سلسلة الأوهام الخالدة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 09:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-22-2018, 03:34 PM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سلسلة الأوهام الخالدة

    03:34 PM August, 22 2018

    سودانيز اون لاين
    زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم
    مكتبتى
    رابط مختصر

    *أوهام سودانية خالدة (هذه المرة د. منصور خالد وحقيبة الفن السودانية)!*

    *محمد جمال الدين "سلسلة الأوهام الخالدة"*

    د. منصور خالد كما قد يقر الكثير منا وزن ثقيل في المشهد السياسي والثقافي في السودان المعاصر بحكم مساهماته الكتابية الكثيرة والمتعددة ومشاركاته الممتدة في السياسة السودانية "حكومات ومعارضات" كما بحكم حسن الصدف والجينات الوراثية (العمر الصحي المديد بالمقارنة وحب الحياة والناس) والشجاعة والتفرد درجة الإنمياز في حياته الخاصة والعامة.

    غير أن كل ذلك في مرة من المرات، لا يمنع النابغين العظام من الوقوع في الأخطاء العامة المتداولة من قبيل الكليشيهات والتي أسميها في هذه السلسلة (الأوهام الخالدة) من باب التشنيع المطلوب في تقدري!.

    لماذا مطلوب؟.. لأنني أدعي أن حياتنا العامة في معظمها يسودها السحري والغيبي واللا علمي في كل المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية.. وهذا عصر العلم والتكنلوجيا وهما صنوان وبغيرهما لا تكون الحضارة ولا الإستقرار والسلام.. والأوهام هي أقصى نقطة تضاد العلمي في الإتجاه المعاكس.

    إذن ماذا فعل منصور خالد لندخله من هذا الباب.. ليس الكثير فهو للحق رجل يلبس العلم عمة وجلباب أو وفق مقولة مأثورة لا اذكرها بدقة الآن لكن أظن الكناية واضحة. كل ذلك لم يمنع منصورنا من ترديد وهمة كبيرة ولو وهمة واحدة من عشرات الاوهام التي نرددها نحن كل يوم ونفهمها كمسلمات علمية وحقائق واقعية لا يرقى لها الشك، لكنها وهمة عظيمة ربما من أعظم الاوهام في تاريخ السودان المعاصر، أنا أومن بذلك!.

    هي وهمة حقيبة الفن السودانية!.

    هل حقيبة الفن وهمة؟!. طبعاً لا، الحقيبة في حقيقتها المغيبة عنا ، فن سوداني أصيل وعظيم لكن كلله سوء الفهم طوال الوقت. والأسباب قلنا بها في البحث الذي أجريناه العام الماضي حول الحقيبة.. سوء الفهم هذا هو السائد لا الحقيقة.. لا الحقيقة التي هي أغني وأجمل وتستطيع أن تأخذ مكانها في الواقع المجتمعي كتطور تاريخي طبيعي لا سحري.. لكن جل المعلومات الشعبية السائدة كل الوقت وتلك التي يرددها أيضاً كاتبين كبار في الغناء في السودان مغلوطة من حيث الجوهر، وتحتاج المراجعة والنقد والتطوير والتكميل.

    قال منصور خالد حيال الحقيبة: (
    لا نعرف من بين شعراؤنا من ذهب في شعره مذهب ابن أبي ربيعة في الخلاعة
    أو مذهب امري القيس وسحيم عبد بني الحسحاس في وصف التسافد..أو مذهب المتنبي وشعراء النقايض في إيراد كلمات يستحي المرء من تردادها علانية..يسميها الفرنجة الكلمات ذات الحروف الأربعة..
    فابو صلاح... الذي ما ترك عضوا في جسم المرأة لم يصفه ابی إلا أن يذكرنا أن الغواية هي آخر ماتهفو إليه نفسه..
    وعتيق... الذي تفرد باغانيه الخمرية
    ما بنسی ليلة كنا في شاطي النهر..
    نتعاطی خمر الحب بكأس الزهر
    كانت اشاراته للشرب فيها من صفاء ابن الفارض أكثر مما فيها من تهتك ابي نواس..وإن كان صفاء ابن الفارض صفاء لاهوت فصفاء عتيق صفاء ناسوت لا يجحد الشاعر معه الاء ربه..
    الشعر العربي السوداني "الامدرماني".. هو المصهر الذي وحد مشاعر أهل السودان الشمالي).
    ذلك هو المقطع الذي يعنينا هنا من مقالة منصور خالد، المعنونة ب: في مرافعة عن الشعر الغنائي السوداني.

    المقطع قد يتراء أول وهلة كلام عادي ويستطيع أن يمر في الإمتحان العام لمدة قرن مقبل من الزمان لكنه في الحقيقة يستند إلى أرضية مغلوطة.. إنبنى على المعلومات الشعبية السائدة.

    وأعني تحديداً نقطتين جوهريتين من كلام منصور خالد، هنا تفصيلهما:

    1- المجون الشعري في حيز المخيال الشعري يقابله العفاف في حياة الشاعر الواقعية وتستطيع أن تقول بلغة هذا الزمان المحافظة (مثال ود الرضي وعتيق وربما كل شعراء الحقيبة).. هناك سر، إذ ليس ما خلص إليه منصور خالد ضمنياً!.

    ذلك أن الحقيبة شعر مجاراة بالكامل.. في البدء مجاراة لبعض عيون الزجل المصري (صفي الدين الحلي مثال) والشامي (إبن مقاتل مثال) وقليل من الحوزي (المغرب العربي) ثم تمت بشكل مستمر مجاراة المجاراة. والمجاراة عملية إستاتيك لا تلزم صاحبها القناعة بما يقول. فقط عليه أن يبدع ذات الإبداع ويردد العبارات بطريقة نظمية صناعية بالكامل وفق القواعد الموعية أو الموروثة لفن المجاراة المعروف في تاريخ الغناء العربي دون ان يكون المؤدئ ملزماً عملياً أو أخلاقياً بمحتوى مجاراته. ولهذا السبب فأن معظم شعراء الحقيبة محافظون مثل كل السودانيين ولم يعشو مثلما فعل الأندلسيون حياة الدعة والمجون المصورة في الزجل الاندلسي الذي سطأ نمطه الغنائي على الشرق العربي عدة قرون لاحقة لسقوط الأندلس.

    وأخيراً وصل الزجل إلى السودان في بداية العهد الإنجليزي
    على الطريقة المصرية واللبانية في الأساس (العبادي التزم الطريقة المصرية وخليل فرح الطريقة اللبنانية وسيد عبد العزيز وابو صلاح المصرية مع خليط من الحوزية الجزائرية) هذا حسب ملاحظتي في بحث حقيبة الفن).

    أعني هنا أن المجاراة لا تلزم المجاري بشيء من مذهب أو سلوك صاحب الاصل. ولا شيء غير ذلك!.
    تلك هي الملاحظة التي أود أن أشد لها إهتمام الحصفاء.. ونذهب من هنا إلى النقطة الثانية ونعود من جديد إلى الأولى هذي، لمصلحة البيان ثم نختم بتحية وعيدية مستحقة لمنصور خالد وللقارئ العزيز.

    2- أن الحقيبة
    (الشعر العربي السوداني "الامدرماني".. هو المصهر الذي وحد مشاعر أهل السودان الشمالي) مقطع من منصور خالد.
    ذلك غير صحيح في تقديري. قد يقول قائل متعجل أنه قد لا يعني الحقيبة وإنما انماط شعر امدرمانية اخرى. هل أقول مستحيل!. نعم، بهذا الجزم.. لأن امدرمان لم تكن موجودة كمدينة قبل المهدية (1885) وإنما كانت قرية صغيرة تقع على الضفة الشرقية من الصحراء الكبرى والغربية من النيل. ولا ذكر لها في الوسط النيلي ووجدانه بسبب عدم التخلق بعد في عين الوجود ككتلة بشرية وثقافية. وعندما تم صناعة ادرمان بداية العهد المهدوي جاءت كحامية عسكرية كبيرة (مجتمعها أشبه بطالبان اليوم في هذا الصدد) معادية للموسيقى والغناء والرقص والكحول والتبغ والتمباك ومرتكزة على تعاليم المهدي وخليفته الساعية إلى إقامة خلافة راشدة على نهج السلف الصالح.

