08:41 PM March, 24 2019 سودانيز اون لاين انور الطيب- على مرمى حجر من النيل مكتبتى رابط مختصر
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});علمت أن هنالك خيطا أفرد للأخ عمر عبد الله إدريس في سودانيز أونلاين فشكرا للكاتب، ولم أشأ التعقيب في الخيط المفرد وأفردت خيطا منفردا عن قصد وهو إستدراج أبناء دفعته وزملائه بكلية العلوم للكتابة عن مآثر هذا الرجل الفريد ..في ثمانينيات القرن الفائت وعلى أروقة كلية العلوم وفسحاتها التي تمتلئ بالخضرة والسماح إلتقينا مع الأخ الفاضل عمر عبد الله إدريس. شاب فارع الطول ، نحيف الجسم ، كثيف الشعر بعض الشيء إذا حدثك أرغمك على الإستماع إليه وإذا تحدثت أنصت إليك حتى تتمنى أن يقاطعك ، رجل واضح وضوح الشمس ، شفاف كأكسجين حضر في معامل الكيمياء غير العضوية تحت إشراف دكتور النجومي. جاءنا عمر من العراق بعد أن قارب التخرج من كلية الزراعة ولكن كما حكى لنا على نجيلة البركس شمال داخلية السوباط وجنوب داخلية النيل الأزرق حيث كنا نحتسي أكوابا من شاي اللبن " المقنن" ونتسامر بعد يوم عصيب في كلية العلوم. دون مقدمات قال عمر : كان في قاعة الدرس وإذا بمجموعة تناديه من القاعة وتصحبه في عربة عسكرية معصوب العينين إلى معتقلات عدة وهم جمع ليس بالكثير من الطلبة السودانيين ذوي الميول اليسارية في العراق ، كان لكل معتقل طريقة خاصة في التعذيب ، أسهلها ملابس يتحسس منها الجسم وتظل تهرش جلدك طول الليل وأصعبها كهرباء على الأعضاء التناسلية يغمى بعدها الشخص ولا يحس بتعذيب. تفنن الأمن العراقي في تعذيب المجموعة المطرودة ويبدو أن عددهم لم يكن بالعدد الكبير ربما لم يتجاوزوا العشرة أوعلى الأقل المجموعة التي رميت على الحدود العراقية الأردنية لتموت ولكن لطف الله أنقذهم بمجموعة أردنية أنقذتهم وبعدها إلى سفارة السودان دون وثائق ومن ثم إلى الخرطوم. كان عمر قارئا ممتازا ومحبا للمعرفة وخطاطا ماهرا ورجل حساس ، كان وقتها عضو نشط في الجبهة الديمقراطية وذات يوم من أيام إمتحانات الكلية قال لي دعواتك يا أنور ودون قصد مني قلت له : " كويس إنك عرفت الله " فرد لي بكل قوة أنه يعرف الله لا كما أظن وتحسست بعضها تحسسا شديدا من عدم إنتباهي لكلامي واعتذرت له بعدها واستمرت علاقتنا على أجمل ما يكون .. ولكنها كانت درسا لي لن أنساه وهو أن لا أحكم على أحد بقربه من الله أوبعده بإنتماء سياسي أو عقائدي فالله هو من يعلم مافي القلوب.كانت الداخليات وقتها مجهزة بكل شي وأذكر أنه كان كريما فاضلا ولكنه كان يحب أن يكون له خصوصية ولا يحب أن يخترقها أحد وذات يوم كان مستعجلا لدخول الحمام وبشكيره على كتفه ومعجونه وفرشاته على يده اليمنى وصابونته على يده اليسرى ، جاء أحدهم فاستعار صابونته وآخر قاسمه معجونه وآخر طلب استخدام نعليه لدخول الحمام ولم يرفض ولكن همس لي في أذني هل هنالك إشتراكية أكثر من تلك التي بداخليات كلية العلوم ، ولو علم منظروا الإشتراكية في ما يفعل الطلاب في السودان لتركوا التنظير فيها وضحكنا سويا وتناسينا ما حدث ..وأذكر في مرة من المرات رغم مناصرة الأخ عمر للجبهة الديمقراطية بشدة إلا أن الإتجاه الإسلامي فاز فوزا كاسحا فقابلته وتوقعت منه إنتقادا لاذعا للعملية الإنتخابية ولكنه قال لي أنه يحترم خيار الطلاب طالما ارتضينا الإنتخابات فيصلا بيننا ... لا أظن أن شخصا شكا من عمر أو تظلم منه طيلة تواجدنا بكلية العلوم .. بعدها تفرقت بنا السبل وسألت عنه أكثر من مرة وعرفت أنه استقر بالأبيض ولكن لم أتوفق في مقابلته ولكن عرفت أنه عاني ما عانى من المرض كما أنه أصبح أكثر قربا لله كما وصلني وربما كان قريبا كل الوقت ونحن لا ندري فالقلوب بين يدي الرحمن يقلبها كما يشاء .. إن كان من جملة واحدة أصف بها الأخ الفاضل عمر عبد الله إدريس فأستطيع أن أقول أنه رجل صاحب خلق رفيع يختلف معك بأدب ويحدثك بأدب ويودعك بأدب ، ألا رحم الله الأخ عمر عبد الله إدريس وأسكنه فسيح جناته . أنتهز هذه الفرصة أن أعزي أهله وزملائه ورفقاء دربه وأبناء دفعته بالخصوص وأدعوهم للكتابة عنه والترحم عليه ...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة