مقال لعلي عسكوري :

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 09:00 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-18-2018, 07:14 PM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مقال لعلي عسكوري :

    06:14 PM December, 18 2018

    سودانيز اون لاين
    زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم
    مكتبتى
    رابط مختصر


    ازدادت في الفترة الأخيرة وتصاعدت احتجاجات السودانيين من ما آلت إليه أحوالهم وأحوال البلاد وصعوبة الحياة أو شبه توقفها بجانب الدمار الشامل لكل مؤسسات الدولة والقطاعات المنتجة والخدمية على السواء، وفساد دواوين الدولة والخدمة العامة، حتى تحولت البلاد الى سجن للبشر تحرسه العديد من المليشيات المسلحة التي يتدافع رجال الدين لتبرير ممارساتها البربرية ضد السجناء.

    وإن تركنا عامة الناس من البسطاء جانباً، على كثير من " المتعلمين" – بتوع المدارس – خاصة الإسلامويين؛ ألا يشتكوا مطلقاً، إذ لن يقبل أحد منهم شكواهم! لقد حذرهم خصومهم لعقود من عاقبة الدولة الدينية، ليس فقط على غير المسلمين، بل على المسلمين أنفسهم، لكنهم اعتقدوا أنهم سيأتوا بما لم يأت به الأوائل، وهكذا نراهم الآن يحصدوا ما زرعوا. لأن ما نراه اليوم في بلاد السودان ليس أمراً استثنائيا، بل هو الدولة الدينية في كامل تجلياتها. فالدولة الدنية – مسيحية كانت أم إسلاموية – ما هي في حقيقتها إلا فساد شامل وملك عضوض ودمار لا حدود ولا ساحل له، ولجة من العنف والخراب ليس لها قرار!

    يجب ألا يعتقد أي شخص، أن هنالك دولة دينية أخرى، أو أن الدولة الحالية "إنحرفت" عن مسارها وأهدافها. ففي واقع الأمر لم يحدث أي إنحراف ولم تخطئ الدولة أهدافها، بل حققتها بالكامل، وإن لم تبلغ بعد هدفها النهائي ونهايتها المعلومة وهي تدمير ذاتها. وما نراه الآن ما هو في حقيقته إلا المرحلة الأخيرة نحو تدمير الذات، بعد ما لم يتبق لها شيئاً آخر لتدمره! فالدولة الدينية في جوهرها طاقة تدميرية جبارة لا تنته إلا بتدمير نفسها بعد أن تكون قد قضت على الأخضر واليابس من حولها، فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله، وهي شر مستطير لا يبق على شيء من الحياة، ذلك هو تاريخها القديم والحديث!

    كنت قد قرأت أثناء البحث للتحضير لكتابي عن دولة الترابي: " حياكة الدجل .. الترابى المغامرة والفشل" عدد غير قليل من الكتب توثق لما دار في أوروبا إبان سيطرة الكنيسة الكاثوليكية على مقاليد الحياة والسياسة في أوروبا. ومن واقع ما قرأت فقد اضاعت الدولة الدينية على الشعوب الأوروبية ثمانية قرون ونيف سفكت فيها شلالات من الدماء يعجز العقل عن تصورها. وكان حرق البشر أحياء او صلبهم أو تقطيعهم الى أربع أجزاء ما يعرف بـ quartering أو إغراقهم او سحلهم بالخيول في الطرقات، ممارسة يومية لا يتوقف عندها الناس. كل ذلك العنف، وأوروبا تغرق في ظلام دامس ويتضور الناس جوعا، بينما كان رجال الدين يعتقدون أنهم ينفذون مشيئة الله في الخلق!

    سبب لي اطلاعي على تلك الكتب معاناة نفسية قاسية وصعب على النوم ليلاً نتيجة للكوابيس المرعبة التي انتابتني من البشاعة والوحشية التي وقعت، مما اضطرني للتوقف عن القراء ليلاً وهو الوقت المفضل عندي (اشرت الى بعض تلك المراجع في الكتاب لمن يرغب، آمل فقط ألا يلعنني إن أصابه ما أصابني من كوابيس ورعب وصدمة). حقيقة، استصعب علىّ فهم أن تبلغ النفس البشرية ذلك القدر من الوحشية والبربرية اللامتناهية. تمت كل تلك البربرية باسم الرب والمسيح، وها هم جماعة الإنقاذ يعودون اليوم في الألفية الثالثة ليسيروا في ذات الطريق!

    وبالنظر لما وقع في أوروبا أيام الدولة الدينية، لم يكن مستغرباً أن تكون الفكرة الأساسية لمخابرات الإمبراطورية البريطانية هي زراعة حركة الأخوان المسلمين في منطقة الشرق الأوسط والالتزام برعايتها حتى قوىّ عودها. لقد كانت المخابرات على علم تام بالطبيعة التدميرية للدولة الدينية، فغرست من يتولى أمرها لتدمير المجتمعات من الداخل مستخدمين أقدس ما عندهم: العقيدة!

    كان من حظ الشعب السوداني التعيس أن يتمكن حسن الترابى من التآمر بليل وبناء دولة دينية متطرفة في بلاد لا تعرف التطرف الديني. وفى حقيقة الأمر لم تكن بلاد السودان ضمن المجتمعات المستهدفة التي غرست مخابرات الإمبراطورية البريطانية حركة الأخوان المسلمين لتدميرها من الداخل... ولكنه حظ التعيس!

    ومن دون إثارة للإحباط او تثبيط لهمم المناضلين والناشطين والمعارضين، فقناعتي الراسخة، من واقع قراءتي للتاريخ وتجارب الدول الدينية، إن الدولة الدينية لا تأبه ولا تهتم ولا تستجيب ولا تؤثر فيها المظاهرات والاحتجاجات السلمية، او العصيان المدنى الخ.. فحكام السودان اليوم لا يهمهم مطلقاً إن مات شعب السودان جوعاً او مرضاً، فهذا ليس مما يعنيهم، بل يعتقدون أن ذلك مما يتقرب به الى الله! وعلى كل، فالذين يعتقدون أن آليات النضال السلمي كفيلة بإسقاط الإنقاذ، ينقصهم الفهم الصحيح لطبيعة الدولة الدينية. الدولة الدينية من واقع التاريخ لن تسقط بعمل او احتجاج سلمى، تذهب فقط بعنف مفرط يتفوق علي عنفها، يدكها دكاً ويزيلها من الوجود والى الأبد. علينا أن لا ننسى أن رئيسهم سبق وأن قال العام 1992:" إننا أخذنا السلطة بالقوة ومن أرادها فعليه تجهيز بندقته"! نفس القائل لا يزال هو الحاكم، لم نسمع عنه اعتذار عن ما قال، كما أنه لم يعلن أنه قد غير رأيه. يضاف الى ذلك أنهم يعتقدون في قرارة انفسهم أن الشعب السوداني وبلاد السودان "غنيمة" ساقها الله لهم، ولذلك لهم الحق أن يفعلوا بها ما يشاؤون، فلماذا إذن يتنازلون عن ما ساقه الله لهم. هذا الفهم، هو ما يجعلهم يرفضون كل الحلول السلمية ويتنكرون لأي اتفاق.

    لا أدعوا بما أقول الى العنف، رغم أنه واقع، لكن الدولة الدينية ستجر الشعب السوداني جراً من خناقه الى مواجهتها بالعنف، ومهما اجتهد السودانيون في تجنب العنف ستحاصرهم بكل السبل، ولن تترك لهم خياراً آخر غير منازلتها! هذه حتمية تاريخية لا مفر منها، وقد بدأت نزرها تلوح وتتصاعد، وأصبحت مسألة وقت فقط! لا تملك المجموعة الحاكمة أي تصور آخر للحكم سوى ما تمارسه منذ ثلاثين عاما، وما تطرحه على الآخرين هو: إما أن يقبلوا بنظامها او مواجهتها، لا توجد في الدولة الدينية منطقة وسطى، ليس عندهم شيء اسمه الآخر، فهم إما أن يحكموا لوحدهم او يذهبوا للمزبلة.

    تجربة الإنقاذ لا تختلف عن سابقاتها من الدول الدينية، فقد جاءت بالعنف، واتخذته وسيلة ونهجاً للحكم، إغتالت الأبرياء في بيوت الأشباح والطلاب والمعارضين وأصحاب الحقوق بدم بارد دون أن تحاكم القتلة. أشعلت الحروب العبثية في جهات عديدة، ثم اسفرت عن عنفها المفرط مرتين في العاصمة، المرة الأولى في إبادة طلاب الخدمة المدنية في العيلفون، والأخرى في مظاهرات سبتمبر 2013، حين اغتالت أكثر من مئاتي شاب أعزل أمام الجميع!

    ستستمر الإنقاذ في قمعها المفرط للشعب السوداني وستواصل قتله لأن القائمون عليها يعتقدون أنهم يمثلون المشيئة الإلهية، تماماً كما فعل من سبقوهم، ولذلك ليس مستغرباً أن أصبحنا نسمع هذه الأيام أن الإنقاذ لو سقطت" لن تقوم للإسلام قائمة"، وكأن الإسلام دين خاص بالسودانيين وحدهم، أو ان السودانيين دخلوا الإسلام مع الإنقاذ. يعكس هذا القول في جوهره الاعتقاد الجازم عند القوم أنهم يمثلون المشيئة الربانية وانهم يحكمون باسم الله. من تعشعش في خياله مثل تلك الأوهام؛ لا يمكن إقناعه بالمنطق، او تغييره بالتظاهرات السلمية او الاحتجاجات الشعبية. هذه هي الحقيقة التي يتوجب على من يعملون لإسقاط الإنقاذ استيعابها، حتى يدركوا حجم التحدي الذى يواجهون.

    إن الظروف التي يواجهها الشعب السوداني اليوم كافية لإسقاط أي نظام حكم، لكن الاحتجاجات السلمية او توقف الحياة كليةً، او انهيار الاقتصاد او موت الناس جوعاً وضنكاً لن يهز شعرة في الدولة الدينية، ولا يهتم به مسئولوها مطلقاً ولا يعنيهم في شيء، لأنهم يعتقدون أن ما يحدث هو "ابتلاء" من الله للناس لسوء أعمالهم لولوغهم في الفواحش والمحظورات ومخالفتهم للنواهي الدينية. لا يذكرون مطلقاً سوء إدارتهم للشأن العام ولا فسادهم الذي يزكم الأنوف وتبذيرهم للمال العام، ونهبهم لحقوق البسطاء والفقراء! يعتقدون جازمين أن الناس "صابرون" عليهم لأنهم يقيمون "أمر الله"...(هكذا)! رغم انهم يعلمون أن الناس مغلوبين على أمرهم وليسوا صابرين. فالصبر أمر طوعي، أما الغلبة على الأمر فهي نتيجة للقهر، وعجز المقهور عن فعل شيء حيال ما يصيبه، رغم رفضه له.
    من لطف الله بخلقه أن أحد أهم سمات الدولة الدينية هو الانقسام والصراع الداخلي، وما نراه الآن من تشققات في صفهم ومن مؤامرات ودسائس ضد بعضهم البعض حيث تحاول كل مجموعة افتراس الأخرى، ربما يعجّل بنهايتهم ويجنب الشعب السوداني شرور العنف. الراجح عندي انقسامهم، لكن حتى انقسامهم هذ المرة لن يكون دون عنف مستطير بينهم. سيحصدوا ما زرعوا من عنف، فحجم التناقضات بينهم أصبح عصياً على السيطرة، والفشل الذي تسببوا فيه بتدمير البنيات الإنتاجية للدولة سيزيد من أزماتهم مما يضاعف من فرص انقسامهم، إذ أن الأزمات التي يواجهونها لا حلول لها في الأفق في ظل نهج حكمهم المرفوض داخلياً وخارجياً.

    صفوة القول، أن مآلات الصراع في السودان "مخيفة" لأن القائمين على الأمر استمرأوا السلطة والفساد واسكرتهم مغانمها وانغمسوا في طغيانهم وفسادهم يعمهون غير عابئين بحياة الناس، ولن يطول الحال بالناس حتى يبدأ "عرض الفيلم" الذي ظللنا نشاهد مناظره لقرابة الثلاثة عقود، وسيكون انفجار له دوى ستسمعه الأرض من أقصاها الى أقصاها




















                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de