(ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) اصدارة جديدة في معرض الخرطوم الاسبوع القادم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 03:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-14-2018, 04:58 AM

صلاح أبو زيد
<aصلاح أبو زيد
تاريخ التسجيل: 01-29-2011
مجموع المشاركات: 1434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
(ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) اصدارة جديدة في معرض الخرطوم الاسبوع القادم

    04:58 AM October, 13 2018

    سودانيز اون لاين
    صلاح أبو زيد-
    مكتبتى
    رابط مختصر

    الى أصدقاء و زملاء هذاالانسان النادر الجميل محمد حمدي

    لكل قراء حمدي تلك المجموعات التي داومت على متابعته عبر مراسلاته الدؤوبة وصفحة الفيس بوك
    الى كل الذين وقفوا خلف هذا العمل الرائع الحلم الذي اصبح حقيقة لفتح باب كبير لقراء آخرين وهو جدير بهذا الفتح
    حمدي القادم من جوف المعاناة و الصبر الطويل ،
    صدرت المجموعة عن دار مدارات قبل ايام وستكون متوفرة في معرض الخرطوم الدولي الاسبوع القادم
    تصميم الغلاف للشاعر محمد الصادق الحاج
    و التقديم لصديقنا الكاتب و الناقد دكتور عبد الماجد الحبوب






















                  

10-14-2018, 05:32 AM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20490

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا (Re: صلاح أبو زيد)

    جذبني العنوان بشكل خرافي...

    بالنسبة لتجربتي المتواضعة أصعب مرحلة في إنتاج النصوص هي عناوينها...

    ربما لذلك الجهد المبذول في نحتها،

    تخظى بعض عناوين العبدلله بقبول كبير..

    هل يمكن تعريف القرّاء يا صلاح بصديقك حمدي؟
                  

10-14-2018, 06:37 AM

صلاح أبو زيد
<aصلاح أبو زيد
تاريخ التسجيل: 01-29-2011
مجموع المشاركات: 1434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا (Re: osama elkhawad)
                  

10-14-2018, 03:40 PM

صلاح أبو زيد
<aصلاح أبو زيد
تاريخ التسجيل: 01-29-2011
مجموع المشاركات: 1434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا (Re: صلاح أبو زيد)

    رواية مترجمة

    https://imggmi.com
                  

10-14-2018, 04:38 PM

صلاح أبو زيد
<aصلاح أبو زيد
تاريخ التسجيل: 01-29-2011
مجموع المشاركات: 1434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا (Re: صلاح أبو زيد)

    يا خواض سلام
    بعض معلومات عن الصديق حمدي
    محمد حمدي محمد



    جامعة الخرطوم كلية الآداب ماجستير تعليم العربية للناطقين بغيرها
    مدرس لغة انجليزية ومادة الترجمة ومترجم يتقن الفرنسية وعدة لغات اوروبية
    يمارس ترجمة الروايات الاجنبية الى العربية قام بترجمة روايات جاهزة للنشر
    يكتب الشعر و له قصائد تميزت بعناوين بديعة ،
    كاتب لقصص قصيرة
                  

10-14-2018, 06:07 PM

صلاح أبو زيد
<aصلاح أبو زيد
تاريخ التسجيل: 01-29-2011
مجموع المشاركات: 1434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا (Re: صلاح أبو زيد)

                  

10-14-2018, 10:32 PM

صلاح أبو زيد
<aصلاح أبو زيد
تاريخ التسجيل: 01-29-2011
مجموع المشاركات: 1434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا (Re: صلاح أبو زيد)


    النصوص الحافية
    تلك المدينة وأزمنة زنوبة (٢)
    محمد حمدي
    ولى النهار طاويا ثرثرته الحمقاء، وهبت نسمة مسائيةعابرة كنست أصوات المرابين والسفلة التي علقت بأزقة السوق وعمت السكينة، وبقيت أنا و زنوبة نسير ناحية عشتهم قرب ساحة القطارات القديمة. كانت تطالع السماء تبحث عن أنجم معينة . حظها أبهى ما يكون حين ميلاد الأهلة، و حين تتلألأ تلك النجميات التي تعرف مواقعها وتُعلِّم سعدها ، ولكن أنى نحن ورؤية النجوم وسماء المدينة ملبد بالغبار والضجيج والضوء. حين ترى تلك النجميات تقصد ضارب الرمل وتستطلع القادمات من أيامها. مررنا تحت الجسر و درنا حول مكب النفايات الذي ينمو بقربه دغل. بغتة تعلقت بي متشبثة بقوة وهي تصرخ بذعر:
    — دبيييييب دبييييب!!!
    اتوقفت منتبها وأبصرت أمامنا ثعبانا متوسط الحجم ،من ذلك النوع الذي يعتاش على بيض الطير، ومع ذلك كان مظهره المحرشف الناعم كافيا لجعل القشعريرة تسري في الجسد . ثم طافت بذهني صورا لأنواع الثعابين الغريبة خاصة تلك التي يقال إن الواحد منها يكمن في الأجمة ويلتف حول عنق ضحيته حتى تنهمر دموعه فيبدأ في لحسها ولا يتركها إلا بعد أن يرتوي .
    دهشت برهة لدى سماعي الكلمة —دبيب- ، كأنني أسمعها أول مرة ،أو ربما لأنني لم أسمعها منذ سنوات طويلة ، وبدا وقع جرسها في أذني مثل كلمة تنتمي للغة غريبة ميتة سقطت متقشرة من على جدار أحد الكهوف المنسية . مضى الثعبان يتلوى غير آبه حتى إندس في الدغل وظلت هي واجمة طوال مسيرنا .لم أقل لها شيئا يسري عنها أو لم تكن هناك كلمات تقال عادة في هذه المناسبة ، مثل العبارات التي تخرج خروجا آليا باهتا لتناسب وضعا أو حالة ما. وجدت نفسي أهتف ،كأنني أنادي صديقا قديما لمحته بغتة على ظهر عربة مسافرة :
    أندرو ميدا!
    نظرت إليّ حائرة بعينيها اللتين حملتني ووضعتني على شطء الغواية ثم راحت أصابعها تلهو بحبات العقد الذي بدا يتحول لعدد لا نهائي من الشموس الصغيرة الغاربة. هي أندروميدا في عصر آخر يحقن ليله بالكهرباء وأنا بريسويس خرجت من دياري أطلب رأس ميندوزا وميندوزا التي أنشدها هي وظيفة عصية. في بدء رحلتي وقفت في رمال متحركة ورأيت زنوبة وفتحت لي كوة ولجت منها وتركت الرمال خلفي والبحر وتبعتها في هذه المدينة المتعبة. جاءت بها مسغبة فحاصرتها الأفاعي: الناس، وتروس الأيام الصدئة والحظ الحرون وهي لا تحلم الآن بشيء غير دخول السينما.أهديتها عقدا من عقيق وأهدتني ساعة عتيقة غلفتها بابتسامة ساحرة ونحن نعبر السكك القديمة ذات مساء خضل.
    السيلما حقت الرجال ؟
    لا ،حقت الرجال والنسوان والشفع ،بس..
    بس شنو؟
    أيتها الوردة الخريفية جاء بك طوفان غاشم لهذه الضفة لتمنحبني عالما جميلا ولم أمنحك السكينة. و حملتك الصدفة مرة لبائع اللب أمام ذلك المبنى ذي الحيطان الخضراء العالية وسمعت غناء شجيا ولمحت شيئا ما يومض على حائط أكبر ، وسألت بائع اللب وقال لك: إنها السينما وودت لو أنك دخلتيها يوما لتري ما يجري هناك . وأقول لك الآن: هذا مكان ينفض المتعبون فيه همومهم وينسى العاشقون خيباتهم ويدفن الجميع أحزانهم في هذه الدار لبعض الوقت . هذه الدار ليست لك يوما سنذهب أنا وأنت للجهة الأخرى من المدينة وندخل تلك الدار التي رأيتها عابرا وأعجبتني هيئتها المصقولة وقلت سأدعوك يوما. وعدتك مرارا؟ حسنا كانت تلك مناسبات أخرى لزيارة أمكنة لم تربنها، ولكنك تعملين حتى أيام العطلات ولا تأتين إلا عند أول المساء. هذه المرة سنذهب.حسنا بإمكانك أن تستأذني من تلك العائلة التي تعملين لديها،يوم واحد ،يوم واحد فقط لا بآس..لابأس ...لا ..ل...

    يبهت صوت حماد، هل نام؟ أم أنني نمت، أم كلانا مستيقظ واستسلمنا للحظة ثقل فيها الحديث ولم يعد الهواء قادر على حمله، هي اللحظة نفسها التي صار فيها جسدي منيعا على لسع البعوض، أو ربما لم يعد يبالي به. أشعر أنني ارتفع من على الحشية الخشنة، بجناح فراشة، في صعود لطيف ،ناعم كالضوء.أنا فقير هندي ينام على المسامير هانئا كأنها دمقس، أسير فوق الجمر وينصهر دنس الشوارع الذي على جسدي ويجري أودية . لست أنا الذي يصعد خفيفا ونقيا كالماء ، أنا أحلم؟..لا أحلم بل أهفو للحلم أسير صاعدا درجا وأنضو عني ثيابي الزائفة،أرتب الحروف وأبعثر لغتي ،أعجن حروفا جديدة لتولد كلمات لم يألفها البشر بعد، أغني بها واوزع ترانيمي لحداء القوافل ، أسير سيرًا حثيثا لأنتمي بحق لأزمنة زنوبة.

                  

10-15-2018, 06:09 AM

صلاح أبو زيد
<aصلاح أبو زيد
تاريخ التسجيل: 01-29-2011
مجموع المشاركات: 1434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا (Re: صلاح أبو زيد)

    جزء من ترجمة الفصل الاول لرواية أبسالوم أبسالوم لويليام فوكنر

    يتميز أسلوب الروائي الامريكي ويليام فوكنر. بالجمل الطويلة المعقدة التي وإن بدت للقاري ء مربكة إلا إن متعة القراءة لحد الدهشة يتعذر الحصول عليها في غيابها. وغياب الصور المركبة التي تزخر بها رواياته والكلمات ذات المعنى المزدوج ، وقعت في حب فوكنر من أيام الدراسة الجامعية حين كان يسوقنا أستاذنا الدكتور محمد أحمد محمود بأسلوبه الساحر والآسر عبر أحداث قصة زهرة لأجل السيدة إيميلي، في ما يلي محاولة أولية مني لترجمة رواية أبشالوم أبشالوم التي هي امتداد لأعماله الروائية الملحمية الرائعة عن الجنوب وأهله ، تفككه واضمحلاله.
    -1-

    من بُعيد السَّاعة الثّانية وحتى غروب شَمس ذلك الأصيل الطَّويل، والصَّامت والحار والمضجر من شهر سبتمبر، ظلا جالسين في الغرفة التي كانت الآنسة كولدفيلد تُصِرُّ على أن تُسَمِّيها مكتبًا؛ لأنَّ أباها قد سَمَّاها كذلك — غرفةٌ حارةٌ وخانقةٌ ذات شيشٍ مغلقٍ إغلاقًا محكمًا منذ ثلاثة وأربعين صيفًا؛ لأنَّ أحدهم، عندما كانت طفلة، رأى أنَّ الضُّوء وتيار الهواء يجلبان الحرارة، وأنَّ العتمة الدَّائمة أدعى للبرودة. تصبح تلك الغرفة، حين تكون الشَّمس في أوج سطوعها، على ذلك الجانب من البيت، مضاءةً بشرائط شبكيَّة صفراء محمَّلة بجزئيات الغبار، التي كان كونتن يعتقد أنَّها نتف من الطِّلاء القديم والجاف، التي طارت للداخل من على الشِّيش المتقشر كأنَّ ريحًا قد سفعتها.
    على تعريشةٍ خشبيَّةٍ أمام إحدى النَّوافذ ثمة نبتة وستاريا أزهرت مرَّتين في ذلك الصَّيف، وعليها كانت تحُطُّ عصافير الدُّورِي بين فينة وأخرى في أسراب عشوائيَّة، محدثة أصواتًا قويةً، حادةً وجافةً قبل أن تطير بعيدًا: وفي مواجهة كونتن جلست الآنسة كولدفيلد تتشح ثيابًا سوداء سرمديَّة، لا أحد يعرف إن كانت ترتديها حدادًا على أختٍ، أو أبٍ أو لا زوجٍ، على كرسي مرتفع جدًا حتى إنَّ ساقيها كانتا تتدليان مستقيمتين، ومُتَصَلِّبتين، كأنَّ عظام ساقيها وكاحليها كانت من حديدٍ، متحررتان من الأرضيَّة وعليهما ذلك الانفعال الخائر الذي تتسم به أرجل الأطفال. كانت تتحدَّث بنبرةٍ حادةٍ متحفظةٍ، ودهِشةٍ حتى تراجع الإصغاء وتبلبلت حاسة السَّمع من تلقاء نفسها، وتَجَلَّى موضوع إحباطها الهامد منذ أمدٍ بعيدٍ، واهنًا ومع ذلك لا يقهر، كأنَّما التَّكرار المريع قد استحضره، هادئًا ومسالمًا، من طيات الغبار المثابر والخامل والطَّاغي .
    لم يهمد صوتها بل تلاشى فحسب. وتبقت هناك الظُّلمة النَّتنة التي تشبَّعتْ بالرائحة الحلوة لنبتة الوستاريا التي أزهرت مرَّتين على الجدار الخارجي، تتكثف وتزداد كثافة لتعرضها لشمس سبتمبر الحارقة السَّاطعة، وعلى أفنانها تحلُّ عصافير الدُّورِي برفرفتها الصَّاخبة، الكئيبة التي تشبه فرقعة عصا لدنة يُلَوِّح بها صبي متبطل؛ والرَّائحة النَّتنة لإهاب أنثى استعصم طويلًا بالعُذْريَّة، وفي غضون ذلك كان الوجه المُصْفَرّ والشَّاحب يتأمَّله، من فوق المثلث الباهت لأشرطة الزِّينة التي تحلِّي جيدها ورسغيها، من على الكرسي المرتفع الذي بدت فيه كطفلةٍ مصلوبةٍ؛ لم يسكن الصَّوت ولكنَّه كان يتلاشى على فترات جيئة وذهابًا كخيط ماءٍ يجري من ضفةٍ رمليَّةٍ جافةٍ لأخرى، والشَّبح الغارق في تَأَمُّل مذعنٍ مبهمٍ، لكأنَّ هذا الصَّوت هو ما سحره حتى لا يكون له، مثل آخرين أوفر حظًّا، مأوى. من زَوْبَعَةٍ صامتةٍ ظهر بغتةً (إنسان — جواد — عفريت) على مسرحٍ وديعٍ ومحتشمٍ كلوحة ألوانٍ مائيةٍ تمنح جائزةً في مسابقةٍ مدرسيَّةٍ، من ملابسه، ومن شعره ولحيته كانت تنبعث رائحةٌ كبريتيةٌ كريهةٌ وطفيفةٌ، وخلفه احتشدت زمرته المكونة من زنوجٍ همجيين كوحوشٍ لم تروض بعد ترويضًا تامًا لتقف منتصبةً على قدمين كالبشر، في وضعيةٍ همجيَّةٍ ومطمئنةٍ، وفي وسطهم كان المهندس المعماري الفرنسي يرسف في الأصفاد بمظهره القاسي، والمنهك، الرَّث. ظلَّ الفارس الملتحي، رافعًا راحة يده، جامدًا على صهوة جواده؛ ومن خلفه احتشد السُّود الهمجيون والمهندس المعماري الأسير هادئين، وهم يحملون في مفارقةٍ سلميةٍ الجوارف والمعاول والفؤوس ليستولوا على الأرض بدون إراقة دماء. خُيِّلَ إلى كونتن، في خضم يقظته المديدة، أنَّه يشاهدهم يستولون بغتةً على مائة ميل مربع من الأرض السَّاكنة والمدهوشة، ويشيِّدون غصبًا بيتًا وحدائقَ متناسقةً من الفراغ الأخرس، ويلقونها كما تلقى أوارق لعب على طاولةٍ، تحت راحة اليد المرفوعة الجامدة والبابويَّة، مشيدين سُتْبن هندرد، شيء من قبيل لتكن هناك سُتْبن هندرد على غِرار العبارة الكائنة منذ الأزل: ليكن هناك نور. وإذ بسمعه قد أصلح ذات بينه وخُيِّلَ إليه أنَّه يصغى إلى شخصين منفصلين يحملان اسم كونتن: كونتن كمبسن الذي يعد نفسه للدراسة بجامعة هارفارد من الجنوب القصي الميت منذ سنة 1865 والمأهول بأشباح مهذارة ومرتبكة، مصغيًا، وعليه أن يصغي، لشبح من هذه الأشباح، الذي أبى أن يرقد بسلام منذ زمنٍ بعيدٍ قبل الآخرين، ليخبره عن الأيَّام الخالية للأشباح؛ وكونتن الذي كان حدثًا غيرآهل لنيل حظوة أن يكون شبحًا، ومع ذلك عليه أن يكون واحدًا منها؛ لأنَّه ولد وشبَّ في الجنوب القصي مثلها —- كان الشَّخصان المنفصلان اللذان يحملان اسم كونتن حينئذٍ يتحادثان في الصَّمت الطَّويل المقفر، بدون لغة على هذا النَّحو: يبدو أنَّ هذا العفريت — كان اسمه سُتْبن ( الكولونيل سُتْبن) —- الكولونيل سُتْبن، قد هبط من العدم على حين غرةٍ على الأرض مصطحبًا زمرة من الزُّنُوج الغرباء وامتلك مزرعة — (وانتزع غصبًا مزرعة، قالت الآنسة روزا كولدفيلد) —- انتزع غصبًا، وتَزوَّج أختها أيلين وانجب منها صبيًا وبنتًا، كلاهما — ( أنجبهما كلاهما بلا عاطفة، قالت الآنسة روزا كولدفيلد) —- بلا عاطفة.
    كانا سيصبحان جوهرتي فخاره وسنده وسلواه في شيخوخته، ولكنَّه —— (لكنَّه حطمهما أو شيء من هذا القبيل أو أنَّهما حطماه أو شيء من هذا القبيل ومات) —- ومات. دون أن يأسف لموته أحد، قالت الآنسة روزا كولدفيلد (خلافها هي) أجل خلافها هي ( وكونتن كمبسن) أجل وكونتن كمبسن.
                  

10-19-2018, 01:24 AM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20490

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا (Re: صلاح أبو زيد)

    Quote: وتبقت هناك الظُّلمة النَّتنة التي تشبَّعتْ بالرائحة الحلوة لنبتة الوستاريا التي أزهرت مرَّتين على الجدار الخارجي، تتكثف وتزداد كثافة لتعرضها لشمس سبتمبر الحارقة السَّاطعة، وعلى أفنانها تحلُّ عصافير الدُّورِي برفرفتها الصَّاخبة، الكئيبة التي تشبه فرقعة عصا لدنة يُلَوِّح بها صبي متبطل؛ والرَّائحة النَّتنة لإهاب أنثى استعصم طويلًا بالعُذْريَّة، وفي غضون ذلك كان الوجه المُصْفَرّ والشَّاحب يتأمَّله، من فوق المثلث الباهت لأشرطة الزِّينة التي تحلِّي جيدها ورسغيها، من على الكرسي المرتفع الذي بدت فيه كطفلةٍ مصلوبةٍ؛ لم يسكن الصَّوت ولكنَّه كان يتلاشى على فترات جيئة وذهابًا كخيط ماءٍ يجري من ضفةٍ رمليَّةٍ جافةٍ لأخرى، والشَّبح الغارق في تَأَمُّل مذعنٍ مبهمٍ، لكأنَّ هذا الصَّوت هو ما سحره حتى لا يكون له، مثل آخرين أوفر حظًّا، مأوى.

    في هذا المقطع الطويل المترجم من رواية لفوكنر، تتضح لنا جلياً المقدرة اللغوية الهائلة لحمدي في ترجمة الجملة الطويلة، والحفاظ على إيقاعها ودلالاتها...

    هذا صوت إبداعي متمكِّن، يا صلاح.
                  

10-19-2018, 03:36 AM

أبوبكر عباس
<aأبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا (Re: osama elkhawad)

    يا صلاح،
    علامات الترقيم في النص المترجم دا، حصل ليهن لخبطة من النقل والنسخ؟
    ولّ أصلهن كدا في الترجمة؟
                  

10-20-2018, 02:42 PM

صلاح أبو زيد
<aصلاح أبو زيد
تاريخ التسجيل: 01-29-2011
مجموع المشاركات: 1434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا (Re: أبوبكر عباس)

    Quote: في هذا المقطع الطويل المترجم من رواية لفوكنر، تتضح لنا جلياً المقدرة اللغوية الهائلة لحمدي في ترجمة الجملة الطويلة، والحفاظ على إيقاعها ودلالاتها...

    هذا صوت إبداعي متمكِّن، يا صلاح.

    يا اسامة قريبا سوف امدك بنسخة من الكتاب لترى الجانب الآخر لحمدي
    واهديك صوت ابداعي آخر في ترنيمة التوب السوداني وبقايا عطر عالقة على ذاكرة الساحات
    للأصدقاء
    حمدي
    دكتور عبد الماجد الحبوب صاحب المبادرة الذي جعل هذا ممكنا
    دكتور معتصم يوسف اتمنى ان تمده بنسخة يا حمدي اعرف ان اخبارك تهمه جدا،
    الاستاذ كمال معاذ وذكريات عش الدبور في الحمرية (سلطنة عمان)




                  

10-20-2018, 03:58 PM

صلاح أبو زيد
<aصلاح أبو زيد
تاريخ التسجيل: 01-29-2011
مجموع المشاركات: 1434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا (Re: صلاح أبو زيد)

    Quote: يا صلاح،
    علامات الترقيم في النص المترجم دا، حصل ليهن لخبطة من النقل والنسخ؟
    ولّ أصلهن كدا في الترجمة؟


    رسالة من حمدي ردا على سؤالك يا ابوبكر :

    نص الرسالة:
    "سأل أبوبكر عباس عن علامات الترقيم وهو محق في ذلك، لم أكمل الترجمة بعد ولا التصحيح النهائي ولكن سوف التزم بقدر الإمكان بفوضى علامات الترقيم كما أرادها فوكنر وكانت هي واحدة من الانتقادات التي وجهها له بعض النقاد. وظف فوكنر هذه الفوضى لأغراض أسلوبية بجانب طول الجمل التي تصل في بعض الأحيان لأكثر من ثلاثين سطرا ،والراوية بالفعل تحتوي في الفصل السادس واحدة من أطول الجمل في الأدب. رواية أبسالوم معقدة،تتداخل فيها الأصوات السردية وقد لجأ فوكنر للخط المائل ليوضح تغير الصَّوت السارد للأحداث ،كم أنَّه عن عمد يخرج عن قواعد اللغة الإنجليزيَّة ويمزج الهجاء البريطاني مع الأمريكي."
    ملحق للرسالة من حمدي:
    "وانا قصدت اتبع ما استطعت فوضى علامات الترقيم اللي هي واحدة من ميزات الرواية".
                  

10-21-2018, 04:54 PM

صلاح أبو زيد
<aصلاح أبو زيد
تاريخ التسجيل: 01-29-2011
مجموع المشاركات: 1434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا (Re: صلاح أبو زيد)

    كتب المقدمة لمجموعة حمدي القصصية ، الكاتب و الناقد و المترجم بكري جابر
    نبذة تعريفية مختصرة عن الأستاذ بكري جابر:
    تخرج في كلية الآداب جامعة الخرطوم قسم اللغة الإنجليزية
    عمل متعاونا مع مركز الدراسات السودانية بالقاهرة
    مترجم وترجم بعض الكتب
    له مساهمات نقدية منشورة
    قام بترجمة
    The man called Deng Majok
    لدكتور فرانسيس دينق
    ونشر بالعربية تحت عنوان:
    رجل يدعى دينق مجوك (سيرة زعيم ومجدد)
    **********************************
    بمثابة إضاءة

    (حين يتخصّبُ السردَ بطمي الذكريات)

    بقلم: بكري جابر

    لا يستوي السرد القصصي بوصفه فعلاً جمالياً إلاّ إذا توافرت له عناصرٌ ثلاثة: ذاكرةٌ و خيالٌ و لغة.فمن جدل الذاكرة و الخيال يتخلّق الإبداع الذي يستلزم لغةً تُشكّله نصاً يتغذي على رحيق الذاكرة و خصوبة الخيال. لأن الكاتب الذي يتعاطى مع السرد هو (حكواتي) يمتح خياله من معين مترعٌ بالذكريات و يتسلّح بلغةٍ تُعينه على إعادة إنتاج تلك الذكريات - التي تخصّه وحده - بصورة فنية تجعلنا نحن القراء شركاء ايضاً فيما اغترفته تلك الذاكرة من تفاصيل باتت عبر عملية السرد الجمالي ملكٌ للجميع.و القاص الماهر هو الذي يمتاز بالقدرة على إلتقاط تلك التفاصيل الصغيرة العالقة بمغنطيس الذاكرة ، و ينفض عنها غبار النسيان ثم يضعها في قالب رشيق يبرزها كفعل جمالي ممتع. و هذا ما يفعله القاص محمد حمدي هنا الذي يتحلي بذاكرة سردية ثرة - تخصّبت جيّداً بطمي الطفولة - و حملها خياله الوقّاد عبر لغةٍ أنيقة (لا تخلو من متانةٍ و تجويد) لتندلع لدينا نصوصاً تضجّ بالطرب و تكتنز بالحنين و تفيض كؤوسها بنبيذ الكلام.
    في هذه النصوص الطليّة، يتجليّ حمدي -المقذوف حديثاً الى فضاء السرد- قاصاً بارعاً و كأنه مارس الكتابة السردية ردحاً طويلاً. و يتكشّف ذلك من خلال قدرته الفذة على التلاعب بأساليب السرد، من فلاش باك و تقطيع و تداعي و مناجاة.و عبر حرصه الشديد على العناية باللغة التي أبانت، ليس فقط شاعريته الجزلة، بل ايضاً تبحره في أسرارها كراهب قضى زمناً داخل محرابها الوضئ.فاللغة عنده ليست مفردات و تعابير و بناءات تنغمس في عسل البلاغة و تذوب في رحيق الشعر فقط، بل هي ايضاً دفق صوفي ينبع من بئر عميق ليغمرنا بعذوبته التي تبعث على النشوة والإرتواء.لذا نجده يعمدُ الى إنتخاب لغةٍ مسبوكة بعناية و مشغولة بمهارة (أُسطى) بارع،يعرف كيف يختار المفردات و يرصّها بحِرفيةٍ عالية بعد أن يحقنها بماء الشعر،فتخرج نصوصه القصصية و كأنها قصائد مطوّلة في شكل سرديات.
    تتفشى هذه اللغة الشعرية في جميع نصوص المجموعة التي تكاد تخلو من لغة الحوار لصالح المناجاة و التداعي الحر مما يجعل الأنا الساردة تهيمن على الروي. و لكأن القاص يريد ان يوهمنا بأن (أناه) وحده هى المعنية بهذا التداعي الذي لجأ اليه كنوع من الإستشفاء أو الهروب من لعنات الواقع.و نسي حمدي بأنه كان يكتبنا جميعاً حين سكب ذاكرته على رمل الحنين.و لم تكن تلك الشاعرية نوعاً من (الرتوش) اللغوية الفائضة عن حاجة النص، بل هي (المونة) اللازمة لتماسك بنيان النص و تمتين (مداميكه).
    و أبرز ما يتجلى ذلك في مدخل قصة (أُمنية) التي ينبسط فيها الشعر كممشىً يسوقنا الى غرف السرد الأنيقة: “ماذا لو أن قمراً هبط من عليائه،و عبأ الأسلاك اليابسة لإعمدة النور؟ إذ عسى أن تنهض المصابيح الهرمة من سباتها و تذيب العتمة بضوء ينبثق بغتةً من العدم.شئ ما يحرك السكون و يمنحنا فرحاً عصيّا”..أو كما في قصة (لقاء) التي جاءت في شكل (منثورة) شعرية قصيرة هكذا: “إلتقاها و الفصل تنور فأفردت له بعينيها حدائق و نشرت بضحكتها الغيم فوق رأسه و ابتلت أيام مايو بالندى،و مشيا ليلاً بحافة الدرب حتى لامس قلباهما نهاية العالم.قال لها لنبني هاهنا مدينة لا يلفها الصمت و لا تمور طرقها بالضجيج. و لتأوي لأشجارها العصافير عند إحتدام المطر.قالت له و هي تطلق ضحكةً صافية،سيستعيرها الحمام في ما بعد ليموسق هديله،أما أنا فسوف أضمخها بعبق الأغاني و الأناشيد و أزرع أرضها نخلاً، و حين تغيب عني أتطلّع لسمائها كي أرى وجهك في مرايا النجوم.”
    بجانب الأناقة اللغوية، لا يبدو أن هنالك شئياً يشغل مخيلة السرد عند حمدي سوى إستدعاء ذاكرة الطفولة ( مستودع الحنين و التفاصيل الجميلة التي عادةً ما نلوذ اليها كلما انقضّ علينا الواقع برتابته و جفافه و لؤمه المعهود، فلا نجد مخرجاً (للفلفصة) من هذا الجحيم غير التحرش بذكريات الماضي و إستدعائها بوصفها حضناً نرتمي فيه ليعصمنا من طوفان الأسى العارم). فحين نقرأ هذه النصوص سيتحسس كل منّا ذاكرته التي سيرى حنين طفولتها يتسكّع على بياض الورق. و لكأن حمدي هنا ينثرها إنابةً عنّا(لأن صوته هو صوتنا و ذاكرته هي ذاكرتنا)…و هكذا دوماً يكون الكاتب الحصيف،إذ تقرأ فيه ذاتك حين تقرأه.وحمدي هنا لا تكاد تخلو نصوصه من هذه التفاصيل الحميمة مثل: اصطياد العصافير و مطاردة السحالي و اقتناص الجراد و تسلق الاشجار و السباحة في النهر و اللعب على ضوء القمر والركض تحت رزاز المطر …و غيرها من ذكريات الصبا الأليفة: ”في البدء كان اللُقُد- مهجع الرياح و مهدها- يمتد لمسافات أبعد من حدود خيالنا الغض، و كنا، أنا و سيّد و حسان ضمن صبية آخرون، نُحيل ظلال البيوت اواخر الصيف مشاغلاً لصنع الفخاخ لموسم صيد تبشر به بواكير السحب. ففي مثل هذا الوقت من كل عام يهطل المطر و تستعيد الأرض عافيتها، و تمتلئ السماء بالعصافير الملوّنة. و كنا نرقّص البراري و الطرقات بصخبنا بعد توقف المطر . و في ندى الصباحات التالية لانهلال المطر، حين تستفيق البلدات و القرى منتعشة، نغزو البوادي و ننصب الفخاخ للطيور الغرة.”..و يمضي حمدي في تقطير هذه الذاكرة المعتقة منذ الطفولة ليسكبها لغةً صافية على قناني الحنين، مواصلاً بوحه المترع بالجمال كما في نصه (حدث ذات صباح غض): “كان منتهى آمالنا اصطياد قمرية رمادية، عصية على الشراك و نادرة ندرة خروج بنت المدير من بيتهم، و التي كنا كثيراً ما نرى اسمها مكتوباً على الجدران أو منتحوتاً بجذوع الأشجار. و كانت أعين الصبية تتسمر على باب البيت تطلعاً لخروجها. و عندما تخرج في طريقها للمدرسة يهرعون نحوها يسبقهم ضجيجهم فتمنحهم بعض حلوى لذيذة تصنعها أُمها. كان سيّد يشتهيها قمرية سمينة بحيث لا يحتاج زيت لطهوها. لذلك فهو يحمل بجيبه بصلتين و أعواد ثقاب لا غير لوليمته المرتقبة. و كنت أطمع أن اصطاد مجموعة و استأنسها مع الحَمَام الذي يربض في صفائح فوق نافذتي. أما حسان فقد كان يأمل أن يصطاد إثنين و يبادل إحداهما مع ود المفتش بمسدس مائي.” ..هذه اللوحة المرسومة بريشة الذكريات يمكن أن نرى فيها ملامحنا جميعاً و نبصر فيها تفاصيلنا المشتركة تتراقص أمامنا.و ما حمدي هنا إلاّ فنان ماهر يموضع ذاكرته/ذاكرتنا رسوماتٍ و أشكالٍ تشبهنا بقدر ما تشبهه.
    لا يتوقف الحنين و إستحلاب الذاكرة في هذه النصوص عند محطات الطفولة و الصبا بشقاوتها و مغامراتها و دهشتها الأولية فقط، بل و ينداح عشقاً و صبابةً لينكأ جراح القلب المفتوحة على حنين الماضي..و بذا تحتشد معظم النصوص بالحبيبة الآفلة، حتى و لتبدو كأنها مرثية مطوّلة لعشق غابر. فلا يكاد يخلو نص من نصوص هذه المجموعة من حالة عشق شفيف (في الغالب من جانب واحد) لأن الحب هنا هو ليس علاقة عاطفية بين طرفين ،بل هو حالة استدعاء للأُنثى القابعة في ذاكرة الصبا بوصفها ترياقاً ضد الموت و رمزاً لعنفوان الحياة. و من ذاكرة العشق و العاطفة المنسية إنبثقت نساءٌ يانعات طفين كفلين على موج الأيام، مثل مديحة و نور و زهرة و باميلا اللائي رفعن بحضورهنّ الفوّاح، لغة السرد الشعرية عند حمدي الي أقاصي الطرب.حتى وجدنا أنفسنا نتمايل نشوةً و نحن نقرأ معه يكتب :
    “تلك البنت جاءت لك برياحين الكلام و غرستها في شرايينك فنمت اشجاراً في زمن التيبس، و محت سير جميع النساء اللائي كن ينتمين لعصر ما قبل مريم الأُخرى.”
    “البنت التي كانت تأتي على أهداب المساء يدفعها التعب مثل ريشة في هبة ريح،محملة بالجرائد و الأمنيات فيشعّ فرح عاصف في ذلك الشارع الترابي قبالة ذلك المبنى العتيق هل تذكرها؟”
    “ ستحتاج لساعة هذا المساء قبل خروجك لترتب في ذهنك ما ستقوله لتلك البنت التي تقف كل ليلة تحت عمود النور قرب كلية المعلمات.”
    و حين يستحضر حمدي صورة المرأة/الحبيبة المقيمة في شرايين الذاكرة العتيقة،توغل لغة السرد عنده بعيداً في حقل المناجاة و البوح الحميم للذات، حتى و لكأنه يبدو (كالممسوس) الذي يخاطب نفسه. فالنساء اللآئي دخلن عالمه الطفولي خرجن دون ضجيج ليتركنه وحيداً مقيماً أبدياً في تلك العزلة الحميمة بعد أن نثرن الفرح في جدب أيامه، ورصفن شوارع ذاكرته بجمالية منحتنا هذه الغنائية العذبة: “ تعجز الآن عن إحصاء المرات التي هممت فيها أن تحييها ثم بعدها تختلق عذراً لتقف و تسألها من أين جاءت؟ و ماذا تفعل هنا كل يوم؟ بيد أنك كنت تتجاوزها صامتاً و تمضي في طريقك تصطحبك الريح و أمنية ذابلة.قلت لنفسك مواسياً،ربما هي حارسة الأنجم تطالع مدارات السماء المتغيرة و تدوّن بقلبها مواقع الثريا و مواسم المطر أو هي تأتي بواكير المساء لتنتظر مقدم خيول الليل الجامحة و تروضها بدفء عينيها.”
    يمتاز السرد عند حمدي أيضاً بحساسية سينمائية عالية تحيل المتخيّل الى مرئي،و المجرّد الى ملموس و لكأنه يكتب بالكاميرا.و ما ذلك إلاّ أنه حين يعتصر ذاكرته ( المدرارة) تتقافز الصور و المشاهد امام أعيننا- بلا وعيٍ منه - فتتراقص على بقع الضوء و موسيقى الماء المنداحة من سيمفونية السرد التي يموّسقها حمدي بحسه الفني و ينقلها ببصيرته السينمائية كما في المشهد التالي:”أُحاول أن أسترجع بقدر ما أستطيع بذهني مشهد تلك الهرة السيامية و هي تزحف ببطء كأنها تطأ وسائد حريرية لتصطاد عصفور مقعد مكسور الجناح. جاءت عربة في اللحظة الحاسمة و الهرة تتأهب للإنقضاض و حجبت المشهد. يتسرب عبر مسام الجسد خدر النعاس حين تبدأ صورة الهرة المتحفزة تتداخل و شجرة السنط الكبيرة التي تتكئ على سقف الكشك الحديدي.ثمة شاب بطاقية حمراء يتحرك بلا كلل داخل المساحة الضيقة للكشك.تراه ينحني ثم ينتصب واقفاً،و بين الفينة و الأخرى يضع بعض البخور في الموقد.تنساب عبر النافذة سيول الأغاني القديمة و الإيقاعات الصاخبة التي تختلط بأصوات و أحاديث العابرين فيبدو لك الخليط أشبه بثقاء الشياه و هديل الحمام و قرقرة البط.”
    حين تقرأ هذا المقطع من قصة (أرق ليالي الشتاء الأخيرة) ترى كامل المشهد يرتسم أمامك حتى تنسى أنك تقرأ نصاً قصصياً،بل تعتقد انك تشاهد لقطةً من فيلمٍ سينمائي،لأن الصورة هنا هي سيدة الموقف. فهي ليست ذهنية مجردة فقط، بل تنتصب أمامك صورةً بصريةً كاملة التفاصيل. و بالمثل، يمكنك أن تقبع هادئاً في مقعدك و تشاهده يكتب صورة شفيفةً للأنثى هكذا: “التفت إليها،كانت لا تزال تحدق في البحر و الأفق. صفحة وجهها مثل أيقونة كريستال مصقولة تضرّجت بأشعة المغيب.كل شئ فيها يدعو المرء لكسر قيود المألوف و العادي و تجاوز القوانين و الخطوط بجميع ألوان الطيف و يقف على حافة الجنون: عيناها الساحرتان اللتان تتماهيان و زرقة البحر الصافية، شعرها الذهبي و قدها الرشيق و ثوبها الذي تلفه لفح النسمات على جسدها كتمثال فينوس.”
    هذا ليس كل شئ، بل هنالك الكثير بإنتظارك-عزيزي القارئ- عندما تنوي الدخول الى عوالم حمدي القصصية التي تتطلب منك القدرة على تحمل صفعات الدهشة التي ستنهال عليك و أنت تخطو أولى خطواتك داخل (حوش) السرد الفسيح المفروش برمل الذكريات و الحنين،حيث ستجد نفسك أمام حالة من الهذيان الجميل لن تعود بعدها أنت كما كنت أنت.

    سيدني 2017


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de