الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر و قــصائــد أخـــرى فى الـــرثـــاء

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 11:04 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-28-2015, 08:20 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر و قــصائــد أخـــرى فى الـــرثـــاء

    08:20 AM Apr, 28 2015
    سودانيز اون لاين
    عبدالرحمن إبراهيم محمد-بـوســطن، الولايات المتحدة
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين

    فيـتورى يا ياقـوت الشـعـر
    فى رثاء محمد مفتاح الفيتورى

    يا صنو الروح
    وياقوت الشعر
    ماعاد سؤالك يقلقنى
    " تبكيني أم أبكيك؟"
    فبكاؤك قد عز على
    عينين مسهدتين
    لا أبغى لهما العذر
    لكن سؤالا دهريا
    ما أنفك يدور
    ما معنى الغربة؟
    وفيم الضيم؟
    وفيم القهر؟
    ولماذا صلف الناس؟
    وجحد حقوق الخلق؟
    فتظل دموع
    تجرى كالنهر
    و”النيل ثوبٌ إخْضَرْ"
    ويظل سؤالك يقلقنى
    أبد الدهر
    "هل انت أنا؟"
    فالموت لصيق الغربة يا هذا
    والنزف يظل يدوم
    والوطن بعيد
    فأنت الـ"عصفور غريب"
    تتنقل بين الأغصان
    "لشهورٍ ثم تطير"
    و الروح تطير
    تحلق فوق سماء الخرطوم
    "تُعانقُ الحُقولَ والمراعى
    وأوجهَ العُمالِ والزُراعِ"
    والجو مطير
    والدمع غزير
    و "الفجر جناحان
    يرفان عليك"
    والحزن عليك
    قد كحل أعين
    كل المظلومين
    وعشقك يا هذا
    "يفنى عشقي"
    واستغراق فنائك قدرى
    فمنك تعلمنا
    معنى الشعر
    وقول الشعر
    ووزن الشعر
    ونزف الإحساس
    فشعرك ينسج
    الشموخ زينة الإباء
    للنساء
    وراية الرجال
    فى كبرياء
    يدور حول "شرفة التاريخ"
    كالـ"فراشة المجنحة"
    يطوف فوق كل رأس
    "تعدو به الريح"
    "على ضفافِ المَقرنِ الجميل"
    فيحبس الأنفاس
    ورغم كل هذا
    يبخل الأنجاس
    بما لا يملكون
    كم نحن جاحدون!
    لانه لا يهمنا ما يفعلون
    لانأبه من تكون
    يا صدق الكلمات
    وكل شهيد قد مات
    ولا نعرف عنك
    وأنت الهاوينا
    فردا فرد
    فتظل تمد اليد
    "يدك الممدودة" تمتد
    تطاول أفق الشمس
    ولا من ملجأ لك
    ولا من يعتد
    خانوك يا ضميرنا
    ياصوت الحق بيننا
    ونور عزنا
    خانوا شعر نورنا
    تنكروا لمجدنا
    لكن يا شيخنا
    ستظل دوما عندنا
    صنو الروح
    وياقوت الشعر


    عبدالرحمن إبراهيم محمد
    بوسطن، 24 أبريل 2015


    (عدل بواسطة عبدالرحمن إبراهيم محمد on 05-05-2015, 07:55 AM)
    (عدل بواسطة عبدالرحمن إبراهيم محمد on 09-12-2015, 03:18 PM)
    (عدل بواسطة عبدالرحمن إبراهيم محمد on 01-23-2018, 02:57 AM)









                  

04-28-2015, 08:34 AM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12483

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    يا سلام شاعرنا الجميل .. استاذنا الرائع عبدالرحمن ..
    رائع انت استاذي .. وخاصة عندما تلجأ إلى هذا التناص المستحبب من شعر الفيتوري وكأنك
    تقول ان هذا الرثاء مفصل على الفيتوري وليس لغيره .. جميل أن تستخدم أدواته ليكون حاضراً معك
    بروحه في هذه اللحظات الوفية ..
    وكأني بك تتقمص شخصية الرائع ابونا الجيلي عبدالرحمن ( عبري ) الذي رافق الفيتوري ومعهم إبن السرارية ارقو ( محي الدين فارس )
    هل تخيلت أنك وسط هؤلاء المبدعين في حي من أحياء الاسكندرية .. وانت المبدع مثلهم ..

    تحياتي أستاذي الجليل ..
                  

04-28-2015, 12:53 PM

احمد الامين احمد
<aاحمد الامين احمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2006
مجموع المشاركات: 4782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: علي عبدالوهاب عثمان)

    تحية وإحترام لأستاذنا الجليل بروف عبدالرحمن .
    الرحمة والمغفرة للفيتورى الذى يصعب موته حضاريا خاصة أن قريضه سيبقى ما بقيت الذاكرة والتدوين .
    قرأت القصيدة فى اللحظات اولى لنشرها فى عدة مظان إسفيريه وليس غريبا لشاعر مجيد رغم إقلاله مثلك أن يتحاور شعرا مع روح الفيتورى بعد صعودها إلى السماء وعروجها إلى الجنان
    لتتحاور وتتسامر هناك مع أرواح من سبقه من شعراء من حضارات والسن شتى علما أن نقاط التلاقى بينك والفيتورى كثيرة جدا على مستوى الهم الحضارى خاصة التبشير والإعتزاز بالجانب الأفريقى فى الهوية عبر معرفة وحب ودراية .
    يلاحظ فى القصيدة على عجل منذ عنوانها حوارك عبر (التنصيص ) و (المفردة ) مع أشهر قصائد الفيتورى من مرحلة (الصوفية ) وهى معزوفة لدرويش متجول الذى نشرها بين الناس صوت كابلى .
    تندرج القصيدة فى باب رثاء المبدعين خاصة أنك تكرمت علينا قبل ثلاثة أعوام بقصيدة رفيعة جدا فى رثاء محمد وردى صنو الفيتورى فى مرحلة ما عبر قصيدة تكاد تكون من أرقى المراثى الذى تم تدبيجها فى رثاء وردى
    وعلى مستوى أشمل تندرج قصيدتك فى رثاء الشاعرر الفيتورى ضمن تيار وباب واسع جدا فى الشعر السودانى الذى محوره رثاء شاعر لشاعر أخر وهذا الباب من أرقى أبواب الشعر السودانى تجلى ذلك فى :
    1 - رثاء المجذوب لمرضى محمد خير (ميمان ) ، الناصر قريب الله ، التجانى يوسف بشير و شيخ الطيب السراج .
    2- رثاء توفيق صالح جبرين للعباسى .
    3- رثاء محمد المكى للمجذوب ومحمد عبدالحى
    4- رثاء مصطفى سند لعتيق ومحمد بدالحي
    5- رثاء عالم عباس لمحمد عبدالحي
    6- رثاء عبدالله الطيب للمجذوب ومحمد عبدالحي
    7- رثاء كمال الجزولى للمجذوب
    8- رثاء عبدالرحيم أبوذكرى للمجذوب
    9- رثاء شيخ عبدالله البشير للمجذوب
    10 - رثاء بشرى الفاضل لعبدالرحيم أبوذكرى وعلى المك (انظر ديوان هضلبيم )
    والأمثلة تطول فى رثاء شاعر لشاعر خاصة إن جاء ذكر الأدب الإنجليزى والأدب العربى فى مصر تحديدا
    لك التحية والتقدير والرحمة والخلود فى دار الخلد للفيتورى الذى مثله لايموت على مستوى الوجود .
                  

04-28-2015, 06:41 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: احمد الامين احمد)



    حزنت كثيرا وشعرت بأسى ممض وإحباط موجع حينما كتب أحدهم
    سؤالا إستنكاريا فى بوست الأخ معاوية عبيد الصايم :
    Quote:
    وماذا قدم الفيتوري للسودان ؟؟

    وفي إنتظار رد المتباكين على عدم دفنه في السودان !!!!!!!!!

    مع العلم بعدم رغبتي في الدخول في مُهاترات مع أي كان

    وبقدر ما ساءنى ذلك السؤال الإستنكارى وأحزننى إلا أننى شعرت بأنه
    ليس فى مقدورى أن ألومه لأنه يعيش فى ظروف وواقع محزن محبط.
    فقد غيب هذا النظام الوعى عن كل ما هو مصدر فخر فى مسيرة أمتنا،
    وأمات إحساسنا بالوطنية والمواطنة. وحتى لو إفترضنا جدلا إنتماءه
    لفكر هذا التنظيم المتسيد الذى من شيمته إقصاء الآخر، فهو أيضا نتاج
    فكر ونهج عقيم مفسد حجب عن عقله الرشد والمعرفة بتاريخ الأمة
    وإرثها. وقد سقت سؤاله الأستنكارى ذاك لأدلل على كم ظلمت بلادنا
    شاعرنا الوفى.
    فقمت بالرد عليه فى بوست أخونا معاوية ذاك.

    فأسمحوا لى أن أعيد هنا ما نشرته فى بوست الأخ معاوية

    الأبن سيف الدين محجوب

    حزنت غاية الحزن لسؤالك الإستنكارى هذا!

    وودت لو كنت صغت سؤالك فى شكل إستفسار. فهو المفروض
    على أجيالكم أن يفعلوه ليعرفوا أن هناك تاريخا جميلا وعطاءا
    بديعا قدمه مئات من نساء ورجال هذا الوطن الذى صار الآن
    حطاما ومصدرا للألم والمعاناة والموت والعوز.

    منذ تفتحت أعيننا على الدنيا وطرقت آذاننا كلمات إذاعات
    مصر ولندن ومونت كارلو. وصحف ومجلات مصر وبيروت
    وبغداد ودمشق كان إسم الفيتورى مقرونا بالسودان:
    "شاعر إفريقيا السودانى محمد الفيتورى"
    "محمد الفيتورى الشاعر السودانى"

    ولم يقف الأمر عند ذلك الحد ولكن وضع إسم السودان دائما
    فى وصف الفيتورى فى معية قائمة من أعلام الشعر العربى
    مع السياب والبياتى والجواهرى ودرويش وأحمد شوقى
    وصلاح عبدالصبور ونازك الملائكة وأبو القاسم الشابى
    وكل من كان له إبداع وتألق فى عالم الأدب والفكر والثقافة.

    وأمتزج إسم الفيتورى بالأصالة والتراث فقد نقل للعالم
    تفرد الشعر السودانى فى الجمع بين الأصالة والثورة
    والتصوف والتفانى من أجل قضية تحرر إفريقيا القارة
    الأم حتى قال أحمد عبدالمعطى حجازى أنه عرف عن
    إفريقيا وقضاياها من شعر الفيتورى.

    ولم يقف دور الفيتورى عند ذلك الحد ولكن حفلت كتب
    المدارس الإبتدائية والثانوية ومقررات الجامعات فى
    الأدب والشعر بأشعار الفيتورى مشارا إليه بالشاعر
    السودانى، فى مصر ولبنان والعراق وسوريا واليمن
    والكويت والمغرب وتونس والجزائر والصومال
    ونيجيريا وموريتانيا. فمن غيره أعطى للسودان مثل
    هذا الألق وسط أمم العالم.

    وهناك يا إبنى مئات الرسائل الجامعية فى كل أنحاء
    العالم لدرجات الماجستير والدكتوراة كتبت عن شعر
    الفيتورى ومئات بل آلاف البحوث والمقالات كتبت
    عن "الشاعر السودانى" محمد مفتاح الفيتورى.

    عشمى أن تكون قد عرفت الآن ماذا قدم الفيتورى
    للسودان؟

    الأ يكفيه أنه من خلد أيقونة حب السودان فى كل
    الأفواه والشفاه:

    "أبدا ما هنت يا سوداننا يوما علينا"

    والله لو لم يقل غير هذه لكفته ما قدم للسودان
    فى هذا البيت من حب وإجلال وإعزاز وإعتزاز
    بالوطن.


    (عدل بواسطة عبدالرحمن إبراهيم محمد on 05-03-2015, 05:44 AM)

                  

04-30-2015, 06:23 PM

احمد الامين احمد
<aاحمد الامين احمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2006
مجموع المشاركات: 4782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    تحية وتقدير البروف عبدالرحمن
    عسى أن يظل هذا البوست عاليا علو الفيتورى الذى لامست هامته عبر الحرف قمم الجبال الشماء
    الشاعر اللبنانى منصور الرحبانى يتلو ما تيسر له من شعر الفيتورى علما أن منصور بذوقه الرفيع هو العمود الثانى فى (الرحابنة ) الذين عبر صوت فيروز المخملى دخلوا وجدان كل مستمع عربى
                  

05-01-2015, 10:37 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: احمد الامين احمد)




    سلمت سيدي الشاعر : البروفيسور عبد الرحمن إبراهيم محمد

    لكم هي موسيقاك الشعرية سلسة كخرير الجدول الرقراق ،
    كنسائم الربيع من حرّ الحزن وأدمُع المُحبين .
    بك ننظر الرحيل ملفوفاً بنجوم الأشعار وأيقوناتها ،
    من البسيط العميق ،
    وأنت تحفر في وجداننا أماكن الرخاوة حين يصيبنا الحزن كما يصيب الملدوغ بالسم ،
    يأتِ من بعد أن نتعرف على مشاعرنا الحقيقة وأنت تُعري عنها الأثواب .
    وصلتني سيدي رسالتك على قصيدك الأول ، وكنت أتلمس بعض العافية من أزمة مؤقتة ،
    وسأعودك دون شك . فالشعر الذي يهزنا قادر أن يغسل قلوبنا .
    لك من الشُكر أجزله فقد وفيت الشاعر الكبير ووفيت مرقده بين نجوم الشعراء ،
    فقد كفانا الأكرم : أحمد أمين التفاصيل .
    والشكر له


    *
                  

05-01-2015, 10:57 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: عبدالله الشقليني)

    آل البك خليل فرح وآل محى الدين فارس وجمال محمد أحمد إنكم تجيدون الرطين وترطنون العربيه بكيد مهارتكم فى
    العماره!! نص نازف لدمع الحزن ودمه رحم الله الفيتورى وأسكنه الفردوس فمن منا يفتر من مطالعته والدعاء له.

    ولك السلام وصادق المواساة

    (عدل بواسطة munswor almophtah on 05-02-2015, 10:43 PM)

                  

05-02-2015, 09:42 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: munswor almophtah)



    أخى العزيز على عبدالوهاب عثمان

    Quote: يا سلام شاعرنا الجميل .. استاذنا الرائع عبدالرحمن ..
    رائع انت استاذي .. وخاصة عندما تلجأ إلى هذا التناص المستحبب من شعر الفيتوري وكأنك
    تقول ان هذا الرثاء مفصل على الفيتوري وليس لغيره .. جميل أن تستخدم أدواته ليكون حاضراً معك
    بروحه في هذه اللحظات الوفية ..
    وكأني بك تتقمص شخصية الرائع ابونا الجيلي عبدالرحمن ( عبري ) الذي رافق الفيتوري ومعهم إبن السرارية ارقو ( محي الدين فارس )
    هل تخيلت أنك وسط هؤلاء المبدعين في حي من أحياء الاسكندرية .. وانت المبدع مثلهم ..

    تحياتي أستاذي الجليل ..

    يا خازن التراث و حافظ التثاقف والأصالة؛ لك التحايا والشكر على الإطراء مما تفضلت به على من كرمك، وما ظننت أننى بلغت شأوه.

    كم حزين أنا على الجحود الذى عاشه الفيتورى، والتجاهل الموجع وهو "النرجسى" الشفيف، كما أشار محيسى. ولكنها عندى ما هى بنرجسية أكثر مما هى ثقة بالذات وقد "عرف قدر نفسه" كما فى قولة الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز. وهذا الإجحاف والتنكر والظلم والإهمال والإحجام عن مد يد المساعدة لهؤلاء الشوامخ عند حاجتهم وفى أخريات أيامهم وهم الذين منحونا عطاءا رفع من قدر الوطن وقبل كل هذا من قدرنا أمام أنفسنا وتاريخنا وعطاءنا وفكرنا. فلم الظلم؟ وفيم الإجحاف؟

    هذه القصيدة أخى على ولدت منسابة بسلاسة ويسر من معاناة الروح من فرط الحزن وهى تحمل إختلاجات النفس حين ميلادها بيتا وراء بيت. فالوجع يولد مشاعر المعاناة ونزف التعابير. فيا لبؤسنا ونحن نجحد مبدعينا ونضاعف من معاناتهم بالتجاهل والظلم والتنكر لكل ما قدموا لنا وللوطن من عطاء وإبداع، خاصة "فرسان الأسكندرية الثلاثة" الذين ذكرت. جيلى عبدالرحمن ، محمد الفيتورى ومحى الدين فارس.

    أما الفيتورى، فرغما عن أننى لم ألتقيه إلا لماما وعابرا أيام عمله فى وزارة الإعلام فى صحيفة الإذاعة وكنت وقتها أنقب فى ملفات ألبومات صور الوزارة يعيننى قريبكم المصور المبدع محمد مهدى الشقيق الأكبر للمسرحى والسينمائى على مهدى. ولم تكن بيننا معرفة شخصية حتى إلتقيته وزوجه المسرحية آسيا عبدالماجد التى كتب لها مسرحية "سولارا" وأعطاها دور البطولة فيها. وكان لقائى بهما على الصعيد الإجتماعى عبر صديقنا الفنان المتكامل الشفيف بدر الدين هاشم عوض وزوجه الفضلى والدى الدكتورة الصيدلية والفنانة منال بدر الدين. وبدر الدين فنان تشكيلى رسام وخطاط ومصمم وموسيقى طليعى كان له الفضل فى تكوين واحدة من أعظم الفرق الموسيقية فى السودان "أضواء بحرى". ولم تنشأ بينى وبين الفيتورى المتحفظ مودة أو علاقة غير إنبهارنا بألق كلماته وإلتهامنا لنزف إحساسه المغرد ونحن نستلهم الرؤوى لإفريقيا المستقبل التى بشرنا بها جولويس نايريرى وكوامى أنكروما وأحمد سيكوتورى وأحمد بن بلا وعبدالناصر مما طوف عليه أستاذنا نابض النصوص والذكريات جمال محمد أحمد، عليه رحمة الله.

    وبدأت الصورة تتبلور فى عقلى وتكشفت لى أبعاد المعاناة التى عاشها "الفرسان الثلاثة" إقتباسا للإسم من رواية إلكسندر ديماس العبقرى الفرنسى القاص الأسود فى روايته الشهيرة. ولمست عمق الجراحات ونبض الروح حينما أراد القدر أن يجمعنى بالشاعر الثائر سلس التعابير والرؤوى محى الدين فارس من خلال العمل فى لجان المجلس القومى للآداب والفنون تحت إمرة أمينه عمنا المثقف الفريد قيلى أحمد عمر ثم من بعده شاعر المغنى والوطنية مبارك المغربى عليهما رحمة الله. وكنت أتوه حينما كان محى الدين فارس عليه رحمة الله يتكلم بإنقعال وحدة صدق معبرا عن رفضه لواقع كانت رواسبه تعود إلى أيام تجربتهم بالإسكندرية، وكنت أيامها متحمسا أدفع بمشروعى لـ"الوعى والمعرفة الجماهيرية" فكان نعم السند ونعم العون. وبعد غربتى التى طالت فى بلاد العم سام تواترت الأخبار لماما عن معاناة الشاعر الرقيق وتقطيع أطرافه ببتر الرجل تلو الأخرى والرجل معذب فى ضائقة ووحدة وتجاهل تام، وما من معين. فتراءت لى كلماته التى تعكس فى طياتها ثقل عذاباته يوم علمت بموته:

    جفَّ لحن الحياة في شفتيّا ..
    و أراق الشراب من راحتيّا ..
    و الرياح الغِضاب تنقضُّ في الليل ..
    تصبُّ النواح في مسمعيّا ..
    و النواقيس صلصلت
    فتهيّأتُ .. و أعددتُ
    للرحيل المطيّا ..
    أفلتت من يدي نواضر
    أيامي .. و مات الربيع
    في مقلتيّا ..
    كل حيٌّ له زمان فإن ولّي
    تلاشى الزمان شيئاً فشيئا ..

    وحزين أنا لأننى لم أتابع وأهتز لفاجعة مصيرة وما لاقى من إهمال وأنا بعيد عبر المحيطات، كما يحلو لصديقنا الأديب الأريب الأستاذ أحمد الأمين أحمد أن يشير إلى بعد المسافات. وكنت قد قمت بترجمة قصيدته "لن أحيد" إلى الإنجليزية لبحث عن الفن والكيان والهوية ثم القيتها فى محفل ضم خيرة عقول أهلنا الأفرو أميريكيين من مثقفى بوسطن مدينة العلم والثقافة والإستنارة. ويا ليتنى كنت قد قمت يومها بتصوير فلم لأوثق لردود الأفعال على الوجوه تفاعلا من إبداع تصويره لمآسى المسحوقين. وقال لى أكثر من صديق: "أليس من العيب أن يكون فى قومنا (يقصدون ذوى الأصول الإفريقية) من أمثال شاعركم هذا وشاعرنا بول روبيسون مبدعين لا نعيرهم ما يستحقون من إهتمام و تقديس وعلو مقام ونحن نجرى خلف شكسبير وييتس وشيلى؟"

    وأراد ربك أن يكرمنى بالتعرف على ثالث هؤلاء الفرسان فى آخر مكان كان لى أن أتوقع زيارته ناهيك عن لقاء ركيزة من رموز إبداعنا الشعرى والأدبى فيه. كان ذلك فى صيف عام 1975 وقد هبطنا موسكو مشاركين بجناح للسودان فى المعرض الدولى للكتب والمؤتمر المصاحب له. وكنت يومها مديرا للقسم التجارى لدار جامعة الخرطوم للنشر ورئيسا للجنة التبادل الثقافى بالمجلس القومى للآداب والفنون. فجاء إلى الجناح رجل عميق النظرة هادئ الجانب فى عينيه عمق أسى دفين وحزن يشرئب من خلف تقاطيعه المنهكة. ومد يده مصافحا "أخوكم جيلى عبدالرحمن. والله الليلة ما تتصوروا فرحتونا قدر شنو لأنكم ختيتونا فى الخارطة الثقافية العالمية بمطبوعات تسر الخاطر". سمعت جزءا مما كان يقول ولم أسمع كثيرا مما قال؛ فقد كان عقلى يسابق نفسه يحاول أن يربط بين هذا العملاق المتواضع و"فرسان الأسكندرية الثلاثة" وروح الثورة والإرتباط التدقيقى فى حياة الزراع المستغلين وهموم الغربة والأسى وحوارى الإسكندرية وما لا قاه ثلاثتهم من تفرقة وتجريح، كانت سببا فى ربطهم بوثاق الشعر الذى مكنهم من الإبداع فى مدرسة جديدة من القريض. إسمعه وهو يقول:

    والاوتار تشد نياطه !
    كم غنيت الحرية والموت
    فالحرية تلد الفرحة للناس
    والموت رقاد لا عتمة فيه ولا صوت
    ما اعمق هذا الاحساس
    ان لاح جناز قد هرول فى صمت للقبر
    وارتاع الناس على الافريز بكوا من غير دموع
    فليرحمه الله
    ثم انسابوا فى موجات النهر

    فكأنما كان الرجل يخط رثاء نفسه كصنوه محى الدين فارس كما رأينا فى أبياته السالفات أعلاه. فقد أنهكه المرض وحط عليه مع الأوجاع إحباطا إذ تم تجاهله تماما من قبل أدعياء الثقافة والوعى . فضاقت الدنيا بالرجل ورفض الصادق المهدى الإسهام فى علاجه كما علمت من الأخ الكريم صديقه من أيام الدراسة فى موسكو البروفيسور حسن فرح. ويا لعارنا تكفلت اليمن ومصر بعلاجة وحكومة السودان فعلت به نفس ما فعلت بأخويه محى الدين والفيتورى، لفظ وتجاهل تام.

    فيا لسخرية القدر: أجمل من فينا يتلمس المساعد متسولا منا ونحن نصد عنهم فيموتون بحسرتين غربة الروح والوطن وصد الأهل والعشيرة عن مد يد العون لأياديهم الممتدة. فيا لعار السودان: مصر واليمن يتكفلان بعلاج ودفن جيلى والمغرب يشرف الفيتورى بدفنه فى مقبرة الشهداء وكل من جلس على كرسى الحكم فى السودان أيا كان ييخل على المعطائيين من فلذة أكباد هذا الوطن بأقل ما يمكن أن يقدمه وطن لمواطنية "الموت بعزة وكرامة" ألا رحمكم الله يا فرسان الأسكندرية الثلاثة.، فالسودان رغم قربه "ما زال بعيدا"

    وشكرا مرة أخرى أخى على عبدالوهاب لإستثارة هذه الذكريات والمواجع. ودمت لنا كنزا من المعارف الثقافية الحضارية.



                  

05-02-2015, 12:05 PM

احمد الامين احمد
<aاحمد الامين احمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2006
مجموع المشاركات: 4782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    ليبقى البوست عاليا علو مقام الفيتورى
    تحية وتقدير للبروف عبدالرحمن ولاحظ ردك على الأستاذ على عبدالوهاب ومدى السعة التى أتاحها لك الرد لتسوح بين الوجوه والأماكن والزمن وعسى المزيد من الإضاءة ومجددا عسى التكرم علينا بمذكراتك منشورة فى أكثر من كتاب كشاهد يقظ على عصر مضى حتى حينها :
    ***
    ليبقى البوست عاليا فى عصر رحيل الفيتورى !
    فى مقام رثاء شاعر لشاعر وهذا من أجود أنواع الرثاء لعل أكبر وسام وشهادة حضارية نالها الشاعر الفيتورى الذى رثاه الشاعر بروف عبدالرحمن فى حياته هى الشهادة والقلادة الرفيعة جدا التى منحها الأديب السودانى الأكبر الطيب صالح (1929-2009) للفيتورى ذاك حين قام الشيخ الطيب صالح وهو ضنين بالشهادة لمن لايستحقها بوضع (نص غائب ) شهير جدا من شعر الفيتورى فى مرحلته الصوفية وهى الأجمل على مفتتح إحدى رواياته النادرة وهو المقطع الذى مطلعه :
    فى حضرة من أهوى
    عبثت بى الأشواق
    وقد نقله بين أجيال شتى صوت كابلى عبر ذاك الصدح النادر جدا والترنم
    ويلاحظ أن الطيب صالح فى هذا المنوال (تثبيت نصوص غائبة لثلة من شعراء نادرين من عصور شتى منهم الفيتورى ) قد قام أيضا بتثبيت نصوص غائبة فى مفتتح رواياته للحسن بن هانئ الشهير بأبى نواس وهو شاعر توقف عنده الطيب صالح كثيرا حتى داخل الرواية ناهيك عن مفتتحها كذلك ثبت الطيب صالح نصا من (الدوبيت ) لشاعر سودانى وصفه الطيب صالح أنه (شاعر سودانى مجهول ) ومطلعه:
    الدرب إنشحط واللوس جبالو أتناطن
    والبندر فوانيسو البوقدن ماتوا
    وبنوت هضاليم الخلا البنجاطن
    أسرع قودع أمسيت
    والمواعيد فاتن
    تبين لاحقا (أرجو التصويب ) أن هذا الشاعر المجهول هو شيخ الحردلو الكبير وهو من الشعراء الذين توقف الطيب صالح عندهم كثيرا فى مقالاته الشهيرة التى صدرت فى أكثر من كتاب كما توقف كذلك عند ثلة من شعراء العامية السودانية منهم الشيخان ودالرضى وصنوه العبادى وصاحب (قايد الأسطول ) سيد عبدالعزيز لهم الرحمة أجمعين .
    هاجرت نصوص أكثر من شاعر ضخم جدا إلى سرديات الطيب صالح الكبرى ومقالاته الرفيعة منهم محمد سعيد العباسى ، محمد أحمد محجوب ، محمد المهدى المجذوب ، التجانى يوسف بشير ، إبن الفارض ،المعرى والمتنبى مثلما هاجرت شاعرية الفيتورى إلى هذا السرد عليه لاشك أن الطيب صالح بذوقه النقدى وحاسته الشعرية الحادة قد وضع الفيتورى كشاعر فى ذات الطبقة النادرة فى الشعر العربى من عصور مختلفة ضمت أبا نواس ، المتنبى ،المعرى ، أحمد شوقى ، العباسى السودانى ،المجدوب السودانى ، الحردلو السودانى ، المحجوب السودانى ، التجانى السودانى والفيتورى السودانى وهذه أرقى شهادة نالها الفيتورى من يراع مبدع

    سودانى فى قامة الطيب صالح

    .
    نطمع فى المزيد من فيض شيخنا عبدالرحمن عبر (أمواج الأطلنطى ).
                  

05-03-2015, 02:05 PM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12483

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: احمد الامين احمد)

    البروف الرائع .. جزى الله الشدائد خيراً أن أخرجت كل هذه المكنونات وهذه المواقف والحقائق التي كنا نجهلها .. ماذا نفعل يا بروف مع وطن جاحد لأبنائه وطن فيه السيادة للجهلاء .. هل من العدل أن يكون أمثالكم في غياهب الاغتراب وعمق المسافات .. كنا نريد أمثالكم في حلقات تلفزيونية للحديث عن هؤلاء النواضر الذي جملوا حياتنا بكل هذه الروائع والاغرب أن وفاة كل واحد منهم ورغم الاحزان فقد أحيا فينا الجمال وايقظ في دواخلنا هذا المخزون من الجمال والقيم والادب والفكر .. إنه لمن المدهش أن نعرف أن الموت يحيي الجمال ليطغى على قبح هذا الحاضر الكئيب .. بقدر ما أقلب القنوات السودانية لم أجد ما يشفي غليلي عن الفيتوري .. وأتمنى اخي البروف ان تواصل في سرد المواقف الشخصية التي جمعتك مع هذا الثلاثي الرائع ( الجيلي والفيتوري ومحي الدين فارس ) ..
    أستاذنا البروف .. في إجازتي الماضية كنت في جولة من البرقيق الى منطقة السرارية وأبتى ودارالعوضة .. تلك المنطقة التي ظلمتها أرقو بالهيمنة عليها .. وعلى مدى مروري بهذه القرى .. إستحضرت هذا الشاعر الجميل محي الدين وقصائده وخاصة من أجل فلسطين .. ليته كان حياً اليوم لسحب كل تلك البكائيات والصور التي رسمها عن اللاجئين .. لأن الزمان ليس الزمان والبشر ليس البشر وإختلت الموازيين وأصبحنا نحن مثلا اللاجئين .. بل هو نفسه عانى الأمرين عند قطعت أوصاله وظل قابعاً داخل منزل متواضع حتى أخذته المنية .. ربما كان لسان حاله يقول تلك اللاجئة التي ذكرها في قصيدته لأحسن حالاً منه وهو في بلده .. ومن أناشيده (لن أحيد) يرددها هؤلاء وهم جاهلون بها ويرقصون على أنغامها تلك اللحى الذقون ويهشون بعصاتهم .. ولا يعرفون أن صاحبها قابع داخل راكوبة في ركن قصي ..
    أخي البروف .. تلك المنطقة التي أتى منها محي الدين فارس .. هي قرية السرارية وهذه الحاضنة خليط رائع من اخوانا عرب الكبابيش والمحس والدناقلة فكان من نتاج هؤلاء الكرام ..
    لك التحية أخي البروف ..
    وعاطر التحية والمحبة للاستاذ أحمد الامين ..

    وفي حضرتكم يطيب لي الاستماع ..
                  

05-05-2015, 07:45 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: علي عبدالوهاب عثمان)



    أخى الرجل الجميل الأستاذ أحمد الأمين أحمد

    لك التحية والإعزاز دوما أيها الرجل الأديب المعطاء. وشهد الله أن لك فى النفس مقعدا وفى العقل مقاما يحفزنانى دوما على متابعة ماتكتب عن كثب، تلمسا للمعرفة وإنسياقا وراء سلاسة البيان وإنسياب الروابط بين المتفرق من النصوص والأحداث والشخوص. ولكنك يا صديقى قد أثقلت ضميرى بمكانة أتمنى وأصبو أن أبلغها. فشكرا على حاتمية كرمك وقيم تفضلك على.
    Quote:
    الرحمة والمغفرة للفيتورى الذى يصعب موته حضاريا خاصة أن قريضه سيبقى ما بقيت الذاكرة والتدوين .
    قرأت القصيدة فى اللحظات اولى لنشرها فى عدة مظان إسفيريه وليس غريبا لشاعر مجيد رغم إقلاله مثلك أن يتحاور شعرا مع روح الفيتورى بعد صعودها إلى السماء وعروجها إلى الجنان
    لتتحاور وتتسامر هناك مع أرواح من سبقه من شعراء من حضارات والسن شتى علما أن نقاط التلاقى بينك والفيتورى كثيرة جدا على مستوى الهم الحضارى خاصة التبشير والإعتزاز بالجانب الأفريقى فى الهوية عبر معرفة وحب ودراية .

    احمد الله أن كان قد قيض لى أن تتفتح عيناى وبصيرتى على عظمة إرث هذه القارة الكنز- - خزانة أسرار العظمة الإنسانية الحضارية ومنبتها فى نشأتها وأنتشارها وتمددها. وعى بدأ بتلهفنا على إقتناء المعارف عن أسرار هذه القارة الماردة وكانت دواوين الفيتورى من ضمنها. وكان أول ما أقتنيت للفيتورى حين ذات يوم، فى عطلة الجمعة المدرسية لمدرسة العزبة نمرة 2 فى مطالع عام 1956، والوطن قد نال إستقلاله على التو، وأنا عائد من صلاة الجمعة فى مسجد العزبة جوار سينما حلفايا حيث درست فيه خلال فترات فى خلوتة التى كان الشيخ خوجلى أمام المسجد وقاضى شرعى الخرطوم بحرى ومأزونها الشرعى، حفيد الشيخ خوجلى أبو الجاز، لما كان يلقننا علمى العروض والنحو بحفظ أبيات ألفية إبن مالك مكملا ما كان والدى عليه رحمة الله يضاهى ذلك بمتن الأجرومية التى كان يتقنها. وكان والدى عليه رحمة الله يروى لنا كيف أن جومو كنياتا (ومعناها كما كان يقول لنا الرمح الملتهب) يقود ثورة تحررية فى كينيا. ورغم أنه لم يتلقى سوى عامين نظاميين فى الدراسة إلا أنه كان بحرا فى علوم الفقة والتاريخ وصناعة العطور والإعشاب والتطبيب الذى ورثه من أجداده. وكان يقول لنا بأنه علم نفسه بنفسه حينما عمل بمكتبة بالخرطوم ثم أسندت إليه مهمة إدارة فرع لها فى بورتسودان. فكان يطالع الصحف والكتب التى يبيعها وينهل من علمها. وقد لزم تلك الحالة حتى بعد عودته إلى الخرطوم ملما بسبع لغات وثروة جمعها من بيع إحتياجات البحارة والمسافرين والكلا (عمال التحميل) مما لم يرد أصحاب المكتبة الدخول فيه فسمحوا له بحرية بيع ما يريد؛ مما إنعكس على عائدات المبيعات للمجلات والكتب، حيث نشطت زيارات المشترين للمكتبة، فكان أصحاب المكتبة فرحين بإرتفاع عائداتهم وما دروا بأن عائداته، كما قال، كانت تفوق عائدات الكتب والمجلات أضعافا مضاعفة. ومن مفارقات القدر أننى حينما أوكل إلى مهمة إدارة قسم التوزيع والبيع بدار جامعة الخرطوم للنشر وهى على وشك الإنهيار لتراكم الكتب وإحتباس رأس المال فيها، لجأت إلى بعض من تلك الحيل التى حفظتها من رواياته مما كان لها من أثر لا يصدق على عائدات المبيعات وإفراغ المخازن مما تراكم فيها من الكتب والدوريات، بل وإعادة طباعة بعضها.

    معذرة فقد إنطلقت الذاكرة وما أردت أن أكبحها، عساها تلقى رضاءا منك على ما ظللت تحفزنى عليه مشكورا من كتابة مذكراتى. فقد كان والدى عليه رحمة الله يتابع أخبار الكون بمذياعه الذى يلزمه من بعد صلاة العشاء يطوف بكل محطات الدنيا ليتكرم علينا بخلاصة ما سمع من أخبار الإذاعات وما قرأ من مجلات وصحف كان يشتريها راتبا يوميا فى دكانه بالسوق العربى، من ذلك الشاب الجعلى الأعمش الدؤوب من جبل أم على؛ وكان إسمه عليا. وكان والدى عليه رحمة الله يشترى منه ليشجعه كما كان يقول لنا لهمة ذلك الشاب ونشاطه فى التوزيع ولأنه "بياكل رزقه من ضراعه و عرق جبينه". وإنى لأحسب الآن أنه لربما كان يرى فيه نفسه فى شبابه. ومن تلك المجلات مثل روز اليوسف وصباح الخير والأثنين والمصور وآخر ساعة والأهرام واخبار اليوم والأيام والرأى العام والسودان الجديد والأمة، وتركيزه لنا على الأخبار الثورية فى إيران وكينيا ومصر عبدالناصر والجزائر ومغرب الملك محمد الخامس وعلال الفاسى، بدأ إهتمامنا بأخبار نكروما وسيكوتورى وليثولى مما كان ينشر لماما فى تلك الصحف. وعلمت مؤخرا حينما بدأت فى كتابة بحثى عن "ثورة 1924 أسبابها ونتائجها" سر حديثه الدائم عن ثورة 24، إذ تبين لى أنه كان ممن دعموا جمعية اللواء الأبيض التى كان صديقه الشيخ حسون عضوا فيها. وقد كانا مع لفيف آخر النواة المكونة لأنصار السنة؛ وهو أمر سأعود إليه فى مكان آخر. ولكن العامل المشترك فى وسطهم كانت تقدميتهم وثوريتهم ورفع لواء "الدين يسر" ومناقشة كتابات جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده والكواكبى. وكان من ثوريته أن سمى أخى الأكبر، عليه رحمة الله، محمد المهدى فقد كان مفتونا بالمهدى وبإنتصاراته وعبقريته التى سمعها مباشرة من أفواه من تبعوا المهدى وقاتلوا فى صفوف جيوشه. أقول بأنى كنت متابعا لأمور القارة الأم من ذلك الزخم الفكرى والإطلاع على تلك الصحف والإفتتان بالثورات ضد الإستعمار متأثرا بأفكار الوالد، عليه رحمة الله. ذلك ما كان من أمر بدايات الإفتتان بالقارة الأم.

    قلت أننى فى مطالع العام 1956 تناولت من كشك الجرائد جوار بوستة الخرطوم بحرى وأمام السينما الوطنية أول ديوان للفيتورى عليه رحمة الله ديوان "أغاني أفريقيا" وفتنت بزخم تعابيره، وإن بدا لى غريبا عن ما تعودنا عليه من أشعار التيجانى وشوقى وحافظ وعنترة والواواء الدمشقى. ولكنه كان يحكى عن أبعاد لقارة فتنتنا ونحن نتابع ثورة الجزائر قارئين عن ثورة عبدالقادر الجزائرى والماو ماو وأسد الصحراء عمر المختار ونسمع روايات عن كيف أن أحد أبطال ثورة 1924 كان العقل المدبر لإستراتيجيات وتكتيكات ثورة المختار فى ليبيا، ألا وهو البطل المهضوم السيد فرح، ساعد عبدالفضيل ألماظ الأيمن. تلك أخى خلفية إفتتاننا بالقارة الأم مما فتح شهيتنا لاحقا لنلتهم ترجمة أستاذنا المرحوم جمال محمد أحمد لكتاب بازل دايفدسون "إفريقيا تحت أضواء جديدة" وإنفجارات الفكر الثورى الإفريقى والأشعار الباعثة على الأمل وتتابع إعادة إكتشافات حضارات إفريقيا المذهلة، وموارد مجلات الطليعة والفكر المعاصر والفكر المتجدد فى كتابات نكروما ولوممبا ونيريرى وليثولى وفانون وكابرال وميمى وأشعار الثوار المثقفين من أمثال أوغستينو نيتو وأميلكار كابرال وبروفيسور إدواردو موندلاين ودوش سانتوس. وكل هذا وجدنا صداه فى أشعار الفيتورى وصوره وتمرده. مما سأعود إليه لاحقا.
    Quote:
    يلاحظ فى القصيدة على عجل منذ عنوانها حوارك عبر (التنصيص ) و (المفردة ) مع أشهر قصائد الفيتورى من مرحلة (الصوفية ) وهى معزوفة لدرويش متجول الذى نشرها بين الناس صوت كابلى .

    هنا يا أخى وصديقى أردت أن ألزم الأدب وأن لا أتطاول على قامة شاعرنا بما لا يليق بمقامه من قولى. فرأيت أن أستعير كلماته وتعابيره لأرثوه بها فما لدى من حيلة غير ذلك حتى أشعر بأنى أوفيت الرجل حقه من قوله ونظمه. فعساها أن تكون كلمات ترفع من سقف تطلعاتنا لنرد للعملاق بعضا مما تكرم به علينا من وعى ورؤى.

    ولى عودة ياصديقى إلى بقية مداخلتك الدسمة.


                  

05-05-2015, 06:45 PM

احمد الامين احمد
<aاحمد الامين احمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2006
مجموع المشاركات: 4782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    وعد البروف الجليل عبدالرحمن أنه سيعود وحتى (يعود وفى كفه القمر )!! حسب مصطلح الفيتورى له الرحمة
    أستوقفنى فى مداخلة الأستاذ على عبدالوهاب عثمان الأخيرة الفقرة التالية فى حق البروف هذا (العالم ) فى عصر (جاهل )وتقرأ:
    (( ماذا نفعل يا بروف مع وطن جاحد لأبنائه وطن فيه السيادة للجهلاء .. هل من العدل أن يكون أمثالكم في غياهب الاغتراب وعمق المسافات .. كنا نريد أمثالكم في حلقات تلفزيونية للحديث عن هؤلاء النواضر الذي جملوا حياتنا بكل هذه الروائع والاغرب أن وفاة كل واحد منهم ورغم الاحزان فقد أحيا فينا الجمال وايقظ في دواخلنا هذا المخزون من الجمال والقيم والادب والفكر ..))) إنتهى الإقتباس من الأستاذ على عبدالوهاب له التحية وقد صدق .
    1- صدق الأستاذ على عبدالوهاب السيادة فى وطننا عصر (صمت ) البروف عبدالرحمن و غربته الطويلة صارت ل (الجاهلين ) و (المطبلين ) و(القواقع الفارغة ) و (المسبحين بحمد النظام ) والذين (يزورون التأريخ لمصلحة الراهن ) .
    2- بثقة أؤمن على شهادة الأستاذ على أعلاه وقد ذكر غياهب إغتراب البروف وعمق المسافات التى يعتكف فيها منذ أمد فى الضفة الأخرى للأطلنطى لكن المزعج أن ثورة الإعلام قد قربت المسافات وأذابتها عبر تقنية الإتصالات رغم ذلك عجز أهل الإعلام فى الداخل (رغم كثرة الفضائيات والإذاعات ) عجزوا عن الإهتداء إلى عقل وذاكرة شيخنا عبدالرحمن عبر الأطلنطى ليخترقوا جدار صمته فى محرابه لتتم محاورته و إستنطاقه حتى نقتبس قبسا من شهاب معرفته وعلمه بالتأريخ والشعر والحياة السودانية والأفريقية و الأمريكية الأفريقية عموما والمزعج أكثر أن وفود إعلامية كثيرة جدا تسافر للخارج (على حساب دافع الضرائب السودانى )لإجراء حوارات مع نفر من المهاجرين كل رصيدهم أنهم أصدقاء أولئك الإعلاميين او زملاء دراسة لهم وأمثال بروف عبدالرحمن بتواضعه الجم وهذا شيمة العلماء الحقيقيين حتى إن عادوا للوطن لا ينتبه لحضورهم أحد فى عصر (العلاقات العامة ) و تلميع الشُلل .
    3- لاحظت من مداخلة البروف الأخيرة وحديثه عن المغفور له والده وتعليمه الذاتى لنفسه خلال عمله بالمكتبة تشابها كبيرا بين والد البروف واكثر من نفر من جيله أشهرهم العلامة السودانى عبدالله رجب والسلمابى ومحمد الخليفة طه الريفى و أولئك النفر من العباقرة السودانيين الذين تعلموا ذاتيا لكنهم فاقوا حتى أساتذة الجامعات فى مجالهم .
    4- لاحظت كذلك من المداخلة الأخيرة للبروف ودور والده فى دعم ثورة 24 رغم سكوت المصادر التى كتبها (اليساريون ) تحديدا عن ذلك أن ثورة اللواء الأبيض ليست نتاجا لليبراليين و اليساريين والوطنيين فحسب بل حتى رجال الدين (إن صح المصطلح ) الذين يندرجون تحت باب (السلفية ) كان لهم دورا فى الجانب الثورى والوطنى خاصة أن الكثير من اليساريين على مستوى الأسافير وهى أخصب مجال لإطلاق القول على عواهنه قد وصفوا (جماعة أنصار السُنة ) انها نبتا غريبا فى التربة السودانية ولا إسهاما لرموزها فى العمل الوطنى المناهض للمستعمر وهاهى ذاكرة بروف عبدالرحمن تدحض ذلك عبر دور والده والشيخ حسون كذلك .
    تحية للفيتورى فى قبره الرطب وقد أيقظ رحيله ذاكرة ويراع بروف عبدالرحمن مؤكدا أى الفيتورى أن فى موته مثل حياته قد فجر أسئلة كبيرة جدا كشاعر حضارى ضخم جدا فى عصر ضنين جدا بالشعراء.

    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 05-05-2015, 06:48 PM)
    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 05-05-2015, 06:49 PM)
    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 05-05-2015, 06:56 PM)

                  

05-05-2015, 07:09 PM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12483

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: احمد الامين احمد)

    يا سلام .. تحياتي للبروف ..
    والتحية لصاحب الحروف الجميلة أحمد الامين ..
    فوق ..
                  

05-06-2015, 08:47 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: علي عبدالوهاب عثمان)

    دمعٌ يترقرقُ في حضرةِ الدرويش المتجول
    قدره الناصع الالتحاق بالكواكب السيارة
    ككوكبٍ يلمع وحده في سماءٍ لهابةٍ
    سماءٌ معبأة بالنجوم المتلألئة
    وحده سار
    وحده سيسير
    حازماً كل أمرٍ بقبضةِ كلماتٍ ستمشي بالجمرِ بين الأجيالِ


    دمعٌ يترقرقُ في/من أتونِ كلماتِكَ الوقادة صاحبي الشاعر
    الرجل النبيل
    شعراً وروحا



    تحياتي، محبتي واحترامي
                  

05-07-2015, 07:19 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: بله محمد الفاضل)



    أخى الأستاذ أحمد الأمين أحمد أيها الأديب الدوؤب

    ها قد عدت كما وعدت. فكل مداخلة منك ومن عزيزنا الأستاذ على عبدالوهاب عثمان تستدعى منى حدة فى التقصى والربط ورهقا فى محاولة مجاراة سيل أفكاركما وتتابع خيوطكما؛ فتستحلبان ذاكرتى منعشين بذلك عقلا أصابته الغربة بالوجد والشوق للوطن وصعوبة إستخراج الذكريات من تحت ركام سنوات شارفت الخمسة وثلاثون عاما فى أرض الياماسى والشيروكى والموهيقان والأباتشى والفلانج ومهاجرو أوربا الذين خلقوا نظاما يستوعبك يوميا فى دوامة لا تنتهى من المطالب والضروريات والواجبات وتراكم العمل الذى لا نهاية له. فيظل الواحد فينا يصارع الزمن ليقدم ما يفيد من ذكريات تجارب قد تفيد بعض الناس يوما. هذا من أمركما، ناهيك عن ما يقتضيه الرد لأخى الباشمهندس الأديب الشقلينى والأديب الذرب اللسان والتعابير منصور المفتاح الذى يعالج اللغة بما يشارف عصور إزدهار الأدب والبديع. ويكمل طوق السمو بالأفكار واللغة صديقى الشاعر الخلاق بله الفاضل. فلكم جميعا الشكر إلى أن آتى إلى مداخلاتكم واحدة تلو الأخرى تفصيلا.

    لقد أثرت نقطة هامة أخى أحمد إستثارت فى نفسى ذكريات حول كتابتى للشعر عامة وللمراثى خاصة. فوجدت أننى كتبت عبر السنين فى أدب الرثاء كثيرا. ولكننى وجدت فعلا أنى مقل جدا فى النشر، وذلك كان نتيجة حماقة فى موقف أستفزنى عام 1970 فأقسمت أن لا أنشر شعرا من يومها، حتى كان اليوم الثامن عشر من مطلع العام 2010 حين إستفزنى خبر إغتصاب طفلة فى عامها الخامس وأطلاق سراح مغتصبها بضمان فى هذا الزمن الفاسد المفسد. فلم أقوى على مصارعة نفسى فتحللت من قسمى ونشرت قصيدتى حينها "إغتيال البراءة وسقوط الدولة"

    إغــتـيـال الــبـراءة ،،،وســــقـوط الـدولـة ،،، مشـــروع قـصــيدةإغــتـيـال الــبـراءة ،،،وســــقـوط الـدولـة ،،، مشـــروع قـصــيدة

    وقد قلت صادقا يا أخى أننى مقل:

    Quote: وليس غريبا لشاعر مجيد رغم إقلاله مثلك أن يتحاور شعرا مع روح الفيتورى بعد صعودها إلى السماء وعروجها إلى الجنان
    لتتحاور وتتسامر هناك مع أرواح من سبقه من شعراء من حضارات والسن .....
    ....... .
    تندرج القصيدة فى باب رثاء المبدعين خاصة أنك تكرمت علينا قبل ثلاثة أعوام بقصيدة رفيعة جدا فى رثاء محمد وردى صنو الفيتورى فى مرحلة ما عبر قصيدة تكاد تكون من أرقى المراثى الذى تم تدبيجها فى رثاء وردى.

    لذا رأيت أن أوافيك بمعلومات عن عدد من المراثى التى كتبت عبر سنين حجبت فيها كثيرا من إنتاجى. ولربما يكون إستنفارك لذاكرتى حافزا لأجمع قصائدى فى الرثاء فى ديوان يليق بمن رثيت. فللموت رهبة و خشوع فى نفسى. فأنا بطبعى ودود ألوف أحتوى بإحساسى كل من وما أعزه، وأتمثل نفسى فى مقامهم، أفكر بعقلهم وأستلهم أحاسيسهم. لذا ترى أن أبدع ما كتبت هو فى تصوير المعاناة وأسى المقهورين المظلومين شعرا ونثرا. أما الموت فإنه عندى إفتراق لجزء من دواخلى يؤرقنى ويستدعى مشاعرى غامرة لحظة التعبير عن ذلك الحزن.

    وقد كانت أول تجربة لى فى حياتى فى الحزن، حزنى على جدى الحاج هارون سليمان وأنا مازلت فى أواخر صباى وبداية شبابى. وقد كانت قصيدتى فى رثائه أول مرثية لى وأظنها أول ما كتبت من شعر. وإنى لأظن أنها أجمل أشعارى فى رثاء ذلك الرجل النبيل الذى كان يفلح الأرض على شاطئ النيل الابيض بالشجرة، بعد إنقضاء عمله كأمين للمخازن بالرى المصرى، وأنا معه منذ الخامسة من عمرى أبذر الحب بعد أن يعمل سلوكته فى رحم الأرض، أو أجمع سيقان اللوبيا بعد فصل الثمار لنطعم بها الأغنام الحلوبة. وكنت أيضا أجاريه فى صناعة الأكياس الورقية التى كان يمد بها متجر إبنه أحمد هارون فى السوق العربى جوار متجر والدى، عليهم جميعا رحمة الله. وكان يقول لى "ليس هناك أجمل من أن تأكل من ثمرة جهدك وعرقك وعمل يدك". وهو الذى، مع والدى، حبب إلى القراءة والعناية بالكتب وتعملت منه عمل أغلفة التجليد المقواه والحرص على الكتب لكثرة ترديده مقولة أبو عمر الجاحظ: "أحمقان: معير كتاب ومعيده". وكان، عليه رحمة الله، موسوعة فى الشعر، يستدعى بيتا لكل موقف. وأذكر مرة أنه قال بيتا وكنت وقتها حزينا لأننى أسقطت الدلو فى البئر، وكان ذلك قبل أن تصل خطوط المياه إلى إمتداد الشجرة. فقال:

    ندمت ندامة الكسعى لما***رأت عيناه ما صنعت يداه

    ونهض إلى أرفف كتبه وأستخرج منها "مختار الصحاح" وفتح الصفحة التى تروى قصة الكسعى الذى ربى شتلة من شجرالنبع وصنع منها قوسا وسهاما ورمى بها صيدا ليلا ولكنه ظن أنه أخطأ الهدف فكسر القوس؛ ولما أصبح عليه الصبح وجد أنه قد أردى فريسته فندم. فكان فى روايته لبيت الشعر ذاك درسان. أولهما التأنى وهو ما قد حبانى الله به ولازمنى طوال حياتى؛ فأنا أجهد لأتأكد من تجويد كل ما أعمل ولا أقبل بأنصاف الحلول. وثانى تلك الدروس التنقيب فى الأصول والمراجع والمظان لإستخراج الأدلة والبراهين، فكان ذلك تدريبا عمليا أفادنى فى حياتى العملية والسياسية والأكاديمية والثقافية.

    وقد كان رجلا نبيلا بكل ما تعنى تلك الكلمة من معان. فقد جهد بكل التجرد، لما أوكل إليه أمر تقسيم قطع إمتداد الشجرة على مستحقيها، أن يضمن لكل أسرة قطعة أرض تكفى مساحتها لبناء أربعة منازل صغيرة إستشرافا لتمدد الأسر بعد أن يكبر أنجالها. ولم يحتفظ لنفسة إلا بقطعة واحدة مثل كل شخص آخر بل قسمها على أربع كل ربع لواحد من إبنية وبنته الذين كانوا يقيمون بالشجرة ولم يمنح أبناءه المقيمين بالخرطوم والخرطوم بحرى أى قطعة. وقد رأيته وهو يجادل أهل الشجرة الآخرين رافضا لأن يأخذ أكثر من قطعة مثله مثل بقية الناس. وأذكر أن أحدهم نعته بأنه "بليد وغبى مع إنو كل شئ فى يده". فكل ما قال له جدى "كتر الله ألف خيرك"، وراح يردد لى: "تعرف يا عبده ...أوعى تسمع كلام الناس. أعمل البرضى ضميرك، عشان لمن تنوم تكون مرتاح البال، ورضاك من نفسك دا بيجيب ليك رضا رب العالمين."

    وسوف يكون بحثى عن تلك القصيدة وسط أوراقى أول ما أقوم به عند عودتى إلى السودان بإذن الله. ولا أذكر منها الآن سوى مطلعها وبعض البيوت المتفرقات:

    أليل الليل فى وضح الضحى والصبح قد عاف الشروقْ
    ....
    فأنت شـمخت نبلا وتضحية وفقت فى عدلك الفاروقْ

    وإلى عودة بإذن الله....


                  

05-07-2015, 05:59 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)



    أساتذتنا أحمد الأمين وعلى عبدالوهاب

    أتابع ما أنقطع من خيط الذكريات والتفكر فيما مضى من مراثى كتبتها. ونموذجى التالى إسترجعته عمدا من كراستى للجمعية الأدبية بمدرسة الخرطوم بحرى الأميرية الوسطى، التى صلقت مواهبنا وإستنفرت هممنا وأستفزت أرواحنا لنتشابى عسانا نبلغ مراقى العبقرى جماع الذى كان أستاذا بالمدرسة قبل وصولنا بعام؛ ولكن ظلت ذكراه حية فى مخيلة أدباء المدرسة، الذين سبقونا فى الصف الثالث والرابع ونحن جدد، وفيهم شقيقه ناصر والمرحوم المناضل المثقف محمد عثمان جسور ورئيس الجمعية الأدبية إبراهيم كامل عبدالسلام وسكرتيرها فؤاد على مرسى. ولكن إحضارى للنموذج هنا هو رغبة فى التدليل على أن المدارس فى عهدنا كانت معينة على الخلق والتقصى والإنفتاح على العالم ببذل الوعى للطلاب وإستثارة أخيلتهم وتضخيم وعيهم بالوطن والقارة والعالم. فمثلا كان لنا يوم فى الجمعية الأدبية نناقش ونقدم فيه موضوعات أو أشعار عن إفريقيا، وآخر عن الوطن العربى، وآخر عن الشعر المقفى، وآخر عن الأشعار الوطنية، وهكذا. فكنا نتنافس فى طرح أفكارنا ورؤانا ونفخر بأننا أحطنا بمعلومة جديدة قدمها زميل فى موضوعه. وأعجب الآن لماذا إختفت مثل هذه الأنشطة التى لا تكلف شيئا وفوائدها لا تعد ولا تحصى.

    وهنا أستشهد بمرثيتى الثانية التى كانت نثرا؛ و قرأتها فى الجمعية الأدبية بمدرسة الخرطوم بحرى الأميرية الوسطى فى ينايرعام 1961 فى رثاء المناضل بياتريس لوممبا زعيم الحركة الوطنية الكنغولية، الذى صفى غدرا. ولا أرى غضاضة فى نشرها اليوم ونحن فى موقف التذكر هذا وإجترار الذكريات توثيقا لما مضى من سالف أيامنا حين كنا نعشق الأمل ونتطلع للمستقبل المشرق للقارة؛ وقد ذكرت أستاذنا أحمد شغفى بالقارة وتاريخها وإرثها الحضارى والثقافى والفلسفى والفكرى والسياسى والنضالى والمعرفى والعلمى والتكنولوجى، مما سبق أوربا والغرب بعشرات الآلاف من السنين. وهذا موضوع آخر، سنعود إليه حتما. وها هو مقالى فى رثاء لوممبا:


    خـلـودك ... يا لـومـمـبا...!

    لوممبا..! يا صفحة مجيدة فى سجل الخلود؛ يا لمحة نادرة من لمحات الكفاح، يا بطلا من أبطال التاريخ، يا من إرتضى الموت ليحيا وطنه، يا من أحرق نفسه فى مشعل الحرية المقدس لينير للشعوب التى ترزح تحت نير العبودية والذل طريق الحرية ويضئ إلى الأبد متوهجا لا ينطفئ.

    لوممبا ..! إننى أخاطب الأبية روحك، بل أخاطب شخصك فإنك حى لم تمت. بل لقد شعللت الحماس فى نفس كل من يريد الحرية والعزة لوطنه. إنك لم تمت، فكل الكنغو لوممبا بل وكل إفريقيا لوممبا.

    أخى لوممبا..! يامن يضم الجدث رفاته الطاهر. إن الأرض لتمور بنار نفسك الملتهبة بنار الثورة فى سبيل الحرية والكرامة، وإن دماءك التى سفكت على مذبح التضحية سوف تروى إلى الأبد شجرة الحرية ليقتطف منها كل من يؤمن بربه ووطنه.

    يا من ولد بإرادة القدر ليكون رمزا للمجد وشعلة للحرية فى إفريقيا، بل وفى العالم بأسره، إن القلم ليهتز فى يدى التى لا تقوى على تستطير ما يجيش بفؤادى من حزن وأسى عميق؛ ولكننى أبتسم سراعا حين تؤنبنى كل جوانحى صائحة بى: إن لوممبا لم يمت بل مات جسده. نعم! إنك حى لم تمت بل مات جسدك فقط.

    فليسطر التاريخ إسمك – الذى صار لحنا حبيبا تترنم به الشفاه – بمداد من ذهب فى سجل الخالدين، لأنك قدمت نفسك قربانا فى محراب الحرية.

    LumumbaArticle.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
    ولى عودة متابعة لكتاباتى فى الرثاء


                  

05-08-2015, 12:46 PM

احمد الامين احمد
<aاحمد الامين احمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2006
مجموع المشاركات: 4782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    ك (متابع ) للبوست فى المقام العالى جدا للفيتورى عبر يراع أستاذنا الجليل شيخ عبدالرحمن إبراهيم أشكر الأخ بكرى صاحب المنبر على التكرم علينا برفع البوست فى الواجهة وهذا هو مكانه الطبيعى خاصة أن محتواه رفيع وصاحبه هو :
    الإمام الكبير ..واصلنا الجامع
    وهو اللى نقبل نصلى وراهو
    فى الجامع .
    ذاك هو أستاذنا عبدالرحمن و الأبيات مستمدة من الخال عبدالرحمن الأبنودى (الله يرحمو ) فى حق شيخنا الكبير فؤاد حداد شاعر الحضرة الزكية وهو شاعرى المفضل .
    تحية الأستاذ على عبدالوهاب عثمان وقد كان له القدح المعلى فى البوست كصاحب أول مداخلة منحته قوة وبركة وجمالا حتى فاض فرفعه بكرى على الواجهة وهذا محله الطبيعى .
    من مداخلة بروف عبدالرحمن قبل الأخيرة إستوقفنى المقطع أعلاه ويقرأ :
    ****(وقد كانت أول تجربة لى فى حياتى فى الحزن، حزنى على جدى الحاج هارون سليمان وأنا مازلت فى أواخر صباى وبداية شبابى. وقد كانت قصيدتى فى رثائه أول مرثية لى وأظنها أول ما كتبت من شعر. وإنى لأظن أنها أجمل أشعارى فى رثاء ذلك الرجل النبيل الذى كان يفلح الأرض على شاطئ النيل الابيض بالشجرة، بعد إنقضاء عمله كأمين للمخازن بالرى المصرى، وأنا معه منذ الخامسة من عمرى أبذر الحب بعد أن يعمل سلوكته فى رحم الأرض، أو أجمع سيقان اللوبيا بعد فصل الثمار لنطعم بها الأغنام الحلوبة. وكنت أيضا أجاريه فى صناعة الأكياس الورقية التى كان يمد بها متجر إبنه أحمد هارون فى السوق العربى جوار متجر والدى، عليهم جميعا رحمة الله. وكان يقول لى "ليس هناك أجمل من أن تأكل من ثمرة جهدك وعرقك وعمل يدك)***
    إنتهى
    قلت :
    لاحظت تشابها قويا جدا فى إقامتك خلال الطفولة مع جدك المرحوم الذى فجر شاعريتك عبر الرثاء لاحقا فى مزرعة على شط بحر أبيض بناحية (شدرة محى بك ) من أعمال الخرطوم القديمة و تجربة الشاعر الضخم جدا محمد المهدى المجذوب فى طفولته حيث أقام كذلك فى مرزعة على شاطي النيل الخصيب بالسافل فى معية جده وحبوبته صافى النية وأعترف أن تلك الفترة هى التى فتحت شاعريته عبر التأمل فى الأرض والماء والمخلوقات وصفاء الحياة بعيدا عن دامر المجذوب التى هى لا ( قرية بداوتها تبدو ولا بندر ) حسب شهادة توفيق صالح جبرين وقد غطى شيخ عبدالله الطيب القصيدة بأخرى من وزنها وقافيتها وليس مجال ذاك راهنا .
    قول جدك العابد الشريف لك حول ("ليس هناك أجمل من أن تأكل من ثمرة جهدك وعرقك وعمل يدك) يكاد أن يرتفع به إلى مقام سيد البشر صاحب الشفاعة صلى الله عليه وسلم حيث نبهنا أن (ما أكل إبن طعام خير من عمل يده ) أو كماقال ونبهنا أن سيدنا داؤود عليه السلام كان يأكل من عمل يده كحداد (الان له المولى الحديد وعلمه صناعة اللبوس –أنظر سورة ص ) وسائر الأنبياء الكرام وعظماء التأريخ فى العالم كلهم كانوا يمتهنون الحرف والصناعات اليدوية خاصة فى الغرب الذى تفوق علينا بالأخلاق حين صرنا نسخر من المهن والحرف اليدوية ونشتم من يزاولها بإعتباره وضيعا .
    كمتابع عبر الحُب لما تجود به من مداخلات تزن كتب لاحظت إشارتك أكثر من مرة ل(دُكان والدك ) بالسوق العربى كمكون هام جدا فى شخصيتك عبر المعرفة والتأمل وقد نبهتنا قبل أشهر فى مداخلة ما أن الكثير من الرموز الحضارية السودانية (القديمة ) كانت تجتمع به ومنهم شيوخ دين ، مقرئين ، عازفين ) شعراء
    عليه أتوقع الكثير من التوقف من جانبك فى هذا المتجر إن اخرجت علينا مذكراتك يوما ما بإذن الله القادر القدير ..
    تحية وشكر مجددا وسوف أعود كثيرا لهذا البوست - بإذن الله - الذى أرجو أن يستمر كثيرا .

    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 05-08-2015, 12:48 PM)
    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 05-08-2015, 12:49 PM)
    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 05-08-2015, 12:51 PM)
    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 05-08-2015, 12:54 PM)
    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 05-08-2015, 12:55 PM)

                  

05-08-2015, 02:13 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: احمد الامين احمد)

    الأستاذان أحمد الأمين وعلى عبدالوهاب يستلان سيف إبداع عن غمده لتتبعثر فى أيدينا الدرر لله درهما
    ودر حبيبنا العالم الجليل الدكتور عبدالرحمن إبراهيم الباحثه المدقق والشاعر الرقيق والإنسان الراغام
    للضعاف من الناس بفكره وثوريته الباكره ألف سلام لكم وألف تقدير
                  

09-12-2015, 03:29 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: munswor almophtah)


    وضربنا هكر باتع مسح جهود ليال و استوطن ثم تسيد
    ظـلمات وأنظمة حمايات تأبى أن ندخل فالفيروس تمدد
    ولما خيم إحباط ويئسنا هب لنجدتنا الكاتب والناقد أحمد
    فأستنقذ كثر كتابات أنزلها بعد ظننا أن ضاع الجهد تبدد
    فعاد بهاء كلام وحديث قطع والعود كما قيل دواما أحمد
    فكان وفيا لنصوص وحوار وفى الخلان كان هو الأحمد


    قال الشاعر "جزى اللهُ الشدائدَ كلَّ خيرٍ *** عَرفتُ بِهَا عدوي من صديقي".

    ولكنى أقول أن الشدائد والملمات تفرز تصنيفا للناس يصعب بلاها. فمنها يتضح لنا عمق إنسانية الناس ومدى همتهم وصدقهم ووفائهم وعاجل نجدتهم وحميمية سندهم وعظمة إستنهاضهم للدعم والمساعدة من الآخرين، وإبانة الطريق لمن يسلك منهم ذلك المنحى. تواردت هذه الأفكار فى ذهنى وأنا أتضاءل عرفانا لجهد رجل نبيل الدواخل صادق النفس عرفته من خلال هذه الأسافير فتمنيت أن كان لقائى به سنين عددا من قبل.

    فهو رجل بحاثة ثاقب الرؤوى منضبط النص مستحلب للخلفيات ورابط للحاضر مع الماضى إستشرافا للمستقبل. عرفت أحمد الأمين أحمد، والذى أقول بكل فخر أنه صديق عزيز وإن فارق عدد السنون بين أعمارنا؛ فالكتوف قد تلاحقت. لأن تلك السنون لم ولا ولن تؤثر فى غزارة إلمامه بمجالات فى الأدب والسياسة والفكر والفن كثر. وقد لمست فيه صبر الباحث وعمق وعى الناقد ببصيرة تتلمس الأبعاد فيما بعد المظهر والجوهر. فأتخدته صديق فكر ورفيق نصوص وقد كان أحد من فتحو صنبور ذاكرتى التى أقفلتها منذ زمان قد طال. فأستنهض همتى لأبدأ فى التوثيق لأكثر مراحل حياتى حميمية؛ وهى التى ظلت حبيسة عقلى حتى إستثار جزءا منها الصديقان الباحاثان والصحفيان الالمعيان الأستاذ فتحى الضو والأستاذ محمد على محمد صالح، مطلقين بداية التوثيق لحياة، كانت فى يوم من الأيام غامضة لا يدرى تفاصيلها حتى أقرب الناس – وإن عرفوا بعضا من شذراتها. ثم برنى الأبن سيف اليزل برعى بمتابعات لما نشر على صفحات السودانيز أون لاين ؛ وأكمل ذلك المنحى الصديق النبيل والموثق المقتدر عماد أحمد، فخر مدينة بحرى، مدينتى الحبيبة التى كتبت فيها "إعترافات عاشق مجروح". وقد خصنى على الفيس بوك فى صور السودان القديمة والسودانيز أون لاين فى بوست بحرى بمتابعات تفصيلية لمراحل حياتى . فلهم جميعا الشكر والتقدير والمحبة.

    أما الأستاذ أحمد الأمين أحمد فقد زاد عنهم بأنه فتح نافذة على ذكريات إنسانية حميمة، بنت عليها عناكب أيام الزمن شباكا علقت بها شوائب حجبت الرؤيا حتى عنى أنا نفسى. فله منى كل تقدير فهو رجل ملحاح بصبر وأناة وتهذيب فائق النظير. فقادنى بأدبه الجم وإنضباطه الفريد إلى إستنهاض ذاكرتى والتوثيق لمراحل حياتى فى فترة هامة وحاسمة من تاريخ الوطن والقارة والعالم، كان لى شرف رصدها وقليل من الأسهام فى مسارها. وأكمل جمائله على بأستنقاذ ماكتبت وكتب الأصدقاء فى مداخلاتى حول مرثيتى لشاعرنا العظيم الفيتورى "الفيتورى يا ياقوت الشعر".

    ففى خضم تفجر شلالات الذكريات وأنا أكتب عن من كتبت شعر رثاء فيهم من عمالقة الشعر والفكر والأدب، وفى أثناء تسارع الأحداث فى حملة ضد عنصرية رئيس نادى الزمالك، وإنشغالى بمشاريع كبرى فى عملى بمجموعتنا التعاونية لنقل التكنولوجيا المفيدة والمأمونة للدول النامية ، ضربتنا فيروسات وتهكرت شبكتنا تزامنا مع تهكير موقع السودانيز أون لاين؛ ولا ندرى إن كان ذلك هو سبب الكارثة التى ألمت بشبكتنا، حتى إستدعت تغيير اجهزة المودم والسرفير والراوتر ثلاث مرات. وظللنا بلا إتصال شبكى لمدة واحد وعشرين يوما. وكلما حاولت الدخول إلى موقع السودانيز أون لاين قفلت علينا أنظمة الحماية الوصول إلى الموقع لما فيه من أخطار كثيرة. ولما أنجلت المعركة ودخلت موقع السودانيز أون لاين من المكتبة العامة، وجدت ويا للهول أن كل جهد تلك الليالى التى قضيتها فى إستجرار ذكرياتى ورثائى لعلاقات الصداقة والإخاء فى أخوة أحبة قد تبخرت وتلاشت.

    ولا أكذبكم القول أنه كان أن غم على، وقررت فى دخيلة نفسى أن لا أطرق موقع السودانيز أون لاين أبدا. حتى نبهنى بعض الأصدقاء بجهد الأستاذ أحمد فى إستنقاذ مداخلات كثر من بوستى حول "الفيتورى يا يا قوت الشعر." فأثر ذلك فى نفسى كثيرا وشعرت بالأمتنان لجهده المقدر. ولكننى أيضا شعرت بالخجل وأنا أرى جهده المقدر وأنا فى إنهزاميتى تلك مستسلم لمشيئة الهكر. فآليت على نفسى أن أثمن دوره وأعيد ما فقد من نصوص وأتابع ما إنقطع تقديرا لفعلته النبيلة تلك. ولكن الدخول إلى السودانيز أون لأين إستعصى لأن نظم الحماية كانت تغلق الكمبيوتر بمجرد ظهور موقع السودانيز أون لاين. فيئست وتركت الأمر حتى يجعل الله مخرجا أو فرجا. والآن أمكننى الدخول من شبكة مكتبة مدينتنا ألستون التى هى واحدة من المدائن الثلاثة عشر التى تكون عاصمتنا بوسطن، وفيها فرع لمكتبة بوسطن التى هى أقدم مكتبات أميركا على الأطلاق ومزودة بأحدث الآلات وأجهزة تنقية للشبكة تخلص المراد من كل الشوائب والفيروسات والأحصنة الطروادية وتمكن من تداخل آمن.

    وها أنا وقد عقدت العزم على مواصلة الجهد والمشاركة متى ما سمحت الظروف بزيارة المكتبة العامة.

    وجزى الله الشدائد كل خير.



                  

09-19-2015, 04:48 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    لكم أنا مدين بشكر غير محدود للأخ الفاضل أسامة العوض لإستعادته هذا البوست الهام الذى سكب فيه خيرة كتاب المنبر رحيق فكرهم و عصارة جهدهم فى عملية توثيقية هى الأولى من نوعها تتضافر فيها الجهود للتوثيق لعدد من أعلام الفكر والثقافة والشعر فى وطننا وبعض شخصيات محيطنا. وهو بوست يوثق أيضا لخطوة أولى لأمنية طال إنتظارى وإنتظار كثير من الإخوة لها وهى نشر ديوان شعرى لى بعد أن عزفت عن النشر منذ عام 1970. وهذا الديوان ألذى أنتوى إنتزاعه من بين هذه النصوص التالية سيكون محصورا فى أشعار الرثاء التى إزتنزفت خاطرى وأذاعت حسرتى على كرام قوم إختارهم الله إلى جواره، فأُدمى القلب وتمزقت الأحاسيس وصدئت الجراح ومازالت ناتحة. وعليه فإننى سأوالى نسخ ما تكرم الأخ أسامة بإستنقاذه تباعا.

    مرة أخرى أخى أسامة لك شكرى وشكر كل من ساهم فى إثراء هذا البوست أو أستنار من محتوياته.
    _____________________________________

    Post: #19
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد
    Date: 05-09-2015, 06:22 AM
    Parent: #18

    إخوتى الأعزاء أحمد الأمين وعلى عبدالوهاب وعبدالله الشقلينى و منصور المفتاح

    أولاً: إسمحوا لى بأن أضم صوتى إلى صوت الأستاذ أحمد الأمين وأشكر الأخ الباشمهندس بكرى على تكرمه برفع هذا البوست لما يمثله من أهمية خاصة لى ولكم و للقراء الذين أبدوا لى أعجابهم بمساهماتكم. فشكرا يا ريس.

    ثانياً:إسمحوا لى أن أستطرد فى إيراد نماذج لأشعارى فى الرثاء رضوخا عند طلب أستاذنا أحمد الأمين، مما حفزه من جانبى، وأكون أمينا، عوامل أنانية تدفعنى لتجميع تلك الرثائيات وأصدارها فى ديوان؛ مما لا أعتقد أنكم تمانعون فيه. ودعونى أكرر التأكيد على أننى سارد على كل مداخلاتكم واحدة تلو الأخرى.

    وقد كانت ثانى قصائدى فى الرثاء فى حفل تأبين أقمناه فى جامعة الخرطوم بين داخليتى كسلا والقاش، لصديقنا عباس يس حاج الصافى والذى رغم تقدمه علينا بثلاث سنوات منذ أيامنا فى بحرى الأميرية الوسطى و الخرطوم الثانوية، إلا أنه كان صديقا صدوقا ومناضلا صنديدا لا ينكسر، ولا يتخاذل منذ المرحلة الثانوية ونحن نواجه قمع طغمة العسكر أيام عبود. وكانت تلك الرثائية قصيدة طويلة كتبتها حزنا على شبابه الذى أضاعه إختناق بدخان من سيجارة سقطت منه سهوا على فراشه عندما سرقه النوم. و من تلك القصيدة:

    وما نحن إلا أعينٌ
    حتما بعدها أثرُ
    والناس كلٌ ساعٍ
    نحو غايته فمندثرُ
    .........
    .........
    فى صفوهِ ماءُ
    نبعٍ حين يلقانى
    وحديثه حينَ
    يمضى مازحا دررُ
    .........
    .........
    والكون ألبَسهُ
    سوادُ الحزنِ حليته
    وكفكف باكيا
    دمعَ أطياره الشجرُ
    .........
    .........
    سقت منامكَ
    رطب السُحب ممطرةً
    وبل زهرَ مقامك
    الطل والقطرُ
    .........
    .........

    وجاءت بعدها قصائد غلبت عليها هموم الثورة أكثر منها فى الرثاء، حول أكتوبر 1964 وبعد مجزرة قصر الضيافة عام 1971 .

                  

09-20-2015, 03:17 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #20
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد
    Date: 05-09-2015, 09:12 PM
    Parent: #19

    وما دمنا فى سيرة الرثاء والثورة مما أوجبته تلك الكلمة القصيرة فى حق لوممبا، نعبر المحيط الأطلنطى لنحط النظر فى القارة التوأم : أميركا الجنوبية، أرض كل أنواع الثورات فى عصر البشرية الحديث. منذ ثورات الرقيق فى هايتى عام 1793 معلنين حريتهم كأول مجتمع فى غرب المحيط الأطلسى ينال إستقلاله تحت سيادة الأفارقة السود. ومن ثم تجدد الثورة التى كان من قادتها فيلكس دارفور السودانى "المنسى" الذى تم إعدامه رميا بالرصاص عام 1822 كأول شهيد للإفريقانية. و ثورات البرازيل أعوام 1807 و1814 و 1835 التى نجح فيها الرقيق فى أنشاء دولتهم المستقلة (تماما كثورة الزنج فى الخليج على أيام الدولة العباسية حين أسسوا عاصمتهم فى مدينة المختارة على تخوم البصرة أعوام 869 ـ 883م)،

    وثورة "المحرر" سيمون بوليفار الطموحة الذى أشعل الثورة ضد الإسبان على طول القارة وعرضها عام 1813. وفى العصر الحديث نرى الثورة الكوبية والثورة النيكاراجوية الساندانستية والبيروفيه للمسار اللامع والثورة الدينية التحررية (الكاثوليكية) فيما يسمى بلاهوت التحرير، فى كل من البرازيل وكولومبيا ونيكاراقوا وأمتدادا على سعة القارة تحت قيادات القساوسة من أمثال البيروفى قوستافو قوتيريز والكولمبى كاميلو توريس والأوروقوانى جوان لويس سقوندو و البرازيلى ليوناردو بوف والنيكاراجوى الشاعر الثائر إرنستو كاردينال. وأهمية لاهوت التحرير هو ما أشار إليه أستاذنا أحمد الأمين من أهمية عدم إهمال الجانب الدينى فى الحركات التحررية. وهو رأى صائب إذا نظرنا إلى تاريخ المقاومة للمستعمر فى إفريقيا إبتداءا من ثورة محمد أحمد المهدى فى السودان وسيدى محمد عبدالله حسن (مهدى الصومال) ودان فوديو فى غرب إفريقيا وعشرات أخرين؛ ولاحقا الأزهرى الإشتراكى أحمد سيكوتورى فى غينيا، و من قبل ثورة عبدالقادر الجزائرى وعمر المختار فى ليبيا ومن قبل ذلك التعبئة التحريضية التى قام بها جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده من مقر إصدار صحيفتهما العروة الوثقى فى باريس. والقاسم المشترك فى كل هذا النضال الثورى التحررى ضد المستعمر كان منطلقه وقياداته من المعاهد والمعلمين الدينيين.

    CardinalForthePeople.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
    الشاعر الجميل والثورى النبيل القس إرنستو كاردينال والذى صار وزيرا للثقافة فى
    حكومة الساندينيستا الأولى فى نيكاراجوا ثم إستقال لأن الثورة لم تخدم الجماهير كما
    وعدت. ولكنهم وعوا الدرس هذه المرة. وهو هنا يمارس طقسه اليومى فى قراءة
    أشعاره للجماهير فى الطرقات

    ولذا فأن دراسة هذه الظاهرة مع دراسة التاريخ الطويل لتجارب الثورات فى أميركا الجنوبية أمر عاجل وحتمى فى إعتقادى، لنجاح كل تلك الثورات-التطورية فى التمهيد للتحولات الديمقراطية والتى فشلت فيها من قبل الثورات المسلحة التغيرية الجذرية. والتى نحن بصدد الإشارة فيها إلى قصيدة رثاء تدور فى بدايات تلك الثورة الممتدة فى أميركا الجنوبية عقب الثورة الكوبية. ورغما عن نشرها للوعى الثورى وتقديم البدائل المطروحة إلا أنها فشلت فى إستقطاب الجماهير مع كل الأخطاء الإستراتيجية والتكتيكية التى أخرت الثورة، بل أجهضتها كما فى نموذجنا هذا؛ حينما قتل أشهر رموز الثورة العالمية الممتدة، إرنستو شى جيفارا، الطبيب لأرجنتينى الذى لعب دورا محوريا فى نجاح الثورة الكوبية ودعم حركات التحرر الإفريقية. وقبل موته فى بوليفيا التى من مفارقات القدر تتمتع اليوم بحكم تقدمى إشتراكى وطنى تحت قيادة المناضل الزراعى إيفو موراليس الذى أعيد إنتخابه مرات بأغلبيات ساحقة بعد كل سنوات الخيبة المصاحبة لتلك لثورات المسلحة.

    وهذا النص الرثائى ليس من شعرى، إنما قمت بترجمته وتعريبه. فهو قصيدة للثائر إرنستو شى جيفارا وهو يرثى حبيبته ورفيقة سلاحه قبل شهر من إصابته وأسره و إعدامه حينما علم بمصرع محبوبته -- الرفيقة تانيا فى كمين. ترجمتها من الترجمة الأنجليزية للنص الإسبانى الذى كتبها به – وأنا ضعيف جدا فى اللغة الإسبانية. فحاولت أن أكون أمينا للنص دون التصرف الشعرى أوالموسيقى. وعلى ما أعتقد أنها كانت المرة الأولى التى يتم فيها ترجمة هذه القصيدة للعربية وقد قام بعض ذوى النفوس المريضة بنسبتها إلى أنفسهم دون الإشارة إلى حقوقى فى الترجمة و التعريب النظمى، ككثير من غيرها من إنتاجى الفكرى:

    هـناك سكون قاتم الظلام يخيم
    على قلب ظلام الغابة الحالك
    وأغنيات الشعب صامته

    وهى تـُعمل أصابعها لتـُعيد تعبئة
    لفات أشرطة البلاستيك الصغيرة
    وتلك الأشرطة بدورها صامته

    ماذا يتغنى فى قلبها؟
    لربما لن أعرف ذلك أبدا.
    أو أسمع موسيقى الأغنيات
    التى أتت بها إلى هنا.

    لم تمنحها أكمات الغابة إيقاعا
    غير شـفـرة مورس وضربات قلوب
    تخفق سريعة فى إنتظار إشارة رد

    لن تغنى أو تدندن هذى النغمات التى تحبهـا
    ولكن رغما عـن ذلك فهى تسمعها.
    فالنغمات تحملنها للأمام عبر صمت
    الغابة المشيع الموات
    تحملها تلك النغمات نحو ترنيمة نصر
    هى وحدها القادرة على سماعها.

    GEUVARAsudanTANIA.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
    لقطة من فيلم تشى تظهر جيفارا مع حبيبته ورفيقة سلاحه تانيا

    ولنا عودة إلى شعر المراثى

    (عدل بواسطة عبدالرحمن إبراهيم محمد on 09-20-2015, 06:01 AM)

                  

09-20-2015, 08:42 AM

إدريس محمد إبراهيم
<aإدريس محمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 03-13-2006
مجموع المشاركات: 2762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    كفيت ووفيت اشهد الله يا بروف ...فلك كل الحب وخالص التقدير ؛؛؛؛
                  

09-20-2015, 09:17 AM

إدريس محمد إبراهيم
<aإدريس محمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 03-13-2006
مجموع المشاركات: 2762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: إدريس محمد إبراهيم)

    حقيقة لا أذيع سرا حين أقول انه تربطني بشاعرنا الكبير علاقة غاية في الخصوصية هو والشاعر القامة محي الدين فارس فقد رضعنا ثلاثتنا من والدة محي الدين السيدة / نفيسه فرج حيث كنا نقطن بالايجار في منزل الاخير بحي القباري بمدينة الاسكندرية ... وكان الفيتوري يسكن على بعد بضع بنايات منا ... انا رضعت مع اصغر شقيقات محي الدين ... اختي السيدة / نوره فارس ....

    أحزنني جدا موت اخي في الرضاع محمد مفتاح الفيتوري ... فكتبت فيه القصيدة التالية .:


    بكاء الوردة في البستان

    تبكيك دموع لا ترثيك..
    فالفقد التو كما الأمس..
    تبكيك عيون تحضن فيك..
    تبعا للحب وللهمس..
    تبكيك الروح وانت الروح..
    واعزي الشعر وسر البوح..
    محمد ابن المفتاح الفيتوري
    يبكيك حليب الام نفيسه..
    تبكيك رؤى جد نفيسه..
    واعزي الدفتر والقلم..
    واعزي كتاب الله في موت الحافظ منذ الصغر..
    وأحيي كتابا للأدب..
    نادوه بديوان العرب..
    واعزي مداد الشعر اخي..
    أعزي القمة والمشكاة..
    اتكرف دمعا في المبراة..
    سجادة فجرك تنعيك..
    أكثر من شعبك وبنيك..
    دمعك.. بنتك.. ابنك.. وابن أخيك..
    أكثر من محي الدين الفارس
    أكثر مني وانا إدريس..
    يا بعض ملاك.. يل قديس..

    إدريس محمد ابراهيم
                  

09-29-2015, 10:37 AM

إدريس محمد إبراهيم
<aإدريس محمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 03-13-2006
مجموع المشاركات: 2762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر: (Re: إدريس محمد إبراهيم)

                  

09-29-2015, 12:58 PM

إسحاق بله الأمين
<aإسحاق بله الأمين
تاريخ التسجيل: 06-29-2006
مجموع المشاركات: 1371

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    Quote: فيـتورى يا ياقـوت الشـعـر
    فى رثاء محمد مفتاح الفيتورى

    يا صنو الروح
    وياقوت الشعر
    ماعاد سؤالك يقلقنى
    " تبكيني أم أبكيك؟"
    فبكاؤك قد عز على
    عينين مسهدتين
    لا أبغى لهما العذر
    لكن سؤالا دهريا
    ما أنفك يدور
    ما معنى الغربة؟
    وفيم الضيم؟
    وفيم القهر؟
    ولماذا صلف الناس؟
    وجحد حقوق الخلق؟
    فتظل دموع
    تجرى كالنهر
    و”النيل ثوبٌ إخْضَرْ"
    ويظل سؤالك يقلقنى
    أبد الدهر
    "هل انت أنا؟"
    فالموت لصيق الغربة يا هذا
    والنزف يظل يدوم
    والوطن بعيد
    فأنت الـ"عصفور غريب"
    تتنقل بين الأغصان
    "لشهورٍ ثم تطير"
    و الروح تطير
    تحلق فوق سماء الخرطوم
    "تُعانقُ الحُقولَ والمراعى
    وأوجهَ العُمالِ والزُراعِ"
    والجو مطير
    والدمع غزير
    و "الفجر جناحان
    يرفان عليك"
    والحزن عليك
    قد كحل أعين
    كل المظلومين
    وعشقك يا هذا
    "يفنى عشقي"
    واستغراق فنائك قدرى
    فمنك تعلمنا
    معنى الشعر
    وقول الشعر
    ووزن الشعر
    ونزف الإحساس
    فشعرك ينسج
    الشموخ زينة الإباء
    للنساء
    وراية الرجال
    فى كبرياء
    يدور حول "شرفة التاريخ"
    كالـ"فراشة المجنحة"
    يطوف فوق كل رأس
    "تعدو به الريح"
    "على ضفافِ المَقرنِ الجميل"
    فيحبس الأنفاس
    ورغم كل هذا
    يبخل الأنجاس
    بما لا يملكون
    كم نحن جاحدون!
    لانه لا يهمنا ما يفعلون
    لانأبه من تكون
    يا صدق الكلمات
    وكل شهيد قد مات
    ولا نعرف عنك
    وأنت الهاوينا
    فردا فرد
    فتظل تمد اليد
    "يدك الممدودة" تمتد
    تطاول أفق الشمس
    ولا من ملجأ لك
    ولا من يعتد
    خانوك يا ضميرنا
    ياصوت الحق بيننا
    ونور عزنا
    خانوا شعر نورنا
    تنكروا لمجدنا
    لكن يا شيخنا
    ستظل دوما عندنا
    صنو الروح
    وياقوت الشعر


    أخي الأستاذ / عبد الرحمن إبراهيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    معذرة إن تطاولت وولجت مولج الكبار الأفذاذ ولست منهم، لكنه صادق الحب لفقيد السودان وأفريقيا الشاعر الفذ محمد الفيتوري رحمه الله الذي للأسف الشديد عاش غريبا ومات غريبا ولم يجد العناية والإهتمام لا في حال صحته ولا مرضه إلى أن قضى نحبه بعيدا عن وطنه الذي حمله في حدقات عيونه وتغنى به، ولمثله تقام النصب التذكارية وتسمية المنشآت التعليمية والثقافية باسمه لو كان في بلاد غير السودان الوطن الجريح . هكذا يمضي أفذاذنا ولا يلقون التكريم الذي يستحقونه أحياء وأمواتا، والذي يجدونه للأسف الشديد في بلاد غير بلادهم عرفت علو قدرهم وسمو مكانتهم فبادرت بإكرامهم وتكريمهم في حياتهم وبعد مماتهم.
                  

09-29-2015, 01:56 PM

Osman Musa
<aOsman Musa
تاريخ التسجيل: 11-28-2006
مجموع المشاركات: 23082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: إسحاق بله الأمين)


    08:20 AM Apr, 28 2015
    سودانيز اون لاين
    عبدالرحمن إبراهيم محمد-بـوســطن، الولايات المتحدة
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين

    فيـتورى يا ياقـوت الشـعـر
    فى رثاء محمد مفتاح الفيتورى

    يا صنو الروح
    وياقوت الشعر
    ماعاد سؤالك يقلقنى
    " تبكيني أم أبكيك؟"
    فبكاؤك قد عز على
    عينين مسهدتين
    لا أبغى لهما العذر
    لكن سؤالا دهريا
    ما أنفك يدور
    ما معنى الغربة؟
    وفيم الضيم؟
    وفيم القهر؟
    ولماذا صلف الناس؟
    وجحد حقوق الخلق؟
    فتظل دموع
    تجرى كالنهر
    و”النيل ثوبٌ إخْضَرْ"
    ويظل سؤالك يقلقنى
    أبد الدهر
    "هل انت أنا؟"
    فالموت لصيق الغربة يا هذا
    والنزف يظل يدوم
    والوطن بعيد
    فأنت الـ"عصفور غريب"
    تتنقل بين الأغصان
    "لشهورٍ ثم تطير"
    و الروح تطير
    تحلق فوق سماء الخرطوم
    "تُعانقُ الحُقولَ والمراعى
    وأوجهَ العُمالِ والزُراعِ"
    والجو مطير
    والدمع غزير
    و "الفجر جناحان
    يرفان عليك"
    والحزن عليك
    قد كحل أعين
    كل المظلومين
    وعشقك يا هذا
    "يفنى عشقي"
    واستغراق فنائك قدرى
    فمنك تعلمنا
    معنى الشعر
    وقول الشعر
    ووزن الشعر
    ونزف الإحساس
    فشعرك ينسج
    الشموخ زينة الإباء
    للنساء
    وراية الرجال
    فى كبرياء
    يدور حول "شرفة التاريخ"
    كالـ"فراشة المجنحة"
    يطوف فوق كل رأس
    "تعدو به الريح"
    "على ضفافِ المَقرنِ الجميل"
    فيحبس الأنفاس
    ورغم كل هذا
    يبخل الأنجاس
    بما لا يملكون
    كم نحن جاحدون!
    لانه لا يهمنا ما يفعلون
    لانأبه من تكون
    يا صدق الكلمات
    وكل شهيد قد مات
    ولا نعرف عنك
    وأنت الهاوينا
    فردا فرد
    فتظل تمد اليد
    "يدك الممدودة" تمتد
    تطاول أفق الشمس
    ولا من ملجأ لك
    ولا من يعتد
    خانوك يا ضميرنا
    ياصوت الحق بيننا
    ونور عزنا
    خانوا شعر نورنا
    تنكروا لمجدنا
    لكن يا شيخنا
    ستظل دوما عندنا
    صنو الروح
    وياقوت الشعر


    عبدالرحمن إبراهيم محمد
    بوسطن، 24 أبريل 2015
    ____

    سلام بروف عبدالرحمن ابراهيم
    ليك التحية والشكر علي دفق الصدق والمحبة لفقيد نا يا قوت الشعر الفيتوري عليه الرحمة .
    أكرر التحية والشكر
                  

09-29-2015, 04:50 PM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12483

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: Osman Musa)

    Quote:
    حقيقة لا أذيع سرا حين أقول انه تربطني بشاعرنا الكبير علاقة غاية في الخصوصية هو والشاعر القامة محي الدين فارس فقد رضعنا ثلاثتنا من والدة محي الدين السيدة / نفيسه فرج حيث كنا نقطن بالايجار في منزل الاخير بحي القباري بمدينة الاسكندرية ... وكان الفيتوري يسكن على بعد بضع بنايات منا ... انا رضعت مع اصغر شقيقات محي الدين ... اختي السيدة / نوره فارس ....



    التحية لاستاذنا القامة الشاعر المرهف والاديب ( عبدالرحمن إبراهيم )

    اخي إدريس
    محي الدين فارس .. من عناوين الشعر السوداني .. أعرف قريتهم بالقرب منا في منطقة السرارية هناك أختلطت الاثنية النوبية والعربية مع بعضها فكان الجمال والذكاء والحنكة ..
    كلما أذهب في اجازتي السنوية من جدة أطوف بها كما قل الخليل ( قدلة يا مولاي حاف حالق ) ..

    وأثناء قراءتي لإحدى روائع الخليل .. أستوقفني أبيات من شعره .. وإستحضرت حميد ومحي الدين .. وهم يتداولون نفس الرمزية والقيمة الانسانية والنظر في جوهر الانسان
    دون أي اعتبارات أخرى .. :

    يا جميل يا نور الشقائق
    أملأ كاسك واصبر دقائق


    ثم يسترسل في القصيدة الى ان يأتي الى القداسات الدينية .. وكأنه يقول ان الوطن للجميع ولكل دوره في الحياة .. فيأتي بضريح المهدي :

    الضريح الفاح طبيه عابق
    السلام يا المهدي الامام ..


    وهنا جمع خليل بين تلك الخلاسية ( فوز ) والتي فتحت بيتها لهؤلاء الثوار رغم خطورة العاقبة اذا عرف المستعمر بذلك .. حيث كانوا يختبئون فيه تحت ستار تناول المشروب الذي كان يسمح به المستعمر ..
    ثم جاء بضريح المهدي كإلهام معنوي وقدوة ومثل للنضال وكحافز ورمز .. ولكن القيمة النهائية لدى خليل كما لدى شاعرنا حميد هو الهدف ( الوطن ) والاخلاص في حبه بغض النظر عن المستمسكات الاخرى
    ..
    وامثال خليل وحميد الوطن عندهم مختلف لا يضيق بأحد إلا بمن خانه وتعاطف مع المستعمر أو قمع اهله ، فأما غير ذلك ففي كل ممارسة مهما كانت مغولة في العقدية او الليبرالية
    ولكن مرجعيتها هي حب الوطن فهي مقدسة لديهم ومثال ذلك ( فوز .. والمهدي ) في شعر الخليل وفي شعر حميد ( المسجد والكنيسة ، العذارى والموامس، والرواويس والفرسان ،
    والامواج النوارس ) ولدي ملاحظة بسيطة هنا عن ( الرواويس والفرسان ) وجمعهما حميد كمتناقضين .. وهذا يدل على ان حميد تعمق في المجتمع حوله وربما كان يسمع الى حكاوي الكبار
    ونظرتهم للرواويس وقد كانوا يصنفونهم بأنهم غير جادين في الحياة نسبة لعدم اجادتهم للزراعة والاعمال الشاقة وانهم متفرغون للهو والغناء والعزف
    والتشبب بالنساء .. لأنها كانت مهنة من لا يجيد الزراعة .. على عكس الفارس وهو رمز لاخو البنات ليس في القتال والفتك كما عند البعض
    ولكن بمفهوم اهلنا في الشمال هو الرجل الذي يقوم بمهام الرعاية للاسرة ويكفيها اقتصادياً ويحفظها من الانحراف وسوء السلوك ..

    واقد اثار انتباهي ايضاً هذا التشبيه البليغ الذي استخدمه حميد بطريقة متشابهة او متطابقة مع شاعرنا ( محي الدين فارس ) وهو من ابناء السرارية (ارقو ) هل تلاحظون معي استخدام كلمة ( مومس ) :

    حميد قال :

    ( في إندهاشات العذارى .. في إرتعاشات الموامس )

    حميد استخدمها هنا في سياق بحثه عن الوطن الجميل المثالي الذي يتمناه امثاله من ذوي الاحاسيس الخارقة للعادة ..
    وهذه الارتعاشة هي احدى لحظات الشعور بقمة النشوة يكون فيها الانسان في عالم آخر من الاحساس فما بالك ان تكون ارتعاشة مومس ادمنت هذا الاحساس
    وهذا جمال حميد وعلو كعبه في الشعر أن يبحث عن الوطن في ارتعاشة تلك المومس وهي التي تعرف الغث منها والسمين ..

    اما محي الدين فارس فقال في قصيدته ليل ولاجئة :

    ضجت مذاريب السماء واعولت ملئ الظلام
    وهناك فى قبو الحياة هناك فى دنيا الخيام
    تمضى الحياة بلا ابتسام
    تمضى كزفرة مومس ضاعت باطواء الظلام

    فهنا يصور الشاعر حالة اليأس التي بلغتها تلك اللاجئة في الخيام وشبهها بحالة تلك المومس اليائسة والتي لم تبلغ الارتعاشة لسبب ما وكلاهما
    حميد ومحي الدين صورا احساس تلك المومس بصورة انسانية بعيداً على الاحكام التي تصدر عن الممارسات الخاصة والحرية الشخصية فكان تناولها للموضوع بشكل انساني متقدم عن التفكير العادي ..

    وكلاهما قد عبر بإحساس الشاعر المتمكن الذي يشعر بكل ما في هذه الحياة من أحاسيس ومشاعر ولكل البشر حقه فيما يذهب اليه ولكن بشعور مرهف
    وقيمة في الممارسة حتى اذا كانت الممارسة مجملها خارج السلوك والقيم ..
    هي نظرة الشاعر وعمقه وهؤلاء مختلفون عنا نظرة وتأملاً وفكراً ..
    وزفرة المومس كناية عن اليأس والقنوط عن كل ما في الحياة ..

    التحية للبروف عبدالرحمن على هذه النافذه
                  

09-30-2015, 03:32 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: علي عبدالوهاب عثمان)


    وظننا دهرا أن الفرسان ثلاثة
    فإذا بنحيب الروح
    يفيق الناس بأن المظنون خداع
    فثلاثة إخوان رضعوا
    حب الحق وقول الشعر
    ونفيسة أنفس مرضعة
    حنت بحليب الود
    وعمق الإحساس
    فإذا بشعراء تنادوا
    بصدق وداد فى
    نزف النظم وحب الناس

    Quote: كفيت ووفيت اشهد الله يا بروف ...فلك كل الحب وخالص التقدير ؛؛؛؛

    حقيقة لا أذيع سرا حين أقول انه تربطني بشاعرنا الكبير علاقة غاية في الخصوصية هو والشاعر القامة محي الدين فارس فقد رضعنا ثلاثتنا من والدة محي الدين السيدة / نفيسه فرج حيث كنا نقطن بالايجار في منزل الاخير بحي القباري بمدينة الاسكندرية ... وكان الفيتوري يسكن على بعد بضع بنايات منا ... انا رضعت مع اصغر شقيقات محي الدين ... اختي السيدة / نوره فارس ....

    أحزنني جدا موت اخي في الرضاع محمد مفتاح الفيتوري ... فكتبت فيه القصيدة التالية .:
    بكاء الوردة في البستان
    تبكيك دموع لا ترثيك..
    فالفقد التو كما الأمس..
    تبكيك عيون تحضن فيك..
    تبعا للحب وللهمس..
    تبكيك الروح وانت الروح..
    واعزي الشعر وسر البوح..
    محمد ابن المفتاح الفيتوري
    يبكيك حليب الام نفيسه..
    تبكيك رؤى جد نفيسه..
    واعزي الدفتر والقلم..
    واعزي كتاب الله في موت الحافظ منذ الصغر..
    وأحيي كتابا للأدب..
    نادوه بديوان العرب..
    واعزي مداد الشعر اخي..
    أعزي القمة والمشكاة..
    اتكرف دمعا في المبراة..
    سجادة فجرك تنعيك..
    أكثر من شعبك وبنيك..
    دمعك.. بنتك.. ابنك.. وابن أخيك..
    أكثر من محي الدين الفارس
    أكثر مني وانا إدريس..
    يا بعض ملاك.. يل قديس..

    إدريس محمد ابراهيم

    ياللفرح وقد زرتنا يا أخ أدريس ليفتح لنا كوة هامة فى تاريخ مسار مجموعة من أشعر شعراء العربية. جمع بينهم وداد أقوى من رابطة الدم وحدها فزاد عليها خوة فى الرضاع وما أوشجها من رابطة. وإذا بك شاعر منضبط عميق التعابير مبتكر معان تربط أصول الكلمات بالمقصود من النص. فهنيا لنا على الصعيدين صعيد المشاركة فى الإبداع ورابطة أخاء وثيقة. ولكن الأهم من كل هذا هى فرصة لنصر على طلب لحوح لك يا أستاذ إدريس أن تملأ فراغا هاما فى سيرة هذين الشاعرين العلمين وسيرتك أنت ومسيرة ثلاثتكم فى قرض الشعر وظروف النشأة فى الطفولة والصبا والشباب. وهى مراحل التطور التى قادت إلى النضوج فى المراحل التى عرفناهم فيها.

    وهذه يا أيها الأخ الصديق الصدوق مهمة هامة جدا لا شك أنها ستثرى ساحة الشعر بالتأريخ والتوثيق لفترة هامة فى إكتمال الإبداع ومناهل الوعى والمعاناة والتجارب الإنسانية التى وصلتنا مبتورة فى سير هذين النجمين اللامعين.

    فهلا تفضلت علينا أخى إدريس وضمنت هذا السفر ذكرياتك حول طفولتكم وصباكم وشبابكم ومناهلكم وإبداعكم حتى يكتمل بهاء هذا البوست بإضافة نوعية تشوبها الأصالة والعمق الإنسانى الذى غاب عن كل الأدباء والنقاد فى حياة المبدعين. وهنا يحضرنى بلاغة المتنبئ وفصاحته وإبداعه رغم كراهتى له لعنصريته ودناوته وخسة نفسه وتملقه بمذلة المستجدى. فمما لا يذكر أبدا فى سيرته ما قد روى من أن جدته التى ربته بعد موت أمه، لما لمست فيه نبوغا وبراعة فى نظم الشعر، أخذته إلى البادية وعهدت به إلى معلم فطحل. فطلب منه أن يحفظ أربعين ألف بيت من الشعر، ظل يمتحنه فيها حتى وثق من حفظه لها. وكان المتنبى فرحا طربا بإنجازه. فقال له معلمه أذهب فأنسها. قال كيف أنساها. قال لا تتفكر فيها ولا تذكرها ولا تكمل بيتا تذكرته. فذهب وراء غنم كان يرعاها. ولما عاد إلى شيخه وقد نسى ما حفظ من الشعر، قال له شيخه الآن يمكنك أن تكتب شعرا. وكان هذا هو السر فى جزالة لغة المتنبئ وكثافتها وغناها وإبداع أبياته وقصائدة فى الصور الشعرية واللوحات الوصفية الدقيقة، مما قاله من حفظ لهم من الشعر ونسيه فأعاد صياغته بلغته الخاصة ونفسه وإحساسه وإيقاعه.

    فهلا تفضلت علينا أخى إدريس بإشراكنا فى التوثيق لتلك الفترة الهامة فى تشكل ملكاتكم وإبداعكم الشعرى؟


                  

10-01-2015, 05:17 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #21
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: علي محمد الفكي
    Date: 05-10-2015, 11:34 AM
    Parent: #20
    الرثاء من ابرز ضروب الشعر العربي الحديث والقديم
    واصدقها من حيث حرارة التعبير وصدق الكلمات ودقة الصور ..
    وقد حملت قصيدتك استاذنا البروفيسور عبد الرحمن
    من الوانه الرثاء والتأبين ..
    فكانت صادقة في دمعاتها الحرى ..
    وأوفت للفيتوري بمناقبه ودرره الشعرية ..
    معبرة عن الحزن الجمعي للشعب السوداني ..
    والشعب العربي والامة الافريقية لرحيل ياقوتها ..
    وحق لهم الحزن ..
    فرحيل الفيتوري ..
    هو توقف القصيدة التي تمثل شلال حياة عن التدفق ..
    وخفوت للقصيدة الضؤ ..
    القصيدة التي كانت دوماً في صف الفقراء وقضايا الامة العظيمة ..
    رحل الفيتوري الدرويش ..
    سلطان العاشقين عن هذه الفانية ..
    تاركاً بصمته وكلمته لتمضي بها الاجيال ..
    تعبر عن النضال وظلامات الشعوب ..
    والعشق والزهد فالفيتوري نهر عطاء ..
    مضى الفيتوري وترك لنا الجراح والاسى ..
    ونحن ندير البصر في ما الت اليه امة لوممبا وكينياتا وبن باديس ..
    بعد كل التضحيات ..
    وما خلفته الثورات العربية من ظلام وبوم داعش واخواتها ..
    مضى الفيتوري
    والسجان عاد من جديد ..
    ليرفرف باجنحته الكئيبة في سماء السودان ناشراً القتل والظلم ..
    لك التحية بروفسور عبد الرحمن
    وان تطلق هذه الزفرات الصادقة
    في رثاء شاعر افريقيا والعرب الاول
    ياقوت الشعر محمد مفتاح رجب الفيتوري


                  

10-01-2015, 05:25 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #22
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: احمد الامين احمد
    Date: 05-10-2015, 12:56 PM
    Parent: #21

    مثلما تنبه الشيخ الأكبر الطيب صالح (1929-2009 ) إلى القيمة العالية جدا لشعر الفيتورى لدرجة وضعه ك (مفتتح ) لإحدى رواياته الكبرى مُرتفعا به إلى شعر أبى نواس فقد تنبه مبدع سودانى أخر لايقل قيمة عن الطيب صالح ذاك هو الشاعر الناقد الأكاديمى المسرحى المفكر السودانى الكبير جدا محمد عبدالحى (1944-1989 ) إذ توقف كثيرا عند شعر الفيتورى فى مرحلته (الأفريقية ) عبر ديوانه الثانى (عاشق من أفريقيا ) وهى أشهر مراحل الفيتورى وليست أجملها مقارنة بالمرحلة (الصوفية ) اللاحقة لها والتى قطف منها الصيدحان كابلى وعركى أجمل خرائدها عبر ذاك الترنم السحرى .
    فى كتابه
    Conflict and Identity in the Sudanese Modern Poetry
    وهو فى الأصل محاضرة رفيعة جدا باللغة الشكسبيرية العالية جدا لأكاديمى فذ كعبدالحى نال شهادتان من جامعتى ليدز وأكسفورد هو فى الأصل محاضرة قدمها عبدالحى بمعهد الدراسات الأسيوية والأفريقية منتصف سبعين القرن الماضى وجرى نشرها فى كتاب ضمن سلسلة (كُراسة السمنار الأفريقى ) تحت الرقم 26 العام 1976 بمبادرة من مدير المعهد يومها بروف يوسف فضل .

    فى هذا الكتاب قام عبدالحى فى تنقيبه عن المنطلق الأدبى الذى يعتبر حسب إعترافه المصهر الذى شكل قاموسا لغويا جديد أتاح وصف الإنتماء الثقافى الوطنى السودانى الأمر الذى جعل الشاعر السودانى المعاصر شارعا ثقافيا فى المقام الول والذى ظل منذ أواخر عشرين القرن العشرين المبدع الحضاري للأمة والمنقب عن البذور المطمورة ومبتكر الصور المعقدة للهوية .

    فى هذا الكتاب توقف عبدالحى عبر مبضعه النقدى النادر ضمن شعر الفيتورى وتجربته الأفريقية التى شكلت الجذر الأخر للهوية السودانية ورفع الفيتورى ضمن نماذجه فى الكتاب إلى مقام على جدا للمنقبين عن الهوية عبر شعرهم الحضارى أو مقالاتهم النثرية منهم حمزة الملك طنبل ، المحجوب ، أولاد عشرى صديق ، مدثر عبدالرحيم ، يوسف فضل حسن ، جيلى عبدالرحمن ، محى الدين فارس ،تاج السر الحسن ، صلاح أحمد إبراهيم ، مصطفى سند ، النور عثمان ابكر ، محمد المكي ، محمد عبدالحى وشيخهم جميعا عبداللله الطيب ثم كبيرهم (الذى علمهم الشعر ) محمد المهدي المجذوب وهذا المقام والطبقة العالية جدا لمبدعى ورواد الفكر السودانى ( حسب مصطلح محجوب عمر باشرى فى ذاك البرنامج الإذاعى الشهير الذى ظهر فى كتاب لاحقا ) هو المقام وهى الطبقة التى يندرج تحتها الإسهام الحضاري للفيتورى الذى ماقدمه لوطنه السودان وهو قمة مايملك وهذا الفضل والتركة الحضارية للفيتورى أدركها فى حياته نفر نادر يعرفون ميزان الرجال عبر (الجرح والتعديل ) مثل الطيب صالح ومحمد عبدالحى عبر توقفهما الموجب فى إبداع الفيتورى النادر وتوقف عندها عقب (تحديقه فى الموت ) نفر نادر كذلك جميعهم نعوا الفيتوى نثرا وشعرا منهم أستاذنا عبدالرحمن وغيره من الذين أوجعهم رحيل هذا المبدع الفذ الذى يتشرف به أكثر من وطن .

    الصيدح المجود أبوعركى البخيت مترنما بإحدى درر الفيتورى من مرحلته الصوفية وهى المرحلة الأجمل مع التنبيه أن عركى قد ترنم كذلك برائعة المجذوب (سيرة ) التى يسود بها طقوس العرس السودانى وهو أحد تجليات الهوية التى عبرها توقف عبدالحى عند شعر الفيتورى و المجدوب لهم الرحمة جميعا .


    تحية وإحترام ل (شيخنا ) عبدالرحمن على الضفة الأخرى من (الأطلنطي).

                  

10-01-2015, 12:28 PM

إدريس محمد إبراهيم
<aإدريس محمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 03-13-2006
مجموع المشاركات: 2762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    Quote: ياللفرح وقد زرتنا يا أخ أدريس ليفتح لنا كوة هامة فى تاريخ مسار مجموعة من أشعر شعراء العربية. جمع بينهم وداد أقوى من رابطة الدم وحدها فزاد عليها خوة فى الرضاع وما أوشجها من رابطة. وإذا بك شاعر منضبط عميق التعابير مبتكر معان تربط أصول الكلمات بالمقصود من النص. فهنيا لنا على الصعيدين صعيد المشاركة فى الإبداع ورابطة أخاء وثيقة. ولكن الأهم من كل هذا هى فرصة لنصر على طلب لحوح لك يا أستاذ إدريس أن تملأ فراغا هاما فى سيرة هذين الشاعرين العلمين وسيرتك أنت ومسيرة ثلاثتكم فى قرض الشعر وظروف النشأة فى الطفولة والصبا والشباب. وهى مراحل التطور التى قادت إلى النضوج فى المراحل التى عرفناهم فيها.

    وهذه يا أيها الأخ الصديق الصدوق مهمة هامة جدا لا شك أنها ستثرى ساحة الشعر بالتأريخ والتوثيق لفترة هامة فى إكتمال الإبداع ومناهل الوعى والمعاناة والتجارب الإنسانية التى وصلتنا مبتورة فى سير هذين النجمين اللامعين.

    فهلا تفضلت علينا أخى إدريس وضمنت هذا السفر ذكرياتك حول طفولتكم وصباكم وشبابكم ومناهلكم وإبداعكم حتى يكتمل بهاء هذا البوست بإضافة نوعية تشوبها الأصالة والعمق الإنسانى الذى غاب عن كل الأدباء والنقاد فى حياة المبدعين. وهنا يحضرنى بلاغة المتنبئ وفصاحته وإبداعه رغم كراهتى له لعنصريته ودناوته وخسة نفسه وتملقه بمذلة المستجدى. فمما لا يذكر أبدا فى سيرته ما قد روى من أن جدته التى ربته بعد موت أمه، لما لمست فيه نبوغا وبراعة فى نظم الشعر، أخذته إلى البادية وعهدت به إلى معلم فطحل. فطلب منه أن يحفظ أربعين ألف بيت من الشعر، ظل يمتحنه فيها حتى وثق من حفظه لها. وكان المتنبى فرحا طربا بإنجازه. فقال له معلمه أذهب فأنسها. قال كيف أنساها. قال لا تتفكر فيها ولا تذكرها ولا تكمل بيتا تذكرته. فذهب وراء غنم كان يرعاها. ولما عاد إلى شيخه وقد نسى ما حفظ من الشعر، قال له شيخه الآن يمكنك أن تكتب شعرا. وكان هذا هو السر فى جزالة لغة المتنبئ وكثافتها وغناها وإبداع أبياته وقصائدة فى الصور الشعرية واللوحات الوصفية الدقيقة، مما قاله من حفظ لهم من الشعر ونسيه فأعاد صياغته بلغته الخاصة ونفسه وإحساسه وإيقاعه.

    فهلا تفضلت علينا أخى إدريس بإشراكنا فى التوثيق لتلك الفترة الهامة فى تشكل ملكاتكم وإبداعكم الشعرى؟



    (عدل بواسطة إدريس محمد إبراهيم on 10-01-2015, 12:30 PM)
    (عدل بواسطة إدريس محمد إبراهيم on 10-01-2015, 12:30 PM)
    (عدل بواسطة إدريس محمد إبراهيم on 10-01-2015, 12:32 PM)

                  

10-01-2015, 12:32 PM

إدريس محمد إبراهيم
<aإدريس محمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 03-13-2006
مجموع المشاركات: 2762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: إدريس محمد إبراهيم)

    أستاذي الجليل عفوا اسوقه اليك وارجو ان تلتمس لي العذر ... اين أنا من هؤلاء ... اود في البداية أن أوضح معلومة هامة ... فأنا قد رضعت مع اصغر شقيقات محي الدين فارس (نوره) .. إذن فهم أكبر مني سنا هو والفيتوري ... أنا لم أعاصرهم في سني انطلاقتهم الاولى ...
    ولكن ذلك لا يمنع ان ادلي بدلوي بشأن الرجلين قدر المستطاع .... وسأعود اليك ببعض من النذر اليسير والذي قد لا يعرفه الناس عنهما ....

    لك من الود والتقدير والتجلة بقدر ما تتسع له معاني هذه المفردات .... وخالص مودتي وامتناني ....
                  

10-04-2015, 06:45 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: إدريس محمد إبراهيم)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #23
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: علي عبدالوهاب عثمان
    Date: 05-10-2015, 02:25 PM
    Parent: #22
    البروف .. والفكي .. ومحمد الأمين
    واصلوا هذا الابداع ..

    بروف عبدالرحمن ..

    وكأنك يا بروف رجعت بنا إلى ذلك الزمن الجميل ونحن في عنفوان المراهقة ..
    تلك الرموز التي فتحت الافاق أمامنا ..
    أذكر في الستينات ونحن في المدرسة الاميرية وهناك في اقصى الشمال البرقيق الاميرية الوسطى ..
    مع عبدالناصر وتشي جيفارا وكاستروا وهوشي منه وسوكارنو وسيكتوري وأحزان نكروما و وكنياتا وماو تسي تونغ وغيرهم ..
    وذلك الكتاب الرائع ( كوبا الجزيرة التي احببت ) للدكتور يوسف بشارة .. الذي رسم لنا خارطة سياسية ..

    واصل هذا الجمال والابداع ..
    ونحن في الانتظار ..

    كان زمن النضوج المبكر والثقافة والليالي الادبية وحرية الرأي والجرائد الحائطية ..
    العمق الافريقي في شعر الفيتوري وفي اغاني وردي .. كان عشق غابات أفريقيا ونحن نشم أريحها في صحاري الشمال ..


                  

10-04-2015, 06:52 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #24
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: عبدالله الشقليني
    Date: 05-11-2015, 03:48 AM
    Parent: #23

    إلى البروفيسور إبراهيم ومشاركوه
    تحية لحزنكم الإنساني النبيل

    وإنها لدوحة فكرية ، نحتسي فيها شراباً يُمجِّد الإنسان ، يعتصر من عُناب الشعر والنثر ،
    وإنها لجلسة التقت فيها أجنحة ترفرف، أعطت للحزن طعم الحلاوة ، فمجد هذا السابق بشِعره ،
    يستحق منا مفاتن الأحزان الشعرية ،
    وخير حفاوة أن نفتح قلوبنا لأوكسيد جديد يطّوف حولنا ، يعيد سيرة الشاعر محمد مفتاح الفيتوري ،
    بعد أن كسرنا قلبه الذي كان يتوق أن يرى وطنه قبل الرحيل .
    الشكر الجزيل للذين يعيدون لنا المشاعر أنا موجودون في الرقعة الثقافية ، نحزن مثل غيرنا .
    تذكرت عصر يوم لم أستطع حضوره ، كان في سبعينات القرن الماضي .
    حدثني والدي أن السيد " حامد ود الحِربي " أراد أن يقيم مهرجان الخيل في أربعين رحيل والده ،
    وقد كان. وبالفعل ائتمرت كل الخيل بزينتها تتسابق ، على إيقاع " النحاس " الفتيحابي ...
    يوم أشبه ما يكون بهذه الحفاوة بالحزن ، الذي أراه .
    تحية لكم جميعاً ، أنثروا وجدكم أنا تكون ملامحه


    *
                  

10-04-2015, 06:59 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #25
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: نصر الدين عثمان
    Date: 05-11-2015, 07:49 AM
    Parent: #24

    Quote: : يا صنو الروح
    وياقوت الشعر
    ماعاد سؤالك يقلقنى
    " تبكيني أم أبكيك؟"
    فبكاؤك قد عز على
    عينين مسهدتين
    لا أبغى لهما العذر
    لكن سؤالا دهريا
    ما أنفك يدور
    ما معنى الغربة؟
    وفيم الضيم؟
    وفيم القهر؟
    ولماذا صلف الناس؟
    وجحد حقوق الخلق؟
    فتظل دموع
    تجرى كالنهر
    و”النيل ثوبٌ إخْضَرْ"
    ويظل سؤالك يقلقنى
    أبد الدهر
    "هل انت أنا؟"
    فالموت لصيق الغربة يا هذا
    والنزف يظل يدوم
    والوطن بعيد

    يا لهذه البكائيــة الحرىَّ... بيد أننا كلنا والوطن قد أصبحنا مرثيــة كبيرة!!

    المجد والخلود لشاعر أفريقيا...

    وأنزل الله على قبره شآببيب الرحمة وأسكنه فسيح الجنان

    ومتعك الله بالصحة والعافية وحفظك يا بروف...



                  

10-04-2015, 07:39 AM

إدريس محمد إبراهيم
<aإدريس محمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 03-13-2006
مجموع المشاركات: 2762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    سلام وتحية للجميع ...

    من الامور التي قد لا يعرفها البعض عن شاعرنا انه قد حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب وهو لم يكد يبلغ العاشرة من العمر .. وكان والده يحتفظ بمكتبة اسلامية ضخمه التهم محمد كتبها التهاما .. فنشأ نشأة إسلامية صرفة ...
    والده رحمه الله له أصول ليبية غائرة في القدم ووالدته من منطقة الجنينة بدارفور .. التحق بكلية دار العلوم بالقاهرة هو ومحي الدين فارس اخيه في الرضاعة .. وزاملهم في ذات الوقت اثنين من أبرز شعراء السودان ...
    د. تاج السر الحسن ... وصديق مدثر ...

    من المفارقات اني طرحت على الفيتوري رأيا في أن مصطفى سند هو واحد من أعظم الشعراء السودانيين إن لم يكن أخطرهم ... فقال لي ... لا .. بل تاج السر الحسن ....

    هذا نذر يسير مما سمح به الوقت ... وأعود ثانية إن شاء الله ....

    مع خالص ودي وتقديري ؛؛؛؛
                  

10-05-2015, 09:08 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: إدريس محمد إبراهيم)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #26
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد
    Date: 05-11-2015, 03:08 PM
    Parent: #25

    يا لمرحى وفرحى بإخوة كرام أضافوا العمق والألق لذكرى شاعرنا النبيل المظلوم. وكما كتبت مرة لا أذكر بالتحديد متى: "لرب حزن يورث الفرح". وقد شرفنى حضوركم البهى إخوتى علي عبدالوهاب عثمان، احمد الامين احمد، عبدالله الشقليني، منصور المفتاح munswor almophtah، بله محمد الفاضل، علي محمد الفكي، نصر الدين عثمان.

    تتسارع أنفاسى للإحاطة بكل مداخلاتكم؛ فكل واحدة منها تشكل مدخلا لفضاءآت رحاب من الذكريات وتوثيق الملابسات والظروف والسياق. لذا سيكون من الإجحاف أن أرد لمجرد الرد. وعليه فإننى سأسعى للرد على كل مداخلة بما يليق بها من تفاعل. لكم كل إعزازى وتقديرى وأنتم تستثيرون فى ذهنى أعمق الذكريات وأدق التفاصيل.
    --------------------
    وكما وقلت فى مداخلتى السابقة: جاءت بعد رثائيتى فى صديقنا المرحوم عباس يس حاج الصافى قصائد غلبت عليها هموم الثورة أكثر منها آلام الرثاء كما ذكرت، حول أكتوبر 1964 وبعد مجزرة قصر الضيافة عام 1971. وكان فى شعرى بخلاف الرثاء كثير من شعر الغزل والتغزل بجمال ما خلق الله من بدائع تسر الناظرين وتفرح القلب المعنى كما كان يتغنى المغفور له بإذن الله سيد خليفه. كما كان فيها عددا مقدرا من الشعر الحلمنتيشى الذى أسس له الزملاء بروفيسور محمد عبدالله الريح (حساس محمد حساس) والدكتورعثمان عبدالمجيد (عصمصم)، والبروفيسور طه أمير طه والدكتور صابر أبو عمر عليه رحمة الله، والبروفيسور محمد بشير حامد، والأستاذ الوليد نصر الحاج على ممن تتابعوا فى تحرير المجلة الحائطية الكاركتيرية بجامعة الخرطوم المسماه بـ"ســــلامـات". وفى منتصف السبعينات كتبت قصيدة نوح على الصديق المناضل الزمبابوى "ميتاأُورى" الذى نما إلى علمى أنه دفن حيا لشك إتضح فيما بعد، بعد التدقيق والتحقق، أنه لا أساس له من الصحة، كما علمت من صديقنا السفير بوزارة الخارجية التنزانية، المرحوم كريس لابانى.

    فيا للمفارقة التى كنت قد ذكرتها من قبل فى واحد من بوستاتك الدسمة أستاذنا أحمد الأمين؛ وفى ظنى كان ذلك فى الذى موسعت أنت فيه معلومات ثرة عن الماديبا نيلسون مانديلا. وأشرت إلى تلك المفارقة كذلك فى بعض من محاضراتى العامة وما رفع منها على اليوتيوب حول حتمية الإستقطاب والتشرذم وإعادة التفتت الإستقطابى نتيجة الفشل فى الإنجاز لغياب التخطيط وتحديد الأهداف ورسم البدائل، مما ينجم عنه التفتت الإستقطابى وإطلاق تهم التخوين والعمالة. ولو تذكر كنت قد أوردت ملامتى للمناضل قورا إبراهيم أثناء حوارى معه فى دار السلام وقد كان العقل الواجهة للموتمر الشعبى الإفريقى الذى كان قد إنشق عن المؤتمر الوطنى الأفريقى، ومانديلا قابع فى سجنه. فأنتهى الأمر بين التنظيمين بمعارك دامية وتمت تصفيات ومصارع رجال أفذاذ، وكل من النظامين العنصريين فى جنوب إفريقيا وروديسيا طرب جذل. وكان ذلك نفس الحال فى المستعمرتين البرتغاليتين أنقولا و موزمبيق وفى زمبابوى حينما كان إسمها تحت الحكم العنصرى روديسيا، مما أدى إلى التمثيل بصديقنا ميتاآورى، موضوع قصيدتى اليوم. ومثل هذا البلاء فى التصفيات هو ما تقوم به وبحذافيره جماعات فى السودان، تدعى الثورية والتقدمية، وهى تصفى رفاق السلاح قبل أولئك الذين يحسبونهم أعداءهم الأساسيين! وما علموا أن قياداتهم خانتهم، وأنهم يقتلون أنفسهم فى كل سودانى آخر يصرعونه.

    ولكنه الجهل وعدم الإطلاع على تجارب الآخرين الذين سببوا لأنفسهم وأوطانهم كوارث تجل عن الوصف، كما فى موزمبيق وحرب الدمار والتدمير الدائرة من مطالع الستينات فى القرن الماضى، والتى ما زالت مستمرة إلى اليوم منذ أكثر من نصف قرن. ويضاف إلى الجهل كره الذات الذى يوهم القيادات الجاهلة والأفراد المغيبين الذين لم يعبأوا التعبئة الثورية الحقيقية بتوعيتهم وتثقيفهم قبل إيداع البنادق والطلقات فى أياديهم، ليصبحوا أدوات جذب للزناد قاتلين بعضهم بعضا؛ وكانهم يقتلون فى عقلهم الباطن أنفسهم إنتقاما لفشلهم وإحباطهم، وهو ما يسمى فى علوم التواصل الإدراكى بـ"التقمص الإنعكاسى". ومن ثم تصفية لتلك السواعد التى كان لها أن تسهم فى بناء الوطن بدل تدميره. وما أنجز أدعياء الثورية عندنا، طوال ربع قرن، إلا الدمار والفرقة والشتات وقبر المستقبل وإراقة دم مئات الآلاف من الشباب الذين هم أمل المستقبل للبلاد، ونفروا منهم من كان من المفترض فيهم أن يكونوا العمق الثورى الحاضن. ويستوى فى تلك الجرائم مجرمو السلطة وأدعياء الثورية. وكلما بذل لهم الناس النصح إستكبروا وتواروا خلف شعارات فارغة عن "الحسم الثورى" و"متطلبات المواجهة النضالية"؛ إلى آخر قائمة الشعارات الخطابية الممجوجة. وهم عالمون بأنهم يخدعون أنفسهم قبل الناس. فينتهى الأمر بآلاف القتلى من خيرة أمل الوطن من الشباب، فى حروب عبثية تظل تدور فى حلقة مفرغة، من التطبيل الفارغ لإنتصارات لا تقدم ولكن تؤخر يوم الخلاص من نظام فاسد باطش. وهذا أمر سأفصل فيه فى مقالى القادم ، بإذن الله: "أزمة السودان بين الدفاع بالنظر والثورة بالتمنى!" ولكنى أعود الآن لمرثية صديقى ميتاأورى التى كنت كتبت نصا منها باللغة الإنجليزية:

    جاء رفقة ُ السلاح ِ
    وفيهمو العدوُ والصديقُ
    وكان جمعُهم مُعبأً مُزمجرا
    وقد أجمعوا بأنكَ العميلُ
    والخؤونُ غادرا
    وأنتَ كنتَ فيهِمو
    الأبىَّ والنبيلَ
    والمصادمَ الصدوقَ دائما
    مقاتلاُ وثائرًا
    وفى غضبةِ التخوين ِ
    واليقين ِإستلَّ كلُ واحدٍ
    مسدسا وخِنجرا
    وقدْ حَسِبتَ أن نصلهم
    سيُعمل التقطيعَ فى
    الأحشاءِ والصدغين ِ
    مثلما جَندلَ الرومانُ
    قيصرا؟
    لكنْ صارَ كلُ نصلٍ
    للحفر معولا
    ليدفنوا شبابكَ الفتىَ
    وفكركَ الثورىَّ
    ويقبروا أنفاسكَ الثرى
    فتصبحُ الثورةَ هرة ً
    تأكلُ أبناءَها
    تُريقُ جَهدهم وكلَّ
    مابنوا وتفصُمَ العُرى
    ويسقطُ الشهيدُ باكياً
    على خيانةِ الرفاق ِ
    والغباءُ مُطبـِقٌ ومُطلقٌ
    والكلُ ما درى
    أن شهقةَ َالشهيدِ
    سُبةٌ لجهْلِهم وظُلمِهم
    وعائقا لنصرِهم
    وحافزًا لكُرهِ منْ يرى
    وجُرمُ عار ٍ شائن ٍ
    ومانع ٍ للإصطفاف
    خلف ثورةٍ
    مُنفرًا لمن أتى مُناصرا
    لكنَّ كل مخلص ٍ
    سيرفعُ الهُتافَ والذراعَ
    يغسلُ الأدرانَ
    يُنظفُ النفوسَ
    ظاهرًا وجوهرا
    فيوقظُ اليقينُ أن
    جيشنا الثورى قادرٌ
    على النهوض ِ والصمودِ
    عائدٌ بالنصرِ ظافرا
    وتظلُ أنتَ فِيهـِمو
    الأبىَّ والنبيلَ
    والمصادمَ الصدوقَ دائما
    مقاتلاً وثائرًا


    ولى عودة للتوثيق لشعر المراثى مما دار فى عقلى وجرى على لسانى أو قلمى.

                  

10-07-2015, 05:48 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #27
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد
    Date: 05-13-2015, 00:05 AM
    Parent: #26
    رثـــاء أمـــة
    بين الثامن عشر والحادى والعشرين من عام شهر يوليو عام 1978 عقد فى الخرطوم مؤتمر قمة إفريقى، وكان حدثا مهيبا وعلى قمة جهاز وزارة الخارجية السودان يومها نخبة من خيرة الدبلوماسيين الذين مروا على الوزارة. فكان من أول نجاحات المؤتمر حضور ثلاثين من قادة إفريقيا ذلك الزمن، من ضمنهم قادة ثورات عرفوا السودان أيام كانوا مطاردين من الإستعمار البرتغالى والإسبانى والبريطانى والفرنسى وأعوانهم من الأنظمة الرجعية والمنظمات المناضة لتحرر الشعوب من الخونة من أبناء تلك البلاد. وكان فرحى غامرا إذ إجتمع شملى بعدد من قيادات دولهم يومها وقد عرفتهم أيام كانوا شبابا فى خطوط المواجهة أو فى المنظمات الشبابية والإتحادات الطلابية، منافحين عن قضايا أهلهم ورافعين لواء السيادة القومية لإفريقيا. وكان فيهم المرحوم كريس لابانى السفير بوزارة الخارجية التنزانية، المرح عميق الفكر والتعبير، والذى قرأت فى شقته الترجمة الإنجليزية لرواية عرس الزين، فى سلسلة الكتاب الأفارقة. وكان ورفيقه فى شقته القائد الطلابى جنرالى أويليمانقو، والذى صار لاحقا السكرتيرالتنفيذى لإتحاد الشباب الإفريقى بالجزائر العاصمة، وصار واحدا من أرفع الصحفيين التنزانيين مقاما. وكان فيهم أيضا مقاقا ألوت الصحفى الكينى لين العريكة ثائر القلم. وكان من ضمن من أتى المرحوم القس أندابانينقى سيثولى، القائد الرئيس وأحد مؤسسى حزب زانو (الإتحاد الوطنى الإفريقى الزمبابوى) والذى كان قد أنفصل عن زابو (الإتحاد الشعبى الإفريقى الزمبابوى)، وفى النهاية أزاح سيثولى عن القيادة لاحقا القائد الميدانى روبرت موقابى. وكنت قد أكملت تفاوضى معه على أن نقوم فى دار جامعة الخرطوم للنشر بنشر كتابه الجديد يومها: "جذور ثورة: مشاهد من النضال الزمبابوى" مع ترجمة لكتابه ذائع الصيت "الحركة القومية الإفريقية". وكان فيهم من ضمن من أجتمع أيضا صديقنا سيرجيو من موزمبيق وهو واحد من شلتنا "العصبة الإفريقية الضاربة" وهى مجموعة كان فيها كريس ومقاقا وحنرالى وآخرين من دول إفريقية سبع، درجت على تغيير مسار أى مؤتمر عالمى حضرناه، إلى ما يعلى من أولوية قضايا القارة ومواجهة الإمبريالية والإستعمار.

    وحينما علم الصديق الشاعر المبدع الكريم، المرحوم النور عثمان أبكر، بإمر تجمع عصبتنا فى الخرطوم، أصر على إستضافتنا فى منزله العامر بالصافية التى درج أن يجمع فيها فئة المثقفين من الشباب أمسية كل خميس. وقد كان نعم المضيف بشوائه الخارق للعادة وكرم زوجته مارجريت التى كانت تفرح كلما إجتمع عقد الناس فى بيتها فتفيض فى الكرم السودالمانى، وكان فى كوكبة المستضيفين الدكتوره نور شقيقة المرحوم النور، والمرحوم دكتور حافظ والشاب يومها الفنان المثقف الشامل والمبدع فنيا وأدبيا وروائيا وموسيقيا صلاح حسن أحمد. وغنى لنا فى تلك الأمسية النيرة صديقنا الفنان الصومالى المرحوم أحمد ربشة فيضا من الأغانى السودانية والصومالية والسواحيلية مما أطرب الجمع. وكان من ضمن من أجتمع فى تلك الليلة شاب وشابة ألمانيين، كانا عضوين فى فريق خبراء إنشاء تلفزيون الجزيرة، جاءآ لزيارة النور. وهنا تكمن أهمية كل ما أوردت من مقدمة طويلة لما سأورد لاحقا من رثائية فى حق أمة -- بل أمم -- وليس فردا.

    فقد تطرق حديثنا إلى وحشية أساليب القمع والطرد والممارسات غير الإنسانية التى تعرض لها المواطنون الأفارقة فى كل دول هيمنة المستعمرين. فروى لنا مقاقا أساليب البريطانيين فى تهجير الكينيين ليستولى البيض على أخصب الأراضى وأجملها طبيعة وأطيبتها هواءا. ولم يختلف أمر المستوطنين فى روديسيا الشمالية التى أصبحت بعد الإستقلال زمبابوى؛ وكذا النموذج الأمثل فى ذلك البطش العنصرى المتمثل فى جنوب إفريقيا، وهنا وردت الإشارة إلى كتاب جورج جبور الإستعمار الإستيطانى فى إفريقيا والشرق الأوسط باللغة الإنجليزية والذى كانت دار جامعة الخرطوم للنشر أصدرته وكان ضمن مكتبة النور، بعد أن إشترى منا كل ما صدر عن الدار يومها. ودار حديث طويل حول هذه النقطة حتى قطعته تنكى دياز وهى الشابة الألمانية التى أشرت إلى قدومها من واد مدنى، ولخصت الموضوع فى إطار نظرى مختصر قائلة: "كل نظام أستعمارى إستيطانى يتطلب تهيئة قطعة جغرافية تكون لهم عليها السيادة المطلقة لمناسبتها لإقامتهم وإستغلال أراضيها. فهى فى النهاية هيمنة إقتصادية مطلقة من أجل أهداف إقتصادية محضة وإن تدثرت بأى نوع من الأيدولوجية أو العنصرية. ونرى ذلك عبر التاريخ البشرى. وأبرز تهجير جماعى من أجل مثل تلك السيطرة المطلقة حدث فى أمريكا الشمالية والجنوبية عامة وفى الولايات المتحدة خاصة." وهنا أستوقفتها قائلا: " لكن فى أمريكا كانت عملية أبادة جماعية للسكان الأصليين." فقالت "نعم كانت هناك عمليات أبادة، ولكن كانت عملية التهجير القهرى واحدة من الأكبر والأبلغ أثرا فى تاريخ البشرية." وأستمر النقاش الفكرى المثير حول تلك القضية وقضايا أخرى. حتى نهاية الجلسة. وهنا قالت لى تينكى ورفيقها إنهما مستغربان مما قلته لأنه يدل على إلمام بتاريخ القارة وواقعها مما لم يجداه فى مثقفى السودان الذين عرفاهم ما عدا النور المتصالح مع إفريقيته. فجل إهتمام مثقفى السودان حسب رأيهم، ينحصر فى العالم العربى. وقالا أنهما يتمنيان أن نتابع نقاشنا حين عودتهم من الجزيرة المرة القادمة.


                  

10-08-2015, 03:23 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #28
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد
    Date: 05-13-2015, 06:49 AM
    Parent: #27

    وفى نهاية الأسبوع التالى تقابلنا فى منزل المرحوم النور عثمان أبكر مرة أخرى حيث حصلا على عنوانى بدار جامعة الخرطوم للنشر. وجاءت تنكى ورودولف إلى مكتبى وهى تحمل فى يديها لفافة أهدتنى أياها، قائلة لى أتمنى أن تجد فيه ما يضيف إلى معرفتك عن تاريخ الولايات المتحدة، وحكت لى عن مشاركتها كناشطة فى الحركة الطلابية فى ألمانيا وفى بريطانيا خلال فترة الدراسة لدرجة الماجستير، وكيف أن هناك عددا غير قليل من الطلاب الأفارقة لا يعيرون قضايا القارة إهتماما، وأنهم ذاتيون أنانيون يبالغون فى النزق والفحش والرذائل وتغييب العقل بالمبالغة فى إستعمال الخمور والمخدرات. ولا أنسى مقولتها "كيف يمكن لأمثال هؤلاء إنجاز أى تنمية أو تقدم لبلادهم بعد عودتهم، وهل من الممكن لهم الإحساس بآلام وإحتياجات الجماهير". فوقع حديثها موقعا طيبا فى نفسى وأنا الذى شهدت مثل ذلك الفجور الذى أشارت إليه فى كثير من بلاد الغرب التى زرتها.

    ومنذ تلك اللحظة الى بدأت فيها قراءة الكتاب تغيرت كثيرا من قناعاتى عندما ظهرت لى فداحة قسوة الأنسان على أخيه الأنسان. وقد كان الكتاب بعنوان "أدفنوا قلبى فى الركبة الجريحة" Bury My Heart At Wounded Knee وهو كتاب يجب أن يقرأه كل من يريد أن يفهم بشاعة عنصرية المستعمرين الاوربين ضد السكان الأصليين فى أى مكان. والركبة الجريحة تشير إلى موقعة إبادة وقعت فى التاسع والعشرين من شهر ديسمبرعام 1890 قرب ضفاف نهير الركبة الجريحة فى ولاية داكوتا الجنوبية حيث قتلت فرقة الخيالة السابعة فى الجيش الأميركى حوالى ثلاثمائة من رجال ونساء وأطفال أمة اللاكوتا الهندية العزل، الذين آثرو البقاء بعد طرد بقية السكان الأصليين فيما يسمى بمسار رحلة الدموع عام 1830. وطارد الخيالة الهاربين وقتلوا كل من لحقوا بهم

    WoundedkneeMasacar1891.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
    جثث المئات من الصرعى تردم فى قبر جماعى بعد مجزرة الركبة الجريحة فى
    مطلع عام 1891 بعد مجزرة 29 ديسمبر عام 1990

    ويحكى الكتاب معاناة السكان الأصليين وأثر الهجرة الأوربية عليهم بتفاصيل مروعة. فكانت تلك المعرفة بالتاريخ زادا لى لأستزيد عليه عند لقائى بأى من السكان الأصليين لأمريكا فى المؤتمرات الدولية، وبعد ذلك بعد قدومى إلى الولايات المتحدة، حيث سعيت إلى مقابلة أعضاء مكتب منظمة شئون السكان الأصليين بمدينة كيمبردج، المدينة التوأم لمدينة بوسطن، وفيها أيضا جامعة هارفارد ومتحفها لتراث السكان الأصليين والذى أضحى الآن مثار جدل ودعاوى قضائية حول مقتنياته. وتعمقت فى علاقاتى بعدد من أفراد قبائل السكان الأصليين فى ولايتنا ما ساشوستس (والتى سميت على الزعيم ماساساوى، وولايات الشمال الشرقى الست، والولايات الأخرى التى سافرت إليها. وهذا عالم مختلف فيه من الامور المذهلة ما يفوق الوصف خاصة فى الفنون والشعر والقصة والأحاجى.

    photo_3copy.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
    مع الزعيم فيرنون الطبل الصامت لوبز وعضو من مجلس الهنود الأميركيين الدينى فى حفل
    تنصيب أول حاكم أفريقى-أميريكى لولاية ماساشوستس والثانى فى تاريخ الولايات المتحدة

    WITHTHECHIEF1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
    مع الزعيم ثندربيرد بلاك هوك (طائر الرعد الصقر الأسود) زعيم أمة الياماسى مسكوقى

    وقد كان مسار رحلة الدموع حدثا لا مثيل له فى تاريخ البشرية من حيث التطهير العرقى بالطرد والإقتلاع من الجذور. وتعود القصة إلى من كانوا يسمون بالأمم الخمسة المتحضرة من السكان الأصليين فى عمق الجنوب الأميريكى: وهم أمة الجيكاسو، وأمة السيمينول وأمة الشيروكى وأمة الجوكتو وأمة المسكوقى أو الهنود السود كانوا يسعون إلى الحفاظ على إرثهم وثقافتهم-الحضارية (راجع بوستى عن أمة الياماسى

    http://sudaneseonline.com/board/420/msg/%D8%A3%D9%85%D9%80%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%80%D9%89-%D8%B3%D9%80%D9%83%D...-----1356738206.html)

    ورغما عن أن كثيرا من السكان الأصليين بدأوا فى التمثل الحضارى منصهرين فى المجتمع حسب دعوة جورج واشنطن للتحول الثقافى، إلا أن المستوطنين البيض كانوا يسعون إلى تصفيتهم فمارسوا ضغوطا على الكونجرس حتى حصل الرئيس أندرو جاكسون على إجازة "قانون أزالة الهنود" عام 1830. ومنذ ذلك التاريخ ومن مطالع عام 1831 إلى عام 1838 طرد ما يزيد عن الخمسين ألفا من السكان الأصليين وأرغمو على التهجير ليرحلوا تحت قسوة الطبيعة إلى الغرب، فمات أغلبهم من البرد والجوع والمرض. حتى أن المؤرخين يذكرون مثلا أن من أمة الشيروكى وحدها التى أرغم على الهجرة منها 16,500 مات منهم أكثر من ثلثهم 6,000 نسمة

    وقد صارت مأساة مسار رحلة الدموع مصدرا خصبا لكثير من أعمال الفكر والأبداع الثقافى والفنى والأدبى. فقد نتج عن التفاعل مع المأساة بعضا من أجمل ماكتب من الشعر والروايات، وما أنتج من الأفلام والمسرحيات وأبدع من اللوحات والنحوت والتشكيل عامة. وحين قدمت إلى الولايات المتحدة تتبعت ذلك الإنتاج الفكرى والفنى والثقافى الثر مثلما تتبعت ذلك الذى يدور حول مأساة الرجل الأسود فى أرض اليانكى.



    (عدل بواسطة عبدالرحمن إبراهيم محمد on 10-09-2015, 07:04 AM)

                  

10-10-2015, 08:03 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #32
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد
    Date: 05-14-2015, 05:15 AM
    Parent: #28

    أشرت إلى أن مأساة رحلة مسار الدموع قد صارت مصدرا خصبا لكثير من أعمال الفكر والأبداع الثقافى والفنى والأدبى. فقد نتج عن التفاعل مع المأساة بعضا من أجمل ماكتب من الشعر والروايات، وما أنتج من الأفلام والمسرحيات وأبدع من اللوحات والنحوت والتشكيل عامة. وحين قدمت إلى الولايات المتحدة عام 1980 تتبعت بديع الأعمال الشعرية لسكان أميريكا الأصليين. وقد وعدت نفسى بأن أترجم بعضا من جميل شعرهم الذى يوجعنى، ولكنه يشعرنى بإنسانيتى. فأنا بطبعى أكره العنف، وأتمنى أن يعمد الناس إلى الحوار والتراضى لحل خلافاتهم مقدما بدلا عن أن يأتوها متأخرين بعد أن تراق دماء وتدمر نفوس وبنى تحتية. فإذا ما تَحْيوَن الناس وصاروا وحوشا كواس،ر وظلموا أو جرحوا أو قتلوا بشرا آخرين، حركوا فى دواخلنا تعاطفا مع الضحايا وتشوقا للعدل حتى ولو فى مخيلتنا. لذا ترانا نتفاعل عاطفيا وأخلاقيا مع المآسى وتتحرك ضمائرنا لتلتقى بعواطفنا فتهتز أعماقا إنسانيا. وقل ما يكون هنالك إبداع فى التعبير شعرا ونثرا ومسرحا وتشكيلا مثل ذاك الإنتاج الفكرى الثر لماساة رحلة مسار الدموع التى سارها السكان الأصليون فى واحدة من أقـسى جرائم الإنسان. لذا تخيرت إحدى القصائد بنفس العنوان لأوفى بوعدى لنفسى وإكراما لرجل نبيل ذواقة جميل، هو الصديق المسرحى المبدع محمد سنى دفع الله. وبما أن وحدة الشعور الإنسانى تتخطى الجغرافيا والتاريخ لتوحدنا فى تجاوب إنسانى أردت أن أورد التعبير عن تلك المأساة من خلال منظور إنتاجات فكرية مختلفة. فهذه مثلا صورة المأساة كما أبدع الفنان التشكيلى قرينجر فى تصويرها

    6-the-trail-of-tears-granger.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    وهاهو التعبير شعرا من برايان شايلدرز الذى قمت ترجمته إلى العربية من الإنجليزية.. وأنا إذ أورد القصيدة هنا فإنما أردت أن أوثق لما كتبت وترجمت من أشعار فى الــرثــاء. ولكن بخلاف رثاء الأفراد هذا رثاء لأمة ما شهد تهجيرهم القسرى إلا أهل القوقاز على يد ستالين. وأما أطول وأقسى مسار لرحلة الدموع فى التاريخ إطلاقا فهو ما تعرض له والنوبيون فى مصر والسودان طوال قرن وربع من التهجير المستمر. إذ ظلوا يرغمون على التهجير مع بناء كل سد أو تعلية أى خزان، فظلوا يهجرون خمس وقيل ست مرات منذ ذلك اليوم المشئوم الذى وقف فيه الخديوى توفيق عام 1890 معلنا بناء سد أسوان. وما أشبه الظلم والظلمة؛ وما أشبه معاناة المظلومين:

    مـســار رحـلـة الـدمــوع
    برايـان شــايــلــدرز

    أحـدق فى الـطـريـق ِ الـطـويـل ِ خَـلـفـنــا
    وقـلـبى مُـثـقـّـلٌ بـأحـزان ِ قــومِـنـا
    بـدمـع ِ الأسى أبـكـى – لـكل ِ ذاكَ الـذى كان فـَقـدُنـا
    وكـلـما سـرنا مـوغـلين بـعـدا عـن أرض مـيـلادنا
    عـلى مسـار رحـلـة الـدمـوع

    مـيـلا بـعـد مـيـل ويـومـا بـعـد يــوم
    ومـع مـشـرق كل شـمـس ٍ يــناقـص الموات شـعـبـنا
    فادحـة ضـريـبـة الأمـراض والتـجـويـع؛ إذ تـقـود للـفنـا
    ورغـم ويـل الـعـنـاء يـدوم سـيـرنـا
    عـلى مسـار رحـلـة الـدمـوع

    أراقــب الخـوار مـسـقـطا أحـبـتى تـضـعـضـعـا
    عـلى الـطـريـق كالـكـثـيـر قـبـلـهـم من حولـنا
    عـيـناى تـغـرورقـان بالـدمـوع إذ يضـم صـدرى الكليم زوجـتى أنـا
    وفـى سـاعـدى تـلـفـظ أنـفـاســهـا الأخـيـرة كزفـرة السـنا
    عـلى مسـار رحـلـة الـدمـوع

    مـيـلا بـعـد مـيـل ويـومـا بـعـد يــوم
    نـســيـر نحـو أرض ٍ للأزل مـوعـودةً لـنا
    قانـع لـكـننى بأنـنى لـن أسـتـمر فى المـسير واهـنا
    أعـلم الـيـقـيـن أن تـلك أرض لـن أراهـا جـازمـا
    عـلى مسـار رحـلـة الـدمـوع

    وحـيـنـما يـخـر جـسـدى مـحـتـضـنا الأديم هـاهـنا
    تـحـلـق روحـى عـالـيـا تـعـانـق الـســما
    ومـع زفـرات أنـفـاس مـوتتـى- أخـيـرا أنـطـلـق حـرا فى الصـعود ممـعـنا
    لتـبـدأ رحـلـة طـويــلـة مـن الإياب صـوب بـيـتـنـا
    عـلى مسـار رحـلـة الـدمـوع

    trailoftears.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    وهذه لوحة لروبرت ليندينو

    وقد كتبت ملحمة طويلة فى أمر هجرات النوبيين وما عانوه مما علق فى ذاكرتى مذ أيام كنت طفلا وجدى وجدتى وأبى وأمى عليهم رحمة الله يحكون لنا عن ما أصاب قومنا النوبيين من تهجير وتشريد وأقتلاع أربعة مرات خلال مائة عام يومها، ما لم يحدث فى تاريخ البشرية لأى مجموعة من البشر. فمنهم من غمرتهم المياه أحياء ومنهم من سقط بين تضاريس الجبال أو فى النيل فغرق ومات. وحكوا لنا كيف نهشت قطعان الضباع الأطفال والشيوخ والنيام بعد أن دفع بهم التهجير الى مناطق أوكارها؛ وكيف إختطفت تماسيح الجزر المفزوعة من إرتفاع الماء زهرات العذارى الواردات لجلب الماء من النهر. وكيف مات الشيوخ والجدات والأطفال بالمئات لإختلاف المناخ والأمراض الفتاكة. والحسرة. لقد حكوا لنا عن كل ذلك الأسى والإجهاض وموت الناس ألف مرة كل يوم من حدة المعاناة والحزن لفراق أرض وزرع ونخيل ومقابر للآباء والأجداد منذ يوم بروز أول حضارة بشرية على وجه الأرض. فأنطبعت تلك الصور المؤلمة المحزنة فى ذاكرتى وأنا طفل صغير. كانوا يحكون لنا وهم يكفكفون دموعا سالت معصورة من دواخل قلوبهم لتظهر على مآقيهم. كنت أشعر بأساهم ولا أدرى ماذا أقول وماذا أفعل! وأناالغر الصغير الذى لم يعى من الدنيا شيئا يومها؛ إلا أن من يحبهم يتمزقون أمامه ويبكون كاليتامى الذين فقدوا الأم والأب للتو. وكنت وقتها أظن أن البكاء للأطفال فقط.. لذا حينما كتبت ملحمتى "علمهم معنى الحب النوبى"وثقت لتلك الروايات الشفاهية:

    .............
    أقـصـص ياصــوتى عـن
    مـوطـن أمـى وأبـى عـن أرض الطـهـر

    لا تنسـى أبـداً خَـبِّرنـا
    عن نـزفِ الروح ِ وأكبـادٍ أدمـاهـا القهـر

    ذكرنا ألـمَ التـهـجـير ِ
    القـَسرىِّ مثـنى ورباع َ وبطشـاً فى مصـر

    مـن أرض الإجـداد إلى
    أرض الـتـيـه نُفُوا لا شجرٌ فيها لا طـير

    يا رجع جراحى ذكـرنا
    بذئـابٍ نهشـت أحشـاء رضيـع ذى شهر

    وعَـذارى رُمـنَ الماء
    لعُرس فَـتَخَـطّـفهُـن التمساحُ بشطِ النهر

    وعجـوزٌ ماتـت كمـدا
    فرفاتُ حـشَـاها جَرفـتهُ الأمواهُ مع القبر

    وشــيـخ عـــزق الأرض
    دُهُـوراً، قَـتَّـلهُ المرضُ وأحزانُ الفقـر

    ومـلايـيـنُ الـنخلِ تَداعـت
    تحـتَ هديـرِ المـاءِِ وقصفِ الصـخـر

    والـسُـودانُ تـطابق ظـلـماً
    فالقربة سرطان تدعـمه أوبـئـة كثـر

    http://sudaneseonline.com/board/380/msg/%D8%B9%D9%80%D9%80%D9%84%D9%80%D9%85%D9%80%D9%87%D9%80%D9%85-%D9%85%D9%80%D8%B9%D9%80%D9%86%D9%80%D9...8%A9-1325051780.html.

    7-sudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudan.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    WOMENONTHETRAIL.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    ولنا عودة للوعات الرثاء بإذن الله


    (عدل بواسطة عبدالرحمن إبراهيم محمد on 10-10-2015, 08:38 AM)

                  

10-11-2015, 10:43 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #29
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: عبيد الطيب
    Date: 05-13-2015, 08:26 AM
    Parent: #28

    Quote:
    يا صنو الروح
    وياقوت الشعر
    ماعاد سؤالك يقلقنى
    " تبكيني أم أبكيك؟"
    فبكاؤك قد عز على
    عينين مسهدتين
    لا أبغى لهما العذر
    لكن سؤالا دهريا
    ما أنفك يدور
    ما معنى الغربة؟
    وفيم الضيم؟
    وفيم القهر؟
    ولماذا صلف الناس؟
    وجحد حقوق الخلق؟
    فتظل دموع
    تجرى كالنهر
    و”النيل ثوبٌ إخْضَرْ"
    ويظل سؤالك يقلقنى
    أبد الدهر
    "هل انت أنا؟"
    فالموت لصيق الغربة يا هذا
    والنزف يظل يدوم
    والوطن بعيد
    فأنت الـ"عصفور غريب"
    تتنقل بين الأغصان
    "لشهورٍ ثم تطير"
    و الروح تطير

    يا سلاااااام رثاء من القلب إلي القلب
    سماحة البروف أحسن الله عزاكم وربنا يتقبل الراحل قبولا حسنا
    الموت "ياه الكيس الدائم" كما يقول أهلنا في الريف، وإن كانت له حسنات، هي أن نتعرف علي شعراء مثلكم
    إخذتهم مننا الجامعات والدراسات الأكاديمية
    أيضا البوست كان "ضلا رهينا" كما قال الهلالي، ثقافة جامعة ومعلومات قيمة جدا، حيث تعرفنا علي
    دكتور عبدالرحمن الشاعر والأديب الماهر الحاذق
    ولا يفوتني أن أطايب الأصدقاء والجميلين بطبعهم الأساتذة
    الشقليني وأحمد الأمين وعلي عبدالوهاب ومنصور المفتاح وعلي الفكي
    بلة محمد فاضل ونصر الدين عثمان والجميع
    Quote:
    الدرب إنشحط واللوس جبالو أتناطن
    والبندر فوانيسو البوقدن ماتوا
    وبنوت هضاليم الخلا البنجاطن
    أسرع قودع أمسيت
    والمواعيد فاتن
    تبين لاحقا (أرجو التصويب ) أن هذا الشاعر المجهول هو شيخ الحردلو الكبير وهو من الشعراء
    الذين توقف الطيب صالح عندهم كثيرا فى مقالاته الشهيرة التى صدرت فى أكثر من كتاب

    الصديق الوهيط ، الأديب الأريب الأستاذ أحمد الأمين
    تحيَّات زاكيات وسلام ومعزة صادقة
    المربوعة ثبتت أنها للشاعر الرائع الراحل
    يوسف ودعبشبيش، بحثتُ عنها كثيرا ، ثم بحث معي الأخوين الصديقين الأستاذ بدر الدين مصطفي ،وهو عضو معنا بالبورد والأخ الدكتور دفع الله محمد أحمد الذي رحل عن دنيانا قبل إسبوعين والدكتور
    دفع الله محمد أحمد "الهشيِّب" من قرية الهشيِّب بالبطانة ومن أهلنا القُنَن ، ودكتور دفع الله صديق لإبن الشاعر
    محمد وديوسف ودعبشبيش، ومحمد توفي ايضا
    ولكن دكتور دفع الله دوّن منه الكثير من شعر والده ، شاعر"الدَّرب إنشحط" الهمباتي يوسف ودعبشبيش
    وبدر الدين أيضا محتفظ بكاسيت قديم جدا به شعر
    يوسف ودعبشبيش، ومن شعره ايضا والذي مدني به الصديق بدر الدين مصطفي
    في حراسة في الكاملين وهو يودع جمله الذي أخده منه العسكر، أولسد غرما
    سرجك دلَّلو وملصوا القلايد منك
    وسيدك قيدو شك وات في المزاد جالبنك
    الخلاك بالهاري السنين سالبنك
    طال شوقك على العبكن جلادن وجنك
    يا أحمد أخوي
    لم أر، ولم أقرأ لشاعرٍ بدويَّ ، رثي نفسه، ومنَّح عليها وهو حي كيوسف ودعبشبيش، وتحديدا في هذين الربعين
    "سرجك دلَّلو وملصوا القلايد منِّك
    وسيدك قيدو شَكْ وات في المزاد جالبنك"
    أيضا يقول ودعبشبيش
    يا سيدي الحسن في النهمة ما تتعطل
    يوسف من مساككة البواليس بطل
    بعد ما بتب مع الدرقه الحديدا مكنتل
    بقيت ربعتو الكبة القميصو مشكل
    أيضا مدني الصديق العطا بهذه المربوعة لودعبشبيش
    يوم طلبة حجر يوماً نقش...... للظابط
    يوماً في الجبال فوقكن غماماً... رابط
    قول لي أم درعه نطارة الخِدَير النابت
    القلب عاودو الهُلْوَاس بعد مُو.... ثابت
    ولدي الكثير من شعر ودعبشبيش ومن شعر إبنه، دونته من بدر الدين ودكتور دفع الله وآخرون،
    وكنا بصدد كتابة بوست بصفحة "رشا..الهشيِّب" أو مقال عن شعر ودعبشبيش وإبنه وكلاهما مجيد،
    ولكن رحل دكتور دفع الله إلي دار الخلود، ولكن الصديق الرائع بدر الدين موجود
    نأسف أن حرفنا البوست من وجهته ولكن العزاء ،
    الفيتوري ويوسف ودعبشبيش كلاهما شاعران مجيدان، وكلاهما مدهشان

    معزتي ومحبتي الصادقة


                  

10-11-2015, 01:18 PM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12483

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    Quote: ............
    أقـصـص ياصــوتى عـن
    مـوطـن أمـى وأبـى عـن أرض الطـهـر

    لا تنسـى أبـداً خَـبِّرنـا
    عن نـزفِ الروح ِ وأكبـادٍ أدمـاهـا القهـر

    ذكرنا ألـمَ التـهـجـير ِ
    القـَسرىِّ مثـنى ورباع َ وبطشـاً فى مصـر

    مـن أرض الإجـداد إلى
    أرض الـتـيـه نُفُوا لا شجرٌ فيها لا طـير

    يا رجع جراحى ذكـرنا
    بذئـابٍ نهشـت أحشـاء رضيـع ذى شهر

    وعَـذارى رُمـنَ الماء
    لعُرس فَـتَخَـطّـفهُـن التمساحُ بشطِ النهر

    وعجـوزٌ ماتـت كمـدا
    فرفاتُ حـشَـاها جَرفـتهُ الأمواهُ مع القبر

    وشــيـخ عـــزق الأرض
    دُهُـوراً، قَـتَّـلهُ المرضُ وأحزانُ الفقـر

    ومـلايـيـنُ الـنخلِ تَداعـت
    تحـتَ هديـرِ المـاءِِ وقصفِ الصـخـر

    والـسُـودانُ تـطابق ظـلـماً
    فالقربة سرطان تدعـمه أوبـئـة كثـر


    ياسلام يا بروف .. بكائية تدمي القلب وتدمع العين ..
    وقفت كثيراً عند عبارة أرض ( التيه ) وهي أبلغ عبارة
    في وصف ما عاناه أهلنا .. تكفي هذه العبارة ( التيه ) لنقرأ من خلالها
    كل أحزاننا وضياعنا ومأساتنا .. أن ندخل ( التيه) دون ذنب جنيناه .. بل كنا عكس ذلك
    بؤرة الاستنارة والعلم والحضارة والتمدن والليبرالية الموروثة من أعماق التاريخ الانساني
    وعصارة كافة الأديان السماوية من ديانة سيدنا إدريس عبر اليهودية والمسيحية والاسلام
    فإكتملت مكارم الاخلاق وأصبحت سلوكاً لذلك الانسان الذي حمل رسالة التنوير والعلم
    والتسامح والمعايشه إلى كل أرجاء الوطن ..
    صدقت أيها الأصيل وأنا أقرأ في دواخلك وفي اللاشعور النوبي الأصيل الملحمة البكائية
    (( بابور كوسونا )) ..

    يعجز اليراع .. وتهرب الحروف .. عن وصف ما لحق بحلفا وأهلنا ..
    طوفان سيدنا نوح كان لحكمة إلهية .. ولماذا طوفان حلفا .. من الذي تقمص ذات الالهية
    ليفرض العذاب على الناس دون وعي أو حكمة ..
    وسؤال مهم : لماذا لا يتم إحياء ذكرى إغراق حلفا ؟ ليكون بمثابة هولوكوست نوبي ..

    شكراً اديبنا وشاعرنا الجميل .. مودتي أيها الرمز النوبي التليد ..
                  

10-13-2015, 07:02 AM

إدريس محمد إبراهيم
<aإدريس محمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 03-13-2006
مجموع المشاركات: 2762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: علي عبدالوهاب عثمان)

                  

10-14-2015, 03:21 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: إدريس محمد إبراهيم)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #30
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: احمد الامين احمد
    Date: 05-13-2015, 09:57 AM
    Parent: #29

    كـ(مُتابع ) للبوست الراقى أرحب بحضور الثبت الجهبذ أخى عبيد ود المقدم من بادية الكبابيش الملهمة جدا ( هى من المغانى التى خلبت لب الطيب صالح عبر مقالاته تلك )وقد برنى بتصويب هام جدا للشاعر السودانى المجهول الذى ثبت له الشيخ الأكبر الطيب صالح تلك الأبيات الجياد فى مقدمة إحدى رواياته وقد إرتفع به إلى طبقة الفتيورى وأبى نواس وهى طبقة نادرة جدا وعسى ياعبيد المزيد من الإضاءة عن هذا الشاعر السودانى المجهول الذى أجبر الطيب صالح نفسه وهو عليم جدا بالشعر فى حضارات والسن مختلفلة على تثبيت نصا غائبا له كمفتتح لسردياته الكبرى تلك عسى المزيد ياعبيد مع الود والتحية على (التصويب) نزولا على رغبتى وحتى حينها :
    **
    كتب شيخنا عبدالرحمن وقد تمدد بحب ومتعة فى الفضاء الأفريقى أحد أخصب المجالات والحقول الخدراء التى رعى فيها بحب و إباء وإعتزاز الشاعر الضخم الفيتورى الذى رحل مؤخرا فقدح رحيله ذاكرة أستاذنا عبدالرحمن الوقادة وأستنطقت عقله المرن ليجود علينا بما جاد فى هذا البوست المُترع بالشعر والنثر والتجوال الممتع فى غياهب الحياة الحافلة التى عاشها أستاذ عبدالرحمن كتب يقول :

    ((فيا للمفارقة التى كنت قد ذكرتها من قبل فى واحد من بوستاتك الدسمة أستاذنا أحمد الأمين؛ وفى ظنى كان ذلك فى الذى
    موسعت أنت فيه معلومات ثرة عن الماديبا نيلسون مانديلا. وأشرت إلى تلك المفارقة كذلك فى بعض من محاضراتى العامة
    وما رفع منها على اليوتيوب حول حتمية الإستقطاب والتشرذم وإعادة التفتت الإستقطابى نتيجة الفشل فى الإنجاز لغياب
    التخطيط وتحديد الأهداف ورسم البدائل، مما ينجم عنه التفتت الإستقطابى وإطلاق تهم التخوين والعمالة. ولو تذكر كنت قد
    أوردت ملامتى للمناضل قورا إبراهيم أثناء حوارى معه فى دار السلام وقد كان العقل الواجهة للموتمر الشعبى الإفريقى
    الذى كان قد إنشق عن المؤتمر الوطنى الأفريقى، ومانديلا قابع فى سجنه. فأنتهى الأمر بين التنظيمين بمعارك دامية
    وتمت تصفيات ومصارع رجال أفذاذ، وكل من النظامين العنصريين فى جنوب إفريقيا وروديسيا طرب جذل)) إنتهى الإقتباس
    ..
    تحية وشكر شيخنا عبدالرحمن وهاهى مداخلتك (القديمة ) التى زينت بها ضمن 11 مداخلة كل مداخلة منهن تزن (دهب ) البوست المحذوف عن رحيل سيدى ماديبا والتى أشرت فيها إلى لومك للمناضل قورا إبراهيم حين إلتقيته بدار السلام على ساحل القرنفل والبهار بتنزانيا عهد (المعلمو ) جوليوس نايريرى ..
    مداخلتك كات تقرأ:

    ******
    أخى الأستاذ أحمد
    أسمح لى أن أواصل ما أنقطع من ذكريات تكرمت على بطلبك منى سردها.

    كان صباحا رائعا فى يوم من أيام دار السلام تلك التى يغطى فيها الغمام بوشاح هادى كل شئ وتتخلله رقائق من ضوء الشمس ورشقات من رزاز ناعم الذرات لمطر لاينهمر وإنما يقبل الوجه والأطراف ليعلن للملأ أنكم بدار السلام. فأسترخوا وقروا عينا.وكان ذلك حالنا صباح ذلك اليوم من عام 1973 بعد أمسية حافلة بالثقافة والفنون والوعى وصحبة لفيف من مثقفى تلك الديار فى منزل الديبلوماسى المتفرد الودود الأستاذ السفير أحمد دياب، القائم باعمال السفارة السودانية بدار السلام يومها. وحضر الأمسية أيضا صديقنا المثقف السفير الدكتور أحمد عبدالوهاب جبارة وكان فى بدايات صعوده الدبلوماسى. فكانا حقا فريقا يبعث على الفخر فى الأداء العملى والوداد الإجتماعى فى المحيطين الدبلوماسى والثقافى فى تلك المدينة الهامة للقارة يومها. وكان برفقتنا صديقى الراحل كرس لابانى المتشبع بالولاء لشبيبة حزب تانو، حزب المعلمو جوليوس نايريرى وأحد ألمع شبيبة تنزانيا فى الإتحادات الطلابية العالمية. وكان ممن نعول عليهم فى إبراز هموم القارة وطرحها بأسلوب نمق. وكان لتدريبه ذاك على أيامنا تلك أن صار بعدها دبلوماسيا ناجحا وسفيرا لبلادة وأحد أركان وزارة الخارجية التنزانية قبل أن توافيه المنية، كما علمت من الرئيس التنزانى ووفده الوزارى الزائر قبل خمس سنوات ونحن مع لفيف من قادة الجاليات الإفريقية و أهل الفكر والهموم الإفريقية مجتمعون مع الوفد الرئاسى التنزانى الزائر فى مكتب حاكم ولاية ماساشوشتس ببوسطن.

    وكان معنا أيضا فى ذلك الصباح وفى ذلك المقهى المجاور لمبنى لجنة التحرر لمنظمة الوحدة الإفريقية صديقنا الحميم زميل كرس لابانى فى السكن جينارالى أوليمانقو الصحفى اللامع اليوم فى تنزانيا ورئيس تحرير أكثر صحف تلك البلاد تداولا. وكان قد عاد من توه من الجزائر حيث كان سكرتيرا للإتحاد العام للشباب الإفريقى الذى أدار له بومدين "الأزهرى" ظهر المجن كما فعل بإلإتحاد العام لطلاب إفريقيا، بعد أن إنقلب على بن بيلا. وهذه أزمة عاشتها كل حركات التحرر الإفريقى حيث شعر قـادة الميدان بأن السياسين قد بدأوا يصدرون لهم الأوامر، وهم ما تعودوا إلا إصدار الأوامر لا تلقيها. وقد تناشقت طويلا فى هذا الأمر قبل سنوات عشر بمكتبى ببوسطن مع صديقى المرحوم عمرالعلوى مستشار الملك محمد الخامس وبعده الحسن السادس، والذى عاصر مخاض وميلاد منظمة الوحدة الإفريقية ومجموعة الدار البيضاء، وقد ملأت رواياته كثيرا من الثغرات فى معرفتى بدقائق الأمور وماخلف الكواليس. وكان رجلا أمينا أبت عليه أمانته إلا أن يترك المنصب ويقيم ردحا من الزمن فى بوسطن حيث كان لقاؤنا يوميا بمكتبى.

    ألم أقل لك من قبل ياصديق أن الذكريات خيوط فى نسيج ذهنى لا تستطيع إمساك طرف خيط منها إلا و يقودك إلى آخر ليضع فى يدك طرفا آخر لخيط آخر. فسامحنى على هذا الإستطراد الذى يريح عقلى وأنا أكتب. فالأفكار تتداعى بطريقة لا أستطيع التحكم فيها؛ خاصة حينما تكون ذكريات حميمة. ناهيك عن أنها مرتبطة فى الأصل والنتائج بما سأطرق من ذكريات أخرى حول ذلك الصباح الجميل بدار السلام جوار مبنى لجنة التحرر التابعة لمنظمة الوحدة الإفريقية. حيث كان فى جلستنا قورا إبراهيم المتحدث الرسمى بإسم البان آفريكان كونقرس (مؤتمر التوحد الإفريقى) المنظمة المنافسة للأفريكان ناشونال كونقرس (الموتمر الوطنى الإفريقى) تنظيم مانديلا، وكان الماديبا يومها فى السجن.

    وكما ذكرت سابقا كان بين المنظمتين ما صنع الحداد من يوم إنفصل جماعة البان آفريكان عن الوطنى حتى تطور الأمر إلى صدامات مسلحة كل يؤكد أهليته ليمثل شعب جنوب إفريقيا وقضيته. وكنت قد تعرفت على قورا إبراهيم أبان إنعقاد المؤتمر الثالث لإتحاد طلاب جامعة الخرطوم (كوسو) لحركات التحرر الإفريقى، وكنت عضوا باللجنة التحضيرية والتسييرية لذلك المؤتمر وهو نفس المؤتمر الذى تعرفت فيه على كوندى ألفا الرئيس الحالى لدولة غينيا فى غرب إفريقيا ثم سكنت معه فى شقته بباريس كما ذكرت سابقا. وكان دورى بعد حيرة دامت فى من يمكنه أن يترجم للحضور مايقوله الضيوف؟ فكان أن طلب منى تحمل تلك المسئولية أمام الحضور فى القاعة 102 بكلية الآداب مباشرة. وقد فاجأت نفسى يومها وكنت راضيا عن دورى فى أداء المهمة بإتقان مسح عن ذهنى مرارة التجربة التى خضتها فى جامعة ماكريرى بيوغندا إبان مخاطبتى للجلسة المفتوحة للجماهير إبان إنعقاد مؤتمر إعادة الطلبة اللاجئين عام 1966، والذى كان أول مؤتمر لى أتحدث فيه بالإنجليزية. وكان أدائى كارثيا أستثار بعض الضحكات لركاكة تعابيرى رغم رباطة جأشى وحضورى الثابت، غير الآبه على المسرح. ولكن كان ذلك القصور فى مقدرتى اللغوية لنقل أفكارى مصدرا لإحساس كئيب. إحساس أشعر به كلما إستضيف مسؤول فى إحدى القنوات الفضائية فيتمتم ويتهجأ ويكرر ويعيد فى كلمات وجمل لارابط ولا علاقة بينها. وهو أمر تجب معالجته عند مواجهة أجهزة الإعلام قبل التصدى للظهور فيها. فخير لاظهور على ظهور مهزوز بائس.

    وقد يكون فى طريقة علاجى لتلك المشكلة نموذجا لربما يستفيد منه الكثيرون. فقد حفزنتى تلك التجربة لأن أظل أستمع لإذاعة البي بى سى طوال اليوم، لأعرف كيف تنطق الكلمات وكيف تركب الجمل. ولكن بعد فترة قصيرة ومتلطبات الحياة اليومية والدراسية، تركت الراديو مفتوحا طوال اليوم وأنشغلت بأمور أخرى دون أن أكون متنبها بوعى لما يقول المذياع. وحينما درست علوم التواصل الإدراكى بعد سنوات عشر علمت أن تلك العملية تسمى "الإستيعاب اللا إرادى". وهى نفس الطريقة التى يتعلم بها الأطفال الكلام واللغات المختلفة؛ وتلك التى يتعلم بها البحارة محدودى التعليم الحديث بطلاقة فى لغات عدة. وقد ساعدت تلك الطريقة عشرات من طلابى الأجانب فى جامعة بوسطن من إتقان اللغة الإنجليزية فى فترات وجيزة وساعدت عددا من الإخوة والأخوات المهاجرين على إختراق حاجز اللغة. آسف مرة أخرى للإطالة؛ ولكننى رأيت أن عسى يستفيد بعض القراء من تجربتى المهينة تلك.

    كما قلت كنت قد تعرفت على قورا إبراهيم بالخرطوم يوم كانت قلب إفريقيا النابض. ثم توثقت معرفتى به حينما تقابلنا بالقاهرة عندما إختارنى إتحاد طلاب جامعة الخرطوم لألعب دور الإتحاد الذى كان أحد المؤسسين كمستشار تنسيق لإعادة بعث إتحاد طلاب إفريقيا بالقاهرة بعد أن تشتت وأنشل حينما طاله الرفض من قبل حكومة بو مدين بالجزائر حيث كان مقره. فبومدين الذى تلقى تعليما أزهريا كان رافضا للخط اليسارى الذى إنتهجته حكومة بن بيلا. وتعمق ذلك الرفض نتيجة تعمق ماسميته أنا بالصراع وسط رفقاء النضال بين أفكار مالك بن نبى وأفكار فيلسوف الثورة فرانس فانون. ولكن كانت الغلبة لمن بيده البندقية.

    لذا لم أتحرج فى دار السلام من أن أواجه قورا إبراهيم مواجهة الصديق حول المواجهات بين الآ إن سى والبى آى سى، وكنت حينها نائبا للرئيس ممثلا فى اللجنة التنفيذية لإفريقيا ومقررا لحركات التحرر فى منظمة الشباب العالمية للأمم المتحدة. وفى أثناء نقاشنا طل علينا مارسيلينو دوزش سانتوس، ذلك الشاعر ممشوق القوام نمق الهندام واثق الخطوة بلحيته المميزة المشذبة. وهو واحد من أشعر شعراء إفريقيا وخطيب لا يضاهى سلس العبارة واضح البيان، يشد المستمعين إليه ويرغمهم على سماعه وأن إختلفوا معه فى الرأى. وهو أحد مؤسسى حركة تحرير موزمبيق فيرليمو عام 1962، و قبل ذلك كان دوره محوريا فى إنشاء الجبهة المعادية للإستعمار فى باريس عام 1957، ثم مؤتمر المنظمات الوطنية للمستعمرات البرتغالية فى إفريقيا والذى إنعقد فى الدار البيضاء بالمغرب عام 1961 معلنا بدأ العمل على تحرير تلك المستعمرات.

    DosSantointheUN.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
    دوزش سانتوس فى أكتوبر 1972 وهو يخاطب اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المعنية بالدول تحت الوصاية أو التى لا تحكم نفسها، قبل أشهر من
    أول لقاء لى به فى دار السلام عام 1973 فى لجنة التحرر الإفريقى كما ذكرت أعلاه؛ وإلى جواره أميلكار كابرال.
    ولى عودة

    .قلت لقورا إبراهيم فى ذلك اللقاء كيف لنا أن نفسر إقتتالكم أنتم والآى إن سى، وقد أثخنت الجراحات تنظيميكما مما مهد لقوات النظام العنصرى لضربكم وضرب مسانديكم من حركات التحرر فى روديسيا الشمالية (الآن زمبباوى) وموزمبيق وأنجولا. وهل لخلافكم يد فى الصراع فى روديسيا بين زابو تحت قيادة جشوا أنكومو و زانو (إتحاد زمبابوى الوطنى الإفريقى) تحت قيادة القس الأب إندباننقى سيثولى مؤسس الحركة والذى أزاحه لاحقا مساعده القائد العسكرى موقابى؟ وكان موقابى قد أرغم سيثولى على التنحى بدعوى أنه أهمل المقاتلين فى زامبيا مما أدى إلى مصرع عدد كبير منهم نتيجة للغارات الجوية المشتركة بين النظامين العنصريين فى جنوب إفريقيا وروديسيا. وسمى موقابى الحزب زانو الجبهة الشعبية وقواته زالنا. ولم يشفع لسوثولى مشاركته الفعالة فى إنشاء الحزب ولا نضاله وكان قد قضى فى سجون إيان سميث عشر سنوات مع موقابى. والذى ألقاه فى السجن لاحقا بتهمة التآمر على إغتياله، وكان قد عادمن منفاه الإختيارى فى الولاي المتحدة. وكان الأب سيثولى قد زارنا فى مكتبى بدار جامعة الخرطوم للنشر وصحبنى إلى منزلنا بالخرطوم بحرى إبان إنعقاد المجلس الوزارى لمنظمة الوحدة الإفريقية بالخرطوم عام 1978. وكان رجلا هادئا عميقا، ولكنه يحمل مرارات السنين بعد أن كان أحد مؤسسى زانو
    RootofAfricanRevolution.jpg Hosting at Sudaneseonline.com.
    صورة لغلاف كتاب الأب إندباننقى
    سيثولى جذورالثورة الذى كان قد
    كتبه خلال سجنة، حيث قضى فى
    سجون إيان سميث عشر سنوات
    .
    وأنا أذكر هنا تلك التفاصيل لعلاقتها القوية بجنوب إفريقيا الماديبا. فقد تقاطعت المصالح وتداخلت الخلافات بين الفصائل بما كان ينذر شرا بدمارها جمعيا فى جنوب إفريقيا وزمبابوى وموزمبيق وأنجولا.ولنعد لبداية الخلاف الذى قال لى قورا أننى أعرف خلفياته لذا فإنه لم يكن ليوردة فى رده على تساؤلاتى عن المواجهة الدموية بين البى آى سى والآ أن سى. فقصة الخلاف تبدأ عند إنقسام مجموعة من الآى أن سى عام 1959 لإعتراضهم على ميثاق التحرر لعام 1955. وكانت شعاراتهم تتلخص فى الوطنية والإشتراكية ووحدة القارة الإفريقية تحت قيادة حكومة من الإفارقة وبواسطة الأفارقة وللأفارقة فقط مع مطلق الولاء لإفريقيا، وأختاروا إسم مؤتمر التوحد الإفريقى لأزانيا. لذا كانت معارضتهم للموتمر الوطنى الإفريقى تحت قيادة ألبرت ليتولى، الذى ذكرناه آنفا، بحسبان أنه كان متساهلا فى التعاون مع البيض والملونين خاصة فى الحزب الشيوعى. وأتهمه بعضهم بأنه عضو سرى فى الحزب الشيوعى. ولكن ليتولى، أول فائز بجائزة نوبل للسلام من إفريقيا، كان يرى، كما الغالبية، ضرورة التكاتف والتحالف مع كل من هو ضد نظام الفصل العنصرى. ولكن مجموعة أزانيا رأت أنه لايمكن إنضمام ذوى الأصول الأوربية أو الآسيوية إلى التنظيم ولا التنسيق معهم لأن تلك القضية تخص الأفارقة الأصليين وهم وحدهم القادرون على حلها. ولكن تم لاحقا تعديل سياستهم لتضم التعامل مع الآسيويين، وذلك حينما قرر الحزب قبول المساعدات والتدريب من الصين بحجة أن الصينيين داكنو البشرة وليسوا بيضأ وهم أيضا ظلوا يناضلون من أجل نفس الأهداف، خاصة فى مساعدتهم لفيتنام ومن قبلها كوريا. ولكن ذلك سرعان ما جذب الحزب إلى الصراع الدولى بين المعسكريين الإشتراكيين الإتحاد السوفيتى والصين؛ مما أدى إلى تصعيد المواجهات المسلحة، فقد كان الإتحاد السوفياتى يؤيد الموتمر الوطنى الإفريقى يومها.

    وقال قورا إبراهيم ردا على تساؤلى: "نحن نعى ضرورة التوحد. ولكن الإصرار على إلغاء وجودنا لإختلاف وجهة نظرنا كان لا يمكن قبوله. والآن وبعد توصية مانديلا بقبول الأمر الواقع والإعتراف بنا كرفقاء نضال، فإن هناك خطوات حثيثة للتنسيق فى المواقف." وفى هذه الأثناء حضر شخصان قصيران من الأزانيا ثقيلى الوزن وأخذا فى كيل السباب للموتمر الوطنى الإفريقى بحجة أنهم يهادنون البيض الذين يستغلونهم ويتعاونون مع الإستعمار الجديد فى شخص الإتحاد السوفيتى. وبينما كان السجال حادا حول هده القضية جاء زعيم ناميبيا سام أنجوموا بحكمته. وأشار إلى أنهم فى جنوب غرب إفريقيا لا يميزون بين أى من التنظيمين الثوريين، وأن المشكلة غالبا فى الكوادر غير القيادية. لذا يدخلون فى مشاحنات تؤدى إلى التصعيد. وأمن على كلامه قورا إبراهيم. ومر أوليفر تامبو ولم يفعل غير التحية العارضة. وكان رجلا مهموما صارم القسمات دائما. وكان أحد الثلاثة الذين كونوا مع والتر سيسولو ونيلسون مانديلا الرابطة الشبابية لحزب المؤتمر الوطنى الأفريقى. وصار رئيسا بالإنابة للآى أن سى بعد وفاة الزعيم ألبرت ليتولى عام 1967

    *****
    انتهت مداخلة بروف عبدالرحمن (القديمة ) التى أرسلها عبر أمواج الأطلنطى كإضافة نوعية نادرة جدا لبوست مانديلا (المحذوف طوعا ) مع التنبيه أن حضور افريقيا وإنسانها فى هذا البوست الجديد للبروف الذى جوهره (الفيتورى ياقوت الشعر ) ليس إعتباطا خاصة أن افريقيا هى المحتوى والهم الأكبر الذى سيطر على شعر الفيتورى ويكفيه فخرا إحتفائه بها بقوله :

    صناعتى الكلام
    قد أجيد تارة ...وقد أخطى تارة
    لكننى منذ مشت عواصف الحنين فى دمى
    ومنذ إزدهرت براعم الكلام فى فمى
    ومنذ ما أنطلقت ضائعا متشردا
    أطوى ليالى غربتى
    وأمتطى خيول سأمى
    كنتى عذاب أنت يا أفريقيا
    وكنت غربتى التى اعيشها
    وشئت أن أعيشها ..

    سلاما على الفيتورى فى جدثه (الرطب )بمدافن الشهداء بالمغرب وسلاما عطرا لشيخ عبدالرحمن فى محرابه ( العبق ) على الضفة الأخرى للأطلنطى .


                  

10-16-2015, 02:09 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #31
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: munswor almophtah
    Date: 05-13-2015, 11:09 PM
    Parent: #30


    سلاما على الفيتورى فى جدثه (الرطب )بمدافن الشهداء بالمغرب وسلاما عطرا لشيخ عبدالرحمن فى محرابه ( العبق ) على الضفة الأخرى للأطلنطى
    .



                  

10-18-2015, 05:26 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #33
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: احمد الامين احمد
    Date: 05-15-2015, 09:48 AM
    Parent: #32

    ليبقى البوست عاليا (وماجفت مأقينا ) بعد على رحيل الفيتورى ذاك (الدرويش المتجول ).

    تحية وتقدير شيخنا الجليل عبدالرحمن مداخلتك الأخيرة ثرة لأبعد حد وقد إنفتحت فيها مغاليق ذاكرتك المتقدة وجلت عبر حركة قلمك بين أكثر من حضارة وعصر خاصة حين ربطت بين تهجير (المتسلط ) ستالين لأهل القوقاز و تهجير وإبادة (اليانكى ) للهنود الحُمر بأرضهم وربطت ذلك مع تهجير النوبيين فى أكثر من عهد عن أرضهم والتهجير الأخير لمسنا إنعاكسه عبر الفن النوبى بلسانهم المبين وصدحهم الشجى عبر (طار وطمبور ) إبنهم المبدع حمزة الدين و إبنهم الأسطورى محمد وردى رغم جهلنا بذاك اللسان النوبى المبين لكن عبر شفافية وردى وحمزة أدركنا عبر النغم مدى (الحزن النبيل ) الذى تشرب به النوبيون جراء ذاك التهجير الذى خلق أدبا إنسانيا رفيعا فى أدبيات النوبيين وها انت ترفد ذاك الأدب بهذه المداخلة أعلاه.

    أستوقفنى من مداخلتك الأخيرة المقتبس أدناه ويقرأ :

    (وحين قدمت إلى الولايات المتحدة عام 1980 تتبعت بديع الأعمال الشعرية لسكان
    أميريكا الأصليين. وقد وعدت نفسى بأن أترجم بعضا من جميل شعرهم الذى يوجعنى،
    ولكنه يشعرنى بإنسانيتى. فأنا بطبعى أكره العنف، وأتمنى أن يعمد الناس إلى الحوار
    والتراضى لحل خلافاتهم مقدما بدلا عن أن يأتوها متأخرين بعد أن تراق دماء وتدمر
    نفوس وبنى تحتية. فإذا ما تَحْيوَن الناس وصاروا وحوشا كواس،ر وظلموا أو جرحوا
    أو قتلوا بشرا آخرين، حركوا فى دواخلنا تعاطفا مع الضحايا وتشوقا للعدل حتى ولو
    فى مخيلتنا.) إنتهى المقتبس .

    قلت :
    فترة غيابك القسرى المؤلم عن السودان منذ 1980 (حسب إعترافك ) تكفل صنوك على المك بترجمة الكثير جدا من شعر ونثر وأساطير الهنود الحمر السكان الاصليين لبلاد اليانكى وقام بنشرها فى حلقات على صفحات كاملة بصحيفة الأيام وقد إرتفع بذلك إلى مقامه العالى حين نشر وترجم من قبل (نماذج من الأدب الزنجى ) التى قدم لها محمد المفتاح رجب الفتيورى نفسه الذى عبر بكائيتك عليه جمعتنا فى هذا البوست الراقى جدا و قد صدر الكتاب عن دار النشر جامعة الخرطوم ربما عهدك بها فأرجو التفضل بالإستفاضة فى ذلك .

    سلاما على محمد (المفتاح )رجب الفيتورى فى جدثه (الرطب )بمدافن الشهداء على مجمع الأطلنطى والمتوسط وسلاما على منصور( المفتاح) فى محرابه شمال البحيرات العظمى.


                  

10-19-2015, 03:36 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #34
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد
    Date: 05-20-2015, 05:52 AM
    Parent: #33

    أخونا الأستاذ المعطاء أحمد الأمين

    حمدتُ اللهَ أهدانى فى الصداقةِ والمودةِ أحـمدا
    أحمدُ إبنُ الامينِ وجدهُ قد سمتهُ العشيرة ُ أحمدا
    إسمٌ تكرّم ذكرهُ إذ قالَ المسيحُ اللهُ يُرسِلُ أحمدا
    فى آيةٍ من كتابِ اللهِ سمى به ربُ العبادِ محمدا
    فضلٌ من المولى علىّ معيةً فى الفكرِحقا أحمدا

    لقد والله أعطيت البوست ألقا وأضفت لنا موارد ثرة وتحفيزا مقدرا لأستحلاب الذكريات والتفاصيل التى شكلت وجداننا؛ وكان الفيتورى فى مركزيتها ولب نواتها. فالشعر له سحر خاص لأنه كلام مموسق، لذا فهو أقرب إلى "العقل والقلب". فالموسيقى بطبعها أيقاع وصدى وأبعاد متجانسة متناسقة لو كان عزفها على آلة أو الترنم بها غناءا أو رجزا من كلمات. وحتى لو قيل الشعر إلقاءا فإنه يحمل فى أبياته إتساقا وفى قوافيه أيقاعا وفى تفاصيل كلماته ترابطا موسيقيا، يقودك للأحساس بأبعاد الكلمة وربطها بكلمات أخر تقود إلى التفكر فى معانيها ورونقها. وهذا ما لمسناه فيما تفضلت به علينا بما جلبت إلينا من إلقاء "الشاعر اللبنانى منصور الرحبانى يتلو ما تيسر له من شعر الفيتورى." .

    وحين نقول "العقل والقلب" فقد نكرر جملة جارية أو عبارة تقال بحكم العادة وبطبع تشكل من المعايشة اليومية لإستعمال التعبير. ولكن من العجيب أن الزخم الذى توفر من الأبحاث العلمية المحدثة أنه قد وجدت علاقة عضوية وترابط فسيولوجي عجيب بين العقل والقلب. وتمخضت الأبحاث لتؤكد أن ما ينوء به العقل يشكل عبئا فسيولوجيا على االقلب؛ والعكس صحيح. كما أن الأبحاث أثبتت أيضا أن ما يغذى القلب يسهم فى غذاء العقل؛ وكذا ما يقوى العقل والذاكرة يقوى القلب ويبعد عنه أخطار أمراضه. وهذا أمر يجب علينا مراعاته حين نكتب عن الشعر والإحساس والجمال، لأنه يربط العاطفة بالمنطق، أو يمنطق المشاعر غائصة فى، أو وافدة على، الذاكرة.

    لذا فإنما ما جئت به فى المقتبس التالى فعائد إليه أنا بإذن الله لأروى بعضا مما يعن لى عن كل شاعر فيهم - - ولى كثير من الذكريات مع عدد منهم
    Quote:
    وعلى مستوى أشمل تندرج قصيدتك فى رثاء الشاعرر الفيتورى ضمن تيار وباب واسع جدا فى الشعر السودانى الذى محوره رثاء شاعر لشاعر أخر وهذا الباب من أرقى أبواب الشعر السودانى تجلى ذلك فى :
    1 - رثاء المجذوب لمرضى محمد خير (ميمان ) ، الناصر قريب الله ، التجانى يوسف بشير و شيخ الطيب السراج .
    2- رثاء توفيق صالح جبرين للعباسى .
    3- رثاء محمد المكى للمجذوب ومحمد عبدالحى
    4- رثاء مصطفى سند لعتيق ومحمد بدالحي
    5- رثاء عالم عباس لمحمد عبدالحي
    6- رثاء عبدالله الطيب للمجذوب ومحمد عبدالحي
    7- رثاء كمال الجزولى للمجذوب
    8- رثاء عبدالرحيم أبوذكرى للمجذوب
    9- رثاء شيخ عبدالله البشير للمجذوب
    10 - رثاء بشرى الفاضل لعبدالرحيم أبوذكرى وعلى المك (انظر ديوان هضلبيم )
    والأمثلة تطول فى رثاء شاعر لشاعر خاصة إن جاء ذكر الأدب الإنجليزى والأدب العربى فى مصر تحديدا
    لك التحية والتقدير والرحمة والخلود فى دار الخلد للفيتورى الذى مثله لايموت على مستوى الوجود .



                  

10-20-2015, 11:01 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #35
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد
    Date: 05-21-2015, 03:21 PM
    Parent: #34

    أخى الصديق علي عبدالوهاب عثمان

    يا مرحبا بصديقنا علمُ التراثِ علىُّ الودِ إبنُ عبدالوهابِ
    للثقافةِ والأصالةِ حافظٌ متوشحٌ دوما بالإرثِ خيرَ إهابِ
    نبعٌ فاضَ عطاؤه يهمى رموزًا للمدائن فوقَ كلِّ هضابِ
    الكل ينظر راقبا ما يأتى به شوقَ العقولِ ومتعة الألبابِ


    رأيت أن أستهل البوست بأبيات تعبر عن تقديرى لك، كما فعلت بالأمس مع صديقنا أحمد الأمين الذى نبهنا لباب فى الشعر متجاهل عند شعراءنا المعاصرين وهو باب "الإخوانيات"؛ حيث يقوم الشاعر بكتابة أبيات أو قصيدة فى صديق تقريظا أو مناوشة أو ممازحة أو تحديا. وهو ما تكرم به علينا أحمد ود اللمين فى بوسته عن شعراء حقبة ديوان الكتيبة

    http://sudaneseonline.com/board/480/msg/-%D9%86%D9%8F%D8%B3%D8%AE%D8%A9%D9%8F%D9%8F-%D9%86%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%AF%D9%8A...%84.-1418207171.html

    فرأيت أن أستعيد بعضا مما كنا قد فقدناه من فترة الستينات والسبعينات من قصائد وأبيات فى "الإخوانيات"؛ وقد كان جلها ممازحة ومكايدة وسخرية من بعضنا البعض - - وما كانت تخلو من نزق وشطط. فأردت أن أجلب ذلك الباب من الأدب إلى مداخلاتنا هنا عساه أن يضيف بعدا جديدا وألقا لإسهاماتكم فى كل مداخلاتكم وجميل تعليقاتكم. وسأحاول أن أستنهض مقدراتى لأوفى كل صديق ومتداخل حقه من التقدير والتقريظ شعرا بما يناسب مزاجه وهواه. متمنيا أن يديم الله المودة بيننا ويثقفنا بعطاء كل منا. فدمتم إخوة أعزاء.

    كتبت يا أخى
    Quote:
    أستاذنا البروف .. في إجازتي الماضية كنت في جولة من البرقيق الى منطقة السرارية وأبتى ودارالعوضة .. تلك المنطقة التي ظلمتها أرقو بالهيمنة عليها .. وعلى مدى مروري بهذه القرى .. إستحضرت هذا الشاعر الجميل محي الدين وقصائده وخاصة من أجل فلسطين .. ليته كان حياً اليوم لسحب كل تلك البكائيات والصور التي رسمها عن اللاجئين .. لأن الزمان ليس الزمان والبشر ليس البشر وإختلت الموازيين وأصبحنا نحن مثلا اللاجئين .
    .........
    . تلك المنطقة التي أتى منها محي الدين فارس .. هي قرية السرارية وهذه الحاضنة خليط رائع من اخوانا عرب الكبابيش والمحس والدناقلة فكان من نتاج هؤلاء الكرام ..

    حقيقة مؤسية أن مظاهر الحياة الأصيلة بدأت تتضاءل فى قرانا ويخيم ظلم الهيمنة وإجحاف السلطة على رؤوس أهل القرى والمدن الصغيرة الطيبين، ولا حول لهم ولا قوة. وهى حالة أحسها جيدا وقد عايشتها فى قرى السودان المختلفة فى أصقاعه المترامية والتى زرتها قبل عقود أربعة - - فكيف بها الآن؟ وهى أيضا حالة نزف فيه شعراء الفرنجة فى عصر الرومانسية أشعارا خالدات كبدائع وليم ووردويرث، وصامويل تيلر كوليردج، وجون كيتس، واللورد بايرون، وإليزابث باريت براوننق، وحنا مور، ووليام بليك وبيرسى شيلى؛ وما نتج من نقد ماثيو آرنولد العميق، الذى بلغ حد القول بأن "الشعر هو الحقيقة والفلسفة الأوهام". ونجد حذو ذلك بعمق وشديد لصاقة فى أشعار شاعر العربية العراقى بدر شاكر السياب، الذى يبدو أنه كان متأثرا بشيلى ووليم ووردورث، ولا ألومه، فكلاهما مبدعان سبرا غور النفس الإنسانية وصاغاها شعرا.

    ونعود لنقول بأن الوقت قد حان لأهل كل منطقة وكل مدينة وكل قرية أن يأخذوا زمام المبادرة ويوثقوا لمبدعيهم بجمع تراثهم وحفظه. وأنا على يقين بأنه فى ركن من أركان البيت الذى نشأ فيه شاعرنا المبدع "النزاف" محى الدين فارس تقبع كثير من المخطوطات والمحاولات الشعرية التى تنتهى بالجمع فى القمامة أو الحرق، ولى فى ذلك شواهد كثيرة محزنة. فخير ما نقدمه لمحى الدين فى مماته، هو ما لم نقدمه له فى حياته بأن نجمع تراثه ونوضح أبعاد إبداعه. وكذا القول مع فاتحة خيطنا وحافزنا لنواصل فى هذا البوست "الدرويش المتجول" محمد مفتاح الفيتورى.

    ودمتم لنا دوما أخوة أعزاء ومحفزين فكرا وأصالة.


                  

10-22-2015, 08:44 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #36
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: احمد الامين احمد
    Date: 05-22-2015, 10:35 AM
    Parent: #35

    تحية وحُب لشيخى عبدالرحمن وقد تحلقنا بحب على ضوء ناره وهو يعقر بعيره على ضريح الفيتورى عند مجمع البحرين .
    أبياتك الجياد أدناه التى شرفتنى بها وتقرأ:
    **
    حمدتُ اللهَ أهدانى فى الصداقةِ والمودةِ أحـمدا
    أحمدُ إبنُ الامينِ وجدهُ قد سمتهُ العشيرة ُ أحمدا
    إسمٌ تكرّم ذكرهُ إذ قالَ المسيحُ اللهُ يُرسِلُ أحمدا
    فى آيةٍ من كتابِ اللهِ سمى به ربُ العبادِ محمدا
    فضلٌ من المولى علىّ معيةً فى الفكرِحقا أحمدا
    ***
    قلادة شرف أعتز بها ماحييت وسوف أنسخها على (رُقعة ) من جلد الغزال وأعلقها على جدار غرفتى (البائسة ) مثلما علق الروائى النيجيرى الأشهر شينوا أشيبى المفردات التى وصفها به ماديبا على غرفة مكتبة.

    فى الأبيات أعلاه أتكأت أنت كعارف وبصير بالمصحف الشريف المكى منه والمدنى على سورة (الصف ) المدنية وهى من أدق السور التى أكدت مدى صدق سيدى محمد الماحى صلى الله عليه وسلم خاصة بذكر إسمه (أحمد ) الذى بشر به سيدى المسيح عليه السلام مؤكدا أنه مجرد مُبلغ لرسالة من رب كريم هذا لمن يعتقد أنه أى سيدى (أحمد ) قد أخفى بعض التنزيل أو أن رسالته مجرد (خيال ) وهذا باب واسع جدا لكنه قبيح .

    وجدت بالبوست عبر خريدك وذاكرتك (شدرة ) مُثمرة وظليلة جدا فرميت ثمارها بحجار لتنهال علينا ثم جلست فى ظلها ولا زلت .

    وعدت أنك ستعود بالتفصيل أنا كذلك سوف أعود إن لم يسترد ربى الوديعة وسوف أركز على (قاموس ) الفيتورى الذى تجلى فى قصيدتك محور البوست عبر ملكة شعرية وخيال وصدق يؤكد مدى تمكنك من قاموس الفتيورى عبر الإطلاع والهضم والتوظيف حتى حينها :

    (أحمد) أنا (أحمد )من بعث الحق (أحمد) واصلى وأسلم على سيدى (أحمد )


                  

10-23-2015, 08:17 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #37
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد
    Date: 05-23-2015, 09:21 AM
    Parent: #36

    الصديق الشفيف الباشمهندس عبدالله الشقليني

    يامن جاء أبا ظبىٍ
    بأماسىٍ فى الفكرِ
    ونقاشٍ فى التاريخِ
    ومن حكَمُو ومن ساسو
    فأثار القومُ حديثا حولَ
    تراث الصوفية
    من عند زمان الأجدادِ
    من أنجذبَ، ومن قاسوا
    وهندستَ حواراتٍ
    من زاوية الشعر الراقى
    ورفيعِ بديعِ الفنِّ
    فأكدت حصافة خلتكم
    إذ أسموك ببيكاسو

    Quote: سلمت سيدي الشاعر : البروفيسور عبد الرحمن إبراهيم محمد
    لكم هي موسيقاك الشعرية سلسة كخرير الجدول الرقراق ،
    كنسائم الربيع من حرّ الحزن وأدمُع المُحبين .
    بك ننظر الرحيل ملفوفاً بنجوم الأشعار وأيقوناتها ،
    من البسيط العميق ،
    وأنت تحفر في وجداننا أماكن الرخاوة حين يصيبنا الحزن كما يصيب الملدوغ بالسم ،
    يأتِ من بعد أن نتعرف على مشاعرنا الحقيقة وأنت تُعري عنها الأثواب .
    وصلتني سيدي رسالتك على قصيدك الأول ، وكنت أتلمس بعض العافية من أزمة مؤقتة ،
    وسأعودك دون شك . فالشعر الذي يهزنا قادر أن يغسل قلوبنا .
    لك من الشُكر أجزله فقد وفيت الشاعر الكبير ووفيت مرقده بين نجوم الشعراء ،
    فقد كفانا الأكرم : أحمد أمين التفاصيل .
    والشكر له

    عافاك الله وشفاك يا صديق يا نبيل النفس وصادق المودة ورفيع الروح.

    لك عندى كل التقدير والإعزاز. لذا فكلماتك تعنى لى الكثير. بورك فيك وفى كرمك.

    مازلت أمنى النفس بأمسية فى منتداكم العامر، وقد حكمت على الظروف بأن يكون مرورى بأبى ظبى عارضا دوما. والحق أقول أن ثلاثة الأمسيات التى حضرتها فى منتداكم أثارت فى نفسى مشاعر عدة وسعادة وفخرا بأن ما زال هناك رعاة للفكر ومحفزين على المعرفة. فلك ولصديقى سعادتو السر أحمد سعيد كل التقدير والإجلال فقد ضربتم المثل فى تفعيل عاطفة الإرتباط بالوطن عطاءا فكريا ملموسا، متمنيا أن تحذوا بقية الجاليات فى المهجر نهجكم فأنتم القدوة فيما أنجزتم.

    الفيتورى يا صديق يعنى لجيلنا ولى شخصيا الكثير. فكما لحظ أديبنا الأستاذ أحمد الأمين وكما أوردت أنا عاليه، كان الفيتورى هو المعبر نظما وعاطفة عن مشاعر التمرد النبيل والثورة من أجل إفريقيا حرة نابضة بعمق براءتها وصدق إنفعالات بنيها. كانت ولربما ما زالت لنا أمنيات مبنية على نظرتنا للقارة الأم وعميق جراحها التى خلفها الإستعمار والظلم والحيف الذى وقع بإنسانها. وتصورنا بأننا سنسموا فوق الجراحات ونحقق معجزة الإنعتاق والوحدة لقارة كانت نبراسا للبشرية وسباقة فى الفكر والفلسفة والعلوم والإنجاز الحضارى؛ حتى أن أبدع ما فى فلسفة أوربا وركائز فكرها وإبداعات أدبها ورفيع طبها كان نقلا عن حضارات إفريقية تحطمت على نفسها حين أستشرى فى قياداتها الهوى والتسلط والجشع الذى أودى بآلاف الحيوات وفتح للغرب ثغرات الوهن وعطب الإستنفار فأستفرد بالقارة فى هجمات إستعمارية شرسة قادت إلى حتمية تخلف القارة وتدهورها كما ذكرنا الشهيد المفكر البروفيسور والتر رودنى، وكما قالها نظما شاعرنا المتفرد الفيتورى:

    أنا زنجى
    قلها لا تجبن
    قلها في وجه البشرية
    أنا زنجي
    و أبي زنجي الجد
    و أمي زنجية
    أنا أسود
    أسود لكني حر أمتلك الحرية
    أرضي إفريقية
    عاشت أرضي
    عاشت أفريقية
    أرضي و الأبيض دنسها
    دنسها المحتل العادي
    فلأمضي شهيداً
    وليمضوا مثلي شهداءا أولادي
    فوراء الموت .. وراء الارض
    تدوي صرخة أجدادي
    لستم ببنينا إن لم تذر الارض رماد الجلاد
    لستم ببنينا إن لم يجل الغاصب عنها مدحورا
    إن لم تخلع أكفان الظلمة
    إن لم تنفجروا نورا
    إن لم يرتفع العلم الاسود
    فوق رباها منصورا
    إن لم يحن التاريخ لكم جبهته فرحان فخورا
    الفجر يدك جدار الظلمة
    فأسمع الحان النصر
    هاهي ذي الظلمة تتداعى
    تساقط تهوي في ذعر
    ها هو ذا شعبي ينهض من إغمائته
    عاري الصدر
    ها هو ذا الطوفان الأسود
    يعدو عبر السد الصخري
    ها هي ذي إفريقيا الكبرى
    تتالق في ضوء الفجر


                  

10-28-2015, 10:45 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #38
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد
    Date: 05-24-2015, 08:41 AM
    Parent: #37

    الأخ الكريم منصور المفتاح munswor almophtah


    شـاعر المرابيع زولْ الكلامْ الدُتْ منصورنا يا المفتاح
    إن خطيتْ سـطر رصيت الكلام جامع وبالبيان وضاح
    أهميت علينا شكر يجزيك عليىْ الكريم ربَ العباد فتّاح
    قولتك حق:نوبتنا كوديك1 شعر فياض وبالبديع نضاح
    .1أصل كلمة كوديك نوبى وهو المسرب أو الجدول الذى يمد الساقية بالماء من النهر بإستمرار لترفعه بقواديسها

    لك التحايا والشكر يا بديع الكلمة ياودود النفس يا صادق التعابير "المن جوه":
    Quote:
    آل البك خليل فرح وآل محى الدين فارس وجمال محمد أحمد إنكم تجيدون الرطين وترطنون العربيه بكيد مهارتكم فى
    العماره!!
    نص نازف لدمع الحزن ودمه رحم الله الفيتورى وأسكنه الفردوس فمن منا يفتر من مطالعته والدعاء له

    ولك السلام وصادق المواساة
    Quote:
    الأستاذان أحمد الأمين وعلى عبدالوهاب يستلان سيف إبداع عن غمده لتتبعثر فى أيدينا الدرر لله درهما
    ودر حبيبنا العالم الجليل الدكتور عبدالرحمن إبراهيم الباحثه المدقق والشاعر الرقيق والإنسان الراغام
    للضعاف من الناس بفكره وثوريته الباكره ألف سلام لكم وألف تقدير

    فيما يختص بأمر الرطين والرطانة بالعربية، شاهدت بشغف فيديو لمحاضرة قدمها شيخنا العلامة البروفيسور جعفر ميرغنى صديقنا زميل الدراسة منذ بحرى الأميرية الوسطى والخرطوم الثانوية وجامعة الخرطوم، تدور حول تشكل اللغة العربية كنبت من اللغة الكوشية والمروية على وجه التحديد. وهذا يجرى فى مسار كتابات العلامة البروفيسور رونوكو رشيدى والبروفيسور ويسلى محمد حول أصل العرب الكوشى، وهذا مبحث طويل. ولكنى أردت أن أوثق حقيقة هامة بجلب قائمة بشعراء النوبة الذين أثروا أروقة الأدب ومحافل الشعر بالبديع من الكلمة. وأتمنى أن يضيف إليها من يرى سقوط أى إسم دون عمد منى. فأنا أقوم بإكمال مخطوطة عن شعراء النوبة باللغة العربية.

