يوسف حسين😭

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 05:57 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-04-2019, 06:54 PM

عبدالمنعم الطيب حسن
<aعبدالمنعم الطيب حسن
تاريخ التسجيل: 11-15-2012
مجموع المشاركات: 4468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يوسف حسين😭

    06:54 PM July, 04 2019

    سودانيز اون لاين
    عبدالمنعم الطيب حسن-السعودية؛ الرياض
    مكتبتى
    رابط مختصر



    نحن لا نبكي مناضلا؛ غادر للضفة الاخرى
    ولكنا نغني له....
    سميت المدن النايمة المدن التصحى في حين
    تتلقى خطا العمال اصوات الفلاحين

    كل الغنا الجميل للجميل يوسف حسين،
    ما هان يوما ولا لان ولا استكان،
    قدم كل حياته للحزب وللشعب...
    ها نحن اليوم نحصد قليلا من زرعه ورفاقه الميامين؛
    بلغ يا ابانا في النضال بلغ تحيايانا الثورية لنقد وللتجاني ولمحجوب ولعبدالخالق ولعبدالقادر
    ولحميد ولوردي ولود الجبنة عادل ولصلاح علي صالح؛
    قل لهم:
    ان اولادكم كما النسمة لطاف وخفاف؛ يطالون الشمس علوا وهمة...
    يسدون المسافة بين السهل والتل ويهتفون:
    حرية سلام وعدالة
    والثورة خيار الشعب؛
    تماما كما كان شعار المؤتمر الخامس...
    وما زالوا يتلاقحون في تمام ساعة الثورة
    وقدامم الصباح؛
    وقد كادوا ان يعبروا مشرع الحلم الفسيح،
    لجزر
    سودان اخضر
    تلك حتمية ستتحق بارادة هذا الشعب العظيم...
    استاذنا يوسف حسين😭
    شكراً حزيناً

    وماشين في السكة نمد
    في سيرتك للجايين....








                  

07-04-2019, 08:09 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يوسف حسين😭 (Re: عبدالمنعم الطيب حسن)

    وحبوب سنبلة تجف

    ستملأ الوادي سنابل ..!
    وداعاً يوسف حسين
                  

07-05-2019, 10:54 PM

عبدالمنعم الطيب حسن
<aعبدالمنعم الطيب حسن
تاريخ التسجيل: 11-15-2012
مجموع المشاركات: 4468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يوسف حسين😭 (Re: فيصل محمد خليل)

    كالنخلة قامة وابتسامة
    .......
    سطر اسمه باحرف من توهج
    ومضى رسمه
    ولكن مواقفه ستظل ابدا تنير طريق الكادحين
    نحو الطرق المفضية للثورة وللتحرير
    و
    الحرية والسلام والعدالة الاجتماعية...
                  

07-06-2019, 02:34 PM

عبدالمنعم الطيب حسن
<aعبدالمنعم الطيب حسن
تاريخ التسجيل: 11-15-2012
مجموع المشاركات: 4468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يوسف حسين😭 (Re: عبدالمنعم الطيب حسن)

    *يوسف حسين، الجبل ليس له ضجيج*

    بعد ان أشهر الشعب قوته الضاربة في 30 يونيو 2019 وطأطأت الكواسر والضباع رؤوسها ان للبطل الرفيق يوسف حسين مغادرة هذه الحياة.

    أسهم الرفيق يوسف حسين إسهام الأبطال في القضاء على ثلاثة عهود عسكرية لتحكم نظام السوق وتماسيح السوق في حياة الشعب السوداني.

    تسلح بالوعي وانتظم به ونظم آلاف النضالات التي شملت مع أسهامه في تنظيم الحزب الشيوعي تنظيم كثير من الأنشطة الديموقراطية بكل معاني الكلمة، في مجال المنظمات والروابط الإشتراكية، وفي مجال الجمعيات التعاونية، وفي النشاطات الثقافية والاعلامية، وفي العمل السياسي بما فيه من أفكار واختلافات وتوافقات، وعمل مكتبي، ووثائق تأسيس، برامج عمل، وتنظيمات رأسية وأفقية، وعضوية، وإجتماعات علنية واجتماعات أخرى سرية، محاضر وتقارير، وبيانات، ندوات، تحالفات، منشورات، مطالب، مذكرات، عرائض ومواكب، وتظاهرات وإضرابات واعتصامات. وما بين هذه وتلك من جهود وتضحيات، وتحمل اساءات واعتقالات وتعذيب وسجون.

    لا مبالغة أن في خضم كل نضال جمعي شهده السودان، كان للحزب الشيوعي والرفيق يوسف حسين في قلب آلته التنظيمية إسهام من يدرس أكثر ويعمل أكثر وينظم أكثر، ويضحي أكثر، ثم يعف عند المغنم.

    وقف الرفيق يوسف حسين بصلابة ضد الإمبريالية والإستعمار، وكان من أوائل المنتبهين لخطورة الإرث الإستعماري في تكوين الدولة وتأثير سياستها وتكوينها الإداري في توزيع موارد المجتمع وفرص التنمية، وفي هذا السياق الوطني اهتم بمصمون الأدب السياسي الذي صاغ بعضه في الخمسينيات الرفيق الراحل الأستاذ حسن الطاهر زروق، أول نائب برلماني للشيوعيين في أول برلمان للسودان، وبذلك الأدب المتجدد، وبرفضه آنذاك تحكم الإستعمار في تجارة وتمويل السودان، أنتبه الرفيق الراحل يوسف حسين الى طبيعة ترابط الإستغلال والتهميش في فترات ما بعد الإستقلال والصلة العضوية فيها بين طبيعة التمويل الدولي للتنمية الرأسمالية، ونموء حالة التفاوت الطبقي والتفاوت بين الأقاليم.

    لمع إسم الرفيق الراحل يوسف حسين بعد خروجه للعمل السياسي العلني في عام 1985بعد كسر الشكل العسكري الثاني لتحكم السوق العالمي والداخلي في حياة الشعب السوداني، حيث واجه الرفيق الراحل مع الشعب ثلاثة قضايا: 1- قضية المعيشة والحريات النقابية،
    2- قضية الحرب والسلام،
    3-قضية الديموقراطية المناسبة لحل هاتين القضيتين.

    ربطت الظروف الحل الإصلاحي لقضايا المعيشة بالحقوق الإجتماعية والنقابية للكادحين وحرية التقابات في المطالبة بالإصلاحات الضرورية لشؤون العاملين والعمل، بينما أرتبط حل قضية الحرب والسلام بتقسيم عادل لفرص التنمية ومقاليد تنظيمها في/بين أقاليم السودان. وارتبط تحقيق هذين الحلين بضرورة تطوير التمثيل البرلماني (الليبرالي) بتحقيق تمثيل برلماني مباشر لقوى العمل ومجتمعات العمل العام. بالصورة التي يتوافق عليها "المؤتمر القومي الدستوري" لكل فئات المجتمع السوداني السياسية والنقابية والعسكرية إلخ، وهو المؤتمر الذي كانت التوقعات تشير إلى عقده في يوليو 1989 لولا حدوث الانقلاب العسكري الثالث وقبام الجبهة الإسلامية لطفيليي السوق بقطع طريق تقدم الشعب.

    بصلادة ورسوخ يهز الجبال واجه الرفيق الراحل يوسف حسين مع بقية قادة العمل النقابي والسياسي الموجة الأولى من ويلات القمع والحرب والفساد، وانتصروا للشعب أيما إنتصار بتعالبهم على آلامهم وآلام أسرهم، حتى خجلت منهم البسالة، وقد درحوا بها الإنقلاب الإسلامي من مرحلة القوة والبطش الدموي وأنزلوه إلى مرحلة السياسة ومنها لمرحلة الإنقسام.

    في نشاطه وفي "المناقشة العامة" لوجود وفاعلية الحزب الشيوعي السوداني تصدى الرفيق الراحل يوسف حسين لنزعات الاستالينية المتمثلة في تأجيل الجزء القاعدي من الديموقراطية المركزية، وانتقد الرفيق يوسف لت وعجن البيروفراطية والتنظير، واهتم بتحقيق ترقية متكاملة كل مقومات التنظيم بمقرطة العلاقة الجدلية بين الانضباط والمرونة على اساس دراسة الواقع وطبيعة معالمه الحية، كذلك وكد الرفيق الراحل على أهمية القوام الطبقي والتنوع الإقليمي لنشاط الحزب وإثراءهم الأسس الوطنية للديموقراطية والأسس الديموقراطية للعمل الوطني.

    كانت كثير من التظاهرات والانتفاضات والحركات المطلبية والحركات المدنية التي شهدها السودان في فترتي التسعينيات والألفينات وكذلك تنظيمات العمل المدني والحقوقي خارج السودان، نشاطات وثيقة الارتباط بنشاط الكثيرين، لكن لعل أكثرهم صمتاً وتدبيراً وعملاً ومتابعة لانتظامها أو ضعفها وجهداً لتنميتها كان الرفيق الراحل يوسف حسين.

    مع جولات "الإيقاد" واتفاقات "ماشكوس" و"نيفاشا" تصدى الرفيق الراحل يوسف حسين بشكل حكيم لتياري الانتهازية، السوداني منهما والأجنبي، حيث وضح طبيعة النفع الذاتي لتحركات بعض عناصر وزعماء القوى الرجعية في الشمال، واشياههم في الجنوب، وكشف طبيعة نشاطات الحصار واغراءات فك الحصار الخارجي وكون الارتباط بها استجارة من الرمضاء بالنار.

    العزاء للسودان في بطل صنديد أضاء مع الآخرين وعي الشعب والوطن بقضية التنظيم وقضية التهميش.

    كان أنصع من النهار وأروى من النيل، ترتيبه أحد من السيف وكلامه أهدأ من الصمت، وسكوته بليغ، الجبل لا يتكلم وليس له كالطبول ضجيج.

    المنصور جعفر
                  

07-06-2019, 05:47 PM

عبدالمنعم الطيب حسن
<aعبدالمنعم الطيب حسن
تاريخ التسجيل: 11-15-2012
مجموع المشاركات: 4468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يوسف حسين😭 (Re: عبدالمنعم الطيب حسن)

    اعجب كيف تحتمل الضفة الاخري هذا الجمع الثلاثي؟بل اتساءل عن سعة تلك الضفة. مثلا يعني عندها أمكنة تستضيف الضحك و رنة العود و الصمت الناطق؟ الوسامة و فراشة الريح؟ مش كدا و بس بل كيف في سنوات خلت استضافت اليوليويين؟ عبد الخالق و الشفيع و نجوم اخري تهدي القمر الي بعض من وسامة بها لا يكون قمراً معشوق؟ النار تشتهي من يشعلها حتي يستقيم أوارها و لتكون ناراً تطعن سيمياء البارد الخجول و هي ، بذاك الجشع، تومة الضفة الاخري (الموت ان كان لهذه المفردة من معني!). تلك الضفة تعرف بيتمها و انقراض السلالة و رائحة الإبط و لكن لضرورة المعقول ما يجب ان يكون يلزمه ان يكون حتي نستمهل القيامة بعض وقت نري الوسامة، وسامتنا، في المراة عقب ازالة شعر الحنين أسفل الذقن!! يا للوسامة و هي تخطو فوق عتبات العمر و هو يحبو علي عتبات الغروب.
    تلك الضفة لا ترتوي، ابدا لا ترتوي، لنقص فيها و لازما لها حتي تكون ضفة تعيد صدي الديالكتيك في عطشه السرمدي! و بعدين لازم يكون في عبد الخالق و مايكوفسكي و التوسير و سعاد و فاطمة و علي فضل و ناس الهبة الحاصلة في السودان و و و و بس عطش الضفة دي نعمل معاهو شنو؟ سوءال أنطولوجيا بس مفضوح الإجابة. التاريخ ما عندو نهاية و الضفة ما بتروي!!
    لسنا و لا البشرية معنية بسؤال من الاول. قالها درويش:
    لم نولد لنسال
    كيف كان الانتقال الفذ
    من ما ليس عضوياً الي العضوي
    قد ولدنا كيفما اتفق
    و انتشرنا كالنمال علي الحصير
    يوسف حسين كان ذاك النمل المعني بجماليات العلاقة بين بلولة التربة و جفافها حتي يكون للنمل مملكة يطاءها الفيل!! يا خي دا زول عجيب! ينحاز الي النمل و هو يعشق بلولة التربة!
    بعدين يوسف دا تعريفو و توصيفه بفيض علي بلادة حدود المكان و جغرافيا الخطاب با الضبط زي الأدوات الضفة الاخري شرعية الوجود كضفة لا ترتوي!! والله مانديلا و شهدي عطية و محجوب شريف و غائب طعمة فرمان ستروا عري تلك الضفة!! بس هي ضفة تحتاج اكتر من شواطيء لتكون عشان كدا يوسف حسين لازم يكمل ذاك النقصان حتي يكون الاكتمال دايما يعرف بنقصانه! دا ما الديالكتيك القال بيهو ماركس و هو ابدا ما كان ماركسي. بالله في اكتر من رحيل يوسف حسين حتي يكون للمعني معني!!
    ما يوسف و رهطه دايما مهتمين بجماليات المعني قبل تاسيس اناقة السوال!
    كان الصمت قبل ولادة اللغة و صوتها و لذلك كانت الالهة التي ابدا لم تنطق. و عشان تنطق جابت الرسل و ابليس فكان الأنبياء و الديانات و اللغة بصوتا و امروء الغبي و المتنبيء و ابو نواس
    يوسف حسين كان ابن المبتدأ. كان اللغة لمن ما كانت بالضبط زي ماركس و درويش كلهم كانوا كار (دي كلمة ريفية جداً و تعني peers بالانجليزي) عشان كدا بلبي، زي حزبو، وعي الضرورة، من غير حياء و في كامل اناقة صمته!!!
    يا زول ناس يوسف حسين ديل دايماً بكملوا الناقص حتي لو كان رحيلهم حتي يكتمل المعني ويختال!!
    ما بحزن علي يوسف و لا علي عم تجاني و لا علي فضل ببساطة لانو الضفة الاخري تحتاجكم حتي تكون ضفة بمعني و خيلاء!!
    الصورة بتقول الماضي و صمته و عتامة المعني و صمت القول. عشان كدا نقول ليوسف حسين في بهاء تلك الصورة ياخي سلم لينا عليهم و قول ليهم حزننا عليكم فاكهة الوجود و الحياة و حزبكم الأنيق !
    طلب اخير يا زميل: انا عارف انو حموك الفقراءبماءهم الفقير كصلاة بدون وضوء و عطر الا عطر الفاقة و الكان عطرك الباذخ طول عمرك يا زميل قول لنقد و عم تجاني أتيتكم بصمتي الناطق لاستنطق صمتكم و تهمسوا من خلل سرمد تلك الضفة : تسسسقط بس و بعدين الزميل نقد لازم ارجع لينا اللافتة الكان شايلة ذات مظاهرة في السوق العربي و هو في كامل اناقة النضال: حضرنا و لم نجدكم!!!!
    يا زول ودعتك لمامون الوداعة كما بتقول امي زمزم التي أهدتني دربك و هي بامية بأناقة قمر الاربعتاشر!! يا زميل زي ما انتو بتكتروا في الضفة التانية نحن بنكتر هنا عشان نقول لضفتكم نحن ضفة واحدة شيوعيين بنشبه الصباحات الما عندها مغيب!!
    اسف يا زميل علي هذا الكلام الممدود فأنت سليل الكلام نمن يصمت حتي يكون كلاماً عندو معني!
    يا زول ودعتك الله و سلم علي الشلة الهناك و قول ليهم بذرتكم أثمرت !
    صلاح الزين
                  

07-06-2019, 09:16 PM

عبدالمنعم الطيب حسن
<aعبدالمنعم الطيب حسن
تاريخ التسجيل: 11-15-2012
مجموع المشاركات: 4468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يوسف حسين😭 (Re: عبدالمنعم الطيب حسن)

    ☝🏿
    اعلاه نحت لصلاح الزين
    لصورة تجمع اقمار الشعب وكواكب الضواحي تلك التي
    ترحل مع الغيمة وتسافر ساعة الاصيل لتعود فجرا وقداما الصباح
    الصورة تجمع
    نقد
    التجاني الطيب
    يوسف حسين
                  

07-07-2019, 09:06 AM

عبدالمنعم الطيب حسن
<aعبدالمنعم الطيب حسن
تاريخ التسجيل: 11-15-2012
مجموع المشاركات: 4468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يوسف حسين😭 (Re: عبدالمنعم الطيب حسن)

    #وداعاً صديقي يوسف حسين - صوفي الوطنية السودانية الزاهد

    عبد المنعم خليفة

    كم عزَ عليَ وأحزنني رحيل صديقي الوفي النبيل صوفي الوطنية السودانية الزاهد – المهندس يوسف حسين – عليه رحمة الله ومغفرته ورضوانه
    تزخر السيرة الوضاءة للراحل العزيز بفيض من الدروس الملهمة والباقية، متجسدة في ما تتضمنه من عطاء وطني غير محدود، وبسالة واحترام وثبات وصمود، وعمل متواصل ودؤوب من أجل رفعة الوطن وتقدمه، وصبر وقوة احتمال فولاذية للشدائد والقساوات.
    هي سيرة مثالية حقاً، وجديرة بأن يوثق لها توثيقاً كافياً، حيث أنها ترقى إلى مستويات الذرى التاريخية السامقة في جميع هذه الميادين.
    ولشد ما يحز في نفسي أن ظروفاً قاسية حالت دون أن أسعد بلقاءات ودودة وحميمة مع صديقي الراحل العزيز، مثل تلك التي كانت تجمع بيننا في بواكير الصبا والشباب في سنوات الدراسة الثانوية والجامعية. لقاءات كنت أرنو إليها بأمل وشغف، علها تنعش الروح وتروى الظمأ بالذكريات العذبة والفواحة بأريج الوطنية، والمتسمة بالتطلع الوثاب لإرساء قيم الخير والجمال والاشتراكية والعدالة الاجتماعية في وطننا.
    حرمتنا من مثل تلك اللقاءات الأثيرة إلى نفوسنا، ظروف الغربة عن الوطن بسبب (الصالح العام)، وظروف السنوات، بل والعقود العديدة، التي قضاها الراحل العزيز خلف الأسوار، أو تحت الأرض حفراً بالأظافر، مستمدا العزم من نفس أبية تشع رضاءً وحبوراً ومسرة.
    شهدت ثانوية خورطقت الفيحاء بداية صداقتنا التي أينعت وازدهرت وترسخت جذورها فيما بعد لتوفر لنا سعادة حقيقية نتفيأ ظلالها. جمعت بيننا في تلك السنوات الزاهية الرؤى الفتية الحالمة بمستقبل زاهر لبلادنا التي كانت تخطو نحو تحقيق الاستقلال والسيادة الوطنية بدرجة عالية من العزيمة والتفاؤل والثقة. كما جمع بيننا التطلع لأن ننهل من ينابيع الوعي الجديد على ضوء النجيمات البعيدة.
    ومما وثق من عرى صداقتنا، الاهتمامات الأدبية المشتركة، بمشاركة نخبة من أدباء خورطقت آنذاك، أذكر منهم الشعراء: صافي الدين حامد البشير، ومحمد المكي إبراهيم، والأديب المبدع علي خليفة مهدي، والمثقف المستنير محمد سليمان. وكان الراحل العزيز رئيساً لتحرير صحيفة (أراء) الجدارية، الني كانت تزدان بكلمة المحرر التي يدبجها، وبالشعر الرصين والموضوعات الفكرية الثرية.
    كما وحدت بيننا عضوية اتحاد الطلاب، التي كانت محصلتها النهائية الفصل النهائي لكلينا، لنشق طريقنا إلى مدارس المؤتمر والأحفاد، اللتين هما ثمرة جهود مؤتمر الخريجين والتجار الوطنيين الرامية لدعم التعليم الأهلي. ولقد عرف عن الراحل العزيز تفوقه الدراسي. فرغم فصله من خورطقت وهو في السنة الثالثة (وليس الرابعة)، إلا أنه نجح في تحقيق نتيجة باهرة في امتحان شهادة لندن (والتي كانت تسمى آنذاك شهادة أكسفورد) ويتم الجلوس لها في (مدرسة كمبوني). فقد أحرز يوسف حسين درجة الامتياز (A) في المواد التسع التي جلس لها.
    مرة أخرى جمعني مع الراحل العزيز العمل الطلابي في جامعة الخرطوم، والمشاركة في أعمال المجلس الأربعيني ولجنة اتحاد الطلاب، والذي كانت أجندته حافلة بالمهام ذات الطبيعة القومية على الساحة الوطنية، وأنشطة التضامن مع حركات التحرر الوطني الإفريقية والعربية. ومن بين أبرز الأنشطة التي أضطلعت بها لجنة الاتحاد التي كان رئيسها آنذاك يوسف حسين، (بالاشتراك مع لجنة اتحاد طلاب المعهد الفني)، تسليم المذكرة التاريخية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في الثامن من نوفمبر 1961، والتي تضمنت المطالبة برجوع الجيش إلى الثكنات لتأدية مهامه الأصلية، وعودة الحكم الديمقراطي المدني.
    كانت نتيجة تلك الخطوة الجسورة استضافة لجنتي الاتحادين لمدة أربعة أشهر في زنازين البحريات بكوبر العتيد. وكان من مزايا تلك الصحبة محدودة المكان أنها مثلت فترة خصبة في تاريخ صداقتنا، حيث مكنت جذورها من أن تمتد إلى غور أرض الوطن، وأفرعها إلى عنان سمائه. كما أتاحت كذلك فرصة فريدة للتعرف عن قرب على العديد من جوانب شخصية ذلك الإنسان المتميز بالهدوء والتهذيب والأدب الجم. كان يتحدث بصوت خفيض النبرات، ويعبر عن ما يريد بعبارات فصيحة ومحددة وموجزة، مما يعكس قدراً عالياً من القناعة والثقة التي يتمتع بها. كذلك تميزالراحل العزيز بتوازن ذهني ونفسي ملحوظ، بعيداً عن الإثارة والاستثارة؛ مما جعل بعض الأصدقاء يطلقون عليه لقب (الرجل الذي لا يندهش)!
    وإن كنت قد جنحت إلى إبراز بعض الجوانب المتعلقة بعلاقتي وصداقتي الشخصية مع الراحل العزيز، إلا أنني أرى أن الراحل العزيز يوسف حسين - عليه الرحمة - أوفى لوطنه كأمثل ما يكون الوفاء، وأعطى لشعبه كأجزل ما يكون البذل والعطاء.. كل ذلك بتجرد كامل ونكران ذات ودون ضجيج أو إدعاء زائف، بل بصمت مدهش من (رجل لا يندهش)!
    رحم الله صديق الصبا والشباب أخي يوسف حسين وأحسن إليه.. العزاء لأسرته ورفاقه وأصدقائه ولشعب السودان، الذي نذر عمره كله من أجل رفعته وتقدمه.
                  

07-07-2019, 09:49 PM

عبدالمنعم الطيب حسن
<aعبدالمنعم الطيب حسن
تاريخ التسجيل: 11-15-2012
مجموع المشاركات: 4468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يوسف حسين😭 (Re: عبدالمنعم الطيب حسن)

    يوسف حسين: وهتفتُ ليتك لا تزال
    رحل يوسف حسين، كما عاش، دون بهرجة وضوضاء وقشور، رحل (تاج السر) الذي احتفظ بالسر، وكافة الأسرار في أقبية التعذيب وسنوات السجن والقهر الطويلة، محتفظاً بأسرار مساهمته العميقة في بناء الحركة الجماهيرية منذ أن كان طالبا، شارك يوسف من مواقع القيادة في ثلاث ثورات؛ ١٩٦٤-١٩٨٥-٢٠١٩، والحركة الجماهيرية ارتوت من حبّات عرق يوسف حسين ومن التزامه القاطع، ولم يبخل عليها بعمره، شبابه وشيخوخته (والدُّجى يشربُ من ضوء النجيمات البعيدة) كما عبّر تاج السر الآخر. وفي الثلاث ثورات كان يوسف حسين مِلء السمع والبصر، لم يهزمه المرض وسنوات العمر وتقلبات الحياة السياسية، حمل كل ذلك فوق ظهره، وأبداً لم ينحنِ، ومشى باستقامة قلّ نظيرُها، وأتقن حرفة النمل والصبر على المكارهـ والأخلاق عالية الجودة والزهد، وقد ضرب بالدنيا عرض الحائط، وتحلى بشجاعة نادرة، وحينما زاره الموت من بلاده البعيدة والقريبة أيضاً استقبله بثبات بعد أن أكمل مشاركته في ثلاث ثورات.
    رحل يوسف حسين، مأسوفاً عليه، وخلّف أسىً وحزناً ودمعة، عند عارفي قدره وفضله، وهو بحق أيقونة المنظمين الثوريين وقديسهم في محراب الشعب، يوسف حسين كان من الذين هزموا مشانق نميري وسجونَه، وبيوت أشباح الإنقاذ، وحتى رمقه الأخير لم يبدل تبديلاً.
    يوسف حسين كان ولا يزال بطلاً من أبطالٍ شخصيين بالنسبة لي، وكان يستحق جنازة وطنية، فهو ربما كان صاحب أفضل صفات شخصية في العمل السياسي المعاصر، والأطول قامةً في العزوف عن بهارج الدنيا (كان جمل شيل بشد الحيل) وكان توقيتُ رحيله بعد الثورة من ابتسامات الحياة له، فقد التقى للمرة الثالثة بأهازيج الشباب والنساء ورأى هزيمة الإنقاذ، وهو صاحب سهمٍ ونصيبٍ كبيرين في هزيمتها. لقد أدى واجبه كاملاً، فالمعاني العميقة لحياة يوسف حسين وقدرته على التضحية تظل درساً لشباب اليوم، ولقد كان بحق أستاذاً لا يضاهى من أساتذة جيلنا، في صدق الانتماء وأخلاقيات العمل السياسي. لقد كان لي شرف التعرف عليه، ولقد أسعدني بأن مقالتي عنه بعنوان "لو ولد يوسف حسين قبل مائة عام لكان وليّاً يزار" قد إطّلع عليها قبل أن يرحل، وذكر لي صديق عزيز، طلبتُ منه أن يتأكد تسلّمه تلك المقالة، قال بتواضعه الجم والمعتاد: "هذه المقالة وصلتني من أكثر من شخص، أنا لا استاهل كل ذلك، كان على فلان أن يكتب عن موضوعات أهم".
    عند زيارتي الأخيرة للخرطوم لم يسقط يوسف حسين سهواً، فقد طلبتُ من صديقين أن أقوم بزيارته، لم يتحقق ذلك بسبب اعتقالنا وابعادنا، ثم رحل هو، ولا زلتُ أهتف ليتك لاتزال. سأعود للكتابة عنه مرةً أخرى. فكما كانت إسكندرية كمان وكمان، فيوسف حسين كمان وكمان وكمان.


    ياسر عرمان
                  

07-08-2019, 06:26 AM

عبدالمنعم الطيب حسن
<aعبدالمنعم الطيب حسن
تاريخ التسجيل: 11-15-2012
مجموع المشاركات: 4468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يوسف حسين😭 (Re: عبدالمنعم الطيب حسن)

    إلى يوسف حسين

    شعر: عبدالله محمد عبدالله

    هل تموتُ الرموزُ
    الٱقانيمُ
    و الصورُ الخالدة؟
    هل تضيعُ الأغاني التي
    في قلوبٍ الشعوب ِ
    و ألحانُِها الرائدة؟؟
    للشعوب ِ هُدي ً لا يُضل ُ
    و عين ّ و أفئدة ٌ شاهدة
    و أنت َ
    كمثل ِ التراتيل ِ و الأنجم ِ الزرق ِ
    تَبقى ..
    و مثل أهازيجِنا الحرة ِالراعِدة

    فيا أيها الطفل ُ حال َ ابتسامِك َ
    و الليث ُ عند احتدامِك َ
    يا يوسف َ المتعَبين َ
    و يا يوسف َ القابضين َعلي الجمر ِ
    يا يوسفي
    أحييك يا أيها المستنير ُ الوفي
    أحييك
    يا أيها الواضح ُ
    المتريث ُ و المُختفي

    أحيي نضالَك عبرَ الفواجِع
    عبر َ المُحالات ِ
    قرب ِالمنايا و بُعد ِالنجاة ِ
    من الموت ِ في فَجره ِ الرّاعف ِ

    أحييك َ
    ما اروع َالصمت َ عندك َ،
    و القول َ
    حين يطل ُادعاء ُالمُسوّف ِو المُرجِف ِ

    أحييك َ
    عند َ انطلاقِك نحو الخلود ِ
    و عند احتفاء ِ الفضاءات ِ بك ٔ
    و عند َانضوائك في شُهب ٍ
    توقظ ُالأرض َ
    حُمرا ً
    تُضيئ ُ و لا تَختفي .
                  

07-09-2019, 03:53 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48724

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يوسف حسين😭 (Re: عبدالمنعم الطيب حسن)

    سلام يا حبيبنا عبد المنعم

    نسأل الله لأستاذنا المناضل يوسف حسين الرحمة ومنازل المقربين..

    وثورة حتى النصر

                  

07-12-2019, 04:21 PM

عبدالمنعم الطيب حسن
<aعبدالمنعم الطيب حسن
تاريخ التسجيل: 11-15-2012
مجموع المشاركات: 4468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يوسف حسين😭 (Re: Yasir Elsharif)

    وداعا المناضل يوسف حسين
    بقلم تاج السر عثمان بابو
    نودع الزميل المناضل يوسف حسين الذي رحل عن دنيانا صباح الخميس 4 يوليو 2019م بعد حياة حافلة ومفعمة بالنضال ونكران الذات من اجل الحزب والوطن ورفعة شعبنا.بمزيد من الحزن والأسى.
    كرّس المناضل يوسف حياته بثبات وعزيمة لا تلين لها قناة، من اجل الحزب والوطن، وظل ثابتا وراسخا رغم العواصف وتقلبات الحالة عنيفها وناعمها. منذ طفولته اهتم بقضايا الكادحين، ولا غرو انه انحدر من اسرة عمالية، حيث كان والده يعمل عاملا في مصلحة الوابورات بالخرطوم بحري، التي ولد فيها عام 1938م، وتلقى تعليمه الابتدائي والاوسط بها بعدها التحق بمدرسة خورطقت الثانوية التي واصل فيها نضاله السياسي والنقابي وتم انتخابه في اتحاد الطلاب عام 1957م وقتها وكان نضال الحركة الجماهيرية مستعرا ضد حكومة السيدين، وضد المعونة الامريكية التي تفقد البلاد استقلالها. وقانون الطوارئ ..الخ.
    وكان اضراب طلاب خور طقت الشهير، والذي ادى لفصل لجنة الاتحاد من المدرسة ، بعد فصله واصل يوسف دراسته، والتحق بجامعة الخرطوم، حيث واصل نشاطه في الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية، وساهم في النضال ضد الديكتاتورية العسكرية الأولى، وكان عضوا في اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، وتعرض ايضا للفصل السياسي، حتى قيام ثورة اكتوبر 1964م.
    ورغم نشاطه السياسي الكثيف، الا انه كان مبرزا اكاديميا، مما دحض دعاية الادارة الاستعمارية بان النشاط السياسي يتعارض مع الدراسة والاهتمام بالاكاديميات.
    بعد تخرجه في كلية العلوم(جيولوجيا) عمل لفترة بسيطة بمصلحة المساحة وبعدها لم يتردد في التفرغ للحزب، وظل متفرغا حتى رحيله، عمل يوسف باخلاص وجدية في كل المسؤوليات التي اوكلت له مثل: العمل الاداري للجنة المركزية، مكتب طلاب الجامعات والمعاهد العليا، ومكتب التعليم الحزبي، ومناطق مثل: الجزيرة ، سنار، سنجة، الخرطوم..الخ.
    كان يوسف رمزا للثبات والدفاع عن وحدة الحزب والالتزام برأي الاغلبية والاحتفاظ برأيه والدفاع عنه باستقامة، وظل مع وحدة الحزب في كل المعارك والصراعات الداخلية التي خاضها الحزب، بعد ردة يوليو 1971م تم ضمه للجنة المركزية، بعد الانقسام واستشهاد قادة الحزب "عبدالخالق والشفيع، وقرنق) ،الضربة الكبيرة باستشهاد قادة انقلاب 19 يوليو وتشريد واعتقال الالاف من الشيوعيين والديمقراطيين، كان يوسف من الذين اختفوا وجمعوا الحزب بعد 22 يوليو 1971 وكان مسؤولا عن لجنة العمل التنظيمي"مكتب التنظيم المركزي حاليا" وتعرض للاعتقال لسنوات طويلة في سجون نظام الديكتاتور نميري حتى تم اسقاطه في انتفاضة ابريل 1985م وحررته الانتفاضة مع زملائه من المعتقل.
    بعد انتفاضة ابريل 1985م عمل سكرتيرا سياسيا لمديرية الخرطوم، اضافة لعمله في سكرتارية اللجنة المركزية وفي لجنة التقرير السياسي للتحضير للمؤتمر الخامس بعد قرار اللجنة المركزية في اكتوبر 1985م بالتحضير للمؤتمر الخامس وتم تكوين لجان المؤتمر ولجنة للعيد الاربعين للحزب ولكن انقلاب 30 يونيو قطع الطريق امام التحضير للمؤتمر.
    وبعد الانقلاب الدموي في 30 يونيو اختفى يوسف وساهم في تجميع الحزب واستمرار نشاطه وتعرض للسجن لسنوات طويلة وتعذيب وحشي في بيوت الاشباح التي لخص تجربتها في كتاب عن التعذيب، وكان رمزا للصمود والثبات.
    بل كان من الذين علموا الجبل الثبات، بعد المناقشة العامة التي فتحها الحزب حول متغيرات العصر في اوائل تسعينيات القرن الماضي، ساهم فيها يوسف بنشاط في الكتابة لمجلة "الشيوعي" حول تكتيكات الحزب (العدد 158) ومجلة قضايا سودانية التي كان يصدرها الحزب في الخارج وكان يكتب باسم "حسن تاج السر" وكان عضوا في لجنة تسيير المناقشة العامة التي كونها الحزب ضمن لجان التحضير للمؤتمر الخامس في دورة اللجنة المركزية في ديسمبر 1997م وساهم مع اللجنة في تلخيص حصيلة المناقشة التي استمرت 14 عاما في خمسة كتب صدرت لعضوية الحزب كما ساهم في لجنة التقرير السياسي "للمؤتمر الخامس" حتى تمت اجازته من اللجنة المركزية وناقشه المؤتمر الخامس واجازه بعد الملاحظات والاضافات وتم نشره مع البرنامج والدستور المجازان في المؤتمر الخامس في كتاب.
    كما عمل يوسف في لجنة الاتصالات السياسية وناطقا رسميا للحزب، وتم انتخابه عضوا في اللجنة المركزية للمؤتمر الخامس، وتمت اعادة انتخابه ايضا في المؤتمر السادس عضوا في اللجنة المركزية.
    اهتم يوسف بالعمل الفكري والنظري، رغم نشاطه العملي والسياسي الكثيف وكانت له كتابات راتبة في صحيفة "الميدان" العلنية والسرية وفي مجلة "الشيوعي" التي تصدرها اللجنة المركزية حيث عمل مسؤولا عن هيئة تحريرها قبل المؤتمر الخامس.
    وكانت له مؤلفات صدر منها ثورات الربيع العربي، ونظرية الحزب الشيوعي، ومؤلفات اخرى لم تنشر. متابعة أعماله ونشرها، كما اهتم يوسف بالشعر والادب الشعبي.
    رغم صرامة يوسف ومبدئيته فيما يعتقد انه الحق الا انه كان انسانا رقيقا، وصبورا، لا يعرف الشكوى واليأس، وكان انسانا بحق كما يقول الشاعر:
    هين تستخفه بسمة الطفل الغرير
    قويا يصارع الاجيالا
    حاسر الرأس عند كل جمال
    مستشف من كل شئ جمالا
    وكان حاضر الطرفة ويحب الاطفال حبا جما وكانت دائما جيوبه ملأى بالحلوى، يقدمها للاطفال الذين يلتقون به، كان قليل الكلام كثير الافعال، يتحدث فيما يعلم، وفي الموضوع المحدد، وكانت له القدرة على تلخيص عشرات الاوراق في سطور قليلة، لقد كان حقا ركيزة مهمة في الحزب الشيوعي وكما يقولون:
    الموت تقاد في كفه جواهر، يختار منها الجياد.
    رغم نشاطه الكثيف السياسي والحزبي الا انه كانت له علاقات اجتماعية واسعة في الحي وفي نادي الاتحاد، ومحافظا على الارتباط الاسري.
    رحم الله الاستاذ/ يوسف الذي ختم حياته بكل ما هو جميل وانساني، وظل متفرغا وعضوا باللجنة المركزية حتى رحيله العزاء لاسرته وابنته سيدة وزوجته، ولكل الشيوعيين والديمقراطيين، ولجماهير شعبنا في هذا الفقد الجلل، والذي قلّ ما يجود به الزمان، وستظل ذكراه خالدة وباقية، وسيرته النضالية العطرة تنير الطريق للمناضلين، ومواصلة النضال لاستكمال مهام ثورة ديسمبر 2018م حتى تحقيق اهدافها.
                  

