محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 04:52 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-06-2006, 10:29 AM

hisham alnour
<ahisham alnour
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 20

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور

    هذه المحاورة النظرية جرت بيني وبين الأستاذ محمد عثمان مكي ونشرت في العدد الأخير من مجلة كتابات سودانية وها أنا أعيد نشرها هنا دون أي تعديل أو تصحيح حتى يمكن لحوارها أن يمتد ويشمل آخرين


    محاورة نظرية
    إمكانيات بناء الدولة الحديثة في السودان بالتركيز على رؤية قرنق للسودان الجديد



    تحرير: أكرم عبد القيوم عباس

    أ. محمد عثمان مكي *
    د. هشام عمر النور**




    مقدمة

    ِكانت فكرة الحوار ترمي إلى أبداء ملاحظات نظرية حول كتاب قرنق رؤيته للسودان الجديد الذي قام بالتقديم إليه وتحريره د. الواثق كمير، لكن الوقائع الفعلية دفعت بالحوار ليتجاوز ذلك ليقدم موقفين نظريين يختلفان لحد ما في قراءة التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في السودان وهو ما جعله في تقديري يصبح أكثر عمقاً وتماسكاً.

    د. هشام عمر النور:
    بدايةً إذا كنا في صدد تقويم نقدي للحركة الشعبية من ناحية فكرية وسياسية بالتركيز على رؤية قائدها د. جون قرنق ، فلا غنى لنا بالضرورة من التعرض للإطار الذي أنتج الحركة الشعبية وقيادتها السياسية والفكرية، أو بمعنى أخر الحديث عن السودان القديم في مقابل السودان الجديد.




    وهنا يبرز السؤال النظري المهم وهو هل يمكن لنفس القوى الاجتماعية التي أنتجت سلطتها في السودان في إطار من التشتت والتجزئة والاحتراب أن تنتج مجدداً ما يوحد السودان وتوفر في ذات الوقت قيادة اجتماعية لكل السودانيين؟ الإجابة على هذا السؤال تتطلب النظر للسياق الاجتماعي والتاريخي لتطور هذه القوى والذي يجعل هذا الاحتمال غير قائم تاريخياً ولعدة أسباب منها أن كل السمات العامة والخصائص المختلفة لتلك القوى سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو معرفية لا تؤهلها لإنتاج ما هو مطلوب منها علاوة على ضيق افقها وخيالها القاصر ومصالحها الضيقة جداً وغير المرتبطة بالمصلحة العامة، وهي مسئولة بشكل مباشر في تشكيل ما عرف بالمركزية العربية الإسلامية سواء كانت أثنية أو ثقافية أو دينية التي كرست لفكرة المركز والهوامش المختلفة، مع العلم بأن الهوامش ليست بالضرورة أثنية لكنها اجتماعية أي انها في الأساس ذات طابع اجتماعي. ومعادلة المركز والهوامش أنتجت هوامش متعددة مثلت الحركة الشعبية واحدة منها، لكن أهم ما ميز الحركة الشعبية قدرتها على توفير قيادة اجتماعية لكل أهل السودان لأول مرة في تاريخ السودان، هذه القيادة تمثلت في شخصية جون قرنق مما يعد الانجاز الأبرز بالنسبة للحركة الشعبية على في المستويين السياسي والفكري، وهذا بالتأكيد دون حجب لجهود الحركات السياسية الأخرى التي حاولت بشكل أو بآخر أن تلعب دور القيادة الاجتماعية، وهو ما تجسد بوضوح للمرة الأولى مع شخصية قرنق. ومع ذلك فهذا لا يجعلنا نهمل أزمة هذه القيادة لأنها مبنية على أساس ايدولوجيا المركز والهامش التي تغيب البرنامج الأساسي للحركة والقوى الاجتماعية التي تحاول الحركة قيادتها، برنامج إكمال إندراج السودان في مشروع الحداثة واللحاق بالحياة الإنسانية المعاصرة وتذهب بها إلى برنامج أخر تعتقد فيه أن هنالك قوميات همشت قوميات أخرى وأنه قد حان وقت رفع هذه المظالم، رغم أن هذا الظلم والتهميش جاء بالأساس نتيجة لعدم اكتمال مشروع الحداثة كسبب أساسي، وبناءً على ذلك تبنت الحركة وقيادتها برنامج استبدال المركز بالهامش أو العكس بدلاً من استبدال السودان القديم بالجديد، وتلخيصاً لما سبق اعتقد أن ايدولوجيا صراع الهويات تعبر بدقة عن السياق الذي أنتج القوى القديمة في السودان.
    أ. محمد عثمان مكي:
    في اعتقادي إننا متفقون في بروز قرنق كقيادة على المستوى الاجتماعي والسياسي بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا على بعض المصطلحات الواردة، ومدخلي لتناول الموضوع تاريخي فكل القوى التي تسمى حديثة سواء كانت تقدمية أو يسارية أو سمها ما شئت كانت واقعة تحت التعريف الاستاليني لمفهوم القومية، الذي يمكن تعريفه على نحو مختلف بأنها مجموعة من الناس تخضع لسلطات حدودية ثابتة.

    فبالنسبة للسودان القديم أو الحديث فان الحدود هي الخارطة التي وضعها الاستعمار وتضم اثنيات وأعراق وثقافات ومكونات ثقافية وبشرية مختلفة تبعاً لذلك يمكن القول أن قرنق هو أول قيادة تبرز بهذا السياق، كما أصر أكثر ، أن القومية مفهوم حديث ظهر في أوربا في القرن التاسع عشر ورُفع كشعار إبان الثورات الانجليزية والفرنسية في الثورة الأمريكية وجاء نتيجة للبحث عن حدود مشتركة لعمليات السوق الرأسمالية، وتطور في القرن العشرين إلى صيغ أخرى وذلك بعد خضوع دول العالم الثالث للاستعمار وبروز حركات التحرر الوطني ومشاريع ما بعد الاستقلال (عبد الناصر، نكروما وغيرهم) كما أن هنالك صيغ سابقة للدولة القومية أو تجمع الناس كما عرفته كالدولة المدنية (أثينا) أو دولة السلالات. والمهم عموماً أن الدولة القومية قامت في أطار علماني يوحد الأمة ببرنامج تنموي اقتصادي اجتماعي وثقافي حداثي يواكب العالم الحديث وعلاقات إنتاجه كما أفرزت رموزاً كانوا قادة سياسيين ومفكرين مثال جفرسون، روسو، غاندي، أتاتورك وسعد زغلول. باتفاقنا على تعريف السابق للمفهوم فالسودان تقسم بعد الاستعمار إلى قطاع تقليدي وقطاع حديث كما ورد في أدبيات الحزب الشيوعي السوداني باعتبار القطاع الحديث في طور الانتقال للحداثة والتقليدي هو الموجود فعلاً وصنفت القوى السياسة بنفس القاعدة.
    أجد نفسي مختلف مع د. هشام حول مسألة المركز والهامش رغم إقراري إنها فكرة مضللة بغض النظر عن أن قضية تطور المركز على حساب الهامش أو العكس فهنالك حقائق موضوعية لا فكاك منها، فالمركز موجود فعلاً وبه علاقات إنتاج رأسمالية وحديثة ومتطورة ومركز إنتاج يعيش على علاقات إنتاج سابقة للحداثة به رعاة ومزارعون تقليديون يقعون تحت هيمنة مركزية الثقافة العربية الإسلامية التي تأخذ طابعاً اثنياً وعرقياً وبعبارة أخرى مجموعات علاقات جعلت قوى دون الأخرى تعيش خارج نطاق الحداثة كما يبدو واضحاً في مشكلة دارفور الحالية.
    واغلب ظني أن الحركة الشعبية حاولت الاستفادة من التراث السياسي للقديم للقوى التقدمية في السودان ويظهر ذلك عند الحديث عن ما يسمى لواء السودان الجديد وهو تكرار التجربة لحزب الشيوعي السوداني غير الناجحة لجعل القوى الحديثة تلعب دوراً فعالاً في التغيير السياسي من خلال الجبهة الوطنية الديمقراطية.
    د. هشام عمر النور:
    أود التعليق على بعض الأشياء قبل تناول مفهوم الدولة القومية وهي أن مقولة المركز والهامش ايدولوجية بتصويرها للصراع باعتباره صراع هويات والصحيح إن الصراع اجتماعي لأنه يمثل وقائع الظلم والغبن التاريخية وهنا التعمية والتضليل الواضح كما لا يمكن تسميتها بغير ايدولوجية استناداً على دلائل كثيرة منها جعلها الهامش كله كتله واحدة وكذلك المركز وهو غير صحيح تاريخياً، فالمركز به قوى اجتماعية قد تتقاطع مصالحها مع الهامش فمثلاً ببساطة شديدة هنالك نساء يقع عليهن قمع اجتماعي في المركز والهامش معاً ويتم ذلك في الهامش من قبل قوى قومية تتحدث عن مستقبل السودان وتقدمه والواقع أن الرؤية الصحيحة هي انه داخل الهامش توجد هوامش ومركز وداخل المركز أيضا هنالك هوامش ومركز بناء. وعليه فان هذه المقولة مضللة ولا تفسر وقائع الصراع ويجب استبدالها من الناحية النظرية. إن مقولات المركز والهامش وصراع الهويات لن تؤدي لقيام دولة واحدة في السودان لانها تنظر إلى الصراع على انه صراع هويات مغلقة ولا يوجد ما يجمعها ومن ثم يصبح من المستحيل الحديث عن سودان واحد، والنتيجة المترتبة على ذلك استحالة قيام دولة قومية حتى إذا حافظنا على هذه الهويات بفتحها بمعنى جعلها أنها لا تعبر عن جوهر ميتافيزيقي بل عن صيرورة تاريخية واجتماعية واقتصادية. يبقى السؤال هل توجد حاجة لدولة قومية رغم محاولة أ. محمد عثمان مكي لإعطاء محتوى جديد للقومية؟ لسنا في حاجة له بل علينا تدارس الأمر بطريقة أخرى فهنالك قوى سياسية واجتماعية كبرى في العالم أخذت طريقها لتجاوز مفهوم القومية كما أن بناء الدول القومية (الأمة) كمقولة تاريخية استنفدت أغراضها وتجاوزها التاريخ الإنساني أو على أبواب تجاوزها واتضح فشلها تماماً منذ الحرب العالمية الثانية في أوربا، وفي أفريقيا كانت مأساة رواندا وحروب الهوتو والتوتسي اكبر دليل على ذلك، ورغم أقراري بأن الدولة القومية من ناحية نظرية كانت هنالك حاجة ضرورية لوجودها فقد ارتبطت بظهور الجمهوريات وكانت كما ذكر محمد عثمان جزء من مشروع الحداثة لكن يجب أن نعلم أن الجمهوريات قامت على مفاهيم عالية التجريد، وحولت علاقات الأشخاص بالسلطة من علاقات قمع مباشرة بصورة أو أخرى في المجتمعات الإقطاعية إلى منحهم حق التعبير عن أرائهم في القرارات السياسية كمواطنين لهم حقوق وواجبات. وهؤلاء الأشخاص لقربهم التاريخي من السلطة التي تنتج على أساس شخصي احتاجوا للدولة القومية حتى تقترب علاقات السلطة القائمة على مفاهيم مجردة في الجمهورية من علاقات السلطة الشخصية التي كانت قائمة في المجتمعات الإقطاعية، والآن لم تعد هنالك حاجة لوجود روابط عرقية أو ثقافية بين الناس لكي يفهموا حقوقهم وواجباتهم ويناقشوا القضايا العامة وحقوق الإنسان بمعنى أن الإنسانية كبرت على هذا الطور وتخطت بمراحل عديدة وبتجربة هائلة وغنية السلطة ذات الطابع الشخصي والخصوصي لذلك من الأفضل بدلاً من محاولة إيجاد مضمون جديد للدولة القومية أن نتحدث عن دولة دستورية ديمقراطية تجمعها الهوية الثقافية وارجع هنا لمصطلح هجنه ثقافية الذي استخدمه ادوارد سعيد غير القائم على مفاهيم خصوصية بل على خلفية معرفية والتزامات تقوم على مبادئ مجردة وإجراءات دستورية ومن ناحية أخرى فان مفهوم القومية مفهوم مصطنع ارتبط بنشأة الجمهوريات كي يوفر الرابط اللازم مع الطابع الشخصي والخصوصي لعلاقات السلطة السابقة ويتضح اصطناعه من كونه نتاجاً للمخيال الاجتماعي بما في ذلك الآداب والفنون فمثلاً، نحن في شمال السودان وبحقائق التاريخ لسنا عرباً فقط ولكننا بالمخيال الاجتماعي اقرب لإسطورة عنترة بن شداد وامرؤ القيس من حقائق تاريخ بعانخي وترهاقا رغم أنهم جدودنا بوقائع التاريخ ولذلك فمن البداهة القول أن المفهوم مصطنع ولا يصلح كأداة للتفسير بل يحتاج هو لتفسير.
    أ. محمد عثمان مكي:
    اعتقد أن الحوار اخذ شكلاً خلاقاً يرتفع إلى مستوى مناسبته كما أن د. هشام تطرق لجوانب مهمة من الموضوع وبعمق كافي لكن بحسب فهمي للدولة القومية اعتقد انه ليس هناك خلاف بشأن ضرورة وجود دولة وأمة ومجتمع ومصطلح مركز وهامش ليس بجديد نسبياً فقد استعمله سمير أمين وآخرون لشرح العلاقة بين المركز الرأسمالي والإطراف المتمثلة في الدول النامية وانتقل إلى الاستخدام الإجرائي عند قرنق.
    اتفق مع هشام أن الصراع ليس صراع هويات بل صراع اقتصادي واجتماعي لكن هذا لا يمنع من دراسة الجوانب الأخرى غير الاقتصادية لان الحل في نهاياته الكلية لا يكون اقتصادي فقط كما أن تجربة أوربا مختلفة عموماً عن واقعنا فالحداثة مرت بفترات التنوير بداية بالقرن الثامن عشر واهتمت بفكرة حقوق الإنسان وقضاياه العامة نحن لم نمر بمراحل التنوير لأننا في فترات احتراب وتجزئة وانقسام وهيمنة فئات اجتماعية تأخذ الطابع الاثني والعرقي والثقافي والديني ونجد حتى فيما يسمى بالقطاع الحديث اوالمركز هنالك فئات مضطهدة ومستغلة كالنساء مثلاً والمجموعات القاطنة في الإطراف، ولما كنا بصدد مناقشة وضع اجتماعي معين وتحديد نوعية الواقع يجب النظر إلى الخريطة المو######## من الاستعمار بما تضمنته من قطاعات مختلفة مع ملاحظة تاريخية مهمة انه لم يحدث أن ضمت دولة في مراحل تاريخ السودان المختلفة الشكل الحالي من التعدد الموجود بغض النظر عن ما ذكره قرنق عن دولة كوش وغيرها فأن الأمر يقتضى وجود دولة يمكن أن تسمي قومية تأخذ صفتها المعاصرة وتدخل في علاقات إنتاج حديثة. الأمر الأخر الصحيح أو العولمة خاصية للعالم ولا يمكن إنكارها لأنها واقع موضوعي وبها جوانب ايجابية جداً لكن رغم ذلك توجد احتكارات رأسمالية وهيمنة دولية يصعب التخلص منها إلا بحدود قومية الأمر الذي يتطلب توحيد القوى الاجتماعية ليس على أساس سيطرة المركز على الهامش أو هيمنة مركزية لثقافة بعينها بل على أساس علاقات اجتماعية حديثة.
    هناك جانب مهم أيضا يحتاج لنقاش هو إلزامية المصطلحات بالنسبة للآخرين بمعنى إننا لا نستطيع فرض مصطلحات ثابتة ونلزم بها الآخرين لكن نحتاج لصيغة عامة تفضي لاستنهاض الدولة ذات الحدود الجغرافية الواضحة للاندراج في مشروع الحداثة والدفاع عن حقوق الفئات المضطهدة داخل المركز أو الهامش على خلفية الصراع الاجتماعي.
    د. هشام عمر النور:
    أظن أن محمد عثمان مكي اتفق معي أن كل الصراعات التي حدثت تحت مقولات الهوية هي صراعات مضللة وأنه ليست هنالك دولة لها هوية أحادية، إثنية أو ثقافية، وتبقى المهمة الأكثر إلحاحا: كيف نكمل الاندراج في مشروع الحداثة وهو ما لا يمكن جعله يلتبس مع قضايا أخرى بحيث تصبح تلك القضايا ايدولوجيا تغطي على القضايا الرئيسية كما انه من الضروري أن نتساءل هل سنستعيد تنوير القرن الثامن عشر في أوربا؟ وما اعتقده غير ذلك بأننا سنمر بتنوير يختلف عن ما حدث في القرن الثامن عشر الذي عبر عن قمته كانط وافرز في النهاية ما لا ينسجم مع كانط إذ تجلت فيه فكرة العقل الواحد القائم في الأساس على النفي والاستبعاد وكانت نتيجته الحرب العالمية الثانية والفاشية. وإذا تركنا الخوض في مآلات التنوير وركزنا على تيارات ما بعد الحداثة وما بعد البنيوية التي أنتجت نقد عميق لمشروع الحداثة وحاولت نفيه نفياً مطلقاً رغماً وركزنا أيضاً على التيارات الأخرى التي استعادت هذا المشروع على أساس جديد كمدرسة فرانكفورت وهابرماس وهو المطلوب تماماً، فإن التنوير بدلاً من الذهاب في اتجاه الوصول إلى عقل واحد ذو طابع علموي يذهب إلى عقلانيات متعددة تتلاءم مع المفاهيم الجديدة المتعلقة بمسألة الهوية التي تعتمد على التعدد والاختلاف وليس الانسجام والهارموني ويمكننا القول بأن مفهوم القومية يستدعي مفهوم الهوية الذي يفرض بدوره تناول تاريخ الفلسفة، وبالذات مفهوم الهوية كما هو وارد في الفلسفة الهيغيلية، فقد عبر هيغل عن ذلك بشكل جعل كل التيارات من بعده بما فيها الماركسية التي يقوم جوهرها على المواجهة بين الذاتي والموضوعي مقيدة به، ملخص الفكرة عند هيغل تتجه إلى صراع الفكرة المطلقة وتطورها وتجليها في الطبيعة وهو ما يفسره ماركيوز بأن هيغل اعتمد الحركة باعتبارها أداة تصل بين الوجود والفكر بينما هي عند ماركيوز ذات طابع وجودي تشكل وحدة جوهرها الفكر والوجود، وكسر بذلك رؤية هيغل وسار باتجاه أخر يجعل الحركة ذات طابع وجودي وتبعاً لذلك تخضع هويتها لتحول مستمر. وإذا فكرنا بالموضوع من زاوية أخرى نجد أن هيغل يرى أن كل السمات الظاهرية لا يتم التعبير عنها إلا في إطار مفاهيم كلية كما لا يمكن التعبير عن الواقع العيني ألا بمفاهيم مجردة بمعنى التعبير عن الموجود وجود مادي بمفاهيم مثالية يصبح بذلك الوعي محدد للأشياء المادية. إن تركيز هيغل على الطابع العيني للأشياء ، لم ينتقل بالديالكتيك إلى الديالكتيك السلبي كما أوضح ذلك ادرنو رغم أن هيغل توصل إلى أن أي إشارة إلى المحسوس والعيني لا يمكن فصلها من المقولات الكلية وانصف الأشياء العينية بحيث لا ترد إلى غير الهوية الصورية. وعند الحديث عن الماهية والجوهر استنتج هيغل أن أي هوية تنتمي وتعتمد على عناصر لا تنتمي لها لان العيني والمحسوس لا يتم تعريفه إلا بنقيضه وتحويله إلى مفهوم منسجم مع ذاته باعتبار أن مفهوم الهوية يتطابق مع نفسه. وبتحويل الهوية إلى الاختلاف، وهو ما قام عليه مشروع الحداثة بعد إعادة بنائه، تتحدد الهوية بالاختلاف لا التماثل ، ولا يخرج من ذلك فهمنا للماركسية فهي تناقض تماثل إذا ما انتهينا بها إلى مقولاتها الكلية المادية وهي لا يمكن أن تكون تناقض إلا إذا انتهينا بها إلى ما هو عيني، وهو ما فشلت فيه الماركسية. إن تحويل المقولات المثالية إلى مطلق يماثل تماماً تحويل المقولات المادية إلى مطلق ولذلك فإن المادية ليست نقيض المثالية بل النقيض يأتي بأن يصير الديالكتيك ديالكتيك سلبي غير معني بالكليات المطلقة وإنما معني بالمحسوس والعيني وبالتالي يصبح ديالكتيك مختلف تماما ينظر للواقع باعتباره صيرورة مستمرة مما يصل بقضايا التغيير إلى نهاياتها المفتوحة دائماً. وانطلاقا من ذلك يبقى مفهوم القومية المبني على مفهوم الهوية مفهوم قديم نوعاً ما وتسعى كثير من قوى التغير في العالم لتجاوزه لمفهوم جديد وإذا حاولنا أن نعيد إنتاج الدولة القومية في السودان على نفس الأساس نكون بذلك نسجن أنفسنا ومجتمعنا ونكبله باستنتاجات قديمة تعيق تطوره، وهو ما يعزز ما بدأت به الحوار وما توصلت إليه على نحو فلسفي عميق ولذا اعتقد انه لا يمكن بناء مشروع تحرر على فكرة الهوية القديمة وعليه فان مشروع الحركة الشعبية القائم على أساس صراع الهويات يؤدي لنقيض أهدافه. وهناك أمر ثاني وهو المقولات التي نرددها دون وعي كالببغاوات مثل الوحدة في التنوع والتنوع في الوحدة وحتى الجبهة الإسلامية ترددها رغم إننا نتخيل أنها لا تنسجم مع برنامجهم لكنها في الواقع منسجمة جداً لان نظرتنا للتنوع باعتباره تنوع مفردات ذات جوهر ميتافزتيقى وبالتالي معزولة عن بعضها البعض ولا تجد نفسها فيما هو مختلف عنها ولذلك فإن العبارة الصحيحة هي الوحدة ليست في التنوع بل في الاختلاف لا بمعنى الاحترام الأخلاقي للمختلف عنك بل بتضمينك للأخر وهو ما استخدمه هبرماس بمصطلح
    ( inclusion of the other)
    ويصبح محاولة إمساكنا بهويتنا الجارية في الواقع مستحيلة ويصعب تقديم مفهوم يتطابق مع نفسه ورغم إحساسنا بهويتنا لا يمكن التعبير عنها إلا بما لا ينتمي لها ووحدة التنوع لا تكون إلا في التنوع الذي يتعرف على هويته في الآخر. ولذلك فان مقولة الوحدة في التنوع هي أيضا مقولة مضللة مثل مقولة المركز والهامش ومن السهل أن يستعملها الجميع لان الوحدة الموجودة فيها مجردة وحدة قائمة على إجراء تكييف حياتك مع الآخرين وليس بتضمينك لما هو مختلف عنك ولا ينتمي لك.
    أ. محمد عثمان مكي:
    لدى ملاحظة نقدية يجدر بى الإشارة لها وهي أن د. هشام منحبس في إطار الفلسفة الكلاسيكية الألمانية رغم أن التنوير الأوربي كان لديه صيغتين مختلفتين، الصيغة الاجتماعية الاقتصادية الثقافية في الفلسفة الانجليزية والفرنسية والصيغة الابستمولوجية عند كانط وإذا حاولنا إخضاع ظاهرة بناء بلد كالسودان للدراسة مستفيدين من تراث الفكر الإنساني العالمي قد لا يصلح التفسير الابمستولجى لوحده ونكون في حوجة لتفسير اجتماعي واقتصادي، واثنوغرافي وانتربولوجي لان كانط احدث ثورة ابستمولوجية وصبغ الفلسفة الالمانية الكلاسيكية بما فيها الماركسية بالطابع الكلي فالكلية ليست من خصائص فلسفة هيغل فقط رغم عن القطع والوصل الذي قامت به الماركسية وإحلال الشمولية الثورية محل الثورة المعرفية أو التنوير.
    اتفق مع د. هشام حول تقيمه لديالكتيك هيغل لكن المهم في الأمر أن الثورة الابستمولوجية استمرت من خلال فلسفة ما بعد الحداثة وظهرت واضحة في اتجاهات مدرسة فرانكفورت وإذا سمح لي د. هشام أن اسميها الكانطية الجديدة بمعنى درها إلى كانط وهو الخطأ المطلق الذي وقعت فيه الماركسية بالقطع والوصول لمفاهيم التنوير، واستحداث المركزية الثورية، أما إذا ذهبنا إلى فكرة الايدولوجيا يظل التفسير الايدولوجي غير سليم لأنه يحصر الفكر في نطاق ضيق ويجعلك تفكر نيابة عن الآخرين أما رفض مفهوم الوحدة في التنوع فالتنوع في تقديري لا يختلف عن الأخر ويمثل الثراء الثقافي والروحي لمجتمعنا واحترامنا لثقافتنا ومعتقداتنا المختلفة ورغم معاناتنا من هيمنة مركزية الثقافية العربية الإسلامية ولكنها بكل أسف هي التي أدرجت السودان في مشروع الحداثة وشكلت القطاعات المختلفة والتقسيم الطبقي والمركز اعتقد ايضاً أن مفهوم الهوية في الفلسفة الالمانية لا يتعارض مع ضرورة تطوير التنوع لان التعدد خاصية موجودة في الحياة كلها وإذا تتبعنا التطور الفلسفي دائماً يوجد تيارين منذ الفلسفات القديمة فأفلاطون كان مع الهيمنة وأرسطو مع التعددية والغزالي مع الهيمنة وابن رشد مع التعددية، وازدهار الثقافات والمعارف لا يتعارض مع خلق الوحدة الإطارية وارجع لسابق ما ذكرته حول تعريف القومية بغض النظر عن خلافي مع د. هشام ليس هو التعريف الاستاليني بل شكل الحدود الثابت الذي يضم قوميات ولغات واديان مختلفة.
    د. هشام عمر النور
    قبل الانتقال إلى نقطة أخرى أود التعليق على بعض الأشياء بعضها مرتبط بالحوار وأخرى غير مرتبطة وهي ما سنكتفي بالإشارة لها فقط فمثلاً وصف مدرسة فرانكفورت أو هابرماس بأنها كانطية جديدة ذلك صحيح لحد ما إذا قلنا أنهما استعادة لكانط لكن على نحو جديد فالعقل الخالص عند كانط لديه محددات متعالية حولها هابرماس إلى محددات تاريخية وكان تحول مهم، فالعقل الخالص عند كانط عقل متعدد وإذا قمنا بتجريد النموذجان من بعضهما وربطنا محدداتهما بالسياق التاريخي دون تعالى على الواقع يحدث تحول هائل وهذا ما فعله هابرماس بالانتقال من العقل الخالص إلى العقل الملتبس بالتاريخ وذلك يفضي إلى أن هبرماس ليس كانطية جديدة بل امتداد لكانط وامتداد للماركسية أيضاً وتجاوز لهما بشكل ما.
    هناك ملاحظة ثانية فقد تحدثنا عن مصطلح " inclusion of the other" لا بغرض الوصول لمفهوم كلي بل بالبحث عن اقرب المفاهيم ذات الطابع المتعدد بمعنى أنني أردت القول أن الأشياء طابعها المتعدد وتركيزي الأساسي على التعدد والاختلاف تمهيداً للتعليق على قرنق من خلال د. الواثق كمير في كتاب رؤيته للسودان الجديد فبالإضافة إلى ما ذكرته سابقاً عن مفهومي القومية والهوية ايضاً أن مفهوم الجديد لا يتلاءم مع فكرة صراع الهويات ولا مع مفهوم الهوية لأنه يقوم على شيئين أساسيين:
    الأول: مفهوم التنافر وعدم التصالح مع الواقع ويعني إننا لا نريد في تجريدنا للواقع الوصول لمفاهيم كلية تفسره بحيث يصبح الواقع ساكن غير متحرك ويغيب أي أفاق للتغيير، ويعني ايضاً محاولتنا المستمرة لفهم الهوية في إطار تاريخي واجتماعي متحرك، وما يجعلنا دائماً نرى بدائل باتجاه مستقبلنا بناء عليه فان مفهوم الجديد يلتقي مع مفهوم التنافر وليس الهوية وضد الهوية ومع فكرة اللاهوية.
    الثاني: أن مفهوم الجديد نفى للأساليب والممارسات القديمة والتقاليد، الحركة الشعبية تعبّر عن التقليدي فعقيدة مقاتلي الحركة كما ذكر فرانسيس دينق مبنية على عقيدة مقاتلي قبائل (الدينكا والنوير والشلك) ولذلك فإن تقديري للحركة الشعبية أنها حركة حداثة معوقة وهو المدخل لكثير من المقولات التي تؤكد على التباس قرنق ويشير أيضا إلى أن الحركة تخوض صراع ضمن ايدولوجيا زائفة تقدم حلولاً زائفة وتغيب البرنامج الأساسي للقوى الاجتماعية الساعية للتغيير في السودان.
    إذا ربطنا ذلك بفكرة مهمة طرحها قرنق في صفحات (73، 76، 77) مفادها أن الوحدة أساسها التنوع التاريخي والمعاصر وعرفت التنوع التاريخي بأنه الحضارات القديمة في السودان كحضارة كوش والممالك النوبية والمسيحية والهجرات العربية الإسلامية والحكم التركي ودولة المهدية والاستعمار والحكومات الوطنية بينما عرّفت التنوع المعاصر بأنه القوميات والاثنيات والثقافات المتعددة وتحدد إن السودان به 500 مجموعة تتحدث أكثر من مئة لغة واديان مختلفة، وهنا تبرز مشكلتان أساسيتان لان الفكرة كلها قائمة على صراع الهويات لذلك فهي تحتاج لمواصلة إنتاج الايدولوجيا الزائفة وتغييب التطور بحيث لا يمكن وصف ما يحدث في السودان بأنه انتقال من المجتمعات القديمة التي يسود فيها الفكر الأسطوري وهي متمايزة عن التعدد والتركيب الذي يميز الحداثة ومجتمعاتها ولذلك فإن الصحيح أن التاريخ السوداني شأنه شأن التاريخ العالمي مر بمراحل المجتمعات القديمة ثم التقليدية ثم الحديثة ولذلك فمن المهم التعرف على طبيعة الانتقال إلى الحداثة وما هي العوائق أمام اندراج السودان في مشروع الحداثة أو إكمال انتقاله من مجتمعات تقليدية إلى حديثة فهذا هو ما يوضح فكرة الصراع ولا يغبشها ويجعلها امتداد للتضليل الايدولوجي لان أي فكرة مضللة تصل لنتائج مضللة. وقد يبدو هذا التحليل به شيء من القسوة لكن لابد منه لينفتح الأفق أمام وحدة السودان وانجاز خطوات في مشروعنا الاجتماعي وهو ما يجب قوله دون عزاء للحركة الشعبية ولكن حرصاً عليها.
    هناك مواطن أخرى ونقاط في ص 77 يجب أن نستعرضها فمثلاً ماورد حول صهر عناصر التنوع التاريخي والمعاصر كي ننشئ أمة سودانية ونستحدث خارطة قومية نتجاوز بها هذه المحليات ونستفيد منها دون أن ننفي المنابر الأخرى، وما قيل ايضاً حول الرابطة القومية رغم انه وفي نفس الصفحة يتحدث قرنق عن رابطة اجتماعية سياسية لها خصوصية وهذه إشارة بليغة على الالتباس في الموضوع ففي ذات الوقت الذي يركز فيه قرنق على قيام دولة قومية يتحدث عن رابطة تاريخية لها خصوصية تاريخية واجتماعية وطبعاً هذان أمران مختلفان تماماً ولا يمكن المساواة بينهما. ويتضح الالتباس أكثر في التحليل الذي يذهب إلى أن السودان قام على الشوفينية منذ الاستقلال وتشبيهه بالفاشية والنازية وما حدث في جنوب أفريقيا رغم انه مجرد تشابه صوري، صحيح توجد شوفينية لكن من الضروري التحدث عن الكيفية التي تمت بها المقاومة حيث لم تتم المقاومة في هذه المناطق عن طريق صراع هوية بالعكس تمت مقاومتها عن طريق صراع اجتماعي وهذا يعكس استمرارية الالتباس.

    هنالك شيء مهم هي طريقة قرنق في حرصه على صياغة معادلات رياضية، وهذا استبطان لنموذج التفكير العلمي وهو أمر ما عاد من الممكن التعامل معه بهذا الشكل لأن محاولة الاقتداء بمنهج العلوم الطبيعية في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية هي محاولة لاستعادة عقل السيطرة ولذلك باستمرار يتبنى قرنق مقولات تؤدي إلى نقيض ما يود فالحركة تتبنى صراع الهويات لكي تنتقل بالسودان من القديم إلى الجديد ولكن تبني صراع الهويات يؤدي إلى النقيض، إعادة إنتاج السودان القديم، وكذلك يتبنى منهج قائم على عقل مسيطر لكي يحرر السودان وهذا ما يجعل السودان غير محرر.
    يطرح قرنق نموذج دولة ليست ذات طابع ديني ومتفقون على ذلك طبعاً ولكن معالجته تتعامل مع الدولة مثل العربة كشئ صنعناها بأنفسنا وهذا بالضبط التبني للمنهج العلمي والوظيفي، وهذا غير صالح، فالصناعة نتيجة للفعل الإنساني و ليست ظاهرة تتحكم فيها قوانين معينة. ورغم صحة أنها امتداد لفكرة الابتكار الانسانى، ولكنها تحافظ على فكرة المعرفة كأداة تؤدي إلى غايات معينة وهنا تكمن المشكلة الكبيرة وفقاً لمجريات تطور الفكر الإنساني المعاصر، وهذا هو الذي يخلق فلسفة الوعي والهوية التي ذكرت سابقاً. ومشكلة أخرى أن هذا النوع من التفكير ينبني على استراتيجيات وكلمة استراتيجية تعنى العقل الاستراتيجي وهو ليس عقل تحرري بل عقل مسيطر و يحشد كل السياق التاريخي بما فيه الإنسان ليصبح أدوات تحقق غايته. العقل الاستراتيجي يؤدي إلى سيطرة وهذا نقيض ما تريد الحركة الشعبية فهي تريد التحرر وأسس التفكير لدى قرنق تؤدي إلى السيطرة ولذلك الدولة على النحو الذي يتحدث عنه قرنق معناها أن تؤدي وظائف معينة وهذا مربط الفرس.
    تأكيداً لهذه الفكرة يستنتج أن السودان القديم القائم على الظلم وعدم العدالة وعلى الاستبعاد هو الذي افرز الأزمة الراهنة وإقامة وحدة السودان على أسس ومكونات محدودة هو ما أوقعتنا الجبهة الإسلامية فيه، قرنق يستخدم هذه الفكرة كإحدى أدوات فهمه للواقع السوداني، بينما الفكرة هي التي تحتاج إلى التفسير ولذلك لا توجد فرصة لحل أزمة السودان المتعلقة بحصرنا العملية القومية في المكونات العربية الإسلامية وتجاهلنا للمكونات الأخرى.
    أ . محمد عثمان مكي
    الشيء الذي أحب أن أركز عليه هنالك محاكمة منهجية وفلسفية وهشام قاسي جداً على قرنق أوافق على اغلب الملاحظات النقدية لكن قرنق ليس مفكراً أو فيلسوف هو اصلاً قائد سياسي له رؤى كثيرة جداً غير واضحة وغير علمية. هذا يقودني إلى انتقاد كل القوى التي تسمى تقدمية أو يسارية إلتى لعبت دور معين في مراحل مختلفة من تاريخ السودان ولديها أفكار ورؤى يمكن أن تنتقد.وهذا ناتج من نشأة الحركة السياسية في السودان بالمقلوب بمعنى إننا عندما نتحدث عن التنوير الأوربي و الديمقراطية الأوربية فإنها جاءت تتويج للحركة المدنية والسياسية التي تمت في اروبا أما المسألة في السودان بدأت بالعكس وهذه المسألة لابد من الإشارة لها لكي يكون النقد شاملاً فالحركة السياسية الحديثة المعاصرة في السودان بدأت في الأربعينات بخاصيتين سلبيتين الأولى التبعية كما في موقف الاتحادين من التاج المصري وتبعية حزب الأمة للموقف البريطاني من الاستقلال وعلاقة الحزب الشيوعي بالمعسكر الاشتراكي و الاتحاد السوفيتي والحركات القومية تبعاً لمصر وسوريا والعراق هذه التبعية صحيحة كشكل سياسي فقد لجأ الاتحاديين لجماهير الختمية والأمة للأنصار الحزب الشيوعي بدأ يبحث عن قطاع حديث لإحداث ثورة في الحركة السياسية وبناء المجتمع والحياة المدنية، لذلك لابد من أن يشمل هذا النقد كل القوى السياسية ومن الأولى أن يشمل حركة قرنق بما أنها حركة عسكرية ومقاومة شعبية استندت على النسب الضعيفة والمهمشة في الجنوب وبالتالي يمكن أن تصحبها الكثير من المفاهيم الخاطئة ولكن في تقيمنا لحركة قرنق باعتبارها حركة حديثة افتكر إنها حركة ايجابية وحاولت أن تلتمس مشاكل وقضايا السودان، و لقد أشرت سابقاً أن دعوة قرنق للواء السودان الجديد فيها كثير من الالتباس والغموض وعدم الوضوح لكنها تشبه الدعوة من الحزب الشيوعي السوداني لجبهة وطنية ديمقراطية تنظم القوى الحديثة وهذا يوجد رؤى كثيرة غير علمية وغير دقيقة.
    مسألة بعد العلاقة المعقدة جداً بين التفكير العلمي والاجتماعي هي موجودة. والتفكير العلمي والاجتماعي تأثرا بعد ظهور الدارونية وتحول التفكير إلى تفكير ميكانيكي.
    اتفق مع هشام على كثير من الملاحظات النقدية ولا أحاول أن أجد لها مبررات ولكن افتكر أن هنالك ضرورات موضوعية تشير إلى أن أفكار الحركة لم تنضج لأنها أتت من أكثر المناطق تخلفاً في السودان واتخذت صبغة عسكرية لكن المحصلة المبدئية أن قرنق يشكل رمز لتطلعات السودان بمختلف بيئاتهم.
    د. هشام عمر النور
    ما يبدو أنه قسوة على الحركة هو حرص على مشروع السودان الجديد وتقديري للحركة الشعبية أنها من أميز الأحزاب السودانية، هي حزب حقيقي يعبر عن جماهير واسعة ولذلك الأوعى أن نتعامل معها بروح نقدية لنفتح السكة لهذا المشروع ليصبح واقعاً نعم يمكن أن ننسب أوجه القصور للظروف الموضوعية ولكن الأهم أن تتجاوز قيادة الحركة هذا القصور وذلك يستدعي أن تكون أهل للمهمة في المجالات المختلفة العسكرية والسياسية و ايضاً الجبهة الفكرية والنظرية اعتقد أننا بالنقد نساعد الحركة بسد الفجوة الفكرية. وأكن للحركة تقديراً عالياً وافتكر أنها اقرب تنظيم إلى مزاجي من غير مجاملة وحرصي على هذا المشروع يتطلب هذا الموقف.
    النقطة التي أحب إثارتها مع الأستاذ محمد عثمان هو مشروع الحداثة وعلاقته بالحركة الشعبية أبدأ بشيء اعتقد أنه وجهة نظر صحيحة وهي أن السودان القديم وصل إلى النهاية والآن لا توجد فرصة لاستمرار السودان القديم افتكر أنها صائبة، ولكن قرنق يبني عليها فكرة أن القوى التقليدية أذا أرادت أن تحكم السودان لابد لها من الالتحاق بمشروع السودان الجديد، وهذا ما اختلف معه، صحيح أن القوى التقليدية إذا حكمت السودان لابد من أن تغير طرائق حكمها ولكن هذا المشروع نقيض للقوى التقليدية لذلك لا يمكن أن تلتحق به هي تعيد إنتاج السودان القديم فقط بشكل مختلف وهذا ما يجعل قرنق في حواره المنشور في الكتاب مع القوى الحديثة يثير تساؤلاً مستفزاً جداً موجه لقوى التقدم والحداثة عن ما هي مظاهر الحداثة في أطروحاتهم. هذا الاستنكار للأسف ينفى ما اتجزته القوى الحديثة كظاهرة اجتماعية واضحة في السودان لها إضافاتها في الحياة السودانية، بدءاً بالمجتمع المدني وما قام به الحزب الشيوعي على صعيد النقابات واتحادات الشباب والنساء أو ما يسميه الحزب الشيوعي السوداني بالقطاع الحديث، ولكن التساؤل حول هل هذا يكفي لتسمية هذه القوى بالحديثة وهل الجبهة الإسلامية ايضاً جزء من هذا التعريف، يثير السؤال الأهم حول كفاية الشروط الاجتماعية لتحديد القوى الحديثة، إذ لو كانت كذلك فمن أين أتت الجبهة الإسلامية؟ لذلك افتكر أن المحددات الاقتصادية والاجتماعية غير كافية لتعريف القوى الحديثة لابد من إضافة شيء آخر وهو الرؤية النظرية وهو ما يتطابق مع المقولة اللينينية القديمة انه لا توجد حركة ثورية دون نظرة ثورية. هذه الرؤية النظرية مهمة في تعريف القوى الحديثة وعلى أساسها نستبعد الجبهة الإسلامية منها. إن أسس تفكير قرنق أدت ببساطة لحصر التناقض بين القوى التقليدية والقوى القومية ولذلك أصبحت القوى الحديثة لديه قوى على هامش الصراع تساوي تماماً البرجوازية الصغيرة في الماركسية لذلك أصبحت لا تؤثر في مجرى الصراع أو مآلاته، بل على العكس تماماً نجد أن الجبهة الإسلامية تعبر عن أقصى طموحات السودان القديم وهذا تعبير عن أن السودان القديم وصل إلى الطريق المسدود وبذلك أصبح جزء كبير من القوى التقليدية تعتقد انه يمكنها الالتحاق بالسودان الجديد ومن ثم تتحول القوى الحديثة إلى قوى تقليدية وهذا الكلام موجود بالنص حيث قال قرنق نحن نعمل مع القوى التقليدية وفي ظرف سنتين سوف تصبح قوى حديثة وتظلوا في مكانتكم، وهذا هو بالضبط تناقض التماثل الذي يتحول فيه النقيض ويصبح متماثلاً مع نقيضه مما يعيق عملية التحرر. وهنالك شيء مهم جداً هو أن قرنق يعتقد أن مجتمعنا يتمايز بتداخل ولذلك يكون التغير ممكناً رغم انه يعتقد بوجود سلبيات ولكن يكون التغير ممكناً بسبب التداخل. هذا التداخل يحتاج إلى تفسير ولا يمكن إثباته وكأنه شيء ميتافيزيقي لا مبرر له، ولا يمكن تقديم تفسير لهذا التداخل إلا إذا تبنينا أن السودان تكمن أزمته في انه لم يكمل مشروع اندراجه في الحداثة.
    ولكل ذلك فإنني اعتقد أن الحركة الشعبية من ناحية نظرية مشروع حداثة ملتبس، وبالمقدمات النظرية والأسس التي تعتمدها لن تؤدي إلى سودان جديد ولذلك هنالك دور أساسي لهذه القوى التي استنكرها قرنق، أعني القوى الحديثة، إذ عليها في حوارها مع الحركة الشعبية أن تعيد إنتاج معرفة تفتح الطريق للسودان الجديد.
    أ. محمد عثمان مكي
    سعيد جداً بهذه المناقشة وقد اتخذت صيغة غير احتفالية لمحاولتها البحث عن أسباب تخلف الحركة السياسية في السودان إذا اعتبرنا أن الحركة الشعبية ألان من أهم رموزها، لا يوجد لدي أي اعتراض على ملاحظات هشام ولكن أحاول إيجاد تفسيرات موضوعية لذلك لابد من الأخذ بأننا مجتمع متخلف سواء كان ما يسمى بالمركز أو الريف والحركة السياسية بدأت (بالمقلوب) لا يوجد مجتمع مدني متطور مزدهر و لا توجد رؤية متكاملة لدى هذه القوى و ليس قرنق وحده بل كل القوى هي ايضاً أخذت منه مواقف غير صحيحة. اتفقنا في مناقشتنا بان الحداثة بدأت بظهور الحزب الشيوعي السوداني الذي حاول بقدر الإمكان أن يتفهم الواقع السوداني و قسمه إلى مجتمع تقليدي وحديث و حاول حل القضية القومية ولكن في التطور السياسي العام نجد الضعف الذي حاق بالحزب الشيوعي السوداني والقوى الحديثة (حادثة حل الحزب الشيوعي السوداني) ساهم في الارتباك الحالي للقوى السياسية الأخرى والمميز لحركة قرنق واعزيها إلى أن الحركة الشعبية بدأت من مناطق أكثر تخلفاً و من الريف وطرحت حل سياسي.
    إذن الواجب المهم أمام المثقفين أو ما أميل لتسميتها بقوى الحداثة أن توحد قوى سياسية تقليدية تاريخياً بدأت كقوى حداثة (حركة الخريجين) وارتبطت بنظام الدولة الذي بناءه الاستعمار.ولكن نتيجة للتبعية والكسل الذهني والسياسي اعتمدت أكثر تخلفاً و أصبحت قيادتها تقليدية ضمت زعماء العشائر والقبائل.

    من هذه الزاوية كانت رؤية قرنق أن القوى السياسية هي قوى واحدة عموماً افتكر أن هذه النقاط جميعها سليمة من موقع الحفاظ على الحركة الشعبية والقوى التقدمية في السودان ومحاولة استحداث رؤية أكثر سلامة للتطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي محاولة الالتقاء بالفكر الإنساني المتسع افتكر أن أي ايدولوجيا مثل ايدولوجيا قرنق هي ايدولوجيا عسكرية اثنيه يظهر فيها الاستعلاء المضاد لذلك افتكر أن هذه الاضاءات النقدية سليمة الهدف منها أعادت بناء الحياة السياسية والاجتماعية في السودان على أساس تنموي حداثي…
    د. هشام عمر النور
    لدي أخر ملاحظتين الأولى ضرورة النقد ليشمل جمع القوى السياسية لان ما قيل ينطبق على القوى الأخرى لكي يولد مشروع في السودان يوجد له منبر وأنا أطلق علية تسمية اليسار الديمقراطي.
    الشيء الأخر حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي نبعا من مؤتمر الخريجين وذلك في إطار الحداثة لكن المشكلة أنهم قاما على أسس تقليدية ولذلك هذه القوى الآن ايضاً تعيد إنتاج السودان القديم في ظروف جديدة إلا إذا نجحت القوى الحديثة في لعب دور قادم يعيد تشكيل الواقع من جديد.
    أخيراً ، اعتقد أن الحوار كان حواراً جيداً فقد اعتدنا على حوارات مساجلات تعتمد على إقصاء الآخرين ولكن هذا الحوار وبهذا الشكل إشارة صحيحة جداً لحاجتنا لميلاد مشروع جديد، وأتمنى تكراره مرة أخرى.


    خاتمة
    أن نظرة غرايس للمحاورة أنها تقوم على أسس منصفة بوصفها عملاً تعاونياً وهو نفسه ما عبر عنه المتحاوران وقاد الحوار لنتائج مهمة يمكن أن تصبح مداخل لحوارات قادمة لنناقش العديد من القضايا ذات الصلة بالموضوع.
                  

03-06-2006, 10:42 AM

hisham alnour
<ahisham alnour
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 20

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: hisham alnour)

    أتمني أن يلقى هذا البوست حظه من العناية رغم طوله
                  

03-06-2006, 11:01 AM

عبد الله عقيد
<aعبد الله عقيد
تاريخ التسجيل: 09-20-2005
مجموع المشاركات: 3728

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: hisham alnour)

    الأخ د. هاشم
    لك التحية

    سيجد البوست العناية لأنه يستحقها بالفعل
    وأتوقع أن يثير جدلا ونقاشا واسعا.
                  

03-06-2006, 11:09 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: hisham alnour)

    الصديق هشام عمر النور
    تحية وتقدير.
    كيف الحال والاحوال؟ سوف اعود للتعليق على بعض جوانب هذه المناقشة الهامة. والى ذلك الحين سوف تحتشد ذاكرتى بايام كثيرة منذ اواخر الستينات من القرن العشرين تزاملنا فيها. وكنا اصدقاء. وبحاثة عن الحقيقة. وعن الوطن.
                  

03-06-2006, 12:48 PM

mohammed elsaim

تاريخ التسجيل: 08-20-2003
مجموع المشاركات: 200

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: Adil Osman)

    محاورة دسمة وتستحق مزيدا من النقاش..
                  

03-07-2006, 04:04 AM

hisham alnour
<ahisham alnour
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 20

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: Adil Osman)

    الصديق العزيز جداً

    عادل

    سنين عددا لم نلتق دائماً في الذهن وتلك الأيام الرائعات أيام الأمال العظام والأحلام الكبار أيام البحث والاستكشاف. أتمنى أن نعيد تواصلنا مجدداً بل أرغب في ذلك بشدة. أخبارك منقطعة عني تماما وأنتظر مساهمتك وتعليقك بفارغ من الصبر
                  

03-08-2006, 01:33 AM

garjah
<agarjah
تاريخ التسجيل: 05-04-2002
مجموع المشاركات: 4702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: Adil Osman)

    Quote: سوف تحتشد ذاكرتى بايام كثيرة منذ اواخر الستينات من القرن العشرين




    عادل محمد عثمان

    بالله انت عجوز ...قدر كده؟
                  

03-06-2006, 01:19 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: hisham alnour)

    Dear Hisham
    Just a quick message to say Hello. Glad to see your contribution, and will comment later. Iam also looking to see Hadia's contribution on gender issues

    Regards and keep on touch
                  

03-07-2006, 04:13 AM

hisham alnour
<ahisham alnour
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 20

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: Elmoiz Abunura)

    الصديق العزيز جداً

    عادل

    سنين عددا لم نلتق دائماً في الذهن وتلك الأيام الرائعات أيام الأمال العظام والأحلام الكبار أيام البحث والاستكشاف. أتمنى أن نعيد تواصلنا مجدداً بل أرغب في ذلك بشدة. أخبارك منقطعة عني تماما وأنتظر مساهمتك وتعليقك بفارغ من الصبر
                  

03-07-2006, 04:18 AM

hisham alnour
<ahisham alnour
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 20

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: hisham alnour)

    الأخوة
    عبد الله العقيد
    محمد الصائم
    المعز أبو نورة

    شكراً على التقدير وانتظر المساهمات
                  

03-07-2006, 09:10 AM

عبد الله عقيد
<aعبد الله عقيد
تاريخ التسجيل: 09-20-2005
مجموع المشاركات: 3728

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: hisham alnour)

    الأخ الدكتور هشام النور
    تحية
    وأشكرك مجددا على إيراد هذه المحاورة الناضجة في المنبر
    وبعد قراءة متأنية سأحاول أن أطرح عليك بعض المحاور أرجو
    أن يتسع صدرك لمناقشتها.

    أولا، رأيتك تركز على مسألة (إعادة إنتاج السودان القديم) من خلال
    تناولك لرؤية الدكتور قرنق حول استصحاب القوى السياسية الموجودة في الساحة
    ضمن حراك السودان الجديد.
    فهل يمكننا تفسير رؤيتك هذه باعتبارها محاولة لإقصاء القوى التقليدية؟

    ثانيا، أرجو توضيح رؤيتك الخاصة حول جدل الهوية بين كونها أيدولوجيا أو
    جدل اجتماعي ثقافي.. بطريقة مبسطة!!

    وسأعود للمزيد من المحاور

    ولك التقدير
                  

03-07-2006, 09:56 AM

garjah
<agarjah
تاريخ التسجيل: 05-04-2002
مجموع المشاركات: 4702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: عبد الله عقيد)



    رفيق المدارس

    الصديق

    هشام

    مرحبا اولا بعودتك بعد الغياب الطويل ...وارجو تطّول نفسك وتطيب لك الاقامة في هذه الساحة ...

    وارجو ان انطلق من اسئلة محددة



    هل فكرة السودان الجديد لا زالت موجودة بنفس القوة ابان حياة صاحبها ام انها استرخت واصبحت ترفا ذهنيا يتحدث بها الساسة حتى لا يوصموا بالعنصرية ورغبة الانفصال ؟

    الم تتيتم احزاب بحالها وقوى لوفاة د/ جون قرنق .كشخص قائد لا على حركته..

    هل يعقل ان الحركة الشعبية التي نالت عبر قتال طويل ومفاوضات شاقة حقوق الجنوبيين ان لا تسترخي وتركن للتنمية وتوفير حياة كريمة للمواطن الجنوبي الذي ذاق عزابات متصلة وموت بالجملة خلال الخمسين عاما الماضية....هل لنا ان نصدق ان هذه الحركة قادرة على التحول لاستيعاب كافة قضايا الوطن والعمل لسودان جديد وكل خبرتها هي الحرب وقليل من السياسة؟
                  

03-07-2006, 10:08 AM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: garjah)

    سعدت بقراءة هذا البوست سعادة كبيرة..

    ما يستفاد منه

    ان الحوار دائما مفيد...
    ويولد افكار ومفاهيم جديدة
    قد تؤدي الي تعديل سلوك او تغير ايجابي..
    نحي كل الحورات والمناظرات الموضوعية .
    بين كل الوان الطيف...

    التحية لدكتور هشام النور. وتحيات ابراهيم محمدزين
                  

03-08-2006, 01:57 AM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: bayan)

    شكرا هشام
    لهذا البوست -يجب ان يكون فوق- والحوار الهادف، والذي يستشرف مستقبل وطن يستصرخنا جميعاً، أن يكون او لا يكون.

    أعذر كل الذين قرأوه ووعدوا بالعودة، فهذا جدل يستحق كثير من الحصافة والتأني، والمصداقية، والتعاطي معه على أساس الفكرة والفكرة، وليس على اساس المعركة فهنا لا منتصر إلا الوطن،إذا عمقنا الحوار ولا خاسر إلا الوطن إذا سطحناه.
                  

03-08-2006, 03:46 AM

hisham alnour
<ahisham alnour
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 20

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: nadus2000)

    كل الأخوة

    أنا أكتب من كمبيوتر عمومي ولذلك لا أستطيع أن أعلق مباشرة علي مدخلاتكم لذا سأحصرها أولاً ثم اعلق عليها لاحقامبدئيا فأنا أقدر اهتمامكم تقديرا عاليا بل ويسرني

    الصديق قرجة
    أفتقدكم كثيرا جداً وانت أيضا اخبارك مقطوعة اتمنى ان نستعيد صلة غير منقطعة وحميمة وسأعلق على التساؤلات

    العزيزة بيان
    فترة طويلة لم ألتقيك وكذا العزيز ابراهيم محمد زين تحياتي له وأعلم أن بيننا حوارات لم تكتمل بعد فقط قولي له أن مياها كثيرة قد جرت بدون أي جسور
                  

03-19-2006, 09:33 AM

hisham alnour
<ahisham alnour
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 20

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: garjah)

    العزيز قرجة

    سألتني

    Quote: هل فكرة السودان الجديد لا زالت موجودة بنفس القوة ابان حياة صاحبها ام انها استرخت واصبحت ترفا ذهنيا يتحدث بها الساسة حتى لا يوصموا بالعنصرية ورغبة الانفصال ؟


    فكرة السودان الجديد لا ترتبط بمن استخدم هذا المفهوم في حياتنا السياسية - علما بأن مفهوم السودان الجديد ليس مفهوما جديدا وإنما هو مفهوم له تاريخ مبكر في بعض كتابات مثقفي السودان، صحيح أن قرنق منحه دلالات جديدة مرتبطة بقضايا الظلم والغبن التاريخي في السودان - ولذلك لا أظن أن هذا المفهوم سيخرج من حياتنا السياسية بوفاة من ارتبط به، قد نختلف حول دلالة المفهوم وحول القضايا التي يعالجها والمشكلات التي يحاول حلها والسمات والخصائص التي يعبر عنها أو باختصار ما هو الأشكال الأساسي الذي يعبر عنه هذا المفهوم ولكن ما نتفق عليه جميعنا هو اننا لا نريد السودان القديم سودان الظلامات والغبائن التاريخية سودان القوى الاجتماعية التي تريد جر السودان إلى العصور الوسطى بما تمليه عليها مصالحها الضيقة والتي لا تستطيع الافلات منها بضرورة طبيعتها الاجتماعية.
    ولذلك سيبقى مفهوم السودان الجديد حيا وملهما ولكن هناك ضرورة في استيضاحه والتفكير النقدي فيه حتى لا ننصرف إلى قضايا تبعدنا عن تحقيق هذا السودان الجديد واللحاق بالحياة الإنسانية المعاصرة.
                  

03-13-2006, 10:01 AM

hisham alnour
<ahisham alnour
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 20

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: عبد الله عقيد)

    الأخ عبد الله عقيد

    اعادة انتاج السودان القديم تعني ببساطة أن يدور الصراع السياسي في السودان وتتطور (بالأحرى تتأزم) حياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية ضمن ذات الإطار الذي انتج السودان القديم والذي حددته في المحاورة بـ(صراع الهويات). القوى التقليدية مارست حياتها ضمن هذا الإطار وتأزمت ضمنه والحركة الشعبية وقعت في شراكه بقصد التحرر منه. القوى التقليدية انتجت هذا الإطار ولذلك لن تتمكن من تجاوزه إلاّ إذا لم تعد قوى تقليدية أي إلا إذا تجاوزت إطارها النظري والفكري والسياسي والاجتماعي والإقتصادي باختصار إذا لم تعد هي هي. هذه القوى لا تنسجم مع مشروع الحداثة وإذا كانت تلتقي مع هذا المشروع في هذه المرحلة (مرحلة التحول الديمقراطي) فلأن مصالحها الحالية ضمن العلاقات القائمة الآن ترتبط بالديمقراطية كإجراء يتعلق بالتداول السلمي للسلطة عن طريق صندوق الاقتراع، فهي تصل عن طريقه للسلطة ضمن العلاقات القائمة الأن. ولكن هذه القوى لا تنسجم مع الديمقراطية كنظرية تماما مثل عدم انسجامها مع مشروع الحداثة ولذلك فإن مصير هذه القوى في السودان إذا اكتمل اندراجه في مشروع الحداثة هو أن تلعب دورا ثانويا أي أن هذه القوى لن يصير إليها قيادة السودان في تلك المرحلة من تطوره.

    ولأن هذا الأمر لن يتم بإنقلاب عسكرى ولا بمصادرة حق هذه القوى في الوجود السياسي وفي التعبير عن نفسها بمختلف الأشكال فليس هنالك من سبب للحديث عن الإقصاء إن الإختلاف مهما كانت درجته لا يعني بأي حال من الأحوال الإقصاء. والأحزاب تنشأ للتعبير عن قوى اجتماعية وعن مشاريعها في الحياة ولذلك من الطبيعي أن لا ينتمي حزب ما لمشروع ما. والمهم هو كيف نتقبل هذه الحقائق وكيف نتعامل معها.

    الصديق قرجة سأرد على أسئلتك في المرة القادمة ووفي شوق لمساهمة العزيز عادل
                  

03-11-2006, 09:17 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: hisham alnour)

    كتب صديقنا قرجة
    Quote: عادل محمد عثمان

    بالله انت عجوز ...قدر كده؟

    عندما كنا صغارآ كنا نتغالط فى الاعمار. فيحتج بعضنا ببلاغة ملتبسة: (امشى كده بالله! عمرك كم؟ تعال ارضع!).
    هشام وانا ذهبنا الى نفس المدرسة الابتدائية. ونفس المدرسة المتوسطة. ونفس المدرسة الثانوية. ونفس الجامعة. وسكنا فى نفس المدينة كل حياتنا او معظمها.
    وقرجة دفعتنا، الحجل بالرجل! ولكنى اعلم اننى اسن منهما. ولكنهما، هشام وقرجة، اكبر منى فى المقام والانسانية.
    ______
    الاخ هشام وبقية الاخوة
    سوف اعود لمناقشة الفكرة الاساس: الحداثة. modernisation paradigm وفى سياقها الموضوعات التالية التى وردت فى الحوار بين هشام والاستاذ مكى:
    1- بناء الدولة الحديثة في السودان
    2- قراءة التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في السودان
    3- برنامج إكمال إندراج السودان في مشروع الحداثة واللحاق بالحياة الإنسانية المعاصرة
    4- رؤية جون قرنق للسودان الجديد
    _____
    ستالين حاول بناء دولة حديثة، صناعية متقدمة، على حساب الحرية وحقوق الانسان.
    الجبهة الاسلامية حاولت فرض مشروعها "الحضارى"، التنموى، بالقوة المحضة وبالحروب الاهلية.
    عبد الناصر فى مصر حاول تطبيق نموذج المستبد العادل. ببنائه دولة اشتراكية قامعة ومتسلطة authoritarian.
    قد لا يرى الناس من اول وهلة الصلة بين:
    التجربة الماركسية الستالينية السوفيتيتة/الروسية
    والتجربة الاسلاموية السودانية
    والتجربة الناصرية الاشتراكية المصرية

    ولكننى ارى ثمة صلة عضوية بين هذه التجارب على اختلافها الايديولوجى الظاهر.
    سوف اعود لتبيين هذه الصلة ومواصلة النقاش فى هذه الموضوعات الهامة.

    (عدل بواسطة Adil Osman on 03-11-2006, 11:39 AM)

                  

03-13-2006, 10:05 AM

hisham alnour
<ahisham alnour
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 20

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: Adil Osman)

    الأخ عبد الله عقيد

    اعادة انتاج السودان القديم تعني ببساطة أن يدور الصراع السياسي في السودان وتتطور (بالأحرى تتأزم) حياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية ضمن ذات الإطار الذي انتج السودان القديم والذي حددته في المحاورة بـ(صراع الهويات). القوى التقليدية مارست حياتها ضمن هذا الإطار وتأزمت ضمنه والحركة الشعبية وقعت في شراكه بقصد التحرر منه. القوى التقليدية انتجت هذا الإطار ولذلك لن تتمكن من تجاوزه إلاّ إذا لم تعد قوى تقليدية أي إلا إذا تجاوزت إطارها النظري والفكري والسياسي والاجتماعي والإقتصادي باختصار إذا لم تعد هي هي. هذه القوى لا تنسجم مع مشروع الحداثة وإذا كانت تلتقي مع هذا المشروع في هذه المرحلة (مرحلة التحول الديمقراطي) فلأن مصالحها الحالية ضمن العلاقات القائمة الآن ترتبط بالديمقراطية كإجراء يتعلق بالتداول السلمي للسلطة عن طريق صندوق الاقتراع، فهي تصل عن طريقه للسلطة ضمن العلاقات القائمة الأن. ولكن هذه القوى لا تنسجم مع الديمقراطية كنظرية تماما مثل عدم انسجامها مع مشروع الحداثة ولذلك فإن مصير هذه القوى في السودان إذا اكتمل اندراجه في مشروع الحداثة هو أن تلعب دورا ثانويا أي أن هذه القوى لن يصير إليها قيادة السودان في تلك المرحلة من تطوره.

    ولأن هذا الأمر لن يتم بإنقلاب عسكرى ولا بمصادرة حق هذه القوى في الوجود السياسي وفي التعبير عن نفسها بمختلف الأشكال فليس هنالك من سبب للحديث عن الإقصاء إن الإختلاف مهما كانت درجته لا يعني بأي حال من الأحوال الإقصاء. والأحزاب تنشأ للتعبير عن قوى اجتماعية وعن مشاريعها في الحياة ولذلك من الطبيعي أن لا ينتمي حزب ما لمشروع ما. والمهم هو كيف نتقبل هذه الحقائق وكيف نتعامل معها.

    الصديق قرجة سأرد على أسئلتك في المرة القادمة ووفي شوق لمساهمة العزيز عادل
                  

03-18-2006, 10:43 AM

hisham alnour
<ahisham alnour
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 20

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: hisham alnour)

    أم بخصوص رؤيتي للهوية فهي باختصار أن الهوية أمر مصطنع نصوغه بروايات التاريخ والأدب أي هي نتاج للتدوين والرواية في سياق صراع اجتماعي محدد ولذلك فهي لا تصلح كأداة نظرية للتفسير والتحليل بل أن صراع الهويات هو الذي يحتاج إلى تفسير ولذلك يصبح صراع الهويات عندي أيديولوجيا لأنها تزيف وعينا وتحجبنا عن الأسباب الحقيقية للصراع في بلادنا. وقد حاولت أن أفحص الجذور العميقة لمفهوم الهوية لأصل إلى الاستنتاج ـ مع أدورنو _ القائل بأن لا شئ هنالك يتمتع بهذا الجوهر الميتافيزيقي المسمى "الهوية" وأن تفكير الهوية identity thinking هو تفكير السيطرة وأن تفكير اللا هوية non-identity thinking هو التفكير الذي يعبر الاختلاف والتغيير وهو ما حاولت تطبيقه على مفهوم الهوية وإن لم أستغرق في شرحه في المحاورة وهو أمر يتطلب مقالا منفصلا.
                  

03-19-2006, 09:38 AM

hisham alnour
<ahisham alnour
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 20

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: hisham alnour)

    العزيز قرجة

    سألتني

    Quote: هل فكرة السودان الجديد لا زالت موجودة بنفس القوة ابان حياة صاحبها ام انها استرخت واصبحت ترفا ذهنيا يتحدث بها الساسة حتى لا يوصموا بالعنصرية ورغبة الانفصال ؟




    فكرة السودان الجديد لا ترتبط بمن استخدم هذا المفهوم في حياتنا السياسية - علما بأن مفهوم السودان الجديد ليس مفهوما جديدا وإنما هو مفهوم له تاريخ مبكر في بعض كتابات مثقفي السودان، صحيح أن قرنق منحه دلالات جديدة مرتبطة بقضايا الظلم والغبن التاريخي في السودان - ولذلك لا أظن أن هذا المفهوم سيخرج من حياتنا السياسية بوفاة من ارتبط به، قد نختلف حول دلالة المفهوم وحول القضايا التي يعالجها والمشكلات التي يحاول حلها والسمات والخصائص التي يعبر عنها أو باختصار ما هو الأشكال الأساسي الذي يعبر عنه هذا المفهوم ولكن ما نتفق عليه جميعنا هو اننا لا نريد السودان القديم سودان الظلامات والغبائن التاريخية سودان القوى الاجتماعية التي تريد جر السودان إلى العصور الوسطى بما تمليه عليها مصالحها الضيقة والتي لا تستطيع الافلات منها بضرورة طبيعتها الاجتماعية.
    ولذلك سيبقى مفهوم السودان الجديد حيا وملهما ولكن هناك ضرورة في استيضاحه والتفكير النقدي فيه حتى لا ننصرف إلى قضايا تبعدنا عن تحقيق هذا السودان الجديد واللحاق بالحياة الإنسانية المعاصرة.
                  

03-19-2006, 04:03 PM

HAYDER GASIM
<aHAYDER GASIM
تاريخ التسجيل: 01-18-2005
مجموع المشاركات: 11868

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: hisham alnour)

    الأخ العزيز ... هشام

    تحياتي ... وأشواقي

    نعم الطلة ... فالموضوع مهم والحوار عميق وإن تجاسرت عليه الفلسفة.

    مشروع ا لدولة القومية يضمحل الآن أمام أعيننا , وذلك بتحلل عناصره المكونة أو قل تفككها ,

    , وما أحدثته التجربة من تغيير فى مظهر وجوهر عناصر التكوين الأولى , فلا

    يمكن رتقهاأو إعادة برمها على نول الدولة القومية مرة أخرى , فالتاريخ لم يعلمنا بعد أن يعيد

    خطاه على ذات المسار , خاصة والتاريخ نفسه هو الذي حكم على هذا المسار بالإنقضاء وإنتهاء

    الرحلة . يظل بهذا حكم قرنق على ألا عودة للسودان القديم متسقا مع جوهر الأمر فى تداعيه

    التاريخي , وهو حكم صحيح خال من الإلتباس , ويفتح الطريق من ثم إلى البديل , ولا أخفي إعجابي

    هنا بفكرة الدولة الدستورية , لأنها تتماهي فى فرضية المواطنة كحق أصيل , وكأساس إجتماعي

    وقانوني وأخلاقي لمشروع الدولة البديل .

    إذن نحن الآن فى مرحلة إنتقالية , وليس هنا ثمة إمكانية لفصل ميكانيكي بين السودانين القديم

    المحتضر والجديد الآخذ فى الإنبعاث , فالسالب فى تجربة السودان القديم هو وقود التغيير وملهم

    ضرورته , والموجب يتجسر بالجديد ويلتحق به إلتحاقا خلاقا فى سياق مشيئة التطور وتراكمها

    التاريخي . السؤال الذي يلح على , وإذا كان التغيير لا مندوحة منه , فهل يا ترى سنتغير للإفضل

    أم الأسوأ , الأفضل هو تجاوز مشروع الدولة القومية إلى الدستورية كما سبقت الإشارة , والأسوأ أن

    تنحدر بنا الإمور إلى مرحلة ما قبل الدولة الوطنية , يعني مشروع اللا دولة , وما يضفي دلالات

    موضوعية على هذين الخيارين هو توافر مقوماتهما بشكل عملي وعلى الأرض , فيما يعني أن الصراع

    الدائر فى السودان وما يعتمل فيه من مخاض , لا يحتمل غير ميلاد جديد .

    مشروع السودان الجديد يحتاج إلى مدارسة وتأمل , كما أنتم الآن تفعلون ... يجذبني هذا الحوار

    وأثمن عاليا مستواه ومحتواه ... فقدما .
                  

03-22-2006, 08:41 AM

hisham alnour
<ahisham alnour
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 20

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاورة نظرية حول رؤية قرنق للسودان الجديد بين محمد عثمان مكي وهشام عمر النور (Re: HAYDER GASIM)

    الأخ العزيز
    حيدر أبو القاسم

    توقعت أن تكون من بين المعلقين على هذا البوست ولم تخيب ظني فعلى نحو ما أدرك ان بيننا هموم ومواقف مشتركة كثيرة السياسي هو احدها وليس جلها.

    أظن أننا نتفق في غالب ما تداولناه وبالأخص في الحكم على السودان القديم بأنه وصل إلى نهاية طريقه المسدود وهو حكم كما قلت لا إلتباس فيه
    Quote: يظل بهذا حكم قرنق على ألا عودة للسودان القديم متسقا مع جوهر الأمر فى تداعيه التاريخي , وهو حكم صحيح خال من الإلتباس
    ولكن هل صحيح أن هذا الحكم كافي وحده لفتح الطريق إلى البديل كما قلت ,
    Quote: ويفتح الطريق من ثم إلى البديل
    لا أظن فما يفتح الطريق إلى البديل ليس هذا الحكم وحده وإنما أيضا التصور الصحيح لما يدور حوله الصراع لأن إدارة الصراع على ذات أسس السودان القديم (أي أسس الهوية والدولة القومية) سيعيد انتاج السودان القديم وإن أدعى التحرر منه ولأن السودان القديم قد انتهى إلى طريقه المسدود فإن إعادة انتاجه ستعني بالضبط تفككه وانهياره وهو ما أشرت إليه بــ
    Quote: والأسوأ أن
    تنحدر بنا الإمور إلى مرحلة ما قبل الدولة الوطنية , يعني مشروع اللا دولة
    إن إلتباس الحركة ليس في حكمها على السودان القديم وإنما في مشروعها للسودان الجديد وفي المفاهيم والتصورات التي يقوم عليها هذا المشروع إلتباس الحركة في الإشكال الرئيسي الذي يدور عليه الصراع في السودان وهي إلتباسات تلعب دورا معوقا لأنها تخلق تصورات زائفة حول مختلف القوى الاجتماعية والسياسية وأدوارها تنتهي بأخطاء في التكتيكات السياسية وفي معاركها في الجبهات المختلفة (الفكرية والسياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية) والسوء الفادح أن هذه الالتباسات ستقود الحركة إلى فقدان الأمل في تحرير سودانها القديم مما سيؤدي في الغالب - إذا جرت الأمور على ذلك النحو - إلى الانفصال وهي نتيجة أرجو أن نعمل بجد لتفاديها وأعتقد أن مثل هذا الحوار هو جزء من هذا العمل الجاد.

    (عدل بواسطة hisham alnour on 03-22-2006, 08:49 AM)
    (عدل بواسطة hisham alnour on 03-22-2006, 08:53 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de