عزة الدوري يحذر السعودية وقطر فيديو

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 03:28 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-08-2018, 12:52 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48864

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عزة الدوري يحذر السعودية وقطر فيديو

    12:52 PM April, 08 2018

    سودانيز اون لاين
    Yasir Elsharif-Germany
    مكتبتى
    رابط مختصر

    عزة الدوري يحذر قطر والسعودية
    تاريخ النشر:07.04.2018 | 22:04 GMT |

    آخر تحديث:08.04.2018 | 03:14 GMT | أخبار العالم العربي

    عزة الدوري يحذر قطر والسعودية

    الأمين العام لحزب البعث عزة الدوري
    A+ A A- انسخ الرابط
    150677

    اعتبر الأمين العام لحزب البعث عزة الدوري في كلمة له بالذكرى 71 لميلاد البعث، السبت، أن السعودية تتعرض لنفس مؤامرة العراق.

    وقال الدوري "إنه رغم كل شيء سنبقى واقفين مع السعودية"، معتبرا أن الرياض تتعرض لنفس المؤامرة التي تعرض لها العراق وليبيا واليمن.

    وأضاف الدوري: "لتعلم السعودية ودول الخليج أن خسارة قطر أو عزلها هو خسارة لدول الخليج أولا والأمة ثانيا، ولتعلم قطر أنها بخسارة دول الخليج لا تساوي شيئا ولو وقفت معها دول العالم"، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لن يضرب إيران حتى يوم القيامة".

    ودعا الدوري الجماهير العربية إلى أن تنتفض من المحيط إلى الخليج نصرة لفلسطين في مواجهة إسرائيل، مطالبا الأنظمة القُطرية بقطع كافة أشكال التطبيع مع الصهاينة.




    المصدر: "السومرية نيوز" + يوتيوب




















                  

04-08-2018, 01:04 PM

Ali Alkanzi
<aAli Alkanzi
تاريخ التسجيل: 03-21-2017
مجموع المشاركات: 9253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عزة الدوري يحذر السعودية وقطر فيديو (Re: Yasir Elsharif)

    من الذي اغرقنا في كل هذا البؤس غير البعث وصدامه
    وشن حرب ضد جارته وسماها القادسية
    وعندما كان الشاه الحارس الاول لمصالح الغرب وبصفة خاصة امريكا واسرائيل
    كان حكام الخليج وصدام يظهرون كتلاميذ شيخ جبار
    وعندما غاب ابشنب (شاه ايران) لعب ابضنب (صدام حسين)
    شاهت الوجوه
    لي مقالات اربعة او خمس مقالات كتبتها منذ زمان مضى وربما اعيد نشرها هنا
    فذاكرتنا خربة
    تعشق الابطال المزيفة
    عندما كان اطفال العراق يموتون بالانيماء كان صدام يملك قصوراً في العراق لا يملكها ملوك وامراء الخليج
    ويكفى انه اخرج من جحر ضب خرب ومعه مئات الملايين من الاخضر الليموني
    فلا منجي اليوم من امر الله إلا الله.
    شاهت الوجوه
                  

04-08-2018, 01:12 PM

Ali Alkanzi
<aAli Alkanzi
تاريخ التسجيل: 03-21-2017
مجموع المشاركات: 9253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عزة الدوري يحذر السعودية وقطر فيديو (Re: Ali Alkanzi)

    الملك سلمان عندما كان اميراً
    يرقص للشيعي الايراني شاه ايران
    ترامب نمبر تو

    ما قلتو سنة؟
                  

04-08-2018, 01:17 PM

عبد اللطيف السيدح
<aعبد اللطيف السيدح
تاريخ التسجيل: 03-11-2008
مجموع المشاركات: 5454

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عزة الدوري يحذر السعودية وقطر فيديو (Re: Ali Alkanzi)




    عجبتني لغته المسبكة ولسانه الفصيح

    أما باقي الكلام فهرج فاضي
                  

04-08-2018, 01:38 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48864

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عزة الدوري يحذر السعودية وقطر فيديو (Re: عبد اللطيف السيدح)

    سلام يا أخ الكنزي

    كلامك صحيح. والسعودية ودول الخليج كانوا قد مولوا حرب صدام حسين مع إيران. وبعد أن خرج منها جريحا مهزوما قام بغزو الكويت وأطلق على الكويت الولاية التاسعة عشر من العراق.
    كل المسائل سلسلة من الأخطاء المتبادلة.

    ياسر
                  

04-08-2018, 03:50 PM

Ali Alkanzi
<aAli Alkanzi
تاريخ التسجيل: 03-21-2017
مجموع المشاركات: 9253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عزة الدوري يحذر السعودية وقطر فيديو (Re: Yasir Elsharif)

    من أبواب متفرقة:
    الحكم لمن غلبا
    هَا أَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا:

    التجارب تنضح المرء وتجليه كما تجلو النار الذهب، والأيام تنضجه وتقويه بحوادثها، فينتقل من حال إلى حال. هكذا يتطور الإنسان في فهمه للحياة والتفاعل معها حتى يصبح على بصيرة من أمره، مثلما يتطور الجنين في رحم أمه من نطفة فمضغة فعلقة مخلقة وغير مخلقة، حتى يكسو الله العظام لحماً. فكلما زادت معارف المرء اتسع عقله وقويت ذاكرته، ونضج حكمه وترقى في سلم المعرفة. إلا أن هناك من يركن لحاله ويصبح ماءه آسناً لا حراك فيه ولا حياة، وهذا ما احسبه واقعاً بتلك الأقلام التي ما فتئت تكتب عن صدام البطل الذي لا يقهر. فتراهم يضخمون الذرات الضئيلة من الحقائق المصطنعة في مسيرة حكمه الراشد، حتى تغدو تلك الذرات جبالاً تناطح شواهق الهمالايا وتبذّ قمم الألب. وليت شعري هل على عقول أقفالها؟ أم على القلوب أكنانها؟ أم بالعيون غشاوة؟ فمخطئ من يتجرأ ويسعى لأن يجعل لتلك الأقلام نوراً تهتدي به في ظلمات الحياة وديجورها، حتى ترى بعين عقلها الواقع الماثل أمامنا من غير رمد.

    مدادٌ كثير اندلق حتى روى الصحفات منذ بداية محاكمة صدام، وبلغ ذروته بعد إعدامه. من بين هذه الأقلام، أقلام سودانية كنت احسبها تبحث عن الحقيقة وتتقي الله فيما تكتب، عملاً بقول السيوطي، الذي أنكر عليه معاصروه من علماء السلطان جرأته على الفتوى والاستنباط، وعدم اكتراثه بأثرها على الحاكم. فأنشد هذا العالم الحر قائلاً: (فلا تكتب بخطك غير شئ يسرك في القيامة أن تراه). فإن لم يقع على أعينهم قول السيوطي، فإن حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يخفى عليهم حين قال: (وهل يكب الناس يوم القيامة على النار إلا حصائد ألسنتهم؟). وما الأقلام إلا ألسنة على الورق. ولكن أثبتت هذه الأقلام أنها تكتب بالعاطفة وبلا ذاكرة. أو أن شئت قل أقلام لا تجهد نفسها بحثاً عن الحقيقة، وإن فعلت وأدركتها فلا تعدل من مواقفها، وتبقى على حالها ووبالها، عزة بالنفس واعتداداً بالرأي.

    إعلامنا العربي تتقمصه روح المتنبي، ويطغى عليه نهج أبي تمام مادحاً المعتصم عند دخوله عمورية بقصيدته المشهورة التي مطلعها: (السيف أصدق أنباء من الكتب). وإعلامنا العربي ما هو إلا إعلام تمجيد وتسبيح بحمد الحاكم آناء الليل وأطراف النهار لعله يرضى. كما إنه يستند على الرأي والعمود، ويترك الحقيقة قابعة في مكانها، لا يقلق راحتها، ولا يسمح لها أن تخاطب الناس ولو من وراء حجاب. وإن فعل فبخاتم من السلطان. لأن المعلومة إذا خرجت متبرجة دون حجاب ستستفز الحاكم وتغضبه وتؤذيه، كما أنها تقلق مضاجع بطانته وسدنته. ومن أراد السلامة لنفسه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، وعشيرته التي تؤويه، فعليه أن يكون من الصم البكم العمي الذين لا يفقهون، لا يعلمون، لا يسمعون. ولكن رغم هذا السياج المحكم الحلقات كالخاتم على الإصبع، فما تزال هناك أقلام تصدح وتصدع بالحق، وتخرج كلماتها جهاراً نهاراً، كخروج عمر يوم هجرته.

    أمة بلا ذاكرة:

    في سلسلة مقالاتي هذه والتي ستأتي متوالية على أربع، أحاول أن أعيد تركيب بعض المشاهد لمن جهل، فإعادة تركيب كل المشاهد من المستحيل. ولعلي لا ادعي علماً ولا فقهاً، أو تمكناً في التحري والتقصي والتتبع في جمع المعلومات، ولكن هناك أحداث تمر عليَّ في اطلاعاتي الشحيحة، إلا أنها تأخذ من الذاكرة بيوتاً، ومن الاهتمام حظوظاً.

    نحن أمة يهتز كيانها إن هي عكرت صفو حُكامها ولو بسقط من القول هازل. وانظر افترانا عكرنا صفو يزيد بن معاوية يوم استباح دم الحسين بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، رغم وصية الله عليهم بلسان نبيه حين قال: (قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) وانظر لمودتنا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ تلك أدهى وأمر. اما الثانية، فجهلنا بأن يزيد استباح مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في واقعة الحرة، التي أرسل إليها مسلم بن عقبة في ثلاثين ألفاً من الخيل، ودخل المدينة فقتل بضعة وسبعين من قريش، وبضعة وسبعين من الأنصار، وقتل من الناس نحو أربعة آلاف وفضحت النساء ونهبت الأموال، (انظر لأدبهم، يقولون: فضحت النساء ونقول: اغتصبت النساء).. حتى حمل أهل المدينة على معقل بن سنان الأشجعي أن يذهب في رهط من أهل المدينة إلى الأمير، يعني مسلم بن عقبة، ويسترضيه ويبايعه. فلما دخل عليه نظر إليه مسلم فقال: إني أرى شيخاً سقيماً، اسقوه من البلح الذي زودني به أمير المؤمنين، يريد يزيد. فسقوه بلحاً بعسل فشربه. قال له: أشربت؟ قال: نعم، قال: والله لا تبولها من مثانتك أبداً. فضرب عنقه.

    نحن مغيبون عن تاريخنا، لأننا نعيشه كل يوم بشخوصه مع اختلاف أشخاصه. فإن كان هذا صدره بعد ذهاب الراشدين، فكيف يكون حاضره ومستقبله؟ منذ خلافة يزيد وإلى يومنا هذا ما نزال نعمل بفتوى مروان بن الحكم حين استولى على الحكم بعد يزيد فقال: (الملك بعد أبي ليلى لمن غلبا). وأبو ليلى هذا ما هو إلا مروان. وقد صدقت رؤيته وأجيزت فتواه ولم يأتِ من يجرؤ بفتوى غير فتواه إلى يومنا هذا. أليس الحكم عندنا لمن غلب؟!!! وما صدام إلا تلميذ نجيب لأولئك الجبابرة العتاة الطغاة. هكذا كنا بالأمس، وهكذا أصبحنا اليوم، وعليها سنلقى الله.



    فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟

    ليت الذي سبق من سطور أوجعك وجعاً، وأفزعك فزعاً، وهزك هزاً قارئي الكريم؟ ألم أقل في صدر مقالي إن الحقيقة موجعة مفزعة مؤذية ترعب الراعي والرعية؟ ولأننا أمة ترضى أن تساق بالعصا، لذا فالحاكم عندنا يجب أن يكون طاغية مستبداً، (إنما العاجز من لا يستبد). هذا شطر بيت من الشعر لعمر بن ابى ربيعة نردده حكاماً ومحكومين؟!!!

    إذا استبد حاكمنا فذلك نهج سليم قويم لا شية فيه. أما إذا أخطأ و(دقس) ورأف بنا، وأنصفنا، فهذا ما يدفع للدهشة والذهول والفضول. فنحن مندهشون مذهولون، وسنظل مندهشين مذهولين إلى قيام الساعة من عدل العمرين (عمر بن الخطاب، وعمر بن عبدالعزيز)، وتلك فلتة في تاريخنا نبكي على جدرانها كلما استبد بنا حاكم. فالحاكم عندنا رغم تجبره وطغيانه نراه اعدل العادلين، وأزهد الزاهدين، وأعبد العابدين، بل قل إمام المتقين. هذا ما وقع لصدام فقد ظننا أنه ارتقى بسلم إلى السماء حتى كاد يكون نبياً، يوم أن كتب (الله أكبر) على علم العراق، وجيوش الحلفاء تقف متحفزة على أبواب بغداد الرشيد. فخطب وده المتملقون، وزحف نحوه المرجفون، وتدافع عليه المريدون، كأنهم حمر مستنفرة، وزينوا له كل فعل مشين (احتلال الكويت)، وهتفوا وانشدوا: (لا فارس إلا صدام ولا سيف إلا الضرغام)، ومن الضرغام غير صدام. حتى وَلِهْ بعضنا بحبه، وألحقنا نسبه بالعترة النبوية. ومن يريد الاستزادة من ذلك الأدب الرفيع فليراجع ما قاله المرابدة في حقه، فقد قالوا في مربدهم السنوي في صدام، ما يناهز قول ابن هانئ الأندلسي في المعز لدين الله الفاطمي، في قصيدته الشهيرة (ما شئت). أتدرون ما قال ابن هانئ؟ اللهم إني ابرأ اليك مما قال ابن هانئ:

    ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار

    وكأنمـا أنت النبي محمـد وكأنما أنصـارك الأنصـار

    وهل تريد ان تعرف ما قال شعراء المربد:

    فبعث الموت شئ مستطاع وموت البعث شئ مستحيل

    وما البعث عندي إلا صدام، أم ماذا فهمت قارئي العزيز؟

    ومن الناس من انفعل بصدق دون نفاق، وأخذته الهاشمية بكلتا يديه ومنكبيه، لأنه ظن أن خالداً أو معتصماً، أو صلاح الدين بعث من جديد على شواطئ دجلة والفرات. هذا ما وقع لبعض الناس، ومنهم شيخنا السوداني لحماً ودماً، ابن سليل الصالحين.

    صليت يوماً خلف أبيه صلاة الاستسقاء بعد أن خطب فينا يوم الجمعة بمسجد أم درمان الكبير، وأمرنا بأن نصوم السبت والأحد والاثنين، ونأتي لميدان العرضة بأم درمان صباح الاثنين بأوضع الثياب. كان ذلك في السبعينيات من القرن الماضي. وما أن فرغنا من الصلاة، وتفرقنا لشؤوننا، حتى تجمعت السحب وأرعدت السماء وأبرقت. ويممت نفسي أطلب الخرطوم، وقبل أن تعبر السيارة (كوبري ام درمان)، أنزلت السماء ماءً مدراراً، حتى تصدعت الجدران، وتهدمت البيوت والحيطان، ومن بين ما انقضّ جدار بيت شيخنا الذي أمنا في صلاة الاستسقاء.

    نعود لابن ذلك الشيخ الصالح الجليل، وفي مقالي هذا ما هو إلا رمز لكل إسلامي وقف يمجد صداماً وينافح عنه. فقد رأيته بأم عيني في التلفاز والعبرة تأخذه حتى كاد ينفجر باكياً أمام صدام وجمع من الخلق، أو هكذا بدا لي أنه فعل. ولكن هل لي أن اسأل شيخنا الذي لا أشك أن دموعه ما تساقطت إلا خشية لله، هل لي أن اسأل شيخنا ومن يرمز اليهم أسئلة ثلاثة:

    أول سؤال: من الذي مثل العراق في المؤتمر الإسلامي المنعقد بالكويت في يناير 1987؟ هل بعث صدام بسيبويه صاحب مدرسة البصرة، أم بالكسائي صحاب مدرسة الكوفة؟ أم تراه بعث بالنعمان صاحب المذهب الحنفي! بل تراه انتدب امام التصوف الحسن البصري؟ أو فضل عليه شيخ الصوفية عبد القادر الجيلاني؟ دع عنك آل بيت الهدي الذين قبروا بالعراق، فهؤلاء اتباعهم الشيعة فلا يجوز ان نراهم في محفل دولي.

    أمة أنجبت كل هؤلاء الرجال، أتعجز أن تجد من المسلمين العراقيين من يمثلها في مؤتمر القمة الإسلامي الذي يؤمه الملوك والرؤساء والأمراء المسلمون، فتصيب الحيرة هذه الدولة التي حكمت العالم الإسلامي حكماً وعلماً وفقهاً لقرون عددا، وتعجز أن تجد من بين هؤلاء أحد يمثلها وتدفع بمسيحي لا يتردد على الكنسية إلا لماماً، يشغل وظيفة نائب رئيس مجلس الوزراء ليمثل أمة من أعظم الأمم الإسلامية تاريخاً وحكماً وعلماً وحضارة؟

    وسؤالي الثاني: إلى أي من المتقاتلين كان يذهب مال وسلاح ورجال مخابرات بطل القادسية خلال الحرب الأهلية في لبنان؟ إنه لم يسع إلى الصلح بينهم ولكنه اتخذ موقفاً، إذن أين كان يقف؟

    أما سؤالي الثالث والأخير فهو: إلى أي فئة أو راية انحاز صدام بماله وسلاحه، عندما كان الصرب يذبحون رجالنا ويقتلون أطفالنا ويستحيون نساءنا في البوسنة؟

    إن عرف شيخنا الإجابة على أي من الأسئلة الثلاثة فليستغفر لذنبه، وإن جهل الحقيقة فإن المصيبة أكبر. ألم اقل لكم إننا أمة بلا ذاكرة! فصدام في الحربين الأهليتين كان مثله مثل أهل بدر، فئة بالعدوة الدنيا، وأخرى بالعدوة القصوى.

    وإلى مقالنا الثاني في بحر أسبوع من اليوم تحت عنوان

    (أم على عقول أقفالها: قادسية صدام، وتجرع الأمام الخميني السم).


    ___________________
    علي يس الكنزي

    السوداني الدولي
    العدد رقم: 497 2007-03-31


    EmailProfileEditرد على الموضوع
                  

04-08-2018, 03:51 PM

Ali Alkanzi
<aAli Alkanzi
تاريخ التسجيل: 03-21-2017
مجموع المشاركات: 9253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عزة الدوري يحذر السعودية وقطر فيديو (Re: Ali Alkanzi)

    من أبواب متفرقة:
    قادسية صدام وتجرع الأمام الخميني للسم 2-4

    تولي حزب البعث السلطة في العراقعندما تولى حزب البعث السلطة في العراق بانقلاب عسكري قاده كل من أحمد حسن البكر وصدام حسين وحردان التكريتي في عام 1968، اعتبر هذا الانقلاب ضربة موجعة للمصالح البريطانية والأمريكية لأنه أوجد نظاماً سياسياً جديداً، يختلف في بنيته وأهدافه عن الأنظمة التي تحيط به، خاصة وأن دول المنطقة ارتضت أسلوب الحكم الوراثي، والنظام الذي أتى في العراق يتخذ منهجاً مخالفاً ويبني حكمة على فلسفة التغيير الإنقلابي، والاشتراكية القومية العربية، المتجه نحو روسيا الشيوعية. مما أعتبره الشاه وحلفاؤه نظاماً يهدد استقرار وأمن المنطقة، خاصة وأن دول الخليج كانت تنظر لشاه إيران كحامي لأمن المنطقة، وإن شئت قل الأخ الأكبر. مما أعطى وضعية خاصة في تلك الأيام لحاملي الجنسية الإيرانية في دول الخليج، تضاهي المعاملة التي يتمتع بها الآن مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي. لهذه الأسباب لم يجد الحكم الجديد في بغداد الترحيب الذي كان يأمله من جارته الكبرى.

    جاء رد الفعل من قبل حكومة البعث أن فرضت رسوماً على السفن الإيرانية العابرة لشط العرب للوصول لمضيق هرمز بالخليج الفارسي، أو إن شئت قل الخليج العربي. فما كان من شاه إيران إلا أن مزق اتفاقية الحدود الموقعة مع العراق في عام 1937، وأمر سفنه الحربية بمرافقة السفن التجارية لعبور شط العرب ليرى ما تفعله حكومة البعث؟ فلم يقل يومها صدام ولا حكومته (بُغُم). لأنه يعلم حقيقة من يقف وراء شاه إيران. فأسرع العراق بتوقيع اتفاقية صداقة وتعاون مع الاتحاد السوفيتي في فبراير 1973، طلباً لحماية مماثلة من قوة كبرى أخرى.

    تدخلت الجزائر لإصلاح ما فسد بين الدولتين الجارتين، ونجحت المساعي الحميدة للرئيس الجزائري هواري بومدين بإقناع الطرفين بالتوصل لاتفاقية سلام بينهما وقعت بمدينة الجزائر في 6/3/1975. ومن غرائب الصدف أن الذي وقع على هذه الوثيقة نيابة عن العراق هو صدام بعظمه وشحمه ولحمه. حينها كان صدام هو الرجل الأول من وراء الكواليس والثاني في الواجهة.

    مجئ الثورة الإسلامية في إيران:

    تمر الأيام حبلى بالمفاجآت غير السارة، وينهار نظام الشاه إيران الذي قال عنه الرئيس الأمريكي جيمي كارتر أنه جعل من منطقة الخليج آمن مناطق العالم أجمع (جزيرة من الاستقرار). فإذا بهذه الجزيرة الآمنة تنهار تحت (رصاصة انطلقت من القرن السابع واستقرت في قلب القرن العشرين)، كما وصفها محمد حسنين هيكل في كتابه (مدافع آية الله). وتأتي الثورة الإسلامية في إيران، لتفرض هي الأخرى واقعاً جديداً في المنطقة لينتقل جميع حلفاء الشاه من الضفة الشرقية للخليج الفارسي، إلى الضفة الغربيه منه. ويعتلي صدام حسين عرش العراق ليصبح الحليف الأول المدلل لدول المنطقة وللغرب. ويشعر بالزهو والاعتزاز عندما اعترف له الحلفاء الجدد بأنه حامي البوابة الشرقية، التي كانت مشرعة على مصراعيها ومترعة بحميم العلاقات أيام الشاه. فقد حج إلى قصر ملك الملوك، صدام حسين وغيره من الحكام، ليؤدوا قسم الولاء وحسن الجوار.

    فإذا ببطل القادسية يقوم بنفس الدور الذي قام به من قبل شاه إيران، ويمزق اتفاقية السلام التي وقعها في الجزائر. ثم يعلن قادسيته المقدسة ضد المجوس الفرس، ويشعل حرباً لا هوادة فيها. وتصحو ذاكرة الأمة العربية المتثائبة الخربة، بعد أن عثرت على دفاترها القديمة الضائعة في خزائن الحكام، لتنفض عنها الغبار، وتقوم بالكشف الأثري العظيم الذي يضاهي حضارة الفراعنة وتكتشف بين ليلة وضحاها أن من يقيمون شرق الخليج ما هم إلا مجوس، شيعة، روافض، تكفر الصحابة وتلعن الراشدين. فكأني بأهل إيران ارتدوا عن دينهم ومذهبهم بين رمشة عين وغمضتها، واصبح واجباً إنسانياً وأخلاقياً وسياسياً وروحياً ودينياً على صدام حسين ومن آزره، أن يرد هؤلاء المارقة إلى الجادة، ودين الحق، والسراط المستقيم، ويعودوا كما كان عليه أمرهم ودينهم ومذهبهم أيام الشاه.

    الخميني يتجرع السم:

    قضت الحرب بين البلدين المسلمين على الأخضر واليابس، والأنفس والثمرات، وصمتت المدافع بعد أن تقدم الإمام الخميني ليتجرع السم على حد تعبيره، ويقبل بقرار مجلس الأمن رقم 598، الصادر في يوليو 1987، والداعي لوقف إطلاق النار بين البلدين والعودة لحدود ما قبل نشوب الحرب. ليجد صدام أنه قد عاد لنقطة الانطلاق الأولى، ويقبل للمرة الثانية بما أملته عليه اتفاقية الجزائر (فيا زيد لا رحنا لا جينا)، لتكون كل تلك الخسائر البشرية والمادية ما هي إلا ملهاة ومأساة وعبث.

    يحق لنا أن نسأل بعد أن وضعت الحرب أوزارها، هل توقف صدام من عطشه لخوض المعارك؟ وهل التفت وتنبه لبناء العراق كما فعل جيرانه من دول الخليج؟ الإجابة بالطبع لا، لم يدر بخلده شئ من ذلك، بل شعر بمرارة (المقلب) الذي خاضه لثماني سنوات عجاف في حرب ضروس نيابة عن الآخرين، دون أي يحصل على أي (آتو) مقابل هذا العمل البطولي الخارق. فأراد أن يبلغ حلفاءه رسالة تقول: أنه ما زال رجل النزال والحروب شريطة ألا يخوض رحاها بنفسه. وأن يخوضها عنه بالوكالة جيشه المطيع، كل جندي فيه أشبه بذلك الضيف الذي قدم على ملك حمير من بلاد اليمن، ووجد الملك يصطاد في إحدى جبال اليمن السعيد. فسلم عليه وانتسب معرفاً بنفسه كعادة العرب. فقال له الملك مرحباً (ثب) أي خذ مجلسك بلسان حمير. وظن الرجل أن الملك يأمره بالوثوب فأجاب: (لتجدنني مطاوعاً). ثم وثب من الجبل ولقي حتفه.

    حال هذا الإعرابي يمثل حال جيش صدام، وحال أهل العراق. ما أمرهم صدام أن ثوبوا إلا وثبوا من شواهق الجبال ليرى صدام منهم ما يشرح صدره، ويضحك ثغره حتى تبين نواجذه. فما كان منه إلا أن قال لجيشه: (ثوبوا نحو الكويت)، فوثبوا كأنهم حمر مستنفرة، دون بصيرة أو تدبر أو تأمل. فقد قال شاعرهم معروف الرصافي شعراً يصدق على صدام:

    إن الملوك كالأصنام ماثلة الناس تصنعها والناس تعبدها

    فنحن الذين صنعنا من صدام ملكاً لا يعصى له أمر. ونحن الذين نحتنا له أصناماً تجدها في كل بقعة وصوب من مدن العراق. ونحن الذين مجدناه، ونحن الذين ملكناه أنفسنا وأولادنا ونساءنا يفعل فيهم وبهم ما يشاء ويرضى.

    ليت صدام كان يقف في صف شعبه وجيشه! وليته سعى وعمل على حمايتهم أو تقليل الخسائر التي لحقت بهم!!! فقد توفرت له فرصتان كان يمكن أن يثبت فيهما حسن نيته وشفقته ورحمته بأمته؟ .

    الأولى عندما طُلب منه الانسحاب من الكويت دون إراقة دم، ولكنه طغى وتكبر، وتجبر، وبعث للمرة الثانية برجل المهام الصعبة طارق عزيز حنا، وهو الذي رمينا إليه في مقالنا السابق ممثلاً للعراق في المؤتمر الإسلامي المنعقد بالكويت في يناير 1987. بعث به هذا الرجل إلى جنيف لا ليفاوض على السلام، بل ليرفض السلام، ويفرض الحرب، وتقع الكارثة، على من؟ على شعب العراق وأهل العراق!.

    المرة الثانية وجيوش الحلفاء تنذره بدخول بغداد إن لم يتخل عن السلطة، ويذهب هو وأسرته إلى إي بلد آخر؟! ويعجز عن اقناعه بعدم المخاطرة والدخول في حرب ثالثة الخاسر فيها دائماً العراق وأهله، كل من حكيم العرب الشيخ زايد الذي رحب به في الأمارات، والرئيس المصري حسني مبارك، والملك حسين. لتأتي الطامة الكبرى التي يعيشها العراق ويعيشها معه العالم العربي والإسلامي اليوم.

    أنظر إليه في أم المعارك التي خاضها ضد الحلفاء، والتي أورثتنا سفاحاً طفلاً مشوهاً معاقاً، وجبت علينا رعايته وكفالته بدمائنا وأرواحنا وأموالنا لسنين وعقودا عددا. فعندما رضخ مرغماً ومذعناً على الانسحاب من الكويت، تحت نيران الحلفاء، لم يأخذ بمبدأ الحيطة والحذر، ويتخذ عهداً لمحاربيه، كما يفعل القادة العظام المهزومين. فلم يشترط شرطاً يضمن سلامة الإنسحاب لجنوده وعدم تعرضهم لنيران العدو أو الأسر وهم يتجهون جنوباً نحو بغداد.

    فكانت المأساة وكانت الجريمة الكبرى التي يندى لها جبين المحاربين، لأن للحرب أخلاقها وعرفها وأدبها. وكانت محرقة طريق الصحراء، التي لا تقل بشاعة عن استخدام الأسلحة المحرمة، لتضاف للجرائم التي ارتكبتها قوات التحالف في حق أهل العراق، والتي تعد من أبشع جرائم الحرب التي وقعت خلال القرنين الحالي والماضي، إن لم تكن أبشعها على الإطلاق. فقد لها وعبث وتسلى، جنود التحالف بحصد رؤوس وأرواح جنود الجيش العراقي المكشوفين في الصحراء من كل غطاء. وصار جنود التحالف يلتقطونهم الواحد تلو الآخر من الجو، في تفكه وتندر كأنهم صيد بر وحشي نافر في الصحراء العربية الخليجية. شاهد تلك الصور على شاشات التلفزة الكثير من الخلق، لأجساد محترقة، وسيارات تحولت إلى قطعة من الفحم الأسود، والجيش العراقي يجر أذيال الهزيمة نحو الجنوب، وما زال الكثير من تلك الصور محفوظ على الشبكة العنكبوتية لمن اراد التحقق والإستزادة.

    وشاهدتُ كما شاهد غيري تلك الصورة التي نشرتها بعض الصحف ومنها الصحيفة السويسرية (تريبون دو جنيف)، للجندي الأمريكي وهو يتوسط طريق المحرقة وبعض الجنود العراقيين يقبلون حذاءه، والبعض الآخر ينتظر دوره. وهي صورة أكثر إيلاماً وإذلالاً من صورة صدام حسين الشهيد البطل، عندما القي القبض عليه وهو يندس في جحر ضب خرب.

    مأساة وذلة عبر عنها الشاعر العراقي أحمد مطر بقلم يقطر دماً حين قال في قصيدته (بلاد ما بين النحرين):

    هل أتاكم حديث الجنود؟

    الجنود العظام

    العظام التي أنكرت لحمها والجلود

    الجنود التي ساعة الالتحام

    استحالت اساطير

    تمشي طوابير

    تحمل بيض البنود

    وتلعق سودَ الجلود

    جلود نعال الجنود

    أين ذلك البطل المغوار الذي نتحدث عنه عندما اقتحمت قوات المارييز بغداد؟ عجز بطلنا أن يجد له مأوى أو ملجأ أو مغارات يأوي إليها في كل بيوت العراق، وكل فيافي العراق، وكل سهول العراق، وكل جبال العراق، لتوفر له الحماية ولو لفترة قصيرة يلتقط فيها أنفاسه، ليعود للقتال أقوى إرادة وعزيمة، ويواصل الحرب ضد الغزاة الطغاة الجناة. ولكن لفظته الأرض بما رحبت. وقد صدق أحمد مطر كما هو دائم الصدق في أشعاره حين قال:

    نخافُ من رئيسنا لأنه يخاف

    هو الذي أَخافنا

    وحين خُفنا خاف

    من الذي يزيل خوفنا وكلنا خواف؟

    وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين قال: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى). ومن الكبائر التولي يوم الزحف كما جاء في سورة الأنفال:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ (15) وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)

    فأنظر إليه كيف هداه عقله وتولى دبره ليأوي إلى جحر ضب خرب، ليعصمه من أمر الله؟ قل لا عاصم اليوم من أمر الله. فقد خاب ظنه وهو يعهد بنفسه وولده وماله لأبناء جلدته، فباعوه للقوات الغازية بدراهم بخسة معدودات. ثم أرجع البصر وانظر كيف دافع الصرب البوسنياك عن قياداتهم العسكرية والمدنية (ملادتش العسكري وكارادتش المدني)، التي يطاردها حلف الناتو والأمم المتحدة والمحكمة الدولية منذ أكثر من عشر سنوات، فلم يهتدوا لهما على سبيل، فكأنما ارض البوسنا وصربيا قد خسفت بهما. وقارن بما وقع لصدام؟ ولم الدهشة يا رعاك الله، فقد بعناه يوم سمحنا للقوات الغازية أن تتسرب من أراضينا لتتسرب في أراضينا.

    ألم أقل لكم إننا أمة بلا ذاكرة! أمة تؤرقها الحقيقة! وتعذبها المكاشفة.

    وإلى مقالنا الثالث في الأسبوع القادم تحت عنوان:

    عدي وقتله لذواق طعام أبيه، وقصة القاضي الذي أجهش باكياً وهو ينطق بالحكم على عدي بالسجن، هذا عدل صدام؟ ولنرى كيف كان عدل صدام الذي فاق عدل عمر.



    علي يس الكنزي
    EmailProfileEditرد على الموضوع
                  

04-08-2018, 03:52 PM

Ali Alkanzi
<aAli Alkanzi
تاريخ التسجيل: 03-21-2017
مجموع المشاركات: 9253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عزة الدوري يحذر السعودية وقطر فيديو (Re: Ali Alkanzi)

    من أبواب متفرقة:
    عدي وقتله لذوّاق طعام أبيه:


    في صيف 1988 قَدمتْ إلى مدينة جنيف رامية برحالها إلى الرباط عاصمة المغرب، استجابة لدعوة كريمة من الملك الحسن الثاني ملك المغرب، شخصية سودانية يكن لها أهل السودان والعالم العربي والأفريقي كل تقدير وتجلة، وما تولدت تلك المشاعر وذلك الإعجاب الفطري، إلا لزهد هذا الإنسان في الحكم ووفائه بعهده بالتنحي عنه، حتى عُدَّ سابقة نتوق لتكرارها. كان لي عظيم الشرف أن استقبل ذلك الصوفي الزاهد في داري. عندما اتخذ مجلساً وجد قبالته صورة لرجل آخر شغل الدنيا وغير مسارها بثورته التي وقودها الشباب، لمصلحة المستضعفين في الأرض. إلا أن المنتفعين من المستضعفين حاربوا انطلاقتها في دهاء وخبث وذكاء، فضيقوا عليها بحرب فروضت من الاستكبار العالمي، ثم البسوها رغم أنفها ثوباً مذهبياً حتى لا تغادر موضعها الذي انطلقت منه.

    وضيفي يأخذ مجلسه، أحسست بضيقه وعدم ارتياحه، فقمت بإنزال الصورة من الحائط تقديراً لمشاعره. كانت تلك الحادثة كفيلة بأن تكون مدخلاً لحديثنا تلك الليلة عن صاحب الصورة وصدام. تحسست جيبي الذي كان مستودعاً لمقال نشر بجريدة (الغارديان) البريطانية لازمني لأكثر من أسبوعين لحكمة أجهلها، ربما كنت أترصد هذه اللحظة بالذات، وهذا الرجل بالأخص! دفعت إليه بالمقال ليطلع عليه لاحقاً.

    يتحدث المقال عن قصة صدام وابنه عدي، الذي قتل السيد/ كامل حنا، ذواق طعام أبيه، تعاطفاً مع أمه، وفي رواية إنه من كيدهن، إن كيدهن عظيم. كل الذي جناه حنا أنه متهم بتقديم (لاحظ متهم بتقديم) امرأة لصدام، أصبحت فيما بعد زوجته الثانية، كما أوضح المقال. أمر صدام بالقبض على ابنه وفلذة كبده، ووريث عرشه، ووجه بتقديمه للمحاكمة الفورية، حتى يقتص منه العدل الذي أشاعه بين الناس. انتهت القضية بالحكم بالسجن لسنين عدد على المتهم القاتل (عدي صدام حسين التكريتي). إن لم تخن الذاكرة، فقد حكم عليه بسبعسنوات غلاظ شداد.

    في صباح اليوم التالي، خرجت الصحف العربية أخضرها وأصفرها وأبيضها، تهلل وتكبر بعدل صدام الذي جعل في القصاص حياة وعبرة لأولي الألباب، الذين يقولون ربنا أدخلنا هذه القرية العادل أهلها واجعل لنا من صدام نصيراً، واجعل لنا من عدي خليلاً. هلل إعلامنا العربي من المحيط إلى الخليج، وضحك ورقص طرباً، حتى تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الليل، وأتموا الصياح إلى الصباح، مكبرين مهللين بعدل صدام الذي انزوى أمامه عدل عمر، وهو يأمر القبطي بأن يضرب ابن الأكرمين ويشبعه ألماً، فالعين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص. هكذا كان شرع عمر، وهكذا اليوم شرع صدام. إلا أنه شتان ما بين عدل الرجلين؟ فصدام قد ابتلي بولده وفلذة كبده، أما عمر فبلاؤه كان في ابن عامله بمصر، فأفهم قارئي العزيز.

    تفننت الأقلام الصحفية وهي تصف القاضي الذي غلبته دموعه، وهو يتلو الحكم، حتى أجهش باكياً متأثراً لما وصل إليه العدل والإنصاف في بلاد الرافدين! ألم يجهش مثله شيخنا السوداني؟! مالنا نحن مجهشون بكاءون أمامك يا صدام؟ أتذكرون ما قاله شاعر العراق معروف الرصافي في مقالنا السابق:

    إن الملوك كالأصنام ماثلة

    الناس تصنعها والناس تعبدها

    ها نحن نبكي أمام هذه الأصنام التي صنعناها بأيدينا، وجعلناها آلهة ترجى من دون الله، فهي تحيي وتميت، وتغني وتفقر، وتعز وتذل، ولولا الحياء وبعض الدِّين لقلنا إنها الـ...

    ثم ماذا؟ ثم أبرقت الدول الصديقة والشقيقة، مهنئة بجلاء المحنة، وانقشاع الفتنة، وشيوع العدل، وتمنت أن تكون هذه المحاكمة درساً وعظة ومثالاً لكل من تسول له نفسه بالعبث بأرواح المواطنين الأحرار الثوار، كما جاء في حيثيات القاضي وهو يصدر حكمه قائلاً: (وليعلم كل من تسول له نفسه العبث بأرواح المواطنين أن لا كبير على القانون، وأن الناس في بلاد الرافدين، سواسية كأسنان المشط أمام ميزان القضاء. فالضعيف فيهم القوي حتى يؤخذ الحق له، والقوي فيهم الضعيف حتى يرد الحق منه). صبراً فلا تعجل عليَّ قارئي الكريم، فسأقص عليك قصصاً تجعل الولدان شيباً، هذا إن لم يصبك الشيب بعد! وستعرف كيف نفذت السلطات هذا الحكم الرشيد!

    تنفيذ الحكم على عدي:

    زفَّ خبر عدي إلى المقيمين بسويسرا، وتحديداً المقيمين بجنيف، البشارة والمفاجأة المتوقعة ولم تجفّ أقلام الصحف بعد، وصدى صوت القاضي الذي اختلط بنحيبه وهو يتلو الحكم على المتهم القاتل ما يزال يرن في الآذان. وحدث ما كان متوقعاً، فقد أمسك إعلامنا العربي من المحيط إلى الخليج عن الخوض فيما لا يعنيه فهذه أسرار دولة من يقترب منها يقترب عنقه من المقصلة. وإن احسنّا الظن بإعلامنا فنقول ربما جهل الأمر، أما إن رردناه إلى أصله، فهو إعلام جاهل متجاهل، ولا اقول جهول. فقد ظهر عدي بطلعته البهية الساحرة وقامته الرَّبعة الأخاذة، ولم يمضِ على حكم القصاص عليه إلا أيام معدودات. فقد شوهد وهو يمشي الهوينا مشية الوجي الوحل، على ضفاف بحيرة الليمان القابع عجزها عند شمال مدينة جنيف، وفخذها في قلب المدينة، ليخرج من صلبها نهر الرون ليتجه جنوباً ويصب مرحاً بمياه البحر الأبيض المتوسط عند مرسيليا بجنوب فرنسا.

    ها هي حكومته الرشيدة تبعثه للعمل دبلوماسياً بالوفد الدائم لبلاده لدى الأمم المتحدة بجنيف، ليبقى طفلاً مدللاً تحت رعاية وعناية عمه برزان إبراهيم الحسن التكريتي، الذي ترأس وفد بلاده خلال الفترة من 1988 إلى 1999. بقول العارفون إنه كلف بشغل هذا المنصب لكي يتمكن من إدارة ثروات الأسرة بالخارج، وعلى رأسها ثروة الرئيس المفدى. إلا إن كل الأموال التي نهبت من العراق، والمودعة لدى مصارف سويسرية بأسماء خاصة أو حسابات حكومية، جمدتها الحكومة السويسرية وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي القاضي بتجميد أرصدة العراق الخارجية بعد أم المعارك، مما أجبر ابن السفير والمندوب الدائم برزان التركيتي والطالب بجامعة وبستر الأمريكية في جنيف على توكيل محامٍ سويسري، لا ليرد جميع أو بعض ماله ومال أبيه، فذلك حلم الثريا أدنى منه، بل للسماح له بأن يسحب من حسابه ما يسد رمقه، ويقيم صلبه. وسنرى لاحقاً ماذا كان يفعل هذا الطالب الجامعي في جنيف، بجانب تحصيله الدراسي!.

    أفردت صحيفة (تريبيون دو جنيف) صفحاتها الأولى للخبر بأن عدياً بضفاف الليمان، وليس بأيدي السجان، وقالت إن السلطات السويسرية رفضت منح عدي حق الإقامة كدبلوماسي ضمن وفد بلاده للأمم المتحدة بجنيف. ويعد هذا قراراً نادر الحدوث سابقة، لأن العاملين بالمنظمات الدولية والوفود الدبلوماسية لا يخضعون مباشرة للقانون السويسري، ولكن أرادت سويسرا أن تقول في قرارها دون إشارة صريحة: (إن أراضيها لن تكون ملجأ لمجرم قاتل صدر في حقه حكم بالسجن)، أو هكذا فُهِم، فافهم واعلم وتعلم قارئي العزيز.

    طالب جامعي وحرس خاص يعقدان صفقات بترولية:

    عاد عدي إلى العراق من الباب الأمامي يجرجر أذيال الهزيمة، ويرفع ألوية النصر! نصر لأنه عاد لوطنه من الواجهة، بعد أن سُرب إلى خارجه من الأبواب الخلفية. وهزيمة لأن ابن الأكرمين لم يحدث أن واجه في حياته من يقول له: (حسبك ليس لك من الأمر شئ). يومها لم يفتح الله على صحفنا العربية بشتى ألوانها الخضراء والصفراء والبيضاء، وإعلامنا العربي بكلمة (بِغِم).

    قبل اندلاع الحرب الثالثة التي دفعت بالرئيس البطل أن يندس في جحر ضب خرب، تجئ الجريدة نفسها (تريبيون دو جنيف) لتكشف عن مهزلة ومأساة أخرى، توضح كيف تدار ثروات العراق! فقد نقلت الجريدة وفي صفحاتها الرئيسية أن المحاكم في جنيف تنظر دعوى السائق والحرس الخاص، السوري الجنسية، والذي يعمل مع ابن برزان التكريتي الطالب بجامعة وبستر الأمريكية بجنيف. رفع دعوى ضد الابن وأبيه، لأنهما لم يفيا بتعهدهما بدفع كامل عمولته المستحقة، والمقدرة بالملايين من الدولارات الأمريكية، وذلك مقابل خدماته لهما وربطهما مع شركة أمريكية قامت بشراء بعض بترول العراق مقابل الغذاء. ونشرت الصحيفة مع الخبر صورة من التسوية والمخالصة الموقعة من الطرفين التي فرضها برزان التكريتي سفير بلاده في الأمم المتحدة حين ذاك على المدعي الذي قال إنه قبلها تحت التهديد، ليحصل على بضع مئات الآلف من الدولارات.

    انظر وافهم وتعلم؛ سائق وحرس خاص، وطالب جامعي، يقومون بمهمة تسويق وبيع بترول العراق مقابل الغذاء لشركة أمريكية؟!!! (يا لهوي حصلت كدا)، كما يقول اخوة لنا في شمال الوادي.

    عدي يقتل ثانية:

    أما قصة عدي وذلك الضابط الذي تعدى الخطوط الحمراء، وأغضب عدياً غضباً كلف الضابط حياته، فنترك روايتها للكاتب والأكاديمي المغربي الأستاذ محمد المدلاوي المنبهي، في جزء من مقال له بعنوان (لحية صدام حسين ولسان المثقف أو المبدع):

    (في كل صباح، تقتحم عليك غُرفتـَـكَ في الفندق من أسفل دفة الباب رزمةٌ من الصحف البغدادية، وغير البغدادية تقول كلها الشيء نفسه عن الأخ الرئيس، وعن أم المعارك، وعن القادسية، وعن ملتقى المربد ونشاط المرابدة وتصريحاتهم الغبية، وهو نفس ما يعاود اقتحامَ غرفتك ليلاً من الشاشة التي تشاهد من خلالها ما عايشته حيّا بالنهار.

    ذات يوم من أيام ذلك الملتقى المربدي المعربد، يقوم أحد أبناء صدّام، ولعله عديّ، بصقر أحد الضباط صقراً قاضياً بعصاً من العصيّ علي رأسه فأرداه قتيلاً في الحال، كما يقتل الثعبان. فبادر صدّام، على الفور، باعتقال ابنه بنفسه في منزله، خوفاً من أن يؤدي حُبّ الشعب لعشيرة الرئيس التكريتية كافة إلى إفلات القاتل من صرامة العقاب، وذلك إذا ما ترك لتتولى العدالة أمرَه كما بيّنتْ ذلك الصحافةُ وشرحتْه. فافهم واستزدْ علماً حفظك الله! وفي الغداة، قرأ المربديون في رزمة الصحف المسربة من تحت باب الغرفة كالعادة رسالةً مفتوحة من وزير العدل، حادّة اللهجة وهي موجهة إلى رئيس الجمهورية وتقول من بين ما تقول في جرأة نادرة وبلغة رفاقية تضرب صفحاً عن بروتوكولات الخطاب: يا صدّام! إننا نخاف على ابنك من صرامة عدلك. وبعد يوم آخر أو يومين، قرأ المرابدة من جديد في الصحف المسربة من تحت الباب بأن عشيرة الضابط المقتول بضربة عصاً كالثعبان قد حطت رحالها وخيمت في فناء قصر الرئيس مطالبة إياه بما لا يقلّ عن الإفراج فوراً عن الابن القاتل، لأنها تعلم، كما بينت ذلك الصحف، بأنه قد فعل ما فعل تحت وطأة الغضب، وهو فتى في مقتبل الشباب. فافهم من جديد واستزد فهما!). انتهى كلام الأستاذ.

    عدي أكثر رأفة وإنسانية:

    ومن جرائمه التي تتحلى بالرأفة والإنسانية وتخفيف العقاب، وهو يمارس مسؤولياته كرئيس للجنة الأولمبية العراقية، عرف عنه أنه كان يضرب بالفلقة ضرباً مبرحاً الرياضيين الذي أخفقوا في تحقيق بطولات للعراق، وقد يتعدى الأمر إلى الحبس. ولكن لم يصل في يوم من الأيام أن أمر بقتل رياضي نتيجة إخفاقه. ويعد هذا حكم فيه مزية ومِنَةٌ،لأن أقصى ما يمكن أن يصيب الرياضي هو أن يخرج من عند عدي متألماً، مطأطئ الرأس، يشعر بالذل والهوان، ليس إلا!.

    آخر جرائمه ما شاهدته بأم عيني على شاشة تلفزيون (بي بي سي) قبل بداية غزو بغداد بأيام، وبالتأكيد شاهد غيري من الناس ذلك التحقيق الذي أجراه مراسل التلفزيون من بغداد مع شاب عراقي مقطوع اللسان يحمل على كتفه سلاحاً، ويبحث عن عدي متوعداً بالثأر منه. فعدي قطع لسان الصبي الذي تجرأ وأقترح في حديث عام مع بعض أصدقائه متمنياً على الرئيس صدام أن يقبل عرض حكيم العرب الشيخ زايد آل نهيان بالرحيل من العراق والعيش في الإمارات العربية ليجنب البلاد ويلات الحروب التي دمرتها تماماً.

    ومن الغريب أن الشاعر أحمد مطر كتب عن كل تلك الأحداث قبل وقوعها، لا لأنه مطلع على الغيب، بل لأنه يملك حساً وعقلاً يدرك منطق الأشياء وما تقود إليه من نتائج. فقد قال في قصيدته تحت عنوان (عقوبات شرعية)، انظروا ماذا قال مطر عن عقوبة شريعة لا شية فيها، تقع علينا مثل ما وقعت على ذلك الشاب، وما علينا إلا القبول بها، لأنها مِنْةٌ من الحاكم:

    بتر الوالي لساني،

    عندما غنيت شعري،

    دون أن أطلب ترخيصاً بترديد الأغاني.

    فذنب هذا الصبي أنه لم يطلب ترخيصاً من عدي، لذا حق لعدي أن يبتر لسانه، وإن زاد لزاد عدي بتراً.

    أما ليالي عدي، وما أدراك ما ليالي عدي، التي كان يعقدها في ناديه المفضل، المركب العائم على ضفاف دجلة، وتفلتاته وحبه للنساء وغوايته لهن، وتعديه على حرائر العراق فنمسك في الخوض فيها لأن للأموات حرمتهم. ولكن هل أمسك أحمد مطر عن الكلام المباح وعدي حي بين ظهرانينا في غيه ومجونه؟ كلا لم يصمت شاعر العراق بل تجده يقول شعراً ينـزف أسىً وألما وتحسراً للضيم والقهر الذي لحق بإنسان العراق، حتى حرائره لم يسلمن من ذاك القهر والهوان.

    يكتب الشاعر بلسان مواطن عراقي من داخل العراق (مكتوب) لآخر في المنفى. جاء في آخر القصيدة قوله: ملحوظة ثانية، بعد الملحوظة الأولى: (اعتدنا أن نكتب في رسائلنا من الملحوظات ما يجاوز متن الرسالة، وكثيراً ما تكون هي الأكثر أهمية، لذا جعلها الشاعر ملحوظة أخيرة):



    ملحوظة ثانية:

    ابنة خالك اختفت

    ولم ندر ماذا فعلت

    لكن خالك انفضح

    ودماغ عمك انفتح

    نعم، فقد افتضح الناس دون ذنب أتوه، وانفتحت أدمغتهم دون جرم جنوه. فها هي القنابل والأجساد المفخخة، تفتح أدمغتهم لتحصدهم زرافات ووحدانا، في المساجد، والحسينيات، والطرقات، والأسواق، والجامعات، وما نقص من تفخيخ فقوات التحالف كفيلة بإتمامه.

    تلك من أنباء عدي وأبيه نقصها عليك، ما كنت تعلمها من قبل قارئي العزيز، أليس كذلك؟

    وإلى مقالنا الرابع والأخير الذي سنتحدث فيه عن جرائم صدام البيئية والإنسانية، ونبوة الشاعر أحمد مطر التي صدقت فيه. كما سنجيب على السؤال المطروح: إلى أين سيذهب صدام؟

    إلى الجحيم كما قال شانقوه؟ أم إلى النعيم كما يقول محبوه؟

    من أراد أن يعرف أين مستقره ومقامه، فليقرأ مقالنا القادم والأخير.


    علي يس الكنزي

    mailto:[email protected]@ashshawal.com
    EmailProfileEditرد على الموضوع
                  

04-08-2018, 03:53 PM

Ali Alkanzi
<aAli Alkanzi
تاريخ التسجيل: 03-21-2017
مجموع المشاركات: 9253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عزة الدوري يحذر السعودية وقطر فيديو (Re: Ali Alkanzi)

    من أبواب متفرقة:
    الحكم لمن غلبا4-4
    قصف حلبجة وتدمير البيئة

    صدام حفر قبره بيديه:

    من أراد حصر جرائم صدام البشعة فإنه لن يستطع لها صبرا، فكل جريمة تبز أختها وتطيح بها في الفظاعة، وتلقي بها في الدرك الأسفل من البشاعة، وتتوارى منها خجلاً وحياءً في التنكيل وتستهزئ بها في التضليل. فقد نكل وضلل صدام بأمة العراق والأمم التي قُدِرَ لها أن تكون جارة للعراق (إيران، الكويت). فأدخل هذه الأمم في تجربة لن تمحى من ذاكرة الشعوب، وسيقف التاريخ أمامها طويلاً. فقد تكلفت تلك الشعوب الثلاثة (العراق، إيران، الكويت) من الأنفس والثمرات ما يعجز القلم عن وصفه والبيان عن حصره.

    من بين أفظع جرائمه، جريمته التي ارتكبها ضد أكراد العراق في أبريل 1987، مستعملاً فيها الغاز المركب من سيانيد الهيدروجين، بمساندة ومشاركة ومباركة، الدول الغربية، التي مكنته من امتلاك تقنية أسلحة الدمار الشامل. لتعود نفس الدول وتنقلب عليه وتطيح به لامتلاكه لهذه الأسلحة. ومن أمثالنا الشعبية التي تتفق مع مكر صدام تقول: (يا حافر حفرة السوء وسع مجاريها). فقد التف حول عنق البطل المغوار، الحبل الذي كان ينسجه أناء الليل وأطراف النهار. ليقع في المصيدة التي أعدها لصيد معارضيه، ويرمي به في السجن الذي بناه لمناهضيه. فهاهو النمر الذي رباه صغيراً يتغدى به، قبل حلول وقت عشاء صدام. وفي هذا قرآن يتلى ما أشرقت في السماوات شمس، وما أضاءت النجوم بأمس، ويقول اصدق القائلين: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ.

    بعد أن أدى صدام دوره كاملاً وزده ألف بعير، وأكمل ما عليه من وظائف وواجبات، بأكثر مما كان تنتظره وتتوقعه الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بحصولها على قواعد عسكرية ما كانت تراود حتى خيالها، دون أن تبذل جهداً، أو تدفع ثمناً لما حصلت عليه من تميز وامتياز، فهي لوقت قريب كانت تريق ماء وجهها وتفرغ خزائنها من أجل الحصول على قواعد عسكرية في أرجاء المعمورة. فهاهي دول الخليج تقع في فريسة الخوف من الجيران، وتسارع بدفع أتوات لدول الغرب ثمناً لبقاء تلك القوات بأراضيها، علها تنعم بسلام هو كالسراب، يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.

    فلسفة الغرب في مجملها تقوم على نظرية الاستهلاك المتزايدة طردياً أو عددياً حسب السلعة المستهلكة. فالاستهلاك في معيارهم دليل حياة، ومقياس للتقدم والنمو الاقتصادي. فقد تم استهلاك صدام ونظامه السياسي حتى النخاع. لذا توجب على الغرب أن يبحث بديل وسلعة جديدة قابلة للترويج والاستخدام، وهو ما يقوم به الآن في المنطقة.

    مأساة حلبجة الكردية:

    كارثة حلبجة البيئية والإنسانية حصدت من الرجال، والنساء، والأمهات الحمل، والأطفال الرضع، ما بلغ خمسة آلاف من الأنفس، ولم ينجُ من سمومها حتى خشاش الأرض ودوابها. أما الزرع والضرع فلم تقم له قائمة إلى يومنا هذا. في ذلك اليوم، فَقَدَ إعلامنا ذاكرته، ورفعت أقلامه وجفت صحفه. وصمت العالم اجمع، الشريك منهم في الجريمة (دول الغرب التي زودت العراق بتكنوليجا أسلحة الدمار الشامل)، وما تبقى من العالم اكتفى بالمشاهدة ليس إلا.

    إلا أننا نجد دائماً في هذا العالم الظالم أهله، قبساً من الضوء، وومضة من النور في بعض النفوس والمدن والدول. ومن بينها جامعة جنيف التي قامت بكشف جزئية من تلك الجريمة البشعة، وسمحت في خريف ذلك العام بإقامة معرض للصور في أحد مبانيها (يوني دوفور بشارع الجنرال دوفور). ذهبتُ كغيري لرؤية تلك الصور التي لم اقو على مشاهدتها بأكملها، لهول ما رأيت. ومازالت عالقة بذهني ووجداني وكأني أقف أمام تلك الصورة هذه اللحظة، صورة أم تدفع بطفلها إلى قلب عربة نقل صغيرة (بوكس)، وهي منكفئة عليه، ظناً منها أن العربة وجسدها ستكونان ساتراً وواقياً لفلذة كبدها من سموم الطائرة المحلقة فوق الرؤوس، وهي تلقي بسمومها الغازية التي شكلت هالة من السحاب الكثيف، ليسقط على الأرض والأجساد ويقضى على كل حي ودابة. وما يؤسف له حقاً أن أهل الرياضة في بلادي يكنون بعض لاعبي وإداريي كرة القدم بلقب الكيماوي، ظناً منهم بأن في هذا فخراً ومحمدة. وهو لقب يحمله علي الكيماوي الذي نفذ تلك المجزرة الإنسانية وهو به جدير، أما أهل الرياضة فإني ابرأ بهم من ذلك، فهم دعاة سلام ومحبة وتسامح وتنافس شريف.

    الاهوار والقضايا البيئية:

    كما ذكرنا آنفاً أن لصدام مآثر وسوابق لم يسبقه عليها أحد من الخلق، ففلسفة الأرض المحروقة التي مارسها في الكويت تفضح باطنه الأسود ومشاعره الإنسانية الممتلئة حقداً وحسداً ودماراً لكل حي رطب. كما تكشف سوء نهجه ونهج نظامه السياسي، حتى الطبيعة وطوب الأرض اشتكت من بأسه وبؤسه. فقد أشعل الحرائق والنيران في آبار البترول في الكويت حتى كاد يكون الليل سرمداً في تلك البلاد، لاختلاط الليل بالنهار والنهار بالليل، وجيشه المنهزم يولي الأدبار مخلفاً من ورائه تلك الحرائق، ليحترق هو الآخر في صحراء الخليج بالقنابل المحرمة التي أسقطتها عليه طائرات الحلفاء. هذه بتلك جريمة بجريمة يقع وزرها على الغازي والمغزى. وليتك قارئي العزيز تطلق لخيالك العنان لتتصور الآثار البيئية السالبة التي أحدثتها تلك الحرائق في المنطقة؟ فصدام كأنه مخلوق لا قلب له؟ فهو لا يعبأ بشيء، ولا يكترث لأمر، وكل ما يشغله في هذه الدنيا العريضة أن يبقى على السلطة وبأي ثمن يستحق السداد.

    الاهوار جنة محترقة:

    تُمثل الاهوار سهولاً ومستنقعات خصبة تقع في منطقة ما بين النهرين، وممر مائي فريد ينشأ عند نقطة التقاء نهري دجلة والفرات إلى الشمال من مدينة البــصرة، ويمتد جنوباً لمسافة 110 كيلومترات، ليصب في رأس الخليج العربي. وتعتبر الاهوار أحد أهم مناطق الزراعة في العالم، ويقال أنها أول منطقة عرفت زراعة المحاصيل وتربية الماشية في نظام زراعي متكامل منذ أكثر من 10 آلاف سنة. تتخللها مساحات شاسعة من البرك الضحلة الدائمة والمؤقتة، التي أصبحت مأوى للطيور والأسماك النادرة. وهي ذات ثروة هائلة من الصفات الوراثية التي تحملها سلالات وأنواع حيوانية وسمكية قام عليها النظام البيئي والزراعي هناك. كما أنها تعمل كنظام تنقية ومعالجة لمياه نهري دجلة والفرات الملوثة قبل أن تصب في الخليج العربي. كانت تمد هذه المستنقعات العراق بحوالي 60 في المائة من إنتاجه السمكي، كما كانت تنتج معظم محصولي الأرز وقصب السكر.

    لحق الدمار باهوار ما بين النهرين في عام 1991 والتي تقدر مساحتها ب 15 ألف كيلومتر مربع، ولم يبقَ منها صالحاً للحياة والأحياء، إلا 50 كيلومتراً مربعاً، نتيجة لسياسة تجفيف المستنقعات المتعمدة التي أمر بها صدام حسين. كما أجبر سكانها الأصليين الذين ارتبطوا بالمنطقة وبيئتها منذ فجر الحضارات القديمة للانتقال إلى مجمعات سكنية قسرية، مما أدى إلى القضاء كلية على نمط الحياة فيها. هذا النمط الذي تعود نشأته إلى أكثر من عشرة آلاف من السنين.وقد وصف مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة السيد (كلاوس تويفر) في تصريح له: أن التدمير شبه الكامل لاهوار العراق يعد كارثة إنسانية وبيئية كبرى. والآن تترقب اليابان شيوع السلام ووقوف الحرب لتبدأ برنامجها في إعادة الاهوار لما كانت عليه، وقد رصدت لذلك البرنامج مبلغ مقدر.

    لماذا جففت الاهوار؟

    مصيبة الاهوار وجرمها أنها احتضنت الانتفاضة التي جرت في المناطق الجنوبية بعد تمرد وهروب الجيش في عام 1991. توصلت قوات التحالف إلى استنتاج بان المنتفضين يسعون لإقامة دولة دينية في العراق. لهذا أعطت ضوءاً أخضر لصدام باستخدام المروحيات للقضاء على تلك الانتفاضة التي نجحت عند انطلاقها.

    كلف صدام عزت الدوري بالإشراف على الهجوم والقضاء على المنتفضين. فأستخدم الغازات الكيماوية وقذائف النابالم الحارقة للقضاء على التمرد. وبعد نجاحه في مهمته قام صدام بتكليف حسن كامل ومعاونة عدد من المهندسين بوضع خطة محكمة لتجفيف الاهوار. فقاموا بشق قناة أطلق عليها(أم المعارك) تمتد إلى اكثر من (100) ميل في منطقة الفرات وحول الاهوار الأصلية في الناصرية، ومن ثم تم تحويل بلايين الغالونات من مياه الفرات في قناة أخري تصب وسط الصحراء وقامت العديد من الطائرات برش مادة سائلة على الاهوار أسهمت في موت الحياة فيها بالكامل.

    ولعلي في الختام اعتذر للقارئ المتابع لاحتجاب هذا المقال الأسبوع المنصرم كما أبرمت وعداً معه. فقد تم حجب المقال لأسباب فنية ترجع سلطاتها لمدير التحرير الذي لا يسمح لمقال يحمل أكثر من ألف ومائتي كلمة من أخذ مكان في جريدة السوداني. فلم يكن لي من بد إلا أن أجعل من المقال الذي حجب توأمين، لذا سيرى النور في يوم الاثنين القادم إن شاء الله الجزء الثاني منه، والذي سنتحدث فيه عن صدق نبوءة الشاعر أحمد مطر. والإجابة على السؤال المطروح: إلى أين سيذهب صدام؟ إلى الجحيم كما قال شانقوه؟ أم إلى النعيم كما يقول محبوه؟


    علي يس الكنزي

    ali@as
                  

04-08-2018, 03:54 PM

Ali Alkanzi
<aAli Alkanzi
تاريخ التسجيل: 03-21-2017
مجموع المشاركات: 9253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عزة الدوري يحذر السعودية وقطر فيديو (Re: Ali Alkanzi)

    من أبواب متفرقة:
    صدام للجحيم أم إلى النعيم؟
    أمة تفقد ذاكرتها في ثلاثة أعوام؟

    أشرت في مقالي الأول، أننا أمة ضعيفة الذاكرة، تنسى ما جرى لها في صباح يومها، فما بالك بما حدث بأمسها؟ ففي يوم إعدام صدام ظهر لنا جوده بنفسه، ورباطة جأشه، وإقباله على الموت في شجاعة وثبات وكأنه أسد هصور. ثم رأيناه ينطق شهادة التوحيد كاملة.

    ولكن سؤال قارئي العزيز، ألم ينطق من قبله فرعون مصر شاهداً: (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ونسينا نحن ما فعل صدام، كما نسيَّ فرعون من قبل، ونسيَّ من بعده صدام هذا الإله الواحد الأحد وقد عصى من قبل وكان من المفسدين. وهاهو يتذكر فجأة بأن الله واحد أحد. ولو كان كذلك لما اندس في جحر ضب خرب يطلب السلامة والنجاة. ولكن لمن؟ لشعبه؟ لذريته؟ لا ثم لا ثم لا! فقد فر منه وأدبر عنه كل شعبه، كما فر هو من أمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، وأوى إلى جحر ضب خرب لعله ينجيه؟

    فهاهم أبناء شعبه من أهل السنة يبيعونه لأمريكا بدراهم بخسة معدودات، كما باعوا من قبل بنيه. وجئ به إلى المحكمة مقيداً ليشرب من الكأس التي سقى بها غيره. فنحن أمة أضاعت ذاكرتها وغاب عن ذاكرتها وقفة الرجل قبل ثلاث سنوات بالتحديد ديسمبر 2003، وبقت في ذاكرتها صورة صدام موديل ديسمبر 2006.

    ولأعيد للناس ما غاب عنهم وما تسرب من ذاكرتهم كما يتسرب الماء في الرمل، فما لي من خيار إلا أن أعود مستنجداً ومستدعياً ما خطه قلم الأستاذ محمد المدلاوي المنبهي، واستعير جزءاً من مقاله تحت عنوان (لحية صدام حسين و لسان المثقف أو المبدع) والذي أشرنا إليه في سابقاً. وإني أعده أصدق تعبير وأبدع تصوير ووصف لصدام وهو يلقى عليه القبض في جحر ضب خرب. كتب الأستاذ المنبهي قائلاً: (وأنا أشاهد على الشاشة يوم 14 كانون الأول (ديسمبر) 2003 يدي الطبيب العسكري الأمريكي الأصلع المقفرتين، تعبثان بلحية صدام حسين بعد أن التحى مكرهاً لا بطلاً. وبشعر رأسه الأشعث الأغبر، ثم بفكّيه وأضراسه، كما يفعل المشتري وهو يتفحّص ثنايا وأضراس دابّة معروضة للبيع (تفحص الدابة للذبح، وهذا ما حدث لصدام، فقد كان ضحية عيد الأضحى لكل متطرف قاسي القلب لا يعرف الرحمة عند المقدرة). أو كما كان يفعل مزارعو حقول القطن الأمريكيون وهم يتفحصون أضراس الرق المعروضين للبيع على متن باخرة راسية في أحد شواطئ خليج فلوريدا، القادمة للتوّ من جزيرة سان لوي السنغالية.

    وأنا أشاهد عيني صدام الحاضر الغائب شاردتين في ذهول، شرود عيني من نسيَ التاريخَ أو أُنسي ذكرَه، بعد أن لبث في الجحر كالجُرذ ما لبث، حسب الرواية الأمريكية. كما لو أن صدمة من كان صدّاماً فأضحي مصدوماً قد أتلفت مساحة ذاكرة ذلك الصدّام المصدوم. وأنا أشاطر بني جلدتي من الآدميين عبر العالم مشاهدةَ أكبر بث وتوزيع لأبشع مشاهد الإهانة العمومية في التاريخ). إنتهي كلام الأستاذ.

    بربكم دلوني أين البطولة والرجولة والشهامة والشهادة التي ينسبونها لصدام؟ فهذا إنسان يفحص كما تفحص الغنم والرق، إنسان مذهول العقل، شارد العينين، عجز أن يهذب لحيته حتى كادت تعيقه من السير، طمعاً في الحياة ولو بجحر ضب خرب. قارئى العزيز ليتك تسأل الشركات الألمانية والسويسرية المتخصصة في بناء المخابئ الحربية، عن كم من الأموال حصلت مقابل بنائها لمخابئ للصدام في قصوره المنتشرة في بغداد وتكريت، والتي نسى أو جهل طريقة استخدامها عندما اشتعلت الحرب، فدله ذكاؤه المتقد أن يندس في جحر ضب خرب.

    صورة أخرى عالقة بذهني، وصدام يحتجز مواطني الغرب كرهائن، قبل أن تشتعل رحى أم المعارك. ولكن يا للخيبة فقد ساوم عليهم، وأطلقهم زرافات ووحدانا،كلما يأتيه زعيم روحي أو سياسي غربي يطلق له عدداً منهم. ولو أبقاهم معه في داخل العراق لكانت نتائج الحرب أخف وطأة وأقل خسارة على الشعب العراقي الذي دفع ثمناً باهظاً وما زال يدفع نتيجة لمغامرات هذا القائد المغوار. وتلك الأم البريطانية التي كان أبنها من بين الرهائن فقد استضافها التلفزيون الرابع بلندن، وبدت وهي تبكي حسرة على ولدها الذي ذهب إلى العراق بعد حصوله على عقد بمبلغ خمسين مليون إسترليني، أي ما يعادل مائة مليون دولار، ليكمل ديكور قصر صدام البابلي ذو الستمائة غرفة، والواقع على شاطئ الفرات، على برج بابل القديم والحدائق المعلقة. ومن هذا يمكنك قارئي العزيز تقدير تكلفة القصر الخرافي الذي حصدته قنابل الحلفاء وطائرات بي 52، وبعد هذا يأتينا حاطب ليل ليحدثنا عن الفلل الرئاسية!

    * صدام ليس أول ضحية يوم الأضحى؟

    صدقت نبوة الشاعر أحمد مطر في ديوانه لافتات 6 الذي أصدره في أغسطس 1996، حين قال:

    قال الراوي:

    للناسِ ثلاثة أعياد،

    عيد الفطر،

    وعيد الأضحى،

    والثالث عيد الميلاد،

    يأتي الفطر وراء الصوم

    ويأتي الأضحى بعد الرجم،

    ولكن الميلاد سيأتي،

    ساعة إعدام الجلاد.

    وقد صدقت نبوة أحمد مطر مرتين. الأولى في أن الجلاد مات اعداماً، والثانية أن الحدث جرى في أيام الميلاد. إلا أن صدام ليس أول من يجتز رأسه يوم الأضحى، فقد تقرب إلى الله سبحانه وتعالى من قبل وفي يوم الأضحى بالقربان المعروفة والأضحية المشهورة غير مأكولة، كما قال فقهاء التطرف الداعمين لنهج القطع يصفون ما قام به خالد بن عبدالله القسري والي العراق أيام هشام بن عبد الملك، عندما خرج بالجعد بن درهم إلى مصلى العيد موثقاً. ثم بعد أن خطب الناس ونزل من منبره قال: (أيها الناس! ضحوا، تقبّل الله ضحاياكم، أما أنا فإني مضحٍ بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يُكلّم موسى تكليماً)، ثم نزل وذبحه ذبح الشاه. كان ذلك على مرأى الآلاف من أهل الكوفة الذين احتشدوا لأداء صلاة العيد بمسجدها الجامع.

    صدام اهو للجحيم أم للنعيم؟

    ورأس صدام يقترب من المشنقة، وهو يردد الشهادة كاملة دون نقصان بل أراد تكرارها فعجل عليه الجلاد، هتف من كان حوله إلى جهنم. وبعد موته هناك من عده شهيداً وأقسم أن وجه صدام تحول إلى هالة من النور. وهناك من قال أن من قبره الشريف انبعثت روائح زكية.

    ولنعرف صدام للجحيم أم إلى النعيم، فالحوار الذي جرى بين سعيد بن جبير والحجاج بن يوسف، عندما سيق الأول إلى الثاني ليقتله، يجيب على هذا السؤال الذي شجر بين الفئتين. فعندما سأل الحجاج سعيد أن يصف له علي (يعني الأمام علي بن أبي طالب)، أفي الجنة هو أم في النار؟ أجابه سعيد دون تردد أو خوف: (لو دخلت الجنة ورأيت أهلها، والنار وعلمت من فيها أجبتك. فما سؤالك عن غيب حفظ بالحجاب).

    فليس من أحد دخل الجنة ورأى أهلها، أو النار وعلم من فيها ليأتي ويقول لنا أين مستقر صدام ومقامه! وليت كل من يريد أن يصبح إلهاً غير الله الواحد القهار، فيدخل الجنة من يشاء ويدخل النار من يكره ويبغض، فليقرأ الآية الحادية عشرة من سورة النمل: (إِلا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ )، فأمل الجنة قائم لكل عبد لأنه بشرنا بأنه غفور رحيم. ثم ليقرأ آيات من سورة المائدة بلسان عيسى بن مريم (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سبحانك مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116) ثم أنظر لنبي الرحمة عيسى بن مريم، وشفقته ورأفته على الخلق، وطمعه في مغفرة الله رغم كل ذنب جناه العبد: (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (11.

    وكرر معي الآية الأخيرة إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ. فدخول الجنة أو النار ليست بيد أحد منا. والأمر كله لله، إن شاء غفر، وذلك من رحمته، حتى لاؤلئك الذين اتخذوا عيسى وأمه الهين من دون الله. وإن شاء عذب وذلك بما كسبت أيدينا ويعفو عن كثير.

    وفي الختام واجب عليًّ أن اشكر الأستاذ محجوب عروة لحثه لي على مواصلة الكتابة، ولعلي أوفيت له ولجريدة السوداني، التي أصبحت قوة خامسة بحق وحقيقة. وللقراء الكرام الذين شقوا على أنفسهم وكتبوا لي عبر البريد الإلكتروني، معلقين مدحاً أو قدحاً، وهم قلة لا يتعدى عددهم أصابع اليدين. وليعلم قارئي الكريم أنني ما أجهدتُ نفسي لكتابة هذه السلسلة، إلا لدهشتي للإعجاب الذي أبدته أقلام سودانية وعلى رأسها أولئك الذين تكسوا وجوههم اللحى، ويزين جباههم أثر السجود، متغافلين عن ما ارتكبه صدام من جرائم وآثام لا يمكن حصرها وعدها.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de