"يا ليتَهُم"، وبنفسِ براعة تخلُّصهم من عيوب اللَّحن، تخلَّصوا من لحنِ القول الوحيد في أدائهمُ الغنائيِّ الرَّائع
أوَّلاً: نُريدُ أن نُعبِّرَ عن غبطتنا بهذا النَّشيد العظيم، الذي اختار له الشَّاعرُ عنوان "يا ليتهم"؛ ونُريدُ أن ننقلَ إلى فريق الأداء الموسيقي، وعلى رأسه الأستاذة نانسي عجاج، إعجابنا وإعزازنا وفرطَ سعادتِنا بهذه الأغنية الوطنية التي جاءت في وقتِها تماماً؛ ونُريدُ أن نُبلِغَهم بأنَّنا انتشينا، وغُمِرنا بفيضٍ دفَّاقٍ من روحٍ وطنيَّة تربطنا بجذورٍ ضاربة في عمقِ تاريخنا. ثانياً: نودُّ أن ننفُذَ مباشرةً إلى ما عنيناه بلحنِ القول، وهو الخطأ النَّحويُّ الوحيد في هذه القصيدة التي جاءت مُبرأةً من كسرِ الوزن، وخاليةً - ما عداهُ - من أيِّ خرقٍ آخرَ لقواعدِ النَّحو المعروفة؛ فقد جاء في بيتٍ سليمِ الوزنِ قولُ شاعرنا: "أحيتِ النِّيرانُ من سنَّارَ فينا (صِلاتاً) بالتَّآلفِ مستمِرَّة" وغنيٌّ عن القول إنَّ جمع المؤنَّث السَّالم، كما في (صِلاتاً)، يُنصَبُ ويُجَرُّ بالكسرة؛ وعليهِ، يكونُ النَّصبُ بالفتحةِ في هذه الحالةِ خطأً نحويَّاً بيِّناً؛ وكان يُمكِنُ تقبُّلُهُ للضَّرورةِ الشِّعريَّة، إلَّا أنَّ البيتَ سليمُ الوزنِ - خفضاً، ورفعاً، ونصبا - ممَّا تنتفي معه الضَّرورة، ويُصبِحُ الخطأُ تزيُّداً لا مُسوِّغَ له، إذ تستدعي الفتحةُ قبل التَّنوينِ ألفاً زائدة تأتي مع النَّصب. ثالثاً: نرغبُ صادقين في الإشادة بتدشينِ آليَّةٍ للتَّدقيقِ النَّحويِّ وإبرازِها في شريط الفيديو لتكونَ مَلمَحاً ثابتاً يستصحِبُ الأغانيَ المكتوبة بالفُصحى؛ ونُشِيدُ بوجهٍ خاصٍّ بالأستاذة هادية هجو، لما بذلته من جهدٍ في مهمَّةِ التَّصويبِ النَّحوي؛ ونقول لها إنَّ الخطأ الذي ارتُكِبَ إنْ لم يكُن سهواً، فهو من أمراضِ التَّسنين التي تُرافِقُ بالضَّرورةِ كلَّ استحداثٍ أو إدخالٍ ضروريٍّ لأيِّ آليَّةٍ جديدة؛ على أملِ التَّخلُّص تماماً، في المرَّاتِ القادماتِ، من أيِّ لحنٍ في القول، حتَّى تسري الألحانُ شفيفاً إلى أُذُنِ المستمع، من غيرِ كَدَرٍ أو تشويش. رابعاً: على ذكرِ المرَّاتِ القادمات، نرجو إلى جانبِ التَّخلُّصِ من لحنِ القول أن يتفادى النُّسخُ الجديدةُ من التَّسجيلاتِ المسموعة والمرئية لهذه الأغنية الوطنيَّة الرَّائعة الهنَّاتِ التَّالية: ١. كتابة اسم صاحب الكلمات، فيصل عبد الحليم، ومبدعةِ اللَّحن والأداء، نانسي عجاج، في نفسِ الكادر وبخطٍّ أصغرَ من بقيَّةِ مُنتِجي الشَّريط، الذين تفرَّد كلُّ واحدٍ منهم بخطٍّ أكبر، وفي كادرٍ منفصل. ٢. خلو الخلفيَّة الصَّحراوية لشريط الفيديو من أسبابِ نشوءِ الحضارات القديمة (تا-سيتي والمقرَّة، إضافةً إلى كرمة ومروي والشِّهيناب) ومنتجاتِها - وهي النِّيلُ؛ ورافعاتُ المياه (سَواقٍ وشواديفُ)، وصهرُ الحديد، والأهراماتُ والمدافن، والأواني الفخَّاريَّة، والكتابة (كما في شِعارِ "اتِّحاد الكتَّاب السُّودانيِّين")؛ بحيثُ أصبح الغيابُ، مع تأكيدِ حضورِ الجملِ، رمزِ الصَّحراءِ المعروف، إشارةً إلى تلك النَّزعةِ الرُّومانسيَّة في رمزِيَّةِ "الغابةِ والصَّحراء"، التي غاب فيها النِّيلُ بالفعل، مثلما تلاشتِ الغابةُ لاحقاً بانفصالِ الجنوب (أو استقلالِه). ٣. صِغَرُ حجمِ الخطِّ الذي كُتِبت به كلماتُ القصيدة على الشَّريطِ تُوحِي بتخصيصِ الخِطابِ إلى الشَّبابِ ذوي البَصَرِ الحاد (والبَصِيرةِ النَّافذة التي أهلَّتهم لقيادةِ الحِراك الذي ألهمَ الأغنية في الأساس)، إلَّا أنَّ مِنْ حسناتِ ثورتهم أنَّها تضمُّ كلَّ ألوانِ الطَّيف، ولا تُقصي أحداً؛ فرحمةً بِمَنْ هُم فوقَ سنِّ الأربعين (التي تستوجبُ كشفُ النَّظر)، نتوقَّعُ تكبيرَ الخطِّ في النُّسخِ المقبلة. خامساً: نتمنَّى - تعزيزاً للحِراك واحتفالاً بنجاحِه، بإذنِ الله - إخراجَ هذا النَّشيدِ الوطنيِّ في نسخةٍ ملحميَّة، يشتركُ فيها كورالٌ مكوَّنٌ من تسعةَ عشرَ شابَّاً، وتسعَ عشرةَ شابَّةً (إشارةً إلى نجاح ثورة ١٩ ديسمبر)؛ إضافةً إلى ثلاثةِ مُغنِّين ومُغنِّياتٍ على الأقل، إلى جانب الأستاذة نانسي؛ فقد استعانَ من قبلُ الأستاذ محمَّد الأمين بخليل إسماعيل، وأم بلِّينة السَّنوسي، وبهاء الدِّين عبد الرَّحمن أبو شلَّة، وعثمان مصطفى؛ فكانت ملحمةً رائعة، نرجو أن تتفوَّقَ هذه النُّسخةُ المأمولةُ عليها، مثلما تفوَّقَ ديسمبرُ على أكتوبرَ وأبريلَ في عُمقِ الطَّرح، وتنوُّع الحِراك، وشموليَّة التَّمثيل.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة