الاهم اليوم من الدولة المدنية ذاتها هو سقوط الجبهة الاسلامية. سقوط الدجل والشعوذة، وسقوط من ظل يطرح نفسه دوما بديلا لأي حكم راشد في السودان.
سقوط الاوهام والخرافات والشعارات الكاذبة التي ظلت تتمسح باسم الدين.
أنه سقوط المشروع الحضاري المزعوم الذي ظل مشروعا وهميا خادعا وماكرا ومجرد غطاء للنهب والسلب والسرقة والنهب باسم الدين.
الاهم هو سقوط هذا الحزب الخبيث الذي ظل يتلون بمختلف الاسماء والمسميات طيلة ما يقارب سبعة عقود.. فتارة هو حزب الاخوان المسلمين واخرى هو جبهة الميثاق, ثم هو حزب الإتجاه الاسلامي. تعددت الاسماء والمسميات والحزب هو حزب الاخوان.
يستمر التلون حتى إذا تطلب الأمر احتكاما الى الشعب يكون حزب الجبهة القومية الإسلامية بكل تناقضات الطوائف ومكوناته المختلفة. ويتوالى التلون والتشكل ليصبح الجبهة الإسلامية هو السلطة الحاكمة والدولة حتى إذا تحدث متحدث عن الفساد هاجوا وماجوا وارغوا وازبدوا بأن السودان الوطن خط احمر!!.
يمضي مسلسل التلون لتنقسم هذه الخلية السرطانية الى اثنتين: المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) ويمثل الدولة، والمؤتمر الشعبي ( ويمثل معارضة وهمية). وكلاهما يرضع من ثدي البقرة الحلوب الوطن ومواطنه.
بعيدا عن أعين الشعب يجلس الحزب الام تحت عنوان الحركة الإسلامية وكأنه لا علاقة له باي طرف، غير خاضع لأي قانون ومهيمنا على كل خيوط اللعبة.
ولما تنهار الأوضاع ويخرج الشعب عن بكرة أبيه منددا بهذا العبث تخرج قيادات الحزب من أمثال ابوبكر عبد الرازق قائلين:
(الحركة الإسلامية لم تحكم البلاد سوى فترة بسيطة والذي حكم هو عمر البشير ومتسلقوا السلطات باسم المؤتمر الوطني)... وكان البشير لم يكن الجناح العسكري للحزب الذي نفذ انقلاب يونيه ١٩٨٩.
على أقل تقدير الفترة البسيطة حسب زعمهم امتدت لعشر سنوات هي عمر دورتين ونصف في الرئاسة الأمريكية!!
صدمة السقوط المدوي كبيرة على هؤلاء والدرس ابلغ من ان يستوعبه أمثال ابوبكر الذي يزعم ان الشعب السودانى لا مناص له غير تأييد حركة الاسلام نسبة باستقامتها وفكرها العميق وقدرتها على العطاء. !!!
وكأن الشعب ما زال هو كما كان في الماضي يصدق أقوالهم ولا يرى أفعالهم.
اليوم على خلاف ما يعتقد الاسلاميين تحتشد ذاكرة الشعب بذكريات من البؤس والشقاء وسيادة حفنة من الانتهازيين في وطن اعظم من أن تطأها اقدامهم. فقد شهد السودان سطوة عساكر الامن وضباطه باعتبارهم رسل الله القادمون لتطهير السودان من انسانه. وعانت البلاد من جشع تجار الدين واحتكارهم الأسواق وتجويع الناس. اما قلاع العلم فقد ظلت نيرة تشع منها أنوار المعرفة قبل أن يحجب نورها ويسكنها ظلام الجهل الدامس.
ساد الجهل النشط خلال زمن الانقاذ الساقط وظن كل من حمل البندقية أو بطاقة اسلاموية وطبع على جبينه تلك الوسمة الكاذبة أنه سيد الأمر والنهي في البلاد. لقد عشنا وتعايشنا مع ايام بيوت الاشباح والقتل المستباح واذلال الرجال والنساء بالضرب والصعق والاهانة. ثلاثون عاما من التدمير الممنهج للوطن وتفكيكه وتفريغه من كل مخلص وحادب على مصلحته.
زمن طويل استحالت فيه سفاراتنا في الخارج مراكز للجبايات والرسوم ومارست دور انهاك المواطن اينما كان. اما بعض السفراء فقد امتهنوا السمسرة وبيع موارد الوطن بأبخس الاسعار.
سنوات طويلة من سيادة حكم الكيزان تظل هي الأسوأ في تاريخ السودان على مر القرون وما زال الجهل الاسلاموي النشط يظن أنه قادم.
المفارقة أن نفس الشباب الذين ظلوا يطاردونهم في الأسواق والأزقة هم من قضوا على نظامهم الاثم.
الشيطان لم يمر من هنا فحسب، لكنه عاش في السودان طويلا ياكل معنا على موائدنا ويمشي في الأسواق يعوث فسادا. يحلم معنا أحلام الملائكة.
اليوم يستعيد الشعب أرضه من الابالسة ليبني على أنقاضهم دولته المدنية..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة