|
Re: رد أستاذي فيصل محمدصالح علي ضياءالدين بل� (Re: زهير عثمان حمد)
|
مقال ضياء الدين
حذاء على الرؤوس!
ضياء الدين بلال
-1-
أذكر في مُنتصف التسعينيات، كنتُ أؤدِّي صلاة الظهر بأحد المساجد الأمدرمانية، وعقب الصلاة تم القبض على لصٍّ قام بسرقة حذاء.
تكالب المصلون على اللص بالتوبيخ، وبعضهم اعتدى عليه بالضرب المُخفَّف. تطرَّف أحدهم وخلع حذاءه الثقيل لضرب اللص على رأسه. كانت المفاجأة بالنسبة لي، أن المُصلِّين تركوا اللص وتوجهوا بغضبهم لصاحب الحذاء المرفوع، لإسرافه في العقاب.
استغلَّ اللص انشغال الناس بلؤم صاحب الحذاء وحصاره بالمواعظ، فولَّى اللص هارباً من بين أيدي المُصلِّين.
المُصلُّون في ذلك المسجد يمتلكون مقياس عدل فطري، يُحدِّد لهم نوع الذنب ومدى العقوبة، ويُشير إلى أن الظُّلم كتجاوز أعظم من السرقة كسلوك شاذ.
-2-
إذا دخلتَ في مشاجرة مع أي شخص في حضور آخرين، وأسرفتَ في الإساءة إليه، سرعان ما ينقلب عليك الحاضرون، مُنحازين للطرف المُسَاءِ إليه حتى لو كنتَ صاحب حق.
قلت لبعض الأصدقاء: المزاج السوداني العام، مُناهضٌ للتطرُّف في المواقف والتعبير عنها، ومُناهضٌ للظلم والجور بالأفعال والأقوال، وله حساسيَّةٌ عاليةٌ في التقاط عدوى الاستفزاز والإساءة.
حينما تُوجَّه إساءةٌ أو اتِّهامٌ لفئة حصرية بين مجموعة كُليَّة يجمع بينها فعلٌ أو موقفٌ أو مشاعر مُشتركة، فإن الإساءة أو الاتهام يصل إلى بريد الجميع، فتشتعل نوبات العطاس.3-
أكثر ما يُميِّز رئيس الوزراء معتز موسى من بين مزايا عدَّة، أنك لا تجد في قاموسه التعبيري كلماتٍ جارحة أو مُسيئة لمُخالفيه أو صادمة لمُستمعيه. هو عادةً ما يميل للجدال بالحسنى والمنطق، وبناء الحجج والبراهين واحترام من يُخالفه الرأي أو يُغايره في الموقف.
في مُلتقى الصحفيين الذي نظَّمته صحيفة (السوداني) أمس الأول، تعرَّض معتز موسى لهجومٍ ضَارٍ من عدد من الصحفيين والكُتَّاب.
رئيس الوزراء تعامل مع كُلِّ ما قيل بصدر مُنشرح وذهن مفتوح، فلم يرد على الكلمة بمثلها حدَّةً وخشونة، أو يُقطِّب جبينه في وجه مُحدِّثيه.
لم يُخوِّن المحتجين أو ينسبهم للحزب الشيوعي وحركة عبد الواحد، بل قال إن جوهر الاحتجاجات وجود آراء مُختلفة ومطلوبات مشروعة، وشبابٌ لهم تطلعات يُعبِّرون عنها يجب الاستماع إليها باحترام.
رغم أن غالب المُداخلات كانت ساخنة؛ لكن حينما انتهى مُعتز من حديثه والتعقيب عليها وجد التصفيق من الجميع مُخالفيه قبلَ مُؤيِّديه.
-4-
مع استمرار الاحتجاجات وما يترتَّب عليها من قتلٍ وسفك دماء وإهدار إمكانيات الدولة، ساد خطاب الكراهية وتصالح كثيرون مع البذاءات وصعد آخرون إلى أسفل المدينة.
لغة الخطاب السياسي أصبحت حامضةً ولاذعةً، تنحو إلى الفصال والمُقاطعة وأبلسة الخصوم ونفي الآخر.
حدَّة الاستقطاب السياسي واستخدام خطاب عدواني مُتوحِّش تجاه المخالفين أو المعارضين؛ لن يحقق فائدة للوطن، بل يُلحق به كثيراً من الأذى، ويُفاقم كثيراً من المرارات.
أي إساءة متجاوزة أو تحدٍّ مُستفز، في مرات عدَّة، ينحرف عن مساره ليُصيب قطاعات واسعة من الجماهير؟!
-5-
صورة أو مقطع صوتي أو مادة مكتوبة مُتداولة عبر الشبكة العنكبوتية، قد تصنع كارثةً أو تُسهم في تشكُّل رأيٍ عامٍ سالبٍ بفاعلية وانتشار لا تُحقِّقه وسائل الإعلام القديم.
خطاب الكراهية أشعل حروب الإبادة في روندا، ومعارك السواطير والسيوف في كينيا 2007، ولم تُشْفَ من غلوائه العراق وليبيا وسوريا واليمن إلى اليوم.
الحرب أولها كلام، والكارثة قد تأتي على ظهر كلمة جارحة. وحينما تبدأ لغة البارود تفقد الكلمات معانيها والأفكار جدواها، ويُسيطر على المشهد المُتطرِّفون والموتورون والغوغائيُّون.
تُصبح الحكمة جبناً، والاعتدال ميوعةً والموضوعية بضاعةً مُزجاة، ويُفتح باب المزايدات على مصراعيه. الأكثر تطرُّفاً هو الأعلى قيمة، والأشد بذاءةً هو الأجدر بنواط الشجاعة!
نحن في حاجة لقاموس سياسي جديد، تتَّسع فيه مساحة التسامح، وتتراجع لغة الاستفزاز والاستعلاء.
وترسم على ملعبه الفوارق بين النقد والتجريح، وبين التحدي والاستفزاز. -أخيراً- لكُلِّ طرفٍ حاكم أو مُعارِض، أن يتمسَّك بموقفه السياسي، بكُلِّ قوة ووضوح، ولكن الواجب عليه التعبير عن هذه المواقف دون الإساءة للآخرين أو مُحاولة ضربهم بالأحذية على الرؤوس!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد أستاذي فيصل محمدصالح علي ضياءالدين بل� (Re: زهير عثمان حمد)
|
شكر يا زهير لهذا النقل الحصيف والشكر للاستاذ فيصل محمد صالح لرصانته وسلامه توقيته فى مقال ضياء تطل مارى انطوانيت تقف فى شرفتها تصاحبها الدهشه مرسله اقتراحها الشهير عبر القرون وكذلك يطل ( مسح جوخ) لوزير ضللته الإقامه فى بلاد الفرنجه فظن ان الحضاره والعداله تعنى التجوال بين الناس ومشاركتهم فى فيسبوك تحول إلى رئه شعب مخنوق ممنوع بأسم نظام يجلس المعز فى اعلى هرمه اشبه ما يكون برئيس وزراء فى حكومه ظل رسميه ضياء يكتب فى اسؤ فترات القمع وإنتهاك حريه التعبير ب القتل والإغتصاب منزعجا لغلاظه رد فعل المحاورين ومعجبا ب نبل معتز ولطافه خطابه افضل من معتز عندى صاحب كتائب الظل الواضح فى بشاعته وسقوط إنسانيته معتز يبنى مجده الشخصى بمظهريه سرابيه تجاوزها وعى الشعب وبهر بها ضياء ولا ضياء خارج الاسم......
فى معرض دفاعه ضعيف الاركان يمدح ضياء الوزير بعدم تخوين المحتجين او بنسبهم للحزب الشيوعى وحركه عبدالواحد ؟ لن اعلق على التهمه سوا على اصحابها او المستشهد بها واتمنى ان يتدارك ضياء فداحه استدلاله سؤالى فقط هل وجد ضياء سعه زمانيه وحس صحفى مهموم باحوال الناس ليسأل اصحاب السلطان عن الإحتجاج الشرعى كما يرونه ويسمحون به
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد أستاذي فيصل محمدصالح علي ضياءالدين بل� (Re: Abdelrahim Mohmed Salih)
|
ضياء الدين بلال 3 hrs · دم أستاذ الخير!
ضياء الدين بلال
-1-
لا أختلف مع أحدٍ في أن ثقافة الكراهية تُرسِّخها في المجتمعات وتشعل جذوتها الأفعال قبل الأقوال.
وقد تكون الأقوال المُلوَّثة التي تحمل جرثومة الكراهية، انتقلت إليها العدوى من الأفعال.
في الأيام الأولى للاحتجاجات، كتبتُ في هذه المساحة:
إذا لجأت الحكومة إلى توسيع دائرة العنف، قد تتراجع الاحتجاجات، ولكن ستخسر كثيراً على المستوى السياسي والاجتماعي معاً.
ستنخفض شعبيَّتها السياسية إلى أدنى مستوى لها، بتحويل المُوالين في الغالب إلى محايدين، وتحويل المحايدين إلى أعداء.
وعلى المستوى الاجتماعي، ستكون وفَّرت لخصومها حاضنة اجتماعية واسعة، وقاعدة انتخابية مُضادَّة في السنوات القادمة.
وقتذاك، لم أكن أتصوَّر أن يجد كثيرٌ من رموز الحكومة وأنصارها أنفسهم في حاجة مُلحَّة لخوض معركة الدفاع عن مشروع دولتهم من داخل منازلهم!
-2-
مع ثورة الاتصال والمعلومات، لم يعد بالإمكان أن تمرَّ الأخطاء والتجاوزات في الحياة العامة، دون مُتابعة ومُراقبة اجتماعية، وتسديد فواتير سياسية عاجلاً أو آجلاً.
مع ثورة الاتصال والمعلومات، لن تستطيع أُسرة أن تتحكَّم في خيارات أبنائها، وتُحدِّد لهم مساحات الحركة والتفاعل ومعالم المواقف، من يناصرون ومن يعادون!
مع ثورة الاتصال والمعلومات، انهارت حواجز الجغرافيا، واهتزَّت ثوابت التاريخ وتآكلت الفرضيات القديمة، وغدت المسافة صفريَّةً بين ما يحدث بخشم القربة وجبال الهملايا.
كُلُّ من يتجاهل هذه الحقائق بالانكفاء على الماضي أو التغاضي عن الحاضر، سيجد نفسه خارج مسرح الحياة، يجرفه اليَمُّ وتبتلعه الصحراء. -3
تعدَّدت الروايات الرسمية، واختلفت الحيثيَّات الحكومية والأُسَرية وشهود العيان وتقرير الطب الشرعي، ولكن الحقيقة التي لا جدال حولها، أن ما حدث للمُعلِّم الخير عوض الكريم بخشم القربة، يُعتبر بكُلِّ المقاييس فعلاً إجرامياً مُكتملَ الأركان.
طوال الاحتجاجات الجارية وقائمة الضحايا التي قاربت الخمسين شاباً، لم يهتز وجدان المجتمع السوداني بمُختلف أطيافه، لحدث مثل مقتل المعلم الخير.
نعم، كُلُّ الأرواح سواء من حيث الحرمة والقيمة الإنسانية، لكنَّ ما حدث للمعلم الخير، يبلغ بالفجيعة مداها.
أن يكون الضحية معلماً ومربياً للأجيال، في ذلك رمزية مُتجاوزة لأسوار السياسة وفواصل الأعمار.
وأن يلقى معلم ربه على ذلك النحو العبثي، ذاك يقتضي أن يصرخ الجميع في أذن الحكومة لعلها لتدرك عمق الأزمة.
-4-
نعم، طلب وزير العدل تقارير وفاة الخير، وكوَّن جهاز الأمن لجنة تحقيق برئاسة فريق، وتحرَّكت لجنة بالبرلمان لاستكشاف الوقائع.
كُلُّ ذلك، لن يُخفِّف وقْع ما حدث ما لم تكن النهاية تقديم من ارتكب تلك الجريمة البشعة إلى مُحاكمة عادلة ونزيهة.
لا الخير وحده، بل جميع ضحايا التظاهرات السلمية، لا بدَّ من تحديد مسؤولية القتل، من أطلق الرصاص ومن أمر؟!!
لا أعرف ما الخطر الذي كان سيُشكِّله على أمن واستقرار الدولة معلم بسيط بخشم القربة، يُنفق عمره وصحته ما بين الطبشورة والسبورة، لم يرفع سلاحاً في وجه أحد، ولم يشعل حريقاً؟!
-5-
الخطأ الأكبر الذي ظَلَّتْ تقع فيه الحكومة، أن تجاوزات منسوبيها – في كل مستويات إدارة شأن السلطة – ظلت تُرحَّل (للحساب العام) ولا يُسدِّدُها المُخطئون من حساباتهم الشخصية بالجزاء والعقاب.
ربما أن حديث مُعارضي الإنقاذ وشانئيها المُتكرِّر عن الفساد والتجاوزات، واستخدام ذلك في معارك السياسة، جعل الحكومة تتعامل مع التجاوزات بقليلٍ من الحساسية، باعتبار أن ما يُقال ما هو إلاّ مُحاولات عدائية لضرب مشروعها الوجودي، بتشويه صورتها السياسية.
وبذلك أصبحت (المناعة) التي اكتسبتْها ضدَّ الاتهامات والتجاوزات، مظلَّة مناسبة لتمرير أخطاء وتجاوزات المعتدين والفاسدين.
الأسوأ من ذلك أن الجسد التنظيمي أنتج من الأجسام المُضادَّة ما هو كفيلٌ بدحر كُلِّ الاتهامات بتصويرها مكائد سياسية.
-أخيراً-
قلناها من قبل ونكررها الآن:
من واجب الحكومة وحزبها الحاكم أن تجعل كُلَّ فردٍ من عضويتها ومنسوبيها (قاتلاً كان أو فاسداً) يدفع فواتير أخطائه من حسابه الشخصي.
وألا تنسى أن الذنب لا يُنسى والدَّيان لا يموت.
| |
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|