مابين آيخمان ومرتكبي مجزرة القيادة .. عندما يتوقف التفكير جميعنا نعلم قصة آيخمان الذي تمكن اليهود من إختطافه وترحيله إلى فلسطين المحتلة لمحاكمته ، الحكم بالطبع صدر بإعدام الرجل ، من لطائف القدر أن الفيلسوفه حنا ارندت وهي من يهود ألمانيا وأيضاً من النساء اللواتي تم أسرهن ورحَلت إلى معسكرات الإحتجاز ولكنها نجحت في الفرار والوصول لأمريكا في الوقت المناسب ، هذه المرأة كانت شاهداً على المحاكمة وأصدرت عنها كتاباً سبب لها موجة هستيرية من النقد على مستوى يهود العالم وذلك لأنها ذكرت بأن بعض زعماء اليهود في اوروبا تواطئو مع النازيين وتسببو في هذا العدد من الضحايا، هذا ليس مايهمنا هنا. ذكرت أرندت أن أعظم شرور العالم دائماً مايرتكبها أشخاص نكرات ليست لديهم أية دوافع أو غايات شيطانية والأهم أنه ليست لديهم قناعات وهذا ما أسمته الكاتبة بظاهرة (تفاهة الشر). الكاتبه لم تسامح آيخمان على أفعاله ولكنها غاصت عميقاً لفهم هذا النمط من الشخصيات ، فالرجل طوال المحاكمة كان يصر على أنه غير مذنب وإنما كان فقط يطيع أوامر هتلر ، الطيب صالح كتب مقالاً بإسم (الساعات الأخيرة لآيخمان) سأقتبس مقدمته " ظل آيخمان حتى آخر لحظة والنظام النازي يتداعى من حوله ينفذ سياسة الفوهرر ، الذي إرتبط في ذهنه بقدسية ( حامل الأسرار الأعلى) ، كان هتلر في نظره هو القانون وكان متطرفاً في إعجابه به وعلل ذلك بقوله ( رجل يصعد من رتبة عريف بالجيش ليصبح حاكماً مطلقاً لدولة كألمانيا لهو بلا شك جدير بأن يطاع) . في حالتنا السودانية يتطابق جنود الدعم السريع أو (الجنجويد) بآيخمان ، فهم يرون في حميدتي القائد الذي جاء من العدم ليصبح على رأس دولة بحجم قارة كالسودان . تقول حنا ( التفكير) هو مايميز الإنسان عن سائر الكائنات الأخرى وتعريفه هو (القدرة على القيام بإجراء حوار صامت بين المرء ونفسه) ، آيخمان وأيضاً منفذي مجزرة القيادة العامه وجميع المجازر التي حدثت منذ بداية أزمة دارفور تنازلو بشكل كامل عن هذه الصفه المميزة للإنسان ولهذا لم يعد بإستطاعتهم إستنتاج أي أحكام أخلاقية . تذهب حنا لأن هذا العجز عن التفكير مكن رجال عاديون كثر من تنفيذ أفعال متوحشة وذات ضخامة هائلة ، أفعال لم نر مثلها من قبل على الإطلاق . التفكير يعطي الإنسان القدرة على تجنب الكوارث في اللحظات الحاسمة ، يمكننا من التمييز بين الخير والشر ، الجمال والقبح . أثق تماماً أن كلاهما سواء من أعطى الأوامر أو من نفذوا مجزرة القيادة ، لو فكر أي شخص منهم لمدة دقيقة واحدة فقط لما أقدموا على هذا العمل الغبي والقبيح جداً .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر عبد الكريم علي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست