وما عبَّر الله عنه بما لم تره إلا عين بشرية واحدة أكرم الله صاحبها، فأراه هذه الآية الكبرى ليلة المعراج، هي عين نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم. وهذه كلها عظمة المخلوق فما بالكم بعظمة الخالق، لا إله إلا هو تعالى عمَّا يقول الظالمون علوًّا كبيرًا...
وإذا كان علماء الفلك يقولون بأنَّ من النجوم والمجرَّات ما يسير الضوء الصادر عنه في الفضاء من أول الزمان، ولم يصل إلينا إلى الآن، فمعنى ذلك أننا لو اخترعنا مركبة فضائية تسير بسرعة الضوء، ولو ركبنا فيها يوم وُلِدَ نوح، وسِرنا من ذلك الوقت إلى اليوم- لا نكون قد قطعنا من طريق السماء الدنيا إلا كما تقطع النملة التي تمشي دقيقة واحدة من هنا إلى أميركا.
وأنا حين أنتهي إلى هذه الصورة.. وأرى أن عالمنا كله بأجرامه وفضائه محبوس في وسط الكرة الصغرى التي هي السماء الدنيا أجد ذهني ينتقل إلى الجنين المحبوس في بطن أمه.. هذا الجنين لو استطعت أن تسأله، واستطاع أن يجيبك، وقلت له: ما هي الدنيا؟ لقال لك: الدنيا هي هذا البطن وهذه الأغشية. فلو خبَّرته أن ها هنا دنيا أكبر، عالمًا فيه برٌ وبحرٌّ وسهلٌ وجبلٌ ومدنٌ كبار، وأن دارًا واحدة من دور هذه المدن أكبر من دنياه هو بملايين المرات- لم يستطع أن يفهم ما تقول أو أن يتصوَّره، وكذلك نحن حين نسمع أنَّ الجنة عرضها كعرض السموات والأرض، وأن قصرًا واحدًا من قصورها أكبر من هذه الأرض كلها.
إنَّ نسبة ملك الله إلى هذا الفضاء الذي فيه الكواكب والنجوم والمجرَّات كنسبة هذا الفضاء إلى بطن الأم بل هو أكبر، فسبحان الله! لا إله إلا الله، وما أحمق من لا يؤمن بالله.
والله الذي خلق هذه المخلوقات -التي يعجز العقل عن تصوُّر مدى كُبرها- خلق أخرى يعجز عن تخيُّل مدى صغرها، ففي الذرة التي لا تراها العين شبه هذه الفضاء، فيها قريب مما فيه من الأجرام الدقيقة التي تمشي على نظام قدَّره ربّ العالمين، يدور بعضها من حول بعض، تتقارب وتتباعد، وتختلِف وتأتلِف، على قانونٍ مُحكَم وضعه ربّ العالمين، وفي الخلية الحية وما كشفوه فيها من المورِّثات التي تنقل بعض الطبائع والسمات من الآباء إلى الأبناء آية أخرى.
وفي كل شيء له آية ولكن الناس في غفلةٍ عن ذكر الله {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:67]، {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر من الآية:22]. ---------------------------- الصراع بين الخير والشر صراع أزلي ، وإن تعددت صوره وأشكاله، وهو صراع تحكمه سنن وضوابط أولى أن نتدبرها ونعتبرها وإلا سقطنا في هوة سحيقة لا فكاك منها، لأن الشر دوما لا يترك نفسه في صورته القبيحة بل يتجمل ويتحلى في عيون ناظريه ومنظرية، والنفس دوما تتطلع للعاجل دون الآجل ولو كان فيه حتفها، لكن كل هذا الزخرف الخداع سرعان ما ينقشع أمام نور الوحي ومداد العلم وتوفيق المولى سبحانه وتعالى.
ويبقى أن نؤكد أنه في غياب معيار الميزان القيمي الرباني لا يمكن التفريق بين الخير والشر والحق والباطل .. إن "الواقعية" ليست معيارا يقاس إليه أي شيء، لأن الناس إذا أفلتت أيديهم من خيط الصعود الذي يشدهم إلى أعلى فلابد أن تهبط بهم ثقلة الشهوات وجواذب الأرض فيزداد واقعهم هبوطا على الدوام .. وما دام معيارنا هو الواقع، فسيظل المعيار ذاته يهبط مع هبوط الإنسان! ونظل نحن - بحجة الواقعية - نتابع الهبوط.
لقد كان القرن التاسع عشر "واقعيا" فنبذ القيم التي سماها مثالية - بمعنى غير واقعية - واعتبرها ترفا عقليا لا تطيقه طبيعة الحياة .. وكانت نتيجة ذلك هي القرن العشرين! قرن التفلت من القيود كلها، والهبوط إلى الحمأة التي يستعفف عنها الحيوان! وذلك أمر معروف من التاريخ وإن جادلت فيه بعض الآراء المعاصرة، وهى ليست أول مجادلة تجادل في الحق وتنكر البديهيات! فأي جيل من أجيال البشرية أنكر القيم الإنسانية لم يقف حيث كان يوم أنكرها، إنما ازداد هبوطا حتى أدركه الدمار!
حرية الاعتقاد: إن الشريعة الإسلامية الغراء لم تبح قط الكفر بالله أو الشرك به، ولم تبح قط التعبد بالعبادات الباطلة المبتدعة، ولم تبح قط فعل المنكرات والمعاصي، وأيضا لم تكره الشريعة على الدخول في الإسلام {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة:256] أما "الإباحة" فلا وألف لا، وفرق كبير بين "الإباحة" وبين "عدم الإكراه"، فإن "المباح" هو الذي يستوي فيه الأمران: الفعل أو الترك، والكفر والشرك أكبر الكبائر فكيف يقال: إن الشريعة أباحت ذلك؟! إن الإسلام لا يكره الكافر على الإيمان به، وإن كان لا حق له في أن يكفر، ويترتب على هذا الفرق الذي لم ينتبه له كثير من الكتاب المعاصرين تحديدُ الموقف من حكم نشر أو إذاعة الكافر لآرائه بين المسلمين تحت دعوى "حرية الاعتقاد"؛ فإذا كان الكافر لا حق له ولا حرية في أن يكفر ويضل؛ فمن باب أوْلى لا حق له ولا حرية في نشر كفره وإذاعته بين الناس، وعدم إكراهه على الإسلام والهدى لا يعطيه حق الدعوة إلى كفره وضلاله في بلاد المسلمين.
الإرجاء وخطره: عندما أخرج المرجئة العمل من نطاق الإيمان، واكتفوا بمسمى الإيمان وأنه مجرد تصديق القلب، شجعوا على "التفلت" من التكاليف الشرعية - ولو عن غير قصد منهم ابتداء - وجاء زمن زعم فيه المرجئة أن "من قال لا إله إلا الله فهو مؤمن، ولو لم يعمل عملاً واحداً من أعمال الإسلام". ومن الغريب أن هذا الفكر المريض، جعل في الأمة من يتبنى الإرجاء عقيدة ومنهجاً، وصار يعد مخالفه خارجاً مارقاً من الإسلام، وأضحى يضبط دينه وأحكام إيمانه بأصول فكر الإرجاء وقواعده .. لقد تحول معنى أركان الإسلام إلى اعتقاد وجودها، والإقرار بها، وإن لم يعمل المرء منها شيئاً. مما شجع على التسيب والانحراف داخل المجتمعات الإسلامية، فضلا عن الفسق والفجور، والتهاون في شأن العبادات .
الأئمة المضلون: قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون" [صحيح الجامع:1551] (الأئمة) جمع «إمام» وهو مقتدى القوم ورئيسهم ومن يدعوهم إلى قول أو فعل أو اعتقاد ؛ لقد كان صلى اللّه عليه وسلم حريصاً على إصلاح أمته, راغباً في دوام خيرتها، فخاف عليهم فساد الأئمة لأن بفسادهم يفسد النظام لكونهم قادة الأنام، فإذا فسدوا فسدت الرعية، وكذا العلماء إذا فسدوا فسد الجمهور من حيث أنهم مصابيح الظلام. وتحريف الكلم عن المقصود به, ليوافق الأهواء, ظاهرة ملحوظة في كل رجال دين ينحرفون عن دينهم, ويتخذونه حرفة وصناعة, يوافقون بها أهواء ذوي السلطان في كل زمان; وأهواء الجماهير التي تريد «التفلت» من الدين.
هوى النفس: أنواع الهوى متعددة وموارده متشعبة وإن كانت في مجموعها ترجع إلى "هوى النفس وحب الذات" فهذا الهوى منبت كثير من الأخطاء وحشد من الانحرافات، ولا يقع إنسان في شباكه حتى يزين له كل ما من شأنه الانحراف عن الحق والاسترسال في سبيل الضلال حتى يغدو لديه الحق باطلا والباطل حقا والعياذ بالله. واتباع الهوى يتجلى في مظاهر عدة نتائجها عظيمة الخطر، من هذه المظاهر: - الانحراف عن الصراط المستقيم، يؤيد هذا قول الحق تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الجاثية:18]
- الانغماس في الشهوات والعمل لها، والسير وراء مظاهر الحياة الزائفة، وترك ما أمر الله سبحانه وتعالى به، قال تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم:23]. فصاحب الهوى أعمى أصم أبكم، لا يرى خيراً ولا يسمع نصحاً، ولا ينطق خيراً، قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ} [الجاثية:23] قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات/40، 41]
يقول أحد السلف : "إذا بدهك أمران لا تدري أيهما أصوبُ فانظر أيهُما أقربُ إلى هواك فخالفه، فإن أكثر الصواب في خلاف الهوى". وعن السرى قال: "لن يكمل رجل حتى يؤثر دينه على شهوته، ولن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه". وقال أحمد بن خضرويه: "لا نوم أثقل من الغفلة، ولا رق أملك من الشهوة، ولولا ثقل الغفلة لم تظفر بك الشهوة".
وقال أبو بكر الوراق: "أصل غلبة الهوى مقاربة الشهوات، فإذا غلب الهوى أظلم القلب، وإذا أظلم القلب ضاق الصدر، وإذا ضاق الصدر ساء الخلق، وإذا ساء الخلق أبغضه الخلق، وإذ أبغضه الخلق أبغضهم، وإذا أبغضهم جفاهم، وإذا جفاهم صار شيطانا رجيما". وقال أبو علي الثقفي: "من غلبه هواه توارى عنه عقله، وليس شيء أولى بأن تمسكه من نفسك ولا شيء أولى بأن تغلبه من هواك". وقال علي بن سهل: "العقل والهوى يتنازعان، فمعين العقل التوفيق، وقرين الهوى الخذلان، والنفس واقفة بينهما فأيهما ظفر كانت في حيزه". -------------------------------------------- حين أكلا من الشجرة أدركا فوراً حجم الخطأ الذي أغراهم به إبليس، ولذا أسرعا في الهروب من المكان، وصارت الشجرة بعيدة عنهم، فكان الله يقول لهما: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} (تلك) إشارة للبعيد بينما قال قبل الذنب {هَذِهِ الشَّجَرَةَ} تصرُّف عفوي معبر عن الحياء من الله الذي حذَّرهم أشد التحذير من الفعل ومن وسوسة الشيطان، وها هم يقعون في النهي مع كونهم سمعوا التحذير مباشرة ووعوا التهديد بسوء العاقبة إن وقعوا. العتاب الربَّاني كان سمحاً لطيفا حتى بعد الاقتراف، وجاء بصيغة استفهام تقريري تقريعي؛ لقد نهيتكم عن مجرد الاقتراب من الشجرة وأخبرتكم بعداوة الشيطان.
عتاب محبب يؤكد لهما أن الباب لم يغلق، وأن الرحمة أوسع وها هما ينتظران التوجيه بعد النكسة المؤلمة، وقد توازن الأمر واعتدل ما بين ألم المعصية وأمل التوبة. {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ}، كلمات قليلة سهلة واضحة مباشرة، والتلقِّي يوحي بالانتظار والترقب. من غير تطويل ولا إبطاء ولا شروط توبة ناجزة قاطعة، ولذا استخدم حرف الفاء وهو للتعقيب السريع. جميل أن يكون التحذير قبل الخطأ قوياً، والعتاب بعده لطيفاً؛ خاصة لمن استوعب الدرس، ويا لها من رحمة أن السيئات التي تؤلمنا ذكراها نجدها في موازيننا حسنات يوم البعث! حين يطلب الناس منك الصفح فعليك أن تسرع بالاستجابة، وتغالب نفسك، وتنسى المظلمة، {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}، وأنت ذو الخطأ الذي يحتاج أن يغفر الله له وأن يغفر له الناس.
الكلمات كانت أقوالاً صادقة من سويداء القلب، معجونة بدمع العين السخين، ولا أحب إلى الله من دمعة تائب، ولذا {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا} ، واعترفا دون أن يعتذرا بإغراء الشيطان، وطلبا الصفح والمغفرة؛ لئلا يلحقا بالأقوام الظالمة من قبلهم، فقد كان على الأرض أقوام ظالمون أُخذوا بذنوبهم . والكلمات كانت أفعالاً؛ كالتي ابتلى الله بها ابراهيم؛ تتعلق بالطهارة، وملازمة الفطرة، وحفظ الحياة، والحقوق، والبيئة، وتجنب طاعة الشياطين وأعوانهم. ولذا قيل إن آدم أول من حدَّ حدود الحرم، وسنَّ لذريته تقديس الأرض المباركة بمكة وما حولها، وتجنب قطع شجرها وتنفير صيدها، ولا غرابة فمهمته الخلافة في الأرض واستصلاحها، وكان من هدي النبي -عليه السلام- أن :« مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ». من كمال الإحسان أن تحسن لمن أساء إليك، وتقابل أقواله وأفعاله السيئة بالعفو والمعروف.
خطيئة الأبوين واحدة وكانت في الجنة لئلا يخطئا على الأرض، فالأرض لهما موطن ولاية وسلطة وقداسة « وَجُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا »، ربما يكون الخطأ رحمة يحمل على السداد أو يربي على التواضع أو يحفزه لأعمال صالحة ما كنت لتفعلها لولاه. لا تزال كلمات الأبوين المنكسرة المتوجعة تذكِّرنا بالطريق الآمن إلى الله كلما حاصرنا الذنب! ومنها نتعلم ألا نيأس ولا نستسلم للخطأ ولو تكرر أو أصبح إدماناً يلح علينا، فالذي قدَّر الذنب شرع التوبة وسهَّل أسبابها ويسَّر طريقها وجعله موصولاً به دون واسطة. كان اعتذارهما معلناً كما الخطأ، وتتكرر القصة في القرآن سبع مرات تؤكد حصول الذنب وانكشاف العورة وحالة الركض؛ بحثاً عن ورق شجر يواريها لنتعلم ألا أحد بمعزل عن احتمال الخطأ، وأن الصدق ليس هو ادّعاء الطهورية والتظاهر بالصفاء بل الاعتذار والندم والتكفير عن الذنب بما يناسبه والخوف من الله لا من الناس مع إدراك أن المجاهرة بالذنب ذنب آخر واستخفاف وإفساد للبيئة العامة.
بعد التوبة جاءت النبوة والكرامة والاصطفاء، فكان بعد التوبة خيراً منه قبل الذنب، فلا وجه للتعيير إذاً، توبة صادقة عميقة، وبعض الذرية يتوب ليستعيد مكانته الاجتماعية التي فقدها بسبب الخطأ وليس له من التوبة إلا صورتها الظاهرة المتعلقة باللباس أو الشكل الظاهر وربما تسرَّع في التصدر والرئاسة والوعظ وصار يردد (أنا كنت أنا كنت..)، أو حمله الهروب من شجرة المعصية إلى السقوط في أحضان معصية أعظم؛ كسفك الدم أو الجرأة على العباد أو التعصب أو التكفير. اشتركا معاً في الذنب، فصار خطيئة جماعية أغرى كل منهما صاحبه بها، وحسَّنها له، فكان جميلاً أن التوبة جماعية بلسان واحد {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا} ذنوبنا الجماعية وجنايتنا على الأرض، وإخلالنا بمهمة الخلافة الرشيدة أورث تخلفاً حضارياً وجهلاً واختلافاً وعنصرية وركاماً من العادات الفكرية والشعورية والسلوكية تجعلنا ندور في حلقة مفرغة، ولا نتلمّس الطريق القاصد إلى انتظام مسؤوليتنا على هذه الأرض باعتبارنا بشراً أو باعتبارنا مسلمين. وحدهما تحملا مسؤولية ذنبهما، وذاقا مرارة الهبوط، ومعاناة الحياة المختلفة على الأرض، نحن لم نرث خطيئتهما، ورثنا الطبع القابل للخير والشر، وهو سر إنسانيتنا وتكليفنا.
منهم تعلمنا أن الخطيئة ليست حالاً دائمة بل لحظة عابرة يفيق منها القلب وهو أرق وأصفى. وتعلمنا أن التوبة تفتقر إلى مناجاة وندم واعتراف بين يدي الله، وأن الدموع الحقيقية هي زيت سراجها. و تعلمنا أن الهبوط للأرض ليس عقاباً، وكيف يعاقبهم وقد سامحهم، ولذا قال ابن عباس: (إن الله أهبط آدم إلى الأرض قبل أن يخلقه)، وعنى بذلك قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} فهو مخلوق للأرض ليعمرها. وتعلمنا أن من أعظم الخطايا الفساد في الأرض وسفك الدماء، وها نحن الذرية نشهد تصاعداً في الفساد البيئي والمالي والسياسي والأخلاقي، وحالة من التظالم والقتل الأعمى وجله في بلاد الأمة الخاتمة؛ التي جاء نبيها بتوفير الحقوق وتحريم العقوق!
