|
Re: الزوجة الترانزيت: الزوجة عندما تكون نسخة (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
المقال: من صحيفة العرب اللندنية الاثنين 2019/02/25
(حبيبة ترانزيت)
بقلم رابعة الختَّام
- الزوجة العربية نسخة مصغرة من الأم، حتى أن بعض الرجال ينادون نساءهم “ماما”، و مِن الكثير الزوجات مَن تنادي لزوجها “بابا”، وليس هذا النداء مصادفة، ليست ألقابا مجانية توزع هكذا على الجميع.
يطرق باب غرفتي إلا في لحظات الضعف الإنساني والانكسار. في غرفة بعيدة من غرف بيت العائلة الواسع الذي آل إلى زوجي بالميراث، أنتحي جانبا، منذ زواجنا وعاداتي في النوم والسهر لا تروق لزوجي، الكاتب، والروائي مطلقا، ولا عاداته تروقني بالتبعية، كلانا قرر الاقتراب وقت الاحتياج فقط، والبعد باقي الوقت!
سنوات وسنوات، حالنا لا يتغير إلا سلبا، نسير في اتجاه البعاد شيئا فشيئا، مساء أحتضن كتبي ورواياتي، ومؤلفاتي، ومؤلفاته هو الآخر، ومؤلفات بإهداءات خاصة، أدخل إلى غرفتي النائية، أضيء مصباحي الواهن، وأقرأ حتى يأخذني النعاس من التفكير في رجل لا يتذكرني إلا في أحزانه ومشاكله.
رجل مزج اسمي مع أخريات في دوامة مشاغله، أراقصه في أحلامي الناعسة، أو يقظتي الراغبة في الاحتواء، وتذوّق الحب، أما الحقيقة فلا وجود لرجلي هذا.
أشبه الأخريات في عالمه، لا فرق بيننا سوى أنني حليلة، وهن محرمات، حتى هذا الحكي اللذيذ، الضاغط على قلبي برقة، وقوة، وضعف، لم يعد يخصني به وحدي، كثيرات سمعن عنه ومنه الأحاديث المتناثرة.
قد يجد متعة في فضفضته الحزينة، وتخليص نفسه من مخزونها، أو يعمل بنصيحة ممزوجة بتجارب سنوات، ونضج إنساني صنعته الحياة وقسوتها، أو يروقه أول ما احتضنته أذنه في سنوات عمره الأولى، قاسمه المشترك في ذكريات غزيرة، ربما لا يجد الوقت والعمر لمثلها ثانية.
حتى هاتفي حين يدق جرسه فأجد المتصل زوجي، أضحك، ربما أزمة جديدة يريد التخلص منها، حكاية يلقيها فوق كتفي، ويرحل، يتخفف من أعبائه بالحكي، يتحرر من آثام البشر وذنوب تتقافز على رأسه ليل نهار، تمنعه من النوم، يستفيق من الحكي حرا، طليقا، لأبدأ أنا رحلتي مع العذاب بالتفكير في ما ألقاه في وجهي.
طرقات يديه على بابي، تفضح ما بين ضلوعه من أوجاع، لا أسابق بالسؤال عنه، لا أقول كيف حالك، تفضحه دموع نبيلة تأبى السقوط. لكنني أبدأ الحوار، ماذا بك يا حبيب العمر، أي الأوجاع ضاق صدرك بها اليوم، هل هي مشكلة قديمة اعتدنا على مواجهتها، أم جديدة عجز عقلك الناضج عن إيجاد حل لها، فجئت تقاسمني الوجع؟
حياتنا استثنائية بامتياز، هو يأتيني محملا بالمشكلات، يفضفض ما بجعبته، يستريح لامرأة تستمع كأم، وتتآكل من الغيرة كزوجة، لكنها تحب بقلب كفيف، فالقلوب حين تحب تفتقد المنطق والمعقول.
أصبح البعد عنه لا يزعجني، يطمئن قلبي، ففي البعد أدرك أنه على ما يرام، طالما لم يأت فهو حتما بخير، تتضاءل مساحتي لديه كلما سارت الأمور نحو الأفضل، لم أعد أهتم بهذا كثيرا، حقا صار حبي له يشبه حب الأمهات، سخيا في عطائه، متسامحا حد الغفران مع كل الأخطاء والهفوات.
زوجي الذي أقرأ له أرقى وأعذب النصوص الأدبية، لا يشبه المسافر عني مطلقا، هو في الحكي للأوراق والقلم أستاذ، وفي الاستلقاء برأسه المحمل بهموم العالم، طفل وديع.
أنا لديه حبيبة ترانزيت، للاستراحة، كبلاد بعيدة، نهبط في مطاراتها لتغيير المسار، لا نخطو على أراضيها، ليس من حقنا التعرف إلى أهلها، وعاداتهم، ولا ثقافاتهم، تراثها الشعبي كأسرار المعابد القديمة.
تلك لقطة واحدة، لمشهد قريب من حياة كاتبة أعتبرها أمي، نحرص على لقاء أسبوعي منذ تعارفنا الأول في ملتقى ثقافي كبير منذ أعوام عديدة، امرأة جميلة، قارئة، مثقفة، محبة بجنون.
حياتها ليست استثنائية، بل تشبه حياة الكاتبة المصرية الكبيرة التي تعتبرني ابنتها، حياة نساء كثيرات، في بلاد العرب، لكن خلف الأبواب المغلقة حكايات تماثل ما في دواوين الأشعار، وطرائف نوادر الكتب القديمة، قصص تنتظر من يكشف عنها الستائر، ربما كانت نساء لا يجدن التعبير عما يجول بخواطرهن، وحين تقرأ إحداهن رواية أو قصة قصيرة تشير بإصبعها، هذه أنا. تلك المرأة التي تسكن السطور تشبهني كثيرا.
الزوجة العربية نسخة مصغرة من الأم، حتى أن بعض الرجال ينادون نساءهم “ماما”، و مِن الكثير الزوجات مَن تنادي لزوجها “بابا”، وليس هذا النداء مصادفة، ليست ألقابا مجانية توزع هكذا على الجميع، لكن بالفعل كثيرا من الزوجات لعبن دور الأم بامتياز في حياة الرجل، وبصفة خاصة في أجيال سابقة، هن الآن في أعمار الأمهات والجدات، ثقافة ووعي الزوجة الأم تفتقدها كثيرات من بنات الجيل الجديد، ممن تستهويهن حياوات اطلعن عليها من بعيد، خلف شاشات براقة، لا تعكس الصورة بالفعل من جميع زواياها.
رابعة الختام
كاتبة من مصر
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: الزوجة الترانزيت: الزوجة عندما تكون نسخة (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
فعلا يا رابعة كما ذكرتي في ختام مقالتك( ثقافة ووعي الزوجة الأم تفتقدها كثيرات من بنات الجيل الجديد، ممن تستهويهن حياوات اطلعن عليها من بعيد،
خلف شاشات براقة، لا تعكس الصورة بالفعل من جميع زواياها.)
- المشكلة هناك شبه فجوة بين الأجيال بسبب الحياة العولمية التي جعلت من السوشيال ميديا وسيط للتعلم و للتقليد و لطرح نماذج موازية لأساليب الحياة و التنشئة..
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: الزوجة الترانزيت: الزوجة عندما تكون نسخة (Re: دفع الله ود الأصيل)
|
ود الأصيل شكرا يا جميل على موالاة الكتابة في بوستي... كلك ذوق. ************************************* بالمناسبة لاحظت أن عبارة(الزوجة الترانزيت في العنوان) قد تعطي إشارة خاطئة...أو معنى خاطيء
فللقاريء المستعجل: المقصود الزوجة التي لا يعبأ بها الزوج إلا عند الضرورة القصوى( أنا ما بفسّر و إنتو ما بتقصروا)
| |
 
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|