د. النور حمد يتحدث لـ(الأخبار): الماضي والحاضر واستشراف المستقبل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 03:12 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-18-2018, 09:21 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48697

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
د. النور حمد يتحدث لـ(الأخبار): الماضي والحاضر واستشراف المستقبل

    09:21 AM April, 18 2018

    سودانيز اون لاين
    Yasir Elsharif-Germany
    مكتبتى
    رابط مختصر

    د. النور حمد يتحدث لـ(الأخبار): الماضي والحاضر واستشراف المستقبل
    يُعد الدكتور النور حمد، من الشخصيات السودانية النادرة، وهو مفكر وناشط ثقافي ومؤلف وله عدة كتب في الفكر والثقافة والسياسة، وصدر له مؤخراً كتابه (مهارب المبدعين..قراءة في النصوص السودانية) ونشرت له مقالات في الصحف والمجلات العربية والسودانية، في الفكر، والثقافة، والسياسة، كما نُشرت له دراسات متنوعة في الدوريات الأكاديمية المحكمة في الفكر والتعليم والسياسة، وقام بتأليف عدة كتب في الفكر والثقافة والسياسة وحرر كتباً أخرى، وهو عضو في عدة منظمات علمية وثقافية، وله حضور منتظم في فعالياتها على مستوى الإقليم، وعلى المستوى الدولي، وتنصب اهتمامات الدكتور النور حمد البحثية في الأدبيات الناقدة لـ(برادايم) الحداثة، بخاصة تيارات الروحانية المماثلة للتصوف الإسلامي، وتشمل اهتماماته البحثية الخصائص الثقافية للسودان وشخصية السودان الحضارية، إضافة إلى قضايا القرن الأفريقي وارتباطاته بالعالم العربي، ويعمل الدكتور النور حمد باحثاً في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومشرفا علمياً على الموقع الإلكتروني للمركز، ومسؤولاً عن قسم التحرير العربي، ومديراً لتحرير مجلة (سياسات عربية) التي يصدرها المركز، حاصل على دكتوراه التربية في التربية الفنية من جامعة إلينوي، وماجستير التربية الفنية من جامعة ميامي، ودبلوم الفنون الجميلة من كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في السودان، درَّس في جامعات شرق واشنطن، ومانسفيلد، في الولايات المتحدة الأميركية، وعمل رئيساً لقسم التربية الفنية في جامعة قطر، صحيفة (الأخبار) في إطار سعيها الدؤوب في الحصول على المعلومات والحقائق ومعرفة وجهات نظر الباحثين والمفكرين السودانيين، حول أزمات البلاد الراهنة (السياسية والاجتماعية والاقتصادية) وربطها بالماضي والحاضر، واستشراف المستقبل طرحت أسئلة عديدة على الدكتور النور حمد، والذي بدوره رد عليها بشكل عميق و(شافي وكافي) وكانت حصيلة ردوده هذا الحوار المتفرد والمفيد.

    المُفكر السوداني الدكتور النور حمد في حوار مع (الأخبار): (3-3)
    ظاهرة الإسلام السياسي ظاهرة منقرضة وقد وصلت نهاياتها الآن
    لهذه الأسباب (...) أنا شخصياً أقف مع (الدولة العلمانية)

    حاوره – عبد الرحمن العاجب
    القول بـ"إسلامية الدولة" ليس سوى ذريعة لترسيخ الاستبداد
    لسنا بحاجة إلى آيديولوجيا قابضة ولقد ولّى عهد النظريات الكلية المهيمنة

    *في ظل هذا الجدل الدائر حول دعوات الدولة العلمانية والمدنية والإسلامية، برأيك ما هو أنسب نظام لحكم السودان؟
    الجدل حول "علمانية" أو "مدنية" أو "إسلامية" الدولة، جدل منبعث من مخاوف الأطراف من بعضها. فالقول بـ"إسلامية الدولة" ليس سوى ذريعة لترسيخ الاستبداد، وإيهام الناس أن ما تحكمهم هي قوانين منزلة من السماء، في حين يكون الذين يحكمون هم بشر، مثلنا، لا أكثر، وليدلنا إسلاميو السودان على قانون سماوي واحد، حكموا به السودان، منذ أن تولوا الحكم في عام 1989، أي، منذ تسعة وعشرين عاماً. أما من يحبون مصطلح "الدولة المدنية" فهم مرتعبون من الإسلاميين، الذين يتهمون كل من يعارض طرحهم المبهم بالعلمانية والتمرد على مشيئة الخالق.
    الدين لا يعطي في حقيقة الأمر، سوى موجهات عامة للناس ولا يمكن من الناحية العملية الواقعية، أن يشرع الدين للناس قوانين تفصيلية، أزلية، لا تتغير، فهل يا ترى تصلح شريعة الرق والتفريق في الدية بين الحر والعبد، وبين الرجل والمرأة، ليومنا هذا، وهل تصلح شريعة "ملك اليمين" والإماء والسراري لكل زمان ومكان؟ وهل يصلح قتل تارك الصلاة لكل زمان ومكان، وهل تصلح الوصاية على المرأة والسماح للرجل بضربها، لكل زمان ومكان؟ فكل هذه أحكام مرحلية لا تمثل مقاصد الدين العليا، الشاهد، أن الناس هم الذين يشرعون لأنفسهم فى أزمان مختلفة، لها مقتضيات مختلفة، مسترشدين بفهم عقلاني للنصوص ويحوي القرآن من مقاصد الدين العليا، ما يجعل التشريع المتوافق مع المرحلة التاريخية المتقدمة ممكنا، ففي حين نجد في القرآن من الآيات ما يحض على جهاد الكفار والمشركين نجد فيه الآيات التي تنهى عن الإكراه، نهياً باتاً. إذن، إعمال العقل في النصوص ضروري لكي يكون التشريع متناسباً مع حكم الوقت، فالبشر، وأعني هنا المسلمين هم الذين يشرعون مستندين على مقاصد الدين العليا، وعلى فهم لاختلاف السياقات التاريخية.
    لا تحتاج الدولة، في حقيقتها المجردة، أن توصف بأي وصف، فالدولة جهاز إداري، يحكمه دستور يضعه البشر، ويعدلونه متى ما رأوا لذلك ضرورة كما تقوم على مجموعة قوانين ينبغي أن تكون دستورية، تنظم علاقات الجماعات التي تسكن في هذا النطاق الجغرافي، الذي يسمى "الدولة"، هذه القوانين تؤخذ من جماع التجربة الإنسانية، ومن الدين، والأعراف والثقافات المحلية، والقيم ومجمع الفضائل، التي تواضع عليها البشر.
    نعم، دعت العلمانية إلى فصل الدين عن الدولة، لكن لا يعني كل فصل للدين عن الدولة وقوعاً بالكامل في خانة العلمانية. فالهند يمكن ان تصنف، بصورة عامة، بأنها دولة "علمانية"، وكذلك ماليزيا، وأندونيسيا، وتركيا، ولكن هذه الدول ليست متطابقة تماماً في دساتيرها، وقوانينها. كما أن هذه المجموعة، وهي في جملتها مجموعة شرقية، تختلف فيها طبيعة الدولة، ووظائفها، عن مجمل ما يجري في المجموعة الغربية.
    أعتقد أن المصطلحات تحتاج منا إلى إدراك عميق لدلالاتها، وإلى فهمها، بدقة، في السياقات المختلفة. فالعلمانية نظرة للكون والحياة، يمكن أن نعدها عقيدة في بعدها الفلسفي، لكن طرفاً من العلمانية لا يتعلق بفلسفتها ونظامها الاجتماعي يصلح في كل مكان. هذا الطرف هو إبعاد المفاهيم السلطوية من مصادرة حق الناس في إدارة شؤون حياتهم. على هذا الأساس يجلس الناس، في مختلف الثقافات، ليشرعوا لأنفسهم وفق رؤيتهم الكونية،التي تخصهم، ووفق موجهات دينهم، ومقاصده العليا، ووفق ثقافتهم، ولكل أمة ثقافتها، وأعرافها، ومجموع عقائدها، وتؤثر هذه الثقافة العامة، الشاملة، بالضرورة، في القوانين التي تعتمدها الدولة، وأعني، هنا بطبيعة الحال، الدولة التي تعتمد نظام حكم ديمقراطي، مرة أخرى، نعود إلى العلمانية، لكونها تعتمد الديمقراطية، وتداول السلطة سلمياً، نظاماً للحكم.
    أقف أنا شخصياً، مع "الدولة العلمانية" وفقاً لهذا الفهم الذي شرحته باختصار. أقوم بهذا، رغم أنني لست علمانياً، يعتنق الفلسفات الوضعية، في رؤيته للكون وللحياة. فأنا مثلاً، ضد النظام الرأسمالي ربيب الشق الأكثر سيطرة، في مستودع المفاهيم العلمانية، المتنوع، على مجريات الأمور في عالم اليوم. أرى من الضرورة جداً الوقوف بقوة، ضد نظرة العلمانيين إلى قضية العدالة الاجتماعية، خاصة محاولاتهم، كما لدى الحزب الجمهوري في أمريكا، الذي يتجه دائماً الى اعفاء الدولة من مسؤوليتها الاجتماعية وإبقائها في الحياد في هذه القضية المركزية. وللمفارقة علينا أن نلاحظ أن الحكومة السودانية التي تسمى نفسها حكومة إسلاميين تسير على ذات نهج الحزب الجمهوري الأمريكي في خصخصة كل شيء بما في ذلك التعليم والخدمات الطبية. إذن بطاقة ما يُسمى "إسلامي" لا تعني شيئاً في حقيقة ما يجري في الواقع، فما يسمى "إسلامي" و"علماني" هما نفس الشئ في هذه الحالة، فقضية "علماني" و"إسلامي" لا تناقش بمثل هذه العموميات والتبسيطات، غير العالمة.
    *كيف تنظر لمصطلح الإسلام السياسي، وما هو المطلوب تجاوزه؟
    ظاهرة الإسلام السياسي ظاهرة منقرضة، وقد وصلت نهاياتها الآن. لم يخرج الإسلام السياسي في رؤاه الفلسفية المؤسسة، وفهمه لمقتضيات العصر، وتصوراته لبناء الدولة الحديثة، من منظومة الفكر السني السلفي. لم ينشغل أهل الإسلام السياسي بتجديد الخطاب الديني، وفتح الأبواب لحراك التحديث وبناء الدولة الحديثة، وإنما تاجروا على الشعار الإسلامي، واستغلوا عاطفة البسطاء تجاه الدين، لكي يصلوا عبرهم إلى السلطة، كانوا يظنون أن مجرد إمساكهم بالسلطة وإجبار الناس على السير في الطريق الذي يرسمونه، كفيل بإحداث نقلة نوعية، غير أن تجربتهم في السودان أثبتت، بما لا يدع مجالاً للشك، أن هذا النهج يقود إلى خراب، ما بعده خراب. ولقد اتعظت حركة النهضة، في تونس، من تجربتي الإسلام السياسي في كل من السودان ومصر، فقررت فصل الدَعوي عن السياسي، وهذه خطوة جيدة في الابتعاد عن الاتجار بالعاطفة الدينية، والتحول الى طرح برامج سياسية، يقترع الناس في صالحها، أو ضدها بناء على جودتها، وعمليتها، وخدمتها لمصالح الجماهير، وليس لكونها وصفة للحكم، أتت جاهزة من السماء، وسقطت في أيدي أهل الإسلام السياسي وحدهم، دون سائر الخلق.
    أعتقد أن الإسلاميين السودانيين، خاصة المستنيرين منهم، عرفوا خطأ تفكيرهم وفشل مشروعهم الذي أقاموه وأضاعوا به وقتاً ثميناً على السودان والسودانيين. وعلى الحكومة السودانية أن تنسحب من المحور الإقليمي المخطط والموجه والممول لهذا التوجه، بل عليها أن تنسحب أيضاً من المحور الآخر، المناوئ لهذا المحور الإخواني المعولم. ولا يعني اقتراحي هذا القطيعة مع دول هذين المحورين، وإنما حصر العلاقة معها في إطار المصالح الاقتصادية والثقافية المتبادلة. أما من حيث التوجه الإستراتيجي الخاص به. لقد حاول الإسلام السياسي العابر للأقطار، أن يحل محل التيار العروبي العابر للأقطار، هو الآخر، ولا اختلاف من حيث الجوهر، ومن حيث المشروع السياسي، بين هذين التيارين، اللذين أفرزتهما حقبة الحرب الباردة وأزماتها، سوى التسمية فقط فالتياران شموليان، وعابران للأقطار في جوهر أفكارهما، كما أنهما يفتقدان الرؤية التي تحتاجها هذه المرحلة.
    *ما هو المطلوب لتجاوز الاستقطاب الآيديولوجي الذي تسبب في كثير من الصراعات الموجودة حالياً في السودان؟
    لسنا بحاجة الى أيديولوجيا شاملة قابضة. لقد ولى عهد النظريات الكلية المهيمنة. الأيديولوجيا التي نحتاجها، ونحن نتجه إلى بناء دولتنا، ومشروع بناء الدولة لدينا تعثر وتأخر كثيراً أن نعتنق، مسار التنمية الاقتصادية لتى تجعل للقطاع العام دوراً، وللدولة مسؤولية اجتماعية، أيديولوجيتنا التي ينبغي علينا التمسك بها، هي مقاومة السقوط في قبضة الرأسمال المعولم، والشركات العابرة للقارات، سواء كانت من الصين أو من الغرب. يضاف إلى ذلك، العمل على مقاومة جنون الخصخصة، ومحاولات غل يد الدولة لكي لا تؤدي دورها الاجتماعي، من أجل أن تتضاعف أرباح القلة. لقد أدت الخصخصة حينما مورست في تخريب البناء الاجتماعي والأخلاقي والنفسي للمجتمعات، يضاف إلى كل ما تقدم مقاومة روشتات صندوق النقد الدولي، لم يعد للماركسية اللينينية التي أطرت وحكمت توجهات الأحزاب الشيوعية، ولا للإسلام السياسي، شيئاً يقدمانه، فعلى الجهتين ترك الانكار والمغالطة، وهجر التمسك باللافتات القديمة المضللة، والانصراف الى إعادة صياغة توجهاتهما في صيغ برامج عملية واقعيه، ذات مصداقية علمية تخدم البناء، في إطار دولة ديمقراطية تعددية تقر التنوع وتنهج نهجاً ديمقراطياً اشتراكيا.
    *الشعور الوطني كقيمة، هل هناك مطلوبات لزيادة ترسيخه في النفوس؟ وهل تتوفر الآن؟
    نعم هناك مطلوبات كثيرة، وأظن أنها غير متوفرة على النحو المرجو. من هذه المطلوبات بناء الدولة المتماسكة المحترمة، التي تجعل مواطنيها يفخرون بالانتماء إليها. أيضاً، لا بد من تطوير مناهج التعليم، والخطاب الإعلامي، بما يخدم تغذية هذا الشعور وتقويته. فالشعور الوطني الحقيقي لا يقوم على الشحن العاطفي وإنما على المعرفة، وعلى الامتلاء بالأمل في المستقبل، والاحساس بالشراكة وبالملكية بعبارة أخرى على الإحساس بأن الدولة تحميني، وتخدمني وتؤمن مستقبلي، ومستقبل أطفالي، فالشعور بالوطنية والامتلاء به، لا ينشأ من فراغ لا بد من اتاحة الشراكة في القرار السياسي، وتوفير فرص الشعور بالملكية الشخصية للإسهام الفردي في جهود بناء الدولة، في كل تجلياتها. فالأنظمة الشمولية تصادر كل شيء.، وتجعل من المواطنين قطيعاً مُقاداً، ومجرد متفرجين على ما يجري في بلادهم ويؤدي هذا، بطول الزمن، الى شعور بالاغتراب النفسي عن الذات وعن الوطن وقد ينتهي ذلك الى لامبالاة تامة بما يجري فيه، أو له.
    *الهوية السودانية لا زالت في موضع جدل عميق.. ما المطلوب لتجاوز مأزق الهوية؟
    ما نريده هو إعادة تعريف هويتنا، وخصائصنا التاريخية، من ثقافية واجتماعية ووجدانية ونفسية، التي تؤهلنا لرسم صورة المستقبل، التي تخصنا نحن كأمة، وتحقيق الإنجازات الحضارية التي تؤهلنا لها هذه الخصائص. لكل امة من الأمم سردية (narrative) تؤسس عليها خصوصيتها، وتستلهم منها الإلهام والطاقة على الفعل في الواقع، سعياً للرفعة والكمال، نحن افتقدنا هذه السردية المبنية على تاريخنا الطويل، الزاخر بالمبادرات الحضارية، وعلقنا في سرديات مستجلبة من خارج بنية وعينا التاريخية وخارج طبيعة تكويننا الروحاني والوجداني والنفساني، وللأسف أن هذه السرديات الوافدة هي سبب شرذمتنا، بل والاستهانة بقدرنا، من قبل من باعوا لنا هذا الهلام واشتريناه، ومن قبل جيراننا، والسبب في عرقلة مسار تبلور هويتنا، هو الحقبة الاستعمارية الخديوية التي ألحقتنا بالمنظومة الشرقية، واستتبعت نخبنا لها، نحن لم نفكك بصورة منهجية التركتين الاستعماريتين، الخديوية (1821-1885) والخديوية البريطانية (1898-1956) وإن لم نفكك هذه التركة الاستعمارية فسنظل في هذا التيه الحضاري الذي نحن في قلب بيدائه الآن.
    *الأحزاب السياسية بقيت متهمة دوماً، بتعميق صراع الهوية. كيف تنظر لهذا الاتهام وما المطلوب منها لتجاوز صراع الهوية؟
    جدل الهوية لم يوضع في إطاره البحثي العلمي الصحيح، وإنما استخدم استخداماً مبتسرا "مكلفتاً" لتغذية الخطاب السياسي، بغرض المكاسب السياسية الآنية، لم يجر طرق إشكال الهوية وأسئلتها، حتى الآن، على مستوى البحث العلمي لا من حيث السعة، ولا من حيث العمق فالإشكالية نفسها، غير مفهومة، كما ينبغي. وأفضل مساهمة في هذا الباب هي مساهمة المؤرح البروفيسور أحمد الياس حسين، فمساهمته مهدت الأرضية، عبر إعادة قراءة التاريخ السودان لكي تتخلق الأجندة البحثية المتشعبة، التي يبحثها أكايمياً وبتحليلها، أن نصل إلى مقاربات أفضل لهذه الإشكالية. لقد انطمست الهوية السودانية التي تشكلت عبر ما يزيد عن ألفي عام تقريباً، في القرون الأخيرة الماضية، بفعل التأثيرات الوافدة. وكما قال روبرت كولينز، فإن فهم السودان على حقيقته، ووضعه في المسار الصحيح، يقتضي مراجعة الأربعة قرون الأخيرة في تاريخه.
    *أطروحة (الهامش والمركز) ترى أن الصراع في السودان بين مركز قابض على السلطة والثروة وهامش محروم منهما، كيف تنظر إلى هذه الأطروحة؟
    من المؤكد أن الصراع بين المركز والهامش قائم، غير أن الهامش لا ينحصر في التصور الجغرافي له، أي، لا ينحصر في تصور أن رقعة البلاد التي تضم ما يسمى بالمركز تسيطر سياسياً واقتصادياً على رقاع البلاد الطرفية فعلى الرغم من أن هذا التصور صحيح ويعكس جزءً من الحقيقة لكنه لايعكس الحقيقة كلها، فهو لا يصور سوى الصراع الأفقي بين المركز الجغرافي والهامش الجغرافي، والحقيقة، أن هناك صراعاً رأسياً، يدور داخل النطاق الجغرافي، لما يسمى بالمركز نفسه. إنه الصراع العام الذي يشمل القطاع الأكبر من سكان القطر، في مواجهة تغولات النخب التي أدارت أنظمة الحكم المختلفة، وتنكرها لمبادئ المساواة والعدالة، ومجافاتها صراط إتاحة الفرص المتساوية. هذا الصراع المركزي الذي يشمل الصراعات الفرعية الأخرى، يدور على المستوى الرأسي، بين "العندهم" و"الماعندهم". وهو ما يشار إليه بالانجليزية بأنه بين “the haves and the have nots” ولذلك فإن صراع هامش المركز، مع المركز وصراع هوامش القطر المختلفة مع المركز يمثلان وجهين لقضية واحدة. ولذلك فإن المعركة مع "لا عدالة" المركز ينبغي أن تدار على هذا الأساس المركب. هناك نخب في المركز تحتكر السلطة والثروة، وتصادر حقوق الجميع، فهي تستغل وتستغفل القطاع الأكبر من أهل المركز، مثلما تفعل ذلك مع الهوامش في الأطراف.
    *كيف تقرأ عدم نجاح الثورة الشعبية بالبلاد مع توفر جميع شروطها الموضوعية؟
    لقد تغيرت موازين القوى السياسية في الثلاثين عاما الماضية تغيرا كبيرا. كثيرون لم يستطيعوا أن يقرأوا الواقع العملي السياسي الآن بعيدا عن رغباتهم. لقد تم تجريف الطبقة الوسطى تجريفاً كاملاً، وجرى استتباع العمل النقابي للأجهزة الحكومية، وأجبرت كثير من الخبرات والعقول على الهجرة بسبب سياسات التمكين وتردي الأحوال الاقتصادية، كذلك جرى اختراق الأحزاب وشرذمتها و"مرمطة" قياداتها وتشويه صورتها بتحويلها إلى متسولي مناصب من أجل المال والوجاهة. يضاف إلى ما تقدم، فإن ديموغرافيا العاصمة تغيرت بسبب الهجرة البالغة الضخامة، من الأرياف ومن الأقطار المجاورة، تغيراً كبيراً جداً. فالقوى التي سبق أن أنجزت ثورتي أكتوبر وأبريل لم تعد هناك، ومن يتطلعون إلى قيام ثورة جديدة، لا يبدو أنهم يصدقون أن القوى التي تصنع الثورات، لم يعد لها وجود، أو على أقل تقدير، لم يعد لها وجود فاعل. أيضاً، نجحت الحكومة في إخافة أهل الشمال والوسط من أهل الأطراف من حملة السلاح. وقد كان هجوم حركة العدل والمساواة على الخرطوم خطئاً كبيراً استغلته الحكومة. وعموماً فإن التحدي الحقيقي ليس في كيف تحدث ثورة شاملة تسقط النظام، وإنما التحدي أن تكون هذه الثورة قادرة على ملء فراغ السلطة، واستتباب الأمن، وعلى نقل الأمور من مربعها الراهن، إلى مربع جديد، فأكتوبر وأبريل لم تفعلا شيئاً سوى أنهما تسببتا في إعادة الأنظمة العسكرية، إلى سدة الحكم، وهذا هو ما حدث لثورة مصر، بعد عام واحد، حكم فيه الأخوان المسلمون مصر، عن طريق صندوق الاقتراع.






















                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de