بماذا عليَّ أن أعترف الآن؟ يصفوننا بأننا دعاة وطلبة علم وليس الشأن هنا أن أكشف ستر الله عليَّ فيما عثرت بيني وبين ربي فيما أغلقت عليه بابي أو تواريت عن أحبابي.. ما يحتاج إلى الاعتراف هو أن العيش الطويل مع الناس والأتباع خاصة ضخَّم لديَّ اعتبار ما يقولون، وما يؤملون، ويتوقعون، وينتظرون.. فقلَّت العفوية وكثرت المجاملة وملاحظة الناس، وضعف الصدق وتلاشى الإخلاص، وأصبح الهم ماذا يقول الناس عنا بماذا سيعلقون على مواقفنا؟ .. ولعل هذا الاعتراف ذاته لا يبتعد عن هذا السياق.. كيف سيعلق عليه الصديق المادح وكيف سيستغله الخصم الكاشح؟ ما يحتاج إلى الاعتراف هو أن يصبح همي كم بلغ عدد متابعي؟ وكم بيع من كتابي؟ وكم بلغ (الرتويت)؟ ومن سبقته؟ ومن سبقني؟ على أنه سيأتي يوم بدوننا، ولعله سيكون أفضل -بحول الله- وسيطوى خبرنا، ونكون نقطاً صغيرة لا ترى بالقياس لأعلام عظام، وأئمة صدق وإخلاص، ورجال علم ودعوة وتضحية وجهاد.. فاللهم إني أعوذ بك أن أكون في عيون الناس كبيراً وأكون عندك صغيراً يا أرحم الراحمين ----------------------- رغم تعدد مظاهر الفساد التي تستعص على الحصر إلا أنها تشترك في بيئة مستنبتة واحدة هي «البيئة الفاسدة» .. تلك البيئة التي تتسم بالعديد من الصفات وإن تغير زمانها ومكانها .. بيئة الفساد نوع خبيث من الأجواء التي تكره التنمية والبناء والانضباط والالتزام بمعايير الجودة والأطر الأخلاقية والعلمية والدينية .. بيئة تنتج الشر والضر، وتروج له، وتبرر موقفه ومسيرته، وتتستر عليه، بل وتحميه أحيانا .. بيئة نفعية لطغمة شريرة آثرت حظوظ نفسها على حظ أمتها ومجتمعاتها .. بيئة لا تألوا جهدا في ترويض المجتمع والمؤسسات لاستساغة الفساد والصمت عليه، وتجعل من الفاسدين أقلية صارخة صوتها أعلى من الجميع .. بيئة تغتال الحاضر والمستقبل، وتوقف عجلة الحياة، وتطمس بريق الأمل، وتمسخ الإرادة التي لا ترغب في التحرر من قيود الفشل .. بيئة خطيرة خطرا أفظع من خطر الفاسدين أنفسهم، لأن الفاسد يذهب وإن طال عهده، أما بيئة الفساد فباقية تنتج ألف فاسد غيره. «الانفلات» هو أهم مظاهر البيئة الفاسدة .. الانفلات من حدود القوانين والنظم، وحدود القيم والدين .. وهذا الانفلات يورث المحسوبية والامتيازات الخاصة، ويولد في المجتمع شريحة من الأباطرة التي أشبه ما تكون بأسراب الجراد الذي يأتي على الأخضر واليابس، وتترك المجتمعات قفرا لا تجد فيها الطبقة الكادحة سوى المعاناة والضنك. وهذه النخبة الملوثة أخبث مكون في البيئة الفاسدة لأنها تملك زمام القيادة، وتستحوذ على رأس المال وقنوات الفكر والإعلام والتوجيه، وهي لا تتقن فيما بينها سوى الصراع على السلطة واللذة والمتعة، ولا يتحد أفرادها إلا من أجل الحفاظ على ديمومة بيئتهم النتنة واستحمار السذج الذين يعيشون على كدهم ودمائهم.
والناس في البيئة الفاسدة بقايا بشر أو مسخ بشري غريب، يستمرئ الباطل وينفر من الحق، يعشق الظلام ويكره النور، منكوس الفطرة والذوق .. يقول الشيخ محمد الغزالي: "والبيئة الفاسدة خطر شديد على الفطرة، فهي تمسخها وتشرد بها، وتخلف فيها من العلل ما يجعلها تعاف العذب وتستسيغ الفج، وذلك سر انصراف فريق من الناس عن الإيمان والصلاح، وقبولهم الكفر والشرك، مع منافاة ذلك لمنطق العقل، وضرورات الفكر وأصل الخلقة" [عقيدة المسلم: ص 198]
في البيئة الفاسدة تروج مصطلحات الإلحاد والفوضى الجنسية والإدمان والرشوة والطائفية والعنصرية .. وغيرها مما حوته قواميس العفن الفكري والسلوكي، وصراع البيئة الفاسدة مع أهل الحق والطهر صراع أزلي حامي الوطيس، حيث يكون أهل الإنصاف كالنبتة الطيبة لكنها نشاز وسط غابات الحنظل، لذلك تتعالى الأصوات الغوغائية بالإقصاء والاستئصال، كما في قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [إبراهيم:13] فهذا توعد من الكفار للرسل بالإخراج من أرضهم والنفي من بين أظهرهم إن لم يتركوا ما جاءوا به من نور الوحي وهداية السماء. وفي آيات أخر تفصيل لهذا الصراع الإقصائي، كقوله من قوم شعيب: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ} [الأعراف: 88-89]، وقوله عن قوم لوط: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل:56] وقوله عن مشركي قريش: {وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء:76]، وقوله: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30]، إلى غير ذلك من الآيات.
أما الحرب النفسية والإعلامية وحملات التشويه والتسفيه، فحدث ولا حرج .. قال تعالى: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [الأعراف:82]، قال ابن عباس: عابوهم بما يمدح به. قال ابن عاشور: والتطهر تكلف الطهارة. وحقيقتها النظافة، وتطلق الطهارة مجازا على تزكية النفس والحذر من الرذائل وهي المراد هنا، وتلك صفة كمال، لكن القوم لما تمردوا على الفسوق كانوا يعدون الكمال منافرا لطباعهم، فلا يطيقون معاشرة أهل الكمال، ويذمون ما لهم من الكمالات فيسمونها ثقلا ، ولذا وصفوا تنزه لوط عليه السلام وآله تطهرا، بصيغة التكلف والتصنع، ويجوز أن يكون حكاية لما في كلامهم من التهكم بلوط عليه السلام وآله، وهذا من قلب الحقائق لأجل مشايعة العوائد الذميمة. [التحرير والتنوير:8/182]
وقال تعالى: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران:212] {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاء لَضَالُّونَ} [المطففين:29-32] وهذه أعجب .. فليس أعجب من أن يتحدث هؤلاء الفجار المجرمون عن الهدى والضلال. وأن يزعموا حين يرون المؤمنين، أن المؤمنين ضالون. ويشيروا إليهم مؤكدين لهذا الوصف في تشهير وتحقير: {إن هؤلاء لضالون!} .. والفجور لا يقف عند حد، ولا يستحيي من قول، ولا يتلوم من فعل. واتهام المؤمنين بأنهم ضالون حين يوجهه الفجار المجرمون، إنما يمثل الفجور في طبيعته التي هي تجاوز لجميع الحدود! [في ظلال القرآن:7/491] وقال تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} [هود:38] ومن ابتلي من أهل الصلاح ببيئة فاسدة فإنه يتوجب عليه القيام بحق الله تعالى فيهم من النصيحة والموعظة الحسنة والجدال بالحسنى وتقديم النموذج العملي المثالي في نفسه قدر المستطاع، فهذا من شأنه أن يبني في ذاته حائط صد يمنعه من الانجراف إلى هاوية الفساد وأهله، ويلغي تأثير تلك البيئة وتجاذبها لكل أفرادها، ثم هو بسلوكه الإصلاحي يعمل على كبح تمادي الفساد على أقل الأحوال، ناهيك عن إمكانية استجابة الكل أو البعض للخير، وهذا من حظ العبد أن يجعله الله تعالى هاديا مهديا. ---------------------------------------------- مع الانفجار الضخم وثورة وسائل التواصل الاجتماعي وظهور عدد كبير من وسائل وقنوات التواصل الإلكتروني التي أصبحت ظاهرة تستحق التوقف عندها لسبر أغوارها وفهم مدى تأثيرها في مجالات التواصل والتفاعل البشري الطبيعي، في ظل هذا العدد الضخم المهول من العوالم الافتراضية ووسائل وبرامج الاتصال أصبح متوسط نوافذ التواصل لدى الفرد من مستخدمي أجهزة الاتصال الإلكتروني يتراوح ما بين ست أو سبع مواقع للتواصل، مما يجعل مشتركي هذه البرامج تحت ضغط هائل وانشغال دائم؛
ذلك أن مواكبة شبكات الأصدقاء الذين غالبا ما يتوزعون في نطاق جغرافي لا تغيب عنه الشمس والتفاعل مع منشوراتهم مهمة مستحيلة إلا في حق من يظل على اتصال دائم لمدة 24 ساعة في اليوم والليلة، يضاف إلى ذلك أن هذه العوالم والمجتمعات الافتراضية تسحب مشتركيها والمدمنين عليها رويدا رويدا من عوالمهم الحقيقية، ولا يلبث المدمنون عليها أن تظهر شروخ واضحة وتقطعات حادة في حبال الوصل بينهم ومجتمعهم الحقيقي وأهاليهم ومعارفهم وأرحامهم، هذا إذا لم تمتد مساحة التقصير إلى العبادات والواجبات الدينية.
عدا أن الصورة ليست دائما بهذه السوداوية والقتامة ففي ببعض الحالات تتيح وسائل التواصل هذه فتح قنوات مباشرة للتنمية البشرية عبر تكوين مجموعات هادفة ربما تساهم في مجالات التطوير الذاتي ورفع الكفاءة المهنية والعلمية لمشتركيها لما توفره من فرص وأساليب للتفكير الجماعي المشترك والاستشارات والاستفادة من تجارب الأصدقاء والمشتركين، كذلك فإنها تعتبر مجالا هاما لظهور العديد من الإبداعات الكتابية وتنميتها والمساهمة في نضجها بعرضها على جمهور عريض يتكون في غالبيته من المثقفين من مختلف التخصصات الأكاديمية والعلمية ومن ذوي التجارب الحياتية التي لا تقل أهمية في صقل المواهب
يضاف لذلك مساهمتها في توليد الشعور المفعم بتحقيق الذات بما توفره من فضاء مفتوح يخلو من الرقابة أو القيود للتعبير عما يجول في النفس من مشاعر وآراء وتلقي الردود عليها من القراء والمتابعين؛ فقد غذت هذه المواقع الطموح المرتفع لاستعراض الذوات بين مشتركيها عبر مشاركات الصور والفيديوهات وحُزَم الإعجاب والتعليقات التي تصدرها صفحاتهم الشخصية كل يوم وتستوردها من الأصدقاء الآخرين، ومن دون شك فإن هذه المواقع تساهم كذلك في تجديد الصداقات القديمة وتوسيع شبكة العلاقات الاجتماعية واختزال المسافات الجغرافية بين مشتركيها وأقاربهم في كل مكان .
لكن تبقى الظواهر السلبية بالغة الحدة والتأثير حيث تتمركز حول إدمان الخيال واتساع الهوة بين الواقع الحقيقي والافتراضي؛ فبالرغم من أن معظم وسائل التواصل هذه تشترط – أو تفضل على الأقل - التسجيل ببيانات هُوية حقيقية إلا أن الغالبية العظمي من مستخدميها يستعملون هُويات منتحلة مما يجعلها مرتعا خصبا للوهم والعبث أكثر منها فضاءات للتواصل المجتمعي والتعارف الحقيقي الذي يكبت جماح المتواصلين عبره تعبيرهم عن ذواتهم الحقيقة وتحملهم المسؤولية القانونية والأخلاقية عن ما يكتبون وما ينشرون لإمكان تتبعهم عبر مسار بيانات الشخصية .
ثم إن التقوقع حول وسائل الاتصال هذه والاستعاضة بعوالمها الافتراضية مؤشر قوي الدلالة على فقر صاحبه من مهارات التواصل المباشر مع محيطه الواقعي وعدم قدرته على تلبية عواطفه الانفعالية بالتفاعل المباشر مع الأهل والأصدقاء، كما لوحظ كذلك أن للإدمان على استخدام هذه الوسائل آثاراً ملحوظة في زيادة العزلة الاجتماعية وظهور حالات كثيرة من القلق والاكتئاب . ---------------------- القوة النفسية وقوة الشخصية لا تمثل تعريفاً علمياً مباشراً لموضوع بعينه، فهذه الاصطلاحات تستخدم للتعبير عن قدرة الفرد على الثبات الانفعالي والضبط الذاتي وتوكيد الذات، كما أنها تعكس أخلاق وعادات الفرد وقت التعامل مع الضغوط والأزمات وقدرته على الحلم وكظم الغيظ وعدم الاهتمام بصغائر الأمور.
قوة الشخصية لا تعني العنف: موقف الشخصية القوية التي تجيد فن التعامل مع الناس ليس موقف من يستعرض عضلاته، مع حماس زائد وانفعال لا ضرورة له، فارتفاع الصوت في النقاش مثلا ليس دليلا على صحة القول .. إن الشخصية القوية التي تجيد فن التعامل مع الآخرين تتسم بالهدوء وعدم الاكتراث بالمناقشات الغبية، وعدم فرض عقليتها على غيرها، فالثقة بالنفس والحجة القوية لا تحتاجان لإلزام أو انفعال أو صراخ. وقد فسر الفيلسوف الإنجليزي "هوبس" منذ أمد بعيد القوة على أنها كل خلق حميد، فهو يرى أن الصبر قوة، لأن الضعيف يجزع، ولا يقوى على الصبر والاحتمال، وقد ثبت حديثاً أن الصبر وتحمل ألم الحرمان يزيد من قدرة الجسم على إفراز الأندورفينات وهى أفيونات الجسم الطبيعية التي تحميه من الألم وتحقق له حالة مزاجية عالية. ويرى هذا الفيلسوف أيضاً أن الحلم قوة لأنه مزيج من الصبر والثقة، وأنه ينطوي على شيء من الترفع عن صغائر بل والاستخفاف بها وتجاهلها تماماً، كما يرى "هوبس" أن الشجاعة قوة لأنها ترفض الجبن والمذلة، وأن العدل قوة لأنه يعكس تغلب الإنسان على نوازع الطمع وظلم الآخر بدوافع الأهواء، وكذلك فإن العفة قوة لأنها تقاوم الشهوة والإغراء. فقوة الشخصية هي القدرة على ضبط الذات في حدود الأخلاق الفاضلة .. أيضاً هناك معاير أخرى هامة لقوة الشخصية تتمثل في: الإحساس بالمسئولية وتحمل تبعات الاختيار واتخاذ القرار.
تنمية الشخصية القوية : الالتزام بموازين ومقاييس التقدير والاحترام. العمل بالأصول المتبعة في القضايا الإنسانية ما لم تصطدم بالقواعد الشرعية. تبني أساليب واقعية حسب الزمان والمكان والطبائع. الحذر من الكبرياء الذي منشئوه وفرة القوة أو الثروة. استثمار أساليب الصراحة بالتوازن والتوافق. التربية الذاتية الدائمة على المبدئية والعمل على ترسيخ أركان الثبات. الحذر من التعصب المذموم لذاتك وأفكارك وما تعتقده. العمل على تقوية النظرة الايجابية والتفاؤل الواقعي الغير مفرط. التثقيف على فقه النجاح والتطور. رعاية المسائل الصحية الشاملة نفسيا وعقليا وروحيا وبدنيا.
تنمية الشخصية على صعيد العلاقات مع الآخرين: • تحسين الذات أولاً: في داخل كل منا قوة تدفعه إلى الخارج باستمرار، فنحن نطلب من الآخرين أن يقدروا ظروفنا وأن يفهموا أوضاعنا وأن يشعروا بشعورنا، ولكن قليل من الناس من يطلب هذا الطلب من نفسه، قليل منهم من يقدر شعور الآخرين ويتفهم مطالبهم .. إن الأب الذي يريد من ابنه أن يكون باراً مطالب بأن يكون أباً عطوفاً أولاً، والجار الذي يريد من جيرانه أن يراعوا حقوق الجيران لابد أن يراعيها هو أولا، وهكذا .. ليكن شعارنا: «البداية من عندي».
• الإشارات الغير لفظية: إننا بحاجة في كثير من الأحيان أن نعبر عن تقديرنا وحبنا للآخرين بشكل غير مباشر يفهمه الآخرين، إن الإشارات الغير لفظية (عيادة المريض، تقديم يد العون في أزمة أو باقة ورد في مناسبة، أو حتى الصفح عن زلة .. ) تكون في الغالب أشد وأعمق تأثيراً في النفس البشرية، ولا شك أن هذا الأمر بحاجة إلى معرفة ومران وتمرس لكي نتقنه.
• المسافة القصيرة: ما أجمل أن يصطفي الإنسان من إخوانه من يكون له خليلا يستند إليه في الملمات ويعينه وقت الشدائد ويبوح له بما في نفسه، يسقط معه مئونة التكلف خلال تلك المسافة القصيرة التي تقرب قلوبهم إلى بعضها، والإنسان بحاجة ماسة إلى هؤلاء الخواص، فقد أثبتت بعض الدراسات أن الذين يفقدون شخصاً يثقون به وقريباً منهم لهم أشد عرضة للاكتئاب، بل وإن بعض صور الاضطراب العقلي تنشأ من مواجهة الإنسان لمشاق وصعوبات كبرى دون وجود من يسانده، لذلك إن وجد ذلك الأخ الحميم، فليحسن معاشرته، وليؤد حقوقه، وليصفح عن زلاته، فإنه كنز الأيام وثروة العمر.
• الاعتراف والتقدير: من الأقوال الرمزية (كل شخص يولد وعلى جبهته علامة تقول: "من فضلك اجعلني أشعر أنني مهم"، فكلما وقع تواصل بين الناس تناقلوا بينهم رسالة صامتة تقول: "فضلاً اعترف بكياني، لا تمر بي غير آبه"، فالإنسان مهما كان عبقرياً وفذاً وناجحاً فإنه يظل متلهفاً لمعرفة انطباع الناس عنه، وكثيراً ما يؤدي التشجيع إلى تفجير أفضل ما لدى الأمة من طاقات كامنة، وكان ذلك فعل النبي –صلى الله عليه وسلم- حيث وصف أصحابه بصفات تميزهم عن غيرهم .. إن اكتشاف الميزات التي يمتلكها الناس بحاجة إلى نوع من الفراسة والإبداع، وقبل ذلك الاهتمام.
• تأهيل النفس للعمل ضمن فريق: إن الواقع يشهد أننا نعيش في عالم يزداد فيه الاعتماد على المجموعات في إنجاز الأعمال، وذلك لتعقد المهمات في العمل الواحد، وحتى يرتفع مستوى الأداء والإنتاجية في العمل .. إن كثيرا من الناس يعيش حالة من النمو الزائد في الفردية، فتجده ينجح في أعمال كثيرة تتطلب عملاً فردياً، فإذا ما عملوا في لجنة أو مجموعة فإنهم يسجلون نتائج سلبية وغير مشجعة، ومردود ذلك على نهضة الأمة في منتهى السوء !! وحتى يتأهل المرء للعمل ضمن فريق فإنه بحاجة لأن يتدرب على عدة أمور منها: - حسن الاستماع والإصغاء لوجهة نظر الآخرين - تفهم كلاً من طبيعة العمل ودوره في ذلك العمل - تفرس الخلفية النفسية والثقافية لأفراد المجموعة التي يتعاون معها - الحرص على استشارة أفراد المجموعة في كل جزئية في العمل المشترك تحتاج إلى قرار - الاعتراف بالخطأ ومحاولة التعلم منه - عدم الإقدام على أي تصرف يجعل زملاءه يسيئون فهمه أو يجعله موضع شبهة - حذار من إفشاء أسرار العمل أو التحدث عن أشياء ليست من اختصاصه - المبادرة لتصحيح أي خطأ يصدر من أي فرد من أفراد الفريق وفق آداب النصيحة - تحمل ما يحدث من تجاوزات وإساءات من الأفراد، واحتساب ذلك عند الله تعالى - إذا تعذر عليه الاستمرار ضمن الفريق فعليه أن يفارقهم بإحسان وأن يستر الزلات. ---------------------- الحوار من أفضل الأساليب المعبرة عن الأفكار، لأنه سماع وتفاعل تشتركُ فيه كثير من الحواس الظاهرية والوجدانية والفكرية، مما يجعله عالقاً في النفس، مؤثراً فيها .. ولقد اهتم الإسلام بفنون وآداب الحوار اهتماماً بالغا، وذلك لأن الطبيعة الإنسانية ميالة بفطرتها إلى الحوار وربما الجدال، قال تعالى: {وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} [الكهف:54] بل إن صفة الحوار أو الجدال لدى الإنسان تمتد حتى إلى ما بعد الموت، إلى يوم الحساب كما يخبرنا القرآن الكريم: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا} [النحل:111]، لكن لو بحثنا في تراثنا الإسلامي الأخلاقي عن استعمال للفظة "نقد" فلن نجدها، ولوجدنا مفردات بديلة مثل "التسديد" "إهداء العيوب" "إقالة العثرات" "الوعظ" "المحاسبة" "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" "النصيحة".
إن الغاية من الحوار إقامةُ الحجة، ودفعُ الشبهة والفاسد من الرأي، فهو تعاون من المُتناظرين على معرفة الحقيقة والتَّوصُّل إليها، ليكشف كل طرف ما خفي على صاحبه منها، والسير بطرق الاستدلال المنطقي للوصول إلى الحق المبين .. يقول الحافظ الذهبي: "إنما وضعت المناظرة لكشف الحقِّ، وإفادةِ العالِم الأذكى العلمَ لمن دونه، وتنبيهِ الأغفلَ الأضعفَ". وكلما كانت هناك مرجعية قوية ومشتركة كلما كان الحوار أكثر إيجابية وتكاملاً وتناغماً، وعلى العكس كلما ضعفت المرجعية أو تشتتت أو تعارضت كلما تعطلت مسارات الحوار أو ضاقت وأصبح النقاش أقرب إلى الضجيج. ولذلك ففي فترات التحول الاجتماعي - خاصة المفاجئة أو السريعة - نجد أن الحوار يصبح أكثر صخباً وتشابكاً وتشتتاً نظراً لاختلاف المرجعيات المعرفية للفئات المختلفة اختلافاً شديداً يجعلها لا تملك الحد الأدنى للاتفاق على أي شيء، وتضيع منها كل الثوابت، بل يصبح كل شيء قابلاً للطعن والتشكيك والتسفيه.
كما أن إتباع الحق، والسعي للوصول إليه، والحرص على الالتزام به؛ هو الذي يقود الحوار إلى طريق مستقيم لا اعوج فيه ولا التواء، أو خضوع لهوى الجمهور، أو الأتْباع .. والعاقل -فضلاً عن المسلم- الصادق، طالبٌ حقٍّ، باحثٌ عن الحقيقة، ينشد الصواب ويتجنب الخطأ. يقول الغزالي أبو حامد: "التعاون على طلب الحق من الدّين، ولكن له شروط وعلامات؛ منها أن يكون في طلب الحق كناشد ضالّة، لا يفرق بين أن تظهر الضالّة على يده أو على يد معاونه، ويرى رفيقه معيناً لا خصماً، ويشكره إذا عرَّفه الخطأ وأظهره له". ومن مقولات الإمام الشافعي المأثورة: "ما كلمت أحداً قطّ إلا أحببت أن يُوفّق ويُسدّد ويُعان، وتكون عليه رعاية الله وحفظه. وما ناظرني فبالَيْتُ أَظَهَرَتِ الحجّةُ على لسانه أو لساني".
وفي ذمّ التعصب ولو كان للحق، يقول الغزالي – رحمه الله-: "إن التعصّب من آفات علماء السوء، فإنهم يُبالغون في التعصّب للحقّ، وينظرون إلى المخالفين بعين الازدراء والاستحقار، فتنبعث منهم الدعوى بالمكافأة والمقابلة والمعاملة، وتتوفر بواعثهم على طلب نُصرة الباطل، ويقوى غرضهم في التمسك بما نُسبوا إليه. ولو جاؤوا من جانب اللطف والرحمة والنصح في الخلوة، لا في معرض التعصب والتحقير لنجحوا فيه، ولكن لمّا كان الجاه لا يقوم إلا بالاستتباع، ولا يستميل الأتْباع مثلُ التعصّب واللعن والتّهم للخصوم، اتخذوا التعصب عادتهم وآلتهم". والمقصود من كل ذلك أن يكون الحوار بريئاً من التعصّب، خالصاً لطلب الحق، خالياً من العنف والانفعال، بعيداً عن المشاحنات الأنانية والمغالطات البيانيّة مما يفسد القلوب، ويهيج النفوس، ويُولد النَّفرة، ويُوغر الصدور، وينتهي إلى القطيعة.
أيضا أفكارنا التي نحملها أشبه بلوحات فنية جميلة رسمت بريشة فنان معروف بسحر يديه، ومشهور برحابة خياله، ومشهود له ببراعته في اختيار ألوان زاهية براقة، يبدع لنا في كل مرة مناظر طبيعية خلابة وجميلة. وتلك اللوحة الجميلة بحاجة إلى إطار "برواز" جميل يتناسب مع جمالها ويتناسق مع ألوانها ويكمل روعتها ويضفي البهاء على سحرها الزاهي .. إن الكلمات التي نختارها والألفاظ التي نستعملها والجمل التي نسطرها هي بمثابة ذلك الإطار لتلك اللوحة الجميلة .. فاحرص كل الحرص على اختيار إطاراً جميلاً للوحتك الخلابة لتزداد روعة إلى روعتها، فيزداد محاورك بها إعجاباً، وتسهل عليك مهمة إقناعه فيما تحمل من أفكار ومعتقدات، أو على الأقل يقترب منك خطوة بدل أن يبتعد عنك ميلاً، مهدداً ومزمجراً بسبب فشلك في اختيار حروفك وجملك وألفاظك.
وحين نؤمن بفضيلة الخلق الحسن، ومنزلة الأخلاق الفاضلة، ووجوب الإحسان إلى الناس جميعا بل وحتى الحيوان، وأن نقول للناس حسنى، وأن نختار لإخواننا ليس حسن الكلام فحسب، بل وأحسنه وأطيبه .. حين تتأكد قناعتنا بكل ذلك، نكون قد احترفنا فن الحوار، ولا يخيم على مناقشاتنا «السوداوية الحوارية» التي يسودها طابور من الأخلاق المشينة، والألفاظ البذيئة وغير المهذبة، وأمهر الأساليب والفنون في تنقص المخالفين وتحقيرهم!. وحين نؤمن بأن العدل واجب وفرض لازم، وأن الشريعة الإسلامية توجب على المسلم أن يعدل مع الجميع، ولو كان عدوه وشانئه، فالعدل مبدأ لا مصلحة، وخلق لا تجارة .. حين تتأكد قناعتنا بكل ذلك، لن يكون هناك مبررا إذا خُصمنا أو خاصمنا أن نسف المخالف بكليته، ونرمي حقه وباطله، وتغدو محاسنه مساويا لا يمكن لصاحبها أن يعتذر. ============================== صاحب أنشودة الكفاح الأولى، سحبوه وهو يردّد: أحد.. أحد.. لأن الرجل ذاق قل هو الله أحد، الحياة عنده أن يموت الباطل، والموت لديه أن يعيش الحق، رماه الكفار بالحجارة، فأخذه الإمام ورفعه على المنارة.
وصل بصوته أهل الأرض بأهل السماء، وأهل الفناء بأهل البقاء، والضعفاء بالأقوياء، فهو صمود المستضعفين أمام الجبروت، وقلعة البائسين في وجه المستكبرين.
بلال قصة الإسلام يوم أُلغى الرق وحرّر الضمير، وأنهى الاستبداد، وأكرم الموالي تمثلت فيه السمو بلا نسب، والنبل بلا مال، والرفعة بلا جاه، والعزة بلا عشيرة.
أذّن بلال الأسود على الكعبة السوداء، معلناً سيادة الحق، قرّ سواد عين الإسلام بالمؤذن الأسود والبيت الأسود:
كأنَّ حلّته السوداءَ قد نسِجــت مـن حبّة القلب أو من أسودِ المقَل
بلال ثلاثة مشاهد.
مشهد الحجارة السوداء تصلي جسمه، والأذان يتفجّر من حنجرته، ونشيد: غداً نلقى الأحبة محمداً وحزبه، بلال برهان على عظمة المبدأ، وانتصار القيم، ورسوخ الميثاق.
استعبده أمية فحرّره أبو بكر، أرخصه الكفر فأعلاه الإسلام، لفظته الأرض فاستقبلته السماء، ضُربت قدماه بالسياط فسمع دفا نعليه على البساط، أزعج المشركين بنداء: أحد أحد، وأطرب المؤمنين بأذان: أشهد أن لا إله إلا الله، موهبة بلال: صوت يعبر الأثير بالحق في صرامة وحرارة وإباء وإصرار.
ولدته إفريقيا، وربّته آسيا، وأنصتت لصوته أوروبا، الأهل في الحبشة، والشباب في مكة، والعمل في المدينة، والمنصب على المنارة، والوفاة بـالشام، والموعد الجنة.
الإمام قرشي، والمؤذن حبشي، ماء النسب عقيدة، وصلة القربى مبدأ، وعروة المحبة إيمان، فالتقى الماء على أمر قد قدر. بلال حيث ينتصر الحق على الباطل، والحقيقة على الخيال، واليقين على الظن، والفقر الطاهر على الغنى الزائف.
ألا يكفي جلّادي العالم عبرةً أن السياط لا تلغي القيم، وأن المشانق لا تقتل المبادئ، وأن التعذيب لا يُميت الحقوق، والدليل سيرة بلال، فقد بقي صوته ينقل حيّاً على هواء القلوب عبر أثير الصدق، والصمود والإصرار والصلاح والصبر.
بلال تحدّى بطهره الحجارة، وبحنجرته الفضاء وبحبشيته قرشية أمية بن خلف، وبالسواد البياض، وبالقلة الكثرة، إن جاءت الإمام بشارة قال: يا بلال أذّن في الناس، وإن حزب أمر قال: {أرحنا بها يا بلال}.
في سيرة بلال أن المجد لمَن غلب، وأن النهاية لمَن صبر، وأن العاقبة لمَن اتقى.
ألا بلغ الله الحمى من يريدها وبلغ أطراف الحمى من يريدها
ركوته لشرب المعلم، وعصاه سترة للإمام، وعينه لمراقبة الفجر، وفمه لإعلان الميثاق، ركب بلال المنارة، منادياً إلى الصلاة، وركب الكعبة صادحاً بالحق، وركب فرسه منافحاً عن الله، ثم ركب أكتاف الأبطال إلى الجنة، والآن يرقد بلال بعد أن أدّى ما عليه، وسلم ما لديه، وقاتل بيديه، وسعى بقدميه، ويكفيه أنه في الجنة يسمع دفي نعليه. islamweb
|
|
 
|
|
|
|