    فهذه قائمة مبدئية للشعراء النوبيين عبر الأزمان من الذين أسهمو فى رفع وتيرة التعبير فأتمنى الإضافة إلى القائمة. ويا حبذا لو تم التوثيق للشاعر وذكر دواوينه إن كانت له ونماذج من أشعاره. فمثلا شاعرنا الأول فى القائمة كتب شعرا بالإنجليزية نال عليه وساما ملكيا بريطانيا
    _______________
    محمد على دوسى،
    خليل فرح،
    توفيق صالح جبريل،
    د. محى الدين مهدى،
    د. محى الدين صابر،
    د. محمد أحمد على،
    عبدالإله زمراوى،
    محى الدين فارس،
    جيلى عبدالرحمن،
    حمزة الملك طمبل،
    مصطفى بطران،
    الخنساء تماضر حمزة،
    مرسى صالح سراج،
    صلاح أحمد إبراهيم،
    ميرغني ديشاب،
    علي صالح داؤد،
    النور إبراهيم النور،
    ثروت همت،
    إبراهيم الشعراوي،
    سليمان عبدالجليل،
    حسن عثمان بدري،
    محمد علي عثمان بدري،
    وهبي محمد علي أبوعوف،
    كمال عبد الحليم،
    عزالدين هلالى،
    السر كنه،
    نور الدين منّان،
    محمد نجيب محمد علي،
    التجاني سعيد،
    محمد حسن دكتور،
    نعمات محمد صالح

    وها هو ذا صديقى وزميل الدراسة يخط فك الشفرة فى سلاسة ويسر:




                  

10-29-2015, 06:16 PM

الصادق اسماعيل
<aالصادق اسماعيل
تاريخ التسجيل: 01-14-2005
مجموع المشاركات: 8620

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    فوق
                  

11-10-2015, 04:58 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: الصادق اسماعيل)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #40
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: محمد أبوالعزائم أبوالريش
    Date: 05-25-2015, 08:45 AM
    Parent: #39


    يا سلام عليك بروف عبدالرحمن،

    هكذا يكون الكلام عن الفيتوري (ياقوت الشعر)

    نحتفي به ولا نودّعه، فهو في داخل كل منّا


                  

11-10-2015, 05:02 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #41
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: Mohamed Abdelgaleel
    Date: 05-25-2015, 01:12 PM
    Parent: #40


    ما معنى الغربة؟
    وفيم الضيم؟
    وفيم القهر؟
    ولماذا صلف الناس؟
    وجحد حقوق الخلق؟



                  

11-11-2015, 07:55 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال
    Post: #42
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: علي عبدالوهاب عثمان
    Date: 05-25-2015, 04:09 PM
    Parent: #41

    استاذنا البروف عبدالرحمن
    ..
    شرف سوف أتباهي به طوال حياتي .. تلك الحروف التي مجدتني بها .. شهادة أعتز بها .. وقلادة ماس لن أزيحها عن عنقي ما حييت .. بل سوف أتفاخر بها وأنا أعتلي المنابر في ليالي التراث النوبي وسوف أردد تلك الابيات للحضور الكريم ..

    هذا البوست كنز وقيمة .. لنستريح فيه من وعثاء وغثاء وقبح هذا الزمن العجيب ومعك نخبة من كتاب سودانيز :

    الاساتذة مع حفظ الألقاب : احمد الامين ، عبدالله الشقليني ومنصور مفتاح ,عبيد الطيب وبله محمد ونصرالدين عثمان وابوالريش وعلى الفكي ومحمد عبدالجليل
    ..
    كان البعض يريد للفيتوري أن يكون بفكر أحادي ولا يرى في هذا الوجود غير افريقيا وأن تكون له منظار أفريقي ينظر إلى العالم من خلاله .. ولكن شاعراً في مقام الفيتوري فمن الأجمل والأزكى أن يختلف حتى مع نفسه ليبدع ويخلق الجديد والمثير بدل أن يعيش على وتيرة واحدة فالنغم الواحد لا يطرب على المدى البعيد وقد خلق الله الإنسان ووضعه في هذا الكون ليتأمل ويفكر ويتقلب كيفما يريد دون أذى للآخر أو دمار لموجودات الحياة ومكوناتها ، وأحسب أن الشخص الذي يعيش في مسار واحد وفكر أحادي ونظرة واحدة هو غير متأمل ومبدع ومفكر .. وإذا أراد أن يتحقق من فكره وإتجاه ومدى القبح والجمال فيه عليه أن يسلك دون ذلك المسار الذي إختاره ومضى فيه حتى يعرف أين هو فالآضداد لم تخلق هكذا سقط متاع ولكنها تكون الملجأ إلى معرفة الضد الآخر .. فأنا حسب قراءاتي المتواضعة لهذا الشاعر الفخيم إحترمت كل مواقفه من أغاني أفريقيا وحتى شدا به في مهرجان المربد .. ولولا تلك القصيدة في ( المربد ) التي مجد فيها العروبة وهجا غيرهم .. لما أتى بتلك بالصحوة النقدية لمحبي شعره كما أزاحت عن كاهل القراء الملل فكري وسأم من التكرار للفكرة الأحادية ..

    البروف أسمح لي أعرض قراءاتي هذه في حضرتكم ..


                  

11-12-2015, 12:52 PM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12483

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    يا سلام يا البروف .. لقد أشعلت فينا حماسة البحث والتفكير ..
    وكان حظي الاسعد أن طرحت قراءتي وسط هؤلاء المبدعين
    وأنت قائدهم وأولهم ..
    لقد أعدت قراءة المداخلة وتخيل لي وكأن غيري هو الذي كتبها

    مودتي .. وأنت تجلب لنا كل معاني الثقة والتشجيع ..

    تحياتي بلا حدود
                  

03-02-2016, 05:27 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: علي عبدالوهاب عثمان)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #43

    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:

    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد

    Date: 05-28-2015, 04:36 AM

    Parent: #42

    صديقنا الهميم علي محمد الفكي

    الليله الهميم على ودالفكى من دار جعل شـمر بيانه وجانا

    رص الحـديث بقدرة عليم بى شـعر الرثا والحُزنِ أشـجانا

    .........

    فإذا بحديثٍ من عمقِ القلبِ يَذْكرُ قارتنا والوطنَ وأحـزانا

    والأمل الفيتورى تبدل ألما لملايين أفارقةَ الناسِ وعربانا

    Quote:

    الرثاء من ابرز ضروب الشعر العربي الحديث والقديم

    واصدقها من حيث حرارة التعبير وصدق الكلمات ودقة الصور ..

    وقد حملت قصيدتك استاذنا البروفيسور عبد الرحمن

    من الوانه الرثاء والتأبين ..

    فكانت صادقة في دمعاتها الحرى ..

    وأوفت للفيتوري بمناقبه ودرره الشعرية ..

    معبرة عن الحزن الجمعي للشعب السوداني ..

    والشعب العربي والامة الافريقية لرحيل ياقوتها ..

    وحق لهم الحزن ..

    فرحيل الفيتوري ..

    هو توقف القصيدة التي تمثل شلال حياة عن التدفق ..

    وخفوت للقصيدة الضؤ ..

    القصيدة التي كانت دوماً في صف الفقراء وقضايا الامة العظيمة ..

    رحل الفيتوري الدرويش ..

    سلطان العاشقين عن هذه الفانية ..

    تاركاً بصمته وكلمته لتمضي بها الاجيال ..

    تعبر عن النضال وظلامات الشعوب ..

    والعشق والزهد فالفيتوري نهر عطاء ..

    مضى الفيتوري وترك لنا الجراح والاسى ..

    ونحن ندير البصر في ما الت اليه امة لوممبا وكينياتا وبن باديس ..

    بعد كل التضحيات ..

    وما خلفته الثورات العربية من ظلام وبوم داعش واخواتها ..

    مضى الفيتوري

    والسجان عاد من جديد ..

    ليرفرف باجنحته الكئيبة في سماء السودان ناشراً القتل والظلم ..

    لك التحية بروفسور عبد الرحمن

    وان تطلق هذه الزفرات الصادقة

    في رثاء شاعر افريقيا والعرب الاول

    ياقوت الشعر محمد مفتاح رجب الفيتوري

    حقا يا صديق فالرثاء باب يكشف النقاب عن وهن النفس فينا وضعفها ورخاوة جَلدنا وإن تظاهرنا به.

    وما دمنا فى أمرالرثاء، وقد أثارت لواعج كثيرة فى نفسى تلك الملامة المهذبة الرقيقة الود من صديقنا الأديب ألاريب أحمد الأمين بإقلالى فى الشعر عموما وفى الرثاء خصوصا، وحفزتنى لأستخرج ما طالت عليه السنون، منذ ذلك اليوم القمئ من عام 1970 الذى أقسمت فيه أن لا أنشر شعرا. وها أنا ذا، كما ذكرت فى أول البوست، أستخرج قليلا مما كنزت من شعر الرثاء مصداقا لكلامك؛ فأورد أبياتا فى رثاء صديق عزيز هو البروفيسور محمد عبدالحى،صاحب العودة إلى سنار.

    فقد جاءت بعد رثائى لوالدى، نور الله قبره ويسر رقدته وطيب ثراه، رثائية لصديق عزيز على النفس والقلب والعقل الدكتور محمد عبدالحى الذى توثقت عرى صداقتنا أيام كنت بدار جامعة الخرطوم للنشر وعملنا فى عدة لجان معا وكنا نلتقى ظهرا ومساءا بدار أساتذة جامعة الخرطوم يوم كنت فى لجنتها. وكانت جلساتنا مناهل للوعى والتثقيف؛ إذ كنت أظل أغلب الوقت صامتا أستمع وأستلهم المعرفة من تجاذب الحديث. وكنا كثيرا ما نترافق أنا والشاعر الرقيق، فى عبورنا لكبرى النيل الأزرق، فى طريقنا إلى الخرطوم بحرى، وينتهى بنا الأمر إلى تناول الغداء إما فى منزلنا أو منزلهم. وعملنا سويا فى اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار العربى الإفريقى بالشارقة مع صديقنا العلم الفكرى والفلسفى محمد أبو القاسم حاج حمد والدكتور إبراهيم الغيص من وزارة الخارجية الأماراتية، والبروفيسور سيد حامد حريز والبروفيسور يوسف فضل وكانت قد أوكلت إلى مهمة تجميع أسماء الأدباء والمفكرين والشعراء والفلاسفة والسينمائيين والأكادميين الأفارقة ومن صادقت من العرب وسبل الإتصال بهم. فكان أخى الدكتور محمد عبدالحى سندا فى دعم القائمة بمن فى المهاجر ومحمد أبو القاسم لأعلام العرب. وكنا نلتقى دوما أيام الجمع فى دارصديقنا الشاعر المرحوم النور عثمان أبكر وفى معيتنا عمنا وشيخنا، أشعر العرب، محمد المهدى المجذوب، عليه رحمة الله، وفى بعض الأحايين المرحوم الشاعر الرقيق الراحل فى الليل عبدالرحيم أبو ذكرى.

    ولما علمت بوفاته فى أغسطس عام 1989، وأنا فى غربتى فى بوسطن، إسترجعت حديثنا عن ديوانه "العودة إلى سنار" وكنا قد نشرناه له فى دار جامعة الخرطوم للنشر. و كان فرحا حين تضاعفت المبيعات من الديوان بعد أن تبنيت إستراتيجية توزيع مستحدثة، مما كان يعنى عائدا محترما من حقوق المؤلف.، فقال أن غبطته كانت أكثر لتداول الكتاب بين أيدى عدد كبير من القراء، من العائد المادى. وتلك ذكريات أخر لها مقامها ومقالها. وتعبيرا عن حزنى على فقده جاءت مرثيتى:

    فى سويداء فؤاد سنار مرقدك

    ----------------------------

    سنارُ قد خَمدتْ مشاعِلُها

    وأُوُصِدتْ أبوابُها

    وزوىَ البريق ُ على الوجوهِ

    وأطبق القحط ُ المُقيمُ

    "على التِّلال السودِ والأشجارِ"

    والغاباتِ والصحراءْ

    فما "رجعت طيور البحر فَجْرَاً

    من مسافاتِ الغيابْ"

    لتحاضن الأرضَ الخواءْ

    ولا رقصت حوافرُ خيلنا

    فى عز مجدٍ آفلٍ

    وممالكٍ "زرقاءْ"

    فحارَ دليلـُنا

    وتسابقتْ أفكارُنا

    لنعودَ بالذكرى

    إلى رجعِ الصدى

    يوم أنبريتَ لنا

    تستنهضُ الهممَ المهيضةَ

    ثم أطلقت النداءْ

    وضربتَ فى أعماقِ تاريخٍ

    وجبتَ أصقاعِ البلادِ

    تدعو جحافلَ قومنا

    لمدارج ٍشماءْ

    ولبستَ من جلدِ النمورِ عباءةً

    والفهدُ فى كفيكَ

    صار مخالبًا

    هتكت ستارَ الزيفِ والتضليلِ

    وكلَّ فريةٍ بلقاءْ

    وسمقتَ تقرعُ طبلَ العزِ

    طنَّ نحاسهُ

    والرأسُ مزدانٌ

    بقرنى فارسٍ

    طاقيةً صفراءْ

    مُتَمنطقـًا درعا من

    ظهرِ تمساحٍ

    وغمستَ سيفكَ

    فى المدادِ مخضبًا

    فأعدتَ لنا

    سنارَ زاهيةً

    أنشودةً عصماءْ

    وقدتَ جموعنا

    آلافـًا مُؤلَفة

    وجحافلاً تدعو

    إلى رصِ الصفوفِ

    لنخمدَ نارَ أحقادٍ

    وحربَ الردةِ الحمقاءْ

    فكنتَ بشيرنا للخيرِ

    للآمالِ والأحلامِ

    تنشرُ ودًا خالصًا

    فلا تـُسفكْ دماء

    طَرِبَتْ سنارُ نشوى

    إليك تشوَّقتْ...

    نادتْ عليكَ

    ليحتويكَ فؤادُها

    وبَسَطتْ فراشك َ

    فى رحمِ الحشا

    ليضُم نـُبلكَ

    طمىُ النيلِ والحصباءْ

    -------------------------

    بوسطن - الولايات المتحدة

    31 أغسطس 1989

    وهاهى إبنة المرحوم الدكتورة شيراز تسترجع أبياتا من عصارة قلب وعقل والدها فى عودته إلى سنار:

                  

03-05-2016, 11:55 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #44

    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:

    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد

    Date: 05-30-2015, 03:41 PM

    Parent: #43

    أخوى عبيد الطيب

    حبابك أخونا ود المقدم راجـح العقل لماح

    زول حوبه العقول اللى كل صعب وضاح

    كان تربيع شعر أو لى فهم التراث شراح

    ولى كل أسرار بوادينا ياكا الوحـيد فتاح

    Quote:

    يا سلاااااام رثاء من القلب إلي القلب

    سماحة البروف أحسن الله عزاكم وربنا يتقبل الراحل قبولا حسنا

    الموت "ياه الكيس الدائم" كما يقول أهلنا في الريف، وإن كانت له حسنات، هي أن نتعرف علي شعراء مثلكم

    إخذتهم مننا الجامعات والدراسات الأكاديمية

    أيضا البوست كان "ضلا رهينا" كما قال الهلالي، ثقافة جامعة ومعلومات قيمة جدا، حيث تعرفنا علي

    دكتور عبدالرحمن الشاعر والأديب الماهر الحاذق

    ولا يفوتني أن أطايب الأصدقاء والجميلين بطبعهم الأساتذة

    الشقليني وأحمد الأمين وعلي عبدالوهاب ومنصور المفتاح وعلي الفكي

    بلة محمد فاضل ونصر الدين عثمان والجميع

    شكر الله عزاءكم فى فقيد الأمية وراسم ألقها ونخوتها وحنوها وقسوتها شعرا جميلا يرقص المشاعر ويهيج العواطف ويفرح القلب ويحزن الضمير؛ كل فى آن واحد، لأنه يقول الصدق شعرا. فالصدق فيه الفرح وفيه الترح، فكما قال عميد نقاد الرومانطيقية البريطانى ماثيو آرنولد: "فالآن الشعر هو الحقيقة والفلسفة الأوهام...ليس الشعر سوى المدى فى كمال حديث الإنسان الذى يقرب فيه جدا من نطق الحقيقة"

    لذلك كان حزنى على أستاذنا الفيتورى، ألذى فطمت طفولتنا على طيب مائدته ذات الأطباق الشهية من الشعر العميق المعبر، أن أهل القريض بخلوا عليه بقصيدة أو قصيدتى رثاء. ورغم أن الإجحاف كان مفرطا منا نحن السودانيون، إلا أن شعراء العربية الذين أجلوه، ما ذرفوا عليه دموع أبيات ولو شحيحة. لذا أتمنى أن يورد لنا كل من مرت عليه قصيدة أو أبيات رثاء فى الفيتورى، من أى شاعر كان، حتى نوهطها فى دار مواساتنا هذه. ولكن يجب أن أقول، والحق يقال، أن هناك كثيرون كتبوا نثرا جميلا فى حقه. ولكننى رأيت أن أورد مقالة الشاعر العراقى معد الجبوري بعنوان " قصائد مرّت بين معطف البردوني وعصا الكنعاني: لقطات من ذاكرة عمرها 40 عاماً عن مهرجان أبي تمام الشعري" نشرت أولا بجريدة "الزمان" الدولية فى العاشر من يونيو عام 2010 ثم أعيد نشرها بـ"نشوان نيوز" بعد وفاته . لانها ترينا كيف أن الأدباء والشعراء ينظرون إلى إبداعه:

    http://nashwannews.com/news.php؟action=viewandid=5692http://nashwannews.com/news.php؟action=viewandid=5692

    قصائد مرّت بين معطف البردوني وعصا الكنعاني: لقطات من ذاكرة عمرها 40 عاماً عن مهرجان أبي تمام الشعري

    معد الجبوري

    في كانون الأول من عام 1971 أقيم في الموصل المهرجان العربي الكبير، مهرجان أبي تمام الشعري، وكانت مجموعتي الشعرية الأولي (اعترافات المتهم الغائب) قد صدرت في ذلك العام وأنا بعد في الخامسة والعشرين من عمري، وفي الشهر نفسه من العام نفسه، كنت أنتظر أن تنشر لي مجلةُ الآداب البيروتية، في عددها الثاني عشر، ردا علي ما نشرَتْه من نقد للأستاذ الشاعر بلند الحيدري، في باب (قرأت قصائد العدد الماضي) في عددها الحادي عشر، تناول فيه قصيدتي (أهل الكهف) التي كانت قد نشرَتها في عددها العاشر.. وكنت أدري أن الحيدري من المدعوين للمشاركة في مهرجان أبي تمام، وعدد مجلة الآداب لم يكن قد وصل العراق بعد.

    ومما أتذكّره من طرائفِ ذلك المهرجان، أن البردوني لم يتخلَّ عن معطفه وهو قي البصرة، مع أن الجوَّ فيها، في مطلع شهر تشرين الثاني لم يكن باردا إلي حدٍّ يستدعي ارتداء المعاطف، كما أن الشاعر العراقي نعمان ماهر الكنعاني، لم يتخلَّ هو الآخَر عن حَملِ العصا، مع أنه كان قويَّ البنية منتصب القامة لا يحتاج أن يتوكأ عليها، مما دعا أحد الصحفيين الظرفاء أن ينشر في جريدة المهرجان تعليقا ظريفا حول معطف البردوني وعصا الكنعاني، يقول عن المعطف (لم نعرف إلي الآن من كان وراء إقناع البردوني بأن الشتاء قد نزل عندنا.. لكننا نعرف أن معطفه الذي يحمله حيثما سار، أصبح من أبرز معالم المربد). وعن العصا يقول (أضيفت عصا الشاعر نعمان ماهر الكنعاني لمأثورات المربد الخامس فهو يحملها حيثما حل.. سألناه: أهي علامة الكِبَر؟ فقال: بل هو تقليد مربدي).

    وفي حوار مع البردوني، نُشر في جريدة المهرجان نفسها، تحدث عن مشاركته في مهرجان أبي تمام قائلا: هي أول مرة اٌقرأ فيها علي منبرٍ عالٍ وبين أيدي جمهور الموصل لحساسيته الفنية وثقافته المعروفة.. وسميت القصيدة التي قرأتُها بـ (قصيدة الضجّة).

    ما أجمل لقاء لي مع البردوني، فقد كان في مدينة صنعاء عام 1989 ضمن الأسبوع الثقافي العراقي الثاني في اليمن.

    ففي صباحيَّةٍ شعرية حاشدة أقيمتْ في جامعة صنعاء للشعراء العراقيين المشاركين في ذلك الأسبوع، وهم كلٌّ مِن (نعمان ماهر الكنعاني، عبد الرزاق عبد الواحد، معد الجبوري، محمد حسين آل ياسين، علي الياسري، جواد الحطاب.) كان الشاعر عبد الله البردوني، والشاعر الدكتور عبد العزيز المقالح رئيس جامعة صنعاء، والسيد حسن اللوزي وزير الإعلام والثقافة اليمني، وحشد من الأساتذة والطلبة، في مدخل قاعة الجامعة لاستقبالنا والترحيب بنا، وكان من المقرر أن يقوم البردوني بتقديمنا للجمهور عند إلقاء قصائدنا.

    وحين تقدم منا للترحيب بنا، قلتُ له وأنا أصافحه: إنني من مدينة الموصل، فتذكَّر وضمني قائلا: (أهلاً بابن الموصل المدينة الأصيلة الجميلة التي لن أنساها ما حييت، ولن أنسي تذوق أبنائها العالي للشعر، ففيها عُرفتُ كصوتٍٍ شعري، وأخذ اسمي ينتشر في الساحة العربية.).

    وعلي خشبة المسرح قرب المنبر بمواجهة جمهور القاعة، توسَّطَ الشاعر عبد الله البردوني جلستَنا خلف طاولة طويلة، ثم قَدّمَنا واحدا واحدا للجمهور، ولم يفُتْهُ أن يذكرَ ضمن تقديمي أنني من مدينة الموصل، وأخذ يُعقِّبُ علي كلِّ قصيدةٍ بعد إلقائها، بعباراتٍ موجزة دقيقة.

    قلبي علي وطني

    ا أن علمنا أن الشاعر السوداني محمد مفتاح الفيتوري، سيشارك في مهرجان أبي تمام، حتي عادت بنا الذاكرة إلي قصيدته الشهيرة التي حفظناها وتعاطفنا معها ونحن بعد علي مقاعد الدراسة المتوسطة:

    يا أخي في الشرق في كلِّ سكَنْ

    يا أخي في الأرض في كل وطنْ

    أنا أدعـوك ، فهـل تعرفنـي

    يا أخـاً أعرفـهُ ، رغـم المِحَنْ

    في صالة فندق الإدارة المحلية بالموصل تعرفنا عليه، نحن الأدباء الشباب، قبل افتتاح المهرجان، فأصغي إلينا بمحبة وتواضع، معرباً عن اهتمامه بالشعر الجديد الخارج علي القوالب التقليدية الكلاسيكية الجامدة، وفي حوارنا معه اتفق معنا علي بعض آرائنا واختلف مع بعض الآراء المتطرفة سواء ما يتعلق منها بالمحاولات الجديدة أو القصيدة العمودية، وكانت له وجهات نظره النقدية الخاصة.

    وفي الأمسية الشعرية الأولي، ألقي الفيتوري قصيدته، فبدأ بوقفةِ صمتٍ، ثمَّ أغمض عينيه في تأمّل واسترسل في شبه غناء:

    حين يأخذُكَ الصمتُ مِنّا

    فتبدو بعيدا كأنكَ رايةُ قافلَة غرقَتْ في الرِّمالْ

    عشبُ الكلماتُ القديمةُ فينا

    وتشهقُ نارُ القرابين، فوقَ رؤوسِ الجبالْ

    عندها صفق الجمهور بحماس، فقد فوجَئَ بحضور جذَّاب علي المنبر، وبشاعرٍ لديه طريقةٌ نادرة في الإلقاء، فأداؤهُ أداءُ ممثّلٍ بارع بحركات يديه ونظراته، وبما يُضْفِيه من تلوينٍ علي نبرات صوته، متنقلاً بشكل خاطف بين السرعةٍ والإبطاءِ، والجَهْرٍ والهمس، في تناغم بين موسيقي النص وموسيقي الأداء، مع وقفاتِ صمتٍ عميق لها إيقاعُها الخاص، عبرَ غنائيةٍ عالية تنبضُ في ثنايا نصِّه الشعري.

    أكثر من مرة، قاطع الجمهورُ الذي كان يملأ قاعة الإدارة المحلية (الربيع) الشاعر الفيتوري بالتصفيق حتي وصل إلي مقطع، تلاه بحسم ونبرة عالية:

    لماذا يظنُّ الطغاةُ الصغار، وتشحبُ ألوانُهُمْ،

    أنَّ موتَ المناضلِ موتُ القضيّة،

    أعلم سِرَّ احتكام الطغاةِ إلي البندقية،

    لا خائفاً.. إنَّ صوتيَ مشنقةٌ للطغاةِ جميعاً

    ولا نادما.. إنَّ روحيَ مثقَلةٌ بالغضَبْ.

    كلُّ طاغيةٍ صَنَمٌ، دُمْيَةٌ مِنْ خشَبْ.

    فضجَّت القاعة، بالتصفيق وصياح (أعِدْ)، فأعاد، ثم واصل والمتلقّون منسجمون مع إلقائه، ليصل إلي هذه الصورة الشعرية:

    لا تحفروا ليَ قبرا، سأصعد مشنقتي،

    وسأغلق نافذة العصر خلفي،

    وأغسل بالدم رأسي،

    وأقطع كفي، وأطبعها نجمة فوق واجهة العصر،

    فوق حوائط تاريخه المائلَهْ..

    وسأبذر قمحي للطير والسابله..

    ثم اختتمَ قصيدته بهذا المقطع، الذي توالي التصفيق بعده للشاعر، وهو يغادر المسرح وينحني للجمهور:

    قتلوني، وأنكرني قاتلي،

    وهو يلتف بردان في كفني.

    وأنا مَنْ ؟.. سوي رجلٍ واقفٍ خارج الزمَنِ.

    كلَّما زيفوا بطلاً،

    قلتُ: قلبي علي وطني

    بعد انتهاء الأمسية، وعند الحديث عن إلقاء الفيتوري، قيل: إنَّ (آسيا) زوجتَهُ، وهي ممثلة، تُدرِّبُه علي الإلقاء، فيُجري التمارين أمام المرآة قبل أن يقف وراء المِنَصّة، وسواء كان ذلك صحيحا أو أنه محضُ افتراء، فقد ظل الفيتوري فيما بعد في العديد من المهرجانات التي سمعتُه ورأيتُه فيها، بارعا في الإلقاء.

    وهنا أري أنَّ ما ينطوي عليه أيُّ نص شعري من عناية بالإيصال إلي شرائح المتلقين شتي وليس إلي النخبة فقط، وبإلقاءٍ هو جزء من تلك العناية، هو الذي يقف وراء استقطاب جمهور القاعات والمناسبات، وهذا ما ينطبق علي قصيدة الفيتوري، وعلي قصيدة الشاعر نزار قباني، التي ألقاها قي الأمسية نفسها، والتي ألهبت حماس الجمهور، في وقتٍ لم تستقطب فيه نصوصٌ ألقيت قي المهرجان نفسه ولها ثقلها الفني، سوي النخبة وهم القلة من الجمهور.. نذكر منها، علي سبيل المثال، قصيدة الشاعر المصري الرائد محمود حسن اسماعيل (سجدة علي قبر أبي تمام) وقصيدتَي الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي (السَّفَر، ومرثية للعمر الجميل) وقصيدة الشاعر محمد عفيفي مطر (وشم النهر علي خرائط الجسد).. وقد تناول تلك النصوص المتفوّقة المجددة فيما بعد، العديد من النقاد والدارسين باهتمام بالغ.

    والفيتوري في مهرجان أبي تمام كان حريصا علي حضور أمسيات الشعر التي كانت تنقلها محطة تلفزيون الموصل نقلا حياًّ، ومنها الأمسية التي كانت مخصصة للشعراء من أبناء الموصل، ومنهم: (ذنون الشهاب، أرشد توفيق، سالم الخباز، معد الجبوري، أمجد محمد سعيد،عبد الوهاب اسماعيل، بشري البستاني، عبد المحسن عقراوي، محمد علي الياس العدواني، عبد الوهاب شاهين، وعد الله ابراهيم..) وقدمها القاص والإعلامي سعد البزاز.

    ظل الفيتوري حتي نهاية الأمسية يصغي بانتباه إلي قصائد الشعراء، وبعد انتهائها جمعتنا في الصالة جلسة معه ومع الباحث والناقد اللبناني محمد عيتاني أحد ضيوف المهرجان، والذي كان قد خاض في ذلك العام معركة نقدية مع الناقد المصري محمد النويهي علي صفحات مجلة الآداب البيروتية استغرقت العام كله، وكانت، وهي معركة حامية، قِمَّة في الحوار المهذَّب ومدعاة لتعزيز شهرتهما.

    في تلك الجلسة أثني كلٌّ من الفيتوري وعيتاني، علي ما ألقي من قصائد حديثة في الأمسية، وفيما يتعلق بقصيدتي، فقد وعدني الناقد محمد عيتاني بالكتابة عنها، ثم وفي بوعده فنشر عنها قراءة نقدية في مجلة الطريق اللبنانية، أما الشاعر محمد مفتاح الفيتوري، فقد بدا، من خلال حوارنا، أن مقطعاً من قصيدتي لفت انتباهه بشكل خاص أكثر من المقاطع الأخري، أقول فيه:

    كلما صار قلبي مُصلّي

    وصارَتْ ذِراعي مَنارَهْ

    تُصبحُ الأرضُ مبغي

    فأختار ثوبَ الدَّعارَهْ

    أمّا كون بعض شعراء تلك الأمسية كانوا قد أطالوا من وقوفهم خلف المنصة ولم يلتفتوا إلي عدم انسجام الجمهور مع قصائدهم، وهذا ما أشار إليه الفيتوري وعيتاني وغيرهما من الأدباء العرب والعراقيين، فقد كان من بعض أسبابه، تدخل إداريين غير معنيين بالإبداع بإضافة عدد من الأسماء إلي أصل قائمة المقرر مشاركتهم من شعراء الموصل، فانتهز الفرصة مَن اعتبر أنّ المشاركة في مثل هذا المهرجان فرصة نادرة له، فقرأ خلالها ما شاء من مطولات (شعرية) برتابة، دون مراعاة للوقت، ودون أيِّ إحساس بما أصاب الجمهور من ملل ، وما حلَّ في القاعة من نفور.. ولقد كان لهذا الأمر، تأثيره السلبي علي تلقي القصائد الجميلة والجديدة التي ألقيت في الأمسية.

    محمد عفيفي مطر

    وأدباء الموصل

    ظلَّلَتني مِن جَناحيها سحابهْ

    وصلتني بالدمِ الهاربِ مِن شقٍّ لشّقٍّ،

    وضعتني في الرّبابهْ

    وترا ممتلئََ الصوتِ، بكنزِ الصَّرَخاتْ

    وأنا فزَّاعَةُ الطير بأرضِ الغُرباءْ

    كنت في قلبِ العراءْ

    مستحماًّ بعراك الطيرِ في الرّيح،

    ومَحشواًّ بأوراقِ التقاويم ـ الجسَدْ

    هذا ما علق في الذاكرة من قصيدة الشاعر محمد عفيفي مطر (وشم النهر علي خرائط الجسد) التي ألقاها في إحدي أمسيات مهرجان أبي تمام. وصلتي بالشاعر مطر تمتد، من خلال قراءتي لنتاجه الشعري، إلي النصف الثاني من ستينات القرن الماضي، ولم أكن قد التقيت به شخصيا، و لم أعلم ، وضيوف المهرجان كانوا قد حلوا في الموصل أنه سيكون واحدا منهم.

    كان محمد عفيفي مطر قد شدَّني إلي شعره بقوة دون الكثير من الشعراء الذين كنت أقرأ لهم، ومنذ عام 1970 أيام بدأتُ أنشر علي صفحات مجلة الآداب التي كان ينشر فيها، ازداد إعجابي به كصوتٍ متفرّد، كان له صدي عميق في نفسي، فهو صوت الرؤيا العميقة والمغايرة والاختلاف والبصمة الخاصة، حتي في عناوين قصائده المثيرة، مثل(شهادة البكاء في زمن الضحك، نزع القمع عن فراشة الدمع، سهرة مع الأشباح) وغيرها..

    وفي اليوم الأول لمهرجان أبي تمام، وقرب مدخل الجامع الكبير في الموصل عند زيارة الضيوف له، جاءني صديقي القاص نجمان ياسين ومعه شخص ينظر إليَّ ويبتسم، وقف كل منهما أمامي، فقال نجمان : انظر جيدا إلي هذا الرجل.. أتعرف من هو؟ فتأملت فيه، وقبل أن أنطق، صاح نجمان: إنه محمد عفيفي مطر، فقفزت من الدهشة وأنا أعانقه وهو يعانقني، وتعرف حينها علي أدباء الموصل الشباب. ومنذ تلك اللحظة عاف عفيفي أروقة المهرجان وضيوفه ونزل بصحبتنا طيلة أيام المهرجان إلي شوارع الموصل وأزقتها.. تناولَ الكباب الموصلي معنا في المطاعم الشعبية، وشاركَنا الجلوس في المقاهي وتحدث إلي عشرات الناس بين أسواق المدينة، واستمع إلي قصائدنا وقصصنا واهتماماتنا وهمومنا.ودخل بيوتنا وتناول من موائدنا، نحن الأدباء(عبد الوهاب اسماعيل، نجمان ياسين، أمجد محمد سعيد، سالم العزاوي، وكاتب هذه السطور) ومما أذكره أنه أطلق عليَّ لقب الشاعر دو السن الذهبية، وعلي عبد الوهاب اسماعيل الشاعر البدوي، وظل يراسلنا بمحبة عميقة بعد أن غادر القطر.

    ومنذ لقائنا في (أبي تمام) حتي يومنا هذا لم تنقطع صلتنا بالشاعر محمد عفيفي مطر، فقد ظل صديقا حميما التقينا به، عشرات المرات في العراق يوم عمل فيه محررا في مجلة الأقلام وفي القاهرة، وفي العديد من الملتقيات والمهرجانات.

    .

                  

03-07-2016, 04:12 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #45

    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:

    Author: وضاحة

    Date: 05-30-2015, 03:49 PM

    Parent: #44

    سلاااام ناس الكلام الكبار كبار

    نحن طلبة في مدرستكم العامرة

    مستمتعين بسردكم الانيق

    تحياتى لكم واحترامي

                  

03-09-2016, 08:02 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #46

    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:

    Author: علي عبدالوهاب عثمان

    Date: 05-31-2015, 08:03 AM

    Parent: #45

    Quote:

    ومما أتذكّره من طرائفِ ذلك المهرجان، أن البردوني لم يتخلَّ عن معطفه وهو قي البصرة، مع أن الجوَّ فيها، في مطلع شهر تشرين الثاني لم يكن باردا إلي حدٍّ يستدعي ارتداء المعاطف، كما أن الشاعر العراقي نعمان ماهر الكنعاني، لم يتخلَّ هو الآخَر عن حَملِ العصا، مع أنه كان قويَّ البنية منتصب القامة لا يحتاج أن يتوكأ عليها، مما دعا أحد الصحفيين الظرفاء أن ينشر في جريدة المهرجان تعليقا ظريفا حول معطف البردوني وعصا الكنعاني، يقول عن المعطف (لم نعرف إلي الآن من كان وراء إقناع البردوني بأن الشتاء قد نزل عندنا.. لكننا نعرف أن معطفه الذي يحمله حيثما سار، أصبح من أبرز معالم المربد). وعن العصا يقول (أضيفت عصا الشاعر نعمان ماهر الكنعاني لمأثورات المربد الخامس فهو يحملها حيثما حل.. سألناه: أهي علامة الكِبَر؟ فقال: بل هو تقليد مربدي).

    وفي حوار مع البردوني، نُشر في جريدة المهرجان نفسها، تحدث عن مشاركته في مهرجان أبي تمام قائلا: هي أول مرة اٌقرأ فيها علي منبرٍ عالٍ وبين أيدي جمهور الموصل لحساسيته الفنية وثقافته المعروفة.. وسميت القصيدة التي قرأتُها بـ (قصيدة الضجّة).

    جزاك الله خيراً أيها البروف الرائع ..

    لقد حلقت بنا في سماوات الادب .. جمل الله حياتك أيها المبدع الرائع .. ( رافقت محمد عبدالحي ، المجذوب ، أبو ذكرى ، الفيتوري وغيرهم )

    أجزم أنك أسعد البشر وانت من زمرة هؤلاء القوم ..

    فالمربد والموصل أو ( العراق ) كانت تقدم الشعراء بإنصاف وإنتقاء للشعراء الحقيقيين ، الفيتوري والبرادوني ..

    هذا الشاعر اليمني الرائع الذي مازال مجهولاً لدى الكثيرين ..

    أستاذنا الجليل .. أتحسر اليوم الموصل تسيطر عليها داعش ، واليمن ذاكرة العرب يعبث فيها الجهلاء ، ودمشق كما ترى ، وبغداد

    ولكن بقيب ناطحات الفكر والادب من شاهق المباني والزجاج .. ليتهم كانوا في قبو من قباء الماعز .. ولكنهم مترعين بالفكر والمعرفة ..

    هكذا تمت تصفية الامة بضرب ذاكرتها ورومزها .. وإحياء غثائها وإنحططاها ..

    هذا البرادوني احبه واعشق شعره كثيراً ولديه مؤلفات وكتب .. لأننا أنبهرنا بطه حسين كأديب كفيف ولكن البرادوني له الباع الأطول في الشعر

    عجبتني طرفة العراقي : صحيح في معظم صور البرادوني بالمعطف .. وهذه طرفة جميلة .. لأن البرادوني من شمال اليمن وهي مناطق مرتفعة جداً وباردة

    فأصبح المعطف عندهم نوعاً من الزي بحكم البيئة ..

    واصل البروف .. ونحن في الانتظار ..

                  

03-11-2016, 02:14 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #47

    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:

    Author: احمد الامين احمد

    Date: 06-01-2015, 04:40 PM

    Parent: #46

    .

    تحية وحُب لشيخنا عبدالرحمن

    ولازلت ثاويا مندهشا فى ظل ماتجود به علينا

    عودة لمداخلة سابقة أكرر غيابك فى المهجر على الضفة الأخرى للأطلنطى دفعنا نحن معشر القراء المحبين ثمنا غاليا حيث غابت عنا الكثير جدا من إسهاماتك الثرة التى ظلت حبيسة الأوراق والأدراج أقول ماقلت وقد وقفت بقوة على مرثيتك أدناه حين رحل الشاعر الكبير جدا محمد عبدالحي صيف 1989 ( تشرفت بنهل الأدب الإنجليزى الحديث وشعر الحرب فى مجالس درسه حيث يفتقد الواقفون االسعة ) ..

    لاحظت عبر قصيدتك فى رثاء عبدالحى التى وقفت عليها لأول مرة فى هذا البوست هو ثبات المنهج الشعرى الدقيق والصارم فى ذهنك حين تكتب عن الراحلين تحديدا حين ترثاهم بذات قاموسهم وصورهم وأخيلتهم وعباراتهم لكن تفعل ذلك باسلوب سحرى فريد ينم عن قوة إطلاعك إنتاجهم وهذا ذات المنهج الذى إنتهجته حين رثي الفيتورى ووصفته انه ياقوت ( الشعر ) لاحظ قوة قريحتك حين أعدت ترتيب مفردات ( العرش ) وهى مفردات (الشعر) نفسها ف (العرش ) عند الفيتورى هو ذات (الشعر ) عندك لكن عبر أسلوبية وذكاء شعرى وسحرى لايقدر عليه سوى واسع الإطلاع فى اللغة مثلك .

    فى قصيدتك حين رثيت عبدالحى قلت :

    سنارُ قد خَمدتْ مشاعلُها

    وأُوصدتْ أبوابُها

    وزوى البريقُ على الوجوهْ

    وأطبق القحط ُ المُقيمُ

    "على التِّلال السودِ

    والأشجارِ" والغاباتِ

    والصحراءْ

    فما "رجعت طيور البحر فَجْرَاً

    من مسافاتِ الغيابْ"

    لتحاضن الأرضَ الخواءْ

    ولا رقصت حوافرُ خيلنا

    فى عز مجدٍ آفلٍ

    وممالكٍ "زرقاءْ

    **

    1- عند عبدالحى سنار (تفتح ) أبوابها فرحا بعودة الغائب وعندك سنار (أوصدت ) تلك الأبواب حزنا على رحيل محمد عبدالحى.

    2- التلال السود والغابات والصحراء هى ذات مفردات عبدالحى فى (العودة إلى سنار وغيرها ) وأعدت أنت إنتاجها سحريا فى شهادة موجبة منك بتفرد قاموس عبدالحى الذى يميز بصمته الشعرية

    3- بذات النقطة (2) عبدالحى مستندا على الفونج والعبدلاب إتكأ على السلطنة الزرقاء لدرجة جعله الطبل كذلك (أزرقا ) وأنت ثبت ذلك عن وعى حين وضعت مفردة (زرقاء بين هلالين

    اجمل مافى قصيدتك واكثرها حكمة وذكاء شعرى حين (نفيت ) انت مستخدما (ما النافية التى تكثر فى المصحف الشريف ) عودة طيور البحر فجرا من مسافات الغياب رغم أنها عند عبدالحى رحمه الله قد عادت !

    لك التحية والتقدير والشكر على ما تنحفنا به ولى عودة إن طال العمر .

                  

03-13-2016, 09:38 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #48

    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:

    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد

    Date: 06-04-2015, 08:18 PM

    Parent: #47

    سعادة المستشار نصر الدين عثمان

    مابين الصـدقِ وقول الحقِ بحـورٌ من تأويلِ نصوصٍ وقياسْ

    والحكمُ قرارٌ يسنده النصُ القطعى، فلا تعويل على الإحساسْ

    لكنك يا خلى قد فقت رفاقك بالعلمِ الأرفعِ: جزالة نصٍ مقياسْ

    فحكمك فيه الخير وحب الخير يسمو بأرقِ شعورٍ بين الناسْ

    فتتابعُ أبياتا ودوواينَ قريضٍ، وبدائعَ فنٍ راقٍ يتلألأُ كالماسْ

    Quote:

    يا لهذه البكائيــة الحرىَّ... بيد أننا كلنا والوطن قد أصبحنا مرثيــة كبيرة!!

    المجد والخلود لشاعر أفريقيا...

    وأنزل الله على قبره شآببيب الرحمة وأسكنه فسيح الجنان

    ومتعك الله بالصحة والعافية وحفظك يا بروف...

    أنا لا أريد أن أزكى نفسى على الناس ولا أريد أن أتباهى بكتابتى لهذه القصيدة العفوية التى إنبثقت من دواخلى دون تعمد مسبق. فأنسابت كأخوات لها فى الرثاء دون تفكير أو مزاوجة أو محاولة لرصد التفعيلة أو ربط القافية. فقد كانت يسر ألم حاد أراح نفسى وعقلى من معاناة أيام بعد قراءتى لمقال الأستاذ طلحة جبريل ردا على البطل. فبقدر ما ساءنى مقال البطل أكبرت فى الأستاذ طلحة جبريل نزاهته فى عكس الواقع والحقيقة دون مزاودة ولا تشفى. ولكن سطورة وقعت كالساطور على عقلى، وأنا أتمعن فى الجحود والنكران الذى رزئنا به وصار الشيمة التى ألتصقت بنا.

    والآن ما زلت حزينا لأن شعراءنا، وأتمنى أن أكون مخطئا، ما كلفوا أنفسهم كتابة أبيات فى رثاء هذا الخالد النبيل الذى عاش غريبا ومات غريبا، سوى صديقنا بله الفاضل، ، كما أنبأتنى إحدى أديياتنا الشابات. لذا هزتنى مقالة الشاعر التونسى المبدع منصف المزغنى بصحيفة "24: الخبر بين لحظة وضحاها" الإلكترونية، فرأيت أن أبين لشعرائنا وأدبائنا كم هم مقصرون فى حق الفيتورى. وكما غطت المغرب عورتنا بدفن رفاته فى مقابر الشهداء، ومن قبل جادت اليمن ومصر بستر عملاقنا الجيلى عبدالرحمن وعلاجه ومواراة جسده الطاهر، يجود علينا الآن الشاعر المبدع المزغنى بإنصاف الرجل وهو فى رحلته الأبدية.

    24: الخبر بين لحظة وضحاها

    الشاعر التونسى منصف المزغني

    جواز سفر الفيتوري إلى قبره

    الخميس 30 أبريل 2015 / 22:46

    منصف المزغني

    ١-

    عن السفر بلا جواز السفر

    سقراط وهوميروس وامرؤ القيس والجاحظ وأبو نواس والمتنبي والمعري وابن خلدون وكبار الرحالة والمستكشفين مثل "ابن بطوطة" وَ "ماركو بولو" و"كريستوف كولومبس" و"فاسكو دي غاما" لم يحتاجوا في عصورهم القديمة إلى وثيقة اسمها جواز السفر وأوراق ثبوت جنسية، فمسقط رأسهم محدّد في الارض، ولكنهم لا يعرفون حدوداً لموضع أرجلهم على الأرض، إنهم يحطون الرحال في هذه البلاد أو تلك دون وقوف في طابور بسفارة طلبا لتأشيرة قد تُعَطى أو تٰرْفَض، وهكذا لم يكن شغلهم ساعةَ السفر غيرَ زادٍ وزوادة، وراحلةٍ للبر أو سفينةٍ للبحر.

    ولو كان أمرُ الحدود بين البلدان قائماً بالشكل الذي نعرفه الآن بين البلدان، لما أمكن لكثير من الكتاب والشعراء أن يهربوا بجلودهم من عيون حرس حاكم غاضب عليهم، ولما وجد أبوالطيب المتنبي طريق الهرب من مصر زمن كافور الاخشيدي، كما لو كان ناس القرون الماضية يعرفون جواز السفر والتأشيرات، لقضى رحالة شهير مثل ابن بطوطة شطر عمره وهو يتنقل بين السفارات في انتظار التأشيرات، ولما أمكن له الوصول من أقصى المغرب العربي إلى بلاد الصين ، وهو يعبر بلدانا مفتوحة البر والبحر.

    لم تكن الأرض معروفة بشكلها الكرويّ، كانت تسمى أرض الله الواسعة، وكان المسافرُ كالعصفورة، بلا جواز سفر أو جنسية أو تأشيرة.

    ٢- جواز السفر بين الحق والمنحة

    ماهي جنسية المبدع في العصر الحديث، وقد صار الكلُّ مربوطاً بجنسية وجواز سفر؟

    ولسؤال كهذا خاطب الشاعر محمود درويش وطنه المغتصب فلسطين حين تأمل جواز سفره غير الفلسطيني:

    "أيا وطناً لم أجد ختمه في جواز السفر؟"

    لقد صار جواز السفر حق هوية، بل هو ابسط حقوق المواطنة في المواثيق الدولية في العصر الحديث، إنّه ليس ثواباً أو عقاباً، ورغم هذا، فإنه بات يخضع للابتزاز والمساءلة، وشهدت أغلب وزارات الداخلية العربية وغيرها من الأنظمة الشمولية الأخرى في العالم، ملفات قاسية وفصولاً مؤلمة للسياسيين والمبدعين والمعارضين خاصة، فقد فَقَدَ الكثيرُ من هؤلاء جنسيتهم الأصلية واضطروا إلى حمل هويات أخرى.

    كانت الجنسية تُسْقط وجواز السفر يُسْحَب من المغضوب عليهم كما تُسْحَبُ رخصة السياقة من المخالفين لقواعد المرور. وفي الوقت نفسه كانت الجنسيات تُمْنَحُ، وجوازات السفر تُعْطَى لغير مواطني بلدانها من الرياضيين وَالراقصات والموالين الأجانب والغرباء والسياسيين واللاجئين والمرتزقة وغيرهم، ولا تُمْنح التأشيرة لكل شخص مشبوه أو غير مرغوب فيه.

    ٣- الفيتوريُّ السودانيُّ الليبيُّ البِدونيُّ

    أ-

    كانت للشاعر السوداني المولد، السوداني الجنسية، محمد مفتاح الفيتوري، خلافاتٌ مع نظام جعفر النميري في السودان جعلت الأخير يُسقط عن الشاعر الجنسية السودانية ويسحب منه جوازَ السفر سنة 1974.

    وحين علم العقيد الليبي معمر القذافي بوضع هذا الشاعر المتميز"صنّاجة أفريقيا العربية"، فالتَقَفَهُ ومنحه جنسية ليبية وجواز سفر، ومناصب ديبلوماسية مريحة في روما وبيروت والرباط حتى إسقاط نظام القذافي سنة 2011 .

    وحين جاءت جماعةُ "الربيع الليبي" إلى السلطة في طرابلس، أسقِطت الجنسيةُ الليبية عن الشاعر، فلم يعد ليبيّا ولا سودانيّا، وصار في شيخوخته مقيماً بالمغرب بلا وطن محدد، ومن جماعة ما يسمّى (البدون) .

    ولكن، سوف ينتظر الفيتوري العجوزُ (الذي توغل المرض في جسده الصغير) الموتَ البطيءَ في المغرب حيث يحيا مع زوجته المغربية وابنتهما .

    ولعل كان يسترجع بيت عبد الرحمان الابنودي :

    عاد اللي يعجّز في بلاده

    غير اللي يعجز ضيف.!!

    ب-

    بعد ثلاث سنوات تذكّر النظّامُ السودانيُّ بقيادة عمر البشير أن الفيتوري الليبي صار بلا جواز سفر وبلا جنسية، وهكذا جاء وفد سوداني ديبلوماسي الى المغرب بحثا عن الشاعر لتسليمه هدية لم يطلبها: إرجاع الجنسية السودانية، وجواز السفر السوداني بعد أربعين عاما (1974-2014) من الحرمان والنسيان.

    في مقطع الفيديو الذي صوّر زيارة الوفد الرسميّ ووثّقها، ظهر الفيتوريُّ مذهولاً وهو لا يدري ماذا يحدث حوله، فقد كان في غيبوبة شاملة وهو يستلم جواز سفره، ولم يشعر بلذة الهدية التي صارت شبيهة بوصول طوق النجاة لمن غرق.

    ولا قبور للشعراء

    أ-

    حين بلغ الفيتوري شاطىء الموت لم يكن محتاجا لجنسية، أو جواز سفر، أو حتى إلى قبر.

    كان السودان هو المحتاج إلى ابنه الفيتوري الذي قال فيه:

    في زمن الغربة والارتحال/ تأخذني منك وتعدو الظلال/ وأنت عشقي/ حيث لا عشق يا سودان/ إلاّ النسور الجبال/ يا شرفة التاريخ/ يا راية منسوجةً/ من شموخ النساء/ وكبرياء الرجال؟

    ب- حين مات الشاعر الفيتوري أكثر من مرة بين إشاعة وتكذيب، كان الشاعر محتاجاً الى المساعدة، ولكنه لم يجد إلاّ صدى بيت لمحمود درويش:

    "يحبّونني ميّتًا كي يقولوا: لقد كان منّا وكان لنا"

    ج-

    - ماذا ينفع الشاعر إِنْ تنازع النظام السوداني مع زوجة الشاعر المغربية وابنته حول دفنه؟

    - هل ربحت الزوجة معركة دفن الشاعر في الارض المغربية العربية الأفريقية التي كانت مثواه الأخير؟

    - وهل خسرت الديبلوماسية السودانية معركة دفن الفيتوري في أرض السودان؟

    - لم يدرك الذين سلموه الجواز أنّ الأوان فات لتسليم الشاعر جواز سفر

    - لقد بلغ الفيتوري الشيخوخة التي أوصلته إلى مطار الديخوخة، فلم يعد محتاجاً إلى جواز سفر أو قبر.

    د-

    - غادر الفيتوري هواء الكرة الأرضية على ظهر اللغة الشعرية إلى ما أبعد من جنسيةٍ يسحبها النميري ويعيدها البشير، وأعلى من نياشين القذافي، وأغلى من جوائزه القليلة، ومن عشقه الرومانسي لافريقيا ومن قبره.

    - لكنّ قبره تحدّه الفصحى بأغنية لا تموت:

    "عشقي يفني عشقي / وفنائي استغراق / مملوكك لكني / سلطان العشاق"

    - والحق الحق!

    - الحق هو ان الشاعرالفيتوري عاش حياة مأساوية مثل افريقيا ، وهو حي يرزق في اعماله الشعرية في:

    " دنـيـا لا يـمـلكُها مــن يـملكُها /

    أغـنـى أهـليها سـادتُها ..الـفقراءْ /

    الـخـاسرُ مـن لـم يـاخذ ..مـنها مــا تـعـطيه عـلـى ..اسـتحياء/

    والـغـافل مــن ظــنَّ الأشـياءَ هــــــى الأشـــيـــاء !

    / تــاجُ الـسـلطانِ الـغاشمِ تـفاحهْ / تـتأرجح أعـلى سـارية ِ ..الـساحهْ

    تـــاجُ الـصـوفـى ..يُــضـىْ / عــلــى سِــجـادة ..قَـــشْ

    صـدقـنى يــا يـاقوت ..الـعرشْ

    أن الـمـوتـى لـيـسـوا ..هــمْ هــاتــيــكَ الــمــوتــى

    والـــراحـــة لــيــسـتْ هــاتــيــك ..الـــراحـــة".

    - لقد صار الشاعر محمد مفتاح الفيتوري ساكنًا مرتاحًا في ديوانه،هاربًا من قبره و فاتحاً أبياته كي تسكنها ذاكرة الأحياء فوق أرض من الألَم و تحت سماء هي الفصحى .

    مرة اخرى: شكرا على مرورك وجميل كلماتك فى حق فقيدنا وما جدت به على أبياتى من كرم تذوق.

                  

03-13-2016, 10:00 AM

محمد أبوالعزائم أبوالريش
<aمحمد أبوالعزائم أبوالريش
تاريخ التسجيل: 08-30-2006
مجموع المشاركات: 14617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    الله يجازي الهكر

    بعد كل ذلك المجهود المبذول في البوست الأصلي

    ها أنت تبذل مجهود مضاعف لإعادته

    خضر الله ذراعك ويراعك

    تحياتي

                  

03-14-2016, 11:47 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: محمد أبوالعزائم أبوالريش)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #49

    Title: Re: الـفـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــ

    Author: عبدالأله زمراوي

    Date: 06-08-2015, 10:43 AM

    Parent: #48

    Quote:

    يا صنو الروح

    وياقوت الشعر

    ماعاد سؤالك يقلقنى

    " تبكيني أم أبكيك؟"

    فبكاؤك قد عز على

    عينين مسهدتين

    لا أبغى لهما العذر

    لكن سؤالا دهريا

    ما أنفك يدور

    ما معنى الغربة؟

    وفيم الضيم؟

    وفيم القهر؟

    ولماذا صلف الناس؟

    وجحد حقوق الخلق؟

    فتظل دموع

    تجرى كالنهر

    و”النيل ثوبٌ إخْضَرْ"

    ويظل سؤالك يقلقنى

    أبد الدهر

    "هل انت أنا؟"

    فالموت لصيق الغربة يا هذا

    والنزف يظل يدوم

    والوطن بعيد

    فأنت الـ"عصفور غريب"

    تتنقل بين الأغصان

    "لشهورٍ ثم تطير"

    و الروح تطير

    تحلق فوق سماء الخرطوم

    "تُعانقُ الحُقولَ والمراعى

    وأوجهَ العُمالِ والزُراعِ"

    والجو مطير

    والدمع غزير

    و "الفجر جناحان

    يرفان عليك"

    والحزن عليك

    قد كحل أعين

    كل المظلومين

    وعشقك يا هذا

    "يفنى عشقي"

    واستغراق فنائك قدرى

    فمنك تعلمنا

    معنى الشعر

    وقول الشعر

    ووزن الشعر

    ونزف الإحساس

    فشعرك ينسج

    الشموخ زينة الإباء

    للنساء

    وراية الرجال

    فى كبرياء

    يدور حول "شرفة التاريخ"

    كالـ"فراشة المجنحة"

    يطوف فوق كل رأس

    "تعدو به الريح"

    "على ضفافِ المَقرنِ الجميل"

    فيحبس الأنفاس

    ورغم كل هذا

    يبخل الأنجاس

    بما لا يملكون

    كم نحن جاحدون!

    لانه لا يهمنا ما يفعلون

    لانأبه من تكون

    يا صدق الكلمات

    وكل شهيد قد مات

    ولا نعرف عنك

    وأنت الهاوينا

    فردا فرد

    فتظل تمد اليد

    "يدك الممدودة" تمتد

    تطاول أفق الشمس

    ولا من ملجأ لك

    ولا من يعتد

    خانوك يا ضميرنا

    ياصوت الحق بيننا

    ونور عزنا

    خانوا شعر نورنا

    تنكروا لمجدنا

    لكن يا شيخنا

    ستظل دوما عندنا

    صنو الروح

    وياقوت الشعر

    دوماً تأسرني لغتك الشعرية الفخيمة الصادقة الصادحة التي ترثي بها عظماء السودان وللحقيقة أقول بأن فريدتك ورد الورود في رثاء الراحل وردي فاقت كل ما قرأت في هذا المجال

    وقد حدثتك شخصيا بأنني اقتبست من رويها وتفعيلتها في نص كتبته في المدينة المنورة.

    يا ليت لي لغة رفيعة كمثل لغتك حتى أوفي الكيل لأصدقاء رحلوا عنا وما قدرناهم حق قدرهم وإن ذرفنا الدموع.

    لله درك من شاعر عالم ووفي!

                  

03-18-2016, 06:58 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #50

    Title: Re: الـفـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــ

    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد

    Date: 06-16-2015, 03:48 PM

    Parent: #49

    محمد أبوالعزائم أبوالريش

    أسمك يا صديق الفكر فيه

    تجمعت أبعادُ تاريخٍ

    وحسنُ معانٍ

    وقد تُحُمِّد فيه مطلعه

    وثنى بإسم أشياخ

    تمدد فضلهم، أحفادُ بيتِ

    محمدٍ أجدادهم حسنانِ،(1)

    فى أرض دجلة والفرات

    وساقية حمراء فى أرضِ

    مغاربٍ ونيلٌ فى تخم أسوانِ

    من كرم الموائد أغدقوا

    فيض "العزايم"

    أو عساهم جمّعوا همما

    وعزما تأكد حسمه

    عند كل أوان

    والريش زان قوادمًا

    لفوارسٍ أو خلعة السلطان(2)

    وقد تجلى كل ذلك فيكَ سميهم:

    كرما، وتحمل فى جوانحك

    الرحيبة وعيا وأشعارأ

    وفكرا وإيقاع موسيقى

    عزفا من كل ألوان

    (1) أبوالعزائم الأكبر "صاحب الإسم" كان أبوه من نسل الحسين وأمه من نسل الحسن أبناء على بن إبى طالب رضى الله عنهم. وتمددت الأسرة من ساقية الذهب الواقعة بين الجزائر والمغرب إلى العراق ومصر والسودان وعلى سواحل البحر الأحمر. ومع الأسف فإن إسهام الإمام محمد ماضي أبو العزائم الفقهى ودوره فى تبسيط ضرورة الثورة ومقوماتها، لم يدرس حتى ولو بالقليل مما يجب دراسته. ويقال أن الإسم كناية عن العزيمة والهمة. وهناك رأى شفاهى إضافى يقول بأنه كان كريما ويعقد الولائم للناس خاصة الفقراء، فكنى بأبو "العزايم" وهذه سودانية محضة؛ أى أنه كان كثير "العزايم". أنا طبعا لا أدرى العلاقة الأسرية التى تربط صديقنا محمد أبوالعزائم أبو الريش بكل هذا العمق التاريخى الهام.

    (2) أما إسم أبو الريش ففيه مخارج إثنوقرافية كثيرة. أولها أنه كان كناية عن رئاسة القوم وعلو المكانه. وكان الريش يستعمل كإشارة طقسية لتلك المكانة كنوع من التتويج. وهو أمر نراه كثيرا فى التراث التاريخى والثقافة-الحضارية لقبائل ومجموعات فى إفريقيا ووسط سكان أميركا الأصليين. وعلى نفس المنطق تشير روايات إلى أن قادة القوم من المحاربين كانو يتقلدون على رؤوسهم الريش. وذكر بعضهم أنها ريشة واحدة فى مقدمة الرأس. وتذكر بعض المصادر أن الريشة كانت تكريما من السلاطين توضع على رؤوس القواد الذين يبلون فى المعارك أو من يقدمون أعمالا جليلة للسلطنة. وقيل أنها كنية لرامى السهام الماهر الذى يجيد التصويب بـ"الرائش" من السهام أى السهام التى فى مؤخرتها ريش يساعدها على طرد الهواء ودقة وسرعة الإنطلاق نحو الهدف. وقيل أيضا أنها كنية لصانع السهام المريشة. وذكر أنها من ريشات توضع على قوادم فرس الفارس. وقال بعض العارفين برمزية الثقافة الحضارية أنها كنية لعلو المقام وبطر العيش وهى تشبيه بالهدهد.

    Quote:

    يا سلام عليك بروف عبدالرحمن،

    هكذا يكون الكلام عن الفيتوري (ياقوت الشعر)

    نحتفي به ولا نودّعه، فهو في داخل كل منّا

    شكرا عزيزى محمد وقد طاب لى بديع تخيرك لمواضيع ثرة ومداخلات لها أبعادها. وأكد لى تخيرك لموضوع "ماما آفريكا" مريام ماكيبا عمق وعى بأبعاد الفن الموسيقى الملتزم والوعى والنضج السياسى الذى شكلته مريام ماكيبا. وهو موضوع أتمنى أن نعود إليه مرة أخرى.

    أما فيض ترحيبكم وكرم وفادتكم لى عند زيارتى للدوحة قبل عامين فمازال يشكل فى نفسى نقلة نوعية أعادت لى الإحساس بانسانيتى التى تكلست خلال الخمسة وثلاثين عاما فى أرض البرد والصقيع والبرود. وقد زاد من زخم الذكريات ليلتنا الشعرية وأمسية نبش المجهول من التاريخ. وكما ذكرت أمسية الليلة الشعرية، فإن الدوحة رغم حفاوتها وجمال قاطنيها من أهل السودان، إلا أنها تحمل بالنسبة لى أبعادا مزدوجة.

    فقد كانت الدوحة خاتمة تطوافى بمدن الخليج عام 1980 بانيا ومثبتا علاقات وطيدة مع أجهزة الثقافة والمعارف والمكتبات والمؤسسات العلمية، مما تتوج بفتح منافذ لمنشورات دار جامعة الخرطوم للنشر. وكانت الدوحة محطة لقاء، كما كانت مؤخرا، مع أصدقاء أعزاء طال فراقى لهم. فسعدت ونعمت بصحبتهم وإجتررنا ذكريات لا تنمحى ولا تنسى. وكانت الدوحة أيضا ساحة لقاءآت فكرية وثقافية وأدبية لعدد من شوامخ الكلمة فى العالم العربى. وكانت الدوحة أيضا مفتاح غربتى التى طالت إلى يومنا هذا. ففيها أكملت طلبى بالإلتحاق بجامعة بوسطن تحت إلحاح صديقى العزيز، موضوع هذا البوست، الشاعر الفذ، موسوعة الفكر والثقافة، واللغوى البحر، والإنسان الجميل، والرجل الكريم المعطاء، وأخو الأخوان، النور عثمان أبكر. وهنا تكمن مأساوية الدوحة لى حينما أجتر أول زيارة لى عام 1980. لذا سيكون هذا البوست وتوابعه سردا لصداقة نادرة بأخى النور, وسوف أنشر لأول مرة مرثيتى فيه لأبوح لأخى الأديب الأريب أحمد الأمين بمكنونات حفظتها عقودا؛ نزولا عند رغبته بأن الأوان قد أزف لا طلق من أسرها ثمار نتاج فكرى ونزف مشاعرى. فله ولك الإعزاز والتقدير.

    وإلى التالى من سيرة شاعرنا الفذ.

                  

03-20-2016, 06:30 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #51

    Title: Re: الـفـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــ

    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد

    Date: 06-17-2015, 02:53 PM

    Parent: #50

    إغتم الضوء فى حجرة المكتب فجاءة وأنا جالس أتصفح بعض التقارير فنظرت صوب الباب؛ فإذا بشامخ عملاق يقف عند عتبته ويقوس ظهره منحنيا مطاطىء الراس وقد علت وجهه إبتسامة ودودة، وهو يقول: "بيبانكم دى ما لازم يراعو فيها ناس نحن" وضحك وضحكت من صورته تلك وتعليقه. فتقدم إلى وسلم مصافحا وضاغطا على كفى بقوة وحرارة وهو يقول: "أخوك النور عثمان أبكر"

    كنت أسمع بالأسم يعرض حينما يتحدث الناس أو يكتبون عن الصحوة الشعرية، ونقرأ نتفا من شعره وهو الغائب عن أرض الوطن سنينا عددا. وأتفهم الآن معنى حديث الصديق الأديب الأريب الأستاذ أحمد الأمين أحمد عن طول الغياب خلف مياه المحيطات، وكيف أن البعيد عن العين ليس فقط بعيدا عن العقل والخاطر، وإنما مجحف فى حق من كان لهم الحق عليه أن يشركهم فى نتاج فكره ورقص مشاعرة ودفقات أحاسيسه. وهذا باب آخر لا أريد الولوج منه الآن، ولكنه أمر هام يجب التنويه والإشارة إليه. ولم أكن ساعة دخول النور مكتبى مهيئا على الإطلاق لإستيعاب أو حتى تصور هيئته الفارعة البنية. ولكنى كنت قد سمعت عنه وعن طوله ومرونته ومقدراته الرياضية من مدربنا لفريق جامعة الخرطوم لكرة السلة المرحوم عباس خوجلى، لاعب فريقنا القومى، وهو يسرد لنا سير اللاعبين الأسطوريين الذين تعاقبوا على فريق الجامعة. ولكن عقلى لم يربط لحظة دخول النور بذلك الزخم التاريخى فى مجال الجمال والتعبير فية بحركة الجسد رياضة، وليس التجرد الفكرى بالكلمات وموسيقاها. وبلا مقدمات جلس على كرسى الجلوس فى ركن المكتب وقال بلا تكلف ولا بروتوكولية "قهوتكم وينا؟ وكان عندكم موية داير لى منها جغمه جغمتين." فأنفرطت أسرايرى وفرحت من عمق تلك العفوية والمباشرة السودانية الأصيلة المحببة.

    وبمحدودية تفكيرى القاصر المنحصر أيامها فى كيفية النهوض بدار جامعة الخرطوم للنشر، ذهب عقلى إلى أنه حتما جاء يستفسر عن حركة توزيع ديوانه "صحو الكلمات المنسية" الذى كنا قد نشرناه له. فقال لى "الكلمات دى خليها هسى. أنا يا زول جيت راجع زول قعاد تب؛ وبتشوف أنا حأصاقركم لامن تكرهو اليوم الجيتكم فوقو. أحبك يا سودان!" وضحك ضحكته المجلجلة تلك، وكان عائدا يومها من ألمانيا. وحكى لى كيف أن حياته ونظرته للحياة قد تغيرت منذ يوم وطئت قدماه أرض ألمانيا وعمله الموسمى فى جنى ثمار شجر التفاح والكروم (قالها هكذا وهو يقصد العنب)"؛ وحياة العمل المتواصل التى تشابه الآلية للزراع فى ألمانيا خاصة وأوربا عامة مقارنة بالجهد حسب المقدرة والمزاج عندنا والتكويعة، مع مراعاة هجير الشمس عندنا. وهنا بدأت الرؤى تتطابق والتجارب تتقارب.

    فذكرت زيارتى إلى برلين وهامبورج ودرسدن وبون وبوتسدام مدينة أجمل حدائق القصور الفخيمة منذ أيام عز الإمبراطورية الألمانية. وأذكر أنه إنفعل حينما علم بأننى قدمت محاضرة فى مقهى الحانة الذى كان يؤمه شاعر الألمان جوته فى مدينة لايبزج، ومازال ركنه محفوظا إلى يومها، فقال لى بفرح "دا بكان فيه عمق التاريخ والثقافة الألمانية". وتحدثنا طويلا عن جوته وعطاءة الفكرى وعمق شعره وبديعته فاوست. فسألنى بالألمانية أن كنت أعرف التحدث بالألمانية. فرددت عليه بلغة ألمانية سليمة بأننى لا أعرف الحديث بها. فرد على ضاحكا بالألمانية "ولكنك تتكلمها بطلاقة". فضحكت وقلت له هذه خدعة تعلمتها أثناء فترة تدريبى حينما نلت تدريبا فى صناعة العطور والمركبات العطرية ومواد التجميل فى هولتزمندن على ضفاف نهر الفيزر فى إثنين من أعرق مصانع العطور فى ألمانيا الغربية يومها. ولما لم يستطع تحديد المدينة ذكرت له أنها تقع جنوب كراينزن والتى تقع بدورها جنوب هانوفر تلك المدينة الشهيرة بأضخم معرض تجارى فى العالم يومها.

    PerfumerysudanNaturalExtractscopy1971.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    أول يوم لى عند وصولى لمصنع إستخلاص العطور فى هولتزمندن

    بألمانيا مع كبير الكيمائين بالمصنع ومدير الأسواق العالمية

    .

                  

03-22-2016, 02:59 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #52

    Title: Re: الـفـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــ

    Author: munswor almophtah

    Date: 06-17-2015, 11:03 PM

    Parent: #51

    رمضان كريم يا دكتور ويا أستاذ أحمد الأمين والشاعر زمراوى وكل المتداخلين بوست يستحق أوسكار

                  

03-22-2016, 04:31 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #53

    Title: Re: الـفـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــ

    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد

    Date: 06-19-2015, 02:17 PM

    Parent: #52

    شكرا منصور ورمضان كريم على الجميع.

    نتابع ذكرياتى مع المرحوم الصديق النور عثمان أبكر.

    وتحدثت بمشاعر فياضة عن كيف أن تلك المدينة الصغيرة، أو قل القرية، هولتزمندن وضفاف نهر الفيزر كانا من أجمل ما رأيت فى حياتى من جمال للطبيعة وهدوء سكون للكون فى حضن تلك الطبيعة المذهلة، والماء الرقراق، والأرض التى غطتها أبسطة من الحشائش الندية، والأزاهير البرية الدقيقة والأقاحى، وفوقها الفراشات تدور محلقة تعلو وتهبط وأنا أتتبعها فى إسترخاء؛ والطيور الرقيقة ترتقى الأفق لتلفت أنظارك إلى جمال التلال والهضاب الخضر -- والمطر راز ناعم متناهى الذرات. وقلت له أننى هناك أصابنى ما أصاب على بن الجهم حينما أنشد رائعته التى مطلعها:

    عـيون الـمها بين الرصافة والجسـر

    جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري

    فقد كتبت أجمل وأرق أشعارى هناك. وهنا تنبه وتنبهت قبله إلى أنى بحت بسر كنت أكتمه فى نفسى. فمنذ عام 1970 لم أنشر شعرا ولم يعرف إنسان يومها أننى أقرض الشعر. فكان بوح عفوية وثقت علاقتنا؛ لأنه لم يكن أحدا غيرة يعرف أننى كنت أكتب الشعر سوى شاعر الكويت خليفة الوقيان وشاعر البحرين على عبدالله خليفة الذين ضمتنى معهما جلسات ودية أيام الشباب قلت فيها بعض أشعارى. ورغما عن مجالستى لفحول الشعراء وأرق ناظمى القريض لم أكن أعلن كتابتى للشعر بعد موقف عام 1970 الذى أقسمت بعده أن لا أنشر شعرى أو ألقيه فى مناسبات عامة أو خاصة. فكنت طوال تلك الفترة مستمعا متلقيا وقارئا للشعر فقط، وأكتب فى كراستى وأحتفظ. ولكن ذلة اللسان تلك كانت رابطة ود وعلاقة بيننا. إذ سألنى لماذا لا أنشر هل لأن شعرى "زبالة" أم هو "أكثر إبتذالا من شعر أبى نواس". فضحكت وقلت له ليست الأخيرة على كل حال، ولكنه خيارى. فضحك وقال أنه يريد أن يسمع شيئا منه ليحكم فلربما ينصحنى بعدم إضاعة وقتى. فقلت له كل شئ بأوانه.

    وهنا قال لى "إنت عندك شنو يوم الخميس المسا؟" فقلت له "ليه؟" فقال بأنه قد دعا بعض الأدباء والشعراء والتشكيليين الشباب ويمكن أن أعرف أو أتعرف على بعضهم. فأتفقنا على أن نلتقى مساء الخميس. وهم بالإنصراف. فقال لى مودعا يا ربى ما بلقى لى زول ماشى بحرى عشان مارقريت (قالها وكانه إفترض أنى أعرف من هى) شالت العربية وما داير أقعد أكثر من كده. ولم أكن أدرى أنه كان متزوجا من ألمانية وهى مارقريت، ولكننى خمنت. فقلت له أنا ماشى بحرى عشان أنا ساكن هناك. فقال بمرح وبصوت عال "بحرى نفر". فضحكت لأننى تذكرت عمنا أحمد المنادى فى موقف سيارات التاكسى بالمحطة الوسطى بالخرطوم، وهو ينادى بصوته الأبح الأجش "بحرى..بحـرى...بحرى نفر"، يريد ليكمل عدد ركاب "الطرحة" خمسة. المهم تجاذبنا الحديث حتى أوصلته إلى بيته فى أطراف الصافية. ورغم إصراره أصررت من جانبى على عدم إمكانية دخولى لأننى أريد الذهاب للمنزل لأنام قليلا لأنه كان عندى تمرين لفريق الصاندى (وهو فريق يضم قدامى اللاعبين وفيهم الدوليون والعجائز، يلتقون كل يوم أحد بميدان الجامعة)

    SUNDAYTEAMAugust1997copy.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    يظهر فى الصورة من اللاعبين الدوليين نصرالدين عباس جكسا لاعب الهلال وعوض

    الكباكا لاعب الموردة ومحمد عابدين "أورنجيتا" من الأهلى والمدرب المقتدر المرحوم

    عبدالفتاح حمد الذى أحرز الكأس الوحيد فى تاريخ السودان، وهو كأس إفريقيا

    .

                  

03-25-2016, 02:00 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #54
    Title: Re: الـفـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــ
    Author: احمد الامين احمد
    Date: 06-22-2015, 03:05 PM
    Parent: #53



    تقبل الله صيام وقيام شيخنا عبدالرحمن فى محرابه البعيد وكل من يتابع هذا البوست المحتفى منذ أمد بحدث حضارى لا يتكرر سوى مرة هو رحيل الشاعر الفذ محمد المفتاح رجب الفيتورى
    وقد أيقظ الحدث المهيب ذاكرة أستاذنا عبدالرحمن وأشعل شاعريته فتكرم علينا بالمرثية التى شكلت محور البوست وصار عبرها قلم أستاذ عبد الرحمن يتحرك بقوة وحُب ومرونة بين الشخوص وألأزمنة و الأماكن التى إندثر جلها
    .
    بوصول ذاكرة أستاذ عبدالرحمن لذكر وذكرى وتذكار وتذكر صلته (القديمة ) بصاحب (صحو الكلمات المنسية ) و (غناء للعشب والزهرة ) الشاعر السودانى المفكر والمترجم الخلاق النور عثمان أبكر ( جدثه بمدافن المسلمين بأبى هامور بدولة قطر مثلما جدث الفيتورى بمقابر الشهداء بالمملكة المغربية وهذا ملفت جدا ) توقفت بقوة على المقتبس أدناه من حديث الشيخ عبدالرحمن ويقرأ :
    **
    فسألنى بالألمانية أن كنت أعرف التحدث بالألمانية. فرددت عليه بلغة ألمانية سليمة بأننى لا أعرف الحديث بها. فرد على ضاحكا بالألمانية "ولكنك تتكلمها بطلاقة". فضحكت وقلت له هذه خدعة تعلمتها أثناء فترة تدريبى حينما نلت تدريبا فى صناعة العطور والمركبات العطرية ومواد التجميل فى هولتزمندن على ضفاف نهر الفيزر فى إثنين من أعرق مصانع العطور فى ألمانيا الغربية يومها.
    ** إنتهى المقتبس .

    1- أندهشت كثيرا من علاقة خريج كلية أداب -جامعة الخرطوم (حين كانت دار حكمة ) شأن بروف عبدالرحمن بالتدريب فى صناعة العطور !!!؟؟ عليه هل لعطارة والدك الشهيرة بالسوق العربى صلة بالأمر علما أنك فى مداخلة فى بوست قبل أكثر من عام توقفت بقوة وحُب حول تلك (العطارة ) التى يملكها الوالد له الرحمة وشكلت محورا هاما فى شخصيتك وذاكرتك ومعرفتك منوها انها كانت مجمعا للكثير من الرموز السودانية من مهن وطبقات شتى .

    2- معلومة مذهلة فى المقتبس أعلاه تفيد طلاقة لسانك فى لسان غوتة وشيللر خاصة حين تحدثت مع النور عثمان أبكر وهو يكاد يكون أشهر سودانى مرتبطا باللغة الألمانية ذات الأصوات الصعبة والجافة جدا وقد ترجم عنها قبل وفاته كتابا لرحالة طاف قديما بدارفور حين كانت أرض حياة وحضارة وتعايش (قبل جحافل الجنجويد و ومناوئيهم من الحركات المسلحة .)
    معرفة جيلك واسع الإطلاع ومنهم منهم النور عثمان أبكر بأكثر من ثلاث لغات حية جلها أوربية أمر يكاد أن يندثر عصرنا رغم سهولة التعليم وكثرة حركة جيلنا بين الأقطار الأوربية تحديدا حيث يصعب الوقوف على مُتعلم ذرب اللسان فى ذاك اللسان الألمانى تحديدا لدرجة النقل عنه مثلما فعل النور عثمان أبكر حين ترجم كذلك من أشهر المتحدثين باللسان الجرمانى من جيلكم الدكتور المفكر السودانى محمد سليمان ( من أبناء حى العرب ويقيم بلندن ) وقد أوصله ذوقه وحسه المعرفى النادر ومعرفته باللغة الألمانية مقدرة عالية جدا مكنته من ترجم أشعار لبريخت ونشرها فى كتاب وهو كذلك صديق مقرب جدا من الشاعر النور عثمان أبكر الذى بدأت مداخلات فى ذكره بهذا الحب وقد كان رفيقه فى السكن الجامعى بجامعة الخرطوم قبل إنتقال كحمد سليمان للدراسة بالمانيا .

    تحية وتقدير بروف عبدالرحمن وعسى المزيد من الفيض والتدفق بمثل هذه العذوبة والسلاسة فى ذكر الوجوه الحضارية التى شكلت محاورا فى حياتك والأمكنة والأزمنة داخل وخارج السودان (القديم )
    تحية وتقدير الأخ منصور المفتاح على التحية .

    * إستدراك:
    فريق (الصنداى ) الذى كنت تتمرن معه فى ميدان جامعة الخرطوم الشرقى تحديدا فى زمرة (احرف ) اللعيبة على مر تأريخ السودان عهدنا بالجامعة كان يحمل إسم فريق (النجوم ) وكنا نتابع تمارينه لنستمتع بحرفنة جكسا الذى أوصلته (حرفنته ) تلك لذرى شاهقة فى وجدان امته لدرجة تغنى البنات بإسمه فى حفلات الأعراس على نغمات الدلوكة كذلك من شدنا بمهارته فى تلك الزمرة النادرة لاعب الموردة الحريف جدا بشير عباس الملقب فى زمانه ب (المدفع ) فهو رغم ضخامة حجمه كان يمتاز بمرونة وخفة ومهارة عالية جدا وله مقدرة مذهلة فى التحكم على الكرة و إخضاعها لقدمه السحرية وكان الكثير جدا من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة يتمرنون مع هذا الفريق منهم بروف محمد التوم (علوم ) وهو كذلك حريف جدا .





                  

03-27-2016, 05:38 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)



    عن البروفيسور عبد الرحمن إبراهيم
    محبة تزيد ، وتتعمّق ،ثم تتعملق مع السنوات .
    دائماً اللقاء سريعٌ . وقطرة ماء في صحارينا الفكرية لن تفي حاجتنا لك .وتفاءلت خيراً بأن بدأت تكتُب في سودانايل ،
    ثم بدأت إعادة النظر في كتابة الشعر . من أعمق أنواع الشِعر هو الذي يقيم ضفيرة مجدولة من السَهل المُمتنع .
    به تفتح القلوب أبوابها المغلقة ، ونستقبل المحبة التي لا عمر لها .
    رجلٌ مثلك تعود أن يقرأ كتاباً كل يوم ، لهو مؤهل أن يكتُب ، ونحن نقرأ .
    عاشق هزم أحجوة قديمة عن الرقم (13) فتزوج فيه . لم ييأس من ثِقل الأعباء ،
    إلى أن تذكرته الجباه التي لا تعلوه شأناً ، وسافر مبعوثاً وكان قد أفنى زهرة عمرة في خدمة العمل العام في السودان.
    والآن فليكتُب الشعر الحي وليكتب المقالة الرصينة والزاخرة بالمعلومة .
    وأهل سلاماً عليه أينما اتجه وأينما فعل ، فقد استوفى دين بلده منذ السبعينات .


    *
                  

03-28-2016, 08:19 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالله الشقليني)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #55
    Title: Re: الـفـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــ
    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد
    Date: 06-24-2015, 08:36 PM
    Parent: #54

    لك التحايا أيها الصديق الجميل الشفيف أحمد اللمين أحمد

    رمضان مبارك عليكم؛ وجعله الله واحة إستجمام روحى، وإستراحة إنبساط ذهنى، وبشارة خير دائم بإذن الله.

    لقد والله طوقت عنقى بكثير مما يفيض عن قدرى من الثناء. فأنا أجتر ذكريات كان لك القدر المعلى فى إستخلاصها "من جفيرها" كما يقول أخونا منصور المفتاح. هى تجارب أخنى عليها الدهر وطواها النسيان حينما صدئت الذاكرة من طول البعاد ومعاناة الغربة وما تراكمه على العقل والقلب من السهاد. وقبل أن أسترسل فى سرد ذكرياتى مع واحد من أعز الأصدقاء فكريا وإجتماعيا، أخى وصديقى النور عثمان أبكر عليه رحمة الله، رأيت أن أجيب على بعض تساؤلاتك عساها تضئ جوانب فى الفهم لأبعاد السرد وتفاصيله، بعد إنتفاء الغموض؛ رغما عن أنى خبرتك حصيفا ثاقب النظر عميق الرؤيا تتوهج فى عقلك الوقاد شفافية الأحساس وسبر غور ابعاد الشعور. وإلا فكيف لك أن تعرف بأننى لجأت للإستبدال لأعيد صياغة كلمة "العرش" من مفردات الحروف فى "الشعر". ولكنها عمق رؤيا الناقد الذى يعمل الفكر والعاطفة فى تقييم أبعاد الكلمات وعمق المعانى، فلك الشكر أن وفرت على الشرح مما كان سينقص من وقع النص.
    Quote:

    لاحظت عبر قصيدتك فى رثاء عبدالحى التى وقفت عليها لأول مرة فى هذا البوست هو ثبات المنهج الشعرى الدقيق والصارم فى ذهنك حين تكتب عن الراحلين تحديدا حين ترثاهم بذات قاموسهم وصورهم وأخيلتهم وعباراتهم لكن تفعل ذلك باسلوب سحرى فريد ينم عن قوة إطلاعك إنتاجهم وهذا ذات المنهج الذى إنتهجته حين رثي الفيتورى ووصفته انه ياقوت ( الشعر ) لاحظ قوة قريحتك حين أعدت ترتيب مفردات ( العرش ) وهى مفردات (الشعر) نفسها ف (العرش ) عند الفيتورى هو ذات (الشعر ) عندك لكن عبر أسلوبية وذكاء شعرى وسحرى لايقدر عليه سوى واسع الإطلاع فى اللغة مثلك

    أما لجوئى لكلمات الشعراء وقواميسهم وأخيلتهم وصورهم فهو مما يحتمه إلتزام الأدب والتأدب والإحترام لهؤلاء الأفذاذ وأن لا أتطاول على قاماتهم الشعرية أو الفنية بما قد لا يليق بمقامهم من قولى فرأيت أن أستعير كلماتهم وتعابيرهم لأرثوهم بها حتى أشعر بأنى أوفيتهم حقوقهم كاملة من فريد نظمهم وروعة مفرداتهم. وستلاحظ هذا أكثر وأعمق فى رثائى لصديقى النور عثمان أبكر فى القادم من المداخلات بإذن الله، تماما كما إستعملت ذلك فى رثاء عملاق الفن وردى. وهذا منهج إبتدعته من ولعى بتخصصى الأساس لمرحلة الماجستير فى علوم التواصل الإدراكى Cognitive Communications Sciences وهو التقمص الذهنى أو التشاعر العقلى Mental Empathy ويتلخص فى محاولة سبر فكر من تكتب عنه وتحاول أن تتقمص شخصيته عقليا ليكون ما تكتب أقرب إلى ما كان سيكتبه نفسه؛ وسأستفيض فى منهجى هذا فى سانحة أخرى بإذن الله.
    أما سؤالك عن
    Quote:

    - أندهشت كثيرا من علاقة خريج كلية أداب -جامعة الخرطوم (حين كانت دار حكمة ) شأن بروف عبدالرحمن بالتدريب فى صناعة العطور !!!؟؟ عليه هل لعطارة والدك الشهيرة بالسوق العربى صلة بالأمر علما أنك فى مداخلة فى بوست قبل أكثر من عام توقفت بقوة وحُب حول تلك (العطارة ) التى يملكها الوالد له الرحمة وشكلت محورا هاما فى شخصيتك وذاكرتك ومعرفتك منوها انها كانت مجمعا للكثير من الرموز السودانية من مهن وطبقات شتى

    بلا شك كان لوالدى عليه رحمة الله الأثر الأكبر فى شغفى بالعطور وتزودى بالعلم فيها حتى أرضى قلبه عنى وكنت قد أسعدته بقرارى عدم السفر إلى إلمانيا لدراسة الكيمياء الصناعية. فالكيمياء كانت حبى وشغفى وإفتتانى وكنت مبرزا فيها جدا، وقد إمتحنت فى الشهادة الثانوية مساقا علميا حيث جلست لأمتحان العلوم والعلوم الإضافية فى الشهادة السودانية والعلوم فى شهادة أكسفورد المتقدمة. ولكن مجموعى لم يسمح لى بدخول كلية العلوم فى جامعة الخرطوم ، إذ كنت أعانى من حدة مضاعفات إصابتى أيام ثورة أكتوبر. ولكن تم قبولى فى بعثة لألمانيا الغربية يومها لدراسة الكيمياء الصناعية. ولكن صحة الوالد عليه رحمة الله ورجاءه لى بالبقاء بقربه أرغمانى على القبول بدخول كلية الآداب وأنتهيت بشهادة فى علم من كلية الآداب وآخر من كلية الأقتصاد حيث تخرجت فى التاريخ والعلوم السياسية. ثم بعدها إلتحقت بكلية القانون ولم أكمل بها غير عام لإختيارى فى مواقع شبابية وطلابية قيادية فى إفريقيا والشرق الأوسط والعالم (وهذا أمر سأفرد له حيزا آخر بإذن الله).

    WAYEnviro2.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    المهم نلت تدريبا فى صناعة العطور والمستخلصات الطبيعية فى كل من هولندا وفرنسا والمانيا وبريطانيا وسويسرا. والفضل فى ذلك لحبى للكيمياء وتقديرى لبراعة والدى عليه رحمة الله فى العطور والعطارة والتطبيب بالأعشاب والمركبات الطبيعية الذى ورثه عن أجداده. وكان أول من صنع العطور فى إفريقيا وأمتدت شبكات توزيعه لمنتجاته لتشمل مصر والمغرب وكينيا ونيجيريا وتشاد واليمن والسعودية. فوالدى الحاج إبراهيم محمد عبدالرحمن الشهير بالبربرى صاحبمخازن عطارة الشرق، عليه رحمة الله، هو مثالى وقدوتى ومصدر علمى وعملى ونجاحاتى وحبى الذى لا تحده حدود للعلم وللسودان وأهله، جزاه الله عنى خير الجزاء. وقد كان، عليه رحمة الله، أول من صنع العطور فى السودان منذ الثلاثينيات إلى أن بنى مصنعة بالمنطقة الصناعية بالخرطوم بحرى. وكنت من صغرى لصيقا به أصحبه إلى الدكان فى السوق العربى. وكانت له خبرة عظيمة فى الأدوية العشبية اللى ورثها علية رحمة الله من أجداده فى المحس والجزء منهم الذى إستقر فى العاصمة الملوكية القديمة، قسطل وسط الحلفاويين فجمع معارف طبية رهيبة ومستخلصات عشبية وعطرية مما سهل له صناعة العطور وفنونها. وكان كثير من المرضى يحضرون إليه من "البلد" ومن السعودية واليونان ونايجيريا وإنجلترا وموريتانيا، ولكنه لم يكن يتقاضى منهم مليما واحدا فى أى علاج مهما كلف تركيبه. ورغما عن أن تعليمه لم يتعدى سنتين نظاميتين، إلا أنه عندما مات، عليه رحمة الله، كان يتكلم سبعة لغات وكان يحير خبراء العطور من الفرنجة حينما يشتم أى عطر ويشير عليهم بالشم فقط أن عطرهم يتكون من كذا وكذا من المواد والمركبات والمستخلصات. فكانوا يلقبونه بــ "المعمل التحليلى الأنفى Analytical-Lab Nose"، عليه الرحمة وله المغفرة من رب العالمين.

    وذلك من أمر العطور التى ما زلت أقوم بتركيبها إلى يومنا هذا، وأهديها للأصدقاء والأبناء والأهل. ووعد منى حينما إجئ إلى أرض الإنجليز سأحمل لك معى قارورة عطر ومنتجات من تركيباتى المبتكرة الفريدة المتفردة والتى نقوم الآن بتوزيعها مع إبتكارات أخرى فى الدول النامية نقلا للتكنولوجيا الآمنة والمفيدة عبر مجموعتنا التعاونية التى كوناها عام 1990 فى بوسطن بناء على مبادرة من علماء وأساتذة جامعات ومخترعين ورجال أعمال ذوى أصول من دول نصف الكرة الجنوبى، كان ومازال همهم نقل المفيد والآمن من تكنولوجيا متطلبات الحياة فى الدول النامية لمعالجة المشاكل المزمنة طبيعيا (وهذا موضوع سأفرد له مجالا آخر بإذن الله).

    أما قولك عن: "
    Quote:

    طلاقة لسانك فى لسان غوتة وشيللر خاصة حين تحدثت مع النور عثمان أبكر وهو يكاد يكون أشهر سودانى مرتبطا باللغة الألمانية ذات الأصوات الصعبة والجافة جدا

    فى الحقيقة لم أكن أتكلم الألمانية بطلاقة. ولكننى كنت مجودا لكلمات وتعابير تساعدنى فى قضاء إحيتاجاتى. ولكننى لم ولا أجيد التحدث بالألمانية وأن كنت قد درست فيها فى معهد جوته بعد ذلك. وما مقدرتى عليها إلا كقدرتى المحدودة فى النطق بكلمات فرنسية وإيطاليه وسلافونية وأمهرية وسواحيلية وإسبانية تمكننى من قول ما أريد قوله ويفهمنى الناس حتى ولو بركاكة. وقد كان ذلك نتاج أسفارى التى غطت 39 دولة فى أصقاع الأرض. وقد تضحك إذا سقت لك مثالا: فقد كنت يوما فى مؤتمر فى تشيكوسلوفاكيا, وأردت أن أقول بأننى متعب فمن المستحسن أن نستقل عربة أجرة إلى الفندق. فقلت كما فى طريقة التنميط فى أفلام "الهنود الحمر": "أنت وأنت وأنتى وأنا نسير بالأقدام إلى الفندق فى سيارة تاكسى" فضحك الجمع حتى بانت نواجزهم ولكنهم فهموا قصدى. فالعبرة يا صديقى هى تقليد البحارة فى معاركتهم للغات، وزى ما كنا بنقول فى بحرى "زلنطحية".

    أما كرة القدم فكانت هواية حبيبة إلى نفسى من عمر يافع، وكنت شغوفا بالرياضة عامة مما أكسبنى صلابة وقوة إرادة وتنافس مع نفسى وتحدى لذاتى، مهما كانت الظروف، بحمد الله. وقد لعبت لفريق جامعة الخرطوم، ومن قبله لفريق أشبال التحرير. ثم بعدها للفريق الأول لفريق التحرير حينما كان بالدرجة الأولى، ولكنى تقاعدت بعد عمر قصير فى الملاعب لتكرر إصابتى أصابات قاسية. وكذلك كان توقفى عن اللعب فى كرة السلة وكنت قد حصلت عام 1966 على كأس أحسن لاعب بجامعة الخرطوم، وكونت مع عدد من الأصدقاء أول فريق لكرة السلة بنادى التحرير ففزنا ببطولة الدورى فى نفس سنة تكوينه وصعد الفريق إلى الدرجة الثانية. أنا لا أورد هذا من قبيل الدعاية الشخصية، فقد ولى عهدها، ولكن المقام مقام توثيق لفترة هامة فى حياتى أكسبتنى مقدرة على فهم الناس ودوافعهم وحوافزهم وعزيمتهم وخوارهم، مما أثرى حياتى وشذب تعاملى مع الناس، وأكسبنى الإصرار على العطاء والبذل دون يأس، مع صلابة الإرادة وقوة العزيمة والإيمان المطلق بالعمل الجماعى.

    YOUSEFMARHOUMARROWRED.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
    هذه صورة تاريخية نادرة فى مباراة نهائى كأس المدارس الثانوية بين الخرطوم الثانوية والإنجلية (الكلية القبطية) فى إستاد الخرطوم وتضم الصورة عدد من النجوم الدوليين منهم كمال حسب الله والمرحوم نجم الدين حسن وابراهيم كبير ويوسف مرحوم وغاب عـن الصورة سمير محمد على حارس مرمى الكلية القبطية (حارس فريق الأهلى والفريق القومى) والدكتور محمد خير الزبير جناح أيسر الخرطوم الثانوية (إبن شمبات) وأعتقد أنه صار محافظا لبنك السودان .. الثامن من اليمين ومن ضمن الوقوف الكابتن يوسف مرحوم والسهم الاحمر يشر اليه .. الثاني من اليسار جلوسا هو أنا عبد الرحمن إبراهيم محمد والسهم الاحمر يشير الى .. وإنتهت المباراة بالتعادل دون أهداف رغما عن الزمن الإضافى و أقتسم الكاس 6 أشهر لكل فريق. رغما عن أن فريق الكلية القبطية كان يضم لاعبين كثيرين من الدرجة الاولى أمثال سمير محمد على و نجم الدين حسن وعبدالله ربيع وإبراهيم كبير وكمال حسب الله ويوسف مرحوم ودسوقي مصطفي وفيصل سيحة وحسن فنادق وجعفر بلة ومتوكل التوم والسر حسين والبلك وسمعة التحرير وعدة لاعبين آخرين. واللاعب الوحيد من الدرجة الأولى فى مدرستنا الخرطوم الثانوية كان قسم السيد ترانزستر من برى، و الذى يقف على يسار يوسف مرحوم وخلف المدرس المصرى. لذلك كانت المباراة مباراة أسطورية بكل المقاييس ومن أجمل المباريات الممتعة فنا وعطاءا إلى نهاية الزمن الأضافى. وقد تدخل المعلم العظيم هاشم ضيف الله وقال أنه "حرام أن تنتهى هذه المباراة بضربات الجزاء، والرجولة والإصرار اللى لعب بيهم الفريقين خاصة تيم الخرطوم الثانوية لازم يتكافأوا عليهم التيمين ويتقاسموا الكاس لمدة ستة شهور ستة شهور لغاية الدورة الجاية."

    UofKinAsmaraCollegecopy.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
    فريق جامعة الخرطوم لكرة السلة فى رحلتنا إلى إثيوبيا وأريتيريا فى أبريل من عام 1966


    عساى أكون قد أجبت على تساؤلاتك بما يرضى فضولك النبيل ياصديق.

    ومن هنا سأعود إلى ذكرى فقيدنا الشاعر النور عثمان أبكر ومرثيتى فيه التى لم تر النور من قبل؛ لعلها تقع فى إطار عقلك الوقاد نموذجا للوفاء الناقص فى حق أخ عزيز وصديق نبيل.




                  

03-30-2016, 04:40 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    إعـــادة إنـــــزال

    Post: #39
    Title: Re: فـــيــتـورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر:
    Author: عبدالرحمن إبراهيم محمد
    Date: 05-25-2015, 06:59 AM
    Parent: #38

    أخى وصـديقى بله محمد الفاضل

    يا صحبى قد جئتم
    بجميل الكلم و كل
    الأقوال الجزلى
    وحديث محمود فاضل
    فعددت القوم:
    من كتب كلاما
    ومن جلب قريضا
    وسألت النفس
    من من بين الإصحاب
    لم يزل "الفاضل"؟
    فإذا برفيق النظم
    يطل علينا يتأبط شعرا
    والنثر يثير لهيبا
    والجمر كلام يمشى
    يتوهج فى الطرقات
    يشير إلى بله الفاضل


    Quote:
    دمعٌ يترقرقُ في حضرةِ الدرويش المتجول
    قدره الناصع الالتحاق بالكواكب السيارة
    ككوكبٍ يلمع وحده في سماءٍ لهابةٍ
    سماءٌ معبأة بالنجوم المتلألئة
    وحده سار
    وحده سيسير
    حازماً كل أمرٍ بقبضةِ كلماتٍ ستمشي بالجمرِ بين الأجيالِ

    دمعٌ يترقرقُ في/من أتونِ كلماتِكَ الوقادة صاحبي الشاعر
    الرجل النبيل
    شعراً وروحا

    تحياتي، محبتي واحترامي

    فيتورى يا بله كان لجيلنا نبيلا يحكى عذابات الملايين فى إفريقيا وتطلعاتها إلى غد يحمل فيه الطفل رحيق حياة مليئة بالأمل والتطلع لمستقبل يعيش فيه الأنسان فى هناء وفرح دائم. فإذا بالكوارث تنتاش مجتمعات متفرقات ويتفشى مرض الفرقة حتى صار المناضل الثورى يفتك بأخيه ورفيق سلاحه. فكان الأحباط وكان الهروب فى أشعار الفيتورى وأخويه جيلى عبدالرحمن ومحى الدين فارس. وأصدقك القول أنه بنظرتنا الرومانسية إلى المستقبل الذى رسمناه فى أذهاننا وغذته أمنيات شعراء الصحوة التحرية فى العالم من بابلو نيرودا فى أميركا اللاتينية وأميرى باركا (لى روى جونز) ومولانا رون كارينجا فى أميركا إلى سميح القاسم و محمود درويش ومعين بسيسو فى فلسطين وأحمد فؤاد نجم وعبدالرحمن الأبنودى وأمل دنقل وصلاح عبدالصبور فى مصر ومارسلينو دوزش سانتوس فى موزمبيق وكريستوفر أوكيقبو الذى لقى حتفه فى الحرب الأهلية فى نيجريا فى مطالع الستينات ومونقانى والى سيروتى الذى أودع سجون الفصل العنصرى فى جنوب إفريقيا، وكن ساراويوا الذى أعدمته السلطات الدكتاتورية العسكرية فى نيجيريا عام 1995 لانه كان صوت الشعب فى معارضة تلويث شل لنهر الإيقونى. كل أولئك وغيرهم ممن كنا نتسقط أخبارهم ونلتهم أشعارهم، ومنها المترجم، ومنها الأصل فى لغته التى تعلمنا التجاوب معها إنبهارا ببديع النظم وقوة الطرح وصدق العاطفة.

    لذا يا أخى صدى كلماتهم وأبياتهم مازالت ترن فى الأذن ويرجع صداها العقل فيخفق القلب؛ ولكنه ينكفئ من مررات الإحباط وألم السقوط.. وكل تلك الثورية وجماع تلك الأحلام والتطلعات جمعها شاعرنا الفيتورى فى قصائد عدة تبشر بذلك الغد الذى ذكرت لك. فأنظر إلى أبياته وتأمل:

    يا أخي في الشرق في كل سكن
    يا أخي في الأرض في كل وطن
    انا أدعوك. .
    فهل تعرفني؟
    يا اخا أعرفه.. رغم المحن
    انني مزقت أكفان الدجى
    انني هدمت جدران الوهن
    لم أعد مقبرة تحكي البلى
    لم أعد ساقية تبكي الدمن
    لم أعد عبد قيودي..
    لم أعد عبد ماض هرم..
    عبد وثن..
    انا حي خالد رغم الردى
    انا حر رغم قضبان الزمن
    فاستمع لي.. استمع لي
    إنما أذن الجيفة صماء الأذن
    إن نكن سرنا على الشوك سنينا
    ولقينا من اذاه ما لقينا
    إن نكن بتنا عراة جائعينا
    أو نكن عشنا حفاة بائسينا
    إن تكن قد اوهت الفأس قوانا
    فوقفنا نتحدى الساقطينا
    إن يكن سخرنا جلادنا
    فبنينا لأمانينا سجونا
    ورفعناه على أعناقنا
    ولثمنا قدميه خاشعينا
    وملانا كأسه من دمنا
    فتساقانا جراحا وانينا
    وجعلنا حجر القصر رؤوسا
    ونقشناه جفونا و عيونا
    فلقد ثرنا على أنفسنا
    ومحونا وصمة الذلة فينا..
    الملايين افاقت من كراها
    ما تراها..ملأ الأفق صداها..
    خرجت تبحث عن تاريخها..
    بعد أن تاهت على الأرض وتاها
    حملت افؤسها وانحدرت من روابيها..
    واغوار قرأها..!
    فانظر الإصرار في أعينها
    وصباح البعث يجتاح الجباها
    يا أخي في كل أرض عريت من ضياها
    وتغطت بدجاها..
    يا أخي في كل أرض وجمت شفتاها
    واكفهرت مقلتاها..
    قم .. تحرر من توابيت الأسى
    لست اعجوبتها.. أو مومياها
    انطلق فوق ضحاها ومساها
    يا أخي قد أصبح الشعب الها
    جبهة العبد..ونعل السيد
    وانين الأسود المضطهد..
    تلك مأساة قرون غبرت
    لم أعد اقبلها..لم أعد !
    كيف يستعبد أرضي ابيض
    كيف يستعبد امسي وغدي؟
    كيف يخبو عمري في سجنه
    وجدار السجن من صنع يدي
    انا زنجي.!
    وافريقيتي لي لا للأجنبي المعتدي
    انا فلاح ولي أرضي..
    التي شربت تربتها من جسدي..
    انا انسان ..ولي حريتي..
    وهي أغلى ثروة من ولدي
    انا حر مستقل البلد
    وسابقى مستقل البلد
    ها هنا ..واريت اجدادي..هنا..
    وهم اختاروا ثراها كفنا..
    وساقضي انا من بعد أبي..
    وسيقضي ولدي من بعدنا..
    وستبقى أرض أفريقيا لنا..
    فهي ماكانت لقوم غيرنا..
    نحن اهرقنا عليها دمنا..
    ومزجنا بثراها عظمنا..
    وشققناها بحارا وربى..
    وزرعناها سيوفا وقنا..
    وركزنا فوقها اعلامنا..
    وتحدينا عليها الزمنا..
    وسنهديها إلى احفادنا
    وسيحمون علاها مثلنا
    فاسلمي يا أرض إفريقيا لنا
    اسلمي يا أرض إفريقيا لنا


    هذه القصيدة كانت من المقرارات الدراسية فى عدد من الدول
                  

04-01-2016, 03:26 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)



    أخى المبدع الباشمهندس الأديب الفنان عبدالله الشقليني:

    Quote:
    عن البروفيسور عبد الرحمن إبراهيم
    محبة تزيد ، وتتعمّق ،ثم تتعملق مع السنوات .
    دائماً اللقاء سريعٌ . وقطرة ماء في صحارينا الفكرية لن تفي حاجتنا لك .وتفاءلت خيراً بأن بدأت تكتُب في سودانايل ،
    ثم بدأت إعادة النظر في كتابة الشعر . من أعمق أنواع الشِعر هو الذي يقيم ضفيرة مجدولة من السَهل المُمتنع .
    به تفتح القلوب أبوابها المغلقة ، ونستقبل المحبة التي لا عمر لها .
    رجلٌ مثلك تعود أن يقرأ كتاباً كل يوم ، لهو مؤهل أن يكتُب ، ونحن نقرأ .
    عاشق هزم أحجوة قديمة عن الرقم (13) فتزوج فيه . لم ييأس من ثِقل الأعباء ،
    إلى أن تذكرته الجباه التي لا تعلوه شأناً ، وسافر مبعوثاً وكان قد أفنى زهرة عمرة في خدمة العمل العام في السودان.
    والآن فليكتُب الشعر الحي وليكتب المقالة الرصينة والزاخرة بالمعلومة .
    وأهل سلاماً عليه أينما اتجه وأينما فعل ، فقد استوفى دين بلده منذ السبعينات .

    لك التحايا والشكر أيها الرجل النبيل الموهوب، وقد أدركتنى قبل آخر مداخلة لى من ما إستعدنا به كل المداخلات التى تمكنا بعون جليل من الأخوين أسامة العوض وأحمد الأمين أحمد من إستعادتها مستلسلة، فيما عدا آخرتهن التى إستعدناها مؤخرا ليكتمل عقد المداخلات كلها فيما عدا آخر خمس لم نستطع لهن سبيلا. ولكن نحمد الله على ما قد نجحنا فى جمعه، فقد كان عملا مضنيا، كما قال صديقنا محمد أبوالعزائم أبوالريش:
    Quote:

    الله يجازي الهكر

    بعد كل ذلك المجهود المبذول في البوست الأصلي

    ها أنت تبذل مجهود مضاعف لإعادته

    خضر الله ذراعك ويراعك

    تحياتي

    فله منى الشكر على التشجيع؛ ولا يفوتنى أن أثمن طلة كل من ظل مداوما على ورود هذا المبكى الذى سطرت جدرانه ونقشتها وطليتها بذكريات أعزاء أختارهم الله إلى جواره؛ وتركوا فينا ولنا آثارا لن تمحوها الأيام. لذا أجد نفسى شاكرا لكل من تداخل وشجع وشارك فى إحياء هذا النصب لأعلام ملأؤنا فخرا وسعادة ورقص خلجات، ونحيب مشاعر، فردوا بذلك لنا إنسانيتنا كل يوم طالعنا فيه أبياتهم أو تعابيرهم ناهيك عن صدقات تبسمهم فى وجوهنا. فلهم الرحمة ولهم الخلود

    وسأبدأ من مداخلتى التالية فى الرد على الأبناء والأخوة الذين تداخلوا بالترتيب حسب مداخلاتهم السابقة قبل سطوة الهكر ثم أعرج على من تداخل بعد بدء إستعادة البوستات واحدا تلو الآخر حسب الترتيب التالى، حتى ينبهنى من لم أرد عليه من قبل أو من لم يرد إسمه فى هذه القائمة التالية

    Mohamed Abdelgaleel
    وضاحة
    مولانا عبدالإله زمراوى
    إسحاق بله الأمين
    Osman Musa
    إدريس محمد إبراهيم
    الصادق اسماعيل

    وواجب على أن أسجل لهم نظم ما أظن أنه يتواءم مع شخصياتهم وما تركوه فى نفسى من أثر، أسوة بمن سبقهم ونظمت لهم أبياتا، عساها تليق بمقامهم وذوقهم. وليعذرونى إن خاننى القريض فى إيفائهم حقوقهم كاملة غير منقوصة. فما أنا إلا شويعر يتلمس طريقة بين رياحين نفوس ندية، خيرة، طيبة؛ أسبغ الله عليهم السعادة وكنفهم المولى فى كنفه.

    وسأواصل بإذن الله فى إكمال ذكرياتى مع صديقى النور عثمان أبكر، وبقية من رثيت. فهذا البوست خصص كمبكى لأعزاء فقدناهم وفقدت أنا شخصيا الكثير بفقدهم، نزفا من دواخل النفس وحزنا يلف وميض الذكريات البهية. رحمهم الله بفيض حنانه.

    ودمتم جميعا أبناءا وبنات وأخوات وأخوة أعزاء.



                  

04-04-2016, 02:44 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)


    شكرا أخى محمد عبدالجليل Mohamed Abdelgaleel

    يا سابلا نورًا
    على زهر الطفولة
    وملتقى إفراحها مؤانسة
    يا باعثا شوق البراءة
    نحو باقات من الأطفال
    أنفسهم تقتات
    من نور الإله محبةً
    تضوى بها أرواحهم
    فيضا على كلماتك الجزلى
    فى كل تعليق تخطُ
    لتجلى لنا عمقَ
    البديعِ من الكلامِ وبهجةً

    عسى أن تجد قصار أبياتى فى وصفك، كمن سبقك من الإخوة، تعبيرا يوافق مزاجك متفقة مع رأيى فى شخصك الكريم. يا أيها الرجل الذى توحى إبتسامته فرحة بريئة لا تعدلها غير بسمات الأطفال المتحلقين حوله. وأصدقك القول أننى أفرح كثيرا حين أرى مداخلاتك فى أى موضوع، لسببين: أولهما أننى أسعد غاية السعادة برؤية صورة بروفايلك وفيها من جمال الروح وبراءة الطفولة ما يسر الخاطر، تأكيدا لجمال روحك وصفاء نفسك ونقاء خاطرك. وثانيا لأن مداخلاتك دائما فيها من العمق الكثير. وحتى إقتباساتك تجمع خلاصة كل شئ فى تعابير أو نصوص موجزة:

    Quote:
    ما معنى الغربة؟
    وفيم الضيم؟
    وفيم القهر؟
    ولماذا صلف الناس؟
    وجحد حقوق الخلق؟

    وبدءا من مداخلتى هذى ساواصل ما أنقطع من ذكرياتى مع الصديق المرحوم الشاعر المبدع والإنسان الشفيف، الفنان بكل أبعاد الكلمة، النور عثمان أبكر. ورغما عن حنقى على ما جره الهكر من ضياع خمس مداخلات كنت قد بذلت فيها جهدا ورهقا من شدة التفكر والتذكر والأسى الذى تجره مثل تلك الذكريات مما يصعب معها إعادة صياغة النصوص كما جرت فى الورق من الذاكرة المتوقدة ساعتها.

    لذا فإن محاولاتى لإعادة صياغة تلك المداخلات المفقودة سوف يتطلب منى شجاعة، أولا لأواجه الأسى على تلك الذكريات الجميلة، والسمو الفكرى الذى كان يشيعه النور والمرح الطفولى الذى كان يتميز به، وصحكاته الداوية المجلجلة. وثانية أسافى القلق مصدرها خوفى من الفشل فى إعادة النصوص إلى ما يقارب ما فقد. فأدخل فى دوامة تردد وتقدم يواكبه نكوص. فتستنزف منى تلك المحاولات الجهد والوقت، فى ظروف عملية ضاغطة، مع أربع بوستات نشطة تتطلب منى الرد على المتداخلين، واليوم كله كما تعلم يا صديق، لايمكن مد ساعاته ولا تطويل دقائقه.

    ولكن سأتوكل على المولى وأشمر عن ساعد الذاكرة وأثير الحماس فى نفسى للإنجاز؛ عساى أنجح فى إعادة صياغة تليق بمكانة النور، عليه رحمة الله ورضوانه.

    ولك الشكر مجددا أخى محمد.


                  

04-06-2016, 03:17 PM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)



    الأبنة الفضلى الدكتورة جاسمين العمرابى
    التى صدقت تسميتها بوضاحة

    إليك بُنيتى يا نبعَ خيرٍ، بنتَ الأصولِ سـلامُ
    فكم فعلَ خيرٍ مددتِ لمعسـرٍ ضاقت به أيامُ
    وقلبَ معلولٍ شفيتِ جراحهُ فاينعت أحـلامُ
    بذلتِ رضيةً بلا من ٍ فعزّ بالنبل ِمنكِ مقامُ


    Quote: سلاااام ناس الكلام الكبار كبار
    نحن طلبة في مدرستكم العامرة
    مستمتعين بسردكم الانيق
    تحياتى لكم واحترامي

    وجاء يوم الخميس الموعود، الذى صار نقطة و يوم توثيق عرى لبداية صداقة خير، ليس مع النور وحده ولكن مع لفيف ممن صاروا أصدقاء أعزاء. وكان فى معيتى الفنان الصومالى أحمد ربشو (ربشه)، وكان قد إلتحق بمعهد الموسيقى والمسرح بعد أن قدم إلى السودان إثر تشجيعى له بعد لقاء جمعنا فى دار الأخ محمد موسى المدير الإقليمى لشرق إفريقيا للخطوط الجوية السودانية بنيروبى (وهذا خيط آخر من الذكريات سأعود إليه بإذن الله فى مقام آخر).

    وطرقت الباب مساءا ذلك الخميس ففتح لنا الباب المرحوم الدكتور حافظ الذى كنت قد إلتقيت به قبل خمس سنوات من ذاك التاريخ فى القاهرة، وكان يومها يدرس الطب. رجل منتهى التهذيب، رقيق الحاشية واسع الثقافة والأطلاع وأديب حصيف. ودخلت إلى المنزل وكان أمام الباب مباشرة حديقة صغيرة بمساحة الحوش على أطرافها بعض الشجيرات الصغيرة. وفى الوسط مساحة رحيبة بها نجيل مشذب وقد رصت علية كراسى فى شكل دائرى. تتوسطه ترابيز صغيرة عليها الكركدى وعصير الليمون والماء فى "جكوك" منديات من كثرة ما بها من ثلج، وتمر وفول أحمر.

    وكان من بين الجلوس الرجل الجميل والأديب والروائى والموسيقى المبدع الصديق صلاح حسن أحمد، وكان وقتها يعمل فى مجلة سودان ناو. وألتقيت بمارقريت وبناتهما الصغيرات ايزيس ، ولالا ، وماجدولين. وجاء النور من الداخل يأتزر "مريلة" وهو يحمل فى يده كباية مندية وفى الأخرى "كمشة". وبعد التحايا قام إلى شواية كان قد تفنن فى عملها؛ إذ أخذ برميلا وقسمه إلى نصفين طوليا ونصب على سطحه شبكة من الحديد مثبته. وأشعل النار فى الفحم وجاء وجلس وهو مازال يتحدث منذ لحظة خروجه من المطبخ. وكان حديثه بصوته الجهورى ذاك يتصاعد فى صدق إنفعال، لا شك أنه كان تعبيرا عن سعادة غامرة بالحضور.

    وبعد قليل حضرت الدكتورة نورة شقيقته الصغرى عائدة من نبطشيتها فى المستشفى. وبعدها بقليل جاء الصديق وزميل الدراسة الثانوية وزميل الدراسة فى كلية الأداب ورفيق حجرتنا بالجامعة فى إمتداد السوباط بالبركس، الدكتور نور الدين ساتى، وكان يومها أستاذا للغة الفرنسية بكلية الآداب بجامعة الخرطوم. وحضر بعده السينمائى سامى الصاوى. وقام النور إلى النار التى إشتعلت فى الشواية، وألقى عليها قطعا من اللحم الذى كان قد "عطنه" منذ اليوم السابق كما قال، فى مزيج من البهارات، قال بأنها سر لا ولن يبوح به حتى لمارقريت فضحكنا وضحكت مارقريت وقالت تشهدنا: "شفتو الراجل دا؟" بلغة عربية بلهجنة سودانية فيها اللكنة الألمانية. فضحك الجميع والنور يرفع عقيرته بضحكتة الداوية. وأرتفعت مع الكترابة رائحة الشواء المحببة، وهو يقول الليله أنا حأكلكم شية أهلنا ناس الشرق، أهل القضارف. وجاء وجلس فقامت ما رقريت وأحضرت مزيدا من الفول والزيتون والجبنة والبزيانوس والبيبسى والماء. وكنت تشعر بحميمة المودة وصدق الفرح والكرم، وهى هاشة مرحة.

    وبدا الحديث عن الصدق فى التعبير الأدبى وهل هو أوقع فى الشعر أم النثر، وأيهما أوفق أو أسهل. وأنسابت قرائح الشباب المبدعين يومها، والنور لا يحير كلاما بل يتنصت وتلتمع عيناه بين الفينة والأخرى على ذكر فكرة أو ورود نص. وكان حينما يتحدث إليك تلتمع عيناه بتركيز فائق وهو يتابع كل كلمة تقولها ويشعرك بأنه لم يكن ليريد أن يفقد أى كلمة تنطق بها. وكان هذا ديدنه مستمعا لكل من تحادث معه أو تكلم فى جلسة هو حاضر بها. ذهن وقاد يستوعب كل ما يسمع ويعود بعد فترة ليذكرك بما قلت قبل أسابيع أو شهور. وكان النقاش هادئا وعميقا وودودا.

    وأوردت حديث البروفيسور غنيمى هلال أستاذ الأدب المقارن العملاق الذى درسنا عنه فى سنتنا الأولى بكلية الآداب بجامعة الخرطوم وعبارته التى ظللنا نرددها مذ كنا طلابا (نور الدين ساتى وجعفر عباس "أبو الجعافر" وشمس الدين وأنا) حينما تحدث عن شعر عبد الله البنا وأورد قصيدتة "الحرب صبر واللقاء ثبات" واصفا شعر البنا بإنه كان "صدى لوجدان حبيس". وأعجب التعبير النور، عليه رحمة الله. ثم دار الحديث وأوردت قصيدة صديقى المرحوم توفيق السنوسى "أطوار" التى أصدرتها أباداماك فى ديوان منفصل. وهى عندى من أجمل الشعر المعبر عن والمصور بدقة للأحاسيس، بل تكاد تكون فريدة فى هذا الضرب من التعبير عن أحاسيس الغير. وكنت أحفظها عن ظهر قلب. فافتتن بها الحضور وأستغربوا كيف أن مثل هذا الجمال فى التعبير لا يجد التقدير والتداول. وإنى لأتمنى صادقا أن يعمل أحد آل السنوسى على جمع الإنتاج الفكرى للمرحوم توفيق وطباعته؛ فالرجل رغم شاعريته المفرطة كان بحرا من العلوم والفلسفة والفكر والرؤى.

    وأتمنى وأرجو من كل من عنده نسخة من هذه الخريدة البديعة أن يمدنى بها عاجلا. وهذا رجاء لحوح.

    ونـــواصـــــل



                  

04-08-2016, 08:34 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)



    أخى الأصغر الشاعر المتفرد عبدالإله زمرواى
    الذى تسعدنى مناداتى له بصديقى



    يا شاعرا نظم القريض
    مشاعرا رقراقة
    تضوى كأحلام العذارى
    فى حضن أنسام المساء
    بها يتُمايلُ الإحساسَ
    يرقصُ نشوةً
    فى خطو عصفورِِ
    البَنَفْسجَ هائمًا
    على إيقاع طبلِ الهوى
    فيبتسم "القمر الحزين" لنا
    وتنثال من عينية حرى
    "دمعتان على الوطن"
    فنلوذ بالمولى
    ونوكل إلى رب السماء
    أمورنا وقد
    "صلينا صلاة العشق"
    "أكملنا التهجد"
    "عند أبواب السماء"
    وأذا بزخات القذائفِ
    وسيلَ طلقاتِ القصيدِ
    تضئُ لنا أفاق الثورة
    المنظومة الأبياتِ
    من شاعرٍ
    ركب القوادم من عيون
    النظم والأبداع بشرى
    بأن ضميرنا ما زال
    ينبض بالحياة وبالأمل


    أخى وصديقى الشاعر العبق الكلام رقيق أبيات العاطفة الشاعر المبدع الذى تنساب من يراعه أيضا قذائف شعر محمل بالصدق ونابع من القلب كزخات رصاص من الأمانة التى تصرع الخيانة والكذب والخداع. فشكرا لك مولانا عبدالإله زمراوى لأنك ضميرنا، وشكرا لروعة كلماتك وقوتها.
    Quote:

    دوماً تأسرني لغتك الشعرية الفخيمة الصادقة الصادحة التي ترثي بها عظماء السودان وللحقيقة أقول بأن فريدتك ورد الورود في رثاء الراحل وردي فاقت كل ما قرأت في هذا المجال
    وقد حدثتك شخصيا بأنني اقتبست من رويها وتفعيلتها في نص كتبته في المدينة المنورة.
    يا ليت لي لغة رفيعة كمثل لغتك حتى أوفي الكيل لأصدقاء رحلوا عنا وما قدرناهم حق قدرهم وإن ذرفنا الدموع.
    لله درك من شاعر عالم ووفي!

    ونواصل فى ذكرى صديقنا النور عثمان أبكر.
    -----
    ومنذ تلك الأمسية صارت أمسية يوم الخميس لنا طقسا نقضيه فى معية النور. وكان النور، عليه رحمة الله، حفيا بالأدباء والشعراء والفنانين الشباب. وصار صديقنا المرحوم أحمد ربشه أحد أركان ذلك الجمع. فقد كان ينفرد بصوت ومخارج كلمات نادرا ما تجتمعان فى مغنى مع بعد فى المدى مهول. وكان حاذقا فى عزفه للعود الذى تعلمه من والده الفنان المبدع صاحب الأسم الذى كان كنية وألصق بالأسرة، عوض ربشو (ومعناها بالصومالية اليمنية مثل معناها بعاميتنا ربشة. فقد كان "يهجج" الحفلات و"يربش" الجميع ويعزف العود، كما قالوا، مثلما لم يعزفه أحد لا فى الصومال ولا فى اليمن). ومنه تعلم أحمد العزف وأضاف إليه مقامات شرق إفريقيا وإثيوبيا حيث أقام فترات طويلة. وكان يغنى باللغات الصومالية والعربية الفصحى والإيطالية والسواحيلية والإثيوبية والإنجليزية واللهجة السودانية والحضرمية والخليجية. وكانت له ذاكرة خارقة فى تذكر الأغانى والألحان والإستيعاب. ووجد فى مكتبتى الموسيقية ضالته مما سآتى عليه لاحقا. فأستعار ما أستعار وسجل ما سجل، وكان قد إشترى من السوق الحر مسجلا ناسخا ناشونال-باناسونك.

    وكان صديقنا أحمد ربشة فنانا الذى يغنى لكل من أراد طلبه من الأغانى السودانية والصومالية والسواحيلية والخليجية والإيطالية والإنجليزية؛ وقد كانت له قدرة خارقة فى غناء أى أغنية لأى مغنى سودانى. وأتمنى عند عودتى إلى السودان، بإذن الله، أن أنسخ الأشرطة التى سجلتها له وفيها أغنيات من الحقيبة التى كان يعتبرها أرقى أغنيات العالم العربى، عليه رحمة الله.

    وتتالت أمسيات الخميس ثم دعانى النور لحضور جلسات الفكر والأدب والشعر أيام الجمع، والتى لم تكن منتظمة كجلسات الشباب. وكان يحضرها جيل المخضرمين من الشعراء والأدباء محمد المهدى مجذوب ومحمد عبدالحى والحاردلو وعبدالرحيم أبو ذكرى وعلى عبدالقيوم، عليهم رحمة الله ورضوانه. وهنا أريد أن أذكر أن أشعر العرب، محمد المهدى المجذوب كان ثر العطاء فى تلك اللقاءآت. وهو الذى طوف بكل ركن من أركان السودان وأختزن معينا لا ينضب من النوادر والملح والطرائف والثقافة مما لا يعدله إلا جزالة شعرة وبديع صوره.

    وكنا نلتقى كل يوم جمعة فى منزل ذلك الصديق المتعدد المواهب المرحوم الشاعر النور عثمان أبكر فى حميمية دار كرمه وجوده بمطايب الطعام ودسامة الثقافة والوعى والرؤوى، وينتظم العقد بقدوم عميد مدرسة الهمس والرقى فى الحديث الدكتور محمد عبدالحى، ويكتمل الإمتاع بمجرد طرق الهامس الآخر المرحوم عبدالرحيم أبو ذكرى للباب وقد كنا برمجنا طريقة طرقه فى عقولنا..

    فيدور الحديث وتلتمع الأفكار وتفرد الحكاوى والملح ورابطها أناقة اللفظ وحميمية الود بين ذلك النفر الصدوق. ويجئ ذكر عبدالله الطيب ومقالاته وفعائله على لسان قريبه وصديقه اللدود الذى فرقت الأيام ووشاية الحساد بينهما. ويطوف الجمع حول مدارس الأدب التى لم نعشها إلا فى ذكرهم لها ويطول الحديث عن منير صالح عبدالقادر، والسراج وإبراهيم النور، وغريب أبياتهم موضوعا ونظما.

    وقد كان لى حظان فى كرم صديقى العزيز عليه رحمة الله النور عثمان أبكر الذى كان داره مكتظا أمسية كل خميس بالمبدعين من الشباب فى كل ضروب الفن والأدب من مغنين ونحاتين ورسامين وشعراء وأدباء وناقدين وممثلين ومسرحيين وسينمائيين يعج بهم داره وهو وزوجه الكريمة الأصيلة فرحون كلما أزداد الجمع واحدا.

    فكنت أتشرب من روح الشباب تلك وإبداعاتهم إذ كنت يومها شابا -- لو أمكن التصديق بأنى كنت فى يوم شابا-- كما قالت لى إبنة أخى الطبيبة ضاحكة ذات يوم وأنا أحكى عن جدتى عليها رحمة الله.

    المهم كنت سعيدا بإستمتاعى بأمسية كل خميس مع المبدعين من الشباب ومقيل كل جمعة مع قمم الشعر يومها. وغنى لنا فى تلك الأمسية النيرة صديقنا الفنان الصومالى المرحوم أحمد ربشة فيضا من الأغانى السودانية والصومالية والسواحيلية مما أطرب الجمع.



    وكنا أنا وأحمد ربشة نضحك حينما يصل إلى "عجز الوحىَ" والناس تعجب فيم الضحك المفاجئ. فكلمة "وحيو" بالصومالية معناها "الإنسان الحيوان"

    ونواصل

    (عدل بواسطة عبدالرحمن إبراهيم محمد on 04-16-2016, 07:16 PM)

                  

04-08-2016, 08:23 PM

أيمن التوم حسن
<aأيمن التوم حسن
تاريخ التسجيل: 04-26-2010
مجموع المشاركات: 1067

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

                  

03-03-2017, 11:28 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: أيمن التوم حسن)



    التحية والتقدير لكم أحبتى بناتى وأبنائى وأخواتى وإخوانى

    أشكر كريم السؤال عنى لكل من تواصل إبان فترة إمتحانى الصحية التى تجاوزتها بحمد الله وفضله.

    وكم أنا ممتن لكل من طلب منى عدم التوقف والعودة لمواصلة الكتابة التى، أقول حقيقةأننى، أفتقدها. ولربما كانت مركتز حمايتى الأولى من الألزهايمر، أجاركم الله. فقد أثبتت الأبحاث العلمية أن القراءة والكتابة -- التى نقرأ خلالها ما نكتب -- تقى الإنسان من الخرف والألزهايمر. لذا فأنا أعود إستجابة للطلب ولكن أيضا لأسباب نابعة من أنانية شخصية.

    كونوا بخير إلى حين عودة لنكمل مشوار التوثيق لأعلام الفكر والشعر والثقافة فى تاريخنا المعاصر.


                  

03-03-2017, 02:22 PM

احمد الامين احمد
<aاحمد الامين احمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2006
مجموع المشاركات: 4782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    تحية و تقدير أستاذنا الجليل عبدالرحمن
    جعل الله إعتلال الصحة كفارة و عتق
    عبر وسيط أخير سعدت بالوقوف على قصيدتك الجديدة
    فى رثاء لصاحب ( صحو الكلمات المنسية ) و ( غناء للعشب و الزهرة )
    عسى أن نرى هذه المرثية التى تزامن وقوفنا عليها مع نبأ حضارى مفرح عصر الاخبار المحبطة
    فى الوطن القديم هو نبأ إفتتاح مكتبة الشاعر النور عثمان أبكر فى الخرطوم البحرية
    عسى أن نرى هذه المرثية ضمن مراثيك الجياد فى محمد عبدالحى و الفيتورى و سعاد إبراهيم أحمد و سيدنا محمد وردى
    و غيرها من المرثيات فى ديوان شعرى على ورق عسى ذلك كذلك عسى أن نقف على نبأ إفتتاح مكتبة خاصة بأسفارك فى داركم
    ببحرى لان من يحمل فكرا ومعرفة وثقافة موسوعية مثلك عبر تلك الرزانة و الهدوء الموجب و التواضع الإنسانى الفريد لاشك
    فى أضابيره الكثير من الكتب .
    تحية و تقدير.
                  

03-09-2017, 02:33 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: احمد الامين احمد)



    لك التحايا والشكر على الطلة الباشمهندس أيمن التوم حسن، وإن تأخر الرد.

    ونواصل فى ذكرياتى مع الصديق المرحوم الشاعر النور عثمان أبكر. وكان النور قد ترأس لجنة الشعر في المجلس القومي للآداب والفنون من الفترة من 1970 وحتى عام 1979. وكنت قد ترأست لجنة التبادل الثقافى منذ العام 1973، بعد عودتى من شرق إفريقيا وكنت قد إخترت يومها مقررا لحركات التحرر الإفريقية فى منظمات الشباب والطلاب للأمم المتحدة ونائبا لرئيس المنظمة ممثلا لإفريقيا فى اللجنة التنفيذية العالمية فى جنيف. وكانت تجربتى فى تلك الرحلة والمؤتمر ولقاءآتى بقادة حركات التحررالإفريقى، وجلهم أدباء وشعراء مبدعون، مما سأفرد له حيزا فى قادم المقالات، ثرية فريدة. وقد أحدث مقالى فى سلسلة مقالات "خواطر من دفتر الذكريات: أضواء على تجربة تنزانيا" حول تجربتى فى تنزانيا المعلم نايريرى يومها كثيرا من اللغط لأسلوب كتابة ظن كثيرون أنه جديد على الساحة ولأنه كان مدخلا لطرح العمق الإفريقانى للثقافة. ولأن المقال كما قال المرحوم الشاعر صلاح أحمد أبراهيم، كان "ينم عن خبث ودهاء"، فى نقد متكامل الأبعاد بدون الإشارة ولو مرة واحدة إلى إسم جعفر النميرى أو نظام مايو، وهذا حديث آخر.

    وكما ذكرت كان المجلس يومها فى عهد رئاستى عمنا المرحوم الأستاذ الأديب قيلى أحمد عمر والمرحوم الشاعر الأستاذ مبارك المغربى، يعج بالمبدعين فى كل مناحى الفكر والثقافة والفن والشعر والموسيقى والمسرح. فكانت متعة إنتظار الجلسات أروع مايكون حين تبدأ خيوط الذكريات تتالى من عند أشعر شعراء العربية محمد المهدى مجذوب وثائر الروح محى الدين فارس وقرشى محمد حسن وجعفر حامد البشير والفنانين التشكيليين شبرين ورباح وأحمد عبدالعال والموسيقيين الماحى إسماعيل وإسماعيل عبدالمعين والمسرحيين الفكى عبدالرحمن وحمدنا الله عبدالقادر، عليهم جميعا رحمة الله. وكان هناك أيضا عدد من الأدباء من غير ذوى الشهرة أمثال المرحوم رحمة الله شكرت الله وذكريات أيام عمله بالبريد والبرق والمناطق التى جابها فى أرض المليون مربع فتتداعى تداخلات أمثال المجذوب وقرشى محمد حسن فى سرد ممتع وإستشهاد بمواقف وملح. والنور عليه رحمة الله يطلق ضحكته المميزة بين الفينة والأخرى. ثم يعمد إلى إستجرار ما قرأ عنه أو عاصره مما يصب فى مسار حكاويهم وإستشهاداتهم. وأنا فى كل ذلك صامت دوما، ليس لأننى كنت يومها أصغر الجمع سنا، ولا إستحياءا منى، وأنا الذى عرفت عنى الجرأة. ولكننى كنت أصمت لسببين: لأستقى من ذلك الزخم المتداعى فى إسترخاء النفوس وعفويتها وثانيا لخوفى من "الشتارة" بالحديث عن ما ليس لى به كثير إلمام.

    وتوثقت علاقتى بالنور فكانت زياراتى لمنزله الذى ذكرت من قبل وزياراته لى فى غرفتى بمنزلنا بحى الأملاك بالخرطوم بحرى. وهو الذى أطلق عليها إسم "المحراب". أذ أنها كانت ملاذى ومكتبتى ومسمعى للموسيقى والغناء ومرسمى وإستجمامى. وهنا يجب على التوقف لوصف تلك الحجرة الحبيبة إلى القلب. فقد كان الصحاب جميعهم يعجبون بها إذ أننى كنت قد خلقت فيها جوا يكاد يكون فريدا.



                  

03-09-2017, 07:10 AM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12483

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    وأنا فى كل ذلك صامت دوما، ليس لأننى كنت يومها أصغر الجمع سنا، ولا إستحياءا منى، وأنا الذى عرفت عنى الجرأة. ولكننى كنت أصمت لسببين:
    لأستقى من ذلك الزخم المتداعى فى إسترخاء النفوس وعفويتها وثانيا لخوفى من "الشتارة" بالحديث عن ما ليس لى به كثير إلمام.

    ==============================
    عوداً حميداً أستاذنا الرائع عبدالرحمن ..
    عاد الجمال وعادت الحكمة ..
    العبارة التي أقتبستها .. كانت من سلوكيات التلميذ مع معلمه وقد مرت بنا هكذا مواقف كثيراً
    ولكننا لم نستطيع تعبير عنها كما أنت .. هكذا المبدعين ..

    عدت أستاذنا .. وعاد وهج للمكان ..

    واصل ونحن في الانتظار
                  

03-24-2017, 05:46 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: علي عبدالوهاب عثمان)



    أخونا الأستاذ المعطاء أحمد اللمين

    أحر تعازىَّ أخى أحمد
    يمتد إليك وإخوانك
    فى رجل أمجد
    وهب الدنيا أبناءا بررة
    أعطوا فكرا ومهارات تحمد
    وحملوا هم الوطن المطعون
    عطاء يترسم صدق المقصد
    أثاب الله أباكم مغفرة
    ونعميا أبديا فى كنف رياضٍ
    بجوار إلهٍ أخلد

    وأعود هنا إلى حيث توقفت فى الحديث عن تلك الحجرة الحبيبة إلى نفسى.

    فتلك الحجرة كانت قد إرتبط بصراعى من أجل البقاء على قيد الحياة أيام كنت قاب قوسين أو أدنى من مفارقتها. وفيها كتبت لى حياتى الثانية ، كما ظللت أردد. وفيها شهدت حنان الوالدين، الذى لن أنساه مدى ما تقادم العمر منذ أن كنت شابا يافعا فى طريقى إلى الجامعة. وأبى وأمى عليهما رحمة الله يقفان على رأسى بمكمدات باردة وماء ساخن تحت الأقدام والحمى تقتاتنى والصداع يفقع رأسى، وأنا أئن وأتوجع ، لما زاد عن التسعة عشر يوما قضيت أغلبها فى غيبوبة لا أحس فيها بسوى صداع قاتل، سواء كنت صاحيا أو نائما. ولم يعرف السبب. سوى أننى تذكرت لاحقا أننى كنت قد أصبت فى مقدمة رأسى وأنفى من ضربة هرواة رجل بوليس عاتى، إستفزه تحديىّ إياه خلال مظاهرة فى أحد أيام ثورة أكتوبر، ونحن نركب موجة التطلع إلى الأفضل لمجمتعنا وأهلنا المسحوقين.

    وقد كنت دائما فى طليعة التظاهرات ومحمولا على أعناق زملائى لأطلق الشعارات التى يرددها الزملاء. ورغما عن أننى لم أكن عضوا فى لجنة الإتحاد السرى لمدرسة الخرطوم الثانوية، إلا أننى كنت أحضر أجتماعاتها وألقى بياناتها وأقود إطلاق شعارات المظاهرات. وكان ذلك لثلاثة أسباب: أولهما أننى ما كنت أهاب شيئا بل وأبالغ فى تحدى سلطات المدرسة ممثلة فى ناظرها القاسى عبدالباقى محمد، عليه رحمة الله، الذى كان طلعت فريد، وزير التربية والتعليم يومها، ومعاونوه يعدونه واحدا من نماذج المديرين القديرين. وثانى الأسباب أننى كنت جهورى الصوت متمكن من الأداء وأرتجل القول فى كثير من الأحيان. وتلك مقدرات كنت قد إكتسبتها من مجاورتنا لنادى العمال فى الحى. حيث كان النادى شعلة من منابر الوطنية بندواته ولياليه السياسية وخطبائة الذين لا يشق لهم غبار من أمثال القادة النقابيين الشفيع أحمد الشيخ وقاسم أمين ومحمد سلام وعثمان جسور، وقادة المظاهرات التى كانت تنطلق من النادى ويداهمها البوليس تحت إمرة الضابط الإنجليزى. فيتفرق حضور الليلة السياسية أو الندوة ويهربون من الباب الخلفى للنادى الذى كان يفتح على ميدان الحى ليدخلوا بيتنا من بابه على ميدان الحى ويخرجوا من بابه الخلفى إلى الشارع الرئيسى، ونحن سعداء بالإسهام فى ذلك النضال، أو كما كان يخيل إلينا يومها. وثالث الأسباب لإختيارى للتصدى فى الواجهة لإذاعة بيانات الإتحاد السرى ومواجهة الإدارة، أننى كنت أسكن فى بيتنا وليس فى داخلية مدرسة الخرطوم الثانوية؛ لذا لم يكن فى الإمكان فصلى من الداخلية. وسبب أظن أنه كان له دور آخر فى إختيارى،أننى كنت جم النشاط فى المدرسة ولى شهرة ومصداقية وسط الطلاب. ولذلك أهميته. أذ أنه كان هناك إتحاد سرى مزعوم يتكون من الإخوان المسلمين، وتتضارب قرراته مع مقررات إتحادنا السرى. فكان تقديمى ترجيحا لكفة المصداقية. حيث كنت مشهورا وسط الطلاب كلاعب كرة قدم، وكرة سلة، وكرة يد، وكرة طائرة، وسباق إختراق الضاحية، ورئيس جمعية المسرح وممثلا، وعضوا فاعلا فى جمعية التصوير، وعضوا فى فرقة الموسيقى، وفى لجنة جمعية التاريخ ، مع تميز أكاديمى وثقافى. فكانت هناك ثقة من الزملاء فيما أقول.

    وأعود إلى ذلك اليوم، والمظاهرة بدأت بالخروج من باب البركس حين تصدت لها قوة من البوليس . فأرتبك الإخوة وهويت من أعناقهم على الأرض واقفا على قدمى ولكن مترنحا، وأمامى مباشرة ذلك الشاويش البدين ذو الشلوخ المميزة. فقال لى: "إنتو صعلقتكم دى ما دايرين تخلوها؟ إنتو فاكرين نفسكم رجال؟" فقلت له: "نحن لو ما رجال، عندنا ضمير. أنت هسى ما بتخجل شايل عصايتك وبنبانك تضرب فى أولادك؟ إنت صحى لو كنت راجل كنت وقفت مع الشعب المغلوب على أمره!" ولم أشعر إلا وعصاه تهوى على مقدمة رأسى وأنفى. ودارت الدنيا حولى وشعرت بإختناق من كثرة الغاز المسيل للدموع. وبعد أيام ثلاثة بدأت معاناتى وإرتفاع الحمى ونقر الصداع. وحار الأطباء فى أمرى حينما نقلنى خالى جراح العيون الشهير الدكتور حسن هارون إلى المستشفى، وكان يقضى فترة الأمتياز فى مستشفى الخرطوم بحرى، ويسكن معنا فى المنزل. أمد الله فى عمره، نقلنى بعدها إلى المعمل المركزى وكلية الطب حيث تم عرضى على دهاقنة الطب يومها ولم يستطيعوا معرفة السبب فى إرتفاع الحمى والصداع، رغم جرعات الأسبيرين والكافينول العالية والمضادات الحيوية.


                  

07-01-2017, 08:01 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)


    وتشاء الأقدار أن التقى بذلك الشاويش البدين ذو الشلوخ المميزة فى آخر مكان كان يمكن أن أتوقعه فيه. ففى يوم كدأبى لسنين كنت فى سوق الخضار بالخرطوم، فى الخلفية التى تباع فيها الخضروات بالجملة.

    فقد كنت بعد الفراغ مما أحتاج إلى إنجازه بدار جامعة الخرطوم للنشر، أقصد نادى الأساتذة لأتناول وجبة العشاء والعب مع الأصدقاء: بشرى الشيخ والنور والرشيد موسى وعثمان ضاوى والطيب حاج عطية وشمبول، عددا من أدوار حامية فى لعبة الطاولة. ونخرج فى ساعة متأخرة بعد أن يخلو النادى حتى من العمال، فيما يقارب الواحدة صباحا فى بعض الأحيان. وأتوجه بعدها إلى المنزل ببحرى، لأستقل العربةالبوكس، بعد أداء طقسى اليومى فى آخر الليل وهو قراءة فصل من كتاب أو قصائد من دوواين مع شرب كوب من الشاى ماركة 2110 السيلانى المتفرد. وكان يومها هو الشاى المفضل السائد فى بقالات الخرطوم وأحيائها جنبا إلى جنب مع الشاى الهندى والكينى والتنزانى ومنتوج جنوب السودان. وفى تمام الثالثة صباحا أتوجه إلى الحلفايا حيث مزرعة الوالد عليه رحمة الله لأحمل ما جمع فى أول الأمسيات من خضروات.

    وكان والدى عليه رحمة الله دائم الحنين إلى أيام طفولته فى الأرض النوبية بين قسطل وكوكة والترعة. فحول جزءا من منزلنا، الذى رحلنا فيه بحى الأملاك من حى الخاتمية بالخرطوم بحرى ونحن أطفالا، إلى مزرعة مصغرة. أنبت فيها كل أنواع الخضروات من بامية وملوخية وجرجير وحلبه وخص ورجلة وفاصوليا وطماطم وباذنجان وعجور وخيار وشمار وبقدونس وترمس وكبكبيه وشمام وبطيخ وعددا من الأعشاب الطبية، وخمسة أنواع من أشجار الجوافة، وشجرة برتقال ومنقة وشجرتى ليمون وعنب. فتعلمنا منه معالجة الأرض والحنو على الزرع. فأضاف ذلك إلى ذخيرتى من إحتواء الطبيعة وإحتوائها لى؛ وهى التى تفتحت عليها عيناى وأنا لم أتجاوز الرابعة من عمرى وأنا أصطحب جدى لوالدتى عليهما رحمة الله هارون سليمان، وأتطاول وأساعده فى زراعة اللوبيا وبعض الخضروات بالسلوكة على شاطى النيل الأبيض فى الشجرة، جوار الرى المصرى، يومها.

    وكان حلم والدى عليه رحمة الله إقتناء مزرعة يمارس فيها هوايته تلك، بيدين متمرستين وخبرة مختزنة. فكان له ما أراد يوما حينما عرض عليه بعض أصدقائه من الورثة أرضا بورا بحلفاية الملوك مصنفة فى التسجيلات كأراضى مرعى وتحطيب. فحولها فى ظرف عام إلى مزرعة تنتج البرسيم والطماطم والعجور والجرجير والبامية والرجلة والملوخية. وفاض الإنتاج كثيرا حتى لم يمكن الإستمرار فى أهدائه إلى الأهل والجيران. فأقترحت أنا بيعه. وكان الإشكال: من يقوم بذلك؟ فتطوعت بلا تردد. وكنت أذهب إلى المزرعة فى تمام الثالثة فجرا لأحمل العربة البوكس بالصفائح والقفاف، وأتوجه إلى سوق الخضار فى الخرطوم فى الخامسة صباحا، وأنا فى عراقى وسروالى وطاقيتى، تماما كسبابى، يجيد المفاصلة، التى تعلمتها حين نشأت فى السوق العربى بالخرطوم، فى دكان الوالد "مخازن عطارة الشرق لصاحبها إبراهيم محمد عبدالرحمن الشهير بالبربرى". ولما كان المنتوج رائعا ونظيفا ويانعا، كان يجلب أسعارا جيدة ويباع قبل كل إنتاج المنافسين؛ خاصة فى حالات شح المنتوج من الطماطم والليمون والعجور. وبعد بيعى لكل ما حملت فى أقل من ساعة أو ساعة ونصف، أتوجه إلى المنزل لأستحم، وأشرب "شاى الصباح" مع الوالد والوالدة عليهما رحمة الله وإخوانى وأخواتى. فأغير ملابسى إلى القميص والبنطلون والحذاء، كما تقتضى ضرورات الهندمة المكتبية، خاصة وقد كنت مديرا للقسم أقابل المؤلفين والشعراء وأصحاب المكتبات ومديرى الوحدات فى البنوك والمؤسسات، والناشرين الأجانب.

    وفى أحد الأيام وأنا بسوق الخضار، إذا بى أرى ذلك الشاويش البدين بشلوخه المميزة وهو فى جلبابه معتمرا عمة ويحمل عصاة يتوكأ عليها، وقد أمتد به العمر. فتوجهت إليه وسلمت عليه وهو مستغرب. فقلت له هل تذكر قبل أحد عشر عاما، أيام ثورة أكتوبر؟ فقال لى بإستغراب فيه حدة "لى شنو؟" قلت له هل تذكر أنك أمام البركس ضربت تلميذا بعصاك؟ فقال أنه لا يذكر. فذكرت له التفاصيل التى ذكرتها أعلاه. فدمعت عيناه. ورأيت ساعتها أصالة السودانى النبيل الذى أرغمه وضعه فى جهاز الدولة إلى الإتيان بعمل لا إنسانى. فبادرته بأننى أعفو عنه لله والرسول. فحضننى منتحبا وقال لى: "عليك الله ياوليدى أكان ما تسامحنى من جوا قلبك!" فقلت له قد سامحتك كما قلت لك. وملأت له قفة صغيرة من أنواع مختلفة مما كنت أبيع من خضروات وقلت له "دى للأولاد". فمانع فى أخذها ولكنه قبلها بعد إصرار حينما قلت له أنها برهان عفوى عنه.



                  

07-02-2017, 08:53 AM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12483

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    أستاذي أخي البروف الجميل ..
    رجعت ومعك الجمال والاثراء ..
    متابعين .. لا طول الغياب ..
    دائما ما أنتظر حروفك ..
    واصل ..
                  

07-04-2017, 11:02 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: علي عبدالوهاب عثمان)



    أخى وصديقى الأستاذ على عبدالوهاب عثمان

    لك الشكر والمعزة فأنا أفرح دوما بمداخلاتك، يا "خازن التراث"
    Quote: أستاذي أخي البروف الجميل ..
    رجعت ومعك الجمال والاثراء ..
    متابعين .. لا طول الغياب ..
    دائما ما أنتظر حروفك ..
    واصل ..

    وأعود إلى تلك الحجرة التى ذكرت بأنها إرتبطت بصراعى من أجل البقاء على قيد الحياة. فلما كانت ملاذى الخاص عملت على جعلها عالمى المتفرد. وكنت قد حذقت أعمال النجارة والسباكة والكهرباء والبناء من كثرة مراقبتى لكل "صنايعى" يمر ببيتنا. وأنصقلت تلك الخبرات بالممارسة العملية عند مشاركتى فى أعمال الإنشاء والبناء فى معسكرات العمل التطوعى لبناء وتأثيث المراكز الثقافية والمركز الصحى لطلاب جامعة الخرطوم بالبركس. فكانت خبرات ثرية أراحتنى إلى يومنا هذا حيث ما زلت أقوم بأعمال الصيانة فى المنزل أو منزل أى صديق أزور وأرى فيه خللا مهملا من باب لا يقفل أو مفتاج كهرباء منزوع من مكانه وكل ما يشكله ذلك من مخاطر للكبير والصغير فى أى منزل، خاصة بالنسبة للأطفال. وقد صببت كل خبراتى فى تلك الحجرة الحبيبة.

    فقد دهنتها بطلاء "فستقى" ممزوج باللونين اللبنى والأبيض فكان لونها فريدا مريحا للأعصاب. وقام عمنا النجار المبدع عمر خليل صديق طفولة الوالد، عليهما رحمة الله، من برى بعمل دولاب كتب زجاجى طوله ثلاثة أمتار ونصف وإرتفاعه متران. وكان ممتلأ بكل ما جمعت من كتب فى الشعر والسياسة والثورة والفكر والتاريخ، خاصة أبان أسفارى المتكررة فى قارات العالم الرحيبة. إذ كانت دور الكتب والمكتبات وخاصة تلك التى تيبع الكتب القديمة والمستعملة هى مقصدى الأول عند وصولى لأى مدينة ، لا يهم. فتلك كنوز نادرة. فمن القاهرة إلى بيروت إلى بغداد إلى لندن إلى نيويورك إلى فرانكفورت إلى دار السلام إلى لاغوس إلى أديس أببا إلى إبى ظبى إلى أكرا إلى الرباط ، وكثير من عواصم الفكر والأدب والعلوم.
    وجوارخزانة الكتب تلك كانت خزانة الملابس وفيها قسم كنت أحتفظ فيه بمسجل كاسيت إشتريته من ألمانيا كان فى ما أظن من أوائل مسجلات الكاسيت فى السودان. وقد ساعدنى فى نقل كثير من أغانى مكتبة الإذاعة إذ كنت قد جلبت وصلات للتسجيل الداخلى بأطراف مختلفة الحجم والشكل. فكان لدى مكتبة من الكاسيتات لما يزيد عن الخمسمائة شريط من الموسيقى العالمية والأغانى السودانية والعربية والإفريقية والغربية وكان لدى فونوغراف إشتريته من السوق الحر ومكتبة من الإسطوانات كان فيها ما يزيد عن الثلاثمائة أسطوانة جمعتها ضمت خطب المشاهير كجمال عبدالناصر ومالكولم إكس وكوامى نكروما. وكان أكثرها من الأسطوانات الموسيقية كأسطوانات الحقيبة النادرة، والموسيقى المعاصرة، بعد أن تم تثيقيفى موسيقيا فى فنون الجاز والبلوز والريزم آند بلوز على يد الصديق الفنان التشكيلى والموسيقى المرحوم بدر الدين هاشم عوض مؤسس فرقة أضواء بحرى. وكان الدكتور أحمد الطيب أخصائى الباثولوجى مرجعى فى الموسيقى الكلاسيكية، فقد كان لا يكف عن الإستماع إلى درر الموسيقى الكلاسيكية وهو يترنم ويدندن معها طوال قيامه بعمل التحاليل الطبية فى معمله المتقدم يومها.

