*يقيني أن المجلس العسكري وقُوى الحرية والتغيير سيتفقان في خاتمة المطاف، وسيدخلان في شراكةٍ مفخخةٍ، لا يدري أحد أيَّان مرساها، عطفاً على ما سبقها من تنازعٍ وصراع. *سيتفقان لسببٍ بسيطٍ، مفاده أنهما لا يمتلكان بديلاً لاتفاقٍ سيعني غيابه الدخول في لُجّة المجهول، بسيناريو مواجهة مرعب، يجعلنا قبحه نتردد في استعراض مآلاته، وتبيان احتمالاته، وجرد خسائره المحتملة. *الاتفاق حتمي إذن، لكن المزعج في ما يحدث حالياً محصورٌ في أننا لم نسمع حتى اللحظة أي حديثٍ عن الخطط التي ستدير بها قوى الحرية والتغيير البلاد، حال توليها شئون الحكم، للانتقال من مرحلة الثورة إلى مرحلة إعادة بناء الدولة. *الحكومة المقبلة ستتسلم (جنازة بحر)، ببنكٍ مركزيٍ مفلسٍ، واقتصادٍ منهار، ووضعٍ أمنيٍ هشٍ، وخدمةٍ مدنيةٍ مترنحة، ونظامٍ عدليٍ مثقوب، ونظامٍ مصرفيٍ متآكلٍ، أصابته أزمة شُح العملة في مقتل، وقضت على ثقة عملائه فيه. *حكومة التغيير ستجد نفسها مطالبة بأن تبدأ من الصفر، فكيف ستفعل ذلك؟ *كل الحديث منصب حالياً حول كيفية اقتسام الكعكة، وعن هياكل وصلاحيات السلطة الانتقالية، ولا أحد يتحدث عن مرحلة ما بعد توقيع اتفاقٍ ستسند بموجبه إدارة شئون الدولة بالكامل إلى قوى الحرية والتغيير. *مطلوب من قوى الثورة أن توضح للناس الأهداف والخطط والبرامج التي ستنفذها خلال فترة حكمٍ ستمتد (39) شهراً، من أين ستبدأها، وما هي القضايا والملفات التي ستحظى بأولوية عندها؟ *نعلم أن طرفي المعادلة السياسية الحالية اتفقا على تخصيص الشهور الستة الأولى من عمر الحكومة الانتقالية لمعالجة قضية السلام، سعياً لإنهاء الحروب المشتعلة في الأطراف، وإعادة النازحين إلى مناطقهم، وتوفير سبل العيش الكريم لهم. *تلك قضية محورية بلا شك، لكن هناك قضايا وملفات أخرى لا تحتمل الانتظار ستة أيام، ناهيك عن نصف عام. *هناك أربعون مليون مواطن يريدون الخبز والدواء والتعليم والماء والكهرباء وبقية الخدمات، وستقع مسئولية توفير احتياجاتهم على رقاب حكامنا الجدد. *الموازنة التي أعلنتها حكومة العهد البائد قُدَّت من دبرٍ وانهارت منذ شهور، والاستيراد شبه متوقف، والصادر مُعطَّل، والأسواق تعاني الكساد، وسعر الدولار فاق السبعين جنيهاً، مع شحٍ شديد في حجم المعروض، والكهرباء تغيب أكثر مما تحضر، وهناك عجز كبير في استيراد الأدوية، مع ارتفاع مزعج في أسعارها. *نريد منهم أن يعرضوا لنا خططهم للمائة يومٍ الأولى على الأقل، ونرغب في معرفة كيف ستدير حكومة التغيير كل تلك القضايا الشائكة. *لو فشلت في تصريف شئون الحكم فسيتحول أنصارها إلى معارضين، وستمتلئ الشوارع بمحتجين شرسين، رفعت الثورة سقف مطالبهم إلى حالقٍ، وجعلتهم ينتظرون الأفضل في العهد الجديد، بعد أن عانوا الأمرين في العهد البائد. *خيرٌ لكم أن تجهزوا أنفسكم لمرحلة ما بعد الاتفاق، لأن قضايا الناس واحتياجاتهم الأساسية لا تقبل التأجيل. *التنازع الذي حدث بين مكونات قوى الحرية والتغيير في الأيام الماضية مزعج، ويدفع بأسئلةٍ ساخنةٍ، أدناها: كيف ستتمكن هذا القوى المتشاكسة من إدارة شئون الدولة، إذا كانت غير قادرة على إدارة خلافاتها الذاتية؟ *ربنا يستر من القادم.
اليوم التالي
07-21-2019, 10:17 AM
علي عبدالوهاب عثمان
علي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12477
مع التحية .. ماذا يقصد بجنازة البحر قرأت هذا المقال في موقع النيلين .. وتوقفت طويلاً هل بدأت اللحظات الثورية في التلاشي وبدأت الواقعية السياسية تفرض نفسها ؟ خاصة في هذا الجزء من المقال :
(((( الحكومة المقبلة ستتسلم (جنازة بحر)، ببنكٍ مركزيٍ مفلسٍ، واقتصادٍ منهار، ووضعٍ أمنيٍ هشٍ، وخدمةٍ مدنيةٍ مترنحة، ونظامٍ عدليٍ مثقوب، ونظامٍ مصرفيٍ متآكلٍ، أصابته أزمة شُح العملة في مقتل، وقضت على ثقة عملائه فيه. *حكومة التغيير ستجد نفسها مطالبة بأن تبدأ من الصفر، فكيف ستفعل ذلك؟ *كل الحديث منصب حالياً حول كيفية اقتسام الكعكة، وعن هياكل وصلاحيات السلطة الانتقالية، ولا أحد يتحدث عن مرحلة ما بعد توقيع اتفاقٍ ستسند بموجبه إدارة شئون الدولة بالكامل إلى قوى الحرية والتغيير. *مطلوب من قوى الثورة أن توضح للناس الأهداف والخطط والبرامج التي ستنفذها خلال فترة حكمٍ ستمتد (39) شهراً، من أين ستبدأها، وما هي القضايا والملفات التي ستحظى بأولوية عندها؟ )))
==================== وقد لاحظت معظم الكتاب ومنهم عثمان ميرغني .. انتقلوا من وضع الاحتفالية إلى الطلب من الحرية والتغيير بتكوين حكومة بصورة عاجلة وطرح برنامج مائة يوم على الاقل ومن وراء الحروف ألاحظ أن هناك توجس من نتائج التاخير .. =============================
وكاتب آخر ( محمد عبدالقادر ) أول مرة أقرأ له .. كتب في مقاله ( التغيير في خطر )
ما شهده الشارع السوداني من تظاهرات يوم الخميس المنصرم لم يكن رسالة للمجلس العسكري الانتقالي، وإنما كان اختباراً للأوزان وتأكيداً على السباق لتحديد من يملك مفاتيح الشارع، هنالك شعارات أخرجت لسانها للاتفاق وهي تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، في محاولة واضحة لنسف ما تم التوصل إليه. يترقب السودانيون كذلك المفاوضات التي تدور في أديس بين قوى الحرية والتغيير وقادة الحركات المسلحة، والتي نتمنى أن تقضي إلى ما يبحث عنه هذا الشعب من سلام واستقرار، بعيداً عن المواجهة وحِدة الاستقطاب. لو علم ساستنا حجم التحديات الاقتصادية والأمنية التي تنتظر الحكومة المقبلة لاستعجلوا في إبرام أي اتفاق يحقق الاستقرار، ثم يمضون بعد ذلك لتعقيم التفاصيل من تلصص جرثومة الاختلاف. ليس بالإمكان أفضل مما كان، الشراكة بين طرفي التغيير هي التي ينبغي أن تقود السودان خلال المرحلة المقبلة.
======================
هل هذه قراءات صحيحة .. أو يمثلون تجاهات سياسية لها مقاصد أخرى ..
تحياتي الاحباب الكرام ..
07-21-2019, 10:22 AM
علي عبدالوهاب عثمان
علي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12477
كل الحديث منصب حالياً حول كيفية اقتسام الكعكة، وعن هياكل وصلاحيات السلطة الانتقالية، ولا أحد يتحدث عن مرحلة ما بعد توقيع اتفاقٍ ستسند بموجبه إدارة شئون الدولة بالكامل إلى قوى الحرية والتغيير. ========== هذه الفقرة من مقال مزمل أبوقاسم اصابتني بإحباط وخاصة عبارة (( كيفية اقتسام الكيكة )) وهذه العبارة كنا نسمعها من بعد ثورة اكتوبر مباشرة وكذلك بعد ابريل وحتى في زمن الحرامي المخلوع .. كنت اعتقد أن هذه العبارة التي تجلب للشعب السوداني كل الاحباط أن تختفي من قاموسنا ليس قسراً ولكن على السياسيين تغيير ممارستهم لنأتي بمصطلحات جديدة تدعو إلى الامل
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة