|  | 
  |  الإنقاذيون يبَّدلون جلودهم ,, |  | 01:05 PM September, 13 2018
 سودانيز اون لاينالإنقاذيون يبَّدلون جلودهم ,,اسماعيل عبد الله محمد-
 مكتبتى
 رابط مختصر
 
 لم يسبق الإنقاذيين أحدٌ في لعبتهم الإحترافية ,
 و البارعة التي تفننوا بها في تغيير أسمائهم وتبديل جلودهم  وقشورهم على مر تاريخهم الطويل ,
 وللحقيقة ,
 أن الدكتور الراحل حسن الترابي هو من استن هذه السنة الألعبانية ,
 عندما انشطر عن تنظيمه الأم  (الإخوان المسلمون)  بعد منتصف ستينيات القرن الفائت ,
 حينما قام بشق صف جماعته و أسس ما أسماها (جبهة الميثاق الإسلامي) ,
 التي مالبثت وأن تم تبديل جلدها للمرة الثانية بعد انتفاضة السادس من أبريل ,
 من العام الف وتسعمائة وخمسة و ثمانون ,
 الإنتفاضة والثورة الشعبية التي أتت بالحقبة الديمقراطية الثالثة ,
 ففي حينها قام الراحل حسن الترابي ومريدوه باطلاق مسمى (الجبهة الإسلامية القومية) على جماعتهم الكهنوتية ,
 هذا العنوان  العريض الذي أكتسب شهرة كبيرة  في أوساط السودانيين ,
 لارتباطه بالعكننة و الجدل والتآمر والمماحكة السياسية ,
 والعمل ضد مصلحة الشعب في تلك الحكومة الإئتلافية في فترة الديموقراطية الأخيرة بالبلاد ,
 وقولنا هذا سقناه بناءً على الاعترافات الواضحة والصريحة ,
 التي كان قد أدلى بها الراحل حسن عبد الله الترابي في ندوته المشهورة والمعروفة ,
 التي أقامها بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية بأم درمان ,
 عقب المفاصلة البائنة بينونة كبرى بينه وبين تلامذته ,
 الذين غلّبوا خيار الارتماء في حضن الجنرال على الولاء له ,
 ومناصرته في حزبه الضرار بضاحيته النائية والقصيّة في المنشية ,
 فقد ذكر رعيم الكيان الجبهوي الإسلامي فيما معناه انهم كانوا يجتمعون ليلاً ,
 ثم يصبحون في اليوم التالي ليقولوا لشعبهم غير الذي تداولوه في ليلتهم السابقة ,
 خاصة في فترة الديموقراطية الخاتمة التي قضى عليها ذات تنظيمهم الجبهوي ,
 و وأدها في مهدها كيانهم الإسلامي الفطير والمستنسخ من التنظيم الأب (الإخوان المسلمون) ,
 ونتيجة لتلك الإجتماعات السرية و التآمرية الليلية جاء إنقلاب يونيو المشئوم  و المؤرخ لميلاد طويلة العمر (الإنقاذ) ,
 فبعد أن تمكنت هذه الجماعة الحربائية من سلطة ومال المواطن ,
 تشبهت و تمثلت وتمسحت بالوطنية الزائفة ,
 في محاولة يائسة منها للهروب من عنوانها الإسلامي الصريح ,
 و الفاضح لعدم إتساق مسلكها و قيم الإسلام الحميدة التي بشّر بها نبي الرحمة ,
 فتشبثت بيافطة أُخرى برّاقة توحي  بالكثير من دلالات التزوير والتمويه كتب عليها (المؤتمر الوطني) ,
 فسامت الناس سوء العذاب تحت ابتذاذ مدلولات هذا العنوان الجميل  شكلاً ومعنىً ,
 وفي واقع الأمر أن هؤلاء الإنقاذيين ما وجدوا شعاراً وعنواناً جاذباً إلا واستخدموه أبشع إستخدام  ,
 وأوسعوه تخريباً واستغلالاً و تشويهاً و ابتذالاً , وافرغوه من محتواه ثم قذفوا به في سلة الأوساخ ,
 بل انهم لم يتركوا هذه الشعارات ذات المحتويات و المعاني النبيلة لوحدها ,
 وإنما طالت اياديهم الملوثة بدنس التزوير والهوس الديني حتى النبلاء والنبيلات ,
 من بنات وأبناء هذا الشعب الكريم الذين انبتتهم هذه الأرض الطيبة ,
 فقد لحقتهم وألمت بهم الفاقة و مرارة الحاجة و ضيق ذات اليد ,
 وكم من رمز من رموز الكبرياء و التعفف دخلت عليه أموال هؤلاء الانقاذيين الماحقة ,
 في لحظة من لحظات الضعف البشري الذي يجتاح النفس الآدمية مهما كان شأنها ,
 فجعلت هذا الكبرياء الشامخ ينهار و يهبط ليتمرغ بالأرض ,
 لتركله وتدوسه أقدام هؤلاء اللئام ليصير مسكيناً  ذليلاً  ومنكسراً خاضعاً.
 
 
 لقد ضج الإنقاذيون في الأيام والليالي القليلة الماضية ,
 وطفقوا يبشرون الناس بالحكومة الجديدة والمنظومة الرشيقة ,
 في تمثيلية جديدة هي إمتداد طبيعي لمسلسلهم الدرامي القاسي والممل والطويل الأمد ,
 المتعدد والمتنوع الحلقات الذي بدأ منذ ثلاثة عقود  ,
 فانّه لم ولن يستطيع المراقب لحالة الحكم الانقاذي أن يحصي  أو يعد ,
 العدد والكم الهائل من جيوش الوزراء و وزراء الدولة و المعتمدين و الولاة و المستشارين ,
 و المساعدين المحيطين بالرئيس و الوالي و المعتمد والمدير التنفيذي ,
 حتى أن مقولة ظرفاء المدينة الطريفة : (من لم يستوزر في عهد الإنقاذ فإنه سوف لن يستوزر أبد الدهر  ) ,
 قد جسدت هذه الظاهرة الإنقاذية الفريدة في نوعها وترجمتها خير ترجمان ,
 وظني أن ما دعا الساخرين إلى هذا التهكم و ودفعهم إلى إصدار هذه الطرفة البليغة ,
 هو وصول الفرد السوداني من الفاقد التربوي وتبوئه لمقعد الوزير و المستشار و المساعد لرئيس الدولة ,
 ما أدى إلى إثارة الشعور بالإدهاش لدى المواطن السوداني البسيط الذي يجلس على عتبة الدكان وصندوق البيبسي كولا أمام البقالة ,
 من جراء شيوع مثل هذه الظاهرة المسيطرة على أروقة ودوايين حكومات الانقاذ المتتالية ,
 فهذا المواطن المقهور ظل يتابع عن كثب قنوات التلفزة ,
 وهي توزع الألقاب و تمنح الأنواط و الدرجات العلمية و الأكاديمية ,
 و تهب الرتب العسكرية العليا يمنة ويسرة دون رقيب أو حسيب ,
 فاختلط حابل المهن الشعبية واليدوية و التخصصات الفنية ,
 بنابل الوظيفة الدستورية و السياسية والبرلمانية والأكاديمية العليا ,
 فترك سائقوا الشاحنات والبصات السفرية مهنتهم الشريفة ,
 وبين ليلة وضحاها وجدوا أنفسهم يخوضون مع الخائضين في شأن (ساس يسوس) ,
 وبالمقابل غادر حملة الإجازات العلمية العليا بهو قاعات المحاضرات ومعامل البحوث في الجامعات والمعاهد و الكليات ,
 و أصبحوا يقودون سيارات الأجرة وحافلات المواصلات العامة ,
 تماماً مثل ذلك الرجل الحاصل على درجة الدكتوراة ,
 والذي كان يعمل أستاذاً محاضراً بإحدى الجامعات السودانية ,
 فهجر تلك المؤسسة الجامعية العريقة  لينخرط في سلك السياقة ,
 فعمل سائقاً لحافلة تقوم بنقل الركاب لتوصلهم إلى منازلهم  بأحيائهم في المدن الداخلية ,
 باحثاً عن الدخل المادي المجزي الذي وبأي حال من الأحوال ,
 يعتبر الأكثر إيفاءً  باحتياجات أسرته من فتات جنيهات الراتب الشهري الذي يتقاضاه من الجامعة ,
 وقد أجرت قناة الجزيرة مع هذا الرجل حواراً  مطولاً تناول تجربته العجيبة تلك ,
 وقد تأكدت حقيقة واحدة لكل من شاهد ذلك اللقاء,
 ألا وهي : أن الذي حل بالأمة السودانية (أمة الأمجاد) ,
 ليس له من وصف او تعريف سوى أنه (ردة وإنتكاسة حضارية).
 
 
 إنّ طيبة وحسن سريرة الشعوب السودانية يجسدها المثل الشائع والقائل :(الكذّاب أوصله حد الباب) ,
 هذا الموروث الشعبي الذي كرّس لثقافة التهاون و إستسهال الأمور ,
 و سوّق للتفريط في الحقوق و إهمال واجبات القضايا المصيرية ,
 وعدم الإكتراث لقيمة الزمن ,
 فتلحظ إنعكاسات هذا المثل في ردة فعل الكثيرين  من أبناء أمتنا ,
 عندما ورد الخبر العاجل عن حل حكومة ما سمي  بالوفاق الوطني ,
 و إستبشارهم بإمكانية حدوث إنفراجة إقتصادية من أوليائهم الكذبة ,
 الذين افتتحوا عصرهم الظلامي بالأكذوبة الكبرى (الرئيس و الحبيس) التي سارت بها الركبان ,
 فكيف لمن أدمن نقض المواثيق و العهود ان يستوثق به الناس ويصدقونه ؟ ,
 فالضوضاء والصخب الذي أحدثه هذا الحل (حل الحكومة) سوف لن يأتي بحل للقضية الأساسية في السودان ,
 و التحديات الوطنية سوف تظل باقية وماثلة امام كل من يطرح نفسه طبيباً معالجاً لجراحات الوطن ,
 فقضية المحكمة الجنائية الدولية تعتبر واحدة من أهم القضايا التي يجب التعامل معها بواقعية و عقلاينة ,
 بعيداً عن الإستهلاك الداخلي و الإبتذاذ الخارجي الذي يتلقاه المطلوبين (المكنكشين) في الكرسي ,
 و لا يجب على المواطن ان يتفائل كثيراً ورأس الدولة في بلاده ما زال إسمه مقيداً ,
 في سجلات هذه المحكمة العالمية المتخصصة في ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب (برغم حديث جون بولتون) ,
 وعلى الشعب السوداني أن يكون يقظ  الذاكرة وأن لا ينسى ما حدث بالأمس القريب ,
 عندما اصطدمت إنجازات دبلوماسية وزير الخارجية المستقيل (غندور) بعقبة ذات إرهاصات (المحكمة الجنائية) ,
 فتبددت مجهوداته المبذولة من أجل إزاحة إسم البلاد من قوائم المحظورات السوداء في المحافل الدولية ,
 فالرسالة التي يجب ان تصل إلى قلوب هذه الشعوب السودانية الطيبة ,
 يجدونها في مختصر دلالة المثل السوداني : (تغطية النار بالعويش لا تجدي نفعاً ) ,
 والعويش هو حزمة من القش هشّة وكبيرة في حجمها ,
 و قليلة في وزنها و كثافتها  تزيد من شدة  إشتعال اوار النار ,
 وليعلم الناس أن نار الجنائية ولهيب الإنهيار الإقتصادي  وجمر الضائقة المعيشية لن تستطيع (حكومة معتز)  معه صبرا.
 
 
 | 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 |  
  |    |  |  |  |