    وحينما نشأت أغاني الحقيبة في الربع الأول من القرن العشرين (1921) كان وجدان ما يسمى بالوسط النيلي (منصور قال الشمال،هنا نقطة نظر!) قد تشكل بالفعل لغوياً وثقافياً. وهذا الوجدان هو نفسه الذي أنتج المهدي وإسطورته المتحدرة من طبقات ود ضيف عدة قرون للوراء .

    وذلك التشكل القديم للوجدان المعني سبب ونتيجة لنشاطات ثقافية أقدم من قبيل اغاني الدوبيت (17 نوع أقل تقدير) والحماسة والمناحة والحوبي (الإنماط الشعرية والغنائية التي سبقت الحقيبة ووازتها وما تزا تعيش بيننا حتى هذه اللحظة. وما الحقيبة إلا شيء جديد يسير بجانبها تعضده السلطات الرسمية لا الشعبية بل ضده كل الوقت قبل فرضه رسمياً في إذاعة السودان حين نشأتها. وحتى الآن تسطو أغاني الحقيبة بشكل تلقائي نسبة لأنها النمط الغنائي الوحيد الذي سمح به بل شجعه الإنجليز والمصريين ليحل محل الانماط الأخرى التي رؤوها لا تناسب الواقع المدني الجديد. وفي الأربعة عقود الأخير أخذت الحقيبة مساحة أكبر في ساحة الغناء في السودان (بسبب التقادم في الإعلام الرسمي) لكن ليس في الماضي لحظة تشكل الوجدان والمخيال الشعبي الاصيل العشائري/الغيبي/الصوفي السابق للحقيبة ولأمدرمان كمدينة (راجع خلاصات بحث حقيبة الفن).

    وإن صح او لم تصح مزاعمي هذه لا يهم، مع أنني أعتقد في صحتها، فعلى أي حال الحقيبة قبو كبير تندس فيه عدة اسرار لم يتم الكشف عنها ويحفها الغموض (لدينا بحث جديد خرجت نتيجته قبل عدة أشهر، يعمل على كشف خلفيات الحقيبة الشعرية وحقبة الحقيبة السياسية والإجتماعية، منشور في عدة مواقع إلكترونية).

    ومن أعظم هذه الأسرار أن: الحقيبة من نمط الزجل الأندلسي (شعر وغناء الأعاجم المستعربين في الأندلس وساد الشرق لاحقاً بذات طريقته ومخياله الشعري الأندلسي) وجاء زجل الحقيبة عندنا في السودان في نسخة مصرية وأخرى شامية في الأساس (حددنا في البحث النماذج التي تمت مجاراتها في البدء ومضى النمط على طريقتها جل الوقت).

    وليس نمط الحقيبة المخبأة دون الكشف عنه وحده بل جل الحكايات المنسوجة حول الحقيبة وشعرائها ومناسباة شعرها وإلخ مختلقة لأسباب حميدة وأخرى مغرضة. بما في ذلك إسمها وطريقة بثها في الإذاعة والمزيد.

    مثلاً لا توجد حقيبة مادية توضع بها إسطوانات الغناء ومن هنا جاء الإسم كما هو شائع (مخترع كلمة حقيبة الفن ذاته قال بذلك).. أغاني الحقيبة لم تبث أول مرة من إذاعة ام درمان كما هو شائع بل من لندن.

    الحقيبة كانت نمط شعري وغنائي غريب على الوجدان السوداني في البدء، فلقي النمط بعكس ما هو شائع مقاومة قوية من العامة ورموز الغناء السوداني السائد في ذلك الزمان (الحماسة والمناحة والحوبي والبنات و "الطنبور") وتوطد النمط الجديد عبر العنف والفصل للصالح العام بلغة هذا الزمان وتم تهديد الطمباري عبد الغفار بالقتل عبر مسدس محمد سرور ليتوقف عن غناء الأنماط القديمة التي قد تستبطن العداء للعهد الجديد وتم نفيه أخير اً إلى ود مدني ومنعه ايضاً من الغناء هناك "مثال".

    بينما كان غنايي الدوبيت "مثال" يحوزون إحترام الناس وينالون المكانة الرفيعة والتقديس من العامة كان الحاج محمد أحمد سرور عميد فن الحقيبة آنها لا يستطيع أن يغني أو يسير في شوارع العاصمة المثلثة دون سلاح "مسدس" ليحمي نفسه من العامة. ولاحقاً يسير بعربته/سيارة "عام 1932" حيث كان هناك عدة عربات فقط في السودان.. المؤكد والمعروف منها واحدة لكل من الحاكم العام والسيدان (عبد الرحمن والميرغني) ومحمد احمد سرور (عميد فن الحقيبة) وقد ألقى عليه القبض مرتين في أطلاق نار، مرة في إحدى الحفلات والثانية كان مخموراً ويسير بسرعة عالية ويطلق النار في شوارع الخرطوم (تمت مرة واحدة على الأقل محاكمته وسجنه). وهو أول من اغترب في السعودية ليكون سائقاً لملك السعودية المتحالف مع الإنجليز وطبعاً اوفده الإنجليز إلى السعودية عام 1934 وذهب بعدها إلى اسمرا اثناء رحلة غناء للجيش الأنجليزي وعاش هناك لعدة سنوات حتى رحل مخلفاً ورائه كماً عظيماً من الإبداع "النوعي" أدى إلى توطيد الزجل في السودان حتى تاريخ اليوم بعلمه أو بلا علمه، لا نعرف حتى الآن!..

    وهذا السرد لبعض لأحداث صغيرة بطلها عميد/نقيب فن الغناء السوداني والمقصود الحقيبة (عميد الفن إسمه الرسمي بعدما كرمه باللقب عمر طوسون باشا عام 1934 بحضور وفد ثقافي مصري) أقول الهدف أن اؤشر إلى إنتفاء أن يكون شعر/غناء الحقيبة ذا علاقة بوجدان الشعب السوداني لا في الوسط ولا الأقاليم. بل العكس هو إبداع باهر جديد "دخيل للتو" جاء نتيجة للأحوال السياسية والإجتماعية الجديدة بعد أن توطدت سلطة العهد الإنجليزي/التركي في السودان بعد العام 1900 وظلت الغالبية الساحقة من جموع السودانيين في المدن والأرياف ترفضه وتقاومه وترفض الإعتراف به لأنهم لم يعتادوه ولا يعرفونه من قبل. وحتى تاريخ اليوم مخيال متوسط الفرد السوداني (وفي الوسط النيلي وأمدرمان) عشائري/صوفي وإلى وقت قريب تجد أغاني الدوبيت والحماسة والمناحة والبنات (مثال، سابقة للحقيبة) إنفعال وجداني اكبر من اغاني الحقيبة وربما حتى تاريخ اليوم.

    وقبل أن أختم اجي بخلاصة مشابهة توصلت لها في بحث خاص أجريته العام الماضي في مرحلة أغنية الحقيبة، التالي:
    تلك الكلمات الغريبة المفتاحية المشتركة (بين الحقيبة والزجل) والجمل المكررة كما بعض الأخيلة والصور الشعرية جاءت مع النمط الكلي الذي تمت مجاراته والإنفلات منه إلى الإبداع الخاص في إطاره.
    وللإلمام بالصورة الكلية راجع لطفاً المقالات الشارحة لمعنى وأسباب وجذور شعر الحقيبة والمحيط السياسي والإجتماعي الذي نشأت في كنفه أغنيات الحقيبة 1920-1945.
    والملاحظ المتأني ربما شهد أن أشعار الحقيبة في المجمل مسجعة، حادة الجرس الموسيقي وهي خليط بين الدارجة والفصحى ولا تلتزم بقواعد الشعر العربي الكلاسيكية/المعروفة ولا تشبه الإنماط الشعرية السابقة عليها في السودان ك(الدوبيت، الحماسة، المناحة، الحوبي، المديح).

    إذ أن الصور الشعرية والاخيلة والكلمات المفتاحية غير موجودة في المخيلة الشعرية القديمة وغير موجودة في المدائح ولا القرآن والمسايد الصوفية والخلاوي وغير موجودة في اللغة اليومية ومنها ما هو غير معروف أصلاً في السودان آنذاك وربما حتى الآن الغالبية منا لا يهتمون بكلمات مثل (نقا ولدن وأملدن) يا غصين النقا يا لدن يا أملدن.. محمد ود الرضي . وهناك فيض من الكلمات الغريبة على المخيلة الشعبية من قبيل: يا رشا يا كحيل، حمام الايك، الهوى سباني، الخد الزهري وعشرات التعابير الأخرى المستورة من التاريخ السحيق لتأخذ مكانها في نسق شعري محلي عظم اللغة والالحان ولا يجري على أوزان العرب المعترف بها كأصل.

    كما هناك نزعة حنين جلية إلى "فردوس مفقود/ضائع" وهي واحدة من أهم خصائص الزجل!.

    ثم أن المخاطب في الأصل والموجه له الخطاب هو إنسان السودان في بداية القرن العشرين أي حوالي مئة عام مضت.. إنه شعر غنائي.. مفترض شعبي.. أليس أمرأ يدعو للحيرة!.
    لكن ربما تزول الحيرة عندما نعرف أنه شي مشابه/مطابق للزجل الاندلسي كما أنماطه الصافية (القديمة) في المغرب العربي والشام ومصر في العهد المملوكي. ونعني هنا الانواع الزجلية التي أخذت مباشرة من الزجل الأندلسي مثل الزجل/القوما/الكنكان في مصر العهد المملوكي و"الصنعة/المألوف/الحوزي" في الجزائر والمغرب وتونس قبل أن تحدث مؤثرات جديدة في اللهجات المحلية في المغرب العربي ومصر بفعل الإستعمار والتداخلات الثقافية الحديثة مع الغرب والشرق.

    هناك عشرات بل مئات النماذج المشابهة والمطابقة التي تنفي الصدفة!.

    وكما هو حال الزجل في كل مكان وزمان نجد في زجل الحقيبة مجاراة لافتة للنظر إذ هناك جمل وكلمات مفتاحية كثيرة تناسلت لتعبر عن أحوال مختلفة من المفترض شعورية بحتة وخاصة ربما تقتضي تنويع التعابير بإختلاف أذواق الأفراد وهوياتهم ونفسياتهم ومزاجاتهم الشخصية، لكن بعد التعبير دوماً شبه مطابق وفي بيئة مناخية شديدة الإختلاف إذ شبه صحراوية وسكانها تغلب على طبعهم الحياة البدوية ولا يعرفون الكثير عن البساتين والدوح الطبيعية المزهرة والرياض والخمايل الوردية التي تجري من تحتها الجداول!.

    مما قد يؤشر إلى حالة مجارة مستمرة التناسخ في النمط الواحد أي حالة ابداعية تكرر ذاتها.. مثل غنا البنات لكن بوعي موضوعي أي حيازة المستلف كالأرض "الميري" وهو ما فعله المصريون في العهد المملوكي مثلما فعله أهل العراق والشوام وأهل الحجاز ومن قبلهم المغاربة واخيراً السودانيون حسب هذه الرؤية في شعر ما عرف بالحقيبة فالسودانيون ليس إستثناءاً.

    وعلى أي حال فإن نظم الزجل بمعناه الإصطلاحي في السودان لم يعش كثيراً وحفه الغموض وتلك العلة هي التي حجمت الزجل السوداني من الإنتشار أبعد من السودان بالرغم من جودته وإبهاره وإحكام نظمه بدرجة ربما تفوقت على جميع أنواع الزجل الأخرى المحتفى بها في التاريخ.. لكن لا أحد يعلم أن بالسودان زجل كون أصحاب الإختراع لم يقولوا به ولم يفعل أحد قبل اليوم (الواقع المشهود يقول بذلك)!.

    ففي السودان سادت أنماط شعرية وغنائية "شعبية" أخرى كالدوبيت والحماسة والمناحة والحوبي وغناء البنات وأنماط أخرى عديدة. إذ لم يعهد السودانيون الزجل كنمط شعري إلا في زمان "الحقيبة" لذا ظلت الحقيبة محيرة للناس معظم الوقت!.. يحتفون بها بشكل شبه هستيري أو يهجونها بذات الهستيريا بلا سبيل إلى كشف بنياتها التقنية أو تفاعيلها وأوزانها الشعرية.. لم يحدث لأن ببساطة لا أحد كشف لنا عن مرجعيتها كنوع شعري.. الآن لدينا زعم محقق عبر الأدلة الممكنة بمرجعية الحقيبة كنوع شعري في "الزجل الأندلسي/وزجل العهد المملوكي"!.

    لكل تلك الأسباب وأخرى ظلت الحقيبة يحفها الغموض كون مرجعية نمطها من حيث بنية القصيدة التقنية وتفعيلتها غير محققة كما غير معهودة في الشعر السوداني السابق عليها واللاحق أيضاً لم يلتزم نمطها.. فعاش النمط ربع قرن فقط (1920-1945) بغير وعي وافي به ومرجعياته.

    كما أسلفنا كل الشعوب المتحدثة العربية بالأصاله عندها "زجل" فقط تختلف أسماءه من بلاد إلى أخرى ومن زمان لزمان ولكن دائماً النمط واحد: ففي العراق وسوريا ولبنان ومصر النمط في معظم المرات يحمل إسمه الأصلي (زجل) وفي الجزائر والمغرب وتونس وليبيا عنده عده أسماء بالإضافة إلى إسمه زجل ومن أهم اسمائه هناك: الصنعة والحوزي والمألوف والقوما (أشكال وأسماء مختلفة لكن النمط واحد). وفي الخليج إسمه "الحجازي". وأخير في السودان إسمه "الحقيبة".

    وفي الختام ازعم مسبقاً أن منصور خالد قد لا يعني بوعيه ما قال هذه المرة لظني أنه يتعارض مع مشروعه الفكري والسياسي ولكنه فقط وقع في شرك المقولات العامة المتداولة "الأوهام" على حين غرة، ومرة واحدة لا تضر إن صح زعمي.. ولكن قررنا ان لا نتركها تمر مرور الكرام ورأينا ان نلحقها بسوق الاوهام الخالدة، السلسلة التي أكتبها هذه الايام للأسباب التي قلت بها للبعض الذي يتابعني منكم.

    والحقيبة ليست وهم، بل نحن المتوهمون لأننا لا نلتزم العلمي في حياتنا الخاصة ولا العامة.. وهذا مطلوب.. لذا علينا أن نتقصد الأوهام الشائعة "الخالدة" لنطردها أمام العلم والعلمي كي نصنع حضارة.. أو هو زعمي.

    وكل عام وانتم بخير والرجل الكبير المجتهد منصور خالد.. والسلام على ارواح مبدعي الحقيبة وكل مبدعي السودان وهذا الشعب البديع المتفرد الذي تعصف به الأزمات والأحزان في هذه الازمان.

    محمد جمال الدين "سلسلة الأوهام الخالدة"




















                  

08-23-2018, 07:18 PM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 8788

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة الأوهام الخالدة (Re: زهير عثمان حمد)

    فرضية اقتباس شعراء الحقيبة لطريقة النظم الأندلسية يصعب أن أبدى فيها رأى

    غيرا ن مفردات وصور شعر الحقيبة سودانية صميمة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de