    وكان من حظى أن المراكز الثقافية الأميريكية والسوفايتية والالمانية كانت تقيم معارض كتب وموسيقى فأقتنيت الكثير. ولكن أكبر مجموعة أقتنيتها كانت من مصر وفيها المجموعة الكاملة لخطب الرئيس جمال عبدالناصر، ومن موسكو حيث أشتريت مجموعات فريدة من الموسيقى الكلاسيكية. ولما كبر عدد الكتب التى إقتنيتها خلال أسفارى ومعارض الكتب إضطررت إلى عمل أرفف حديدة تماما كتلك التى كانت فى مكتبة جامعة الخرطوم لدى ورشة عمنا القاضى فى المنطقة الصناعية بالخرطوم بحرى. وكانت بطول الحجرة خمسة أمتار بإرتفاع متر ونصف. وكان سريرى فى الجانب المواجهة لدولاب الكتب، والجانب الآخر كان لدى فيه طاولة مكتب نجرها عمنا عمر خليل أيضا عليه رحمة الله وكان بالطاولة درج ودولاب. وكنت قد وضعتها بين الباب والشباك. وكان بالشباك مكيف مائى كنت أقوم بصيانته بنفسى وإضفت إلى القش لبادا من الدمور مما أكسب هواءه برودة هادئة وحفظ شبكته من الإهتراء السريع، كما سهل عمليه غسلة من الأتربة المتراكمة. وكنت قد قمت بعمل أربعة سماعات من كيزان البلاستيك التى ثقبتها ووضعت فيها مكبرات صوت وأوصلتها بأسلاك ثم قمت بلحام "جاك" فى "أدابتر" ليصل بين المسجل والفونغراف والراديو. فكان مستوى السمع من هذه السماعات الرباعية بديعا. حتى أننى حين حضرت إلى بوسطن أحضرتهم معى ووضعتهم فى الشقة. وقد لا تصدق إن قلت لك أننى ما زلت أحتفظ بهم فى المخزن إلى يومنا هذا.


    [
                  

11-29-2017, 04:10 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)



    ونعود اليوم لذكرى محرابى، الذى كان الأصدقاء وخاصة النور عليه رحمة الله، والذى كان هو من أسماها بالـ"المحراب"، يجدون فيه غاية المبتغى من الراحة والإستمتاع بالموسيقى والتسجيلات وتصفح الكتب والمجلات التى لربما ما كان لها وجود فى أى بقعة من بقاع السودان.فقد كنت أجمع كثيرا منها فى سفراتى الكثر، خاصة وأنى كنت أزور دور الكتب المستعملة ، وغالبا ما يكون فيها النادر الثمين. كما أننى كنت أترصد الأجانب المسافرين وأشترى منهم كتبهم. وكانت أكبر مجموعة إشتريتها هى مكتبة البروفيسور محمد إبراهيم الشوش الذى كان مديرا لنا بدار جامعة الخرطوم للنشر وعين ملحقا ثقافيا بلندن عام 1973.
    وظلت تلك الحجرة محفورة فى ذاكرتى أفتقدها كل يوم! فقد كنت هيأت فيها كل متطلبات الراحة والدرس والثقافة والإستيعاب. لذا رأيت أنه من الضرورة أن أحدثكم عنها بذلك الإسهاب لتدروا لم ظل كثير من أصدقائى أعلام الفكر والثقافة يحبونها ولا يكفون عن الحديث عنها. ولكنى أريد أن أسترجع ذلك الزخم الذى أحاط بى ولفنى، كنوع من العلاج النفسى لغربتى التى طالت الآن. وقد درج الأصدقاء على زيارتى فيها وقضاء فترة الظهيرة وأمامنا ما لذ وطاب من طهى الوالدة الحاجة زينب، عليها رحمة الله. وكانت أبرع من طهى طعاما أيا كان. فكانت كل مقومات الود والوئام والتثاقف والطرب تجمع أرواحنا على صعيد واحد. فنعلم عن كل جديد من الكتب والفكر والنزعات الثقافية. فيا لها من أيام كانت أجمل ما تكون الأيام وأروع ما تكون المودة الصادقة والنفوس الندية الولوفة الحميمة. وكانت أسرهم أسرتى الكبرى.

    وكان أن أستأذنت والدى عليه رحمة الله ليسمح للجمع بالإلتقاء بمزرعته بالحلفايا، التى أنشاءها حنينا إلى جروف طفولته و صباه فى ارض الشمال. وكانت اللقاءات أسرية جميلة، يجد فيها حتى الأطفال مرتعهم. وكان النور بديناميكيته وحضوره الطاغى مركز الحيوية والتوقد. وكانت آخر رحلة تلك التى ودعنا فيها النور وهو منطلق إلى الدوحة لا يلوى على شئ، حيث إستدعاه الشوش للعمل معه فى مجلة الدوحة، بعد أن قصدها بغية ممارسة هوايته الإبداعية فى الترجمة. وتشاء الأقدار أن أعرج على الدوحة بعد معرض الكتاب العربى بالكويت وجولتى فى دول الخليج مروجا لكتب دار جامعة الخرطوم للنشر. وفور وصولى إلى الدوحة قادما إليها من الأمارات العربية المتحدة حضر هو والشوش إلى الفندق الذى كنت قد وصلت إليه فى التو. وأصرا على أخذى معهما إلى مجلة الدوحة ثم منزل الشوش وأصر النور أن أجمع أغراضى من الفندق وأقضى معه أيامى تلك فى شقته، إذ كان يعيش وحيدا وأسرته لم تلتحق به وقتها، لظروف بناته الدراسية. وهنا يجب على ذكر حدثين هامين.
    أولهما عفوية محمد إبراهيم الشوش فى تعامله وثقته المفرطة فى الناس.

    فحينما عين الطيب صالح وكيلا لوازرة الثقافة القطرية إستقدم رجاء النقاش ردا للجميل على ما يبدوا، وعين محررا فى مجلة الدوحة، وكان يومها الشوش مديرا لتحريرها وفى معيته المرحوم النور عثمان أبكر. وكنت قد تعرفت من قبل على المرحوم الطيب صالح أول مرة فى مكتب محمد إبراهيم الشوش فى دار جامعة الخرطوم للنشر فى مطالع السبعينات. وكنت قد سألته عن ما قاله لى المرحوم عبدالرحيم أبو ذكرى من أن موسم الهجرة إلى الشمال تتطابق مع رواية ميخائيل ليرمنتوف "بطل من هذا الزمان" والترجمة الصحيحة "بطل من زماننا" . وقد أكد المرحوم الطيب صالح أنه لم يطلع على الرواية ولم يعرف حتى من هو ليرمنتوف يومها.

    المهم أن رجاء النقاش وإبراهيم المدير الفنى لمجلة الدوحة كانا يحيكان شيئا شككنا فيه أنا والنور وحذرنا الشوش من عدم الإنفتاج و"الإنبهال" مع المصريين وتمليكهم أسراره، وشاركنا فى همنا ذاك الأديب الصديق الدكتور الفاتح إبراهيم. ولكنه لم يستمع النصح حتى غدرا به وتسببا فى فصله ولربما تآمرا أيضا على الطيب صالح. وقد ذكر لى بعدها الشوش وكان يمور من الغضب أن "الوغذ" رجاء النقاش غدر به و "شاله وقعد مكانو". وقال "والله أنا كنت قايل كلامك إنتا والنور هلوسه وكراهة فى المصريين بس!!!" وهذه شهادة للتاريخ.

    أما الحدث الثانى فكان إكمال أوراق تقديمى لجامعة بوسطن لدراسة الماجستير فى النشر وكنت قد حملت كل الأوراق ونماذج من مقالاتى المنشورة بالصحف باللغتين العربية والإنجليزية، والتى كان تضمينها فى الملف شرطا من شروط التقديم. وكنت قد قصدت إكمالها خلال أيام إقامتى فى عواصم الخليج التى زرتها. ولن أنسى ما حييت نبل النور فى مساعدتى فى تصحيح ترجمتى الإنجليزية لمقالاتى باللغة العربية لثلاث ليال متتاليات حتى مطالع الفجر هو يصحح وأنا أعيد الطباعة على آله كاتبة قديمة كنت أحملها معى. وهى مازلت معى حتى يومنا هذا، إذ أكملت بها طباعة كل المطلوب فى كورسات الماجستير فى جامعة بوسطن وإستعملتها فى طباعة الترجمة التى إمتهنتها عندما تم فصلى من جامعة الخرطوم وإنقطعت البعثة، وأنا طريح فراش نتيجة لحادث مرورى ومعى زوجتى وأطفالى (إبنى وبنتى يومها). ولم يكن لدينا مصدر دخل آخر غيرها. وبحمد الله وتوفيقة، من الله على بعقود حلت ضائقتى المالية يومها. ويعود الفضل لتلك الماكينية الأوليفتى.

    وودعت الدوحة وعدت إلى الخرطوم وجاءت خطابات القبول من عدد من الجامعات التى قدمت إليها ومن ضمنها جامعة بوسطن التى أرسلت لى الفيزا وقائمة بالمتطلبات. فقررت الإلتحاق بها لإلحاح صديقى المرحوم الفنان التشكيلى حسن البدوى عمر، الذى قضى أعواما طوالا بالولايات المتحدة. فسافرت إلى بوسطن فى شهر يوليو عام 1980. وكتبت بعدها للنور واعدا أياه بنيتى بزيارته.


                  

11-30-2017, 01:20 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)


    ولكن تشاء الأقدار أن تكون تلك آخر مرة أرى فيها النور. ففى اليوم الرابع من فبراير عام 2009 وافته المنية وصعدت روحه السمحة إلى بارئها بعد عناء مع المرض. ففقدت بذلك أخا وصديقا صدوقا؛ جميل الطوية، عطوف النفس إجتماعيا، ورقيق الحواشى مع كل خلق الله، لا فرق بين أنسان أو طائر أو حيوان أو نبات. كان مثالا يقتدى فى مودته وصدق إخائه وطيب نفسه. عطر الله ثراه.

    وفجعت وأنا أقرأ ماخطه الأخ هشام المجمر على صفحات هذا الموقع بعد يومين من وفاته، وهو يعلن النبأ الحزين كعنوان "وفاة الشاعر السودانى الكبيرالنور عثمان ابكر". فأعتملت فى نفسى خواطر من تاه ولم يجروء أن يحير كلاما، غير إخطار زوجتى العزيزة عاتكة بوقع تلك الفاجعة. فواستنى فى ذلك المصاب الجهم. فجلست ساهرا طوال الليل وأنا أسترجع أياما قضيناها معا فى معية أسرته الجميلة وصحابة النجباء الذين أجتذبهم إليه بتطابق نفوسهم وتوجهاتهم مع ما يحمله فى دواخله. وجرت مشاعرى برثائية طويتها كعادتى فى كتابة الشعر، وعدم الإبانة عنه لسنين طويله، كما شرحت سابقا.

    ولم تر القصيدة النور إلا يوم أن زفت إلينا الأنباء الخبر المفرح عن إفتتاح مكتبتة العامة؛ وهو الشاعر المثقف الموسوعى. فجالت فى خاطرى ذكريات تقاطرت عبر حقب من السنين طويلة. ورأيت بعينى عقلى جلساتنا فى دارة الرحيبة بكرم نادر؛ وأختنا الجزلى مارجريت المحتفية دوما بكل زائر، ربة البيت وأم زهرات كن حتى آخر رؤيتهن عام 1980 طفلات رقيقات يفضن حيوية و ينضحن براءة، يتبادلن الإتكاة فى وداعة على والدهن النور وأمهن مارجريت وعمتهن دكتور نوره. فألى تلك الأسرة الجميلة وبناتى إيزيس ولالا وما جدولين أهديت قصيدتى التى لم تنشر من قبل مشاركة حزينة فى يوم مفرح، رثاءا للصديق الصدوق والإنسان النادر النور عثمان أبكر بمناسبة إفتتاح مكتبته اليوم الثلاثاء الموافق 28 فبراير 2017

    النور عثمان ابكر...يا صحو الكلمات المنسيه
    ****************************
    رحلتَ سريعًا يا خِلـِّى
    وكنتُ أمنى النفسَ لقاءًا
    بعد سنى النزفِ وفرقةِ
    أعوامٍ عشرين وتسعٍ
    ولم أفهم إلا ساعتها
    معنى قولك
    أن "الموعد قد حانا"
    أستاذى وصديقى أنت
    يا عرابَ الضيعى مثلى
    قد كنت لنا حقـًا
    "كاهنَ هذا المعبدْ"
    فجمعتَ الشملَ نسيجًا براقا
    فهنا شبانُ الغابةِ
    وبناتُ الصحراءِ هُناكَ
    ونظمتَ مخاضَ الزهرِ لنا
    كلمات طنانه
    فكنت لنا "شمس الإمكان"
    وأيقظت تعابيرَ الماضى الغابرْ
    أعمدةً من لهبٍ
    "ممتدِ الأعرافِ إلى قمم الآفاقِ"
    حيثُ صعدت
    فوق جبالِ الربِ
    وبعتَ حشاكَ الأوحد
    "كي تعطي غرساً يرجى"
    "فالغرسُ الطيبُ"
    قلت لنا
    "يعطي الغصنَ الأخضرَ والمرعى"
    وضربت بعصا شعرك
    صخر الإحساسِ المتبلدِ
    فأنبجسَ شعورُ الناسِ عيونا
    "يعلم كلّ مشربه
    نسقي، نرعى"
    فى أكمةِ غابتنا
    وتلال الصحراءِ
    وجبالٍ سمرٍ
    وربى اوديةٍ خضرٍ
    فى مهجعِ ساحلنا الأزرقْ
    فشمختَ وأشهرتَ لنا
    "مصباحَ اللؤلؤِ"
    وفتحتَ لنا المعبدْ
    أبوابًا مشرعةً "كمنارةْ"
    "في وجهِ العابرِ والساعي"
    إلى سنارَ ومن مروى
    فمضينا خلفكَ نتهجى لنؤكدَ
    "صحوَ الكلماتِ المنسيه"
    فتتوهُ عقولٌ وخطى
    فى روعةِ هذا الألقِ البراقِ
    نتراقصُ طربًا لا ندرى
    أن الموتَ عدوُ البهجةِ والبهرجْ
    يترصدك ويؤثر أخيرنا دوما
    وتطاردك منه "عيون فى المنفى"
    فنفيق وقد أفل الباسقُ طولك
    ولم يتبق لنا غير
    حفيف الذكرى
    ورجع "الكلمات المنسية "
    *********************
    بوسطن 7 فبراير 2009
    _______________
    إرقد فى أمان الله وحفظه أخى وصديقى وسمير العقل والخاطر؛ وسع الله قبرك ويسر رقدتك وأفاء عليك نعيما بقدر ما أفضت من السعادة على الناس مزنا هاميات لا تسكن إلا لتمطر حبا ومودة وصدقا وتجردا وعطاءا.

                  

01-23-2018, 03:56 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)


    فى رثـاء عضو نبيل بهذا البورد
    "تـتـطـرطـش لى شِــنو" قـصيدة فى مـحـمد عـبدالـرحـمـن، رحمه الله

    لله فى خلقه حكم وأسرار أودعها بخصائص فى دواخل النفوس، منها ما تجعل الإنسان ينساق إلى تقبل النفس بعضا من خلقه . بل وأحيانا بخلق مودة إخاء وشعور بالقرب والحميمية. ويندرج فى ذلك ود الإنسان لآخر لربما لم يره وإنما سمع عنه أو قرأ له فينسرب وده فى النفس وتنمو عاطفة صداقة بمرور الزمن والمداومة على قراءة ما يكتب ذلك الإنسان أو يقول. ومن نعم الخالق علينا نحن السودانيين تشوقنا لمقالدة من نلتقى فى الغربة أو سعينا للتواصل معه عسى ذلك يرد بعض الرضا بعناق روح الوطن فى شخصه. رغما عن ذلك فقد دبت وسط السودانيين عداوات طارئة وجفوة حادة فتحت الباب كبيرا أمام الشك والريبة فى من يقابل الإنسان عرضا؛ حتى غدا إعراض السودانيين حتى عن إلقاء السلام عن من يقابلون؛ أمرا عاديا -- بل يشيحون بوجوههم فى إمتعاض و"زهج". فيغوص نصل ذلك فى الجرح عميقا فى نفس كل سودانى أصيل لا يبغى غير مودة يفتقدها. فإذا بها كارثة قاصفة، وإعراض ممزق. فليس كل من بادرك بالسلام يريد منك مقابلا أو معروفا ولا أنه يبغى أن يكون "لطعة" عليك. ولكن ما ذا نقول وقد تأسست الممارسة حتى عشتها فى أغلب مدن الغرب والشرق والخليج وحتى فى أقطار إفريقية كنا فيها من قبل نجرى نحو كل من نظن أنه يحمل على بشرته غبار الوطن.

    ومن عجب الأمر أن تلك الممارسات والحدة والنزق والعدائية إنتقلت حتى إلى صفحات التواصل الإجتماعى. ويكفى نظرة واحدة لعناوين أو مداخلات فى موقع السودانيزأون لاين لنرى عمق الكارثة. ولكن، والحق يقال، هناك تجارب ود صادق وإخاء يجبرك على الأمل فى علائق إخاء وصدق. ومن ذلك تجربتى على صفحات السودانيزأون لاين منذ أن قدمت إليه فى أواخر عام 2009، حيث نمت بينى وبين عدد من الناس مودة صدق وإحترام وثقة بلغت حدودا بعيدة من الإخاء والأبوة والبنوة. فصار من الطبيعى أن يتصل بى بعضهم هاتفيا أو على الإيميل؛ فيهم من يسعى لأخذ رأيى أو بث شكوى أو سؤال عن حل معضلة كارثية يعيشها. فأنتشى كإنسان ظل عدد كبير من الخلق يضعون ثقتهم فيه وفى صراحة ووضوح نصائحة بلا نزق ولا عدوانية أو لوم أو تجريم. ومن فضل الله كانت تلك نعمة أنعمها الله على من عمر بكير. ولربما كان مصدر الثقة ناتجا من كونى "ود عجايز". وكان من ذلك قربى من عدد كبير من موظفى وعمال جامعة الخرطوم وفى العاصمة المثلثة وأطراف السودان. وهى ثقة ومودة أفرح بهما وأطرب. وهنا، فى معرض توثيقى لشعرى فى الرثاء، تبادر إلى ذهنى شخص نادر فى هذا المنبر غادرنا فجأة.

    وأنا هنا أتحدث عن الأخ المرحوم محمد عبدالرحمن الذى كان يدعو نفسه "المطرطش". ومن حكمة الله حتى كلمة مطرطش تغير مدلولها حينما إرتبطت بإسمه. فرغما عن أنى لم ألتقيه وجها لوجه ولو لمرة واحدة ولم أتحادث معه أبدا؛ ورغما عن أنه لم يكن بيننا مودة تواصل أو أو صداقة، إلا ماتستوجبه لياقة المخاطبة، وود المداخلات، ومجاملات مشاركة الرأى، إلا أننى كنت أشعر تجاهه بنفس الإلفة التى إحس بها تجاه أصدقاء حميمين. ففى روح المرحوم كانت هناك نفحة من رب العالمين تجذب الناس إليه -- بإختلاف إتجاهاتهم الفكرية والثقافية. ومن نقاء ونبل نفسه كان الكل هونا عليه، يمازحونه ويلاطفونه. بل ويخالفونه بصفاء قل أن يوجد فى هذا المنبر.

    وكان من عادتى أن أبحث عن مداخلاته لأنها لم تكن تخلو من سلاسة وذكاء. لاذعة لمن خالف بالشطط، بلا تقريع مباشر ولا هجوم شرس. وكان يثمن بديع الرأى بجزالة فى الإحتفاء دون أبتذال. وكنت أفرح لبراعته فى نسج كلامه بمخارج شايقية قحة. ويستجلب بديع المغنى مما يستوجب "النـخـجـى". فيجمع بين العمق والعفوية فى لغة شايقية محببة وبأسلوب هو مثال للسهل الممتنع. فكنت أستمتع أيما متعة. وقد بذلت جهدا مضاعفا للإقتباس مما كتبه. فقد كنت أريد إقتباس تلك العفوية الندية الصادقة النابعة من أعماق رجل نبيل كان يكن للناس من المحبة أضعاف مايمكن أن يتمناه إنسان. فكان رجلا بيننا مثالا للعفة ودماثة الخلق ورضا النفس وصفاء الضمير. وكنت أمنى النفس بلقائه عند زيارتى لتكساس ولكن وقع قدر الله وتأخر سفرى.

    وغبت فترة عن المنبر لظروف يطول الحديث عنها. وعدت كعادتى لأتصفح بعضا من طيب مايكتب. فهالنى مارأيت من رثاء للمرحوم طيب الذكر، حلو الحديث، نقى السريرة، صفى النفس، سلس المقال؛ وقد خيم على المنبر حزن جماعى وتسابق الناس فى التعازى احزانا تؤز الأفئدة. فوقع على خبر موته كما الصاعقة فى عتمور خلاء، وطافت فى عقلى روؤى شتى وذكريات لجميل مداخلاته. وإذا بعقلى وقلبى يجريان بالأبيات التالية العفوية، كمثل قوله؛ لتعبر عن عميق شعور بالصداقة والإخاء الذى مادريته إلا حينما فاجأنى رحيله بمدى عمقه. ألا رحم الله ذلك الرجل الفريد وأسعده فى آخرته بقدر ما أسعد فى دنياه من رهط كثر. فقد كان رجلا نبيلا بكل ماتحمل الكلمة من معنى. رحمه الله رحمة واسعة، سعة نفسه وسماحة روحه. وعلم الله أن وفاته كانت فقدا عظيما لروح مضيئة فليتغمده الرحمن برحمته ويوسع قبره وييسر رقدته ويسكنه فسيح جناتة ويتلقاه المولى عز وجل فى كنفه.

    وكما قلت كانت هذه أبياتا عفوية نابعة من إحساس بجلل الفقد لنفس فيها من الصدق والخير الكثير
    "تـتـطـرطـش لى شِــنو؟"
    لا أتــلاقـــيــنـا فــد يـــــوم
    لا أتـقـالـدنـا بالأحــضــان
    لا أتـكـالمـنا بـى تـيـلـفـون
    لا أتـونـسـنا فى الحـيشان
    لــكــيــن قــســمـا يــمــيــن
    إتَّـا الأسـمى فـى الأخوان
    إتَّ الأصـــيــل و كــريــم
    عــالـى الـنــفـس والــشـان

    فـى شــان ســمــو روحـك
    سـمـوا الــبــشــر إنــــســان
    بالـحـكـمـة وتـمـام الــذوق
    تَـهَــدِى اللـئــيـم غـضـبـان
    والـبــجـهـل جـلالـة قـدرك
    قــســمـا ً حَـلَـفْ غــبـيــان
    تـتـطـرطــش لـى شِـــنـو؟
    وإنـت الـرصـــيـن فــنـان

    كل يــوم أكـوس سـطـرك
    ألــقــاه أصـــفـى بـــــيـــان
    نــفــَس الحـروف شـايـقى
    وكـل كــلـمـة بـالــمــيــزان
    شــايـل كل هـمـوم أهـلــك
    وبلدا فى العذاب غـرقان
    سـاهــر الـجــفــون ديــمـا
    هـيمان تـهاتى بالـسـودان

    والليـلِى تـب ما أنْـخَــلَـعْ
    وعـقـلى طــار ضَــهَـبان
    جــيـت أقــرا لِـى قـــريــة
    لـقـيـت الـجـمـيع حـزنان
    تبكـيـك قـمارى الـروض
    وطير الجنة فى الأفنان
    تبكيك الجروف، والمى
    الـجـاريـة فـى الــوديـان

    ســــائــل الإلـة مـــولاى
    ربى الــرحـــيـم رحـمان
    يـكـلاك بى كل رحـمـته
    ويفـيض علـيـك غفران
    وتـآنـس وحدتك أمـلاك
    لــى يـــوم لــقـا الــديــان
    وفـردوس خـلـود أبـدى
    أعلى المـقام فى جـنان
    ________________
    2012- 06-بوسطن 15
                  

05-29-2018, 05:15 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)


    فى رثاء عمنا المناضل سعودى دراج

    تحكم علينا الأقدار أن نلتقى بأناس يفرضون ركوز ذكراهم فى عقولنا. ويزداد توطد ذلك الحضور العقلى بتراكم مزايا نلحظها فى تعاملنا معهم أو ما نشهده من مواقف أو أداء يقدمونه. وكان عمنا المناضل الجسور سعودى دراج، عليه رحمة الله واحدا من أولئك النفر الذين فرضوا محبتهم فى قلوب المئات، بل أكاد أقول الألوف. فقد كان رجلا ولا كل الرجال. كان متفردا فى كل شئ: إجتماعى ودود، مناضل لصيق بالجماهير، لا ترفع ولا أنفة؛ له الرحمة والمغفرة.

    عرفناه ونحن أطفال يوجهنا ويعلمنا طريقة اللعب الصحيح فى كرة القدم؛ فقد كان لاعبا ماهرا، ولكنه كان معطاءا ولم يكن أنانيا؛ بل يشرك الكل فى خبراته. وكان جم التواضع يجلس على الأرض مع بقية الشباب حول ميدان الأمير أو ميدان التحرير، سواء أن كانت هناك مباراة أو تمرين، يطلق التعليقات الذكية والتحليل الواعى، والقفشات المضحكة.

    ولما شببنا وصرنا نعى الدنيا وأنخرطنا فى العمل السياسى الجماهيرى، كان يشرح لنا حقائق الأمور وما أغلق علينا وما شق فهمه. فقد كنا لصيقين به لما ذكرت من علاقاته الإجتماعية الودودة؛ ولأننا تربينا وتفتقت مداركنا فى نادى الحى، نادى العمال، والحركة الوطنية فى أوجها، كما أشرت من قبل.

    ورغما عن أننا كنا نقوم بعملنا التطوعى من محو أمية أو المشاركة فى بناء الأندية الثقافية والرياضية، أو ترميمها بإستقلال كامل، فإنه كان يمد لنا يد العون والتوجيهات المنبثقة من خبرات تراكمت فى العمل العام. ولكن رغم لصاقته بنا وودود علائقه الإجتماعية معنا، لم يحاول إطلاقا فى أى يوم من الأيام، بأى طريقة أن يجندنا للحزب الشيوعى رغما عن أنه كان يشجعنا على الإنخراط فى برامجنا فى محو الأمية والعمل العام. ويحثنا قائلا بأن ذلك واجبنا الذى حتمه علينا إسهام الشعب فى تعليمنا. وكان يضرب المثل بالفعل المقرون بالقول. فمثلا كان يحمل معنا الطوب ويواسى معنا الأرض عند بناء نادى التحرير. وأغلب ظنى أنه لم يعمل على تجنيدنا لأنه كان يريد أن يحتفظ بمكانته فى نفوسنا دون إحراجنا أو إرغامنا لإرضائه بالقبول بدخول الحزب الشيوعى دون قناعة منا أو إحراجه بالرفض والجفول، وبالتالى فقدان ذلك الرابط الإنسانى الإجتماعى البرئ. وما أظننى سمعت يوما أحدا يصفه بـ"سعودى الشيوعى". فقد توطدت علائقه الإجتماعية بالجميع دون خلط للعمل السياسى بأسس العلائق الإجتماعية. لذا حظى بكل ذلك التقدير والإجلال. وتلك أمثلة حية لنبل وحكمة الرجل -- عليه رحمة الله

    وكان هميما مسارعا فى كل أعمال الخير: ينجد الملهوف، وتراه أول الحاضرين فى بيت عزاء أو فى جنازة، أو وهو يقوم بتقديم الطعام "يكفى" الضيوف فى يوم عرس أحد شباب الحى؛ وهو يشيع المرح والفرح والبهجة بضحكته المجلجلة البريئة النابعة من القلب.

    وكان يساعد النساء والعجزة بتواضع جم. حتى لكنت تراه ذاهبا إلى دكان عبدالله اليمانى فى الخاتمية ليجلب لإحداهن ما تريد لأن زوجها أو إبنائها كانوا غائبين أو لأن أبناءها كانوا صغار سن، ولم يجد وقتها واحدا منا "ليرسله".

    فالرجل كان عظيما متجردا متفانيا فى حبه للوطن وللناس. يودع السجن ليخرج منه بعد فينه ويعود سيرته القديمة فى زيارة كل من كانت عنده مناسبة كره أو فرح أثناء غيابه فى السجن، فيعود المرضى، ولكنه يجهد فى نشاطه التنظيمى. فعليه رحمة الله؛ وأثابه الله عن السودان وعنا وعن كل من مد له يد المساعدة أو واساه أو دعمه

    ولن تعود بحرى بعد رحلة الأياب إلى رب العالمين كما كانت قبل رحيله، فلن يجود الزمان بمثله لأنى أظن بأن صنوه لم يوجد.

    وقد إنبثقت هذه القصيدة عند صدمة المفاجأة برحيله، فى عفوية كعفويته العميقة؛ فهى كلمات جرت من مشاعرى فور سماعى خبر وفاته. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

    " يا رمز الشموخ يا إبن بحرى المعطاء"
    فى رثاء عمنا المناضل سعودى دراج

    شـامـخُ النفـس ِ عــزيزٌ قائما
    كنخيل بلادى
    سـامقُ الوقـفةِ صـلدا حـينما
    الحقُ ينادى
    باذلُ النفـسَ كــفاحا ونضالا
    فى صمودٍ وعنادِ
    ناصرُ العمال والزراع، حتما
    فى المدائن ِ والبوادى
    ثابتٌ خطـوك للسـجنِ دوما
    فى إباءٍ وأعتدادِ
    ياسعودُ سنادُ الضحايا حانيا
    فى عطاءٍ و ودادِ
    قـر عـينا فى أديـم الله عمى
    مستجيبا للمنادى
    عطرالسيرة محبوبا فى كل
    أرجاء البلاد
    _________________
    5 فبراير 2015

                  

11-25-2018, 11:57 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)


    فى رثاء الأخ والصديق محمد عثمان وردى
    هذه المرثية كانت فى رحيل فقيد الفن والوطن الأخ الصديق عملاق الفن فى إفريقيا محمد عثمان وردى، عليه الرحمة وله الخلود. ففى يوم السبت الموافق الثامن عشر من فبراير عام 2012 غيب الموت أستاذنا وصديقنا فنان إفريقيا الأول محمد عثمان وردى؛ ذلك الموسيقى الخارق الذى هضم التراث وقفز به إلى المعاصرة بأكثر من ثلاثمائة وخمسين أغنية أبدع تلحينها وأداءها حتى صارت إفريقيا من أقصاها إلى أقصاها تترنم بأغنياته باللغة العربية -- رغم أن جلهم لا يفهم معانى كلماتها. كان وطنيا ثوريا سودانيا وإفريقيا وعربيا وعالميا صارع الظلم والطغاة والطغيان ونزف رحيق قلبه من أجل الحب والسلام والغلابة والمسحوقين على إمتداد وطنه وإقليميه والعالم. وظل صامدا على مبادئه إلى يوم رحيله.
    كان أول يـوم شـاهدت فيه وردى كان فى مـعـية المناضـل الـمعـطاء عـمنا عـبده دهـب يـوم زارا والدى فى دكانه بالـسوق العربى مخازن عطارة الشرق لـصاحبها إبراهيم محمد عبدالرحمن الـشـهيـر بالـبربرى. وكنت أسـمع عـنه وأسـمع أغنياته تـتردد فى الـطرقات وأنا فى المنزل أو فى طريقى إلى مـدرستى الخـرطوم بحرى الأميريـة الـوسـطى. والناس كـريـمة جـوادة بفنه؛ فـصـوته يـجـلجل من مذياع عبر نوافذ الصالونات ومن أمام أبـواب المنازل والـرجال فى جلساتهم العصرية إلى حـين غـروب الـشـمس أو فى متجـر يـتباهـى صاحبه بأنه يـمتـلك مـذياعا فيرفع صـوته إلـى أقـصى مداه.
    وتعود إلى ذكرياتى أيام جلسات ولقاءآت طويلة، كان آخرها يوم جلسنا فى داره ندعوه ليغنى فى حفل زواجى. وكان يوم "الفرح" الذى نسى فيه الحفل وجلس يتحدث مع والدى بلغة حذقها كلاهما، عـليهما رحمة الله. فـكانت فرصة لـتعـزف الفـرقة مـع أسـتاذنا الموصـلى الذى أجاد وأبدع. ولما طال عـلى الناس غيابه عـن المسرح جاء من يستحثونه عـلى الصعود ولـكنه ووالدى كانا يـتـحـدثان عـن أمـور لا أدرى ماهـى -- ولـكنهـا إسـتحوذت عـلى إهتمامهما. وكان ذلك الـيوم هـو الأول والأخـير فى حياة والـدى الـذى يـحضر فـيـة حـفل زواج.
    فكانت قصيدتى فى رثائه وفاءا لعطائه وإعزازا لصداقته وإبداعه فى إحياء ليلة زواجى فى مشهد تقاطر فيه القاصى والدانى فى ميدان الحى جوار نادى العمال بالخرطوم بحرى؛ تماما كليلة "عرس الزين" التى أمتعنا بوصفها أديبنا الراحل الطيب صالح. الأ رحمة الله تتنزل على قبره:
    --------------------
    وردُ الورودِ وروعةُ الحزنِ النبيل
    ********************
    إحْتوطَبَ الُرطبُ
    النَدِىُّ تَصرمًا
    والطلعُ شاخَ
    على عََراجينِ النخيلْ
    *************
    وتَساقَطتْ بِتلُ الُورودِ
    القانياتِ تَشتتاً
    وتَخثُراً عندَ الأصيلْ
    *************
    وتَشْرنَقت كمداً
    "عَصافيرُ الخريفِ"
    الوادِعاتُ بليلها
    قدْ لفَّها
    "الحَزنُ النبيلْ"
    *************
    وتَنَاوَحَ القِمْرِيُ
    و"الطيرُ المُهاجِرُ"
    بالنَشيجِ وبالصريرِ وبالهديلْ
    *************
    وعَوتَ أعَاصِيرُ الصحارَى
    في الجِبالِ وخُضْرَةٍ
    قدْ حَفَّها
    نِيلٌ ونِيلْ
    *************
    وتَدَافَعتْ حَرَّى
    دموعُ النْهرِ مَوجاً
    صَاخِبَ الإيقاعِ
    نَزَّافاً يَسيلْ
    *************
    فتَقَرَّحتْ مِزَقاً
    مآقِينا الحَيارىَ
    غَائِراتُ الحُدْقِ بالأتراحِ
    والدمعِ الهَمِيلْ
    *************
    فالكلُ يَبْكى حَاديَ النُورِ
    الذي غَنَى لهُ:
    النهرُ والشعبُ
    والأشجارُ
    والجَبَلُ الأشمُ
    على ُربى توتيلْ
    *************
    وتَسَْربَل الفَجرُ الوَليدُ
    بِحَزَنِه الآسي
    صَدىً...والْتاعَ
    من رجعِ العويلْ
    *************
    ولَعَقْتَ جُرحَكَ يا وطنْ
    *************
    وإذا بالشعرِ والأنغامِ
    تَبرُقُ جلجَلاتِ
    الضوءِ ألْحَاناً
    على دربِ الرحيلْ
    *************
    فَتَبَسَّمَ الفَجرُ المُطلُ
    بَشَائِراً تَحْكى
    جَزَالةَ فنِّهِ ألَقاً
    علَى الماضي الجَميلْ
    *************
    مُسْتَرجِعاً أيَّامَ
    عِزّةِ مَجْدِنا:
    تِهْرَاقا
    أشمُ الاسمِ والتاريخِ
    يُودعُ رايَة ً عبد الفضيلْ
    *************
    فَيُسطِّرُ التَاريخُ مَولدَ
    شعبنا...عِزاً تَسَامى
    يَنْشُدُ العَليَاء
    جِيلاً بعدَ جيل
    *************
    يا مُلهِمَ الأجْيالِ
    معنى العَزمِ والإصرارِ
    في مَرقى النُجومِ
    مُجَسِّداً أحْلامَ
    عَزةَ والخَليل
    *************
    تَروى لنا تَاريخَنا
    فَيْضاً من السردِ
    المُمَوْسق ِ كَوْثَرًا
    يَْروى الغليلْ
    *************
    تَْرتَادُ آفاقَ الزمانِ
    مُضمِّداً عُمقَ الجراحِ
    بقلبِ شعبٍ نازفٍ
    وتُزِيلُ أسقامَ البلادِ
    بِبلْسمٍ يشفى العليلْ
    *************
    رمُوكَ في قَاعِ الزَنَازِن
    ما انْكَسَْرتَ تَذلُلاً
    بَلْ هَابكَ السجانُ
    والجلادُ؛ زَانَكَ
    مِنْهُمُو قَيدٌ ثَقيلْ
    *************
    وطَفِقْتَ تَصْدَحُ
    للعُمالِ، للُزَّراعِ
    للجوْعَى وأسْرَابِ
    الضَحَايا المعدمينَ
    القَانِعينَ منْ
    المَزابلِ بالقَليلْ
    *************
    وسَمَقتَ في أرضِ
    المَنافِي سَامياً
    كمَنارةِ الإيمانِ
    فى أرضِ الطَهَارةِ
    تَسْتَثيرُ الشَدوَ آمالا ً
    تُبَشُِّر بالبديلْ
    *************
    ولَعِقْتُ جُرحَكَ يا وطنْ
    *************
    وردى أخى...
    أنتَ الذي عَلْمتَنا
    مَعنى النضالِ
    وروعةَ النصرِ الجَليلْ
    *************
    ذكْرتَنا كَرري
    نَشيدَ المجدِ عزماً
    وكواسِرُ الفِْرسَانِ شُمٌّ
    فَوقَ هَامَاتِ الدخيلْ
    *************
    كالأُسدِ يُشْجِيها الوَغى
    وقَعْقَعَةُ السلاحِ
    تُثِيُرها رقصاً
    على وقْعِ
    الحَوَافِرِ والصهيلْ
    *************
    ولَعِقْتُ جُرحَكَ ياوطنْ
    *************
    أنتَ الذى ألْهَمْتَنا
    سَِّر الغَرامِ
    وَدنْدَناتَ العِشْق
    إيقَاعًا مِن
    الَفنِ الأصيلْ
    *************
    أطعَمْتَنَا وسَقيْتَنَا
    لُغَةَ الُفتُونِ
    ومَْرحَبًا يا شَوقُ
    إبْدَاعًا من
    الشِعْرِ الجميلْ
    *************
    تَسْرِى نَسَائُِم فَِّنكَ
    المِعْطَاءِ ألْحَانًا
    تُمَوْسِقُ خُصْلَةً حَيْرِى
    عَلى خَدٍ أسيل
    *************
    فَتَظَلْ أعْيُنُنَا تُتَابِعُ
    هْفهََفات الشَعِْر
    تَلْثُمُ وجَْنةً قدْ زَانَها
    طَرفٌ كحيلْ
    *************
    وتَسُوقُ أنْغَامًا تَهُزُ
    دَوَاخِلَ الإحْسَاسِ
    تَأسِرُ وعيَنا بِمَفاتنٍ
    تَحْكِى جَمالَ الريلْ
    *************
    فَتَظلُ تَرقُصُ كُلَّ
    خَلِيةٍ فِينا
    والعَيْنُ تَسْرِقُ
    نَظْرَةً تَهَْوى
    القَوَام السْمهَرىَّ
    وفِتْنَةَ الخِصرِ النْحِيلِ
    *************
    ولَعِقْتُ جُرحَكَ ياوطنْ
    *************
    نَاديْتُ ذَاكَِرتِي
    بِكُلِّ الودِ
    أسْمَعُ أُغْنِياتِ الشَوْق
    نُورَ العينِ
    قَطْرَاتَ النَّدى
    والمُْستَحِيلْ
    *************
    ونَشرتُ أشْرِعَتي
    عَلى سُفُنِ الَرجَاءِ
    المُسْتَدامِ جَواريًا
    يَسرِى بِها نَسْمٌ عَلِيلْ
    *************
    فَمَخْرتُ أبحُرَ
    نَشْوَتي طَرِباً
    ونَصَبْتُ ألوِيَتي
    علَى صَدرِ السَحَابِ
    المُشَْرئبِ إلى السماءِ
    بِلا دَليلْ
    *************
    وبَعَثتُ أنْفَاسي
    بجُنحِ الليلِ
    تسبِرُ غورَ آمالٍ
    تَقوُد إلى
    تُخُومِ الفُلكِ
    والمَسْرَى الطَويلْ
    *************
    ولَعِقْتُ جُرحَكَ يا وطنْ
    _________________
    عبدالرحمن إبراهيم محمد
    بوسطن 21 فبراير 2012

                  

11-25-2018, 12:28 PM

يحي قباني
<aيحي قباني
تاريخ التسجيل: 08-20-2012
مجموع المشاركات: 18708

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)

    استاذي البروف عبد الرحمن ...

    شكرًا لفتح نافذة هذه الواحة مرة اخرى ...

    حقيقة هي اجمل ما يمكن ان نقرآه في هذه الأيام التعيسات التي تمر على المنبر ...

    و حقيقة أرجعني نعيكم للمناضل الجسور سعودي دراج لزمن بديع
    و العم سعودي عرفته ليس عن قرب و ذلك لانه يكبرنا كثيرا
    و لكنه قرب يكفي ان نعرف من هو ..
    فقد جمعتنا علاقة أسرية حميمة مع أسرة شقيقة الدكتور سعد دراج
    و قبلها بالطبع مع أسرة عمنا و جارنا بود ارو العم عبد اللطيف الضو نسيب د سعد
    رحم الله الجميع ... و شكرًا لك لارجاعي لسنوات بديعات لن يجود الزمان بمثلها ...
                  

11-25-2018, 12:58 PM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12483

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)



    إحْتوطَبَ الُرطبُ
    النَدِىُّ تَصرمًا
    والطلعُ شاخَ
    على عََراجينِ النخيلْ

    ==================
    عوداً حميداً أستاذنا عبدالرحمن صاحب الحرف والقافية .. يوم جميل ورائع عودتك إلى الساحة
    كالعادة جئت تحمل معك الفن والتاريخ والاصالة ورثاء للنوبي النموذج وردي .. رثاء يقطع أنياط القلب
    وتفتح مجاري الدموع وخاصة ذلك الجزء الذي اخترته من المرثية ..
    يا سلام استاذنا عبدالرحمن .. هكذا النوبي عند المدح والهجاء والرثاء يرجع لرموزه وثوابته وثقافة أهله
    وعمقهم في التشبية والمقاربة لترسم هذه صورة العميقة للكآبة والحزن عندما لجأت إلى امنا ( النخلة ) لتقرب
    صورة الحزن والمعاناة التي شعر بها في فقد رمز عزيز .. نعم هي الام والحاضنة ( فرحاً وحزناً )


    حْتوطَبَ الُرطبُ
    النَدِىُّ تَصرمًا
    والطلعُ شاخَ
    على عََراجينِ النخيلْ

    من اكثر الصورة كآبة وحزناً هو جفاف الرطب .. لأن الرطب رمزية الجمال
    والنضرة شكلاً وذوقاً ولوناً وطعماً وأجمل تشبيه للأنثى في البيئة النوبية بالرطب
    أن لا تثمر النخلة ليست مشكلة أن تحترق النخلة ليست تلك المشكلة الكبيرة ولكن الأمر الأكثر
    حزناً للتربال هو ( جفاف الرطب ) ..
    أستاذي الجليل قبل الدخول لهذا البوست كنت أكتب عن غناء وردي بالنوبية والتشبيه بالرطب
    للحبيبة وبأسلوب عميق جداً لا يقدر عليه إلا من عرف سر الطبيعة في تلك البيئة الغنية التي أنجبت
    وردي والخليل والجيلي وأنت أحد منهم ممن لديه الموروث الجيني لعمق تلك الحاضنة .
    نعم إستاذنا عبدالرحمن النوبي الجميل هكذا كنت أكتب قبل قراءة هذا البوست .. البوست
    بإسم إسمراللونا .. لا أعرف كيف أنقل الرابط المهم البوست في الصفحة الأولى

    سبحان الله كنت أعظم شأن تشبيه الجمال بالرطب .. وجئت ايها الرائع بتشبيه الحزن بجفاف الرطب
    وكلاهما إحساس إنساني ..

    وهذه هي المداخلة :

    ( إن قمي كرووش ) en gaimi kroosh
    ( ووو قمووش )
    المقصود ( الرطب الطازج من ثمار هذا الموسم)
    كرووش .. أيضاً بالعامية العربية ( كرشا koorsha ) ومتداولة بكثرة لدى أهلنا الشايقية
    وبالنوبية ( korosh )
    أما لفظ كرووش ( إسم الدلع ) .. لأن رطب الكرشا من أجمل أنواع الرطب فلا يمكن لشاعر مثل وردي
    أن يشبه الحبيبة برطب البركاوي لأن فيه نوع من الغلظة والذكورية كما أن رطب البركاوي ليس فيه حمرة بل صفار
    ولكن كرووش المقصود هنا باللون الاصفر الخليط مع الاحمر .. في الدنقلاوية يطلق على اللون الخليط ( قمشل)
    ووردي هنا اخذ الوصف إلى صيغة مبالغة ودائماً عند المبالغة في المحسية (تكرار للحرف الاخير .. مثال : كومبو . كومبووو .. وهي ليست قاعدة ولكن في العموم)
    وفي الدنقلاوية صيغة المبالغة ليست لها قاعدة ( كومبو .. مثلا . كومبوتي .. تونجل تونيجلا ) ..
    وأجمل مراحل نضوج التمر .. بعد الدفيق .. والقلوك .. هي مرحلة ما يسمى ( قوبوش ) ولونها فرايحي خليط ما بين الاخضر والاصفر والاحمر شيئ في غاية الجمال
    وهذه المرحلة لا تستمر طويلا بل لعدة أيام فقط ..
    ولجأ وردي إلى إختيار ( كرووش ) لأنه هذا النوع من التمر طعمه رائع جداً وحلو المذاق والمنظر ونادر الوجود ربما نخلة واحدة في كل ساقية وتؤكل وهي رطبة


    استاذنا الجميل .. هكذا تحملون تلك البيئة في دواخلكم أينما حللتم وردي في اغترابه بالعاصمة .. خليل في أمدرمان .. الجيلي في مصر .. وانت في امريكا

    شكرا كثير .. وفرحة لا تصوف بعودتكم ..
                  

09-06-2019, 05:26 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: علي عبدالوهاب عثمان)


    معذرة أخونا المفضال الأستاذ يحي قباني

    فقد مررت بظروف أضطرتنى لإستجمام النفس وشد إذارالصبر حتى أنقشعت سحب البلاءآت

    وعند عودتى فوجئت بسيل من الإيميلات تطلب الرابط إلى هذا البوست إذ كنت قد نوهت عنه
    فى مقال إستجمعت فيه بعضا من قليل من ذكرياتى مع شاعر سنار المرحوم محمد عبدالحى
    فى إسترجاع لجلال دور أرملته ورمز سيادة الأمة اليوم الأستاذة عائشة السعيد ووفائها الأسطورى.
    ولما ظهر المقال فى موقع الحوار المتمدن أقبل عليه القراء بنهم حتى بلغ عددهم فى 48 ساعة
    ما فاق الخمسة وعشرون ألفا وأربعمائة قارئ للمقال. وقد طلب من تواصل بى أن أمكنهم من
    الرجوع إلى بوست الرثائيات هذا. وعليه فقد تكرم أخونا الباشمنهدس بكرى وأعاد البوست
    إلى الواجهة.

    ففوجئت بأننى قد أجرمت فى حقك وحق أخينا الجليل على عبدالوهاب عثمان بعدم الرد على
    مداخلاتكما اللتين لم يكن لى بهما علم. فمعذرة مرة أخرى ونعود لنتابع هذا الخيط بإذن الله.

    فلكما الشكر والعتبى حتى ترضون ودمتما أخوين عزيزين.

                  

09-19-2019, 10:46 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)


    أستاذنا الفاضل قبانى
    لك الشكر على التقريظ وطيب الكلم
    Quote: استاذي البروف عبد الرحمن ...

    شكرًا لفتح نافذة هذه الواحة مرة اخرى ...

    حقيقة هي اجمل ما يمكن ان نقرآه في هذه الأيام التعيسات التي تمر على المنبر ...

    و حقيقة أرجعني نعيكم للمناضل الجسور سعودي دراج لزمن بديع
    و العم سعودي عرفته ليس عن قرب و ذلك لانه يكبرنا كثيرا
    و لكنه قرب يكفي ان نعرف من هو ..
    فقد جمعتنا علاقة أسرية حميمة مع أسرة شقيقة الدكتور سعد دراج
    و قبلها بالطبع مع أسرة عمنا و جارنا بود ارو العم عبد اللطيف الضو نسيب د سعد
    رحم الله الجميع ... و شكرًا لك لارجاعي لسنوات بديعات لن يجود الزمان بمثلها ...
    لك التحايا وكما ذكرت أعلاه أكرر إعتذارى لك وللأخ الأستاذ على عبدالوهاب
    فقد غبت عن المنبر مضطرا.

    عمنا سعودى عليه رحمة الله كان رجلا نادرا متصالحا مع نفسه رضى النفس
    مريح فى التعامل بكل العفوية السودانية الأصيلة والأريحية الإجتماعية التى
    تجعلك تحس دائما بصدق وده. وقد أستنزف جل عمره بين المعتقلات والسجون
    إيمانا بضرورة العطاء من أجل الوطن والتفانى فى خدمة الجماهير. عليه
    رحمة الله.
    ووالله فعلا كانت أياما بديعات عرفنا فيها معنى الإخاء والإنسانية مع
    أسرتهم الممتدة وأنسباءهم الكثر وحضورهم الإجتماعى والسياسى والرياضى

    يا أخى أنتا كان كدا صغير جدا، لأنو دكتور سعد دا صديق شقيقى أسامة
    اللهو أصغرنا سنا.

    لك الشكر على الطلة وتقبل التحايا وأطيب الأمنيات
                  

02-08-2020, 07:48 AM

عبدالرحمن إبراهيم محمد
<aعبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفيتورى يا يــاقــــوت الـشــــعـر (Re: عبدالرحمن إبراهيم محمد)


    وصلتنى رسالة عتاب من صديق عزيز طال غيابى عنه ولم أسمع
    منه طوال مازاد عن العشرة أعوام. وفاجأنى بأنه كان يتابع نصوص
    هذا البوست. وغضب منى حين توقفت عن الكتابة فيه ولكنه لم يجد
    رقمى ليتواصل معى لأنه فقد هاتفه الذى كان به رقمى. ولكنه إلتقى
    بصديق لنا وطلب رقمى لا للتواصل ولكن للعتاب والتأنيب لأنه
    كان يتابع ويستجر ذكريات حول أحداث ومواقف سقتها فى بعض
    سردى. وغضب حين أنقطع ذلك الخيط الرابط من الذكريات وقد
    أنبنى وطلب منى أن أعود للكتابة فى هذا السياق. وقد وعدته بذلك
    بعد مكالمة طالت.
    وها أنا أعود ليغفر لى هو وكل من ظل متابعا لهذا البوست أيضا
    حتى تكتمل كل نصوص كتابى.

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de