07-21-2019, 08:46 PM

عبدالمنعم الطيب حسن
<aعبدالمنعم الطيب حسن
تاريخ التسجيل: 11-15-2012
مجموع المشاركات: 4468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يوسف حسين😭 (Re: عبدالمنعم الطيب حسن)

    يوسف حسين
    يا صارم القسمات يا حي الشعور
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    حسن الجزولي
    * رحم الله يوسف حسين الذي هد برحيله الفاجع ركناً عزيزاً، شغلنا تواتر الأحداث السياسية في الفترة الماضية، عن رثاء هذا الانسان النادر الوجود، فقد تمثلت فيه المقولة الصارمة أن الانسان هو مجموع أقواله وأفعاله، وإن طبقنا هذه القاعدة فسنكتشف أن يوسف قد التزم بقيمتها نصاً وفعلاً، في كل مسام حياته العامرة بحب الانسانية والكون والعمل من أجل أن يتفانى حد الفناء الذاتي في سبيل إسعاد الآخر الذي وهب جلً حياته العامرة من أجله، فقد كان إنسان السودان على وجه الخصوص بمثابة دائرة الاهتمام الأولى له في نشاطه العام والخاص، ولأجل ذلك تحول يوسف بانتمائه الطبقي الذي اختار الحزب الشيوعي السوداني لكي يصير الحاضنة الثورية لما آمن وعمل من أجله، فينجح أيما نجاح في نهاية عمره العامر بتعمير حياة إنسان السودان فيتحول لمتصوف ثوري يتبتل في محراب النضال الذي خاضه بلا هوادة حتى أفنى ذاته العاشقة في المعشوق!.
    * أول عهد معرفتي بيوسف كانت في دار مديرية الخرطوم الحزبية التي كانت كائنة بمنزل الشهيد عبد الخالق محجوب في حي الشهداء فترة الانتفاضة عام 1985، رأيته بمكتبه الاداري يقلب أوراقاً أمامه، بينما كان المكان يعج بعدد من الشيوعيات والشيوعيين الذين تواجدوا لمختلف الأسباب والذين أذكر من بينهم الراحلة فاطمة أحمد إبراهيم، وكانت أول ملاحظاتي عنه صمته ذاك الذي يمكنك أن تفسره بالتعالي!، فحين كان الجميع يتجاذبون أطراف الأحاديث ويتبادلون الضحكات والقهقات العالية، كان هو منكباً على أوراقه معتنياً بها دون كبير إعتناء بهذه الأجواء الاجتماعية التي من حوله بين رفاق حزبه، ولا أخفي إحساساً إعتراني لحظتها بأني لم أستسغ ذلك، فنما عندي شعور بأن هذا (زميل) متغطرس!.
    * مرت السنوات وغادرت للدراسة بجمهورية هنغاريا الشعبية وقتها، وأذكر أن زارنا الراحل في النصف الثاني من سنوات التسعينات والديكتاتورية العسكرية تنشر ظلالها القاتمة على الحياة السياسية في السودان، جاءنا لطواف حزبي كُلف به من قيادة الحزب بالداخل وكان وقتها خارج جديد لنج من (بيوت الأشباح) التي أُودع إليها بعد استطاعة أجهزة أمن نظام إنقاذ الأخوان المسلمين التوصل للمكان الذي كان يتواجد فيه وهو مختفي عن الأنظار منذ وقوع الانقلاب المشؤوم ووأده للديمقراطية الوليدة. حيث خضع لتعذيب وحشي سرد لي وقائعه لاحقاً بعد لأي وجهد جبار ومحاولات متعبة استطعت خلالها أن أنتزع تفاصيل واقعة التعذيب منه، وأظنها كانت من الحالات النادرة جداً ليوسف وهو يتحدث عن نفسه!. الشاهد أن أفراد الأمن الذين تولوا تعذيبه من أجل انتزاع أي معلومات تتعلق بحزبه وأجهزته وكوادره المختفيه وبعض الأسرار التنظيمية والادارية الأخرى، فلم يتوصلوا لشئ، وفي نهاية الأمر صاغوا تقريراً لنافع علي نافع مدير جهاز أمن النظام وقتها أشاروا فيه إلى أن الرجل لم يستجب مطلقاً لما طالبوه به من معلومات لا سلباً ولا إيجاباً، فتركوه لحال سبيله، معترفين ببطولته النادرة التي احتمل فيها بجلد كل ذلك التعذيب الذي وقع عليه، وهو ربما يكون فيه تبريراً لعدم اعتقال الراحل فيما بعد إلا لفترات محدودة وقصيرة!، وقد كانت أكثر جزئيات إفاداته حول واقعة تعذيبه غرابة وعجباً هي حضور نافع علي نافع (حفل الشواء) الآدمي الذي كان تعذيبه يتم في أجوائه، حيث كان نافع يتابع التعذيب بغبطة وسرور!.
    * كلفني وقتها فرعنا فرعنا بهنغاريا لملازمته والاشراف على إقامته، وبهذه الصفة تقربت منه أكثر، لأكتشف ما جعلني أراجع إنطباعاتي السابقة عنه حينما رأيته لأول مرة بمكتبه في مديرية الخرطوم، فيما يخص ما خرجت به من أن (الزميل) متغطرس ومتعالي، حيث اكتشفت إنساناً بالغ الرقة والظرافة، وأن خلف شخصيته تقبع خصال أخرى من القدرة على المؤانسة وخفة الظل والتهكم غير الضار، عكس ما كنت أعتقده بأنه شخصية بمحمولات دم من الوزن الثقيل!.
    * وهكذا ظللت متقرباً أكثر لحسين طيلة الفترة التي مكث فيها معنا والتي امتدت لبضع أسابيع، فتنزهنا سوياً وطفت معه معالم العاصمة بودابست وجمالها الفائق الذي جعلها تحمل لقب (عروس الدانوب)، تسكعنا وساهرنا وتآنسنا وتحاورنا فأصبح بالنسبة لي أحد أقرب الأصدقاء الذين استمتع أيما استمتاع بالعديد من موضوعاته وونساته الشيقة، وأذكر حين عملي معه فيما بعد في صحيفة الميدان التي كان أحد من أقنعوني بان أعمل فيها والتعاون مع هيئة تحريرها إضافة لمهامنا الحزبية المشتركة معاً أن اصطفاني وأصبح يخصني برائق الموضوعات والطرائف التي كان يرويها لي بمتعة مشتركة.
    * أعطى يوسف إنطباعاً لدى قطاع عريض من الزملاء أعضاء الحزب وبعض المعارف، أنه شخص جاف وناشف في التعامل مع الآخر، حدثني الصديق بروف محمد المهدي بشرى أنه فى سنوات النظام المايوي ويوسف مختبئ عند أحد الزملاء، ذهب لزيارة ذلك الصديق فوجد معه يوسف الذي لم يكن بشرى يعرفه، فسلم عليه بشكل عادي باعتباره ضيفاً على ذلك الزميل الذي تداول معه موضوعاً يتعلق بصحيفة الميدان السرية وقتها، وفيما بعد عرف من ذاك الزميل أن من كان متواجداً معه هو يوسف حسين وأنه قرر الانتقال من منزله ذاك مفضلاً تغييره إلى أي منزل آخر ليس لأي سبب سوى أن الزميل سمح بأن يناقشة مهدي بشرى حول الميدان السرية في حضوره!. والواقع أن شخصية الرجل تحمل بالفعل ملامح الصرامة والجدة والمبدئية في كثير من القضايا والمواقف والموضوعات، وأنه عند بعض الحالات يبدو شرساً وصعب المراس، لا يقبل بالفوضى والتسيب والاهمال، خاصة فيما يتعلق بالتراخي و إهمال إنجاز التكليفات الحزبية والمهام التنظيمية، وعرف عنه قلة الكلام والثرثرة التي لا لزوم لها والزائد من المتن والحواشي عند الكتابة أو المشافهة، ينفذ لمعالجة الموضوعات بمباشرة ودون تعقيد أو تقعير، فتراه يساهم في الحلول دونما مشقة كالسهل الممتنع، الذي يترك انطباعاً بالادهاش كون أن ما توصل إليه قد فات على الآخرين مع أنه كان في متناول اليد!.
    * ولكنه من الجانب الآخر وكما سبق وأن أشرنا أعلاه يملك صفاة نادرة من الرقة واللطافة والظرافة المدهشة، وفي ذلك يكمن سر امتلاكه للعديد من الصداقات المختلفة في الحزب بين زملائه وفي حيه ونادي البحراوي وبين الجيران وأهل حيه بالدناقلة شمال.
    * يا ريت أركز لكم قليلاً لأنقل لكم ظرف الرجل بنماذج قد تبين أكثر أنه يملك في واقع الأمر شخصية جديرة بأن تكون فاكهة مجالس للانس والأخوانيات.
    * ففي أولى سنوات إختفائه مع آخرين من قيادات وكوادر الحزب في أعقاب الهجوم الضاري على الحزب، إثر فشل انقلاب 19 يوليو عام 1971، حدث وأن يوسف كان يستقل عربة تاكسي هي عبارة عن طرحة وليس كطلب (بمعنى أنها تحمل خمسة ركاب دفعة واحدة لتكون وجهتها مكاناً مشتركاً لهؤلاء الركاب وقد توقفت هذه الخدمة مع نهايات الثمانينات مع أنها اقتصادياً تناسب هذه الفترة تماماً!) وتصادف أن استقل معه د. عبد الله علي إبراهيم نفس الطرحة، وكان أيضاً ضمن المختفين، الراحل يوسف كان يجلس بالمقعد الأمامي وأستاذنا عبد الله كان بالمقعد الخلفي، أخذ عبد الله يثرثر حول موضوعات ما كان ينبغي التطرق لها في ظل ظروف استثنائية لكادرين حزبيين مختفين عن الأنظار، كان عبد الله يواصل ثرثرته بينما يوسف قابعاً في مقعده الأمامي وكأن الأمر لا يعنيه بشئ وهو في صمته المعهود ذاك!، وعندما زادت (طربقة) عبد الله، أوقف يوسف التاكسي في مكان معين وترجل عنه بعادية شديدة وكأنه وصل لمشواره، وبعد أن حاسب صاحب التاكسي إنحنى على نافذة العربة الخلفية التي كان يجلس بقربها عبد الله وهمس له قائلاً:ـ العمة اللابسا فوق راسك دي كان مفروض تلفها حول خشمك) ثم غادر لحال سبيله!.
    * الحكاية الثانية كنت أستقل معه سيارته البيضاء المتواضعة بالمقعد الخلفي بينما العم محمد عمر الكابتن بالمقعد الأمامي، وأثناء استمتاعنا بأغنيات الحقيبة التي كان يوسف يحرص على الاستماع إليها في عربته بواسة تسجيل الكيتروني مدمج، توقفت العربة نتيجة لزحمة الطريق بشارع المك نمر وبدأت تزحف زحفاً ضمن صف طويل من العربات، في الأثناء حضر أحد باعة الخردوات الذين يعج بهم شارع المك نمر وهو يحمل (قبعات) فسأله الكابتن عن سعرها، فوجدها البائع فرصة ليبيع الكابتن واحدة منها كصيد ثمين وقع له في طريقه كعادة وإلحاح أؤلئك الباعة، فبدأ في مفاصلته حتى وصل معه لسعر مغري جداً للسلعة، إلا أن الكابتن رفض الشراء وأوضح له قائلاً :ـ يا ولدي أنا أصلو ما عاوز أشتري، بس سألتك ساكت لأنو الشارع واقف، أشتري كسكتة أعمل بيها شنو؟ فقال له البائع - في محاولة لكسبه كزبون - : تلبسا يا حاج في (راسك)، هنا وبسرعة بديهته وتهكمه رد يوسف حسين قائلاً للبائع بذاك الهدوء والسمت المتأني:ـ هو لو عندو (راس) كان سألك من تمن الكسكتة؟!.
    * الثالثة ذهبت إليه في أيامه الأخيرة وهو بمكتبه، مقترحاً عليه منحنا (تعليقاً) كتصريح لصحيفة الميدان حول المرسوم الذي كان قد أصدره الفريق أول عبد الفتاح برهان بخصوص اللجنة التي شكلها صباح ذلك اليوم كما ورد بالأخبار والخاصة بمعالجة وضع الحركات المسلحة، وبعد أن استمع لي بذاك الهدوء – ويبدو أن أوجاعاً حول كتفه ورقبته قد عاودته بشدة ضمن الأمراض التي بدأ يحس بها واضطرته الاستشفاء بمستشفى تقى التخصصي بأم درمان ومن هناك غادر، رد علي قائلا:ـ طيب ،، حسع أنا مع مرسوم برهان ده ،، وجع رقبتي دي (أعلقو) في رقبة منو؟!.
    * الأخيرة كنت معه بغرفته بمستشفى تقى قبل يوم واحد من مغادرته، وحدث أن رافقه حفيدة أيمن عبد الرؤوف إلى الحمام المرفق، وكان أيمن ملازماً له طيلة فترة مكوثه بالمستشفى، عند عودته من الحمام وقبل أن يعود مستلقياً على سريره لاحظت أن الملاءة غير مستوية على مرتبة السرير، فبدأت في معالجتها بينما الراحل يقف بقربي متكئاً على حفيده، ويبدو أنه لم يحتمل الوقوف طويلاً وكان في عجلة من أمره ليستلقي سريعاً على السرير، فانتهرني قائلاً :ـ يا حسن البتعمل فيهو ده ما عندو أي أهمية حسع!.
    * كان عن حق صارم القسمات وحي الشعور ،، صارم القسمات وصافي البسمات ،، صارم القسمات وأخو أخوان في الملمات، كان ينشغل بألم الآخر حتى لو عندو شوية صداع!، رجل متواضع في حياته الخاصة والعامة ،، عاش على الكفاف وتنفس برئة حزبه وشعبه ووطنه، وفي شأن كفاف عيشة هل التقيتم بشخص يختصر وجباته اليومية معتمداً على كباية شاي حمراء وقطعتين من بسكويت مفضلاً كسب الوقت لانجاز واجباته الحزبية التي أمامه من إضاعته في البحث أو إعداد وجبة دسمة تقيم أوده! ،، لقد إفتقدت برحيله صديقاً حسن المودة للأبد ،، فرحم الله يوسفاً ويا للأسى والأسف.
                  

07-28-2019, 05:55 PM

عبدالمنعم الطيب حسن
<aعبدالمنعم الطيب حسن
تاريخ التسجيل: 11-15-2012
مجموع المشاركات: 4468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يوسف حسين😭 (Re: عبدالمنعم الطيب حسن)

    يوسف حسين، حياة بكاملها منحها للحزب الشيوعى.
    ‏----------------------------------------

    ‏(للحقيقة وجهان/والثلج أسود)
    ‏ -درويش-

    ‏1: الواقعى.
    فجر الخميس 5/7/2019م، حوالى الرابعة صباحا، رحل عن عالمنا ‏القائد الشيوعى الفذ يوسف حسين محمد الأمين بمستشفى (تقى) ‏بأمدرمان. نعم، فى يوميات حياته كلها، فى تفرغه الكامل لمهام حزبه، ‏فى الإختفاء بوعورته وقسوته، وفى العلن الجهير،جعل الخيالى هو ‏الواقعى الأكيد. 56 عاما من سنوات حياته الخصبة جعلها فى خدمة ‏الحزب، فى خدمة شعبه ووطنه وقضاياهم الجليلة لأجل الحرية ‏والديمقراطية والسلام.
    حياته،كلها، منذورة للمهام والواجبات الحزبية والنضالية، تلك الحياة، ‏هى، جميعها، مكرسة لأجل الحياة، وحياته الشخصية عنده، هى جوهرة ‏فى مكان القلب من ذلك الوعى الذى وجه حياته بكاملها، فكان يقولها:
    نحن لا نعرف دربا غير هذا فى الحياة
    ومضى،
    مثلما يمضى شيوعى لتنفيذ مهمة
    لربما كانت لتوزيع بيان أو جريدة
    ربما كانت قصيدة
    أنها دوما مهمة
    ربما كانت صمودا فى الخنادق
    ربما كانت صعودا للمشانق
    أنها دوما مهمة.

    كان قريبا، ومقربا من الشهيد عبد الخالق محجوب الذى رشحه للتفرغ ‏الحزبى، فكان أن تفرغ تفرغا كاملا منذ العام 1965م، فور تخرجه فى ‏جامعة الخرطوم حيث درس علم الجيلوجيا، متفوقا على دفعته، وحتى ‏رحيله المفاجئ.
    يوسف، برغم ما كان يبدو عليه من صرامة صلبة، كان هينا، مثلما غمام ‏خفيف، عابرا تكاد لا تحس له جلبة بعيد عبوره. لطيفا حين تجالسه ‏وتسامره لحظات سمره القليلة، عندما يكون قد فرغ، بالكاد، من واجباته ‏ومهامه الحزبية (الكثيرة)، وهى، تلك الواجبات والمهام، عادة ما يضعها ‏أعلى سلم مشغولياته، فى أعلى جدول اهتماماته اليومية. وحين يشغل ‏حيزا سكنيا صغيرا يجعله مستقرا له أوقات اختفائه إبان عمله السرى، ‏يكون وجوده لا تكاد تشعر بوطأته تلك الأسر الباسلة التى كانت تستضيفه ‏لبعض الوقت بعيدا عن أعين الأمن التى لطالما طاردته وأحكمت على ‏تحركاته الحصار. فمطالبه، لكى يكون فى الحياة، من مأكل ومشرب، ‏عادة ما يمتنع عن عديدها، فيكتفى بالقليل الذى يقيم الأود، وأما ‏‏(المكيفات) فلم يكن يهتم أو يفكر فيها مطلقا! بالطبع، أن عدم اكتراثه ‏لتناول الغذاء من طعام وشراب فى مواقيتهما، سوف يؤثر، لاحقا، على ‏صحته العامة وطاقاته الحيوية التى، لاشك، أن لها مطلوباتها الموجبة فى ‏استمرار الحياة. هكذا، ولأجل هذا، صرنا نراه (نحيلا) يكاد يشف جلده ‏لترى عظامه! فى ظنى، بدرجة تقارب اليقين عندى، أن أساس علته التى ‏أودت به تعود، بالذات، إلى تلك (الحالة) التى جعلها، بإصرار عنيد، ‏منهاجا فى حياته الخاصة. لا شك، أنه كان يعلم جيدا تلك الحالة التى هو ‏عليها ومآلاتها، يعلمها كذلك رفاقه فى الحزب ومعارفه وأسرته أيضا. ‏وللأسف العميق، أننا جميعنا، لم نتعامل حيالها بمسئولية وحرص وجدية، ‏بالنظر إلى صحته وحياته نفسها، فأخذنا من عطائه وحياته الكثير ‏الخصب ذو القيمة والجدوى، ولم نأبه لتداعى صحته وإعتلال جسده. ‏ترى، هل
    ‏(قصرنا) فى حقه، أم، بالأحرى، فى حق أنفسنا فصرنا نتحمل وزر ‏رحيله المفاجئ عنا؟

    ‏2: فى أوقات المذابح والحصار.

    بعد مذابح الشجرة فى يوليو1971م، حين أعملت المشانق والرصاص ‏ضد قادة الحزب الشيوعى ومناصروه من الديمقراطيين والمستقلين ‏وأنصار الحريات، شرعت أجهزة الأمن والجيش الموالى للسفاح نميرى ‏فى مطاردة كل تلك القوى الحية فى المجتمع، وإكتظت سجون البلاد ‏بالمعتقلين السياسيين، وظللت سماوات السودان ظلام الديكتاتورية ‏الأسود، فأصدرت السلطات منشورات مصحوبة بصور لقادة الحزب ‏مطلوبون أحياء أو أموات، ل : نقد وسليمان حامد والجزولى سعيد ‏ويوسف حسين وغيرهم. كانت المهمة المركزية، ذات الأولوية القصوى ‏فى عمل الحزب وقتها، تأمين قادة الحزب وإعادة تجميع عضوية ‏الحزب، من قاعدته إلى أعلى مستوياتها. فى ذلك الوقت العصيب، كنت ‏أشغل مسكنا صغيرا من (الجالوص) بمنطقة برى الدرايسة، فى مواجهة ‏الفضاء الساحلى الذى يشغله معرض الخرطوم الدولى الآن. يتكون ‏المنزل من صالون وحيد فى مواجهته غرفة صغيرة مكدسة بالأثاث القديم ‏نستعملها كحمام فنستعين عليه ب (طشت وجردل للماء)، أما المرحاض ‏فكان عبارة عن حيز ضيق جدا بحفرة وبلا سقف أو باب! والحال كذلك، ‏كنت قد كلفت بتأمين كل من: سليمان حامد ويوسف حسين والراحل ‏فاروق ذكريا، كل منهم على حده ريثما يتم تأمين مقر أفضل لهم. منذ ‏ثورة أكتوبر 1964م المجيدة، قادت العمل الجماهيرى بمناطق برى ‏‏(القوى الأشتراكية بالبرارى) وبذرت، بوعى وإقتدار، بذور النضال وقيم ‏الثورة الوطنية الديمقراطية فى وعى الجماهير، حتى غدت قوة جماهيرية ‏كبرى فى مسيرة نضال شعبنا، تلك البذور، العفية والحية، تلك الروح ‏الثورية الجسورة، هى التى أتت بالثوار(أسود البرارى) إلى ميدان ‏الإعتصام وإلى صدارة ثورة ديسمبر الراهنة.
    لهذا، فى حمى مقاتل الشيوعيين تلك، ظلت دوريات الأمن المددجة ‏بالسلاح، وبالدبابات والكلاشنكوف والدوشكا تجوب شوارع وأزقة ‏البرارى، على إتساعها وتباعدها، تفتش وتترصد قادة الحزب يوسف ‏حسين ورفاقه، ليلا ونهارا بلا إستثناء. فى ذلك المنزل الفقير الهادئ، ‏المنزوى كوكر القنفذ، وفى فترات الإختفاء القاسية تلك، ظل يوسف، ‏مثلما رفيقاه، سليمان وفاروق، هادئا بصورة مذهلة، يبدو مطمئنا لمآلات ‏الأحداث التى ستلى تلك المجاذر الدموية. يغسل ملابسه ويكويها بنفسه، ‏يستحم ويحلق ذقنه ويمشط شعره القليل غير الكثيف، يعد لنا الشاى ‏والقهوة فيتناول منهما القليل أو غالبا لا يفعل، يقرأ بهدوء ثم يجاذبنا ‏الحديث فى شأن الأحداث وعن شئون ومشاغل الحياة، كم كان يحدثنا ‏عن المرأة فى حياتنا وعن الحب والشعر والأغانى، عن المسرح ‏التاريخى عندنا، وعن تاريخ السودان الحديث، عن الزراعة والتعليم ‏ومناهجه وعن الصحة، عن الثورة الوطنية الديمقراطية وضرورة بناء ‏الحزب والحفاظ على وحدته وتماسكه. لم يكن له من شاغل فى الحياة، ‏كما بدأ لى وقتذاك ومن بعد، إلا الحزب وقضايا الشعب والوطن، يحلم، ‏بقدر سعة الأحلام وتساميها وروعتها، بأن يرى السودان حرا، ديمقراطيا ‏يعمه السلام والحرية، تحت ظلال الدولة المدنية الكفيلة برعاية وصيانة ‏تنوع شعوب السودان. بسبب من تلك القناعة، وذلك اليقين عنده، كان ‏يخرج، تماما مثلما كان يفعل سليمان وفاروق، ليلا ، نظيفا وأنيقا، ‏فيذهب راجلا لأداء واجب حزبى فى أطار خطط الحزب فى تلك المرحلة ‏الخطرة من حياة الحزب، فيعود باسما وراضيا، كمن أتى أمرا جليلا ‏يحوز على وعيه وواجباته، مشرقا بالحياة وبأمل الغد، تلك من مآثر ‏أؤلئك السلالة المبجلة من قادة الحزب. تلك الفترة أيضا، أستطيع أن ‏أقول، بإطمئنان وثقة، أننى قد لامست قلبه النبيل الرقيق، مما شجعنى ‏لأن أخوض معه فى الأحاديث الشخصية جدا التى لا يستطيع العديدون ‏من رفاقه أن يحادثونه بشأنها. فإنكسرت أمامى، وفى تعاملى معه من ‏بعد، تلك الصرامة، ولربما تلك(الغلظة) التى تبدو عليه فى تصور ‏عديدون عنه. كان، على قول إدريس جماع( هينا، تستخفه بسمة ‏الطفل...)، وليوسف قصة لطيفة مع الأطفال الذين يصادفهم فى مساره ‏الثورى، لكأنه يرى فى ملامحهم صورة السودان الجديد، مستقبل الوطن، ‏سلامه وحريته وديمقراطيته، تلك الملامح التى رأها يوما توفيق زياد فى ‏عيون الجزولى سعيد وهما، معا، على ضفاف الفولجا:

    ‏(إنني أذكر "عثمان" صديقي‎
    مرة عند رصيف النهر في موسكو،‎
    تنزهنا سوية‎ ...
    ووقفنا فجأة عند سياج،‎
    صدمتنا طفلة كالمرمر المصقول‎
    تصطاد فراشة‎ ...
    فإذا "عثمان" يبكي أو يكاد‎
    إنني أذكر ما قاله آخر جملة،‎
    قال لي:" أسمع‎ ...
    إنني أعطي حياتي كلها‎...
    حتي أري السودان يبني من جديد‎ ‎‏!)‏‎...
    ‎... ... ...
    صوته كان‎
    عميقا‎
    وجريحا‎
    وسعيد‎ ‎‏)...

    لربما، تتمكن يوما، الأستاذة نعمات أحمد أن تكتب عن الأطفال فى حياة يوسف، ‏ستزيل تلك الكتابة لا شك، قدرا كثيرا عن صورة (الصرامة) التى يقولها البعض ‏عنه دون أن يعايشونه عن قرب، لربما.

    ‏3: عن عائلياته وشئونه الشخصية:

    صحيج، ظل يوسف طوال حياته، يبتعد، بتصميم لا ينفد، عن الحديث عن ‏عائلياته وشئونه الشخصية، فيسمح، فقط، بالحديث عن حياته الحزبية فى ‏عمومياتها، وفى مسيرة نضاله فيما يتعلق بها بالشأن العام. فى لحظات وبرهات ‏قليلة من عمره، كان يتناول، بتحفظ مقصود، شئونه الشخصية، وجعل ذلك لدى ‏من إعتبرهم خلصاء وأحباب، سواء فى الوسط الحزبى أو من معارفه لدى أهله. ‏وبرغم هذا(التحفظ المقصود) فقد ظلل محبوبا لكل من عرفه وعايشه ومحل ‏تقدير واعجاب بسبب من سيرة حياته الفقيرة. كثيرون من رفاقه عدوه(راهبا) ‏متبتلا فى محراب الحزب العلمانى، و(زاهدا) مثلما زهادة المتصوفة فى الحياة. ‏وكلاهما، لم يجانبا الصواب فيما يخصه، فلديه غير قليل من تلك الصفات. ومن ‏المعلوم، أن لدى صاحب تلك الصفات شيئا من اللطف والرقة وإستحسان البهجة ‏والفرح فى مواضعهما.
    فى العهد الديمقراطى الثانى، حوالى العام1987م، بعد الإنتفاضة، كنت، وقتذاك، ‏بكسلا، حين هاتفنى ليخبرنى بأنه قد تزوج، هكذا دون أن أعلم أو أشاركه فرحه، ‏وأنه قادم لكسلا لتمضية (شهر العسل) معى! سعدت بقراره هذا، وكنت أعلم أنه ‏لن يقدم على الزواج إلا فى الديمقراطية، ولكنى، لدواعى أعلمها عنده أنه لن ‏يجعل من طقوس زواجه، أن تكون مهرجانا كبيرا تحفه مظاهر الترف غير ‏المحمود حسب رؤيته وقناعاته، فذلك شأنا خاصا لا يجوز أن يكون شاغلا ‏للناس! تزوج يوسف من الأساذة نعمات أحمد حسن العطا، أبنة أبن أخت الشهيد ‏هاشم العطا، وأنجبا، لاحقا إبنتهما الوحيدة (سيدة). قضوا معنا نحو أسبوع ‏بمنزلنا بحى العمال بكسلا. تلك الفترة، كانت، هى أيضا، التى أتاحت لى قربا ‏حميما منه، من قلبه وروحه ورؤاه. كنت أجالسه ساعات عديدة نكاد لا نكف ‏فيها عن الحديث، حديثا لطيفا وعميقا فى كل شئ تقريبا، حد أن أكرر عليه ‏كثيرا، بإلحاح مستمر، أن يذهب عنى لعروسه، لكنه كان يصرفنى عن ذلك ‏بتغيير وجهة الحديث إلى ما هو أهم، إلى الشأن العام وشئون الحزب. كنت أحس ‏أنه سعيدا بزواجه، فقد استطاع، أخيرا، أن يفرغ من تلك (المهمة) التى، وذلك ‏كان ظنه، من شأنها أن تعوق مسار نضاله الذى هو مسار حياته نفسها. لربما ‏بسبب من ذلك كله كان يرفض اقتراحاتى عليهما أن نذهب فى جولة بالعربة إلى ‏السواقى وبعضا من منتزهات كسلا، فكان يرفض متعللا بأنه لا داعى لكل ذلك، ‏فعلناها مرتين أو ثلاث، حتى أنه كم طلب منى، برجاء لا يمكن أن اتغاضى عنه، ‏أن لا أخبر الرفاق بحضوره لكسلا، فلا داعى لذلك كما كان يقول ويكرر! والحال ‏كذلك، فقد أقتصرت فترة بقاءه معنا على تمضيتها فى المنزل، يقرأ فى معظم ‏الأوقات أو نكون فى الحوار وفى الحديث العام. يوسف لم يكن غريبا عن المدينة ‏وأهلها، فقد كان يأتيها كثيرا فى مهمات حزبية، وتلك أيضا، أوقاتا كانت تجمعنا ‏معه فنجالسه عندما يفرغ من واجباته الحزبية، لكنه، أتى للمدينة حوالى ثلاث ‏مرات معتقلا فى سجن كسلا العمومى وبقى فيه سنوات عديدة جعلته عارفا ‏بتفاصيل دقيقة عن مبنى السجن وتفاصيل أقسامه كلها وأدارته، وله فيه، حتى ‏يوم رحيله، معارف وصلات ظل حفيا بها وحريصا على استمرارها. وليت العميد ‏سجون عوض حمد، الذى كان مديرا لسجن كسلا وقتذاك، يكتب عن معرفته ‏بيوسف وعن فترات اعتقاله تلك، فلديه الكثير من الصفات النبيلة والمواقف ‏الشجاعة التى رأها وعايشها عند يوسف فى ظروف الإعتقال.

    ‏4: اللقاء الأخير:

    كان ذلك يوم 21/أكتوبر/2017م، حين أتى يوسف مدنى برفقة صديق أبو فواز ‏رئيس (حشد) الوحدوى، ممثلين لقوى الاجماع الوطنى لمخاطبة إحتفالية مدنى ‏بذكرى ثورة أكتوبر المجيدة. وكانت (الميدان) قد قامت بتغطية شاملة للأمسية ‏نشرتها فى حينها. بعد الفراغ من تلك الأمسية، ذهبت برفقتهما إلى منزلى ‏ليقضيا ليلتهما معى. بدأ لى يوسف، تلك الليلة، مثل غطاء مطروح على السرير، ‏نحيلا وضامرا، متعبا، تكاد ترى كم هو متعب ومرهق، لم ينام سريعا، وأحسسته ‏غير راغبا فى الحديث، قال بأنه يود أن يحاول النوم لربما يأتيه، رفض العشاء، ‏ألححت عليه لتناول كوبا من اللبن أو العصير فرفض، ذكر أنه لا يحس به ‏جوعا، فأكتفى بالماء. تلك الليلة، وعند الصباح وأنا أودعهما، ظللت قلقا على ‏صحته، لم أكن مطمئنا بشأن حالته العامة، وكنت سألته أن كان يشكو من شئ، ‏فنفى عنه ذلك وأكتفى بالقول(أنا تمام). لم أراه بعد ذلك، إلا عبر مهاتفات قصيرة ‏جلها تتعلق بعمله الحزبى، وخلالها ظللت، كل مرة، أستفسره عن صحته، فلا ‏يزيد عن أن يجيبنى (تماااام). وبسبب من قلقى، ظللت غير مصدق لهذه ‏ال(تمااام)، لكأنه كان يخفى ما يعلمه عن صحته، ولا يخشى موتا يأتيه فى أى ‏وقت وأن تعددت أسبابه.
    اللقاء الشخصى الأخير بيننا، كان نهار الأثنين 16/7/2018م بمكتبه بالمركز ‏العام للحزب بالخرطوم حين ذهبت إليه برفقة الأستاذ تاج الأصفياء عثمان سعد ‏تلبية لموعد حددناه معه لإقامة حوار معه يحكى فيه عن ذكرياته الحزبية ‏والإنسانية التى سبق وجمعته بالشهيد عبد الخالق محجوب، تلك الذكريات التى ‏سنضمنها محتويات مخطوطة كتابنا الذى نسعى لإصداره عند إكتمال عملنا فيه.
    فى ذلك اللقاء، بدأ لكلينا، التاج وأنا، أنه على قدر عال من الحيوية، فظل يحكى
    بترتيب ودقة عن (ذكرياته) ومواقفه مع الشهيد عبد الخالق. وقتها، لم أشعر أنه ‏يخفى آلاما أو مشاكل صحية عنا، فظل يدلى بشهادته عبر ذاكرة حية متقدة ‏وبتفاصيل دقيقة لكأنها قد حدثت بالأمس. لاحظنا، معا أيضا، أنه كان لطيفا ‏وودودا جدا معنا طوال الساعات الثلاث لوقت اللقاء، ثم أخذنا خارج مكتبه ‏ليقدمنا لمن اخترناهم ليحدثونا عن مآثر الشهيد عبد الخالق. من بعد ذلك اللقاء ‏الهام، لم ألتقيه إلا عبر الهاتف، وكان مخططا أن نلتقى للإعداد لعمل حزبى تحت ‏اشرافه، ظللت أترقب ذلك اللقاء، وذلك العمل، حتى إندلعت شرارات ثورة ‏ديسمبر وتواترت مساراتها صوب الإنتصار وتحقيق أهدافها فى أحد أهم وأعظم ‏شعاراتها(حرية سلام وعدالة). لعله، وقد داهمته العلة، كان يراقب أخبار الثورة ‏من على سرير المرض، مبتسما وبه شيئا غير قليل من الرضا. ترى، هل كان ‏راضيا عن الرحيل فى زمن الثورة وهى فى صيرورة إنتصارها؟

    ‏5: لا نودعه، هذا الإنسان الشيوعى الفريد:

    يوسف حسين،
    دعنى الآن أقول إليك:
    لقد ولدت،
    يوم ولدت...
    خلف واجهة السماء
    أكلت قليلا قليلا،
    ضحكت وحلمت
    عشت مثل الظل تسعى للضوء والضياء
    ثم أريتنا كيف نتغنى بالشمس
    بالشمس كلها،
    تلك التى تتنفس فى كل صدر
    وفى كل العيون
    كم علمتنا كيف نلقى بحزم الظلام إلى النار
    ونحطم أقفال الظلم الصدئة
    ألم تقل:
    الثورة حاضرة
    والثوار حاضرون ومقبلون
    لا يخافون،
    لأنهم واثقون بالشعوب
    وأن الطغاة زائلون.
    ‏... ... ...
    وأنت يارفيقنا لم تمت،
    ‏(وهل يموت من كان يحيا
    ‏ كأن الحياة أبد)

    العزاء لأسرته الصغيرة، لنعمات وسيدة لعطا وأهله، للحزب وللرفاق، لمعارفه ‏وتلاميذه الكثر فى مدرسة الحزب والنضال، وللشعب السودانى الذى وهبه حياته ‏كلها، وستظل تلك الصفحات من سيرة حياته مصانة فى كتاب تاريخنا الوطنى.
    يوسف حسين، كن فى الخلود يا حبيبنا، ومعنا فى الحياة.
    ‎ ‎‏.......
    جابر حسين
                  

07-28-2019, 05:55 PM

عبدالمنعم الطيب حسن
<aعبدالمنعم الطيب حسن
تاريخ التسجيل: 11-15-2012
مجموع المشاركات: 4468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يوسف حسين😭 (Re: عبدالمنعم الطيب حسن)

    يوسف حسين، حياة بكاملها منحها للحزب الشيوعى.
    ‏----------------------------------------

    ‏(للحقيقة وجهان/والثلج أسود)
    ‏ -درويش-

    ‏1: الواقعى.
    فجر الخميس 5/7/2019م، حوالى الرابعة صباحا، رحل عن عالمنا ‏القائد الشيوعى الفذ يوسف حسين محمد الأمين بمستشفى (تقى) ‏بأمدرمان. نعم، فى يوميات حياته كلها، فى تفرغه الكامل لمهام حزبه، ‏فى الإختفاء بوعورته وقسوته، وفى العلن الجهير،جعل الخيالى هو ‏الواقعى الأكيد. 56 عاما من سنوات حياته الخصبة جعلها فى خدمة ‏الحزب، فى خدمة شعبه ووطنه وقضاياهم الجليلة لأجل الحرية ‏والديمقراطية والسلام.
    حياته،كلها، منذورة للمهام والواجبات الحزبية والنضالية، تلك الحياة، ‏هى، جميعها، مكرسة لأجل الحياة، وحياته الشخصية عنده، هى جوهرة ‏فى مكان القلب من ذلك الوعى الذى وجه حياته بكاملها، فكان يقولها:
    نحن لا نعرف دربا غير هذا فى الحياة
    ومضى،
    مثلما يمضى شيوعى لتنفيذ مهمة
    لربما كانت لتوزيع بيان أو جريدة
    ربما كانت قصيدة
    أنها دوما مهمة
    ربما كانت صمودا فى الخنادق
    ربما كانت صعودا للمشانق
    أنها دوما مهمة.

    كان قريبا، ومقربا من الشهيد عبد الخالق محجوب الذى رشحه للتفرغ ‏الحزبى، فكان أن تفرغ تفرغا كاملا منذ العام 1965م، فور تخرجه فى ‏جامعة الخرطوم حيث درس علم الجيلوجيا، متفوقا على دفعته، وحتى ‏رحيله المفاجئ.
    يوسف، برغم ما كان يبدو عليه من صرامة صلبة، كان هينا، مثلما غمام ‏خفيف، عابرا تكاد لا تحس له جلبة بعيد عبوره. لطيفا حين تجالسه ‏وتسامره لحظات سمره القليلة، عندما يكون قد فرغ، بالكاد، من واجباته ‏ومهامه الحزبية (الكثيرة)، وهى، تلك الواجبات والمهام، عادة ما يضعها ‏أعلى سلم مشغولياته، فى أعلى جدول اهتماماته اليومية. وحين يشغل ‏حيزا سكنيا صغيرا يجعله مستقرا له أوقات اختفائه إبان عمله السرى، ‏يكون وجوده لا تكاد تشعر بوطأته تلك الأسر الباسلة التى كانت تستضيفه ‏لبعض الوقت بعيدا عن أعين الأمن التى لطالما طاردته وأحكمت على ‏تحركاته الحصار. فمطالبه، لكى يكون فى الحياة، من مأكل ومشرب، ‏عادة ما يمتنع عن عديدها، فيكتفى بالقليل الذى يقيم الأود، وأما ‏‏(المكيفات) فلم يكن يهتم أو يفكر فيها مطلقا! بالطبع، أن عدم اكتراثه ‏لتناول الغذاء من طعام وشراب فى مواقيتهما، سوف يؤثر، لاحقا، على ‏صحته العامة وطاقاته الحيوية التى، لاشك، أن لها مطلوباتها الموجبة فى ‏استمرار الحياة. هكذا، ولأجل هذا، صرنا نراه (نحيلا) يكاد يشف جلده ‏لترى عظامه! فى ظنى، بدرجة تقارب اليقين عندى، أن أساس علته التى ‏أودت به تعود، بالذات، إلى تلك (الحالة) التى جعلها، بإصرار عنيد، ‏منهاجا فى حياته الخاصة. لا شك، أنه كان يعلم جيدا تلك الحالة التى هو ‏عليها ومآلاتها، يعلمها كذلك رفاقه فى الحزب ومعارفه وأسرته أيضا. ‏وللأسف العميق، أننا جميعنا، لم نتعامل حيالها بمسئولية وحرص وجدية، ‏بالنظر إلى صحته وحياته نفسها، فأخذنا من عطائه وحياته الكثير ‏الخصب ذو القيمة والجدوى، ولم نأبه لتداعى صحته وإعتلال جسده. ‏ترى، هل
    ‏(قصرنا) فى حقه، أم، بالأحرى، فى حق أنفسنا فصرنا نتحمل وزر ‏رحيله المفاجئ عنا؟

    ‏2: فى أوقات المذابح والحصار.

    بعد مذابح الشجرة فى يوليو1971م، حين أعملت المشانق والرصاص ‏ضد قادة الحزب الشيوعى ومناصروه من الديمقراطيين والمستقلين ‏وأنصار الحريات، شرعت أجهزة الأمن والجيش الموالى للسفاح نميرى ‏فى مطاردة كل تلك القوى الحية فى المجتمع، وإكتظت سجون البلاد ‏بالمعتقلين السياسيين، وظللت سماوات السودان ظلام الديكتاتورية ‏الأسود، فأصدرت السلطات منشورات مصحوبة بصور لقادة الحزب ‏مطلوبون أحياء أو أموات، ل : نقد وسليمان حامد والجزولى سعيد ‏ويوسف حسين وغيرهم. كانت المهمة المركزية، ذات الأولوية القصوى ‏فى عمل الحزب وقتها، تأمين قادة الحزب وإعادة تجميع عضوية ‏الحزب، من قاعدته إلى أعلى مستوياتها. فى ذلك الوقت العصيب، كنت ‏أشغل مسكنا صغيرا من (الجالوص) بمنطقة برى الدرايسة، فى مواجهة ‏الفضاء الساحلى الذى يشغله معرض الخرطوم الدولى الآن. يتكون ‏المنزل من صالون وحيد فى مواجهته غرفة صغيرة مكدسة بالأثاث القديم ‏نستعملها كحمام فنستعين عليه ب (طشت وجردل للماء)، أما المرحاض ‏فكان عبارة عن حيز ضيق جدا بحفرة وبلا سقف أو باب! والحال كذلك، ‏كنت قد كلفت بتأمين كل من: سليمان حامد ويوسف حسين والراحل ‏فاروق ذكريا، كل منهم على حده ريثما يتم تأمين مقر أفضل لهم. منذ ‏ثورة أكتوبر 1964م المجيدة، قادت العمل الجماهيرى بمناطق برى ‏‏(القوى الأشتراكية بالبرارى) وبذرت، بوعى وإقتدار، بذور النضال وقيم ‏الثورة الوطنية الديمقراطية فى وعى الجماهير، حتى غدت قوة جماهيرية ‏كبرى فى مسيرة نضال شعبنا، تلك البذور، العفية والحية، تلك الروح ‏الثورية الجسورة، هى التى أتت بالثوار(أسود البرارى) إلى ميدان ‏الإعتصام وإلى صدارة ثورة ديسمبر الراهنة.
    لهذا، فى حمى مقاتل الشيوعيين تلك، ظلت دوريات الأمن المددجة ‏بالسلاح، وبالدبابات والكلاشنكوف والدوشكا تجوب شوارع وأزقة ‏البرارى، على إتساعها وتباعدها، تفتش وتترصد قادة الحزب يوسف ‏حسين ورفاقه، ليلا ونهارا بلا إستثناء. فى ذلك المنزل الفقير الهادئ، ‏المنزوى كوكر القنفذ، وفى فترات الإختفاء القاسية تلك، ظل يوسف، ‏مثلما رفيقاه، سليمان وفاروق، هادئا بصورة مذهلة، يبدو مطمئنا لمآلات ‏الأحداث التى ستلى تلك المجاذر الدموية. يغسل ملابسه ويكويها بنفسه، ‏يستحم ويحلق ذقنه ويمشط شعره القليل غير الكثيف، يعد لنا الشاى ‏والقهوة فيتناول منهما القليل أو غالبا لا يفعل، يقرأ بهدوء ثم يجاذبنا ‏الحديث فى شأن الأحداث وعن شئون ومشاغل الحياة، كم كان يحدثنا ‏عن المرأة فى حياتنا وعن الحب والشعر والأغانى، عن المسرح ‏التاريخى عندنا، وعن تاريخ السودان الحديث، عن الزراعة والتعليم ‏ومناهجه وعن الصحة، عن الثورة الوطنية الديمقراطية وضرورة بناء ‏الحزب والحفاظ على وحدته وتماسكه. لم يكن له من شاغل فى الحياة، ‏كما بدأ لى وقتذاك ومن بعد، إلا الحزب وقضايا الشعب والوطن، يحلم، ‏بقدر سعة الأحلام وتساميها وروعتها، بأن يرى السودان حرا، ديمقراطيا ‏يعمه السلام والحرية، تحت ظلال الدولة المدنية الكفيلة برعاية وصيانة ‏تنوع شعوب السودان. بسبب من تلك القناعة، وذلك اليقين عنده، كان ‏يخرج، تماما مثلما كان يفعل سليمان وفاروق، ليلا ، نظيفا وأنيقا، ‏فيذهب راجلا لأداء واجب حزبى فى أطار خطط الحزب فى تلك المرحلة ‏الخطرة من حياة الحزب، فيعود باسما وراضيا، كمن أتى أمرا جليلا ‏يحوز على وعيه وواجباته، مشرقا بالحياة وبأمل الغد، تلك من مآثر ‏أؤلئك السلالة المبجلة من قادة الحزب. تلك الفترة أيضا، أستطيع أن ‏أقول، بإطمئنان وثقة، أننى قد لامست قلبه النبيل الرقيق، مما شجعنى ‏لأن أخوض معه فى الأحاديث الشخصية جدا التى لا يستطيع العديدون ‏من رفاقه أن يحادثونه بشأنها. فإنكسرت أمامى، وفى تعاملى معه من ‏بعد، تلك الصرامة، ولربما تلك(الغلظة) التى تبدو عليه فى تصور ‏عديدون عنه. كان، على قول إدريس جماع( هينا، تستخفه بسمة ‏الطفل...)، وليوسف قصة لطيفة مع الأطفال الذين يصادفهم فى مساره ‏الثورى، لكأنه يرى فى ملامحهم صورة السودان الجديد، مستقبل الوطن، ‏سلامه وحريته وديمقراطيته، تلك الملامح التى رأها يوما توفيق زياد فى ‏عيون الجزولى سعيد وهما، معا، على ضفاف الفولجا:

    ‏(إنني أذكر "عثمان" صديقي‎
    مرة عند رصيف النهر في موسكو،‎
    تنزهنا سوية‎ ...
    ووقفنا فجأة عند سياج،‎
    صدمتنا طفلة كالمرمر المصقول‎
    تصطاد فراشة‎ ...
    فإذا "عثمان" يبكي أو يكاد‎
    إنني أذكر ما قاله آخر جملة،‎
    قال لي:" أسمع‎ ...
    إنني أعطي حياتي كلها‎...
    حتي أري السودان يبني من جديد‎ ‎‏!)‏‎...
    ‎... ... ...
    صوته كان‎
    عميقا‎
    وجريحا‎
    وسعيد‎ ‎‏)...

    لربما، تتمكن يوما، الأستاذة نعمات أحمد أن تكتب عن الأطفال فى حياة يوسف، ‏ستزيل تلك الكتابة لا شك، قدرا كثيرا عن صورة (الصرامة) التى يقولها البعض ‏عنه دون أن يعايشونه عن قرب، لربما.

    ‏3: عن عائلياته وشئونه الشخصية:

    صحيج، ظل يوسف طوال حياته، يبتعد، بتصميم لا ينفد، عن الحديث عن ‏عائلياته وشئونه الشخصية، فيسمح، فقط، بالحديث عن حياته الحزبية فى ‏عمومياتها، وفى مسيرة نضاله فيما يتعلق بها بالشأن العام. فى لحظات وبرهات ‏قليلة من عمره، كان يتناول، بتحفظ مقصود، شئونه الشخصية، وجعل ذلك لدى ‏من إعتبرهم خلصاء وأحباب، سواء فى الوسط الحزبى أو من معارفه لدى أهله. ‏وبرغم هذا(التحفظ المقصود) فقد ظلل محبوبا لكل من عرفه وعايشه ومحل ‏تقدير واعجاب بسبب من سيرة حياته الفقيرة. كثيرون من رفاقه عدوه(راهبا) ‏متبتلا فى محراب الحزب العلمانى، و(زاهدا) مثلما زهادة المتصوفة فى الحياة. ‏وكلاهما، لم يجانبا الصواب فيما يخصه، فلديه غير قليل من تلك الصفات. ومن ‏المعلوم، أن لدى صاحب تلك الصفات شيئا من اللطف والرقة وإستحسان البهجة ‏والفرح فى مواضعهما.
    فى العهد الديمقراطى الثانى، حوالى العام1987م، بعد الإنتفاضة، كنت، وقتذاك، ‏بكسلا، حين هاتفنى ليخبرنى بأنه قد تزوج، هكذا دون أن أعلم أو أشاركه فرحه، ‏وأنه قادم لكسلا لتمضية (شهر العسل) معى! سعدت بقراره هذا، وكنت أعلم أنه ‏لن يقدم على الزواج إلا فى الديمقراطية، ولكنى، لدواعى أعلمها عنده أنه لن ‏يجعل من طقوس زواجه، أن تكون مهرجانا كبيرا تحفه مظاهر الترف غير ‏المحمود حسب رؤيته وقناعاته، فذلك شأنا خاصا لا يجوز أن يكون شاغلا ‏للناس! تزوج يوسف من الأساذة نعمات أحمد حسن العطا، أبنة أبن أخت الشهيد ‏هاشم العطا، وأنجبا، لاحقا إبنتهما الوحيدة (سيدة). قضوا معنا نحو أسبوع ‏بمنزلنا بحى العمال بكسلا. تلك الفترة، كانت، هى أيضا، التى أتاحت لى قربا ‏حميما منه، من قلبه وروحه ورؤاه. كنت أجالسه ساعات عديدة نكاد لا نكف ‏فيها عن الحديث، حديثا لطيفا وعميقا فى كل شئ تقريبا، حد أن أكرر عليه ‏كثيرا، بإلحاح مستمر، أن يذهب عنى لعروسه، لكنه كان يصرفنى عن ذلك ‏بتغيير وجهة الحديث إلى ما هو أهم، إلى الشأن العام وشئون الحزب. كنت أحس ‏أنه سعيدا بزواجه، فقد استطاع، أخيرا، أن يفرغ من تلك (المهمة) التى، وذلك ‏كان ظنه، من شأنها أن تعوق مسار نضاله الذى هو مسار حياته نفسها. لربما ‏بسبب من ذلك كله كان يرفض اقتراحاتى عليهما أن نذهب فى جولة بالعربة إلى ‏السواقى وبعضا من منتزهات كسلا، فكان يرفض متعللا بأنه لا داعى لكل ذلك، ‏فعلناها مرتين أو ثلاث، حتى أنه كم طلب منى، برجاء لا يمكن أن اتغاضى عنه، ‏أن لا أخبر الرفاق بحضوره لكسلا، فلا داعى لذلك كما كان يقول ويكرر! والحال ‏كذلك، فقد أقتصرت فترة بقاءه معنا على تمضيتها فى المنزل، يقرأ فى معظم ‏الأوقات أو نكون فى الحوار وفى الحديث العام. يوسف لم يكن غريبا عن المدينة ‏وأهلها، فقد كان يأتيها كثيرا فى مهمات حزبية، وتلك أيضا، أوقاتا كانت تجمعنا ‏معه فنجالسه عندما يفرغ من واجباته الحزبية، لكنه، أتى للمدينة حوالى ثلاث ‏مرات معتقلا فى سجن كسلا العمومى وبقى فيه سنوات عديدة جعلته عارفا ‏بتفاصيل دقيقة عن مبنى السجن وتفاصيل أقسامه كلها وأدارته، وله فيه، حتى ‏يوم رحيله، معارف وصلات ظل حفيا بها وحريصا على استمرارها. وليت العميد ‏سجون عوض حمد، الذى كان مديرا لسجن كسلا وقتذاك، يكتب عن معرفته ‏بيوسف وعن فترات اعتقاله تلك، فلديه الكثير من الصفات النبيلة والمواقف ‏الشجاعة التى رأها وعايشها عند يوسف فى ظروف الإعتقال.

    ‏4: اللقاء الأخير:

    كان ذلك يوم 21/أكتوبر/2017م، حين أتى يوسف مدنى برفقة صديق أبو فواز ‏رئيس (حشد) الوحدوى، ممثلين لقوى الاجماع الوطنى لمخاطبة إحتفالية مدنى ‏بذكرى ثورة أكتوبر المجيدة. وكانت (الميدان) قد قامت بتغطية شاملة للأمسية ‏نشرتها فى حينها. بعد الفراغ من تلك الأمسية، ذهبت برفقتهما إلى منزلى ‏ليقضيا ليلتهما معى. بدأ لى يوسف، تلك الليلة، مثل غطاء مطروح على السرير، ‏نحيلا وضامرا، متعبا، تكاد ترى كم هو متعب ومرهق، لم ينام سريعا، وأحسسته ‏غير راغبا فى الحديث، قال بأنه يود أن يحاول النوم لربما يأتيه، رفض العشاء، ‏ألححت عليه لتناول كوبا من اللبن أو العصير فرفض، ذكر أنه لا يحس به ‏جوعا، فأكتفى بالماء. تلك الليلة، وعند الصباح وأنا أودعهما، ظللت قلقا على ‏صحته، لم أكن مطمئنا بشأن حالته العامة، وكنت سألته أن كان يشكو من شئ، ‏فنفى عنه ذلك وأكتفى بالقول(أنا تمام). لم أراه بعد ذلك، إلا عبر مهاتفات قصيرة ‏جلها تتعلق بعمله الحزبى، وخلالها ظللت، كل مرة، أستفسره عن صحته، فلا ‏يزيد عن أن يجيبنى (تماااام). وبسبب من قلقى، ظللت غير مصدق لهذه ‏ال(تمااام)، لكأنه كان يخفى ما يعلمه عن صحته، ولا يخشى موتا يأتيه فى أى ‏وقت وأن تعددت أسبابه.
    اللقاء الشخصى الأخير بيننا، كان نهار الأثنين 16/7/2018م بمكتبه بالمركز ‏العام للحزب بالخرطوم حين ذهبت إليه برفقة الأستاذ تاج الأصفياء عثمان سعد ‏تلبية لموعد حددناه معه لإقامة حوار معه يحكى فيه عن ذكرياته الحزبية ‏والإنسانية التى سبق وجمعته بالشهيد عبد الخالق محجوب، تلك الذكريات التى ‏سنضمنها محتويات مخطوطة كتابنا الذى نسعى لإصداره عند إكتمال عملنا فيه.
    فى ذلك اللقاء، بدأ لكلينا، التاج وأنا، أنه على قدر عال من الحيوية، فظل يحكى
    بترتيب ودقة عن (ذكرياته) ومواقفه مع الشهيد عبد الخالق. وقتها، لم أشعر أنه ‏يخفى آلاما أو مشاكل صحية عنا، فظل يدلى بشهادته عبر ذاكرة حية متقدة ‏وبتفاصيل دقيقة لكأنها قد حدثت بالأمس. لاحظنا، معا أيضا، أنه كان لطيفا ‏وودودا جدا معنا طوال الساعات الثلاث لوقت اللقاء، ثم أخذنا خارج مكتبه ‏ليقدمنا لمن اخترناهم ليحدثونا عن مآثر الشهيد عبد الخالق. من بعد ذلك اللقاء ‏الهام، لم ألتقيه إلا عبر الهاتف، وكان مخططا أن نلتقى للإعداد لعمل حزبى تحت ‏اشرافه، ظللت أترقب ذلك اللقاء، وذلك العمل، حتى إندلعت شرارات ثورة ‏ديسمبر وتواترت مساراتها صوب الإنتصار وتحقيق أهدافها فى أحد أهم وأعظم ‏شعاراتها(حرية سلام وعدالة). لعله، وقد داهمته العلة، كان يراقب أخبار الثورة ‏من على سرير المرض، مبتسما وبه شيئا غير قليل من الرضا. ترى، هل كان ‏راضيا عن الرحيل فى زمن الثورة وهى فى صيرورة إنتصارها؟

    ‏5: لا نودعه، هذا الإنسان الشيوعى الفريد:

    يوسف حسين،
    دعنى الآن أقول إليك:
    لقد ولدت،
    يوم ولدت...
    خلف واجهة السماء
    أكلت قليلا قليلا،
    ضحكت وحلمت
    عشت مثل الظل تسعى للضوء والضياء
    ثم أريتنا كيف نتغنى بالشمس
    بالشمس كلها،
    تلك التى تتنفس فى كل صدر
    وفى كل العيون
    كم علمتنا كيف نلقى بحزم الظلام إلى النار
    ونحطم أقفال الظلم الصدئة
    ألم تقل:
    الثورة حاضرة
    والثوار حاضرون ومقبلون
    لا يخافون،
    لأنهم واثقون بالشعوب
    وأن الطغاة زائلون.
    ‏... ... ...
    وأنت يارفيقنا لم تمت،
    ‏(وهل يموت من كان يحيا
    ‏ كأن الحياة أبد)

    العزاء لأسرته الصغيرة، لنعمات وسيدة لعطا وأهله، للحزب وللرفاق، لمعارفه ‏وتلاميذه الكثر فى مدرسة الحزب والنضال، وللشعب السودانى الذى وهبه حياته ‏كلها، وستظل تلك الصفحات من سيرة حياته مصانة فى كتاب تاريخنا الوطنى.
    يوسف حسين، كن فى الخلود يا حبيبنا، ومعنا فى الحياة.
    ‎ ‎‏.......
    جابر حسين
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de